logo
«حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية!

«حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية!

المغرب اليوم٠٦-١٢-٢٠٢٤

مصرفي لبناني تربطه علاقة صداقة قديمة مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين نشأت أثناء عملهما في أحد مصارف نيويورك في التسعينات من القرن الماضي، واستمرت إلى هذا اليوم بعيداً عن الأضواء والإعلام، يقول إن آموس في زيارته الأخيرة إلى لبنان كان يشعر بفائض من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنه خلال اجتماعه مع الرئيس نبيه بري قال الأخير من دون مقدمات إن «حزب الله» يوافق على خطة الانسحاب لما وراء نهر الليطاني، التي كان عرضها من قبلُ، وقوبلت برفض قاطع، وردّد الرئيس بري حينها مقولة حسن نصر الله بأنه سيكون أسهل نقل نهر الليطاني إلى الحدود من انسحاب الحزب. وقد همس هوكستين لصديقه اللبناني بأن ما تم قبوله كان معروضاً قبل سنة، ولو حصلت التسوية وقتذاك لما سقط هذا الكم من الضحايا، ولما حصل كل هذا الدمار.
وقد قال الرئيس بري لهوكستين في اجتماعهما الأخير إن «حزب الله» سيقبل بفصل المسار عن غزة، وسيلتزم بشروط وقف إطلاق النار، ولكن بالتزامن مع انسحاب إسرائيل لما وراء الخط الأزرق، ووقف قصف المدن، وردّ المبعوث الأميركي بأنه سيذهب إلى إسرائيل ولديه تفويض مطلق من الإدارة الأميركية سواء الحالية أو الجديدة للضغط على نتنياهو، وفرض وقف إطلاق النار، وكان الوداع بين الرجلين حاراً على نقيض ما حصل في اجتماعهما السابق، الذي غادره بري من دون مصافحة ضيفه.
وفي تل أبيب استقبل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي هوكستين، وقال له أمام عدسات الإعلام ساخراً: «آسف لقطع طيب إقامتك في بيروت». وتجاهل المبعوث الأميركي العبارة وسبق رئيس الوزراء بالدخول، وكان اجتماعاً عاصفاً سمع فيه الإسرائيليون كلاماً صريحاً وواضحاً بأن الولايات المتحدة لن تستعمل حق النقض في مجلس الأمن في أي قرار يدين إسرائيل لعدم وقف إطلاق النار، وأن هذا ما توافق عليه الرئيس جو بايدن مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اجتماعهما بالبيت الأبيض، وقد ضرب نتنياهو الطاولة بيده غاضباً، وصدح صوته عالياً قائلاً: «هذا طعن في الظهر، وخطأ كبير سيؤدي إلى إمكانية إعادة تجميع (حزب الله) لقدراته، وبقاء النفوذ الإيراني البغيض». وقد خرج هوكستين من الاجتماع مكفهر الوجه، وقال للإعلام: «هناك تقدم في عملية الاتفاق لوقف إطلاق النار».
ودعا نتنياهو أعضاء الكابينت لاجتماع عاجل أبلغهم فيه ما حدث مع هوكستين، وقال إن اتفاقاً لهدنة مؤقتة هو أفضل ما يمكن أن تحصل عليه إسرائيل، وإن هناك نتائج إيجابية كبيرة من حرب لبنان، أولها إنهاك «حزب الله»، وفصل لبنان عن غزة إلى الأبد. وتقول مصادر إعلامية مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي إن قبوله للهدنة هو مد الحبل لشنق ما بقي من «حزب الله» لنفسه، وإن الاتفاق يعطي شرعية دولية لتدخل الجيش الإسرائيلي في أي مكان بلبنان.
مهما يمكن أن يحصل في فترة الستين يوماً لاختبار الاتفاق على وقف إطلاق النار، فإن الأكيد أن جبهة جنوب لبنان أصبحت لأول مرة منذ ستينات القرن الماضي خارج المواجهة مع إسرائيل، ويدّعي البعض أن هذا سيسري على كامل لبنان بعد أن أعطى الاتفاق الحق بضرب أي خروقات لبنوده وفي أي مكان. ويتفهم الجميع ادعاءات النصر لدى أمين عام «حزب الله» الجديد بعد الخسائر على كل الصعد، ولو كان التفهم مربوطاً بالسخرية والتساؤل عن معنى النصر والهزيمة.
ورغم أجراس الانتصارات التي قرعها رجال «حزب الله»، فإنه لا عودة إلى خداع الماضي. في «رسالة الانتصار» قال نعيم قاسم إن الحزب سيكون تحت غطاء «الطائف».
أصبح اتفاق «الطائف»، الذي أنهى الحرب الأهلية، الإطار الجديد الذي تشكل عليه النظام اللبناني، بدءاً من أوائل التسعينات. ومع ذلك، فإن الوثيقة لم تنفذ بالكامل، لأنها نصت على نزع سلاح كل الميليشيات. جادل «حزب الله» بأنه ليس ميليشيا بل مجموعة مقاومة ضد إسرائيل، واحتفظ بأسلحته من خلال الدعم الأجنبي، وتدخل سوريا وإيران. بعد التسبب في تدمير لبنان للمرة الثانية، لا عودة إلى تلك المعادلة التدميرية.إن نزع سلاح «حزب الله» لا يزال عاملاً حاسماً في التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بلبنان.
لا يزال السيناريو الأكثر فائدة للبنان و«حزب الله» هو تنفيذ القرار «1701»؛ لأن هذا من شأنه أن يحافظ على بيئة الحزب، ويحافظ على الطبيعة الترابطية للسياسة اللبنانية دون استبعاد أي شريك في البرلمان والحكومة.
يجب على لبنان و«حزب الله» المناورة بعناية في التغييرات الشاملة التي تتكشف حالياً، وهي تغييرات ستكون لها بالتأكيد تداعيات إقليمية لسنوات. أي نزع سلاح محتمل لـ«حزب الله» ستكون له آثار تبعية على السياسة الإقليمية، وتحديداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، التي قد تواجه حقائق جديدة أو مكاسب محتملة.
بالنسبة إلى إيران، فإن فقدان «حزب الله» أمر لا يمكن تصوره بسبب دعمها الواسع واستثماراتها في المجموعة. من ناحية أخرى، ستتبنى الولايات المتحدة وإسرائيل مثل هذا السيناريو بوصفه فرصة لتنظيم جولة ثانية من «اتفاقات إبراهيم» في المستقبل القريب.
على كل، بعيداً عن الخطاب الشعبوي، الأكيد أن ما قبل حرب الإسناد ليس كما بعدها، فمحور الممانعة فقد توازنه بعد خسائر «حزب الله» الجسيمة في لبنان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لبنان: هل تنجح الدولة في نزع سلاح حزب الله بالكامل؟
لبنان: هل تنجح الدولة في نزع سلاح حزب الله بالكامل؟

الأيام

timeمنذ 2 ساعات

  • الأيام

لبنان: هل تنجح الدولة في نزع سلاح حزب الله بالكامل؟

Getty Images عناصر من الجيش اللبناني أمام حشد من أنصار حزب الله كشفت تقارير إعلامية أمريكية عن تمكن الجيش اللبناني من نزع جزء كبير من سلاح حزب الله في جنوب لبنان. ونقلت صحيفة (وول ستريت جورنال) عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إنهم "فوجئوا من تقدم الجيش اللبناني في ملف نزع سلاح حزب الله"، مضيفة أن التقدم المحرز والملحوظ تم بـ "مساعدة جزئية" من الاستخبارات الإسرائيلية. كما أوردت الصحيفة تصريحاً لرئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، قال فيه إن الحكومة "حققت ما يقارب %80 من أهدافها" في نزع السلاح في الجنوب، مؤكداً "أنه يجب أن تحتكر الدولة السلاح في جميع الأراضي اللبنانية". وأضاف سلام أن الحكومة اللبنانية لا تريد وضع البلاد على مسار الحرب الأهلية، ولكننا ملتزمون بتوسيع سلطة الدولة وتعزيزها". ونقل تقرير (وول ستريت جورنال) قول مسؤولين لبنانيين إن حزب الله "اضطر للتنازل عن السيطرة الأمنية في مطار بيروت وفي مناطق عدة"، وأورد كذلك تصريحات لمصادر إسرائيلية أكدت أن حزب الله ما يزال يمتلك "ترسانة ضخمة تشمل صواريخ دقيقة التوجيه". يذكر بأن اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، أبرم أواخر العام المنصرم، نص على انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني وانتشار الجيش اللبناني في مناطق جنوب الليطاني تشمل 33 موقعاً حدودياً مع إسرائيل، بالإضافة إلى تفكيك المنشآت العسكرية غير المرخصة والمعنية بتصنيع الأسلحة في لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة. لكن نائبة المتحدث باسم قوات حفظ السلام في لبنان التابعة للأمم المتحدة )يونيفيل(، قالت في تصريحات لبي بي سي هذا الأسبوع، إن الانتهاكات الرئيسية لاتفاق وقف إطلاق النار تأتي "من الجانب الإسرائيلي". وأشارت إلى الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة، والتسلل المستمر للطائرات المسيرة والمقاتلة الإسرائيلية إلى المجال الجوي اللبناني، بالإضافة إلى وجود جنود إسرائيليين في خمس نقاط داخل لبنان. ويرى بعض المحللين أن ما أدلت به المسؤولة الأممية من تصريحات يؤكد ما جاء في خطاب متلفز للأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، قال فيه إن الحرب مع إسرائيل "لم تنته بعد"، وأن الأخيرة قامت بخرق بنود اتفاق وقف إطلاق النار 3300 مرة، حسب قوله. وكان قاسم قد عبّر مراراً وتكراراً عن رفض الحزب لفكرة "نزع سلاح المقاومة"، داعياً إلى "إزالة الفكرة من القاموس". هل تنجح الدولة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله بالكامل؟ ما أهمية "المساعدة الجزئية" للاستخبارات الإسرائيلية؟ هل يقبل حزب الله بنزع سلاحه في إطار تسوية وطنية شاملة؟ هل هناك توافق داخلي بين القوى السياسية بشأن ضرورة نزع سلاح حزب الله؟ ما تداعيات نزع سلاح حزب الله على لبنان والمنطقة؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 30 أيار/مايو. للمشاركة هاتفياً أو بالصوت والصورة عبر تقنية ZOOM، تواصلوا معنا عبر صفحاتنا أو واتساب على 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر تويتر على الوسم nuqtat_hewar@ كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب

ترمب يلوّح بفرض عقوبات جديدة على روسيا ويدرس الانسحاب من الوساطة مع أوكرانيا
ترمب يلوّح بفرض عقوبات جديدة على روسيا ويدرس الانسحاب من الوساطة مع أوكرانيا

المغرب اليوم

timeمنذ 3 أيام

  • المغرب اليوم

ترمب يلوّح بفرض عقوبات جديدة على روسيا ويدرس الانسحاب من الوساطة مع أوكرانيا

قالت مصادر أميركية إن الرئيس دونالد ترمب يدرس فرض عقوبات جديدة على روسيا خلال الأسبوع الجاري، في ظل تصاعد الإحباط من استمرار الهجمات الروسية على أوكرانيا وبطء مسار مفاوضات السلام. ورجّحت المصادر، التي نقلت عنها صحيفة وول ستريت جورنال، أن العقوبات المحتملة لن تشمل النظام المصرفي الروسي، بل ستركز على وسائل ضغط جديدة لإجبار موسكو على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً. ترمب، الذي أشار الأحد إلى أن "بوتين يقتل الكثير من الناس"، أعرب عن استيائه من مسار المفاوضات، وقال: "لا أعرف ما خطبه، ماذا حصل له بحق الجحيم؟". ويفكر الرئيس الأميركي في اتخاذ ما وصف بـ"الخطوة الأخيرة" قبل الانسحاب كلياً من الوساطة بين موسكو وكييف، وهو تحول مفاجئ لشخص تعهد في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب "في يومه الأول بالبيت الأبيض". في غضون ذلك، أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن إلغاء القيود على استخدام أوكرانيا للأسلحة الغربية، مما يتيح لها استهداف مواقع داخل روسيا، في خطوة أثارت قلقاً من تصعيد محتمل. وترمب، الذي لطالما تفاخر بعلاقته ببوتين، بدا أكثر حدة في تصريحاته الأخيرة، معتبراً أن استمرار القصف على المدن الأوكرانية ينسف أي جهود للتفاوض. وأشارت تقارير إلى أن ثلاثة عوامل رئيسية دفعت ترمب لتغيير موقفه: عدم ارتياحه تجاه الرئيس الأوكراني زيلينسكي، تشكيكه بجدوى العقوبات، وثقته بإمكانية إقناعه بوتين بالحل. من جانب آخر، قدم مشرعون أميركيون مشروع قانون لفرض عقوبات إضافية على روسيا، شملت رسومًا على الدول التي تشتري الوقود الروسي، في تصعيد للضغط على الكرملين. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

العراق والأفخاخ والأدوار
العراق والأفخاخ والأدوار

المغرب اليوم

timeمنذ 3 أيام

  • المغرب اليوم

العراق والأفخاخ والأدوار

تشعر بغدادُ بالارتياح لأنَّها «تحاشت الوقوع في أكثر من فخ». غداة انطلاق «طوفان الأقصى» في غزةَ و«جبهة الإسناد» في لبنان، راودت فصائلَ عراقيةً أحلامُ توسيع دائرة النار. لكن مزيجاً من النَّصائح الداخلية والتحذيرات الخارجية أبعدَ عن شفتي العراق كأسَ الانزلاق إلى الدوامة. كانت التهديدات الإسرائيلية صريحةً وكان لا بدَّ من التدخل الأميركي لمنع تنفيذها في مقابل «كبح حماسة بعض الفصائل». نجت بغداد من فخ آخر. لم يخطر ببال بعضِ الفصائل العراقية أنَّ نظام بشار الأسد يمكن أن يتبخَّرَ فجأة وأن تصبحَ طريقُ طهران - بغداد - دمشق - بيروت محظورةً ومجردَ ذكرى من الماضي. وفوجئت هذه الفصائل بإطلالة أحمدَ الشرع من القصر الذي كان يجلس فيه الأسد. راودت فصائلَ محدودة أفكارُ الاستعداد لقلب الأمور ثم تبين أنَّ القصة أكبر وأخطر وأنَّ إيران تحتاج على الأقل لوقت لالتقاط الأنفاس. هكذا رأى العراق الأمور تتغير من حوله. تدير بغداد علاقاتها الحالية مع طهران وواشنطن «بأكبر قدر ممكن من التوازن. أميركا هي أميركا ونحن نحتاج إليها في أمور كثيرة. وإيران جار تربطنا به علاقات ومصالح وروابط. والحقيقة أنَّ واشنطن أكثر واقعية من السابق. وأنَّ طهران قاآني أقل تطلباً من طهران سليماني. هامش الحركة العراقية أكبر من الماضي. المهم أن لا تحدث مواجهة عسكرية لأنَّها ستكون بمثابة الفخ الكبير للعراق والمنطقة». في الحوارات التي تجري في بغدادَ هذه الأيام جنوحٌ نحو الواقعية فرضته دروسُ الفترة العاصفة الماضية. يمكن الحديث عن نقاط مشتركة تتكرر في الحوارات: - اللاعب الأول في هذا الجزء من العالم كان ولا يزال اللاعب الأميركي. نحن نحب امتداح الأدوار الروسية والصينية والأوروبية لكنَّها في جزء منها وليدة تمنيات أكثر مما هي ترجمة لحقائق. القوات الروسية التي تدخلت في العقد الماضي لإنقاذ نظام بشار الأسد لم تتدخل للدفاع عنه ولم تتعهد حتى بدعمه. روسيا التي تربطها علاقات استراتيجية بإيران لم تستطع منعَ الطائرات الإسرائيلية من تدمير مواقع «الحرس الثوري» في سوريا وإرغام النفوذ الإيراني على المغادرة. تضاعف حضور اللاعب الأميركي مع وصول دونالد ترمب بفعل أسلوبه وبسبب تحول كبير في المنطقة تمثل في سقوط نظام الأسد. - الحقيقة الثانية هي إصابة اللاعب الإيراني في الإقليم بانتكاسة كبرى. قبل سنوات قليلة ساد الاعتقاد أنَّ اللاعب الإيراني هو الأول على الأرض ولا يمكن وقفه. وأنَّه سجل اختراقات ومكاسب ثابتة ويتطلع إلى ترسيخ جذوره في خرائط إضافية. وكان من الصعب تصور سوريا خارج الفلك الإيراني وتصور طهران مضطرة إلى التعامل مع مطار بيروت وفق القواعد الدولية لا بصفة بيروت واحدة من العواصم الأربع التي تدور في الفلك الإيراني. إصابة اللاعب الإيراني ليست بسيطة على الإطلاق. فمحور الممانعة الذي سقط بسقوط حلقته السورية ولد بفعل جهود طويلة وتكاليف هائلة. - الحقيقة الثالثة هي أنَّ إيران خسرت أيضاً في لبنان الذي كان الساحة الأولى لتوسع نفوذها في الإقليم. انتهت الحرب الأخيرة خلافاً لما كان يتمنى «حزب الله» الذي اختار فتح «جبهة الإسناد» غداة انطلاق عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. خسر الحزب زعيمَه التاريخي حسن نصر الله وخسر كبار قادته. وثمة من يقول إنَّه خسر القدرة على خوض حرب ضد إسرائيل بعدما خسر العمق السوري. - الحقيقة الرابعة هي أنَّ إسرائيل التي نحاول منذ عقود تفادي ذكر اسمها أو القبول بها فرضت نفسها لاعباً إقليمياً خطراً. إسرائيل المسلحة بالتكنولوجيا الأميركية قوة هائلة قادرة على التدخل في أراضي جيرانها المباشرين وتوجيه ضربات في مناطق أبعد. إنَّها دولة عدوانية ودولة احتلال لكنَّها واقع لم يعد ممكناً تجاهله. - الحقيقة الخامسة هي أنَّ التحول السوري جاء أبعد وأعمق مما تصوره الكثيرون. واضح أنَّ سوريا الشرع اختارت الخروج من الشق العسكري في النزاع مع إسرائيل وهذا تطور هو الأول من نوعه منذ عقود. التفاهمات التركية - الإسرائيلية الأخيرة بشأن سوريا تحكم إقفال الساحة السورية في وجه إيران والحزب. - الحقيقة السادسة هي تقدم الدور السعودي إلى موقع المبادرة الإقليمية والدولية وعلى قاعدة الاستثمار في الاستقرار استناداً إلى مبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول والابتعاد عن سيادة تصدير النار إلى الجيران أو العالم. يمكن القول إنَّ معظم اللاعبين الذين انخرطوا في حروب ما بعد «الطوفان» أصيبوا بجروح كثيرة وسيرجعون من هذه الحروب بخيبات كثيرة. لا مجال لإنكار أنَّ إسرائيل نجحت بقوتها التدميرية في تغيير المشهد، خصوصاً عبر الحلقة السورية، لكنَّها لن تستطيع الفرار من استحقاق حل الدولتين الذي يزداد حضوراً على الساحة الدولية. «حماس» التي أطلقت شرارة «الطوفان» سترجع بما هو أقسى من الخيبة. ستخسر وجودَها المسلح في غزة وهي حالياً ليست موضع ترحيب، لا في بيروت ولا دمشق ولا عمان. وهذا يعني أنَّها تواجه خطر «التقاعد» الإلزامي إلا إذا صعدت إلى القطار. تراقب بغداد ما يدور حولها. المفاوضات النووية الأميركية - الإيرانية ملف حيوي بالنسبة لها. رسوخ وضع حكم الشرع في سوريا تطور مهم لا بدَّ من أخذه في الحسبان. إذا تابعت دمشق شهر العسل مع واشنطن فإنَّها مرشحة لدور أكبر ومكاسب أكبر. تقرأ بغداد ملامح منطقة تتغيَّر تحت وطأة الحروب وإصابات اللاعبين وخيبات العائدين من المعارك. لا بدَّ من الانتظار قليلاً لإدراك حجم التغيير الذي طرأ على أدوار دول الجوار، والذي لا يمكن إلا أن يتركَ تأثيره على العراق نفسِه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store