
د. رعد محمود التل : قطاع السياحه: الرقم وحده لا يكفي
رغم تسجيل الدخل السياحي في الأردن نموًا بنسبة 11.9% خلال النصف الأول من عام 2025 ليبلغ 3.667 مليار دولار، إلا أن القراءة المتأنية لهذه الأرقام تكشف هذا التحسن وارتباطه بعوامل ظرفية أكثر من كونه نتيجة لتحولات هيكلية في القطاع.
لا شك أن ارتفاع الدخل السياحي يعد مؤشرًا إيجابيًا، لكن من المهم التذكير أن المقارنة كانت مع النصف الأول من العام الماضي، الذي تأثر بشدة بسبب أحداث وحروب في المنطقة. تأثير هذه الأحداث ظهر بشكل أوضح في شهر حزيران، حيث تراجع الدخل السياحي بنسبة 3.7% ليصل إلى 619.2 مليون دولار. هذا التراجع كان متوقعًا ويعكس مدى حساسية السياحة الأردنية لأي توتر إقليمي. فموقع الأردن، رغم أنه يشكل عامل جذب في أوقات الاستقرار، يجعله دائمًا عرضة لتقلبات السياحة في المنطقة، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة القطاع على الصمود في وجه الأزمات الخارجية.
وفي المقابل، ارتفع إنفاق الأردنيين على السياحة في الخارج بنسبة 3.3% ليصل إلى 999.7 مليون دولار، وهو رقم كبير مقارنة بحجم الاقتصاد الأردني، ويشير إلى استمرار استنزاف جزء مهم من النقد الأجنبي نحو الخارج. صحيح أن حزيران شهد تراجعًا كبيرًا في هذا الإنفاق بنسبة 22.7%، لكن هذا الانخفاض لا يعكس تحسنًا في التوازن الخارجي بقدر ما يعكس ما مر من أحداث دفعت الأردنيين لتقليص سفرهم.
أما الأرقام المتعلقة بجنسيات السياح (على اعتبرا أنهم سياح وليسوا زوراً)، فقد أظهرت نموًا ملحوظًا في عدد الزوار من آسيا (42.9%) وأوروبا (35.6%) وأميركا (25.8%)، وهي نتائج مهمة تؤشر الى أن السائح القادم من آسيا قد أصبحت الاردن وجهة رئيسية له ومن المفترض أنها نتيجة لجهود ترويجية، وإذا ما تم مقارنتها بمؤشرات مصاحبة لمتوسط الإنفاق، وتوزيع هذه العوائد جغرافيًا داخل المملكة، فسنخلص باستنجات مهمة جداً. فالمشكلة التي يعاني منها القطاع منذ سنوات لا تتعلق فقط بعدد السياح، بل بضعف الأثر الاقتصادي المباشرعلى المجتمعات المحلية خارج المثلث السياحي التقليدي (العقبة – البحر الميت – البترا) بالاضافة الى عمان!
الملحوظ أيضًا هو التراجع الطفيف في الدخل السياحي من الأردنيين المغتربين بنسبة 0.8%، وهو ما يدعو للتساؤل حول مدى نجاح الحكومة في استقطاب هذه الفئة التي لطالما كانت ركيزة أساسية للموسم الصيفي. هذا التراجع، وإن بدا بسيطًا، قد يكون بداية لتحول أوسع في سلوك المغتربين، ما لم تُبذل جهود لمعرفة سبب الانخفاض (غير الاحداث الاخيرة في المنطقة) وتوجيه هذه الفئة لتحفيزهم على العودة والإنفاق محليًا.
اقتصاديًا، لا يمكن إنكار أهمية الدخل السياحي في دعم ميزان المدفوعات وتوفير النقد الأجنبي، لكن الاعتماد المتزايد عليه دون استراتيجية واضحة لتقليل المخاطر يطرح إشكالية في الاستدامة. فالسياحة لا تزال من أكثر القطاعات تأثرًا بالأزمات السياسية، والرهان عليها كمصدر شبه ثابت للعملة الصعبة يفتقر إلى الحذر.
بحسب قانون وزارة السياحة فهي وزارة اقتصادية بإمتياز، حيث تهدف إلى دعم القطاع السياحي كأحد القطاعات الخدمية والاقتصادية الحيوية، وتعزيز دوره في دعم الاقتصاد الوطني. ولتحقيق ذلك، تتولى الوزارة مهام متعددة تشمل: حماية وتطوير المواقع السياحية، تنظيم المهن والخدمات السياحية، تسهيل إجراءات السياح، الترويج للأردن كوجهة سياحية، إبرام الاتفاقيات السياحية، وتنظيم الاستثمار في القطاع بما يضمن استدامته ونموه. لكن لا تزال المعوقات مستمرة من ضعف التنسيق مع الخاص، واستمرار مشكلات البنية التحتية، وتفاوت جودة الخدمات، فكلها عوامل تقلل من قدرة الأردن العالية للتحول إلى وجهة سياحية عالمية منافسة (وهو أحد أبرز أهداف القطاع في رؤية التحديث الاقتصادي)، على الرغم من تنوع المنتج السياحي وتاريخية المقومات.
أرقام النصف الأول من 2025 تعكس انتعاشًا في الدخل السياحي، لكنها لا تعني تعافيًا حقيقيًا للقطاع (خاصة عند مقارنتها مع سنوات طبيعية وليس بالعام الماضي). فالعبرة ليست فقط في حجم الدخل، بل في استقراره، وتوزعه، وقدرته على الصمود أمام المتغيرات، وهي عناصر ما تزال غائبة أو غير مستقرة في التجربة السياحية في الاردن حتى اليوم. ما المطلوب إذن على صعيد التحليل الكمي؟ ببساطة ليس الاكتفاء برصد الأرقام، بل تحليل مصادرها وبنيتها بدقة، ومراجعة استراتيجيات الترويج والتوزيع، وتحديد مدى كفاءة استثمار العائد السياحي في تحفيز النمو الاقتصادي وهو جهد لا يقع فقط على وزارة السياحة لوحدها بل على الفريق الاقتصادي الحكومي بالكامل. ــ الراي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
انسحاب بلاكستون يعمّق أزمة تيك توك في أميركا
السوسنة - تزايدت حالة الغموض المحيطة بمستقبل منصة "تيك توك" في الولايات المتحدة، بعد انسحاب شركة الاستثمار الأميركية العملاقة "بلاكستون" من تحالف كان يسعى للاستحواذ على حصة في عمليات المنصة الأميركية.ووفقاً لتقارير متخصصة نُشرت على موقع "PhoneArena"، قررت "بلاكستون" التخلي عن خططها للمشاركة في الصفقة، التي كانت تقودها مجموعة "سسكويهانا" الدولية و"جنرال أتلانتيك"، وهما من المستثمرين الحاليين في شركة "بايت دانس" المالكة لتطبيق "تيك توك". وكان التحالف يهدف إلى تملك 80% من أعمال المنصة داخل الولايات المتحدة، مع احتفاظ الشركة الصينية بحصة أقلية.يأتي هذا التطور في وقت تتكرر فيه تأجيلات المهلة النهائية التي منحتها الحكومة الأميركية لـ"بايت دانس" لبيع أعمال "تيك توك" الأميركية، والتي تم تمديدها مؤخرًا حتى 17 سبتمبر، بموجب أمر تنفيذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب.وقد أثارت هذه التأجيلات انتقادات من مشرعين أميركيين يرون أن الإدارة تُماطل في معالجة ما يعتبرونه تهديدًا للأمن القومي بسبب ملكية "تيك توك" الصينية.من جانبها، تدرس "بايت دانس" عدة خيارات، من بينها البيع أو إعادة هيكلة أعمالها الأميركية، في ظل ضغوط متزايدة ومنافسة حادة. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة حققت إيرادات قاربت 43 مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي، متجاوزة شركة "ميتا" في الأرباح الفصلية.ومع انسحاب "بلاكستون"، يزداد الغموض بشأن مصير صفقة "تيك توك" الأميركية، وسط توتر العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين، وتمسك الأطراف الأميركية بتخفيض النفوذ الصيني داخل واحدة من أكثر المنصات انتشارًا في الولايات المتحدة.اقرأ أيضاً:

الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) يتعاون مع شركة كريم لتقديم مساعدات غذائية في غزة والضفة الغربية
عمان - الدستور أعلن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) عن شراكة جديدة مع "كريم"، التطبيق الرائد متعدد الخدمات في الشرق الأوسط، لإطلاق حملة تبرعات عبر تطبيق كريم في الإمارات العربية المتحدة والأردن. وتهدف هذه المبادرة إلى تمكين مستخدمي كريم من دعم جهود برنامج الأغذية العالمي لتقديم المساعدات الغذائية الطارئة في غزة والضفة الغربية مباشرة من خلال التطبيق. يواصل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) إيصال المساعدات الغذائية في قطاع غزة رغم التدهور الأمني وصعوبة الوصول وتفاقم معاناة السكان. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن ما يقارب ثلث السكان هناك يقضون أيامًا عديدة دون طعام أو شراب، ما يزيد من خطر المجاعة. ومنذ 21 مايو، أرسل البرنامج عشرات القوافل الإغاثية إلى غزة، محمّلةً بأكثر من 1,200 شاحنة نقلت ما مجموعه 18,247 طنًا متريًا من المواد الغذائية. ومن خلال منصة التبرعات المتاحة داخل تطبيق كريم، "رايت كليك" (Right Click)، يمكن لمستخدمي التطبيق المساهمة مباشرة، حيث تُستخدم التبرعات لتوفير دقيق القمح والوجبات والمكملات الغذائية للمجتمعات في غزة والضفة الغربية, التي يسعى البرنامج للوصول فيها إلى أكثر من 1.5 مليون شخص هذا العام. وفي هذا السياق، قال ستيفن أندرسون، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في الإمارات العربية المتحدة وممثل البرنامج في مجلس التعاون الخليجي: "نرحّب بهذه الشراكة المهمة مع "كريم"، التي تتيح لسكان الأردن والإمارات فرصة لتقديم الدعم المباشر للعائلات المتضررة في غزة من خلال منصّاتنا المشتركة. هذه المساهمات الفاعلة ستُسهم في إنقاذ الأرواح في واحدة من أصعب الحالات الإنسانية حتى اليوم". ومن جانبه، علّق مدثر شيخة، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة كريم: "نؤمن في "كريم" بأهمية توظيف منصتنا لتمكين المجتمعات والاستجابة الفورية في اللحظات التي تستدعي ذلك. إن الوضع الحالي في غزة يمثّل حالة إنسانية طارئة تتطلب تدخلاً فوريًا، ومن خلال شراكتنا مع برنامج الأغذية العالمي، نتيح لعملائنا في الأردن والإمارات إحداث تأثير مباشر. فمن خلال بضع نقرات داخل التطبيق، يمكن للمستخدمين المساهمة في تقديم مساعدات غذائية للعائلات التي تواجه معاناة لا يمكن تصورها". أصبحت المساعدات الغذائية في غزة الخيار الواقعي الوحيد للغالبية، إذ ارتفعت أسعار الدقيق إلى مستويات تفوق 3,000 ضعف ما كانت عليه قبل الحرب، فيما يكاد يكون من المستحيل العثور على وقود للطبخ. وقد قام برنامج الأغذية العالمي بتهيئة أكثر من 116,000 طن متري من المساعدات الغذائية على مقربة من غزة، وهي كمية تكفي لإطعام كامل سكان غزة لمدة شهرين. وفي عام 2025 وحده، سهلت كريم تبرعات بقيمة تجاوزت 200,000 دولار لصالح قضايا متعددة، شملت الإغاثة الطارئة ودعم التعليم، مما يُظهر التزام عملاء كريم المتواصل بإحداث أثر إيجابي عبر التطبيق. الحملة متاحة حاليًا عبر منصة التبرعات "رايت كليك" (Right Click) داخل تطبيق "كريم" في كل من الأردن والإمارات. يمكن للمستخدمين تحميل النسخة الأحدث من تطبيق كريم على أجهزة iOS أو Android للتبرع والمساهمة في إحداث فارق حقيقي.


جهينة نيوز
منذ 3 ساعات
- جهينة نيوز
برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة يتعاون مع شركة كريم لتقديم مساعدات غذائية في غزة والضفة الغربية
تاريخ النشر : 2025-07-21 - 01:58 pm أعلن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) عن شراكة جديدة مع "كريم"، التطبيق الرائد متعدد الخدمات في الشرق الأوسط، لإطلاق حملة تبرعات عبر تطبيق كريم في الإمارات العربية المتحدة والأردن. وتهدف هذه المبادرة إلى تمكين مستخدمي كريم من دعم جهود برنامج الأغذية العالمي لتقديم المساعدات الغذائية الطارئة في غزة والضفة الغربية مباشرة من خلال التطبيق. يواصل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) إيصال المساعدات الغذائية في قطاع غزة رغم التدهور الأمني وصعوبة الوصول وتفاقم معاناة السكان. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن ما يقارب ثلث السكان هناك يقضون أيامًا عديدة دون طعام أو شراب، ما يزيد من خطر المجاعة. ومنذ 21 مايو، أرسل البرنامج عشرات القوافل الإغاثية إلى غزة، محمّلةً بأكثر من 1,200 شاحنة نقلت ما مجموعه 18,247 طنًا متريًا من المواد الغذائية. ومن خلال منصة التبرعات المتاحة داخل تطبيق كريم، "رايت كليك" (Right Click)، يمكن لمستخدمي التطبيق المساهمة مباشرة، حيث تُستخدم التبرعات لتوفير دقيق القمح والوجبات والمكملات الغذائية للمجتمعات في غزة والضفة الغربية, التي يسعى البرنامج للوصول فيها إلى أكثر من 1.5 مليون شخص هذا العام. وفي هذا السياق، قال ستيفن أندرسون، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في الإمارات العربية المتحدة وممثل البرنامج في مجلس التعاون الخليجي: "نرحّب بهذه الشراكة المهمة مع "كريم"، التي تتيح لسكان الأردن والإمارات فرصة لتقديم الدعم المباشر للعائلات المتضررة في غزة من خلال منصّاتنا المشتركة. هذه المساهمات الفاعلة ستُسهم في إنقاذ الأرواح في واحدة من أصعب الحالات الإنسانية حتى اليوم". ومن جانبه، علّق مدثر شيخة، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة كريم: "نؤمن في "كريم" بأهمية توظيف منصتنا لتمكين المجتمعات والاستجابة الفورية في اللحظات التي تستدعي ذلك. إن الوضع الحالي في غزة يمثّل حالة إنسانية طارئة تتطلب تدخلاً فوريًا، ومن خلال شراكتنا مع برنامج الأغذية العالمي، نتيح لعملائنا في الأردن والإمارات إحداث تأثير مباشر. فمن خلال بضع نقرات داخل التطبيق، يمكن للمستخدمين المساهمة في تقديم مساعدات غذائية للعائلات التي تواجه معاناة لا يمكن تصورها". أصبحت المساعدات الغذائية في غزة الخيار الواقعي الوحيد للغالبية، إذ ارتفعت أسعار الدقيق إلى مستويات تفوق 3,000 ضعف ما كانت عليه قبل الحرب، فيما يكاد يكون من المستحيل العثور على وقود للطبخ. وقد قام برنامج الأغذية العالمي بتهيئة أكثر من 116,000 طن متري من المساعدات الغذائية على مقربة من غزة، وهي كمية تكفي لإطعام كامل سكان غزة لمدة شهرين. وفي عام 2025 وحده، سهلت كريم تبرعات بقيمة تجاوزت 200,000 دولار لصالح قضايا متعددة، شملت الإغاثة الطارئة ودعم التعليم، مما يُظهر التزام عملاء كريم المتواصل بإحداث أثر إيجابي عبر التطبيق. الحملة متاحة حاليًا عبر منصة التبرعات "رايت كليك" (Right Click) داخل تطبيق "كريم" في كل من الأردن والإمارات. يمكن للمستخدمين تحميل النسخة الأحدث من تطبيق كريم على أجهزة iOS أو Android للتبرع والمساهمة في إحداث فارق حقيقي. تابعو جهينة نيوز على