
ما هو الخطأ الفادح الذي يدفع المشاريع الناشئة إلى الانهيار؟
ولكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أن أي منتج جديد، مهما بدا مميزاً، لا قيمة له إذا لم يكن هناك طلب حقيقي عليه. فغموض الحاجة الفعلية لأي منتج يحوله إلى عبء مالي، يستنزف الموارد ويبدد جهود مبتكريه، ليؤدي إلى فشله قبل أن يجد طريقه إلى السوق.
وبحسب تقرير أعدته "CNBC" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يقول ستيف بلانك، الأستاذ المساعد في جامعة ستانفورد، الذي ألّف أربعة كتب حول ريادة الأعمال ، إن الكثير من رواد الأعمال يعتقدون أن الفكرة المبتكرة كفيلة وحدها بخلق مشروع ناجح، ولكن هذا الاعتقاد هو بمثابة "خطأ قاتل". فلا يجوز تطوير منتج جديد قبل التأكد من أن العملاء المحتملين بحاجة إليه. مشيراً إلى أنه رأى هذا التصرف القاتل يحدث "مليون مرة" وقد حدث معه هو شخصياً، مما تسبب في أكبر إخفاقاته المهنية.
قصة فشل ذريع
ويكشف بلانك أنه شارك في تأسيس شركة ألعاب فيديو تُدعى "روكيت ساينس جيمز" عام 1993، وجمع 35 مليون دولار كتمويل لها. كان لدى الشركة مهندسون موهوبون، وأثارت مجموعتها الأولى من الألعاب ضجة، لكن بلانك اكتشف متأخراً أن العملاء اعتبروا الألعاب التي تقدمها شركته "سيئة"، ولذلك لم تتحقق المبيعات المرجوّة.
وأغلقت شركة "روكيت ساينس جيمز" أبوابها عام 1997، لتصبح مثالاً لفشل ذريع في صناعة التكنولوجيا.
ويقول بلانك إنه ربما لم يكن ليطلق مشروع "روكيت ساينس جيمز" أبداً، لو اتبع نصيحته الحالية وسعى للحصول على آراء العملاء قبل فوات الأوان، مشدداً على أن أي رائد أعمال يفكر بمشروع جديد عليه أن يطرح على نفسه ثلاثة أسئلة هي: "من هم عملائي؟ ماذا يريدون؟ هل يمكنني بيع المنتج لشخص ما؟"
مفتاح نجاح رواد الأعمال
كما يكشف ستيف بلانك، أنه بصفته أستاذاً جامعياً، دائماً ما يحث طلابه على الخروج من المكتب أو الفصل الدراسي والاستماع إلى العملاء المحتملين الفعليين، وهي خطوة تُعتبر بمثابة مفتاح نجاح لرواد الأعمال، داعياً إلى الابتعاد عن الغطرسة في اتخاذ القرارات، وعدم تصديق رواد الأعمال لأوهامهم. فابتكار فكرة مشروع تجاري أولاً، ثم تحديد كيفية بيع هذا المنتج أو الخدمة قبل التأكد من أنه شيء يرغب فيه العملاء هو وصفة للفشل ستدمّر المشروع قبل أن يبدأ.
"عيون العميل".. مفتاح النجاح
بدوره يرى المستثمر روبرت هيرجافيك، أنه من الطبيعي أن يتعلق رواد الأعمال بمنتجاتهم أو الخدمات التي يقدمونها، ولكن النجاح يعتمد على رؤية قيمة المنتج من خلال "عيون العميل". فعدم الاستماع إلى العملاء يمكن أن يحدث الفرق بين ازدهار الأعمال وتلاشيها. بينما يعتبر ألبرتو بيرلمان، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "Zumba Fitness"، أن "أكبر خطأ" يرتكبه رواد الأعمال هو اعتقادهم بأنهم يعرفون من هو عميلهم.
وفقاً لدراسة أجرتها شركة "CB Insights" التي توفر معلومات عن السوق والشركات الخاصة والمستثمرين، فإن 42 بالمئة من الشركات الناشئة تفشل بسبب عدم وجود حاجة حقيقية في السوق للمنتجات أو الخدمات التي تقدمها. وهذا يعني أن هذه الشركات لم تتمكن من تحديد احتياجات العملاء المحتملين بشكل دقيق، مما أدى إلى عدم قبول السوق لما تقدمه.
أين يخطئ رواد الأعمال؟
ويقول الخبير في تأسيس العلامات التجارية سليم الحاج، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن معظم رواد الأعمال يقعون في حب أفكارهم لدرجة تجعلهم يظنون أنها وحدها قادرة على تغيير السوق ، حيث يتجاهل هؤلاء أخذ رأي العملاء المحتملين، وهم العنصر الأهم في المشروع. مشيراً إلى أن الحماس مطلوب، لكنه لا يجب أن يُبعد رواد الأعمال عن الواقع. فالشركات الناشئة الناجحة ليست تلك التي تبتكر أفكاراً غير مسبوقة فقط، بل تلك التي تعرف كيف تجعل هذه الأفكار مفيدة ومطلوبة. فلو كانت الفكرة وحدها تكفي، لما فشلت آلاف الشركات الناشئة التي انطلقت بتقنيات ثورية لكنها لم تجد من يستخدمها.
وشدد الحاج على أن الحماس المفرط للأفكار الجديدة ضروري، لكنه يصبح خطيراً عندما يُعمي رواد الأعمال عن الحقائق الصعبة. والمثال على ذلك ما حدث مع شركة "Quibi"، وهي منصة بث رقمية مدفوعة تشبه منصة " نتفليكس"، لكنها تتميز بإنتاج أفلام حصرية لا تتجاوز مدتها 10 دقائق، موجهة لمستخدمي الهواتف الذكية من جيل الألفية. وقد جمعت المنصة 1.75 مليار دولار وأطلقت أعمالها في أبريل 2020، ولكنها بعد 6 أشهر فقط أغلقت أبوابها، لأن الجمهور لم يكن بحاجة لهذا النوع من المحتوى المدفوع، وهو الرأي الذي لم تستمع إليه الشركة منذ البداية.
ويكشف الحاج أن هناك عدة طرق فعالة يمكن لرواد الأعمال استخدامها لفهم عملائهم المحتملين بشكل أفضل، أهمها "الوقوف على رأي العملاء"، حيث يتحدث مؤسسو الأعمال مباشرة مع العملاء المحتملين لفهم احتياجاتهم. كما يمكنهم اللجوء إلى تطبيق خيار ما يُعرف بـ "MVP" أو المنتج الأولي القابل للتجربة، تماماً كما فعلت "Dropbox" عندما أطلقت فيديو يوضح كيفية عمل الخدمة قبل تطوير المنتج نفسه، مما ساعدها على التحقق من وجود طلب حقيقي.
كما يمكن لرواد الأعمال اللجوء إلى أدوات وشركات تحليل البيانات التي تراقب اتجاهات السوق، مما يعطيهم صورة واضحة عن مدى احتمال نجاح مشروعهم الجديد قبل ضخ أموال ضخمة فيه.
التجربة الفردية ليست قاعدة
بدوره يقول المحلل الاقتصادي والمالي محمد الحسن، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه عندما يبتكر شخص ما فكرة، يكون مقتنعاً تماماً بعبقريتها، وغالباً ما يرى العالم من خلال عدسة تفكيره فقط.
فكثير من رواد الأعمال يعتقدون أنهم يعرفون احتياجات السوق لأنهم مروا شخصياً بتجربة معينة دفعتهم لابتكار منتج أو خدمة. ولكن هذا خطأ كبير، فالتجربة الفردية لا تمثل قاعدة عامة. لافتاً إلى أن الشركات الكبرى نفسها وقعت في هذا الفخ. فمثلاً شركة "كوداك" رفضت التحول إلى الكاميرات الرقمية رغم امتلاكها التقنية للقيام بذلك، لأنها افترضت أن العملاء سيظلون أوفياء للأفلام التقليدية. ولكن النتيجة كانت خسارة الشركة للسوق بالكامل. وهذا يؤكد أن الحل يكمن في الاستماع إلى بيانات السوق الحقيقية، وليست الافتراضات الشخصية.
الغطرسة عدو خفي
واعتبر الحسن أن أي شخص يُفكر في إطلاق مشروع جديد يجب أن يبدأ من العميل وليس من الفكرة، كما عليه أن يسأل نفسه إن كان هناك من سيشتري المنتج الجديد. مشدداً على أن أعظم رواد الأعمال هم أولئك الذين يمتلكون القدرة على الاستماع والتحليل والتكيف، مثل إيلون ماسك وجيف بيزوس وغيرهم، الذين لم يفرضوا أفكارهم على السوق، بل درسوها واستجابوا لاحتياجاتها. بينما تعتبر الغطرسة الريادية العدو الخفي لأي مشروع جديد. لذلك، قبل استثمار الوقت والمال في تطوير منتج أو خدمة، يجب على رواد الأعمال فهم السوق الفعلية المتمثلة في العملاء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ ساعة واحدة
- الاتحاد
الرئيس التنفيذي لشركة فيرتيغلوب لـ «الاتحاد»: زيادة إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون بأبوظبي إلى 7.6 مليون طن سنوياً
رشا طبيلة (أبوظبي) كشف أحمد الحوشي، الرئيس التنفيذي لشركة «فيرتيغلوب»، عن التوسع في إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، من خلال مشروع الشركة في مصنع الرويس بأبوظبي، عن طريق إنتاج مليون طن من الأمونيا منخفضة الكربون في السنة، حيث يتم حالياً إنتاج 6.6 مليون طن من الأمونيا واليوريا، وسيتم رفعها إلى 7.6 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 عند إنجاز المشروع والبدء بالإنتاج. وقال الحوشي في حوار مع «الاتحاد»، إن الشركة تستهدف، ضمن استراتيجيتها الجديدة، زيادة الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك والإطفاء من 630 مليون دولار العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار بحلول عام 2030. وحول توسعات الشركة وأعمالها بين الحوشي: نصدّر إلى أكثر من 50 دولة عالمياً، حيث لدينا مصانع في مصر والجزائر وأبوظبي، فإلى جانب توسعاتنا في مشروع الرويس، نقوم بدراسة مشروع لإنتاج الأمونيا المتجددة في مصر، ومن المتوقع البدء بإنتاج الأمونيا فيه عام 2028. وقال: يوجد مشروع آخر في ولاية تكساس في أميركا، وهو مشروع مشترك بين أدنوك وشركة أميركية، ومن المتوقع البدء بالإنتاج في المشروع عام 2029 وحول الاستراتيجية التي أطلقتها الشركة مؤخراً، قال: إن الاستراتيجية الجديدة لشركة فيرتيغلوب تهدف إلى زيادة الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء من 630 مليون دولار العام الماضي إلى مليار دولار في 2030. وأكد أن الاستراتيجية الجديدة مبنية على نقاط قوة الشركة بأنها أكبر مصدر أمونيا ويوريا على مستوى العالم. وقال: ترتكز الاستراتيجية على 4 ركائز، أولها التميز التشغيلي حيث لدينا أحدث المصانع، ولدينا المقدرة على تحقيق طموحاتنا في الكفاءة التشغيلية والتكاليف، أما الركيزة الثانية فتتمثل في القرب من العملاء والمستخدمين. وأضاف: أما الركيزة الثالثة فتتمثل في التوسع في إنتاجنا من المواد النيتروجينية، حيث لدينا قوة في إنتاج الأمونيا واليوريا، وندرس باستمرار إنتاج مواد جديدة مثل آخر منتج تم الإعلان عنه وهو «الديزل إكزوست فلوويد»، وهو عبارة عن يوريا مع الماء، حيث نعد الشركة الوحيدة في الإمارات التي تنتج اليوريا، وندخل في مجال جديد وهو الديزل إكزوست» لاستخدامه في قطاع السيارات. وأشار الحوشي: إلى أن رابع ركيزة، فتتمثل في إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، تماشياً مع الطلب. وقال: نسعى لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا، عبر هذه الاستراتيجية الجديدة، بدعم من شركة «أدنوك»، التي هي المساهم الأكبر في الشركة بنسبة 86%. وأشار الحوشي إلى النتائج التي تم تحقيقها في الربع الأول من العام، وهي أفضل أرباح تم تحقيقها منذ أكثر من عام مدفوعة بالقرار الاستراتيجي لتأجيل الشحنات من الربع الأخير من عام 2024. وأعلنت شركة «فيرتيغلوب»، المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، مؤخراً، بلوغ صافي الربح المعدل العائد للمساهمين في الربع الأول من العام 2025، نحو 268 مليون درهم (71 مليون دولار)، بارتفاع 74% على أساس ربع سنوي. نمو قوي وفقاً لنتائج الشركة للربع الأول من العام 2025، ارتفعت الإيرادات إلى 2.55 مليار درهم، بنمو 26% على أساس سنوي و49% على أساس ربع سنوي، مقارنةً بالربع الأخير من عام 2024، فيما وصلت الأرباح المعدلة قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك إلى نحو 940 مليون درهم، بزيادة 45% على أساس سنوي و65% على أساس ربع سنوي. وحققت فيرتيغلوب نمواً قوياً مدفوعاً بارتفاع ملحوظ في أحجام المبيعات، بدعم من تحسينات الكفاءة التشغيلية، وقرار تأجيل بعض الشحنات الاستراتيجية التي كانت مجدولة للربع الأخير من عام 2024 وارتفاع أسعار اليوريا. وحول الدعم من شركة «أدنوك»، أشار الحوشي: تعد أدنوك أكبر مساهم لنا بـ 86% من أسهم الشركة، فهي تقدم لنا الدعم بطرق كثيرة، أبرزها أنها تقلل من التكاليف الثابتة على الشركة بواقع 15 إلى 21 مليون دولار في السنة، ما يمثل 7 إلى 10% من صافي أرباح الشركة. وأضاف: «أدنوك ساهمت في تقليل الفوائد بواقع 10 ملايين دولار، أي ما يمثل 6% من صافي أرباح الشركة». وأكد الحوشي: بالتالي يتم تحقيق بين 13 إلى 16 % نمواً في صافي أرباح الشركة بسبب هذه التخفيضات في التكاليف والفوائد، ما يدعم تحقيق طموحاتنا ضمن استراتيجيتنا الجديدة.


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
«التعاون الخليجي» يحتفي بـ 44 عاماً من العمل المشترك
أبوظبي (الاتحاد) من عاصمة الرؤى، أبوظبي، حيث عُقد مهد القمم وانبثق فجر الوحدة الخليجية قبل أربعة وأربعين عاماً، تتجدد اليوم ذكرى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هذه المناسبة ليست مجرد تاريخ يُحتفى به، بل هي شاهد على مسيرة استثنائية من التلاحم والتكامل، انطلقت شرارتها الأولى في الخامس والعشرين من مايو 1981، حين أعلنت أبوظبي رسمياً عن ميلاد هذا الصرح الإقليمي، واضعة اللبنة الأولى في بنيان يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط، وصولاً إلى الوحدة المنشودة. لم يكن تأسيس المجلس مجرد استجابة لظروف راهنة، بل كان تجسيداً لإدراك عميق من قادة دول الخليج «رحمهم الله وأمد في أعمار الحاضرين منهم»، بما يجمع شعوبهم من روابط الدين والتاريخ والمصير المشترك، ورغبة صادقة في تحويل حلم الأجيال إلى واقع ملموس، وتشييد حصن منيع يعزز الهوية الخليجية، ويواكب تطلعات المستقبل. وعلى مدار أربعة وأربعين عاماً، وبفضل حكمة وتوجيهات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، تحول الحلم إلى مؤسسة شامخة، ضاربة جذورها في عمق التاريخ والجغرافيا، تستلهم من إرث الأخوة وقوة الروابط، لتصبح نموذجاً يُحتذى به للتكامل الإقليمي؛ مسيرة حافلة بالإنجازات، من السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، مروراً بالربط الكهربائي وتنسيق الاستراتيجيات الدفاعية والبترولية، وصولاً إلى تعزيز حرية تنقل المواطنين وتنمية التجارة البينية التي تجاوزت 131 مليار دولار في عام 2023، فيما ناهز حجم التجارة الخارجية 1.5 تريليون دولار، مما يعكس الدور المحوري لدول المجلس كقوة اقتصادية عالمية مؤثرة تمتلك نحو 4.4 تريليون دولار كأصول في صناديقها السيادية. واليوم، إذ يحتفي المجلس بعامه الرابع والأربعين، فإنه يقف كأنجح تجربة تكاملية في المنطقة، وركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوت للحكمة والاتزان. وتأتي هذه الذكرى والمواطن الخليجي ينعم بثمار هذه المسيرة أمنا ورخاء، ويشعر بالفخر بانتمائه، بينما تتواصل الجهود نحو آفاق أرحب، مسترشدة بمقترح الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، تأكيداً على حيوية المجلس وقدرته على التطور ومواكبة الطموحات. إن مسيرة مجلس التعاون، التي انطلقت من أبوظبي، هي قصة نجاح تُروى، وإلهام للأجيال القادمة، ودليل ساطع على أن الإرادة المشتركة والرؤية الثاقبة قادرتان على صنع مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً لشعوب المنطقة والعالم. ورفع معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمة، خلال حفل أقامته الأمانة العامة لمجلس التعاون، بمقرها في مدينة الرياض، بهذه المناسبة، التهنئة إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «حفظهم الله». وأكد البديوي أنه رغم كل التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ظلت مسيرة مجلس التعاون مثالاً يُحتذى به في وحدة الصف، والتكامل الفاعل، والتعاون البنّاء، حتى غدت نموذجاً رائداً على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى جميع الأصعدة ومختلف المجالات. وأضاف: لقد شهدت المسيرة المباركة لمجلس التعاون، بفضل الله، محطات مضيئة وإنجازات نوعية أسهمت في ترسيخ التكامل الخليجي في شتى المجالات، حتى غدت دول المجلس نموذجاً يُحتذى به في العمل الجماعي، وشريكاً يُعتمد عليه إقليمياً ودولياً.


الاتحاد
منذ 5 ساعات
- الاتحاد
الذكاء الاصطناعي.. قفزة نحو المستقبل
الذكاء الاصطناعي.. قفزة نحو المستقبل أسفرت الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى دولة الإمارات، عن توقيع حزمة واسعة من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.6 تريليون دولار. وشملت هذه الاتفاقيات قطاعات حيوية، من أبرزها الذكاء الاصطناعي، الطاقة، التصنيع، الطيران، والتعليم التكنولوجي.. إلخ، في خطوة استراتيجية غير مسبوقة في أثرها الاستراتيجي طويل المدى. وتَصدَّر وسائلَ الإعلام خبرُ اعتزام دولة الإمارات ضخ استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي على مدى السنوات العشر المقبلة، بواقع 140 مليار دولار سنوياً، في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والطاقة، وأشباه الموصلات.. في خطوة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من حيث الحجم والتنوع والأثر المستقبلي. وعلى الجانب الإماراتي، تشكل هذه الاتفاقياتُ خطوةً جريئة للاستثمار في المستقبل، فهي في الواقع تعزز مكانةَ الإمارات مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة، حيث سيمكِّنها التعاونُ مع الولايات المتحدة من الوصول المباشر إلى أحدث التقنيات العالمية، مما يعزز ريادة الإمارات في المنطقة في مجال الذكاء الاصطناعي ويعزز أمنَها الاقتصادي والتكنولوجي على المدى البعيد. وتعَد هذه الاتفاقيات تحولاً جوهرياً في مسار العلاقات الاقتصادية بين أبوظبي وواشنطن، حيث إنها اتفاقيات نوعية تؤسس لريادة دولة الإمارات في المنطقة في مجال حيوي يعكس رؤيةَ القيادة الحكيمة في دولة الإمارات للاستثمار في المستقبل الرقمي. كما أنها اتفاقيات استراتيجية لخدمة التحول نحو اقتصاد المعرفة ونقل التقنية وتنمية الكفاءات الوطنية الإماراتية. ولعله من أبرز إنجازات تعميق الشراكة الاستراتيجية والتكنولوجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، الإعلان عن إطلاق مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي الشامل بسعة قدرها 5 غيغاواط، والذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، إذ سيخلق في أبوظبي منصة إقليمية تمكّن الشركات الأميركية العملاقة من تقديم خدمات سريعة لما يقرب من نصف سكان العالم، بما من شأنه أن يرسِّخ مكانةَ الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار والتقنيات المتقدمة. ويستند هذا التعاون إلى إطار عمل جديد أطلق عليه «شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة»، لتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.لقد تبنّت دولة الإمارات نموذجاً وطنياً فريداً يتطلع للاستثمار في مستقبل أكثر ذكاءً ومرونةً، عن طريق تبنِّي الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية لصناعة المستقبل. وتعد استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي أول خطة وطنية شاملة في الشرق الأوسط توظف التقنيات الذكية لتحقيق قفزة نوعية في الاقتصاد والمجتمع بحلول عام (2031). وتركز هذه الاستراتيجية على تبنّي الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية والخاصة، مع تطوير الكفاءات المحلية وجذب الاستثمارات العالمية، وكل ذلك في سبيل تحيق خطة طموحة لتقليل الاعتماد على الموارد النفطية، وتعزيز التنويع الاقتصادي من خلال توجيه الاستثمارات إلى صناعات معرفية قائمة على الابتكار، وهو ما سيضمن للدولة تَصدُّر السباق التكنولوجي العالمي. لقد عملت الدولة منذ إطلاق هذه الاستراتيجية على تأسيس برامج أكاديمية نوعية في الجامعات الحكومية والخاصة لبناء كوادر وطنية مؤهلة، كما أنشأت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مراكز أبحاث متخصصة، وتمويل مشاريع رائدة في مجالات مثل الروبوتات والبيانات الضخمة. واليوم تأتي الاتفاقيات مع الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي لتؤكد سعي دولة الإمارات إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، ومحركاً للابتكار في المنطقة، خدمةً للإنسانية وتحقيقاً للتنمية المستدامة والازدهار. إنها قفزة نوعية في رؤية دولة الإمارات الاستباقية نحو احتضان المستقبل. *كاتبة إماراتية