
تطمينات وزارة الزراعة وشكاوى مربي الماشية
ابراهيم الخليفة
يعد التخطيط الاستراتيجي في ادارة شؤون البلد احد من أهم مهام الدولة الحديثة والمتمثل في وضع الخطط والرؤى المستقبلية للحد من الأزمات او التقليل من آثارها العامة في حال حدوثها أو المحتمل حدوثها، وتؤثر على مختلف جوانب النشاط الإنساني فيه، وتستهدف بعض القطاعات المهمة التي تتعلق بالأمن الغذائي للسكان، فالأمن الغذائي يعد مفصلا هاما وحيويا وتستطيع الحكومة عندما تؤمن هذا الجانب، تكون قد أمنت أهم جبهة هي الجبهة الداخلية من التمرد والثورات. هذه الحقيقة في الواقع غائبة نوعا ما ، من جانب ادارة شؤون البلد منذ وقوعه تحت الاحتلال الأمريكي ، ولحد الآن ، وكان من بين تلك القطاعات التي لم تنل الاهتمام الضروري المطلوب، رغم حيويتها و تماسها مع حياة المواطن ، من التخطيط الاستراتيجي والتحوطات الحكومية المستقبلية، قطاع الزراعة والثروة الحيوانية ، الذي كان ولايزال شبه غائب عن الأجندة الحكومية التحوطية ،ولهذا كان التركيز على القطاعات التي تضمن وفرة من الربح الآني والمستقبلي ، بينما أهملت قطاعات حيوية اخرى متعلق بقوت عامة الشعب، بما فيها قطاع الثروة الحيوانية..
تخبط وارباك:
ولهذا عندما تتفاجأ الحكومة بحدوث ازمة طارئة تربك حساباتها وسياساتها أتجاه أطر المعالجة ، كما حدث مع العديد من الازمات المتعلقة بالقطاع الزراعي، أو غيره ، وتكون محل نقد حاد من جانب الجمهور المعني ، حينها يتم تبادل الأدوار بالاتهامات، بين التخوين ،الأهمال ، والتقصير، وخير دليل على ذلك عندما أعلن عن تفشي وباء الحمى القلاعية في البلاد في بداية شهر فبراير الماضي تعكرت العلاقة بين الحكومة من جهة ومربي الثروة الحيوانية من جهة اخرى، بعدما بدأ التلاسن والاتهامات تظهر وبشكل علني ومكشوف في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بين الاجهزة الحكومية المتمثلة بوزارة الزراعة، ومربي الثروة الحيوانية، الذين استقطبوا إلى جانبهم البعض من اعضاء مجلس النواب ، لشعورهم بوجود تقصير وعدم الوضوح في معالجة هذه المشكلة من جانب وزارة الزراعة وهي الجهة القطاعية المعنية ، للحد من خطورتها كونها بدأت تفتك بقطعان الماشية، وهي مصدر رزقهم الرئيسي، ولما لذلك من خسائر اقتصادية كبيرة على مستوى الأسر الفلاحية واقتصاد البلد بصورة عامة.
مرض مستوطن:
مرض الحمى القلاعية Foot and mouth disease ويرمز له FMD مرض فيروسي حاد شديد العدوى يصيب الماشية مثل الأبقار والخنازير والأغنام والماعز وغيرها من المجترات المشقوقة الظلف. وهو مرض حيواني عابر للحدود يؤثر بشدة على إنتاج الثروة الحيوانية ويعطل التجارة الإقليمية والدولية في الحيوانات والمنتجات الحيوانية. والقطيع الذي لا يعاني حاليًا من مرض الحمى القلاعية دون التطعيم يظل تحت تهديد هذا الوباء. والذي يسببه فيروس Aphthovirus، من عائلة Picornaviridae. وهناك سبعة أنماط مصلية فيروسية (A، O، C، SAT1، ' الذي دخل البلاد حديثا، SAT2″، SAT3، وAsia1). ووفق موقعWorld Organization for Animal Health، تعتمد الوقاية من مرض الحمى القلاعية على وجود أنظمة الكشف والإنذار المبكر وتنفيذ المراقبة الفعالة من بين تدابير أخرى، نادرًا ما يصاب البشر بفيروس مرض الحمى القلاعية (FMDV). لكن يمكن أن يُصاب البشر، وخاصة الأطفال الصغار (7-9) سنوات، بمرض اليد والقدم والفم (HFMD)، والذي غالبًا ما يتم الخلط بينه وبين مرض الحمى القلاعية. يؤثر فيروس HFMDV أيضًا على الماشية والأغنام والخنازير. يُعد HFMD أيضًا عدوى فيروسية تسببها فيروسات متعددة تنتمي إلى عائلة Picornaviridae، ولكنها تختلف عن مرض الحمى، وفق موقع الموسوعة الحرة Wikipedia.
مرض مستوطن ولا ينتقل للبشر:
ومنذ الإعلان عن تفشي هذا المرض في عدة مناطق من البلاد، وما رافق ذلك من اشاعات عن احتمال انتقال هذه الفايروس إلى البشر مما قلل الاستهلاك من اللحوم الحمراء عبر عدم تناول منتجات القطيع المصاب، مع تأكيد الاجهزة المعنية في وزارتي الزراعة والصحة ان هذا المرض ليس وليد الحدث، وانما هو مستوطن في البلاد منذ ثلاثينيات القران الماضي يظهر ويختفي ما بين (4 إلى 5) سنوات ،وفق الظروف البيئية، وتتراوح عدد الاصابات ما بين( 5 الاف إلى 20 ) الف اصابة سنويا بين الابقار ،العجول ،الاغنام والماعز، ورغم خطورته في الفتك في القطيع، إلا انه لا ينتقل للبشر وفق المعطيات الميدانية، ومنذ تسجيل أول الاصابات بدأت الاتهامات بين وزارة الزراعة ومربي الماشية تظهر عبر وسائل الإعلام ، حيث تؤكد الوزارة صحة ومشروعية الاجراءات التي تبنتها في مجابهة الحمى القلاعية وحماية الثروة الحيوانية، من ناحية توفير العلاجات المناسبة والجهود المبذولة لمحاصرة الوباء والسيطرة على البؤر المنتشرة، مثل تغطيس الحيوانات وتعفير ورش الحضائر ، والرصد والمتابعة عبر الفرق الجوالة لمتابعة الوباء، والمعالجة البيطرية للبؤر المتمركزة في بغداد في قطاع الرصافة اولا ، وذي قار ،بابل ،ديالى، ثم نينوى لاحقا، يتم ذلك بإشراف دائرة البيطرة والرقابة الصحية، إلا ان هذه الجهود لم تعط النتائج المرجوة حسب مربي الثروة الحيوانية ، وعبر عن ذلك ، تائر الجبوري عضو لجنة الزراعة في مجلس النواب عندما اتهم الوزارة في التقصير في مجابهة الوباء، وان اجراءتها لم تحل دون نفوق اعداد كبيرة من الجاموس مما تسبب في خسائر فادحة لمربي هذه الحيونات ، وان دائرة البيطرة متاخرة في الاجراءات الاستباقية لمجابهة هذا الوباء، حسب وجهة نظره ،التي تدعمها ادعاءات وشكاوي مربي الماشية، والتي كنا نتابعها عبر وسائل الإعلام و تصف الخسائر التي لحقت بالماشية بانها ' كارثية'، وتكمن الاخفاقات في مجابهة الحمى القلاعية في الحقائق التالية الامكانيات المحدودة لدى الدوائر البيطرية والمتمثلة في وجود نقص حاد الكوادر البيطرية من اطباء بيطريين او مساعديهم ، وضعف في البنى التحتية في قطاع الصحة الحيوانية ، كذلك عجز في توفر وسائل النقل من مركبات للمتابعة الميدانية من جانب الفرق الجوالة لمعالجة بؤر الوباء وخاصة في المناطق النائية من القرى والارياف، ويذهب مربو الماشية أبعد من ذلك عندما يوجهون الاتهامات بصورة مباشرة الحكومة او الجهات المتنفذة بانها هي المسؤولة عن تفشي هذا الوباء من خلال الاستيراد العشوائي للعجول وخاصة المصابة بفايروسات منها وعدم اخضاعها للفحوصات البيطرية المطلوبه، وعدم السيطره على الحدود للحد من تهريب الماشية المصابه ،كما بينت ذلك النائبة ساهرة الجبوري التي وجهت في 19 يناير الماضي نداء استغاثة عاجلة إلى الجهات المختصة'، موضحة أن 'شركة عراقية تدعي بقربها إلى إحدى الجهات المتنفذة، قامت باستيراد عجول من (دولة جيبوتي)وبأوراق (مزورة) بشهادة منشأ وأوراق صحيحة صادرة من (اليمن) بمساعدة من دائرة البيطرة قسم الأمراض الوبائية'، مبينة أن هذه العجول حاملة لـ(العترة السابعة) (مرض الطاعون) والآن هذا الوباء وصلت الى (ميناء ام قصر) وعلى الباخرة الجيبوتية (ليدي رشا)' ،واكدوا على ضرورة توفير العلاجات البيطرية واسعار مدعوة ومن شركات عالمية رصينة ومتخصصة، يضاف إلى ذلك ان العلاجات البيطرية الموجودة في الاسواق المحلية دخلت للبلد بصوره غير مشروعه وغير خاضعة للسيطرة الحكومية وذلك تكون محدودة الفاعلية في معالجة الاصابة، بينما نفت هذه الادعاءات الناطقة باسم دائرة البيطرة زينب رحيم بالقول' ان العلاجات البيطرية ومنها الحمى القلاعية تكون ذات مناشئ رصينة وتخضع للمواصفات الفنية والفحوصات المختبرية'. وأضافت ، أن 'هذه اللقاحات تخضع للتسجيل لدى دائرة البيطرة قبل الشروع باستخدامها في حملات التلقيح، والتأكد من أنها ذات مناشئ رصينة، ومن ضمن هذه اللقاحات هي لقاحات روسية'
الإعلام في محل تشكيك
وكالعادة مثل هذه الازمة او غيرها يتم توجيه الاهتمام إلى وسائل الإعلام بأنها هي من يفتعل الازمة او تبالغ في خطورتها وانعكاساتها السلبية على المجتمع، في حين ان وسائل الإعلام تقف بجانب المواطن وبجاني الوقائع الميدانية، واقصد هنا وسائل الإعلام الحيادية والمنصفة ، وخاصة عندما تجد غموض وعدم الشفافية وحقائق محجوبة عن الرأي العام، وهنا يأتي دور الإعلام بالكشف عن المستور فالكثير من الإجراءات الصحية تم تبنيها بعد ان تم اثارتها عبر وسائل الإعلام. فهو يقوم بعامل تنويري وتوجيهي وليس باثارة الشكوك والاتهامات والتضليل كما يحلو للبعض ان يتهم الإعلام جزافا. فهي تسوق الحالة ولا تصنعها وتعرض ما يردها عبر مصادره او من خلال اصحاب الشأن مباشرة.
تباين في المواقف:
وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الزراعة او الدوائر المعنية فيها انحسار انتشار الحمى القلاعية في البلد، وفق المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، أن' الوزارة نجحت في محاصرة بؤر مرض الحمى القلاعية والقضاء عليها في بغداد وباقي المحافظات، مطمئنًا المواطنين بأن الوضع تحت السيطرة. وأن 'هناك بؤرة واحدة متبقية في محافظة نينوى، هذا الكلام يتناقض مع وضع الحمى القلاعية الميدانية في نينوى من خلال ما صرح به عضو مجلس محافظة نينوى معاذ حجي، يوم الخميس المصادف 20 مارس الجاري ، بأن انتشار الوباء تسبب في هلاك أكثر من (2000) رأس من الابقار خلال الايام الماضية ،وهناك عوامل داعمه لتفشي الوباء في قطاع الثروة الحيوانية في نينوى مثل الفساد والرشوة في تنفيذ الاجراءات الصحية هما السبب الأبرز وراء انتشار الحمى القلاعية في المحافظة، ، واتهم بعض الجهات الحكومية في افيها ولاسيما دائرة الطب البيطري وبلدية الموصل بمحاولة إخفاء الأعداد الحقيقية للهلاكات في العجول، كما نوه عضو المجلس إلى 'وجود شبهات بعدم فاعلية اللقاحات التي تم توزيعها على مربي الثروة الحيوانية في منطقة كوكجلي في أوقات سابقة' مما يدعم ادعاءات مربي الماشية بعدم كفاءة العلاجات البيطرية ، وما يعضد ذلك ماصرح به، المحافظ عبد القادر الدخيل، في (15) مارس الجاري، عن تفشي مرض الحمى القلاعية في حقول كوكجلي، موضحا أن هذا المرض قد بدأ يؤثر بشكل كبير على الثروة الحيوانية في المحافظة ،وفق موقع العالم الجديد الاخباري ،مبينا أن اللقاحات الحكومية غير فعالة وتعمل دوائر البيطرة على احتواء المرض، ومن المتوقع القضاء عليها خلال أيام حسب وجهة نظره ، من جانب اخر تظهر تصريحات متناقضة من مسؤولين حكوميين تناقض ذلك وتدعم وجهة نظرها بوقائع معاشة من الميدان، ويرى المعنيون ومربي الماشية الذين فقدوا ما شيتهم جراء هذا الوباء ضرورة تعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم كذلك السيطرة على الحدود ومنع تهريب الماشية المصابة الى داخل البلد ، توفير علاجات بيطرية رصينة وتفعيل اجراءات الحجر الصحي على الحيوانات المصابة والمجازر ، والسيطرة على حركة المواشي اثناء انتشار الاوبئة الحيوانية وتعزيز الاجراءات البيطرية الوقائية والفرق البيطرية الميدانية وكذلك ضرورة ابصار مربي الماشية عن الامور أو الاجراءات التي يتوجب القيام بها لتحصين ما شيتهم او قطعانهم من الاوبئة المستوطنة، فبالرغم من التطمينات الحكومية باحتواء المرض لازالت الثروة الحيوانية معرضة للإصابات وكانت دائرة البيطرة التابعة لوزارة الزراعة أعلنت، في 11 آذار مارس الجاري، السيطرة على الحمى القلاعية وانحسار أعداد الإصابات فيها، فيما أعلنت إطلاق حملة لمكافحة القراد الناقل الرئيسي لمرض الحمى النزفية. وهذا تدحضه الحقائق على الواقع في نينوى.
وهنا نعود للمقدمة أن الارتباك والتناقض بين المواقف الرسمية وغير الرسمية اي مربي المواشي يؤكد بوضوح غياب التخطيط الاستراتيجي لتنمية الثروة الحيوانية ، وكيفية مجابهة الازمة والتحديات ، وبالرغم اهميتها لارتباطها بغذاء وصحة الإنسان ، فهي لاتزال تواجه الأهمال قد يفسر إلى أنه متعمد لإلحاق الضرر بالزراعة والثروة الحيوانية ، والإبقاء على اغلب منتجاتها تحت مختلف عناوينها مرهونة بالاستيراد الخارجي لتحقيق مصالح ذاتية أو فئوية على مصالح المجتمع من خلال غياب التخطيط الاستراتيجي للاهتمام بالثروة الحيوانية، سواء من جانب نقص الموازنة مقارنة بالقطاعات الاخرى، او من ناحية وضع الخطط الاستراتيجية المستقبلية القريبة والبعيدة المدى لتنمية هذا القطاع وتطويره ، او كيفية التعامل مع الحالات الطارئة اثناء الازمات والمتمثلة بانتشار الاوبئة او في فصول الجفاف واهمال هذا القطاع يتجسد في قلة الموازنة وتأثير ذلك على الاستثمار في هذا القطاع الذي ينجم عنه النقص الواضح في توفير الأطباء البيطريين، وتهالك البنى التحتية المادية والبشرية ،مقارنة بالقطاعات الاخرى ،ورغم أهميته وحيويته ،واي خسائر فيه ينجم عنها خسائر اقتصادية للبلد والدليل على عدم إيلاء هذا القطاع اعتراف رئيس الجمهورية صراحة بإهماله في مقابلة اجرتها معه الواشنطن بوست قال فيها' لم ننجح في تحسين الزراعة ولم نشرك القطاع الخاص '. فكلما زادت وزارة الزراعة من تطميناتها لمربي الماشية على احتواء الحمى القلاعية اصطدمت ببؤر جديدة وفي اماكن عديدة… والسؤال الذي يستنبط من وراء هذا التشويش وعدم الوضوح في مجابهة هذا الوباء هو لماذا يتم اهمال قطاع الزراعة والثروة الحيوانية بالرغم اهميتها في تأمين وتحصين الأمن الغذائي للشعب منذ العام 2003 حتى يومنا هذا؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة المستقلة
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- وكالة الصحافة المستقلة
تطمينات وزارة الزراعة وشكاوى مربي الماشية
ابراهيم الخليفة يعد التخطيط الاستراتيجي في ادارة شؤون البلد احد من أهم مهام الدولة الحديثة والمتمثل في وضع الخطط والرؤى المستقبلية للحد من الأزمات او التقليل من آثارها العامة في حال حدوثها أو المحتمل حدوثها، وتؤثر على مختلف جوانب النشاط الإنساني فيه، وتستهدف بعض القطاعات المهمة التي تتعلق بالأمن الغذائي للسكان، فالأمن الغذائي يعد مفصلا هاما وحيويا وتستطيع الحكومة عندما تؤمن هذا الجانب، تكون قد أمنت أهم جبهة هي الجبهة الداخلية من التمرد والثورات. هذه الحقيقة في الواقع غائبة نوعا ما ، من جانب ادارة شؤون البلد منذ وقوعه تحت الاحتلال الأمريكي ، ولحد الآن ، وكان من بين تلك القطاعات التي لم تنل الاهتمام الضروري المطلوب، رغم حيويتها و تماسها مع حياة المواطن ، من التخطيط الاستراتيجي والتحوطات الحكومية المستقبلية، قطاع الزراعة والثروة الحيوانية ، الذي كان ولايزال شبه غائب عن الأجندة الحكومية التحوطية ،ولهذا كان التركيز على القطاعات التي تضمن وفرة من الربح الآني والمستقبلي ، بينما أهملت قطاعات حيوية اخرى متعلق بقوت عامة الشعب، بما فيها قطاع الثروة الحيوانية.. تخبط وارباك: ولهذا عندما تتفاجأ الحكومة بحدوث ازمة طارئة تربك حساباتها وسياساتها أتجاه أطر المعالجة ، كما حدث مع العديد من الازمات المتعلقة بالقطاع الزراعي، أو غيره ، وتكون محل نقد حاد من جانب الجمهور المعني ، حينها يتم تبادل الأدوار بالاتهامات، بين التخوين ،الأهمال ، والتقصير، وخير دليل على ذلك عندما أعلن عن تفشي وباء الحمى القلاعية في البلاد في بداية شهر فبراير الماضي تعكرت العلاقة بين الحكومة من جهة ومربي الثروة الحيوانية من جهة اخرى، بعدما بدأ التلاسن والاتهامات تظهر وبشكل علني ومكشوف في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بين الاجهزة الحكومية المتمثلة بوزارة الزراعة، ومربي الثروة الحيوانية، الذين استقطبوا إلى جانبهم البعض من اعضاء مجلس النواب ، لشعورهم بوجود تقصير وعدم الوضوح في معالجة هذه المشكلة من جانب وزارة الزراعة وهي الجهة القطاعية المعنية ، للحد من خطورتها كونها بدأت تفتك بقطعان الماشية، وهي مصدر رزقهم الرئيسي، ولما لذلك من خسائر اقتصادية كبيرة على مستوى الأسر الفلاحية واقتصاد البلد بصورة عامة. مرض مستوطن: مرض الحمى القلاعية Foot and mouth disease ويرمز له FMD مرض فيروسي حاد شديد العدوى يصيب الماشية مثل الأبقار والخنازير والأغنام والماعز وغيرها من المجترات المشقوقة الظلف. وهو مرض حيواني عابر للحدود يؤثر بشدة على إنتاج الثروة الحيوانية ويعطل التجارة الإقليمية والدولية في الحيوانات والمنتجات الحيوانية. والقطيع الذي لا يعاني حاليًا من مرض الحمى القلاعية دون التطعيم يظل تحت تهديد هذا الوباء. والذي يسببه فيروس Aphthovirus، من عائلة Picornaviridae. وهناك سبعة أنماط مصلية فيروسية (A، O، C، SAT1، ' الذي دخل البلاد حديثا، SAT2″، SAT3، وAsia1). ووفق موقعWorld Organization for Animal Health، تعتمد الوقاية من مرض الحمى القلاعية على وجود أنظمة الكشف والإنذار المبكر وتنفيذ المراقبة الفعالة من بين تدابير أخرى، نادرًا ما يصاب البشر بفيروس مرض الحمى القلاعية (FMDV). لكن يمكن أن يُصاب البشر، وخاصة الأطفال الصغار (7-9) سنوات، بمرض اليد والقدم والفم (HFMD)، والذي غالبًا ما يتم الخلط بينه وبين مرض الحمى القلاعية. يؤثر فيروس HFMDV أيضًا على الماشية والأغنام والخنازير. يُعد HFMD أيضًا عدوى فيروسية تسببها فيروسات متعددة تنتمي إلى عائلة Picornaviridae، ولكنها تختلف عن مرض الحمى، وفق موقع الموسوعة الحرة Wikipedia. مرض مستوطن ولا ينتقل للبشر: ومنذ الإعلان عن تفشي هذا المرض في عدة مناطق من البلاد، وما رافق ذلك من اشاعات عن احتمال انتقال هذه الفايروس إلى البشر مما قلل الاستهلاك من اللحوم الحمراء عبر عدم تناول منتجات القطيع المصاب، مع تأكيد الاجهزة المعنية في وزارتي الزراعة والصحة ان هذا المرض ليس وليد الحدث، وانما هو مستوطن في البلاد منذ ثلاثينيات القران الماضي يظهر ويختفي ما بين (4 إلى 5) سنوات ،وفق الظروف البيئية، وتتراوح عدد الاصابات ما بين( 5 الاف إلى 20 ) الف اصابة سنويا بين الابقار ،العجول ،الاغنام والماعز، ورغم خطورته في الفتك في القطيع، إلا انه لا ينتقل للبشر وفق المعطيات الميدانية، ومنذ تسجيل أول الاصابات بدأت الاتهامات بين وزارة الزراعة ومربي الماشية تظهر عبر وسائل الإعلام ، حيث تؤكد الوزارة صحة ومشروعية الاجراءات التي تبنتها في مجابهة الحمى القلاعية وحماية الثروة الحيوانية، من ناحية توفير العلاجات المناسبة والجهود المبذولة لمحاصرة الوباء والسيطرة على البؤر المنتشرة، مثل تغطيس الحيوانات وتعفير ورش الحضائر ، والرصد والمتابعة عبر الفرق الجوالة لمتابعة الوباء، والمعالجة البيطرية للبؤر المتمركزة في بغداد في قطاع الرصافة اولا ، وذي قار ،بابل ،ديالى، ثم نينوى لاحقا، يتم ذلك بإشراف دائرة البيطرة والرقابة الصحية، إلا ان هذه الجهود لم تعط النتائج المرجوة حسب مربي الثروة الحيوانية ، وعبر عن ذلك ، تائر الجبوري عضو لجنة الزراعة في مجلس النواب عندما اتهم الوزارة في التقصير في مجابهة الوباء، وان اجراءتها لم تحل دون نفوق اعداد كبيرة من الجاموس مما تسبب في خسائر فادحة لمربي هذه الحيونات ، وان دائرة البيطرة متاخرة في الاجراءات الاستباقية لمجابهة هذا الوباء، حسب وجهة نظره ،التي تدعمها ادعاءات وشكاوي مربي الماشية، والتي كنا نتابعها عبر وسائل الإعلام و تصف الخسائر التي لحقت بالماشية بانها ' كارثية'، وتكمن الاخفاقات في مجابهة الحمى القلاعية في الحقائق التالية الامكانيات المحدودة لدى الدوائر البيطرية والمتمثلة في وجود نقص حاد الكوادر البيطرية من اطباء بيطريين او مساعديهم ، وضعف في البنى التحتية في قطاع الصحة الحيوانية ، كذلك عجز في توفر وسائل النقل من مركبات للمتابعة الميدانية من جانب الفرق الجوالة لمعالجة بؤر الوباء وخاصة في المناطق النائية من القرى والارياف، ويذهب مربو الماشية أبعد من ذلك عندما يوجهون الاتهامات بصورة مباشرة الحكومة او الجهات المتنفذة بانها هي المسؤولة عن تفشي هذا الوباء من خلال الاستيراد العشوائي للعجول وخاصة المصابة بفايروسات منها وعدم اخضاعها للفحوصات البيطرية المطلوبه، وعدم السيطره على الحدود للحد من تهريب الماشية المصابه ،كما بينت ذلك النائبة ساهرة الجبوري التي وجهت في 19 يناير الماضي نداء استغاثة عاجلة إلى الجهات المختصة'، موضحة أن 'شركة عراقية تدعي بقربها إلى إحدى الجهات المتنفذة، قامت باستيراد عجول من (دولة جيبوتي)وبأوراق (مزورة) بشهادة منشأ وأوراق صحيحة صادرة من (اليمن) بمساعدة من دائرة البيطرة قسم الأمراض الوبائية'، مبينة أن هذه العجول حاملة لـ(العترة السابعة) (مرض الطاعون) والآن هذا الوباء وصلت الى (ميناء ام قصر) وعلى الباخرة الجيبوتية (ليدي رشا)' ،واكدوا على ضرورة توفير العلاجات البيطرية واسعار مدعوة ومن شركات عالمية رصينة ومتخصصة، يضاف إلى ذلك ان العلاجات البيطرية الموجودة في الاسواق المحلية دخلت للبلد بصوره غير مشروعه وغير خاضعة للسيطرة الحكومية وذلك تكون محدودة الفاعلية في معالجة الاصابة، بينما نفت هذه الادعاءات الناطقة باسم دائرة البيطرة زينب رحيم بالقول' ان العلاجات البيطرية ومنها الحمى القلاعية تكون ذات مناشئ رصينة وتخضع للمواصفات الفنية والفحوصات المختبرية'. وأضافت ، أن 'هذه اللقاحات تخضع للتسجيل لدى دائرة البيطرة قبل الشروع باستخدامها في حملات التلقيح، والتأكد من أنها ذات مناشئ رصينة، ومن ضمن هذه اللقاحات هي لقاحات روسية' الإعلام في محل تشكيك وكالعادة مثل هذه الازمة او غيرها يتم توجيه الاهتمام إلى وسائل الإعلام بأنها هي من يفتعل الازمة او تبالغ في خطورتها وانعكاساتها السلبية على المجتمع، في حين ان وسائل الإعلام تقف بجانب المواطن وبجاني الوقائع الميدانية، واقصد هنا وسائل الإعلام الحيادية والمنصفة ، وخاصة عندما تجد غموض وعدم الشفافية وحقائق محجوبة عن الرأي العام، وهنا يأتي دور الإعلام بالكشف عن المستور فالكثير من الإجراءات الصحية تم تبنيها بعد ان تم اثارتها عبر وسائل الإعلام. فهو يقوم بعامل تنويري وتوجيهي وليس باثارة الشكوك والاتهامات والتضليل كما يحلو للبعض ان يتهم الإعلام جزافا. فهي تسوق الحالة ولا تصنعها وتعرض ما يردها عبر مصادره او من خلال اصحاب الشأن مباشرة. تباين في المواقف: وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الزراعة او الدوائر المعنية فيها انحسار انتشار الحمى القلاعية في البلد، وفق المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، أن' الوزارة نجحت في محاصرة بؤر مرض الحمى القلاعية والقضاء عليها في بغداد وباقي المحافظات، مطمئنًا المواطنين بأن الوضع تحت السيطرة. وأن 'هناك بؤرة واحدة متبقية في محافظة نينوى، هذا الكلام يتناقض مع وضع الحمى القلاعية الميدانية في نينوى من خلال ما صرح به عضو مجلس محافظة نينوى معاذ حجي، يوم الخميس المصادف 20 مارس الجاري ، بأن انتشار الوباء تسبب في هلاك أكثر من (2000) رأس من الابقار خلال الايام الماضية ،وهناك عوامل داعمه لتفشي الوباء في قطاع الثروة الحيوانية في نينوى مثل الفساد والرشوة في تنفيذ الاجراءات الصحية هما السبب الأبرز وراء انتشار الحمى القلاعية في المحافظة، ، واتهم بعض الجهات الحكومية في افيها ولاسيما دائرة الطب البيطري وبلدية الموصل بمحاولة إخفاء الأعداد الحقيقية للهلاكات في العجول، كما نوه عضو المجلس إلى 'وجود شبهات بعدم فاعلية اللقاحات التي تم توزيعها على مربي الثروة الحيوانية في منطقة كوكجلي في أوقات سابقة' مما يدعم ادعاءات مربي الماشية بعدم كفاءة العلاجات البيطرية ، وما يعضد ذلك ماصرح به، المحافظ عبد القادر الدخيل، في (15) مارس الجاري، عن تفشي مرض الحمى القلاعية في حقول كوكجلي، موضحا أن هذا المرض قد بدأ يؤثر بشكل كبير على الثروة الحيوانية في المحافظة ،وفق موقع العالم الجديد الاخباري ،مبينا أن اللقاحات الحكومية غير فعالة وتعمل دوائر البيطرة على احتواء المرض، ومن المتوقع القضاء عليها خلال أيام حسب وجهة نظره ، من جانب اخر تظهر تصريحات متناقضة من مسؤولين حكوميين تناقض ذلك وتدعم وجهة نظرها بوقائع معاشة من الميدان، ويرى المعنيون ومربي الماشية الذين فقدوا ما شيتهم جراء هذا الوباء ضرورة تعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم كذلك السيطرة على الحدود ومنع تهريب الماشية المصابة الى داخل البلد ، توفير علاجات بيطرية رصينة وتفعيل اجراءات الحجر الصحي على الحيوانات المصابة والمجازر ، والسيطرة على حركة المواشي اثناء انتشار الاوبئة الحيوانية وتعزيز الاجراءات البيطرية الوقائية والفرق البيطرية الميدانية وكذلك ضرورة ابصار مربي الماشية عن الامور أو الاجراءات التي يتوجب القيام بها لتحصين ما شيتهم او قطعانهم من الاوبئة المستوطنة، فبالرغم من التطمينات الحكومية باحتواء المرض لازالت الثروة الحيوانية معرضة للإصابات وكانت دائرة البيطرة التابعة لوزارة الزراعة أعلنت، في 11 آذار مارس الجاري، السيطرة على الحمى القلاعية وانحسار أعداد الإصابات فيها، فيما أعلنت إطلاق حملة لمكافحة القراد الناقل الرئيسي لمرض الحمى النزفية. وهذا تدحضه الحقائق على الواقع في نينوى. وهنا نعود للمقدمة أن الارتباك والتناقض بين المواقف الرسمية وغير الرسمية اي مربي المواشي يؤكد بوضوح غياب التخطيط الاستراتيجي لتنمية الثروة الحيوانية ، وكيفية مجابهة الازمة والتحديات ، وبالرغم اهميتها لارتباطها بغذاء وصحة الإنسان ، فهي لاتزال تواجه الأهمال قد يفسر إلى أنه متعمد لإلحاق الضرر بالزراعة والثروة الحيوانية ، والإبقاء على اغلب منتجاتها تحت مختلف عناوينها مرهونة بالاستيراد الخارجي لتحقيق مصالح ذاتية أو فئوية على مصالح المجتمع من خلال غياب التخطيط الاستراتيجي للاهتمام بالثروة الحيوانية، سواء من جانب نقص الموازنة مقارنة بالقطاعات الاخرى، او من ناحية وضع الخطط الاستراتيجية المستقبلية القريبة والبعيدة المدى لتنمية هذا القطاع وتطويره ، او كيفية التعامل مع الحالات الطارئة اثناء الازمات والمتمثلة بانتشار الاوبئة او في فصول الجفاف واهمال هذا القطاع يتجسد في قلة الموازنة وتأثير ذلك على الاستثمار في هذا القطاع الذي ينجم عنه النقص الواضح في توفير الأطباء البيطريين، وتهالك البنى التحتية المادية والبشرية ،مقارنة بالقطاعات الاخرى ،ورغم أهميته وحيويته ،واي خسائر فيه ينجم عنها خسائر اقتصادية للبلد والدليل على عدم إيلاء هذا القطاع اعتراف رئيس الجمهورية صراحة بإهماله في مقابلة اجرتها معه الواشنطن بوست قال فيها' لم ننجح في تحسين الزراعة ولم نشرك القطاع الخاص '. فكلما زادت وزارة الزراعة من تطميناتها لمربي الماشية على احتواء الحمى القلاعية اصطدمت ببؤر جديدة وفي اماكن عديدة… والسؤال الذي يستنبط من وراء هذا التشويش وعدم الوضوح في مجابهة هذا الوباء هو لماذا يتم اهمال قطاع الزراعة والثروة الحيوانية بالرغم اهميتها في تأمين وتحصين الأمن الغذائي للشعب منذ العام 2003 حتى يومنا هذا؟


وكالة الصحافة المستقلة
٢٢-١٠-٢٠٢٤
- وكالة الصحافة المستقلة
الصحفي جيريمي لوفريدو واكذوبة الإعلام الحر
ابراهيم الخليفة طالما افتخرت الانظمة الغربية الراسمالية بأنها تضمن حرية التعبير عن الرأي وحرية وسائل الإعلام ،تحت مختلفة عناوينها ومسمياتها، باعتبارها ركن اساسي ،داعم ومكمل للديمقراطية، ، لكن مجريات الامور وواقعها، ثبت أنها تستخدم هذا التوصيف أداة أبتزاز ومساومة، ضد الانظمة والشعوب التي لا تسير ونهجها الاستعماري السلطوي التعسفي، تحت يافطة حقوق الإنسان والديمقراطية التي نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة ، بل أستخدمت هذه المفردة كمبرر غير منطقي او شرعي لتغيير كثير من الانظمة واحتلالها بالضد من أرادة شعوبها مثل حالة العراق.. لكن عندما تجد هذه الانظمة أن مصالح البلاد العليا تقتضي التشدد او تقيد حركة وسائل الإعلام، او حجب معلومة معينة عنها، تحت مبررات ما انزل الله بها من سلطان، تتبنى ذلك دون أي اعتبار لمفهوم حرية وسائل الإعلام حتى وإن تعارض ذلك مع تشريعاتها الدستورية الوطنية. ان حرية وسائل الإعلام تستخدم بمثابة سلاح ذو وجهين، فعندما تجده يخدم مصالحها ترفعه بوجه أعدائها المفترضين وعندما لا يتوافق ومصالحها الاستعمارية والعدوانية ترجعه في غمده. اريد القول من وراء ذلك، أن الكيان الصهيوني وفي جميع حروبه العدوانية ضد الامة العربية، واخيرا حربه التدميرية في قطاع غزة التي اودت بحياة اكثر من اربعين الف مواطن فلسطيني وجرح وتهجير اضعاف هذا العدد بل مسح احياء عديدة من خارطة القطاع، والسير على نفس النهج في جنوب لبنان، يرفع هذا الشعار لكن لم يراع أي اعتبار لمفهوم حرية وسائل الإعلام ،بل أوجد خطوط يتوجب على وسائل الاعلام عدم الاقتراب منها أو تجاوزها بما فيها السوشيال ميدياSocial media ، والمواطن الصحفي ، بل كل الذين ينقلون للمتلقي يوميا ابشع الجرائم الموثقة التي ترتكب بحق السكان المدنيين من فلسطينيين ولبنانيين رغم شحة المصادر التي تنقل الحدث مباشرة ، أو عبر ما تنشره وسائل الإعلام العبرية أو وسائل الإعلام الأخرى ، المتمترسة معها وعبر مرورها ببوابة مقص رقيب جيش الاحتلال الصهيوني. يُعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أشد أعداء وسائل الإعلام المناوئة له كرها وبغضا، وبمرو الوقت اثبتت الاحداث بطلان وعقم جدلية حرية وسائل الإعلام الزائفة ،ففي الحرب التي اعقبت عملية طوفان الأقصى التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة استشهد بفعلها (158) صحفيا وإعلاميا فلسطينيا، جراء ،حرب التهجير والابادة للشعب الفلسطيني وبالتحديد سكان قطاع غزة، والغرض من ذلك ، طمس حقيقة ما تقوم به قوات الاحتلال عبر ما ينقله ويسجله ويدونه هؤلاء الصحفيون، لانهم لسان حال سكان القطاع ونافذتهم على الرأي العام الدولي ، فقد اعلن المركز الدولي للصحفيين في فبراير/شباط الماضي أن العدوان على غزة شهد أعلى مستويات العنف ضد الصحفيين منذ (30) عاما، ودعا الكيان الصهيوني إلى وقف قتل الصحفيين والتحقيق في حوادث قتلهم على يد قواته. ولإثبات ان حرية وسائل الإعلام في تغطية الاحداث شعار موجود في اللوائح لكنه غائب في واقع الحال، قيام قوات الاحتلال الصهيوني بتاريخ 9 تشرين الأول/ أكتوبر بسجن الصحفي الأمريكي (جيريمي لوفريدو) ، بتهمة 'تعريض الأمن القومي للخطر ومساعدة العدو وتبادل المعلومات معه، والكشف عن مكان سقوط الصواريخ الإيرانية في مقطع فيديو على يوتيوب في الهجوم الذي شنته ايران مطلع هذا الشهر، بما في ذلك قربها من المرافق الإسرائيلية ذات الصلة بالأمن مثل قاعدة نيفاتيم ومقر الموساد في تل أبيب، والذي يفرض الاحتلال رقابة صارمة على نتائج هذا القصف الصاروخي الإيراني حتى الآن، لأن قوات الاحتلال لا تعلن عن خسائرها، بل تسرب لوسائل الإعلام الشيء القليل عما تريد ان تقوله. يعمل الصحفي (لوفريدو ) في الموقع الإخباري Gray Zone الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له،. وتم الإفراج عنه ، بعد 4 أيام من اعتقاله ،وفق موقع الجزيرة نت . ما يثير الاستغراب في قضية الصحفي الامريكي، هو العلاقة الاستراتيجية بين الحليفين، ولهذا علينا ان نتصور كم هي قوية قبضة قوات الاحتلال ان تعتقل صحفي من دوله صديقه وحليف استراتيجي بمجرد قيامه بواجبه الصحي وربما قد انخدع بمقولة حرية وسائل الإعلام التي يرفعها هذا الكيان، أدبيات الاحزاب القومية العربية تنظر للكيان الصهيوني بأنه الولاية الامريكية الحادية والخمسين. الكيان الصهيوني ليس الوحيد، او الاول، الذي يوظف او يتلاعب بمفهوم حرية الإعلام وفق ما تقتضيه مصالحه الاستراتيجية بل سبقته الولايات المتحدة في التقييد على حرية وسائل الإعلام في الزمن الحديث سواء أثناء العمليات العسكرية لحرب الخليج الثانية أو حرب احتلال العراق2003 أو في سياق الامور السياسية العامة، أكثر تقييدا مما كانت عليه في حرب فيتنام. عندما تم السماح لمجموعة مختارة من الصحافيين، او مراسلي القنوات الاخبارية، فقط بزيارة الخطوط الأمامية واشترط وجود ضباط عند اجراء مقابلات مع الجنود وتخضع للموافقة المسبقة من قبل الجيش والرقابة بعد ذلك. كان هذا ظاهريا لحماية المعلومات الحساسة من الكشف للعدو، ولهذا كل التقرير والافلام التي تبث أثناء العمليات العسكرية لا تتم إلا بعد موافقة الجهات الرقابية عليها ،وكان هذا واضح في التغطية الاخبارية لشبكة CNN أثناء حرب عاصفة الصحراء. والتقييد يتم من خلال حجب المعلومات عن وسائل الإعلام أو تقييد حركتها، وهذا يتنافى ومفهوم حرية وسائل الإعلام، كما تقوم السلطات الامريكية المعنية بالتضييق على الصحفيين الذين يمارسون عملهم بحيادية كما هو الحال مع الصحفي (بيتر ارنت ) الذي عمل في العراق مراسلا لمحطة N B C أثناء الغزو الأمريكي ، ولكنه طُرد من عمله بسبب مقابلة أجراها مع التلفزة العراقية اعتبرت 'تحليلية'، فسرت على انها انتقادا للعدوان الأمريكي على العراق ،حيث أشار إلى ان التقارير عن الخسائر بين المدنيين وعن المقاومة العراقية تصل أمريكا وتدعم المواقف المناهضة للحرب. وقد أنهت مجلة ناشيونال جيوغرافيك أيضا عقدها مع (آرنت) على اثر هذه المقابلة. بعد ذلك عمل مع صحيفة ديلي ميرور البريطانية المناهضة للحرب، وهناك الكثير من الصحفيين او من الإعلاميين الذين فقدوا عملهم مع مؤسسات اعلامية امريكية مرموقة لنصرتهم القضية الفلسطينية أو موقفهم المناهض لسياسات الاحتلال الصهيوني أو من يكتب او ينقل خبر بموضوعية وحيادية أو مناهضتهم لسياسات بلادهم العدوانية تجاه دول العالم، مثل عدوانها وغزوها العراق أو أفغانستان. ولا يجب ان يغيب عن بالنا موضوع الصحفية ( اوكتافيا نصر) وزميلاتها هيلين توماس اللتان عملتا في أكبر شبكة إخبارية أمريكية C N N Cable News Network، كونهما عبرا عن مواقف تتعارض مع السياسة التحريرية للشبكة ، مناصرة للقضايا العربية والفلسطينية بالتحديد. إذن تبقى يافطة واكذوبة الإعلام الحر، وحرية وصوله إلى مواقع الحدث، التي يتفاخر بها الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية ويستعلي بها على الآخرين شعارات مقيدة التطبيق، ومرهونة بموافقات مركزية صارمة صادرة من جيش الاحتلال تخدم بهذه الحالة أكثر من هدف من بينها حجب الخسائر بالأفراد أو بالمعدات، والاهداف التي تطالها هجمات الجهة المعادية ، والهدف الاخر منع أو تداول أي انتهاكات بحق المدنيين ووصولها للرأي العام الدولي والتي تشكل عامل ضغط وادانة مستقبلية لهذه الهجمات والفظائع التي ترتكب بحق السكان المدنيين . ومن هنا يتوجب اعادة النظر بمفهوم تعريف حرية وسائل الإعلام بضوء التقييد على هذه الوسائل من اداء واجبها بكل حرية بعيد عن الخطوط الحمر التي ترسمها الانظمة لحماية مصالحها او امنها القومي.


وكالة الصحافة المستقلة
٠٢-١٠-٢٠٢٤
- وكالة الصحافة المستقلة
الكهرباء الوطنية …. وانتظار غودو
ابراهيم الخليفة يبدو أن العنوان غريب نوعا ما لكن مضمون الموضوع هو نفسه إن جاز التعبير ، بضوء الحقائق التالية يودع العراقيون صيف عام 2024 ، وما رافقه من ارتفاع في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق،و تزامن ذلك ، مع الاخفاق المستدام في تجهيز الطاقة الكهربائيه، مما شكل عبأً ثقيلاً على المواطنين ، مع حزمة من وعود جديدة و الآمال في تحسن امدادات الطاقة الكهربائية للصيف القادم تتشابه مع ما سبقها من وعود صادرة من جهات عدة وما تلاها، وفي مقدمتها ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني يوم الأربعاء 18 سبتمبر2024 على خلفية افتتاح، وعن بعد ،عدد من المشاريع المتعلقة بقطاع الكهرباء في صلاح الدين ونينوى بالقول' نسعى لدخول الصيف المقبل بمنظومة كهرباء مستقرة توفر قدر مناسب من الخدمة للمواطنين'. يضاف إلى ذلك ما صدر ويصدر من تصريحات مطمئنة من وزير الكهرباء زياد فاضل أو الناطق باسمه تبشر المواطن وكالمألوف بأن الصيف القادم سيكون أفضل من الحالي في قطاع تجهيز الكهرباء، وكما تعود على ذلك المواطنين من تصريحات في أعقاب نهاية فصل كل صيف، واذا ما أستعرضنا هذا الملف بشكل جزئي وسريع في اطار المجهودات التي بذلتها الحكومات المتعاقبة الهادفة على التغلب أو تجاوز هذه المشكلة، وخاصة فيما يتعلق بتصريحات المسؤولين التنفيذيين الكبار دون ذكر الأسماء كونها أصبحت معروفه للمواطن، ان البلد مقبل على نقلة نوعية في هذا الملف و سيحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة والوصول بها إلى سقف التصدير، بمعنى ان يصبح منتجا ومصدرا لها لتحظى هذه الوعود بتصفيق الجمهور والتفاؤل بمستقبل افضل، ولكن بمرور الوقت وبعد مضي أكثر من عشرين عاما تبين له انه وقع ضحية للخداع Deceiveوالتضليل من قبل قادته التشريعيين والتنفيذين فكل يوم يمضي بدل من أن يحافظ على مستوى ما يرده من الطاقة يتفاجأ بأن يواجه نقص في تلبية احتياجاته الأساسية منها، وان ما ينتج لا يتماشى وزيادة الطلب عليها كشيء طبيعي لدورة الحياة وزيادة السكان والنشاط الإنساني ، مما يؤشر بوجود وهن ونقص في النظرة الأستراتيجية والتخطيط المستقبلي السليم، واذا ما خذنا بنظر الأعتبار الآثار السلبية والنفسية التي تنعكس على المواطن صحيا ونفسيا جراء نقص امدادات الكهرباء، هناك ايضا خسائر مادية وبحسب متخصصين تقدر سنويا نحو (40 ) مليار دولار بسبب نقص إنتاج الطاقة، وتشمل الخسائر هذه الأموال الكبيرة التي يتم صرفها على شراء الطاقة والاضرار في قطاعات الصناعة والزراعة والمشكلات الاخرى التي يسببها الانقطاع المستمر للكهرباء.وفق موقع العربية. كل الحكومات التي توالت على ادارة شؤون البلد، تدرك عواقب ذلك ، ومع هذا استمرت في تغذية المواطن بسيل من الوعود والأماني في تحسين تجهيزه بهذه الخدمة الأساسية والظرورية، هذا من جانب ،ومن جانب آخر، تُوهم المواطن بأنها تعمل باهتمام أستثنائي بملف الطاقة، وتنتقد السياسات التنفيذية للحكومات السابقة لعدم تعاملها مع هذا المرفق الحيوي و بالشكل الذي يتماشى وأهميته وعلاقته بحياة المواطن والتنمية، ولكن بدون جدوى، و ما يثير الاستغراب والتساؤل، أن كل حكومة من التي توالت على ادارة شؤون البلد وملف الطاقة قامت بالتوقيع على ما بين خمس أو ستة اتفاقات تتراوح بين اتفاقيات وعقود مشاركة ومشاريع تتنوع ما بين الإنتاج والنقل والتوزيع، والوقود ومصادر التجهيز والبنية التحتية لغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي ومع هذا لم يتجسد على أرض الواقع الهدف المطلوب . ووفق دراسات عديدة ، فإن هذا القطاع يواجه تحديات في جوانب عدة ، قسم منها يتعلق بسوء الإدارة والفساد، والتسييس، واخرى تتعلق بقطاع الإنتاج(الوقود) والنقل والتوزيع، والتجاوزات على الشبكة، والجباية، والبنية التحتية ،وبضوء هذه الحقائق، فكل مجهود فني او مؤسساتي من قبل الحكومات السابقة أن لم يكن مدعوم سياسيا لا يرتقي للطموح ،ومع مرور الوقت تجد نفسها وقعت في نفس المطب، والدوران في المحور ذاته. من جانبها تقول الحكومة الحالية وكغيرها من الحكومات السابقة، أنها شخصت مواطن الخلل في هذا القطاع، وهي جادة في العمل لتخطي هذه المشكلة عبر وضع خطط قصيرة الأمد وأخرى بعيدة، متضمنة خيارات عدة متنوعة ومتشعبة، منها العمل على استكمال الخطط السابقة والجديدة منها، وهنا ادركت ان موطن الخلل يكمن في القطاعات التالية ،وعلى سبيل المثال، قطاع التجهيز ، بل بات من الضروري العمل على تنوع مصادر التجهيز، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وهو ايران، حيث يغطي الغاز الايراني المستورد (40%)،من احتياجات توليد الطاقة للقطر، وبكلفة تقدر ما بين (3-4 ) ،مليارات دولار سنويا او أكثر وحسب متغيرات اسعار الطاقة في السوق الدولية'، ومن اجل تجاوز هذه العقبة ،انتهجت الحكومات المتعاقبة خيارات عدة وباتجاهات مختلفة، منها العمل على التقليل من الاعتماد على الغاز المستورد من ايران ، من خلال استثمار الغاز الوطني، وتوظيفه في مجال تغذية محطات التوليد ،بالاتفاق مع عدد من الشركات الاجنبية المتخصصة ، اذ تقدر حاجة البلد من الغاز ما بين ( 25 إلى 30)، مليون متر مكعب يوميا لتشغيل المحطات الإنتاجية التابعة لوزارة الكهرباء، قال مكتب رئيس الوزراء مؤخرا ، إن العراق ينتج الآن ما إجماليه (3.1) مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً، ارتفاعا من (2.9 ) مليار قدم مكعبة في 2022. ، (ووفق بيانات لوزارة النفط ،، سيكتفي العراق ذاتياً من الحاجة إلى الغاز لسدّ متطلبات إنتاج الطاقة الكهربائية، بحلول عام 2028 ) وهذا يساوي ( 914.9 ) مليار متر مكعب سنويًا خلال عام 2023. يضاف إلى ذلك ، محاولات لاستيراد الغاز من قطر و تركمانستان، ومن الخيارات الاخرى لتنوع مصادر الطاقة فتح منافذ آخرى عبر مشروعات للربط الكهربائي مع دول الخليج الكويت والسعودية، و مصر، وتركيا، والاردن التي اعلن عن اكتمال الربط معها ودخلت المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي الأردني -العراقي حيز التشغيل في 30 مارس/آذار 2024 الخدمة، من خلال الربط بين محطتي الرطبة العراقية والريشة الأردنية. والعمل جار بمشروع الربط الكهربائي الأردني – العراقي على جهد 400 (ك.ف) من محطة تحويل الريشة في الأردن إلى محطة تحويل القائم في العراق، والذي يتوقع أن يتم تشغيله قبل منتصف عام 2025.وتتضمن المرحلة الثانية من الربط تزويد منطقة القائم في الجانب العراقي بالكهرباء بشكل شعاعي يحمل( 150 – 200) ميغاواط على جهد (400) كيلوفولت، بعد استكمال أعمال إنشاء خط النقل بطول (330) كيلومتراً، بالإضافة إلى استكمال أعمال الربط في محطة تحويل القائم 132 / 400 كيلوفولت من الجانب العراقي، وإنشاء محطة تحويل الريشة /33 /132/ 400. ،ومن المسارات الاخرى الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية بالاتفاق شركة توتال الفرنسية، عبر تنفيذ مشروع محطة إنتاج كهرباء الطاقة الشمسية بسعة (1000) ميغاواط في محافظة البصرة في منطقة ارطاوي'. بالإضافة لمشاريع الطاقة الشمسية في بابل وكربلاء سعة (300) ميغاواط، ومحطّة ضفاف كربلاء الثانوية التحويلية 400 KV، بسعة (1500 ميغاواط) ، كما اعتمد نظام الدورة المركبة لمحطة كربلاء الغازية بطاقة (132) ميغاواط، والمقصود بالدورة المركبة لانتاج الكهرباء وفق ويكيبيديا ' ، هي الدورة التي تتكون من محركات حرارية تعمل بالتتابع بنفس مصدر الحرارة محولةً مصدر الحرارة هذا إلى طاقة ميكانيكية، والتي تُستخدم مباشرة في توليد الكهرباء باستخدام مولدات كهربائية، ومحطة كربلاء للطاقة الشمسية الاستثمارية سعة (300) ميغاواط. ومن الخيارات الاخرى التي لجأت اليها حكومة السوداني لتعزيز انتاج الطاقة الكهربائية عقد عدة اتفاقيات مع كبريات الشركات المنتجة للطاقة الكهربائية في كل من الولايات المتحدة المانيا وروسيا والصين، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا القطاع ووفق وزارة الكهرباء، ان من بين الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الوزارة لتحسين أداء الشبكة الكهربائية استعدادا للصيف المقبل، التوجه نحو التحول الذكي للشبكة الكهربائية في (13) منطقة موزعة في بغداد والمحافظات. وأشارت إلى أن 'مجلس الوزراء خول وزارة الكهرباء شراء (78) محطة، (60) منها ثانوية ثابتة و(18) متنقلة'، مبينا أن 'الوزارة أطلقت أيضا حملة واسعة لتحديث وتأهيل وتحسين أداء شبكات التوزيع'. ومن الوعود التي يتم تغذية المواطن بها أيضا ما كشفت عنها الوزارة مؤخرا عن خطة ضمن الجهود المبذولة للصيف المقبل 2025 ومعالجة مشكلات التجهيز. هو المشروع الذي أطلقه رئيس الوزراء ضمن خطة الـ14 ألف ميغاواط وهي خطة حكومية جديدة لزيادة الإنتاج، كما أكد أن الحكومة الحالية نجحت برفع معدلات الإنتاج لأكثر من (30%)، عندما تسلمت الحكومة الحالية المسؤولية كان معدل الإنتاج (19500) ميغاواط، استطاعت الوزارة بسنة وثمانية أشهر أن تزيد الانتاج إلى (27400) ميغاواط.. كما تبذل الوزارة جهودا في تشجيع المواطنين باستخدام منظومة الطاقة الشمسية بتغذية منازلهم بالكهرباء، وبالرغم من هذا الكم الهائل من المشاريع النافذة التي لازالت في طور التنفيذ، فالبلد لازال يستورد الطاقة الكهربائية بواسطة (9) خطوط نقل، (4) منها من ايران و(3) من كردستان وخط واحد من كل من تركيا والأردن بقدرة كلية تصل الى 1.05 GW بتكلفة متغيرة ..حسب المصدر من (12)سنتا للوحدة الواحدة حتى (30) سنتا'. وبيّن، أن 'العراق يستورد الكهرباء بتكلفة كلية تصل إلى(300) مليون دولار سنويا، وضمن المعطيات الحالية يحتاج البلد إلى زيادة إنتاج الكهرباء بنحو (33) في المئة للإيفاء باحتياجات سكانه. التنموية والتطويرية ووفق المعطيات الرسمية أن 'حاجة البلد من الكهرباء تصل إلى (42) ألف ميغاواط، فيما يصل الانتاج إلى (27) ألف ميغاواط، حيث يحتاج سنوياً إلى زيادة بأكثر من (2000) ميغاواط' لمجارات زيادة السكن والحركة العمرانية. ومن هنا يبرز تساؤل وهو لب موضوعنا هذا ،بالرغم من الانجازات التي نسمع بها كل يوم والاموال التي تصرف والمشاريع التي تنجز لإنتاج الكهرباء، إلا ان المواطن لا يزال يعاني من نقص شديد في تجهيزه بالكهرباء وهو يتمثل بساعتين تجهيز وساعتين قطع وساعتين التجهيز في بعض الاحيان تتحول إلى ساعه واحدة بكثر حالات القطع، ومن باب الصدفة 'وانا اعد هذا الموضوع جاءت الكهرباء ضمن الجدول المعتاد لتنقطع بعد ربع ساعة لمدة (45) دقيقة، اذ يفترض وجود زيادة في التجهيز مع انخفاض درجات الحرارة وهذا لم يحدث' ، هذا البرنامج اعتاد عليه المواطن منذ عام الاحتلال الامريكي 2003 للعراق، و لم يلتمس وبشكل ايجابي الوفرة في الإنتاج التي يتغنى بها المسؤولون الحكوميين يوميا. أو في كل مناسبة. ولازال يدفع عشرون الف دينار لكل أمبير ثمن الكهرباء المجهز من المولدة الاهلية.. إلا يفترض ان يشعر بزيادة الانتاج وينعكس ذلك بالإيجابية على حياته، وعلى نشاطه اليومي بعد اكثر من عقدين من الزمن ، وهناك من يجادل بالقول ان الزيادة في إنتاج الكهرباء تذهب لصالح المجمعات السكنية الحديثة، وإذا ما سلمنا بصحة هذه الفرضية، ومادام حركة بناء موجودة الزيادة في السكان قائمة فلا امل للمواطن في ان يسد اكتفائه من هذه الخدمة، فهما يسيران في خطين متوازيين، وهنا ينكشف الوهن والقصور في التخطيط الاستراتيجي .المواطن ،اصبح فاقد الثقة والامل، ،في سد اكتفائها الذاتي من هذه الخدمة الأساسية والضرورية كحاجة إنسانية و رافد تنموي أساسي وفي تطور وازدهار البلد وفي استقلاليته قراره السيادي، بضوء كثرة التصريحات التي يصبح ويمسي عليها المواطن عن تحسن الانتاج، وفي تحقيق اكتفائها الذاتي دون جدوى، فهو ينتظر في المجهول بقادم الايام كما انتظره في العشرين سنة الماضية ، وهنا نعود للعنوان، 'الكهرباء الوطنية ومسرحية الكاتب الايرلنديSamuel Beckett وعنوانها Waiting for Godot،' 1906-1989والتي جرى كتابتها في نسختها الفرنسية نهاية الأربعينيات من القرن الماضي ونسختها الانكليزية في عام 1952 ضمن إطار مسرح العبثAbsurd Theater، تدور أحداث المسرحية حول رجلين يدعيان «فلاديمير» «واستراغون» ينتظران شخصًا يدعى «غودو» لا يصل أبداً. الحلقة المفقودة واللغز المحير يكمن في عدم مجيء 'غودو'الكهرباء في السنوات القليلة القادمة، يتضح بتسييس هذا الملف والفساد المستشري في طياته، متى ماتم تجاوز هاتين العقبتين عجل بمجيء 'غودو'واصبح الحلم بدخول صيف عام 2025 بمنظومة كهرباء مستقرة وبات واقعا ملموسا. ونامل ان لا يطول ذلك كثيراً.