
كتاب'حمزة غوث..سياسي دولتين وإمارة':دبلوماسي عاصر قرنًا من التحولات
في نهاية شهر تموز عام 2023 أصدرالكاتب محمد السيف عن دار 'جداول'للنشر والترجمة والتوزيع في بيروت كتابا بعنوان 'حمزة غوث ..سياسي دولتين وإمارة' تناول فيه المسيرة الحافلة بالعمل والانجازات لواحد من أبرز الشخصيات السياسية والدبلوماسية في تاريخ الجزيرة العربية الحديث، حيث شهدت حياة حمزة بن إبراهيم غوث (1880-1970) تحولات سياسية كبرى شكلت ملامح المنطقة خلال القرن العشرين. فقد عاصر انهيار الدولة العثمانية، وصعود الدولة السعودية الثالثة، وانتهاء إمارة آل رشيد في حائل، تاركًا بصمة واضحة في مسيرة تأسيس المملكة العربية السعودية تحت قيادة الملك عبد العزيز آل سعود. تميز غوث بقدرته على الجمع بين العمل الصحفي، والاستشارة السياسية، والدبلوماسية، مما جعله رجلًا استثنائيًا في زمن التحديات الكبرى. و بصفحاته ال (700 ) توزعت مباحث الكتاب – إضافة لمقدمة المؤلف – إلى ستة عشر فصلا،حاول فيها السيف أن يتابع سيرة غوث الانسان والسياسي المحنك بكل ما شهدته من تفاصيل شخصية ومهنية .
نشأته وتعليمه
وُلد حمزة غوث في المدينة المنورة عام 1880 (1297 هـ)، في بيئة غنية بالعلم والثقافة. تلقى تعليمه الأولي في المدرسة الإعدادية بالمدينة، وهي أعلى مراحل التعليم الرسمي آنذاك، كما نهل من حلقات العلم في المسجد النبوي على يد علماء بارزين مثل الشيخ عبد القادر الطرابلسي، والشيخ محمد العمري، والشيخ عبد الحافظ المصري. أتقن اللغة التركية، مما ساهم في توسيع آفاقه السياسية والثقافية في مرحلة لاحقة، خاصة خلال تعامله مع الإدارة العثمانية.
بداياته السياسية والصحفية
بدأ حمزة غوث حياته العملية في مجال الصحافة، ليصبح أول صحفي من أبناء المدينة المنورة يمارس هذه المهنة بشكل احترافي. تولى إدارة ورئاسة تحرير جريدة 'الحجاز' عام 1916 (1334 هـ)، وهي أول جريدة يومية سياسية وأدبية واجتماعية تصدر في المدينة. كانت هذه التجربة بداية انخراطه في المعترك السياسي، حيث شارك في انتفاضة أهل المدينة ضد المحافظ العثماني عثمان فريد باشا، مما أظهر شخصيته القوية وميله للعمل العام.
مسيرته في ظل الدولة العثمانية وإمارة آل رشيد
شهدت حياة حمزة غوث تنقلات سياسية مهمة، حيث انتقل إلى الشام ضمن عملية 'سفر برلك' للالتحاق بجبهة الجهاد الإسلامي تحت راية مصطفى كمال أتاتورك. لكنه لاحقًا عمل مستشارًا سياسيًا لإمارة آل رشيد في حائل، ومندوبًا لها في مدن مثل بغداد وبيروت والقاهرة ودمشق. في هذه الفترة، أظهر مهارة دبلوماسية عالية، حيث قاد مفاوضات مع شخصيات بارزة مثل الملك فؤاد في مصر عام 1921، سعيًا للحصول على دعم سياسي للإمارة. غير أن انهيار إمارة آل رشيد بعد ضمها من قبل الملك عبد العزيز دفع غوث لاتخاذ قرار مصيري بالانضمام إلى الدولة السعودية الناشئة.
دوره في الدولة السعودية
بعد عودته إلى الرياض عام 1922 (1341 هـ)، التقى الملك عبد العزيز الذي رحب به بحرارة، معبرًا عن تقديره لخبراته وكفاءته. عُيّن غوث مستشارًا سياسيًا في الديوان الملكي، ثم عضوًا في مجلس الشورى عام 1930 (1349 هـ). كما شغل منصب معاون أمير المدينة المنورة، حيث ساهم في تنظيم شؤون المدينة خلال مرحلة انتقالية حساسة. لاحقًا، انتقل إلى السلك الدبلوماسي، فعُيّن سفيرًا للمملكة في العراق عام 1938 (1357 هـ)، ثم في إيران عام 1948 (1367 هـ)، حيث قضى 16 عامًا كسفير، مُرقّى إلى منصب وزير دولة خلال هذه الفترة. كان اختياره لهذه المهام يعكس ثقة الملك عبد العزيز في قدراته، خاصة في ظل الحاجة إلى إعادة بناء العلاقات مع إيران بعد توترات سابقة.
غوث في الدبلوماسية: جسر العلاقات في زمن التحولات
بعد انضمامه إلى الملك عبد العزيز عام 1922 (1341 هـ)، بدأ غوث يلعب دورًا أكثر رسمية في الدبلوماسية السعودية. في البداية، عمل مستشارًا سياسيًا في الديوان الملكي، حيث قدم نصائحه حول العلاقات الخارجية والقضايا الإقليمية بناءً على خبرته الواسعة ومعرفته بالدول المجاورة. هذا الدور مهد له لاحقًا لتولي مناصب دبلوماسية مباشرة، حيث كان الملك عبد العزيز يبحث عن شخصيات ذات كفاءة لتمثيل المملكة في مرحلة تأسيسها.
سفيرًا في العراق (1938 – 1948)
في عام 1938 (1357 هـ)، عُيّن حمزة غوث أول سفير للمملكة العربية السعودية في العراق. جاء هذا التعيين في وقت كانت فيه العلاقات بين البلدين تشهد توترات بسبب الخلافات الحدودية والتنافس السياسي في المنطقة. استطاع غوث، بفضل خبرته السابقة في بغداد أثناء عمله مع إمارة آل رشيد، أن يبني جسورًا من الثقة مع المسؤولين العراقيين. ركز خلال فترة سفارته على تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، وساهم في تهدئة التوترات من خلال الحوار والتفاوض.
كما لعب دورًا في تعزيز التعاون بين المملكة والعراق في مواجهة التحديات الإقليمية، مثل تأثير الحرب العالمية الثانية والصراعات السياسية في الشرق الأوسط. استمر في منصبه لمدة عشر سنوات، مما يعكس نجاحه في تحقيق أهداف المملكة الدبلوماسية في تلك الفترة.
مفاوضات مع العراق كسفير
أثناء عمله كسفير في العراق واجه تحديات دبلوماسية كبيرة تتعلق بالخلافات الحدودية والتوترات السياسية بين البلدين. كانت العلاقات بين الرياض وبغداد متوترة بسبب نزاعات على مناطق حدودية مثل المنطقة المحايدة، فضلاً عن التنافس على النفوذ في الخليج.
استفاد غوث من علاقاته السابقة في بغداد (من أيام عمله مع آل رشيد) لفتح قنوات حوار مع المسؤولين العراقيين، بمن فيهم رئيس الوزراء نوري السعيد. ركز على تهدئة التوترات من خلال التأكيد على المصالح المشتركة، مثل الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي. كما أدار مفاوضات حول ترسيم الحدود، سعيًا لتجنب التصعيد العسكري.
نجح في تخفيف حدة التوترات، وساهم في وضع أسس لاتفاقيات لاحقة حول المنطقة المحايدة بين البلدين. كما عزز العلاقات التجارية والثقافية، مما ساعد في بناء جسور الثقة بين الرياض وبغداد خلال فترة سفارته التي استمرت عشر سنوات.
سفيرًا في إيران (1948-1964 )
في عام 1948 (1367 هـ)، انتقل غوث إلى منصب سفير المملكة في إيران، وهي المهمة الأكثر تحديًا في مسيرته الدبلوماسية. كانت العلاقات السعودية-الإيرانية تعاني من فتور بسبب قضايا مثل التنافس على النفوذ في الخليج العربي، والخلافات حول إدارة الحج. اختيار غوث لهذا المنصب لم يكن عشوائيًا؛ فقد كان الملك عبد العزيز يرى فيه الرجل المناسب لإصلاح العلاقات مع طهران، نظرًا لخبرته الطويلة ومهارته في التعامل مع الأزمات.
خلال فترة سفارته التي استمرت 16 عامًا، عمل غوث على تحسين العلاقات الثنائية بشكل تدريجي. ركز على تعزيز التعاون في مجالات الحج، حيث كان الحجاج الإيرانيون يواجهون صعوبات لوجستية وسياسية، وسعى لحل الخلافات عبر قنوات دبلوماسية هادئة. كما شهدت فترته تصاعد التوترات الإقليمية بسبب الثورة الإيرانية النفطية عام 1951، ونجح في الحفاظ على خطوط التواصل مفتوحة بين البلدين رغم التحديات.
أُعجب به الملك سعود بن عبد العزيز، الذي رقّاه إلى منصب وزير دولة خلال خدمته في إيران، تقديرًا لجهوده في تعزيز مكانة المملكة دبلوماسيًا. استمر في منصبه حتى تقاعده في منتصف الستينيات، ليعود بعدها إلى المدينة المنورة.
أسلوبه الدبلوماسي وإرثه
تميز حمزة غوث بأسلوب دبلوماسي يعتمد على الصبر، والحوار المباشر، والفهم العميق للثقافات المحلية. كان يجيد اللغة التركية، مما ساعده في التعامل مع بقايا النفوذ العثماني في المنطقة، كما أظهر مرونة في التكيف مع الظروف السياسية المتغيرة. دوره في العراق وإيران ساهم في تثبيت أسس السياسة الخارجية السعودية، التي كانت تركز على بناء علاقات متوازنة مع الجيران.
مفاوضات مع إيران حول الحج والعلاقات الثنائية (1948-1964)
كسفير للمملكة في إيران من 1948 إلى 1964 (1367-1384 هـ)، تولى غوث إدارة مفاوضات حساسة مع الحكومة الإيرانية في ظل توترات دينية وسياسية. كانت العلاقات بين البلدين تشهد فتورًا بسبب قضايا مثل إدارة شؤون الحجاج الإيرانيين، والتنافس على النفوذ في الخليج العربي، خصوصًا بعد تأميم النفط الإيراني عام 1951.
الحجاج الإيرانيون كانوا يواجهون صعوبات لوجستية وسياسية أثناء أداء فريضة الحج، مما أدى إلى شكاوى متكررة من طهران. كما كانت إيران، تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي، مما أثار مخاوف سعودية.
اعتمد غوث على أسلوب دبلوماسي هادئ وصبور، مستفيدًا من فهمه العميق للثقافة الفارسية والوضع السياسي في إيران. أجرى مفاوضات مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك وزراء الخارجية المتعاقبين، لتحسين تنظيم رحلات الحج وتسهيل وصول الحجاج. كما تناول قضايا الخليج من خلال التأكيد على مبدأ حسن الجوار، محاولًا تجنب التصعيد في الخلافات.
نجح في تحقيق تحسينات ملحوظة في إدارة شؤون الحج، حيث تم الاتفاق على زيادة التنسيق بين البلدين لضمان سلامة الحجاج وتسهيل إجراءاتهم. كما ساهم في الحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة خلال أزمة تأميم النفط الإيراني، التي كادت تعصف بالعلاقات الثنائية. استمرار فترته كسفير لمدة 16 عامًا يعكس نجاحه في إدارة هذه المفاوضات الحساسة.
مفاوضات حمزة غوث الدبلوماسية، سواء في مصر، العراق، أو إيران، تُظهر قدرته على الجمع بين البراغماتية والمثالية في خدمة أهدافه السياسية. رغم أن بعض مفاوضاته لم تحقق نجاحًا فوريًا (كما في حالة مصر)، فإن دوره في تعزيز العلاقات السعودية مع جيرانها ترك بصمة واضحة في تاريخ الدبلوماسية السعودية، مؤكدًا مكانته كأحد روادها في القرن العشرين.
المفاوضات الدبلوماسية مع إيران
كان تعيينه سفيرًا للمملكة العربية السعودية في طهران قرارًا استراتيجيًا من الملك عبد العزيز، بهدف إصلاح العلاقات المتوترة مع إيران وتعزيز التعاون في قضايا ذات أهمية مشتركة. وكانت العلاقات بين البلدين تعاني من جمود نتيجة عوامل متعددة:
أولها ،توترات مذهبية بين البلدين كانت تؤثر على إدارة شؤون الحج، فالسلطات الإيرانية تشكو من معاملة الحجاج الإيرانيين.
والعامل الثاني ، أن كلا البلدين كانا يسعيان لتعزيز نفوذهما في منطقة الخليج العربي، خاصة مع بدء اكتشافات النفط وتصاعد أهميته الاقتصادية.
والعامل الثالث ،أزمة تأميم النفط: في عام 1951، عندما قامت إيران بتأميم صناعة النفط تحت قيادة محمد مصدق، مما أثار توترات مع الدول الغربية وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك السعودية.
فكان على غوث أن يتعامل مع هذه التحديات في وقت كانت فيه المملكة السعودية تسعى لتثبيت مكانتها كقوة إقليمية، بينما كانت إيران تشهد تحولات سياسية داخلية كبيرة.
مفاوضات حول إدارة شؤون الحج
أحد أبرز الملفات التي أدارها غوث كان متعلقًا بتسهيل أداء الحج للحجاج الإيرانيين. كانت هذه القضية مصدر توتر مستمر بين البلدين، حيث كانت الحكومة الإيرانية تعبر عن استيائها من الصعوبات التي يواجهها مواطنوها،وقد شملت الشكاوى نقص التنسيق في النقل، تأخير التأشيرات، والقيود على بعض الممارسات الشيعية خلال الحج، مما أثار احتجاجات من طهران.
بدأ غوث سلسلة من المفاوضات مع وزارة الخارجية الإيرانية، وكذلك مع مسؤولين دينيين وتجار إيرانيين مرتبطين بتنظيم رحلات الحج. ركز على تحسين التنسيق اللوجستي، مثل زيادة عدد الحجاج المسموح لهم سنويًا، وتسهيل إصدار التأشيرات. كما عمل على ضمان توفير شروط آمنة ومريحة للحجاج داخل المملكة.
بحلول أوائل الخمسينيات، تم التوصل إلى تفاهمات أدت إلى تحسين تجربة الحجاج الإيرانيين، بما في ذلك تخصيص ممثلين إيرانيين للتنسيق مع السلطات السعودية خلال موسم الحج. هذه الخطوات ساهمت في تخفيف التوترات المرتبطة بهذا الملف، رغم استمرار بعض الخلافات العقائدية.
أزمة تأميم النفط (1951-1953 )
تزامنت فترة غوث في إيران مع أزمة تأميم النفط الإيراني، التي قادها رئيس الوزراء محمد مصدق، وأدت إلى قطع العلاقات بين إيران والدول الغربية، خاصة بريطانيا. كان لهذا الحدث تأثير غير مباشر على العلاقات السعودية-الإيرانية، حيث كانت المملكة حليفة للغرب وشريكة في سوق النفط العالمي.أثارت الأزمة مخاوف سعودية من أن تؤدي سياسات مصدق إلى زعزعة استقرار المنطقة، بينما كانت إيران ترى في السعودية منافسًا اقتصاديًا محتملاً.
حافظ غوث على موقف محايد خلال المفاوضات، مركزًا على الحفاظ على العلاقات الثنائية بعيدًا عن الصراعات الدولية. أجرى محادثات مع مسؤولين إيرانيين للتأكيد على أن المملكة لا تسعى لاستغلال الأزمة ضد إيران، بل تدعم استقرار المنطقة. كما سعى لضمان استمرار التعاون في قضايا مثل أمن الخليج.
نجح في منع تصعيد التوترات بين البلدين خلال هذه الفترة العصيبة، وبعد عودة الشاه إلى السلطة عام 1953 بمساعدة الغرب، استمر غوث في تعزيز العلاقات مع النظام الجديد، مما ساعد في استعادة الثقة تدريجيًا.
مفاوضات حول أمن الخليج العربي
مع تزايد أهمية الخليج كمنطقة استراتيجية بسبب النفط، كان على غوث التعامل مع التنافس الإيراني-السعودي على النفوذ في هذه المنطقة. كانت إيران تدعي حقوقًا تاريخية في الخليج، بينما كانت السعودية ترى نفسها حامية لمصالح الدول العربية فيه. والخلافات حول الحدود البحرية وتأمين الممرات المائية كانت تهدد بإشعال نزاعات إقليمية.
تبنى غوث نهجًا دبلوماسيًا يركز على مبدأ 'حسن الجوار'، مقترحًا إجراء مشاورات مشتركة لضمان أمن الخليج دون اللجوء إلى المواجهة. تفاوض مع السلطات الإيرانية لتجنب أي تصعيد عسكري، مع التأكيد على أهمية التعاون في مكافحة القرصنة وحماية طرق التجارة.
لم تُحل جميع الخلافات خلال فترته، لكنه وضع أسسًا لاتفاقيات لاحقة، مثل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في الستينيات، التي استفادت من جهوده المبكرة في تهيئة الأرضية للحوار.
دوره في تعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية
إلى جانب المفاوضات السياسية، عمل غوث على تعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلدين. شجع تبادل الزيارات بين المسؤولين، وساهم في تنظيم فعاليات مشتركة لتقريب وجهات النظر. كما أشرف على مفاوضات تجارية بسيطة لتسهيل تبادل السلع، مثل المواد الغذائية والمنتجات النفطية، مما ساعد في تخفيف حدة التوترات السياسية.
تقييم دوره في إيران
استمرار غوث كسفير لمدة 16 عامًا يعكس ثقة القيادة السعودية في قدراته، ونجاحه في إدارة علاقة معقدة مع إيران. تميز بأسلوبه الهادئ والممنهج، وقدرته على التوفيق بين المصالح الدينية والسياسية والاقتصادية. رغم أن بعض القضايا، مثل التنافس في الخليج، استمرت بعد تقاعده، فإن جهوده ساهمت في منع انهيار العلاقات خلال فترة مضطربة، مما جعله أحد الدبلوماسيين المؤثرين في تاريخ العلاقات السعودية-الإيرانية.
شخصيته وإرثه
حمزة غوث ليس مجرد اسم في كتب التاريخ، بل رمز للانتقال من عصر إلى آخر. عبر مسيرته الطويلة، جسّد قيم الولاء والكفاءة، وكان حلقة وصل بين دولتين وإمارة .وقد قادته أحيانًا إلى صدامات مع آخرين. كان شاهدًا على أحداث محورية، مثل انهيار الدولة العثمانية وتأسيس المملكة العربية السعودية. بعد تقاعده، استقر في المدينة المنورة على ضفاف وادي العقيق، تاركًا إرثًا من الإخلاص والعطاء لوطنه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اذاعة طهران العربية
منذ ساعة واحدة
- اذاعة طهران العربية
ما هو رد المقاومة على دعوة نائب أمريكي لقصف غزة بالسلاح النووي؟
واعتبرت حماس أن هذه الدعوة تمثل "جريمة مكتملة الأركان" ودليلاً على "العنصرية الفاشية" التي تحكم تفكير بعض الساسة الأميركيين، مما يستوجب الإدانة من الإدارة الأميركية والكونغرس، الذي أصبح منصة لتبرير جرائم الاحتلال. وأشارت الحركة إلى أن هذه التصريحات تمثل "انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني" وتحريضاً على استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد أكثر من مليوني مدني. من جهتها، عبّرت حركة الجهاد الإسلامي عن استنكارها وغضبها من تصريحات فاين، معتبرةً إياها دعوة علنية لارتكاب جرائم ضد الإنسانية. واعتبرت الحركة أن تشبيه سكان غزة بالنازيين أو اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية يُعد تحريضاً مباشراً على الإبادة الجماعية. كما دانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذه التصريحات، واعتبرتها "جريمة حرب مكتملة الأركان" تعكس العقلية الأميركية المتطرفة. بدورها، حركة المجاهدين أدانت تصريحات فاين، ورأت فيها امتداداً للسياسة الأميركية المساندة للإرهاب، داعيةً أحرار العالم إلى رفض هذه التصريحات ومناصرة الشعب الفلسطيني. وكان النائب الجمهوري قد صرّح خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" بأن "القضية الفلسطينية قضية شريرة"، مشيراً إلى أن الحل يجب أن يكون مماثلاً لما حدث في الحرب العالمية الثانية.


اذاعة طهران العربية
منذ 3 أيام
- اذاعة طهران العربية
مقتل اسرائيلي واصابة 3 اخرين في غزة
من جانبها، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري ل حركة الجهاد الإسلامي، عن استهداف دبابة ميركافا بقذيفة RPG أثناء توغلها في محيط ملعب أبو رجيلة بمنطقة خزاعة شرق خانيونس، مما أدى إلى مقتل جندي وجرح آخر. وفي بيان آخر، أعلنت سرايا القدس عن تفجير قنبلة من مخلفات جيش الاحتلال كانت مزروعة مسبقاً في آلية عسكرية إسرائيلية أثناء توغلها في شارع المنطار بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة. وفي السياق نفسه، أكد المتحدث باسم قوات الشهيد عمر القاسم، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أبو خالد، أن إحدى مجموعاتهم المقاتلة، العاملة في منطقة شمال غرب غزة، نصبت كميناً محكماً لدورية إسرائيلية راجلة في منطقة العطاطرة. وأوضح أبو خالد أنه تم تجهيز مسرح العملية بالعبوات الناسفة، ونجح المقاتلون في جرّ القوات المتوغلة إلى الكمين حيث أمطروها بالرصاص وفجّروا العبوات بين أقدام الجنود، مما أدى إلى وقوع إصابات مباشرة في صفوفهم، واضطرت القوة الإسرائيلية إلى طلب إمداد عبر الطائرات المسيّرة. وأضاف أبو خالد أن قائد المجموعة، زكريا رامي أبو عودة، استُشهد في المعركة، مشيراً إلى أن رفاقه تمكنوا من سحب جثمانه من أرض المعركة والعودة به إلى مواقعهم. في المقابل، أقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح الثلاثاء، بمقتل أحد جنوده خلال المعارك الجارية في شمالي قطاع غزة. وأوضح أن الجندي القتيل هو يوسف يهودا حيراك من كتيبة الهندسة "601"، مما يرفع عدد قتلى جنوده إلى 857 منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي المنطقة ذاتها، كانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد أعلنت في وقت سابق عن تنفيذ كمين مركب ضد قوات الاحتلال في منطقة العطاطرة، غرب بيت لاهيا شمالي القطاع. ووفق بيان القسام، أكدت الكتائب أن العملية أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات الاحتلال، ورُصد هبوط مروحيات عسكرية إسرائيلية في الموقع لإجلاء المصابين. من جهتها، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابة ثلاثة جنود، منهم اثنان وصفت جروحهما بالخطيرة، جراء انهيار جزء من مبنى في قطاع غزة. وأفاد موقع "حدشوت للو تسنزورا" بانهيار مبنى على القوات في قطاع غزة مما أدى إلى إصابة اثنين بجروح خطيرة وواحد بجروح متوسطة. وذكرت مواقع إسرائيلية أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية فرضت حظراً على نشر معلومات حول الحدث الأمني. تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة معركة الدفاع عن الشعب الفلسطيني والمقدسات، ضمن معركة "طوفان الأقصى"، والرد على جرائم ومجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في القطاع. وفي الضفة الغربية المحتلة، أعلنت المقاومة عن تنفيذ 16 عملاً مقاوماً تنوعت ما بين اشتباكات مسلحة واندلاع مواجهات، أبرزها إطلاق نار على حاجز "شافي شمرون" شمالي الضفة الغربية. واوضحت فصائل المقاومة ان المواجهات اندلعت بين الشبان وقوات الاحتلال في عدة مناطق هي حزما بالقدس، وسلواد والمزرعة الغربية برام الله، عزرون بقلقيلية، بورين وبرقة، ومادما ومخيم عين بيت الماء والمدينة ذاتها بنابلس، الخضر ببيت لحم، مخيم عقبة جبر بأريحا، راس العروض وبيت كاحل ومخيمي العروب والفوار في الخليل.


شفق نيوز
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- شفق نيوز
الفلسطينيون في سوريا: ما هو مصير الفصائل في مشهد الحكم الجديد؟
التقى دونالد ترامب برئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأمريكي جولته في الشرق الأوسط. وبعد إعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا مساء أمس، أثار في اجتماعه مع الشرع أكثر من مطلب أمريكي، بما في ذلك طرد من وصفهم الرئيس الأمريكي بأنهم "إرهابيون فلسطينيون"، بحسب تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت. يشكّل الوجود الفلسطيني في سوريا، بما في ذلك نشاط الفصائل والأحزاب، واحداً من أبرز ملفات المشهد السوري الجديد، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. ورغم ضبابية المرحلة المقبلة، شهدت الساحة الفلسطينية في سوريا تطوّرات متسارعة في الآونة الأخيرة. بدأت بزيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ولقائه برئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في منتصف أبريل/نيسان الماضي، وتواصلت بتوقيف عدد من قيادات "حركة الجهاد الإسلامي" أواخر الشهر ذاته، ثم توقيف الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" طلال ناجي، قبل الإفراج عنه. حاولت بي بي سي التواصل مع السلطات السورية و"حركة الجهاد الإسلامي" للحصول على تعليق حول خلفيات توقيفات طالعت قياديين في الحركة، غير أنّ الطرفين امتنعا عن الإدلاء بأي تصريح. وحتى اللحظة، لم تصدر السلطات السورية أي بيان رسمي يوضح أسباب توقيف خالد خالد وياسر الزفري في أواخر أبريل/ نيسان الماضي، القياديين في "حركة الجهاد"، ولا تتوّفر معلومات دقيقة حتى الآن بشأن مصيرهما أو نتائج التحقيق معهما. منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام حزب البعث عام 2011، تأثّرت الفصائل الفلسطينية واللاجئون الفلسطينيون في سوريا تأثّراً كبيراً. وبعد انهيار النظام، يواجه الفلسطينيون اليوم واقعاً سياسياً جديداً لا تزال ملامحه غامضة، وسط تباين واضح في مواقف الفصائل. وعشيّة سقوط النظام السابق، كان النفوذ الفلسطيني في سوريا محصوراً في فصائل ترتبط عضوياً بالسلطة أو تتحالف معها عسكرياً وسياسياً. أمّا اليوم، فتتجه الأنظار إلى موقف الإدارة الجديدة من هذه الفصائل ومصيرها في المرحلة المقبلة. تبدّلات هيكلية رداً على هذه المستجدات، دعت الفصائل الفلسطينية إلى اجتماعات طارئة في كلّ من دمشق وبيروت. وكان أبرزها الاجتماع الذي عُقد في 11 ديسمبر/كانون الأول في سفارة فلسطين بدمشق، بهدف بلورة موقف سياسي موحّد. وأسفر الاجتماع عن تشكيل "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" كمرجعية وطنية موحدة. في المقابل، أفادت تقارير بأنّ بعض الفصائل التي كانت مرتبطة بالنظام السابق قد أخلت مقراتها العسكرية وسلّمتها للسلطات السورية الجديدة. من جهتها، سارعت "حركة حماس" إلى تهنئة الشعب السوري بعد سقوط النظام، بينما آثرت فصائل أخرى مثل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجهاد الإسلامي" اعتماد موقف محايد، اعتبرت فيه أنّ ما جرى شأن سوري داخلي. وفي ما يتعلّق بالموقف الرسمي السوري من الفصائل، يرى هشام الدبسي، مدير "مركز تطوير للدراسات"، أنّ السلطة الجديدة في دمشق تميل إلى "التمييز بين الفصائل تعلن رسمياً الاعتراف بسيادة الدولة السورية وعدم التدخّل في الشأن السوري، بينما تنظر بتحفّظ إلى الفصائل التي كانت جزءاً من محور الممانعة خلال عهد الأسد". يقول الدبسي: "الإجراء الأولي كان إغلاق المعسكرات والمكاتب العسكرية والأمنية والإدارية"، مضيفاً أنّ التحقيقات الجارية حالياً تتركّز على كوادر شاركت في القتال إلى جانب النظام السابق، رغم أنّ هذا الملف لا يُعدّ أولوية حالياً بسبب الوضع الأمني غير المستقر. ويتابع: "بعض هذه الكوادر غادرت إلى العراق أو إيران". ووفق تقرير نشرته "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" في مارس/آذار الماضي، فقد أدّى سقوط النظام إلى تغييرات داخلية في بنية عدد من الفصائل الفلسطينية. إذ أقالت "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" أمينها العام المساعد خالد أحمد جبريل، وأقالت "فتح الانتفاضة" رئيسها زياد الصغير، وشكّلت لجنة طوارئ لإدارة الحركة. وشهدت "جبهة النضال" و"منظمة الصاعقة" خطوات مشابهة. كما قرّرت الإدارة الجديدة في دمشق حلّ الجيش السوري، ما استتبع تلقائياً حلّ جيش التحرير الفلسطيني، لكونه جزءاً من البنية العسكرية السورية. ووفق التقرير نفسه، فإن هذه التطورات أدّت إلى تعثّر تنفيذ الهيئة المشتركة التي تم التوافق عليها في اجتماع السفارة الفلسطينية بدمشق. الانقسام الفلسطيني مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، انقسمت الفصائل الفلسطينية في مواقفها. فبينما أعلنت الفصائل المعروفة بولائها للنظام - مثل "فتح الانتفاضة"، و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"، و"الجبهة الديمقراطية"، دعمها الصريح لبشار الأسد، أخذت حركة "حماس" موقفاً أقل وضوحاً، في حين سارع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى إعلان دعمه العلني للأسد، داعياً إلى تحييد المخيمات الفلسطينية عن الصراع. وأشار تقرير صادر عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" عام 2012 إلى اتفاق بين "فتح" و"الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" على ضرورة تحييد المخيمات. كما كرّر عباس دعمه للأسد في انتخابات الرئاسة السورية عام 2014، معتبراً أنّ فوزه قد يشكّل مخرجاً من الأزمة السورية. لكن هشام الدبسي يرى أنّ موقف عباس لم يكن دعماً سياسياً بقدر ما كان محاولة لحماية اللاجئين الفلسطينيين من ويلات الحرب. ويقول: "السلطة الفلسطينية وحركة فتح أقامتا علاقات معلنة مع أطراف في المعارضة السورية، وكان لهما دور في الوساطة للإفراج عن معتقلين". ويضيف: "الإدارة السورية الجديدة أكدت في وقت مبكر أنّها لا تعترف إلا بالسلطة الفلسطينية وممثليها الرسميين في دمشق، وهو ما انعكس في اللقاء الرسمي الذي جمع الرئيس الشرع بالرئيس عباس في دمشق". بحسب تقرير آخر نشر عام 2012، شهد مخيم اليرموك، أحد أبرز تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق، احتجاجات مناهضة للنظام واحتضن نشطاء من المعارضة السورية. وأورد التقرير نفسه أنّ بعض الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام جنّدت شباناً لقمع هذه التظاهرات، وهو ما وضعها في مواجهة مباشرة مع قطاعات من اللاجئين. وفي تقريرها الأخير، وثّقت "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" الأثر الكارثي للصراع السوري على الفلسطينيين، إذ تشير بياناتها إلى أنّ نحو 40 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا نزحوا داخلياً، بينما اضطُرّ أكثر من 20 بالمئة إلى مغادرة البلاد. كما وثّق التقرير اعتقال نحو 1800 لاجئ فلسطيني، وسقوط أكثر من 3000 ضحية، إلى جانب وفاة 192 شخصاً نتيجة الحصار ونقص الغذاء والرعاية الطبية، معظمهم في مخيم اليرموك. نظرة من الداخل في حديث مع بي بي سي عربي، يقول الناشط الفلسطيني في سوريا فراس شهابي: "الفلسطينيون دفعوا ذات الكلفة التي دفعها السوريون خلال سنوات الثورة". ويضيف: "المشهد الفلسطيني يشهد تغييراً فعلياً، وبعض الفصائل توقفت عن العمل أو تراجع أداؤها". ويتابع شهابي: "الفصائل التي تحالفت مع النظام السابق انتهى دورها، وبعض الشخصيات المتورطة في الدم السوري أصبحت مطلوبة". وعن الآثار المعيشية للتغييرات الجارية، يوضح: "العديد من الكوادر كانت تتقاضى رواتب، وانقطاعها سيؤثر بشكل مباشر على حياتهم". أما على الصعيد السياسي، فيرى شهابي أنّ دور الفصائل بدأ بالتراجع منذ عهد الأسد، قائلاً: "كانت حماس لاعباً محورياً حتى اتخذت موقفاً مؤيداً للثورة، وبعدها تراجع الحضور الفلسطيني تدريجياً إلى أن بقي أحمد جبريل وطلال ناجي في الواجهة، والآن انتهى الأمر". ويشير إلى أنّ الفراغ السياسي والاجتماعي الذي خلّفه هذا التراجع ترك أثراً كبيراً على المجتمع الفلسطيني في سوريا، مضيفاً: "هذه الكيانات لم تعد تعبّر عن تطلعات الناس". ويعبّر شهابي عن هواجس أخرى مشتركة بين الفلسطينيين والسوريين، مثل الغموض السياسي، وتدهور الوضع الأمني، والخوف من التوجهات الدينية للنظام الجديد. كما يلفت إلى قلق الفلسطينيين من تفعيل قانون الملكية الذي يعاملهم كأجانب، وهو قانون سبق أن استُخدم ضدهم في عهد النظام السابق. ويختم بالقول إنّ مخيم اليرموك الذي تعرّض لقصف جوي عنيف يُعدّ الأكثر تضرّراً، متسائلاً: "بالتأكيد هو ضمن خطة الإعمار، لكن من سيتكفّل بذلك؟". أما أكبر هواجس الفلسطينيين، وفق شهابي، فهي خطر التجنيس أو التوطين، لأنّ ذلك يُعدّ تهديداً مباشراً لحق العودة والقرار الأممي 194 الذي يضمنه. ورغم هذه المخاوف، لا يتوقّع شهابي تغييرات قانونية أو حقوقية وشيكة في وضع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا. الوجود الفلسطيني في سوريا يعود الوجود الفلسطيني في سوريا إلى عام 1948، عام "النكبة"، الذي شهد أولى موجات اللجوء إلى دول الجوار، من بينها سوريا. ثم تكررت موجات النزوح بعد نكسة حزيران عام 1967، ومعارك "أيلول الأسود" في الأردن عام 1970، وأخيراً من العراق عام 2001 في أعقاب الغزو الأمريكي البريطاني. بحسب بيانات وكالة "الأونروا"، يُقدَّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا اليوم بنحو 438000 لاجئ، يتوزّعون على 13 مخيماً، أبرزها مخيم اليرموك من حيث الكثافة السكانية والمساحة. ويتمتع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بمعظم الحقوق المدنية والخدمية التي يحصل عليها المواطن السوري، باستثناء حق التصويت في الانتخابات والحصول على الجنسية. للفصائل الفلسطينية امتداد تاريخي في سوريا، لكنّ حضورها السياسي والعسكري ظلّ مشروطاً بعلاقتها مع السلطة الحاكمة. فعلى سبيل المثال، تأسست حركة "فتح الانتفاضة" بدعم من حافظ الأسد عام 1983، إثر خلافه مع ياسر عرفات. وعلى النقيض، غادرت حركة "حماس" سوريا عام 2011، بعد عقود من الدعم السياسي والعسكري الذي تلقّته من النظام. قبل سقوط النظام السابق، كانت أبرز الفصائل الفلسطينية الحاضرة في المشهد السوري تضمّ: • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة • حركة الجهاد الإسلامي • فتح الانتفاضة (انشقت عن "فتح" عام 1983) • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين • الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وأكّدت تقارير إعلامية مشاركة فصائل مثل "الجبهة الشعبية القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة" في القتال إلى جانب قوات الجيش السوري، بالإضافة إلى فصائل أخرى تأسست حديثاً - بعضها خلال أو بعد الانتفاضة - مثل حركة "فلسطين الحرة" (تأسست عام 2008) ، و"قوات الجليل – حركة شباب العودة الفلسطينية" تأسست عام 2011، و"الحزب الفلسطيني الديمقراطي" وجناحه العسكري "سرايا العودة والتحرير". حماس والأسد: تاريخ متقلّب في مقابلة بثّتها قناة "بي بي سي عربي" ضمن برنامج "المشهد" عام 2018، تحدّث خالد مشعل، القائد السابق لحركة "حماس"، عن كواليس مغادرة الحركة لسوريا في يناير/كانون الثاني 2012. وأكّد مشعل أن الموقف الرسمي للحركة كان حيادياً، إذ لم تنحز إلى أي طرف، بل سعت لتقريب وجهات النظر بين السوريين. لكنه أشار إلى أن النظام لم يتقبّل هذا الحياد، قائلاً: "يبدو أن هذا الموقف لم يعجب بعض المسؤولين، وكانت تأتينا إشارات بأن هناك عدم رضا، بالتالي وجدنا أن البيئة لم تعد تسمح بالبقاء في سوريا". وأضاف: "حماس لا يمكن أن تؤيّد سياسة رسمية ضدّ شعب، ولا تتدخّل في شؤون الآخرين، ولا تقف مع طرف ضدّ آخر". في يونيو/حزيران من العام ذاته، قُتل كمال غناجة، أحد كوادر "حماس" في دمشق، في ظروف غامضة. وأعلنت الحركة وقتها أنها فتحت تحقيقاً دون توجيه الاتهام لأي جهة، فيما أشار القيادي سامي أبو زهري إلى أن جثّة غناجة كانت تحمل آثار تعذيب. وفي أبريل/نيسان 2013، نشرت مجلة "تايمز" البريطانية تقريراً أفاد بأن "حماس" قامت بتدريب عناصر من "الجيش السوري الحر"، إلا أن الحركة سارعت إلى نفي تلك المزاعم في بيان رسمي. بعد عشر سنوات من القطيعة، أعلنت "حماس" في سبتمبر/أيلول 2022 عن استئناف علاقتها بالنظام السوري، لكنها لم تُعد فتح مكاتبها هناك. وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد فرار بشار الأسد إلى موسكو، أصدرت الحركة بياناً قالت فيه: "تبارك الحركة للشعب السوري الشقيق نجاحه في تحقيق تطلعاته نحو الحرية والعدالة، وتدعو كل مكوّنات الشعب السوري إلى توحيد الصفوف، ومزيد من التلاحم الوطني، والتعالي على آلام الماضي". ويعلّق هشام الدبسي على هذا التطور قائلاً: "عودة حماس إلى دمشق لم تكن برغبة الأسد، بل جاءت نتيجة ضغوط إيرانية وحزبية. ولهذا السبب، لم يستقبل الأسد أي ممثل للحركة على انفراد، بل اكتفى بلقاء جماعي ضمن وفد لما يُعرف بمحور الممانعة، وبشرط إبعاد إسماعيل هنية وخالد مشعل". ويتابع الدبسي: "حالياً، تقوم تركيا بوساطة غير مباشرة لإعادة تأهيل العلاقة بين خالد مشعل والرئيس أحمد الشرع، لكنّ العلاقة ما تزال باردة، وتُدار ضمن منطق الضرورة والثقل التركي، لا أكثر".