logo
لماذا تعتبر التكنولوجيا النووية في إيران تحولا تاريخيا؟

لماذا تعتبر التكنولوجيا النووية في إيران تحولا تاريخيا؟

قال "علي باكويي" في اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية الإيرانية، عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء بجامعة "تربيت مدرس": "على الرغم من مرور أكثر من 20 عامًا على البرنامج الطاقة النووية في إيران، لا يزال بعض الناس يتساءلون عما إذا كانت الطاقة النووية تستحق كل هذه العقوبات والتكاليف التي تكبدناها".
وأضاف: "قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن نلاحظ أن الأنشطة النووية كانت ذريعة لهذه العقوبات، وإذا لم تكن هذه الذريعة موجودة، لوجدوا ذريعة أخرى، لأن الجميع يعلم أن الأنشطة النووية الإيرانية سلمية، ولم تتجه نحو الأسلحة النووية قط. وقد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تُعتبر المرجع الرسمي في هذا الشأن، على ذلك عدة مرات، ومؤخراً اعترف أحد المسؤولين في الاستخبارات الأمريكية بهذا الأمر".
وأضاف: "لتوضيح أهمية التكنولوجيا النووية، يجب أن ننظر إلى أنواع التفاعلات النووية. كل واحدة من هذه التفاعلات تخلق تطبيقات واسعة. أشهر تفاعل نووي هو "الانشطار"، حيث تنقسم نواة ثقيلة نتيجة امتصاص نيوترون إلى نواتين خفيفتين، ويطلق هذا التفاعل عدد من النيوترونات وكمية من الطاقة. يمكن أن تؤدي النيوترونات المحررة في كل تفاعل انشطاري إلى انشطار نوى أخرى، مما يزيد بشكل كبير من عدد التفاعلات ونتيجة لذلك الطاقة المحررة".
وأشار باكويي إلى أن هذه الطاقة المحررة الناتجة عن الانشطار تُستخدم في المحطات النووية، وفي صناعة الأسلحة النووية، وفي المفاعلات البحثية، قائلاً: "يوجد مفاعل بحثي في طهران يُعتبر مصدرًا للعديد من الأبحاث في منظمة الطاقة الذرية".
وصرح عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء بجامعة تربيت مدرس: "أما التفاعل الآخر فهو تفاعل الاندماج. في الاندماج النووي، على عكس الانشطار الذي يتحول فيه نواة ثقيلة إلى نوى أخف، يتم دمج نواتين خفيفتين معًا لتشكيل نواة ثقيلة، وهذا التفاعل يحدث عند درجات حرارة وضغوط مرتفعة جدًا. ويعتبر هذا التفاعل مصدر الطاقة للنجوم والشمس".
وأشار إلى أن العديد من العلماء يعتقدون أن مصدر الطاقة المستقبلية للعالم هو الاندماج، لأنه آمن للغاية، ويمكن استخراج عناصره الأولية من مياه البحار.
وأضاف: "تعمل الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا واليابان وألمانيا وفرنسا بشكل مشترك في إطار مشاريع حول هذه القضية، لأنها قد تكون مصدر الطاقة المستقبلية للعالم".
تابع باكويي: "تفاعل نووي آخر لم يُعطَ له الاهتمام الكافي هو "اضمحلال النواة". حيث كما أن بعض الذرات تتمتع بالإشعاع الذاتي، فإن بعض النوى أيضًا تطلق جزيئات مثل ألفا وبيتا أو أشعة غاما. يتم الاستفادة من هذا النوع من التفاعل في الأدوية الإشعاعية".
وأشار أستاذ الفيزياء إلى أن هناك تفاعلات أخرى تحدث في النوى، لكن هذه الثلاثة هي التفاعلات النووية الرئيسية المستخدمة.
ما هي الدول التي تستفيد من التكنولوجيا النووية؟
أكد عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء بجامعة تربيت مدرس أن الدول الرئيسية التي تستفيد من هذه التكنولوجيا تنقسم إلى فئتين: الدول التي تمتلك أسلحة نووية والدول التي تستخدم التكنولوجيا لأغراض سلمية فقط.
وأضاف باكويي: "تستخدم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والهند وباكستان والكيان الصهيوني وكوريا الشمالية كلا الاستخدامين، العسكري والسلمي. بينما تستخدم دول مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل و إيران وكندا والسويد والأرجنتين وأوكرانيا، بالإضافة إلى بعض الدول الجديدة مثل مصر والسعودية والإمارات، التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية".
وشدد على أن جميع الدول التي تستخدم هذه التكنولوجيا تقريبًا هي دول متقدمة، قائلاً: "إذا لم تكن هذه التكنولوجيا جيدة، فلماذا تركز هذه الدول الكبرى عليها ولماذا تسعى لتطويرها؟".
وتابع: "يوجد في العالم أكثر من 400 محطة نووية تنتج الكهرباء، ومن بين هذه المحطات، يوجد حوالي 90 محطة في الولايات المتحدة، و55 محطة في فرنسا، وحوالي 50 محطة في الصين، و35 محطة في اليابان، وحوالي 30 محطة في كوريا الجنوبية، والبقية في كندا والبرازيل والهند وباكستان والأرجنتين وأوكرانيا وعدد من الدول الأخرى".
وأشار باكويي إلى أن الدول الرئيسية المالكة لهذه التكنولوجيا لا ترغب في أن تمتلكها دول أخرى، مضيفًا: " التكنولوجيا النووية هي تكنولوجيا ثمينة احتكرتها الدول الكبرى. وما نمتلكه في هذا المجال هو نتيجة جهود علمائنا، وهذا هو أكبر قيمة لبلدنا".
وأشار إلى أن هذه الصناعة محلية بالكامل، وقد تمكنا خلال هذه الفترة، رغم التقلبات والسياسات التي نفذتها حكومات مختلفة، من تحقيق دورة كاملة للوقود النووي. بينما بعض الدول التي تمتلك محطات نووية لا تملك دورة وقود كاملة.
كما أضاف: "لدينا مصادر اليورانيوم، ونقوم بمعالجته بأنفسنا، كما نقوم بعمليات التخصيب، وننفذ أيضًا عمليات التحضير، ولدينا دراسات في إعادة معالجة الوقود. وهذا أمر ذو قيمة كبيرة".
وعند سؤاله عن الدول التي نتساوى معها في مجال تكنولوجيا إنتاج الطاقة النووية، أجاب: "تعتبر إيران من بين أفضل 10 دول في مجال الطاقة النووية، كما أننا من بين الدول الرائدة في إنتاج الأدوية الإشعاعية والطب النووي. إنتاج دواء إشعاعي جديد لعلاج السرطان هو دليل على ذلك. لدينا أيضًا القدرة على تصدير الأدوية الإشعاعية. ربما نكون من بين أفضل المنتجين للأدوية الإشعاعية التي حققنا هذه النجاحات دون الاعتماد على الموارد الخارجية. وفي الزراعة، تمكنا أيضًا من الاستفادة بشكل جيد من هذه التكنولوجيا النووية. كما أن جهاز "إكس سل" الذي تم تصنيعه مؤخرًا بواسطة شركة قائمة على المعرفة يعتمد على التكنولوجيا النووية".
وأكد: "نستخدم التكنولوجيا النووية أيضًا في كشف تسربات أنابيب الغاز وأنابيب نقل المياه، وقد تم القيام بأنشطة جيدة في هذا المجال".
وأضاف: "من الأمور التي نبحث عنها منذ سنوات والتي تمثل حاجة ملحة لنا هي تحلية المياه باستخدام التكنولوجيا النووية. مع الموارد المائية المتاحة في شمال وجنوب البلاد، ومن جهة أخرى، التكنولوجيا النووية التي نمتلكها، يمكننا حل أزمة المياه بشكل جيد".
أكد باكويي أن عملية استخدام التكنولوجيا النووية في البلاد تمثل تحولاً حقيقياً وليس مجرد تقدم. وأشار إلى أنه يجب علينا في بلادنا التفكير في تطوير هذه التكنولوجيا وعدم التوقف عند هذه الإنجازات. من بين الخطوات التي يجب أن تحظى باهتمام خاص، هي بناء المفاعلات الصغيرة المتنقلة (SMR) التي تُستخدم بشكل كبير في تحلية المياه وإنتاج الكهرباء في المناطق النامية. وقد حظي بناء هذه المفاعلات بدعم من منظمة الطاقة الذرية.
وشدد باكويي على ضرورة تنفيذ المشاريع التنموية في مجال التكنولوجيا النووية، قائلاً: "يجب أن تتضمن برامج البلاد أيضاً مناقشة تصنيع مواد جديدة يمكن إنتاجها من خلال هذه التكنولوجيا النووية. يمكن تحقيق التعرف على بنية المواد، وزيادة مقاومتها أمام درجات الحرارة والتآكل باستخدام هذه التكنولوجيا النووية." كما أشار إلى أهمية استخدام أشعة النيوترونات والبروتونات في العلاج، وهي من الأمور التي يجب أن تحظى بالاهتمام.
وأضاف باكويي: "تكنولوجيا الطاقة النووية، بالإضافة إلى إنتاج الطاقة، لها تطبيقات في قطاعات مثل الزراعة والنفط والطب وغيرها من المجالات." ورغم أن إيران عضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على دراية كاملة بتفاصيل الأنشطة النووية السلمية في البلاد، إلا أن بعض الدول لا تزال تستخدم الطاقة النووية كذريعة لفرض العقوبات، في حين أن هذه العقوبات لا تتعلق بطبيعة الأنشطة النووية الإيرانية الحقيقية.
وأكد باكويي أن الطاقة النووية هي نتيجة التقنية النووية، وأن هذه التقنيات تمثل تنمية جميع التقنيات، مما يعني أن تطوير التكنولوجيا النووية سيؤدي إلى تطوير تكنولوجيات أخرى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علماء الفلك يحلون سر أضخم تراكم مجري في الكون
علماء الفلك يحلون سر أضخم تراكم مجري في الكون

الأنباء العراقية

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • الأنباء العراقية

علماء الفلك يحلون سر أضخم تراكم مجري في الكون

متابعة - واع حقق علماء الفلك اكتشافا ثوريا يحل أحد الألغاز الكونية، حيث تبين أن "سور هرقل-الإكليل الشمالي العظيم" (أضخم تراكم مجري معروف في الكون) هو أكبر وأقرب إلى الأرض مما كان يُعتقد سابقا. ونُشرت النتائج الأولية للدراسة على موقع Live Science. يذكر أن "سور هرقل" يتكون من مجموعات هائلة من المجرات تشكل "خيوطا" في الشبكة الكونية، ويمتد عبر مناطق من السماء بين كوكبة العواء (Boötes) وكوكبة التوأمين (Gemini)، وسُمي بهذا الاسم من قِبَل عالم الفلك الفلبيني الهاوي جوندريك فالديز. كان يُعتقد سابقا أن طوله 10 مليارات سنة ضوئية، وارتفاعه 7.2 مليار سنة ضوئية، وسماكته مليار سنة ضوئية. لكن البيانات الجديدة تشير إلى أن أجزاء منه أقرب إلينا مما نعتقد. ولو اصطفت مجرات بحجم درب التبانة بطوله لاحتاج الأمر إلى 94000 مجرة، ويُغطي هذا الهيكل 10% من الكون المرئي، بينما مجرة درب التبانة هي جزء من هيكل أصغر حجما بكثير يُسمى "لانياكيا". واستخدم العلماء في الدراسة انفجارات أشعة غاما (GRBs)، وهي: انفجارات طويلة ناتجة عن انهيار النجوم العملاقة وانفجارات قصيرة ناتجة عن تصادم نجوم نيوترونية. وهذه الانفجارات ساطعة جدا، مما يجعلها علامات مثالية لتحديد مواقع المجرات البعيدة. ويشكك هذا الاكتشاف في "المبدأ الكوني" الذي يفترض أن الكون متجانس ومتماثل في المقاييس الكبيرة. أما وجود هياكل ضخمة غير منتظمة، مثل هذا السور يدفع العلماء لإعادة التفكير في فهمنا للكون. وقال الباحث جون هاكيلا من جامعة ألاباما إن "أكثر ما يثير الاهتمام هو أن الأجزاء الأقرب من هذا الهيكل المجري الضخم تبعد عنا مسافة أقل مما كنا نعتقد."

وسط تهديدات وتصعيد إقليمي.. إيران تعزز التحصينات حول منشآتها النووية تحت الأرض
وسط تهديدات وتصعيد إقليمي.. إيران تعزز التحصينات حول منشآتها النووية تحت الأرض

الحركات الإسلامية

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • الحركات الإسلامية

وسط تهديدات وتصعيد إقليمي.. إيران تعزز التحصينات حول منشآتها النووية تحت الأرض

في ظل أجواء إقليمية مشحونة ومخاوف متزايدة من تصعيد عسكري، كشف تقرير حديث أن إيران تقوم بتعزيز تدابيرها الأمنية حول مجمعين من الأنفاق العميقة المرتبطة ببنيتها التحتية النووية، مما يثير مزيدًا من القلق الدولي بشأن طبيعة برنامجها النووي وشفافيته. ووفقاً لما أورده "معهد العلوم والأمن الدولي" بواشنطن، فإن صورًا التقطتها الأقمار الصناعية التجارية أظهرت نشاطًا مكثفًا في موقع تحت جبل "كولانغ غاز لا"، حيث يجري العمل منذ سنوات على بناء منشآت محصنة تحت الأرض، يُعتقد أنها قد تُستخدم في المستقبل القريب ضمن البرنامج النووي الإيراني. تُظهر الصور، التي تم التقاطها في 29 مارس الماضي، مداخل محصنة جديدة وألواحًا إسمنتية ضخمة تحيط بالموقع، إلى جانب أعمال حفر متواصلة لتدعيم الجدران وتأمين المحيط الجبلي. كما يبدو أن هناك طوقًا أمنيًا شمالي الموقع يتصل بمنشأة نطنز النووية القريبة، ما يعزز التكهنات بأن المجمعين جزء من شبكة نووية مترابطة. رئيس المعهد، ديفيد أولبرايت، أوضح أن الموقعين تحت الجبل باتا يقتربان من الجاهزية التشغيلية، وهو ما يُنظر إليه على أنه خطوة إيرانية استباقية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية المتكررة بتوجيه ضربات عسكرية إلى المنشآت النووية في حال تعثرت الجهود الدبلوماسية. ورغم دعوات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم تسمح إيران حتى الآن للمفتشين الدوليين بدخول هذه المواقع، وهو ما أثار مخاوف متزايدة من احتمال استخدامها لإخفاء مواد نووية حساسة، أو أجهزة طرد مركزي متطورة يمكنها تسريع تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عسكرية. وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، خلال زيارته إلى واشنطن، إن "أنشطة مكثفة تجري حاليًا في هذه المواقع، تشمل حفرًا وبناءً مستمرًا"، مؤكدًا أن الوكالة أثارت هذا الملف مرارًا مع طهران، لكن الأخيرة ترفض الالتزام بالإفصاح عن مشاريعها النووية الجديدة، بحجة أن ذلك "ليس من شأن" الوكالة طالما لم يتم إدخال مواد مشعة بعد. رسائل تهديد ومواقف متصلبة يأتي ذلك فيما لا تزال التصريحات الأمريكية والإسرائيلية تلوّح بالخيار العسكري، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد هدد في وقت سابق بقصف المنشآت النووية الإيرانية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي جديد يضمن منع طهران من تطوير سلاح نووي. وتُعَدُّ هذه التهديدات امتدادًا لسياسة "الضغط الأقصى" التي انتهجتها إدارته بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015. الانسحاب الأمريكي دفع إيران لاحقًا إلى تجاوز العديد من القيود المفروضة عليها بموجب الاتفاق، حيث رفعت مستوى تخصيب اليورانيوم إلى نسب تقترب من الاستخدام العسكري، ما زاد من القلق الغربي من نواياها الحقيقية. وعلى الرغم من النفي الإيراني المستمر لأي نية لإنتاج سلاح نووي، تشير التحركات على الأرض إلى تصميم على امتلاك بنية تحتية قادرة على ذلك. اتهامات متبادلة وتصريحات متوترة في أول رد فعل رسمي على تقرير المعهد، اتهم كبير المفاوضين الإيرانيين ووزير الخارجية السابق عباس عراقجي، عبر منشور على منصة "إكس"، إسرائيل ومجموعات مصالح خاصة بمحاولة "إفشال الجهود الدبلوماسية"، دون أن يسمي هذه الجهات بشكل مباشر. وفي تصريحات منفصلة، ألمح محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إلى وجود مشاريع جديدة لتعزيز الإجراءات الأمنية في المنشآت النووية، مؤكدًا خلال فعالية بمناسبة ذكرى تأسيس الحرس الثوري أن "العمل مستمر لتوسيع نطاق الإجراءات الاحترازية". وتبقى منشأة نطنز النووية، التي كانت قد تعرضت لأعمال تخريب في 2020، محور الجدل الرئيسي. فقد صرحت طهران بأن أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لن يتم تركيبها هناك، بل في مجمعات جديدة يجري بناؤها في مواقع أكثر أمانًا. ويُعتقد أن هذه الخطوة تهدف إلى حماية الأجزاء الحيوية من البرنامج النووي الإيراني من أية ضربات محتملة. ويرى خبراء أن المجمّعين الجاري إنشاؤهما يقعان على عمق أكبر بكثير من منشأة فوردو تحت الأرض، مما يصعّب تدميرهما حتى باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات. وبينما تستعد واشنطن وطهران لجولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بشأن مستقبل الاتفاق النووي، يبدو أن الطرفين يمضيان في طريقين متوازيين، أحدهما دبلوماسي والآخر أمني. فإيران تمضي قدمًا في تأمين منشآتها، بينما تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الضغط من أجل ضمانات يمكن التحقق منها. أما إسرائيل، التي لم تستبعد توجيه ضربة عسكرية في الأشهر المقبلة، فتصر على أن أي اتفاق يجب أن ينتهي بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وليس فقط كبح جماحه. وفي ظل هذا المشهد المتشابك، يبدو أن ملف إيران النووي يدخل مرحلة جديدة من التعقيد، حيث تتقاطع الحسابات السياسية، والمخاوف الأمنية، والمواقف العقائدية، في مشهد مفتوح على جميع الاحتمالات. وتعد إيران أحد أبرز اللاعبين في منطقة الشرق الأوسط، ولها تأثير كبير في الصراعات السياسية والإقليمية التي تحدد وجه المنطقة. وتستمر التوترات المرتبطة ببرنامجها النووي في جذب الانتباه الدولي، حيث تتراوح هذه التوترات بين الدبلوماسية، التي تتسم بالتفاوض على قيود على البرنامج، وبين التهديدات العسكرية، التي تعكس مخاوف القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، من نية إيران المحتملة لتطوير أسلحة نووية. بدأت قضية البرنامج النووي الإيراني في جذب الانتباه الدولي بعد أن اتهمت القوى الغربية إيران بمحاولة تطوير سلاح نووي تحت غطاء برنامج نووي سلمي. في عام 2015، وقعت إيران اتفاقًا تاريخيًا مع القوى الكبرى (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وألمانيا) ما يعرف بـ "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، والذي كان يهدف إلى الحد من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بشكل يكفي لإنتاج سلاح نووي. في مقابل ذلك، تم رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على طهران. ومع ذلك، في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترمب من الاتفاق النووي، وهو ما دفع إيران في السنوات اللاحقة إلى انتهاك العديد من قيوده. هذه الخطوة كان لها تأثيرات كبيرة على الأمن الإقليمي والدولي، حيث تصاعدت المخاوف من أن إيران قد تكون على شفا امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي. ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، استمرت إيران في تكثيف أنشطتها النووية بشكل غير معلن، خاصة في مواقع مثل نطنز وفوردو. كما عززت طهران قدراتها في تخصيب اليورانيوم، ما جعلها قادرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قد تتيح لها صنع سلاح نووي في المستقبل القريب. إن الوضع الراهن معقد ويعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها المجتمع الدولي في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، بينما يسعى الجميع للوصول إلى اتفاق طويل الأمد يضمن عدم استخدام إيران للطاقة النووية في أغراض عسكرية، فإن التصعيد المتواصل في الأنشطة النووية الإيرانية ورفضها للمطالبات الدولية يزيد من صعوبة التوصل إلى حل شامل. في ضوء هذا، سيبقى الملف النووي الإيراني قضية محورية في السياسة الدولية لفترة طويلة قادمة، مع تداعيات عميقة على الأمن الإقليمي والدولي.

مواقع النووي الإيراني تحت عدسة الأقمار الاصطناعية.. صور حديثة تفضح الخطط
مواقع النووي الإيراني تحت عدسة الأقمار الاصطناعية.. صور حديثة تفضح الخطط

شفق نيوز

time٢٣-٠٤-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

مواقع النووي الإيراني تحت عدسة الأقمار الاصطناعية.. صور حديثة تفضح الخطط

شفق نيوز/ كشف تقرير صادر عن معهد العلوم والأمن الدولي، يوم الأربعاء، عن تعزيز التدابير الأمنية الإيرانية حول مجمعين من الأنفاق على عمق كبير يتصلان بمنشآتها النووية الرئيسية استناداً إلى صور حديثة التقطتها الأقمار الاصطناعية. يأتي هذا في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة وإيران لعقد جولة ثالثة من المحادثات بشأن اتفاق محتمل لإعادة فرض القيود على البرنامج النووي لطهران. وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن في ولايته الأولى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي يهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية، بقصف إيران ما لم يتم التوصل بسرعة إلى اتفاق يضمن الهدف نفسه. ودفع انسحاب ترامب إيران إلى انتهاك الكثير من القيود التي فرضها عليها الاتفاق، وتشتبه القوى الغربية في أن إيران تسعى إلى امتلاك القدرة على تجميع سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران. وقال رئيس المعهد، ديفيد أولبرايت، إن الطوق الأمني الجديد يشير إلى أن مجمعي الأنفاق، وهي قيد الإنشاء منذ عدة سنوات تحت جبل كولانغ غاز، يمكن أن تصبح جاهزة للعمل قريبا نسبيا. وأشار أولبرايت، إلى أن طهران لم تسمح لمفتشي الأنشطة النووية التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى المجمعات النووية. وأضاف أن ذلك أثار مخاوف من إمكانية استخدام تلك المجمعات لحفظ مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب أو مواد نووية غير معلنة، وأجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي يمكنها تنقية اليورانيوم بالدرجة الكافية لصنع قنبلة بسرعة. ووفق أولبرايت فإن المجمعات يتم بناؤها على أعماق أكبر بكثير من منشأة تخصيب اليورانيوم الموجودة تحت الأرض على عمق كبير في فوردو بالقرب من مدينة قم ذات الأهمية الدينية. ولفت التقرير إلى أن صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية التجارية في مارس/آذار أظهرت مداخل محصنة للمجمعات، وألواحا جدارية عالية أقيمت على امتداد حواف طريق متدرج يحيط بقمة الجبل، وأعمال حفر لتثبيت مزيد من الألواح. وأكد التقرير أن الجانب الشمالي من الطوق يتصل بحلقة أمنية حول منشأة نطنز. ويبدو أن أعمال البناء الجارية في المجمعات تؤكد رفض طهران للمطالبات بأن تؤدي أي محادثات مع الولايات المتحدة إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل، قائلة إنها تملك الحق في الحصول على التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية. ولم تستبعد إسرائيل توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية خلال الأشهر المقبلة، في حين يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن أي محادثات يجب أن تؤدي إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل. وألمح رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أمس الثلاثاء، على ما يبدو إلى مشروعات مثل بناء محيط أمني جديد حول مجمعات الأنفاق، مشيرا إلى المخاوف من تعرض البرنامج النووي الإيراني للخطر. ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن إسلامي قوله خلال فعالية أقيمت بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الحرس الثوري الإيراني، إن "الجهود مستمرة... لتوسيع نطاق الإجراءات الاحترازية" في المنشآت النووية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store