logo
الداخلية والأحزاب أمام تحديات إصلاح المنظومة الانتخابية

الداخلية والأحزاب أمام تحديات إصلاح المنظومة الانتخابية

هبة بريسمنذ 7 أيام
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في خطابٍ بمناسبة الذكرى ال 26 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، أكد الملك على أهمية التحضير الجيد للانتخابات التشريعية المقبلة، مشيراً إلى أن المغرب بصدد تنظيم المنظومة الانتخابية بما يتناسب مع تطورات البلاد الاجتماعية والسياسية، جاءت هذه الدعوة لتعيد التأكيد على ضرورة التمسك بأدوات الإصلاح السياسي والتنظيمي لضمان انتخابات شفافة ونزيهة، وتفعيل المشاركة السياسية في صنع القرار.
لكن بين تطلعات الإصلاح وتحديات الواقع، يتعين على المغرب التركيز على مكون أساسي في العملية الانتخابية: التحضير الجيد للمؤسسات المحلية وتكوين المؤطرين السياسيين القادرين على قيادة الشأن المحلي بكفاءة عالية، بعيداً عن الأمية السياسية التي تعاني منها بعض المجالس المنتخبة.
– تحديات النظام الانتخابي في المغرب
جلالة الملك شدد على ضرورة مراجعة وتطوير المنظومة الانتخابية بهدف تحسين المشاركة السياسية للمواطنين وضمان شفافية العملية الانتخابية.، وأشار إلى أهمية تحقيق هذه المراجعة قبل نهاية السنة الحالية، لتكون الانتخابات التشريعية المقبلة نموذجاً يُحتذى في نزاهتها وشفافيتها.
لكن كيف يمكن إصلاح النظام الانتخابي إذا كانت التحديات الأساسية تكمن في ضعف تكوين المسؤولين المحليين؟.
مع الأسف، شهدت المجالس المنتخبة في المغرب على مدار السنوات الماضية عدداً من الإخفاقات في إدارة الشأن المحلي، أبرز هذه الإخفاقات كان نتيجة لغياب التأطير السياسي الكافي، وهو ما أفضى إلى سوء تدبير الأموال العمومية، وفشل بعض المجالس في تقديم خدمات أساسية للمواطنين.
–خلق أكاديميات للتكوين السياسي: حل عملي لتجاوز أزمة الأمية
من أجل تجاوز هذا الواقع، تبرز ضرورة إنشاء أكاديميات للتكوين والتأطير السياسي على مستوى البلاد، والتي من خلالها يتم إعداد مسؤولين محليين يتمتعون بالكفاءة في إدارة الشأن المحلي، هذه الأكاديميات ستساهم في تزويد المسؤولين المنتخبين بالمعرفة السياسية والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة وفقاً لاحتياجات المجتمع.
ما يمكن أن يكون أكثر فاعلية هو تعاون وزارة الداخلية مع الجامعات المغربية لتنظيم برامج تكوينية تستهدف إعداد كوادر متمكنة في مجال التدبير المحلي.
هذا التعاون يمكن أن يحقق نقلة نوعية في قدرات المسيرين المحليين، خصوصاً في المناطق التي تعاني من ضعف الوعي السياسي وأمية التدبير.
– التعديلات الجديدة لمدونة الانتخابات: نحو التحديث والتطوير
من خلال التعديلات الأخيرة لمدونة الانتخابات، تم التركيز على أهمية تعزيز المشاركة الشعبية في العملية السياسية، وان تشمل التعديلات بشكل كبير على توسيع دائرة المشاركة لتشمل فئات مختلفة من المجتمع، بما في ذلك الشباب والنساء، مما يجعل الانتخابات القادمة فرصة حقيقية لإعادة تجديد الثقة في المؤسسات الدستورية.
كما أشار جلالة الملك إلى أهمية احترام الدستور وتطلعات المغاربة، وهو ما يتطلب من الأحزاب السياسية أن تكون أكثر التزاماً بالشفافية والنزاهة في إدارة شؤونها وفي تعاملاتها مع المغاربة. وعلى الأحزاب أن تسهم في عملية الإصلاح السياسي والتنظيمي بشكل فعال، ليس فقط من خلال شعارات انتخابية، ولكن من خلال ممارسة فعلية للشفافية والعدالة.
– الأحزاب السياسية والتحديات الداخلية
في السياق ذاته، يواجه المغرب تحدياً آخر يتعلق بالفساد داخل الأحزاب السياسية، وهو ما قد يعيق إصلاح المنظومة الانتخابية. تقارير المجلس الأعلى للحسابات كشفت عن اختلالات في تدبير الدعم المالي للأحزاب، وهو ما يطرح تساؤلات عن مدى قدرتها على القيام بالدور المنوط بها في تأطير المواطنين والمشاركة في الحياة الوطنية.
كما أشار د. عبد الحفيظ السريتي في مقال له، إلى أن الفساد الذي تسرب إلى الأحزاب يعكس 'استحالة التنمية والديمقراطية' في ظل هذا الوضع. إذا كان الفساد يشوه العمل السياسي داخل الأحزاب، فإن تحقيق الشفافية والنزاهة يصبح أمراً أساسياً للنجاح في الانتخابات المقبلة.
– الخطوات القادمة: بناء جيل جديد من المؤطرين المحليين
إصلاح المنظومة الانتخابية يحتاج إلى إصلاح تدريجي يبدأ من أساس المشهد السياسي: المترشحين والمؤطرين. إذا كان المسؤول المحلي أو المنتخب لا يمتلك الأدوات اللازمة لإدارة الشأن المحلي بكفاءة، فإن الفوضى والفساد سيبقيان على الأوضاع كما هي.
وفي هذا السياق، شراكة بين وزارة الداخلية والجامعات المغربية يمكن أن تساهم في تطوير برامج تكوينية لإعداد جيل جديد من المسيرين المحليين القادرين على التعامل مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المغرب، هذه الأكاديميات ستكون بمثابة الرافعة الأساسية لتحديث الأداء السياسي وإعداد قادة قادرين على إدارة الشأن العام بكفاءة، وحماية المال العام.
إن الاستعداد للانتخابات المقبلة يتطلب إصلاحاً شاملاً للمنظومة الانتخابية، ليس فقط على المستوى القانوني والتشريعي، بل أيضاً على مستوى التكوين السياسي للمسؤولين المحليين. فلا يمكن الحديث عن انتخابات نزيهة وشفافة ما لم يتوفر إطار حقيقي من التأطير والتكوين. من خلال التنسيق بين المؤسسات الحكومية والجامعات المغربية، يمكن خلق بيئة تساهم في تحقيق الإصلاحات السياسية، وضمان أن المسيرين المحليين هم مؤهلون وقادرون على إدارة الشأن المحلي بفعالية.
في هذا السياق، من الممكن أن تتخذ وزارة الداخلية الخطوة الأولى نحو إصلاح شامل يبدأ بتطوير الأكاديميات السياسية التي تضمن تكوين جيل قادر على تحمل المسؤولية وبناء المغرب على أسس أكثر استدامة ونزاهة.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قنوات الفساد على يوتيوب والمواقع التواصل الاجتماعي… حين يصبح هدم الأسرة تجارة مربحة أخطر من الإرهاب
قنوات الفساد على يوتيوب والمواقع التواصل الاجتماعي… حين يصبح هدم الأسرة تجارة مربحة أخطر من الإرهاب

المغربية المستقلة

timeمنذ 3 دقائق

  • المغربية المستقلة

قنوات الفساد على يوتيوب والمواقع التواصل الاجتماعي… حين يصبح هدم الأسرة تجارة مربحة أخطر من الإرهاب

المغربية المستقلة : تحرير ومتابعة سيداتي بيدا / عضو الاتحاد الدولي للصحافة العربية في زمن تتعدد فيه التهديدات الأمنية، يظهر نوع جديد من الخطر، أشد فتكًا من الرصاص، وأعمق أثرًا من القنابل. خطر لا يتسلل عبر الحدود، بل يخترق البيوت من الداخل، عبر شاشات الهواتف، على يد فئة لا تحمل لا علمًا ولا ضميرًا، وجدت في اليوتيوب منبرًا لتفريغ عقدها، وتوجيه رصاصات التحريض نحو الأسرة المغربية، عماد المجتمع وسُرّة تماسكه. لم نعد نتحدث عن حرية التعبير، بل عن تحريض مقنّع على التمرد والانهيار الأخلاقي، يُقدّم في شكل 'نصيحة'، بينما هو في حقيقته قنبلة اجتماعية مؤقتة. قنوات تحوّلت إلى منابر للفوضى، حيث تُذبح القيم، وتُهدم المفاهيم، ويُعاد تشكيل الوعي الجماعي بعيدًا عن كل ما هو عقل، ومسؤولية، وإنسانية. الظاهرة لم تعد هامشية. آلاف النساء، بل ومراهقون في طور التشكل النفسي والفكري، يتابعون هؤلاء (المؤثرين) يوميًا، ويتلقون منهم جرعات سامة من التحريض ضد الأزواج، ضد الاستقرار، ضد البيت، ضد كل ما يربط الأسرة ببعضها. تُقدّم ربّة البيت كعبئ، وتُصوَّر الأمومة كقيود، ويُختصر الرجل في (غريزة)، ويُختزل الزواج في صراع سلطات. تُنصح المرأة بأن تهمل بيتها، وتعيش كما تشاء. (دعي منزلك متسخًا، دعي الأطفال، وعيشي حياتك). بل يُطلب منها أن ترى في زوجها مشروعًا تجاريًا: إن لم يُدر دخلًا كافيًا، فتخلصي منه. والنتيجة؟ طلاق، عنف، تشرد أطفال، وانهيار لَبِنات المجتمع الأساسية. الأدهى من ذلك أن الخطاب يُسوَّق على أنه تمكين، في حين أنه تفكيك مقنّع. تُقدَّم الاستقلالية كحرية من الالتزام، ويُروّج للطلاق على أنه بداية الحياة، لا نهايتها. وكأن العائلة عبء، والتضحية غباء، والاحترام ضعف. اللغة المستخدمة في هذه القنوات مشحونة بالكراهية. (لا تنظفي له البيت)، (عامليه كأنه لا يساوي شيئًا)، (اعتبري زوجك مشروعًا مدرًا للربح)، (احتقري أمه وأخته)، (خذي أولاده واتركيه)، (افعلي ما تشائين بجسدك)، (أنت لا تحتاجين إلى رجل). أما الرجل، فصُوّر على أنه مجرد كائن شهواني لا عقل له ولا مسؤولية، في تدمير منهجي لصورة الرجل المغربي المعروف برجولته، غيرته، ومسؤوليته التي صنعت له احترامًا في التاريخ. هذه ليست حرية رأي، بل عملية غسل دماغ جماعي، تُمارس ببرود داخل غرف مغلقة، وتحظى بآلاف المشاهدات والإعلانات، دون رقيب ولا حسيب. والكارثة أن النتائج على الأرض صادمة: نسب الطلاق ترتفع بشكل مهول، الأسر تتفكك، والمحاكم تغصّ بقضايا الشقاق والنفقة، والأطفال يُرمون في الشارع، بلا دعم ولا حضن ولا بوصلة. أكثر من 100 ألف حالة طلاق سنويًا في المغرب، بمعدل يفوق 300 حالة يوميًا. ومع تنامي تأثير هذا المحتوى التخريبي، يزداد الانهيار بصمت، بينما الجهات المسؤولة ما تزال تتعامل مع الظاهرة كأنها تفاهة عابرة، أو مجرد اختيارات شخصية. لكن هذا ليس ترفًا. هذه حرب ناعمة على استقرار المجتمع. حرب دون دماء، لكن نتائجها مدمّرة. وإذا كان الإرهاب يزرع الرعب لحظيًا، فإن هذا المحتوى يُجهز على أجيال قادمة بالكامل. من غير المقبول أن يستمر هذا العبث، وأن تتحول المنصات إلى أدوات لهدم المجتمع من الداخل. من غير المقبول أن يُمنح هؤلاء منابر دون شروط، وأن يتاجروا بأوجاع الناس وأحلامهم ومستقبل أطفالهم. من الناحية القانونية، يعتبر القانون المغربي جرائم التحريض على الفساد، وإشاعة الفتنة، والسب والقذف، وكذلك الاعتداء على النظام الاجتماعي، جرائم يعاقب عليها الفصل 263 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة «كل من بصفته الخاصة أو عامة، نشر علانية من شأنه أن يهدد السلم الاجتماعي، أو يزرع الفتنة بين المواطنين، بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية». كذلك يُجرم قانون الصحافة والنشر المغربي نشر محتويات تحرض على الكراهية والتمييز أو تخدش الحياء، وهو ما ينطبق على بعض الفيديوهات التي تحط من قدر الرجل أو المرأة، وتدعو للانفصال والتفكك. فضلاً عن ذلك، تُجرم القوانين المتعلقة بحماية الطفل كل فعل يُؤدي إلى إلحاق الضرر النفسي أو الاجتماعي بالطفل، ما يشمل التشرد الناتج عن التفكك الأسري المُثار بتحريض المحتوى الرقمي. وهناك عقوبات جنائية تُطبق على كل من يشارك أو يسهم في نشر هذه المواد التي تشكل تهديدًا مباشرًا للنسيج الاجتماعي. كما أن قضية انتحال الصفة التي يرتكبها بعض هؤلاء اليوتيوبرز، والتي تتضمن تقليد شخصيات معروفة دون ذكر أسمائهم احترامًا للقراء، تشكل جريمة يعاقب عليها القانون المغربي. ينص الفصل 350 من القانون الجنائي على معاقبة كل من انتحل صفة رسمية أو عامة أو تظاهر بها، لما لهذا الفعل من تأثير سلبي على المجتمع، خاصة عندما يترافق مع إهانة لفئات عريقة في المجتمع المغربي مثل 'البشوات' التي تمثل رموزًا اجتماعية وتاريخية محترمة. إن استمرار هذه الممارسات وانتهاك القوانين دون محاسبة، يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي، ويُفضي إلى مزيد من الانفلات والفساد، ويجعل من الضروري على الجهات المختصة اتخاذ إجراءات صارمة وحاسمة لوضع حد لهذا العبث الذي يمس كرامة المغاربة ومستقبل أسرهم. اليوم، إما أن نختار الصمت، فنشارك في الجريمة، أو نواجه، ونتحمل مسؤوليتنا كمجتمع، كمؤسسات، وكدولة. فهل تتحرك السلطات؟ هل يستيقظ الضمير الجماعي؟ وهل نقبل أن تُغتال الأسرة المغربية على يد حفنة من 'يوتيوبرز' لا يحملون إلا أحقادهم وميكروفوناتهم؟

التامني: الإقرار بعدم دستورية المسطرة المدنية هو 'صفعة قوية لحكومة عاجزة عن احترام الدستور'
التامني: الإقرار بعدم دستورية المسطرة المدنية هو 'صفعة قوية لحكومة عاجزة عن احترام الدستور'

عبّر

timeمنذ 3 دقائق

  • عبّر

التامني: الإقرار بعدم دستورية المسطرة المدنية هو 'صفعة قوية لحكومة عاجزة عن احترام الدستور'

على خلفية القرار الصادر عن المحكمة الدستورية القاضي بعدم مطابقة عدد من مواد مشروع قانون المسطرة المدنية للدستور، أكدت النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، أن الإقرار بعدم دستورية عدد من مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية، يشكل 'صفعة قوية لحكومة عاجزة عن احترام الدستور ومبادئ المحاكمة العادلة'. وتساءلت التامني : 'كيف لحكومة تدّعي الإصلاح أن تتقدم بنص قانوني مليء بالخروقات الشكلية والانزلاقات القانونية من دون حوار مؤسساتي ولا إشراك فعلي لمكونات العدالة وبتجاهل واضح لملاحظات الفاعلين الحقوقيين والقانونيين ..؟!'. واعتبرت النائبة البرلمانية، أن 'رفض المحكمة الدستورية لهذا النص يُثبت من جديد أن معركة بناء دولة القانون لا يمكن أن تُدار بمنطق التسرع والإقصاء وتغليب المصالح السياسية على ضمانات المواطنين‏'، مؤكدة أن 'المطلوب اليوم ليس مجرد ترقيع نصوص بل فتح نقاش وطني واسع لإصلاح حقيقي لمنظومة العدالة يضع حقوق المواطن فوق كل اعتبار'. وقضت المحكمة الدستورية بعدم مطابقة 15 مادة، فضلاً عن 26 إحالة ضمن مواد أخرى، للدستور، وأمرت بإبلاغ القرار لرئاسة الحكومة والبرلمان، ونشره في الجريدة الرسمية. ومن جانبها، أعربت وزارة العدل عن ترحيبها بقرار المحكمة الدستورية الصادر بخصوص مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية، مؤكدة أن القرار يشكل محطة دستورية هامة في مسار البناء الديمقراطي وتعزيز الضمانات القانونية داخل المنظومة القضائية الوطنية. وقال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في تعليق له على قرار المحكمة الدستورية: 'نحن لا نخشى الرقابة الدستورية، بل نشجعها ونراها ضمانة حقيقية لدولة القانون. من يشكك في دور المحكمة الدستورية، إنما يشكك في روح الديمقراطية نفسها. هذا القرار يفتح الباب أمام نقاش قانوني رفيع المستوى، ويعزز مشروعنا الإصلاحي داخل المؤسسات وبقوة المؤسسات'.

حقوقيون وإعلاميون يضعون مسألة الدفاع عن مغربية الصحراء ودور مغاربة العالم على سلّم الأولويات
حقوقيون وإعلاميون يضعون مسألة الدفاع عن مغربية الصحراء ودور مغاربة العالم على سلّم الأولويات

المغربية المستقلة

timeمنذ 3 دقائق

  • المغربية المستقلة

حقوقيون وإعلاميون يضعون مسألة الدفاع عن مغربية الصحراء ودور مغاربة العالم على سلّم الأولويات

المغربية المستقلة : إبراهيم بن مدان في زحمة الصيف والتهافت على مهرجانات الترفيه، انفردت قلعة مكونة، البلدة الصغيرة بالجنوب الشرقي للمملكة المغربية، بتنظيم ملتقى دولي لمغاربة العالم حول دورهم في الترافع الدولي عن مغربية الصحراء، تحت شعار: 'الربط الجيلي لمغاربة العالم، فرص وتحديات'، وذلك خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 10 غشت 2025، بمختلف فضاءات المدينة المكتظة بالزوار المحليين والأجانب. وقد احتضنت قاعة الاجتماعات الكبرى بمقر بلدية المدينة ندوة دولية تحت عنوان: 'دور مغاربة العالم في الدفاع عن القضايا الوطنية: قضية الصحراء المغربية ونموذج مبادرة الحكم الذاتي'. وقد أبرز المتدخلون من خلالها محاور عدة، منها دور أفراد الجالية المغربية في دعم مجهودات الدبلوماسية المغربية الرصينة، في تحصين المكتسبات الوطنية، واكتساح فضاءات جديدة للتعريف بمقومات السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى تحسين آليات الدفاع على المستويين الوطني والدولي، واستكشاف حزمة من التقنيات والمعايير اللازم أخذها بعين الاعتبار لمجابهة سيل الأخبار الزائفة وحملات استعداء المصالح الوطنية في مختلف مناطق العالم. وفي السياق ذاته، أبرز السيد عثمان بنطالب أهمية الحدث، وثمّن عالياً إرادة القائمين على تنظيم الملتقى والندوة، لما لاختيار موضوع النقاش من زخم على مستوى نشر المعرفة بحقائق قضيتنا الوطنية، وكذا اكتساب المهارات وتقاسم التجارب مع أفراد الجالية المشاركين في مختلف أنشطة الملتقى، دعماً لتسلّحهم بالمعرفة اللازمة وبالوسائل التنفيذية لبلوغ ترافع فعّال وذي جدوى. وأشار مدير مركز أنباء إكسبريس للدراسات والأبحاث إلى أن النزاع قد انتهى عملياً، وأصبح التركيز موجهاً بشكل كبير نحو دعم جهود التنمية في أقاليمنا الجنوبية، وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي لجعلها جسراً للتواصل مع العمق الإفريقي، وبوابة لولوج القارة الأوروبية والأمريكية، بفضل الاستثمارات الكبرى في الطرق والموانئ والمطارات، وتحسين شروط الحياة، وضمان الولوج إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتسجيل معدلات عالية في ما يتعلق بالتمتع بالحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق والخدمات المرافقة، وكذا الأمن والاستقرار. من جانبه، سلّط الأستاذ عبد الوهاب الكاين الضوء على عمل المجتمع المدني في الأقاليم الجنوبية وباقي مناطق المملكة، بخصوص الترافع الدولي عن مغربية الصحراء، وجهود التحالف الذي يمثّله في دحض الصور النمطية المنتشرة حول مغربية الصحراء وعدالتها وشرعية تمثيل الصحراويين، وغيرها من القضايا المتفرعة عن النزاع المفتعل، والتي غالباً ما يلجأ لها الخصوم للانتقاص من جهود المغرب في إحلال السلم بالمنطقة، ومساعيه لبسط سيادته على أراضيه. غير أن المتحدث أشار إلى أن دور مكونات الفضاء المدني المغربي ببلدان الاستقبال في المهجر يُعدّ أساسياً لدعم جهود الدبلوماسية المغربية الرصينة، وسعيها لتنزيل التوجيهات الملكية السامية نحو سلوك دفاعي قوي وصلب عن المصالح العليا للمغرب، وفقاً للتشريعات الوطنية ومقتضيات القانون الدولي، وثوابت المملكة المتجذرة عبر التاريخ، وتقاليدها العريقة في التصدي للخصوم، وسياسة اليد الممدودة لفض النزاعات والمشاكل العالقة بطرق سلمية، سَيرًا على نهج جلالة الملك محمد السادس القائم على الحكمة والتبصر. وفي السياق ذاته، أشار الباحث في العلوم السياسية السيد عمر أوبلا إلى أن القبائل الصحراوية لا يمكن فصلها عن ماضي وحاضر ومستقبل المملكة المغربية، نظراً لدورها المحوري في تشكيل ملاحم جسدت الهوية الوطنية المغربية الغنية في تعدديتها، والثرية في تنوع مشاربها وخلفياتها الثقافية، الخادمة للوحدة والتكامل، والمدافعة دوماً عن السلامة الإقليمية للوطن، وأولوية استكمال وحدته الترابية أمام خيارات أخرى. وأضاف أن نزاع الصحراء المفتعل هو صراع موروث عن الاستعمار الإسباني، الذي لم ينجح في استلاب الهوية الثقافية المغربية من أفئدة الصحراويين، ولم يُنقص من تعلقهم بالعرش العلوي الموسوم باستمرار البيعة وتوارثها جيلاً عن جيل، ناهيك عن انخراطهم في بناء الحاضر والمستقبل المغربي، سواء في مسار الانتقال الديمقراطي، أو في إنجاح مختلف الاستحقاقات الوطنية، وبرامج التنمية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store