logo
تسجيل ضعيف في الانتخابات البلدية الليبية يعكس أزمة ثقة في العمل السياسي

تسجيل ضعيف في الانتخابات البلدية الليبية يعكس أزمة ثقة في العمل السياسي

الجزيرة٠١-٠٥-٢٠٢٥

أُغلقت أبواب التسجيل للمرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية في ليبيا في 16 أبريل/نيسان الجاري، بأرقام خجولة تنم عن حالة عزوف طالت الشارع الليبي إزاء العملية الانتخابية.
ورغم تمديد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فترة التسجيل 3 مرات متتالية لتشجيع أكبر عدد ممكن على تسجيل أنفسهم في السجل الانتخابي، إلا أن الأعداد ظلت دون المستوى المتوقع، بحسب ما أفاد به رئيس المفوضية عماد السايح.
وفي آخر إحصائية نشرتها المفوضية، بلغ عدد المسجلين نحو 5608 آلاف ناخب وناخبة في 62 بلدية، مقارنة بتعداد سكاني يتجاوز 7.4 ملايين نسمة، وفق موقع "وورلد ميتر".
شملت هذه المرحلة من التسجيل لانتخابات بلديات رئيسية مثل طرابلس ، وبنغازي، وطبرق، والكفرة، و سبها ، وأوباري، و سرت ، وقد أتت عقب نسبة مشاركة عالية نسبيا في المرحلة الأولى بنوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي وصلت إلى 74%.
انسحاب صامت
في حديثه للجزيرة نت، اعتبر الناشط المدني والمتطوع في مفوضية الانتخابات محمد القويري، أن تجربة الانتخابات البلدية كشفت الستار عن تراجع ثقة الليبيين في صناديق الاقتراع نظرا لفشل تجارب انتخابية سابقة، أفرزت أجساما دون المستوى ما أدى إلى إحجام مَن يرى أن العزوف هو الرد الأنسب على فشل هذه الأجسام، "غير مدركين أن الامتناع يفسح المجال لخيارات لا تمثلهم".
بدورها، تُرجع الناشطة المدنية رتاج خليفة -وهي أيضا متطوعة لدى مفوضية الانتخابات- ضعف الإقبال على التسجيل للانتخابات البلدية إلى غياب الوعي بأهمية هذا الاستحقاق.
من جانبه، قال المرشح لانتخابات المجلس البلدي بمدينة بنغازي الزبير البركي للجزيرة نت، "طالبنا كمترشحين ومهتمين بالشأن العام المفوضية بأن يكون سجل الناخبين منفصلا عن العملية الانتخابية، ومتاحا دائما، حتى يمكن للناس التسجيل في أي وقت، خصوصا بعد أن يطلعوا على برامج المترشحين ورؤاهم".
وتابع "لكن المفوضية لم تستجب وفتحت التسجيل فترة قصيرة جدا، ما جعل كثيرا من المواطنين يعزفون عن التسجيل لأنهم لا يعرفون المترشحين، ولا برامجهم".
أما المترشحة عن بلدية طرابلس المركز، انشراح بن طابون، فقد أكدت للجزيرة نت، أن أسباب العزوف عن الاستحقاقات الانتخابية هي نتيجة تراكمات سنوات من الفشل السياسي، مشيرة إلى أن الحكومات المتعاقبة كرّست واقعا مأزوما اتسم بالفساد والإقصاء وفرض سلطة الأمر الواقع.
إقبال كثيف
وبالنسبة للناشط المدني سالم الحريك، الذي يقود مبادرة توعية المواطنين في سرت على المشاركة الانتخابية، فقد قارن حجم التسجيل بين مدن طرابلس وبنغازي وسرت كالتالي:
سجلت العاصمة طرابلس غربي ليبيا، والتي يتجاوز عدد سكانها 1.2 مليون نسمة، 14 ألف ناخب وناخبة في دائرة طرابلس المركز فقط.
بلغ عدد المسجلين في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 845 ألف نسمة، 31 ألف مسجل في دائرة بنغازي المركز فقط.
حققت مدينة سرت الواقعة شمالي ليبيا، وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كيلومترا ولا يتجاوز عدد سكانها 126 ألف نسمة، إقبالا ملحوظا على التسجيل بنحو 19.3 ألف ناخب وناخبة.
وعن دور الأحزاب في العملية السياسية ودعم الانتخابات البلدية، أوضح رئيس حزب الاستحقاق والعضو المؤسس لتكتل الوطن للجميع، عبد اللطيف سحيب للجزيرة نت، أن أسباب العزوف تعود إلى الانقسام التنفيذي بين الحكومتين شرقا وغربا والذي يحول دون الوصول إلى الاستحقاق بمفهومه الأشمل، فبعض البلديات تتبع الحكومة الليبية بينما تتبع أخرى حكومة الوحدة.
تُحدق بالعملية الانتخابية عقبات كثيرة أبرزها ضمور الثقة وغياب الوعي. وأشار عضو المفوضية عبد الحكيم الشعاب بالخير إلى وجود تحديات تواجه عملهم أهمها:
غياب الدعم الحكومي الفعلي.
نقص التمويل، إذ لم تُمنح مفوضية الانتخابات سوى نصف الميزانية مع وعود بصرف الجزء المتبقي عند انطلاق العملية الانتخابية.
"تقاعس" وزارات الإعلام والثقافة والحكم المحلي عن التوعية بأهمية الانتخابات.
وأكد أن العملية الانتخابية ليست مسؤولية المفوضية وحدها، بل تتطلب شراكة وطنية متكاملة.
من جانبها، أوضحت أستاذة العلوم السياسية بجامعة بنغازي عبير أمنينة للجزيرة نت، أن العزوف عن التسجيل في الانتخابات البلدية ناجم عن السياق السياسي الذي أفرز أوضاعا معيشية متأزمة، واجتماعية رثة أدت إلى انعدام الثقة.
كما أن الاختصاصات الممنوحة للمجالس البلدية لم تُرفق بصلاحيات مالية أو موارد فعلية، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي دفع المواطنين إلى إعادة ترتيب أولوياتهم؛ إذ بات تأمين لقمة العيش ومحاولة مجاراة الارتفاع المتسارع في الأسعار يحتل الصدارة، بينما غدا الانخراط في العملية السياسية يُنظر إليه باعتباره ترفا لا يتسق مع ضرورات الحياة اليومية للمواطنين.
في حين قالت الباحثة المتخصصة في السياسات العامة والحوكمة حنين بوشوشة، للجزيرة نت، إن العزوف الانتخابي ينذر بوجود أزمة ثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ويمكن اعتباره تعبيرا صامتا عن انعدام الثقة في جدوى المشاركة السياسية إزاء التجارب الانتخابية السابقة التي لم تؤت وعودها، وهو ما يستدعي دراسة هذه الحالة والوقوف على مسبباتها.
وإزاء هذا الإحجام، يستنهض نشطاء ومرشحون الهمم لإعلاء صوت المشاركة، إذ أكد الناشط المدني محمد القويري، أن استعادة الثقة بالمسار الانتخابي تتطلب خطابا توعويا صادقا يُبين أن الصوت أداة تغيير، والمراقبة المجتمعية ضمان للتحول الديمقراطي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بدء تطبيق اتفاق السويداء والإفراج عن موقوفين بأحداث صحنايا
بدء تطبيق اتفاق السويداء والإفراج عن موقوفين بأحداث صحنايا

الجزيرة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

بدء تطبيق اتفاق السويداء والإفراج عن موقوفين بأحداث صحنايا

أعلن محافظ السويداء مصطفى البكور اليوم الأحد بدء تطبيق الاتفاق مع مشايخ العقل في المحافظة الواقعة جنوبي سوريا. وقال بكور -في تصريحات للجزيرة- إن من أهم بنود الاتفاق أن أهالي محافظة السويداء ضد أي تقسيم. وأضاف المسؤول السوري أن غالبية عناصر الأمن سيكونون من أبناء المحافظة، مستبعدا إعادة عناصر الأمن زمن النظام المخلوع إلى عملهم. وتضمن الاتفاق بين السلطات السورية ووجهاء الطائفة الدرزية ، والذي أقره مشايخ العقل بالسويداء، عدة بنود بينها تفعيل قوى الأمن الداخلي من أبناء المحافظة، وتأمين طريق دمشق السويداء، وإنهاء التوترات في مناطق جرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا بريف دمشق. وكانت هذه المناطق -التي تضم مكونات اجتماعية بينها الدروز- قد شهدت اشتباكات مسلحة إثر انتشار تسجيل صوتي منسوب لأحد أبناء الطائفة الدرزية تضمّن إساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وانتهت التوترات بانتشار قوات الأمن السورية والاتفاق على تسليم أسلحة بحوزة مجموعات محلية. ومساء الخميس، أصدر وجهاء ومرجعيات محافظة السويداء بيانا أكدوا فيه تمسكهم بالثوابت الوطنية والهوية السورية الجامعة، وشددوا على أهمية تفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في المحافظة، وعلى أن يكون ذلك من أبناء السويداء أنفسهم. إعلان في هذه الأثناء، أفرجت السلطات السورية اليوم عن 22 شخصا من بلدة أشرفية صحنايا بريف دمشق كانوا قد اعتقلوا على خلفية الأحداث الأمنية التي شهدتها البلدة قبل يومين. وجرى تسليم المفرج عنهم لذويهم في البلدة بحضور مشيخة العقل الدرزية والوجهاء. وقال مسؤول منطقة صحنايا في المحافظة للجزيرة إن الحكومة أفرجت عمن شاركوا في زعزعة الأمن والاستقرار كبادرة حسن نية بعد عرضهم على القضاء. من جهتها، قالت وكالة الأنباء السورية إن وزارة الداخلية ومديرية المنطقة في مدينة داريا أطلقت سراح 22 شخصا تم توقيفهم خلال الأحداث الأخيرة التي وقعت في منطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء.

تفاؤل أوكراني بعد "اتفاقية المعادن".. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟
تفاؤل أوكراني بعد "اتفاقية المعادن".. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

تفاؤل أوكراني بعد "اتفاقية المعادن".. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟

كييف- بعد عقبات وتوترات كثيرة وغير مسبوقة بين كييف وواشنطن، وبعد خلافات ومشادّة حادة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترامب ، رأت " اتفاقية المعادن النادرة" ضوءا في نهاية النفق، وتنفس الجميع الصعداء. ويعمّ تفاؤل كبير بين الأوكرانيين، ساسة وعامة، بعد نحو 100 يوم من مخاوف وشكوك فرضتها عودة ترامب، وكأنما ارتووا بعد طول ظمأ في الصحراء الأميركية، بحثا عن استمرار الدعم بالمال والسلاح. حتى أن الرئيس زيلينسكي قال إن "الاتفاق هو النتيجة الأولى للاجتماع مع ترامب في الفاتيكان"، الذي دام نحو 15 دقيقة فقط، على هامش جنازة البابا فرانشيسكو في 26 أبريل/نيسان المنصرم. يرى الأوكرانيون أن بنود الاتفاقية التي نشرتها نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو، "عادلة"، ويعتقدون أنه على عكس ما كان متوقعا، لم تتنازل فيها كييف أمام ضغوط واشنطن. وباختصار، يشرح مدير معهد البحوث والاستشارات الاقتصادية في كييف إيهور بوراكوفسكي أهم ما جاء فيها قائلا إن "الاتفاقية تقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار، يسهم كل طرف فيه بنسبة 50%، وهو صندوق يبقي ملكية الأراضي والمنشآت والشركات لأوكرانيا، ولا يحتسب المساعدات المالية والعسكرية السابقة كديون عليها". وأضاف في حديث للجزيرة نت "تم توسيع مجال الاتفاقية لتشمل 57 معدنا، إضافة إلى النفط والغاز، التي حال العجز والفساد عن استثمارها طيلة 34 سنة، حتى أصبح اسمها (اتفاقية باطن الأرض)". وفي السياق ذاته أيضا، يقول الكاتب في الشأن الاقتصادي، سيرهي فورسا للجزيرة نت، إن "أهم ما في الاتفاق أنه لا ضرر فيه لنا أو تبعية استعمارية كما أراد ترامب، وأننا لا نعترف فيه بديْن وهمي حدده ترامب في رأسه، ولا نلتزم بسداده ما حيينا". الجانب العسكري لكن الجانب الاقتصادي للاتفاقية، على أهميته، قد لا يعني الأوكرانيين بقدر ما يعنيهم الحصول على ما يدعم جبهات القتال، ويحمي المدن من الضربات الروسية، ويلحق بالروس أوجاعا أكبر. والاتفاقية، رغم مطالب الأوكرانيين، لم تشر إلى أية ضمانات أمنية أميركية، لكنها تأخذ بعين الاعتبار أن تكون المساهمة الأميركية على شكل "أسلحة ودفاعات جوية". وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال، إن "اتفاقية باطن الأرض ستسمح بحماية سمائنا بشكل أفضل، وذلك بفضل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية". ليس هذا فحسب، فبعد ساعات من توقيع الاتفاقية، قالت صحيفة "كييف بوست" إن "إدارة ترامب وافقت على أول عملية تصدير أسلحة لأوكرانيا، بقيمة 50 مليون دولار". تحول أميركي هذه المستجدات كلها تتزامن مع تحول كبير في الموقف الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بجهود الوساطة بين أوكرانيا وروسيا لإيقاف الحرب وإحلال السلام. ومن دلالات هذا التحول، كما يراه الأوكرانيون، تسليم نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس ، بأن "أفق الحرب بلا نهاية واضحة، والمهمة صعبة قد تحتاج إلى 100 يوم أخرى". بينما لوّحت واشنطن بسحب جهودها، وغيّر ترامب نبرته تجاه الروس، فصار يتذمر من مماطلة بوتين، وتوعده فعلا في حال عدم التوصل إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار وبداية المفاوضات، قائلا "سنعطي زيلينسكي الكثير، وأكثر مما حصل عليه في أي وقت مضى"، في إشارة مباشرة إلى الدعم الأميركي. وإزاء هذه التطورات، يرى رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو "أن ترامب فهم أن بوتين خدعه، وأن الأخير لا يريد السلام، حتى وإن قال وأظهر غير ذلك". همّ مشترك من وجهة نظر بعض الخبراء، تُشرك الاتفاقية الموقعة الولايات المتحدة في تحمل "الهمّ" الأوكراني، وتمنعها من الضغط على أوكرانيا ودفعها نحو سلام لا يواتيها. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية ورئيس "مركز التنسيق المشترك" أوليغ ساكيان، إن "واشنطن باتت معنية وبشكل مباشر بإحلال السلام، دون أن تخسر كييف مزيدا من الأراضي". وأضاف موضحا "يخشى ترامب تحمل التبعات إذا تراجع دعم بلاده واستطاعت روسيا سحق أوكرانيا. وكذلك لن يستطيع ترامب إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق يعود بالضرر على الحكومة والشركات الأميركية التي ستساهم في "الصندوق الاستثماري المشترك". ومن وجهة نظره، "بعد واشنطن، ستزيد الدول الغربية الضغوط على بوتين في المرحلة المقبلة" ويعتقد أن هذه الدول، ستزيد وتشدد العقوبات على روسيا بعد الاحتفال الأوكراني بـ 9 أيار/مايو (ذكرى يوم النصر على النازية)". الوساطة باقية وعلى أساس ما سبق، يستبعد مسؤولون أوكرانيا انسحاب الولايات المتحدة فعليا من جهود الوساطة وإحلال السلام، حتى وإن تعثرت تلك الجهود ولمّحت واشنطن إلى غير ذلك. في حديث لموقع "آر بي كا"، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك، في تلميح غير مباشر للأميركيين "إذا كانت لديكم اتفاقية شراكة إستراتيجية، وكانت لديكم أصول أو أرباح هنا، فلن تُسلموا هذه المنطقة لمنافس مباشر، خاصة في مجالات صناعية تعنيكم، وتخص المعادن الأرضية النادرة. ستحمون أصولكم، وهذا سيعود عليكم بالنفع".

ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في العناوين
ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في العناوين

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في العناوين

دمشق – يجلس رضوان بشير سراقبي أمام مكتبة ودار الفردوس للنشر التي يمتلكها في حي الحلبوني في دمشق، ويستهل حديثه للجزيرة نت بتوضيح تاريخ الدار التي أُسست عام 1920، ويصف علاقة النظام الأسدي المخلوع بمهنة بيع الكتب ونشرها بأنها خصومة شديدة، استمرت لأكثر من 50 عاما بين حكم الأب والابن، شكل فيها النظام السابق جدارا يفصل السوريين عن العلم وأهل العلم. يتحدث الرجل السبعيني عن نشأته في المكتبة منذ عام 1965، وما ناله العلماء والناشرون من سطوة النظام، فيكفي أن يتوفر كتاب ممنوع لتنهال عليهم طلبات مراجعة الأفرع الأمنية، يستطرد أن بعض هذه العناوين كانت موجودة في المكتبة الوطنية (الأسد سابقا) غير أن تداولها كان ممنوعا. ولدى سؤاله عن أسباب المنع، يجيب سراقبي بأنها غامضة وغير واضحة، ويذكر على سبيل المثال كتب الروائي الفلسطيني أدهم الشرقاوي، التي منعت من دون إيضاحات، مما أضرّ أصحاب المكتبات بسحب نحو 30 عنوانا للكاتب، قبل عودتها إلى الرفوف بعد سقوط النظام. سوق الحلبوني.. وجهة لطلبة الجامعة يجاور الحي الدمشقي كليات الحقوق والشريعة والفنون الجميلة في جامعة دمشق، وتنتشر المكتبات على امتداده، بعضها تختص بالكتب الدينية، وأخرى بالقواميس، بينما معظم المكتبات تنوع تخصصاتها، وقد أسهم تراجع الوضع الاقتصادي باعتماد بعض المكتبات على العمل ببيع القرطاسية ولوازم الدراسة الجامعية. خلال جولة الجزيرة نت في الحي، صادفنا طلبة يبحثون عن روايات مترجمة وكتب دينية، يعلق أبو راتب (28 عاما) -الذي يعمل في دار الفارابي للنشر- أن هناك زيادة في حركة السوق، ويقدر انخفاض الأسعار بنحو 30% أسوة بمعظم الأسعار التي هبطت، أما زيادة العناوين في السوق، فلا يعتبرها كبيرة، إذ اقتصرت على عودة الكتب الممنوعة للتداول، وغالبها من أدب السجون. في إحدى المكتبات المختصة بالدراسات الإسلامية، يتحدث عامل المكتبة -الذي فضل عدم ذكر اسمه- عن أن هناك طلبا يزداد على الكتب الدينية، وقد كان ذِكر بعض أسماء العلماء محظورا في السابق، بيد أن المكتبة لم توفر بعض العناوين حتى الآن، إذ تسعى لنشر مؤلفات علماء بلاد الشام باختلاف توجهاتهم ومذاهبهم. ولا يقتصر بيع الكتب في الحلبوني على المكتبات، حيث تحضر بسطات الكتب المستعملة والجديدة على الأرصفة. التقت الجزيرة نت فادي الإمام الذي يدير عمله على رصيف في المنطقة، ويوضح الشاب الثلاثيني أن توفر الكتب يعني انخفاض سعرها، وهذه هي الحال بالنسبة للكتب الدينية والسياسية، وعن شريحة الزبائن الأساسية، يؤكد الإمام أنهم من طلبة الجامعة. وكانت العاصمة قد شهدت إزالة بعض بسطات الكتب في مناطق متباينة، بينما يوضح الشاب أن بسطته تمتلك ترخيصا من وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف، ولم تتعرض لأي إشكالية تتعلق بإشغال الرصيف. مبادرات شبابية وأنشطة ثقافيّة يتمدد النشاط الثقافي في دمشق بعيدا عن المكتبات والهيئات الثقافية الرسمية، وشهدت المقاهي انتعاشا كبيرا، وبات مقهى الروضة الذي يتوسط شارع العابد محطة أساسية عند الحديث عن النشاطات الثقافية والحقوقية في العاصمة السورية، وقد نظمت دار نينوى حفلا لتوقيع وإشهار رواية "السماق المر" للكاتبة حسيبة عبد الرحمن في مقهى الروضة الثلاثاء الماضي. شهد حفل التوقيع حضورا كبيرا، ملأ صالة المقهى، وغلب عليه أهل السياسة من المعارضين التاريخيين لنظام الأسد، فالكاتبة كانت من معتقلات الرأي في سوريا، وسبق لها النشر في نوع أدب السجون ضمن روايتها "الشرنقة"، التي تتحدث عن ظروف اعتقالها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وصرحت حسيبة عبد الرحمن للوكالة السورية للأنباء "سانا" بأن توقيع الرواية علنا أشبه بحلم لا تستطيع تصديقه، ويعكس هذا التصريح الفضاء الجديد للحياة الثقافية السورية، لا سيما في العاصمة. كذلك يشكل البيع عبر شبكات التواصل الاجتماعي جزءا كبيرا من تداول الكتب في سوريا، وتحظى مجموعات التبادل والشراء بمتابعة كبيرة. وعن تجربته في هذا المجال، يتحدث الكاتب والمحرر الفلسطيني السوري يوسف شرقاوي للجزيرة نت: "أعتقد أن طموح بعض التجارب التي نشأت في بيع الكتب كان يطال أن تتحول إلى بديل لمكتبات مثل نوبل وأطلس والزهراء والعائلة وإيتانا واليقظة"، وتعد هذه من المكتبات الأثيرة في سوريا وأغلقت أبوابها تباعا خلال السنوات الماضية. ويقسّم شرقاوي تاريخ بيع الكتب في سوريا إلى مؤسسي -أي المكتبة النظامية ذات المكان الثابت- وخروج عن المؤسسة، على حد تعبيره. ويصنف الخروج عن المؤسسة ببسطات الكتب التي أوجدت لنفسها مكانا في الشارع، ثم يقارب البيع الأونلاين كخروج عن الخروج، وهي آلية حديثة العهد، فرضها الواقع وانعدام الأمكنة، حسب تفسيره. عن تجربته الشخصية، يقول المحرر لدى دار ممدوح عدوان للنشر: "بدأت بائعا ثم أسست مع الصديق فادي حداد مشروع بيع الكتب (كتاب اطلبني) عن طريق موقع فيسبوك. ويضيف أن الطموح كان تحول المشروع إلى مكتبة، لكن العقبات كانت أكبر، بقي المشروع أونلاين مع جهد هائل، غير أن حسناته تتمثل في عرض أكبر قدر من الكتب في مكان واحد، عائم وغير ملموس، لكنه يمكّن شريحة واسعة من الوصول إليه، ويختتم بقوله اكتشفنا أنه كما حرر الفقر المسرح حسب تعبير خوسيه كوينتيرو، فيمكنه أن يحرر المكتبة بوصفها نظاما أيضا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store