
قضية مي سلوم تهز الرأي العام السوري: اختطاف أم تغييب مقصود؟
وثق تقرير استقصائي لوكالة «رويترز»، كان قد نشر في 30 حزيران الفائت، لحوادث «اختطاف تعرضت لها فتيات علويات من اللاذقية وطرطوس وريفي حمص و حماة»، وأضاف التقرير إن فريق العمل كان قد تلقى إخبارا باختطاف «36 فتاة وامرأة علوية»، وإنه «جرى التأكد من مصداقيتها كلها»، قبل نهاية شهر شباط الفائت الذي انتهت معه مهمة فريق الوكالة، لكن الثابت هو إن ظاهرة الخطف لم تتوقف عند تلك الحدود، بل تصاعدت وتيرتها بمفاعيل عدة أبرزها، تجاهل السلطة لخطورة تلك الظاهرة التي يمكن لها أن تكون ذات تأثير بالغ على «مداميك السلم الأهلي»، ولربما بدرجة تفوق تلك التي ترمي بها حالات القتل بدوافع عدة على هذا الأخير، بل إن ثمة سلوكا مارسته السلطات، بأذرعها الأمنية والإعلامية، كان يفوق «التجاهل» في تداعياته، إذ لطالما عملت تلك السلطات، في مرات عدة، إلى تقديم صورة مغايرة تماما لما جرى، بل وقدمت صورة توحي للآخر، الذي يقصد به هنا المجتمع المستهدف، بإن هذا لا يعدو أن يكون «نتاجا للقيم والأعراف السائدة» في هذا الأخير.
أثارت حادثة اختطاف مي سلوم، يوم 21 حزيران الفائت، جدلا واسعا، وهو لم ينقض لليوم، ولا مقدرا له أن يفعل عما قريب، خصوصا أن تطورات الحادثة راحت تتفاعل، بشكل شبه يومي تقريبا، ولربما كان هناك في الأمر الكثير مما يدعو إليه، قياسا للتناقض القائم ما بين روايتي السلطة وذوي الضحية، وللوقوف على حقيقة ما جرى حتى الآن أجرت «الديار» اتصالات عدة مع بعض أقارب وجيران مي، بهدف الوقوف على حقيقة ما جرى، والإحاطة بالوضعين الإجتماعي والنفسي للضحية.
تقول المعلومات أن مي سلوم سيدة في أواخر الثلاثينات من عمرها، وهي من قرية «بللوران» التي تقع على بعد 20 كم إلى الشمال من مدينة اللاذقية، متزوجة من علاء عز الدين صالح، ومهنته أعمال حرة، ووضعه المادي جيد جدا، ولديها من الأبناء بنتان وصبي، الكبرى بعمر 15 سنة والصغرى 9 سنوات وبينهما الصبي في الحادية عشرة من عمره، وتضيف جارتها (س. ع، د) إن مي لم «يسبق لها أن أبدت ضيقها على الإطلاق من وضعها البيتي»، وتضيف «بل مرارا ما ذكرت أمامي أن زوجها رجل كريم، وهو لا يمنع عنها، ولا عن أولادها، أي شيئ يرغبون بشرائه»، وأضافت الأخيرة إن مي «كان بحوزتها عندما اختطفت مبلغ يزيد عن 5 ملايين ليرة كانت قد حملتها لشراء بعض الحاجيات لها ولأولادها»، وتضيف المعلومات أن مي نزلت في ذلك الصباح بغرض مراجعة طبيب الأسنان، الواقعة عيادته بالقرب من مقهى «الملكي»، وعند خروجها طلبت تكسي أجرة على الهاتف، وهو ما رصدته كاميرات المراقبة وفق ذويها، ثم توجهت إلى ساحة «الشيخضاهر»، الواقعة بوسط المدينة، وهناك أظهرت آخر كاميرات الرصد، التي تابعها ذووها، دخول مي إلى محل لبيع ألبسة وألعاب رياضية، ثم غاب الأثر تماما هناك، وفقا للمصادر نفسها.
بعد أيام ظهرت مي في تسجيل مصور وهي ترتدي حجابا «شرعيا»، وفيه قالت إنها «سافرت إلى حلب لزيارة صديقة لها»، وأضافت إنها «أخبرت عائلتها وأشقائها بالأمر»، لكن عائلة مي نفت أن تكون مي قد أخبرتهم بسفرها إلى حلب، بل ونفت أن يكون لها أي صديقة في حلب، وتضيف المعلومات أن العائلة استطاعت، بمساعدة فعاليات مجتمعية، تحديد مكان مي، وعلى الفور «سافر زوجها وشقيقها وابنها لرؤيتها، والعمل على إرجاعها»، لكن الجميع تفاجئوا بسلوك مي التي «قامت بالصراخ وضرب رأسها بالجدران»، مكررة، وبشكل لا يتوقف، بإنها «لا تريد العودة»، لكن جهود الأهل لم تتوقف، وقد استطاعوا، بعد أيام، استرجاعها ولكن إلى «قسم الشرطة الشرقي» بالمدينة، بهدف إتمام «بعض الإجراءات القانونية التي كان من المفترض أن تنتهي بتسليمها إلى ذويها»، وفقا لما ذكره هؤلاء، وفي ذلك اليوم ظهر شقيقها، مهدي سليم سلوم، في تسجيل مصور قال فيه إنه خارج للتو من «قسم الشرطة الشرقي، وقد التقى فيه بشقيقته مي»، وأضاف «عندما سألت الضابط المعني عن الوضع، أجاب: انتظر مني اتصالا هاتفيا في غضون ثلاث ساعات»، وبعيد عودتي، يضيف سليم، «سألت النقيب عن أختي، فأجاب: مي بالغة وراشدة وهي مسؤولة عما تقوم به»، فأجبته «لكننا مسلمون، وزوجها موجود»، فختم النقيب بالقول» مي سافرت إلى حلب».
وسط هذه «الفاجعة»، التي تتعدى الحالة الشخصية إلى نظيرة لها مجتمعية لم يعرفها المجتمع السوري من قبل، من حيث أنها تخالف الأعراف والعادات والقيم السائدة فيه، وعلى الرغم من تأكيد « المرصد السوري لحقوق الإنسان «من إن» مي لا تعاني من مشاكل أسرية أو زوجية وفقا لما تأكد منه المرصد»، بل إن «شخصا اسمه أبو جريح، وهو متزوج وأب، قام باختطافها ونقلها إلى قرية كفر نوران، ثم إلى الأتارب بريف حلب»، ظلت الحكومة السورية مصرة على موقفها الذي مفاده إن «مي ليست مختطفة»، وإنها «تركت منزلها بإرادتها، ومن دون ضغوطات»، وقبل أيام خرج، عمر جبلاوي، وهو ناشط موال، في تسجيل مصور قال فيه إن «مي غير مختطفة، ومن يحاول اختطافها الآن هو أخاها»، بل «ويقوم بتهديدها»، وأضاف إن «مي التقت يوم السبت 2 آب بلجنة من دمشق برفقة أخيها»، وإن «مي رفضت بعد محاولات استمرت لأربع ساعات العودة إلى أهلها»، ولربما كان هذا الكلام، فيما إذا صح سياقه، من النوع الذي يزيد على «الفاجعة» بواحدة أثقل منها، إذ أن هذا يعني أن السلطات الرسمية تبدو غير مهتمة بصون «مؤسسة الزواج»، التي تمثل ركنا أساسيا في بناء المجتمعات، بل ولا مانع لديها من حدوث انفكاك تلقائي للنساء المتزوجات، هكذا وبدون اجراءات قانونية، بل وتذهب إلى شرعنة قيام مساكنة بين «المنفكة تلقائيا» وبين رجل آخر، والأسئلة التي تقذف بها تلك المسألة لا تعد ولا تحصى، فعلى فرض أن مي تتلقى تهديدات من أخيها، وهو ما نفاه الأخير، فهل تقف حلول» حمايتها» عند إسكانها مع رجل آخر؟، ثم هل يجوز لمتزوجة أن تقيم تحت سقف واحد مع رجل آخر دون طلاق شرعي من زوجها السابق؟.
من شأن قضية مي سلوم، وطرق معالجتها، أن تهدد منظومتان مجتمعيتان على درجة عالية من الأهمية في استقرار المجتمعات، أولاهما «منظومة الزواج» عندما تصبح هذي الأخيرة مجرد «صك»، يمكن لطرفيه، أو أحدهما، تمزيقه وقت يشاء، وثانيهما «رابطة الأمومة» المقدسة، عندما يفرض على الأم التخلي عن أطفالها، ولربما كان هذا النوع من «التقيحات»، التي راحت تطفح مؤخرا على «الجلد» السوري بشكل كثيف، كاف للدلالة على وجود خلل رهيب في «الخلايا المناعية» المسؤولة عن مكافحة تلك «التقيحات» التي قد تتحول، في أي لحظة، إلى سرطانات مزمنة يصعب علاجها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 11 دقائق
- الديار
الزين: هناك إصرار من البعض وضغوطات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب انسحبت وزيرة البيئة تمارا الزين، من جلسة الحكومة، مع بدء مناقشة ورقة توم براك، برفقة باقي وزراء الشيعة. وقالت الزين: تمنينا أن يكون هناك تثبيت لاتفاق وقف إطلاق النار على أن تستكمل باقي النقاط. وأضافت: طالبنا بأن تكون الأولوية هي لاتفاق وقف إطلاق النار الصادر العام الماضي، وهناك إصرار من البعض وضغوطات. كما أكدت أنها تناولت في مداخلتها الاعتداءات المستمرة ومنها الاعتداء في تولين ، داعية لحوار جامع برعاية رئيس الجمهورية والقرارات الكبيرة تحتاج لحوار وهذا ما تمنوه خلال الجلسة.


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
الحوثي: سلاح المقاومة في لبنان ضمانة للردع وحماية للشعب والسيادة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أطلق قائد حركة 'أنصار الله' اليمنية، السيد عبد الملك الحوثي، سلسلة مواقف حادّة خلال كلمة متلفزة، تناول فيها الوضع الإنساني في غزة والتطورات الإقليمية، محمّلاً الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، إلى جانب بعض الأنظمة العربية، مسؤولية ما وصفه بـ'مأساة التجويع والإبادة الجماعية' التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ولا سيما الأطفال، للشهر الخامس على التوالي. وأكد الحوثي أن حصار غزة يتم 'بتواطؤ عربي وغربي'، مشيرًا إلى أن المساعدات الإنسانية مكدّسة عند بوابات المعابر ومنع دخولها هو جريمة موصوفة. وقال:'كل ساعة تمرّ يزداد معها عدد شهداء التجويع، خصوصاً بين الأطفال والرضّع'، واصفًا ما يحدث بأنه 'مظلومية رهيبة تشارك فيها المؤسسات الدولية بصمتها'، متهماً الولايات المتحدة بـ'المشاركة الفعلية' في العدوان على غزة، مؤكداً وجود ضباط أميركيين على الأرض يشاركون في العمليات، ومضيفًا أن 'نسبة الشهداء في مصائد الموت الأميركية والإسرائيلية مرتفعة جداً'. وحذر من 'محاولات فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى'، واعتبر السكوت عن الانتهاكات الإسرائيلية 'عاراً على المسلمين وتفريطاً بمسؤولية مقدسة'. كما شدد على أن 'أي قرار بالتصعيد الإسرائيلي يستند إلى إذن أميركي، ما يعني شراكة كاملة في العدوان'. واتهم الولايات المتحدة بـ'المشاركة الفعلية' في العدوان على غزة، مؤكداً وجود ضباط أميركيين على الأرض يشاركون في العمليات، ومضيفًا أن 'نسبة الشهداء في مصائد الموت الأميركية والإسرائيلية مرتفعة جداً'. وشدد على أن 'العدو سيفشل في السيطرة الكاملة على قطاع غزة'، مشيراً إلى أن 'أي احتلال شامل ستكون كلفته باهظة جداً'، وأن 'الأسرى لدى فصائل المقاومة يعانون من نفس معاناة أهل القطاع'. وانتقد الحوثي ما وصفه بـ'الطرح الغريب بنزع السلاح من الشعوب'، قائلاً إن من السذاجة 'أن يُطلب من المظلوم والمعتدى عليه أن يكون بلا سلاح'، معتبراً أن 'القوة العسكرية هي ضرورة لحماية الشعوب، وسلاح المقاومة هو العامل الوحيد الذي منع الاحتلال من العودة إلى لبنان'. وأكد أن 'الدعوات لنزع سلاح حماس وحزب الله مطلب أميركي-إسرائيلي يسعى بعض العرب لتحقيقه'، واصفًا ذلك بالأمر 'المؤسف جداً'، مشدداً على ان ' الأميركي ليس طرفاً منصفاً يتعامل بإنصاف ولا يراعي مصالح الأمة بل المصلحة الأميركية الإسرائيلية الخالصة'.


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
'الوفاء للمقاومة': السلاح خط أحمر.. وسلام انقلب على التعهدات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب حذّرت كتلة 'الوفاء للمقاومة' في مجلس النواب اللبناني من أنّ المنطقة ولبنان يمران بإحدى أكثر المراحل حراجة وخطورة، بفعل ما وصفته بـ'الهجمة العدوانية الإسرائيلية المدعومة أميركياً، والمدعومة أيضاً من بعض الأنظمة العربية وشركاء غربيين'، مؤكدة أن هذه المرحلة تحمل تهديدات وجودية على جغرافيا وأمن واقتصاد المنطقة وشعوبها. وأشارت الكتلة إلى ما يتعرض له قطاع غزة من 'جريمة إبادة جماعية موصوفة'، رغم ما وصفته بـ'الصمود الأسطوري والشجاعة الاستثنائية' لأهله ورجال المقاومة، معتبرة أن صمت العالم ومؤسساته الحقوقية 'إدانة موصوفة لهذه الجهات، وشراكة غير مباشرة في الجرائم المرتكبة'. كما شددت على أن سوريا 'تواجه هجمة عدوانية تهدد تكوينها الاجتماعي ووحدتها'، متهمة العدو الإسرائيلي بمحاولة فرض وقائع جديدة عبر الاحتلال وتقسيم البلاد وضرب استقرارها الداخلي. أما في الشأن اللبناني، فقد اتهمت الكتلة بعض القوى السياسية و'أهل السلطة' بالانصياع للضغوط الخارجية، وتحديداً الأميركية، على حساب المصلحة الوطنية والوحدة الداخلية، معتبرة أن تبنّي رئيس الحكومة نواف سلام لورقة الموفد الأميركي آموس هو 'انقلاب واضح على بيان الحكومة وخطاب القسم الرئاسي، وضرب لأسس اتفاق الطائف'. ورأت الكتلة أن محاولات نزع سلاح المقاومة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر 'خدمة مجانية للعدو' وتجريد للبنان من أحد أبرز عناصر قوته، مشيرة إلى أن القوى الوطنية، ومن ضمنها 'الثنائي الوطني' وشخصيات من مختلف الطوائف، عبّروا بوضوح عن رفضهم لهذه المحاولات. ودعت كتلة 'الوفاء للمقاومة' الحكومة إلى 'تصحيح مسارها' ورفض الانصياع للمطالب الأميركية، مؤكدة ضرورة 'استنفار الدبلوماسية اللبنانية للضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار'، مطالبة بإعداد استراتيجية وطنية شاملة تضمن حماية لبنان وسيادته وشعبه.