
أخبار العالم : تسريبات نووية هزّت العالم: من تشيرنوبل إلى فوكوشيما
الأربعاء 18 يونيو 2025 08:00 صباحاً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
Article information Author, هشام الجرايشة
Role, بي بي سي نيوز
قبل 33 دقيقة
منذ دخول الطاقة النووية في الاستخدام المدني، لم تكن بمنأى عن الحوادث والأعطال غير المتوقعة، فعلى مدى العقود الماضية، شهد العالم كوارث نووية شكّلت نقاط تحوّل في النقاش حول أمان هذه التقنية وحدود السيطرة البشرية عليها.
بعض الحوادث لقي تغطية واسعة، فيما بقيت أخرى طيّ الكتمان لسنوات، ورغم التقدّم في أنظمة السلامة، كشفت التسريبات غير المعلنة عن فجوات في الشفافية، وعززت المخاوف من أن بعض المخاطر قد تكون غير مرئية أو تُكتشف بعد فوات الأوان.
واليوم، يتجدد القلق مع إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن "تأثيرات مباشرة" طالت قاعات تخصيب تحت الأرض في منشأة نطنز الإيرانية، عقب ضربات إسرائيلية، وفق تحليل صور أقمار صناعية.
ورغم غياب التفاصيل الدقيقة، يُعدّ هذا التطور إنذاراً جديداً بخطورة استهداف منشآت نووية في النزاعات المسلحة.
في هذا السياق، تبدو العودة إلى أبرز الحوادث التي شهدها التاريخ النووي ضرورية لفهم ما تغيّر وما الذي لا يزال يُهدد التوازن بين التقنية والسلامة.
تشيرنوبل (أوكرانيا) – 1986
في 26 أبريل/نيسان 1986، وقع انفجار في المفاعل رقم 4 بمحطة تشيرنوبل النووية شمال أوكرانيا، التي كانت آنذاك جزءاً من الاتحاد السوفيتي، ما أدى إلى تسرّب كميات كبيرة من المواد المشعة إلى الغلاف الجوي.
وبحسب الرابطة العالمية للطاقة النووية، توفي عاملان فوراً، وتوفي 29 آخرون خلال الأسابيع التالية نتيجة الإصابة بمتلازمة الإشعاع الحادة، من بين 134 شخصاً نُقلوا لتلقي العلاج بعد تعرضهم لإشعاع مرتفع.
أعلنت السلطات السوفيتية إجلاء أكثر من 115 ألف شخص، بينهم سكان مدينة بريبيات، ثم توسعت عملية الإجلاء لاحقاً لتشمل نحو 350 ألفاً. وفُرضت "منطقة محظورة" بقطر 30 كيلومتراً حول موقع المفاعل.
ووفقاً لمركز الدراسات النووية الفرنسي وهيئة الطاقة النووية السويدية، امتد التلوث الإشعاعي إلى أجزاء واسعة من أوروبا، منها السويد وألمانيا، وساهم في كشف الحادث دولياً بعد تأخر الإعلان الرسمي.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
وُضعت الزهور عند نصب تذكاري لرجال الإطفاء الذين لقوا حتفهم في كارثة تشيرنوبيل النووية
صُنّفت الكارثة على الدرجة السابعة، وهي الأعلى على مقياس الحوادث النووية الدولية، نظراً لحجم الإشعاع وتأثيراته الممتدة.
وعلى إثرها، بُنِي هيكل خرساني لاحتواء المفاعل، قبل أن يُستبدل لاحقاً بقبة فولاذية بدعم دولي افتُتِحت عام 2016.
وقد أسهمت الكارثة في مراجعة معايير السلامة النووية عالمياً، واعتُبرت من العوامل التي سرّعت انهيار الاتحاد السوفيتي.
فوكوشيما دايتشي (اليابان) – 2011
في 11 مارس/آذار 2011، تسبّب زلزال بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر، تبعته موجات تسونامي، في كارثة نووية بمحطة فوكوشيما دايتشي شمال شرق اليابان، صُنّفت على الدرجة السابعة – الأعلى – وفق مقياس الحوادث النووية الدولية، لتُعد ثاني أسوأ حادثة نووية بعد تشيرنوبل.
أدى الزلزال والتسونامي إلى تعطيل أنظمة التبريد في ثلاثة مفاعلات وانصهار أنويتها جزئياً، ما نتج عنه تسرّب كميات كبيرة من المواد المشعة إلى الجو والمياه.
لم تُسجَّل وفيات مباشرة نتيجة الإشعاع، لكن أكثر من 160 ألف شخص أُجبروا على مغادرة المناطق المحيطة، وفقاً للسلطات اليابانية.
وفيما بعد، قدّرت وزارة الصحة وقوع مئات الوفيات غير المباشرة بسبب الصدمات والتهجير، خاصة بين كبار السن.
تسرّب اليود والسيزيوم المشع إلى المحيط والمياه الجوفية أثار قلقاً بيئياً واسعاً بشأن الحياة البحرية وسلامة السلسلة الغذائية.
ولا تزال عملية تفكيك المحطة مستمرة، ومن المتوقع أن تستمر حتى منتصف القرن الحالي، وفي عام 2023، شرعت الحكومة اليابانية بتصريف المياه المعالجة إلى البحر، في خطوة أثارت انتقادات داخلية وخارجية من الصين وكوريا الجنوبية.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
يابانيون يحملون لافتات كُتب عليها "لا ترموا المياه الملوثة بالإشعاعات في البحر!"
جزيرة الأميال الثلاثة (الولايات المتحدة) – 1979
في 28 مارس/آذار 1979، تعرّضت الولايات المتحدة لأخطر حادث نووي في تاريخها، حين شهد مفاعل في محطة "جزيرة الأميال الثلاثة" قرب هاريسبرغ بولاية بنسلفانيا انصهاراً جزئياً في قلبه، نتيجة خلل تقني أعقبته سلسلة من الأخطاء البشرية.
ووفق هيئة التنظيم النووي الأمريكية (NRC) والرابطة العالمية للطاقة النووية، أدى الحادث إلى تسرب كميات محدودة من الغازات المشعة إلى الغلاف الجوي، ما أثار ذعراً واسعاً بين السكان ودفع الآلاف إلى مغادرة المنطقة المحيطة طوعاً، رغم عدم صدور أوامر رسمية بالإخلاء.
بدأت الأزمة بتوقف إحدى مضخات التبريد، تلاه فشل في قراءة طبيعة الخلل والتعامل معه، ما أدى إلى ارتفاع حرارة الوقود النووي وحدوث انصهار جزئي استمر لساعات قبل السيطرة عليه.
ورغم عدم وقوع انفجار أو أضرار مادية جسيمة، كشف الحادث عن ثغرات كبيرة في أنظمة المراقبة والسلامة، وأدى إلى تراجع الثقة العامة في الطاقة النووية.
ورغم أن السلطات لم تسجل وفيات أو إصابات مباشرة نتيجة التعرض للإشعاع، إلا أن سكان المناطق المجاورة أعربوا عن قلق مستمر، لاسيما مع ظهور مشكلات صحية لاحقة.
وخلصت التحقيقات الفيدرالية إلى أن الحادث كان يمكن تفاديه، وأوصت بتحديث الأنظمة وتعزيز التدريب والوقاية داخل المحطات.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
محطة الطاقة النووية المغلقة "ثري مايل آيلاند" في قلب نهر سسكويهانا
وأدى الحادث إلى تباطؤ ملحوظ في صناعة الطاقة النووية في الولايات المتحدة، حيث توقفت مشاريع بناء المفاعلات الجديدة لسنوات، بينما خضعت المنشآت القائمة لمراجعات مشددة في أنظمة التشغيل والسلامة.
وقد أُغلق المفاعل المتضرر نهائياً بعد الحادث، فيما استمر المفاعل الآخر في نفس الموقع بالعمل حتى عام 2019.
كيشتم (روسيا) – 1957
في 29 سبتمبر/أيلول 1957، وقع انفجار نووي ضخم في منشأة "ماياك" قرب بلدة كيشتم في جبال الأورال وسط الاتحاد السوفيتي، فيما يُعدّ ثالث أسوأ كارثة نووية في التاريخ بعد تشيرنوبل وفوكوشيما، رغم أن الحادث ظلّ طيّ الكتمان لأكثر من ثلاثة عقود.
ولم تُصدر السلطات السوفيتية أي إعلان رسمي وقتها، ما جعل الانفجار يُصنَّف ضمن أخطر التسريبات النووية السرية في القرن العشرين.
وبحسب موسوعة بريتانيكا وموقع "وورد أطلس"، نتج الانفجار عن تعطل نظام تبريد في أحد خزانات النفايات النووية السائلة، ما أدى إلى تراكُم الحرارة وانفجار بقوة تعادل 70 إلى 100 طن من مادة TNT، مُطلقاً غيمة مشعة امتدت لأكثر من 300 كيلومتر نحو شمال شرق الموقع، فيما عُرفت لاحقاً المنطقة باسم "المناطق الملوثة في أورال الشرق".
ونتيجة للتعتيم، لم تُوثّق الخسائر البشرية بدقة في حينه، لكن تقديرات علمية لاحقة تشير إلى وفاة نحو 200 شخص، وتعرّض أكثر من 10 آلاف آخرين لمستويات عالية من الإشعاع، كما تم إجلاء سكان 20 قرية من دون إبلاغهم بالأسباب.
واستمر الإنكار الرسمي حتى كشف العالم السوفيتي زورس ميدفيديف تفاصيل الحادث في كتاب نشره عام 1976 من منفاه، بينما لم تعترف موسكو رسمياً بالكارثة إلا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات، حين أُتيح للباحثين الوصول إلى بعض الوثائق.
ولا تزال آثار الحادث البيئية قائمة، إذ بقيت التربة والمياه ملوثة لعقود، بينما تُعدّ أجزاء من "طريق الغيمة المشعة" غير صالحة للسكن حتى اليوم.
ويندسكيل (المملكة المتحدة) – 1957
في أكتوبر/تشرين الأول 1957، اندلع حريق داخل أحد مفاعلي منشأة "ويندسكيل" النووية في شمال غرب إنجلترا، فيما اعتُبر أول حادث نووي خطير في تاريخ المملكة المتحدة، وواحداً من أكثر الحوادث التي أحيطت بالسرية لعقود.
وبحسب موسوعة بريتانيكا، استمر الحريق نحو 16 ساعة، وأدى إلى تسرب مواد مشعة أبرزها اليود-131 في الغلاف الجوي، ما تسبب في تلوث بيئي طال مناطق واسعة في شمال إنجلترا واسكتلندا.
المنشأة كانت مخصصة لإنتاج البلوتونيوم لأغراض عسكرية ضمن سباق التسلح النووي إبان الحرب الباردة، ووقع الحريق بعد محاولة رفع حرارة قلب المفاعل لتسريع الإنتاج دون تقييم كافٍ للمخاطر.
تأخر الفنيون في إدراك حجم المشكلة، واستخدموا وسائل بدائية في محاولة إخماد الحريق، قبل أن يُقرر في النهاية إغلاق أنظمة التهوية لخنقه، ما خفّف من حجم التسرّب دون أن يمنعه كلياً.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
منظر جوي لمحطتي كالدر هول وويندسكيل للطاقة
ولم تسجّل وفيات مباشرة، إلا أن الحكومة البريطانية قدّرت لاحقاً أن المئات ربما أُصيبوا بسرطان الغدة الدرقية نتيجة التعرض لليود المشع.
كما جرى سحب كميات كبيرة من الحليب من الأسواق كإجراء وقائي، في واحدة من أولى حالات التدخل الغذائي المرتبطة بتسرب نووي في أوروبا.
ورغبةً في الحفاظ على السمعة النووية للمملكة المتحدة في خضم المنافسة الدولية، ظلت تفاصيل الحادث طي الكتمان حتى الثمانينيات، حين كشفت تقارير رسمية أن الحريق كان أخطر بكثير مما أُعلن، وأن سوء تقدير فني كاد يؤدي إلى انفجار واسع النطاق.
التسريبات "غير المعلنة" والمخاوف الجديدة
في فترات الحرب الباردة، على وجه الخصوص، حرصت دول عدة، لا سيما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، على التعتيم الكامل على حوادث إشعاعية متكررة داخل منشآتها العسكرية، خاصة تلك المرتبطة بتصنيع الأسلحة النووية أو التخلص من نفاياتها.
وقد كشفت وثائق استخبارية وشهادات موظفين سابقين لاحقاً عن وقوع تسربات إشعاعية في منشآت مغلقة في سيبيريا، وكازاخستان، وأوك ريدج في الولايات المتحدة، لم يُعلَن عنها في حينه، وغالباً ما جرى التعامل معها داخل نطاقات عسكرية مغلقة، دون وجود رقابة مستقلة أو اعتراف رسمي.
ومن بين المصادر التي أفصحت عن ذلك، كانت وثائق أرشيف لجنة الطاقة الذرية الأمريكية، التي كشفت كيف أن مختبرات مثل أوك ريدج في الولايات المتحدة، خاصة في Y‑12 وORNL، شهدت حوادث تسرب داخلي وإشعاعي كان التعامل معها ضمن نطاقات محلية دون إعلان عام.
صدر الصورة، Getty Images
وازدادت في السنوات الأخيرة الدعوات لتعزيز الشفافية الدولية، لا سيما في ظل تقارير تشير إلى إشارات تسرّب مشع رُصدت بالأقمار الصناعية في مناطق نووية حساسة في دول مثل كوريا الشمالية وإيران، دون وجود تأكيدات قاطعة من قبل الحكومات المعنية.
وفي بعض الحالات، أفادت منظمات رقابية أوروبية برصد غيوم مشعة في الأجواء دون معرفة مصدرها الدقيق، كما حدث في عام 2017 عندما رُصدت جزيئات من الروثينيوم-106 فوق أوروبا الشرقية، في حادث لم تعترف أي دولة بمسؤوليته.
هذا النوع من التسريبات غير المرتبط بكوارث مفاجئة بل بتدهور تدريجي أو خلل في أنظمة التخزين، يثير قلقاً متزايداً لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تؤكد أن التهديد الأكبر قد لا يكون في الانفجارات، بل في الصمت الطويل المرافق للتسرّب البطيء والخفي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
نافذة - القنبلة "جي بي يو-57".. السلاح الأميركي القادر على اختراق "فوردو" النووية.. 13 طن من الفولاذ المكثف
الأربعاء 18 يونيو 2025 08:50 مساءً وسط تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، عاد الحديث مجددًا عن القنبلة الأميركية الخارقة للتحصينات «GBU-57»، بوصفها السلاح التقليدي الوحيد القادر على تدمير منشأة 'فوردو' النووية الإيرانية، المحصّنة تحت مئات الأمتار من الصخور. وتُعرف القنبلة أيضًا باسم 'MOP' (Massive Ordnance Penetrator)، ويبلغ وزنها أكثر من 30 ألف رطل (13.6 طنًا)، وقد صُمّمت خصيصًا لاختراق 200 قدم (61 مترًا) في الأرض قبل أن تنفجر. وهي غير موجودة في الترسانة الإسرائيلية، التي تفتقر إلى القدرة على تدمير منشآت نووية عميقة مثل 'فوردو'، بحسب تقارير أميركية وغربية. وبحسب وزارة الدفاع الأميركية، تمتلك قنبلة «جي بي يو-57» هيكلًا فولاذيًا كثيفًا وصاعقًا خاصًا، ويمكن إطلاقها فقط عبر القاذفة الشبح B-2، وهي طائرة استراتيجية بعيدة المدى نادرة الاستخدام، تتطلب أجواءً صافية وسيطرة جوية كاملة، ما يعني أن استخدام القنبلة يرتبط بتحقيق تفوّق جوي تام في سماء إيران. وقد أشارت تقارير إلى نشر قاذفات B-2 في قواعد أميركية بالمحيط الهندي، إضافة إلى إرسال أكثر من 30 طائرة أميركية للتزويد بالوقود جوًا إلى الشرق الأوسط، تحضيرًا لأي تدخل محتمل. وتقع منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم على عمق يُقدّر بـ260 قدمًا (نحو 79 مترًا) داخل جبل، جنوب طهران، وتُعد الأكثر تحصينًا بين المنشآت النووية الإيرانية. وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة لم تُلحق بها أي ضرر. ويرى خبراء في الشأن النووي أن ضرب 'فوردو' يتطلب أكثر من مجرد قصف تقليدي، بل سلسلة ضربات دقيقة باستخدام قنابل خارقة قد تشمل استخدام قنبلتين متتاليتين من طراز GBU-57، وهو ما تستطيع الولايات المتحدة فقط تنفيذه.


أهل مصر
منذ 4 ساعات
- أهل مصر
هل تصل الإشعاعات النووية من إيران إلى مصر؟ ( دراسة تحليلية بالأرقام)
سؤال تصاعد بقوة في الأوساط الإعلامية والعلمية عقب التوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل، وما صاحبها من تهديدات متبادلة واستهدافات محتملة لمنشآت نووية إيرانية. ومع أن كم تبعد المسافة بين مصر ومنشآت إيران النووية؟ المسافة بين غير أن الخطر الحقيقي، كما يوضح خبراء الطاقة الذرية ، لا يكمن في الإشعاع اللحظي الناتج عن انفجار أو قصف مباشر، بل في ما يُعرف بالسحب المشعة أو الغبار النووي الذي قد ينتقل عبر الرياح إلى مسافات بعيدة. لكن هذا الاحتمال، وإن كان نظريًا واردًا، يظل ضعيفًا في حالة مصر، إذ أن أنماط الرياح السائدة في المنطقة تتحرك من الغرب إلى الشرق في معظم فصول السنة، أي من ماذا عن انتقال السحب النووية؟ وفق تقديرات خبراء البيئة النووية، فإن انتقال سحب مشعة لمسافة تتجاوز 2000 كيلومتر يتطلب حدوث انفجار نووي واسع النطاق يؤدي إلى إطلاق كميات ضخمة من المواد المشعة في الغلاف الجوي، مع ارتفاع عمود الغبار إلى أكثر من 5 كيلومترات، بشرط أن تهب الرياح في اتجاه الغرب بشكل قوي ومستمر، وهي ظروف نادرة وغير معتادة في المنطقة. الرئيس السابق لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية الدكتور مصطفى عزيز أكد في تصريح خاص لـ' أهل هل تمتلك مصر منظومة رصد إشعاعي؟ واضاف في تصريحاته أنه من الناحية التقنية، تمتلك كما أن اتجاهات الرياح تمنع الفرضية؟ تشير بيانات الأرصاد الجوية العالمية إلى أن اتجاهات الرياح في طبقات الجو العليا على ارتفاعات تتراوح بين 1500 و5000 متر، وهي المستويات التي تنتقل فيها السحب المشعة، تسير في منطقة الشرق الأوسط بنسبة تفوق 80% من الغرب إلى الشرق أو من الشمال إلى الجنوب، بحسب تقارير المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى ECMWF. ويعني ذلك أن احتمالية انتقال غبار نووي من وسط إيران إلى بلغة الأرقام، تبلغ سرعة الرياح على هذا الارتفاع في المتوسط بين 20 إلى 60 كيلومترًا في الساعة، وهو ما يستغرق نظريًا أكثر من 40 ساعة لوصول أي سحابة إشعاعية من مفاعل إيراني إلى المجال الجوي المصري، هذا إذا كانت الرياح معاكسة للاتجاه الطبيعي، وهو أمر نادر الحدوث، وفقا لبيان رسمي نشر في العام الماضي لخطة الطوارئ الإشعاعية المصرية بالتنسيق مع الدفاع المدني على بوابة مجلس الوزراء وقت التمرين القومي للتدريب على الاستجابة لحادث نووي في ماذا لو حدث سيناريو استثنائي؟ في حال حدوث سيناريو استثنائي مثل انفجار مفاعل كبير غير محصن، بالتزامن مع موجة رياح شمالية شرقية قوية فإن بعض النظائر المشعة خفيفة الوزن مثل اليود-131 والسيزيوم-137 قد تنتقل لمسافات تتعدى الألفي كيلومتر. ورغم أن تركيزها يكون قد انخفض بشكل كبير عند الوصول، إلا أن الاحتياطات البيئية تبقى ضرورية، لا سيما إذا استمر الانبعاث لعدة أيام، وفق تقرير لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع الذرية. بروتوكولات مصر بشأن الإشعاع؟ لتفادي التأثيرات المحتملة، تعتمد بروتوكولات الاستجابة المصرية على عدة محاور: أولاً، التنسيق الفوري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) لتقييم مدى خطورة الانبعاث الإشعاعي، وتلقي بيانات الأقمار الصناعية بشأن حركة السحب المشعة. ثانيًا، تفعيل محطات الرصد في المحافظات الحدودية وتكثيف القياسات كل ساعتين لرصد أي ارتفاع مفاجئ في معدل الجرعة الإشعاعية، والذي يجب ألا يتجاوز 0.1 ميكروسيفرت في الساعة في الظروف الطبيعية. ماذا لو تم اكتشاف تلوث؟ وفي حال اكتشاف أي مؤشرات للتلوث وفق لتصريحات هيئة الطاقة الذرية المصرية، تصدر الهيئة العامة للرقابة النووية تحذيرات سريعة تشمل إغلاق مصادر المياه المكشوفة، ووقف تداول الخضروات الورقية مؤقتًا، وتحذير المواطنين من التعرض للهواء الطلق في مناطق محددة، كما يتم تجهيز الملاجئ المدرسية والمستشفيات بأقنعة واقية وأقراص اليود التي تمنع امتصاص الإشعاع من قبل الغدة الدرقية، وهي من الإجراءات التي تم اختبارها تدريبيًا في خطة الطوارئ النووية عام 2021 في منطقة هذه الإجراءات، وإن كانت معدة كخط دفاع احترازي، تعكس جاهزية الدولة للتعامل مع أسوأ السيناريوهات المحتملة، مع التأكيد من قبل الخبراء على أن هذا الخطر يبقى في خانة 'الاحتمال النظري' أكثر من كونه تهديدًا وشيكًا.

مصرس
منذ 8 ساعات
- مصرس
ضربات محسوبة أم حظ سعيد.. لماذا لم تتحول الغارات على إيران إلى «تشيرنوبل ثانية»
أثارت الضربات الجوية الإسرائيلية على البرنامج النووي الإيراني مخاوف دولية من احتمالية حدوث كارثة إشعاعية، إذ وصف رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، استهداف البنية التحتية النووية بأنه "مثير للقلق العميق"، محذراً من أن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل "يزيد من احتمالية حدوث تسرب إشعاعي بعواقب خطيرة على الناس والبيئة". تلوث إشعاعي محدود في المنشآت المستهدفةكشفت صحيفة "فاينيشال تايمز" أن الهجوم على منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم تسبب في تلوث إشعاعي محلي، وفقاً لما أكدته السلطات النووية الإيرانية والدولية، لكن التلوث لا يبدو شديداً.وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقييمين هذا الأسبوع إلى أن الضربات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بقاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز وبالمرافق فوق الأرض، بما في ذلك محطة تجريبية لتخصيب الوقود.أوضح جروسي أن مستويات الإشعاع خارج مجمع نطنز بقيت دون تغيير وضمن المستويات الطبيعية، مما يشير إلى "عدم وجود تأثير إشعاعي خارجي على السكان أو البيئة".والتلوث الإشعاعي في المنشأة يتألف أساساً من جسيمات ألفا، التي قال جروسي إنه يمكن "إدارتها بفعالية" باستخدام الحماية المناسبة مثل أجهزة التنفس.هذه الجسيمات يمكن أن تسبب أضراراً شديدة للأنسجة الحية الداخلية إذا تم استنشاقها أو دخلت الجسم عبر جرح، لكن تأثيراتها قصيرة المدى جداً، وإذا بقيت خارج الجسم فإن الجلد البشري يحجبها عموماً.كما بقيت مستويات الإشعاع خارج الموقع دون تغيير في موقع أصفهان النووي بعد ضربة هناك الجمعة، وفقاً لجروسي.ولم يتم الإبلاغ عن أضرار في محطة فوردو لتخصيب الوقود أو مفاعل خونداب للماء الثقيل.والأضرار في أصفهان كانت في المختبر الكيميائي المركزي ومحطة تحويل اليورانيوم ومحطة تصنيع وقود المفاعل ومنشأة معالجة المعادن قيد الإنشاء.أثار استهداف منشأة نطنزحماية الطبيعية والتصميم الهندسييرى الخبراء النوويون أن اليورانيوم نفسه ضعيف الإشعاع، وهو أكثر خطورة بكثير عندما يخضع لتفاعل انشطاري، مثل الذي يحدث في مفاعل نووي أو قنبلة، والذي يطلق كميات كبيرة من الطاقة والمواد الكيميائية المشعة الأخرى.أشار جيم سميث، أستاذ في كلية البيئة وعلوم الحياة بجامعة بورتسموث البريطانية، إلى أن "التلوث الإشعاعي الخطير جداً عادة ما يرتبط بعناصر أخرى، مثل اليود المشع أو الراديوسيزيوم، والتي هي منتجات الانشطار النووي"، هذه المنتجات الانشطارية خطيرة بشكل خاص لأنها تتسلل إلى السلسلة الغذائية وتتراكم في أجسام الحيوانات، بما في ذلك البشر، وكانت مسؤولة عن الكثير من العواقب المدمرة لانفجار محطة تشيرنوبل النووية عام 1986 في أوكرانيا.يرى سايمون بينيت، مدير وحدة السلامة والأمن المدني بجامعة ليستر، أن المجمعات مثل نطنز وفوردو قد تشكل مخاطر إشعاعية خارجية منخفضة نسبياً لأن قلبها مدفون تحت الأرض، مما يعني أن تدميرها يتطلب قوة نيران قد تفوق حتى أقوى أسلحة إسرائيل.وأضاف أن حتى الذخائر القوية جداً ستحتاج على الأرجح إلى توجيه ضربات متعددة "لاختراق مخبأ جوفي محصن" مثل نطنز.وقال لصحيفة "فاينيشال تايمز": "من غير المحتمل أن يكون هناك تلوث كبير خارج حدود الموقع، للسبب البسيط وهو أن منشأة التخصيب أو المفاعل ستكون مدفونة في أطنان من التراب والخرسانة مثل ما هو الحال في منشأة فرودو الموجودة في قلب جبال قُم، علاوة على ذلك، أولئك الذين يديرون الموقع سيكونون مدربين على تقنيات مراقبة الإشعاع والتخفيف".منشأة فرودو النوويةالمخاطر الكيميائية تفوق الإشعاعيةقال كينيث بيترسن، رئيس الجمعية النووية الأمريكية، لصحيفة "فاينيشال تايمز" إن "الاهتمام الأساسي كيميائي، وأقل إشعاعياً"، كما ان أحد المخاطر المحتملة هو إطلاق سادس فلوريد اليورانيوم المستخدم في تخصيب الوقود والموجود في منشآت مثل نطنز وموقع تخزين أصفهان.سادس فلوريد اليورانيوم يشكل خطراً محدوداً إذا تم التعامل معه بعناية في درجات الحرارة البيئية العادية، لكن ملامسته للماء، بما في ذلك الماء الموجود في الهواء، يمكن أن تؤدي إلى إطلاق فلوريد الهيدروجين السام.هذا الغاز يمكن أن ينتشر كغاز وقد يكون قاتلاً إذا تم استنشاقه، حيث يشكل حمض الهيدروفلوريك شديد التآكل عند ملامسته للماء في الجسم.أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين إلى أنه من المحتمل أن يكون سادس فلوريد اليورانيوم وفلوريد اليورانيل وفلوريد الهيدروجين قد انتشروا داخل منشأة نطنز.وفي عام 1986، قتل انفجار عرضي في محطة تحويل اليورانيوم في أوكلاهوما عاملاً وأطلق سادس فلوريد اليورانيوم، ملوثاً التربة والماء لعدة أميال حول المنطقة.أقرا أيضا فوردو.. عندما تصبح الجغرافيا أقوى من التكنولوجيا العسكرية الإسرائيليةتقييم شامل للمخاطر والاحتمالياترغم المخاوف المشروعة من الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، تشير التقييمات الأولية إلى أن المخاطر الإشعاعية الفورية محدودة نسبياً، حيث تجنبت الضربات الإسرائيلية الأهداف الأكثر خطورة مثل قلب محطات الطاقة النووية.الخطر الأكبر يكمن في التلوث الكيميائي من انتشار المواد السامة مثل فلوريد الهيدروجين، والذي قد يؤثر على المناطق المحيطة، أما احتمالية حدوث كارثة نووية واسعة النطاق فتبقى منخفضة بفضل التصميم الجوفي المحصن للمنشآت الرئيسية، لكن استمرار التصعيد العسكري قد يزيد من هذه المخاطر ويؤدي إلى عواقب بيئية وصحية أوسع في المنطقة.