logo
هل ينجح برنامج دمج وتسريح مقاتلي تيغراي بعد شهور من التعثر؟

هل ينجح برنامج دمج وتسريح مقاتلي تيغراي بعد شهور من التعثر؟

الجزيرة٠٨-٠٥-٢٠٢٥

في تطور لافت ضمن مسار تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام الموقّع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي عام 2022، أعلنت قيادة الإدارة المؤقتة في الإقليم عن استئناف برنامج نزع السلاح وإعادة تأهيل المقاتلين السابقين بالجبهة بعد أن توقّف في يناير/كانون الثاني الماضي.
ويستهدف البرنامج إعادة تأهيل نحو 60 ألف مقاتل خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر، في محاولة لتعويض التعثر السابق وتحقيق التزامات الإقليم في إطار الاتفاقية الموقعة مع الحكومة الفدرالية.
ويأتي هذا الاستئناف في سياق تعهدات الرئيس الجديد لإدارة تيغراي المؤقتة الجنرال تاديسي ويردي بإعادة الزخم إلى عملية السلام، واستكمال البنود العالقة من الاتفاق، وعلى رأسها نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.
آلاف المقاتلين السابقين
ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية معلنة من تيغراي حول عدد المقاتلين، فإن الرئيس السابق لإدارة الإقليم غيتاتشو ردا قال في مؤتمر صحفي بأديس أبابا إن أكثر من 270 ألف مقاتل سابق موجودين في المنطقة ما زالوا ينتظرون إعادة التأهيل والإدماج.
وبحسب تقديرات محلّية، لم يُنجز في المرحلة السابقة من البرنامج سوى تأهيل حوالي 12 ألف مقاتل فقط خلال فترة رئاسة غيتاتشو ردا، قبل أن يتوقف العمل بفعل تحديات تمويلية وإدارية.
نزع السلاح والتسريح
وأمس الأربعاء، أعلن رئيس الإدارة المؤقتة في تيغراي الجنرال تاديسي ويردي أن تنفيذ برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج يسير بخطى ملموسة، مشيرًا إلى أن الجولة الأولى، التي تستهدف نحو 75 ألف مقاتل سابق، ستُستكمل بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.
وخلال لقاء جمعه أمس بالسفير الألماني المعتمد لدى إثيوبيا ، أوضح ويردي أن المرحلة الثانية من البرنامج ستنطلق بالتوازي مع جهود تأمين الوضع الدستوري لإقليم تيغراي وضمان العودة الكاملة والآمنة للنازحين إلى ديارهم، وذلك بهدف دعم عملية السلام وتثبيت دعائم الاستقرار.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات كبيرة تتعلق بإعادة الإعمار، وبناء الثقة بين الأطراف.
وتزامنت هذه التصريحات أيضا مع ضغوط متزايدة لتنفيذ اتفاق بريتوريا بشكل شامل، يتجاوز الجوانب العسكرية إلى معالجة القضايا السياسية والإنسانية الجوهرية.
ويُنظر إلى التقدم في ملف إعادة التأهيل والتسريح كاختبار حاسم لمدى التزام الحكومة الفدرالية والإدارة المؤقتة في الإقليم بتهيئة بيئة دائمة للسلام تتجاوز آثار العنف والحروب الداخلية.
ورغم أن المراقبين والشركاء في عملية السلام ينظرون إلى أن خطوة البدء في إعادة تأهيل مقاتلي تيغراي مؤشر إيجابي على بناء الثقة بين الأطراف، فإن بعض التحديات السياسية والإنسانية لا تزال قائمة، بما في ذلك قضايا إعادة الإعمار، والمساءلة عن الانتهاكات، وملف إعادة دمج الإقليم بشكل كامل في النظام الفدرالي الإثيوبي.
مخاوف وتحفّظات
في سياق متصل، عبّر حقوس جبر أكيدان الضابط السابق بقوات جبهة تحرير تيغراي عن رؤيته بشأن عملية تسريح المقاتلين، مشيرًا إلى أنها تحمل في طياتها آثارا إيجابية وأخرى مقلقة.
وقال في تصريح للجزيرة نت إن الخطوة يمكن أن تسهم في الحد من انتشار السلاح ومظاهر الانفلات الأمني، وهي عناصر ضرورية للانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب وبناء الثقة، لكنها في المقابل تثير مخاوف حقيقية لدى قطاعات من المجتمع التيغراوي.
ويرى الضابط السابق أن مخاوف نزع السلاح تتجّلى أساسا في حال تجدّد النزاع، إذ إن جمع هؤلاء المقاتلين لم يكن مهمة سهلة، وكثيرون منهم انخرطوا في القتال بدافع حماية مناطقهم والدفاع عن قضيتهم.
وحذّر أكيدان من أن التركيز المفرط على برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج دون ضمان التزام فعلي من طرفي الحكومة الفدرالية وجبهة تحرير تيغراي، قد يضعف الثقة المجتمعية ويعرّض عملية السلام لمخاطر الانتكاس.
وحول سيناريوهات نجاح عملية إعادة تأهيل وإدماج مقاتلي تيغراي كأول اختبار حقيقي لإرادة الأطراف الإثيوبية لتحقيق السلام، يرى هيلي ميكائيل جبرهيوت الصحفي الإثيوبي المختص في شؤون تيغراي أن إمكانية تحقيق تقدم مستمر في تنفيذ البرنامج مرهون بتوفر الإرادة السياسية والدعم المؤسساتي من الحكومة الفدرالية والإدارة المؤقتة.
ويضيف جبرهيوت، في تصريح للجزيرة نت، أن نجاح هذا المسار يتوقف كذلك على تعاون المقاتلين السابقين وتوفير ضمانات جدّية لإعادة دمجهم في الحياة المدنية أو الهياكل الأمنية الرسمية.
أديس أبابا وتيغراي.
مواقف سياسية متباينة
وتمثل المواقف السياسية المتباينة في مسار إدماج مقاتلي تيغراي بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي نقطة تقاطع بين أولويات السلام، وحسابات النفوذ، وتوازنات القوى الإثنية في البلاد.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي الإثيوبي إمانويل جبر أميدهن أن الإرادة السياسية المتأرجحة بين أديس أبابا والحرس القديم في جبهة تحرير تيغراي، الذي يهيمن على الإقليم، تمثّل تحدّيا أمام نجاح عملية إعادة إدماج المقاتلين.
وقال أميدهن، في تصريح للجزيرة نت، إن الانقسامات المتزايدة داخل جبهة تحرير تيغراي، لاسيما في ظل الجدل حول شرعية قيادة الجنرال تاديسي ويريدي، تمثل منعطفا خطيرا بشأن عودة الصراع مرة أخرى للإقليم.
وأضاف أميدهن أن رفض بعض الفصائل عملية نزع السلاح دون ضمانات واضحة قد يؤدي إلى إبطاء التنفيذ أو تعطيله، كما أن غياب التنسيق الكامل بين الحكومة الفدرالية والإدارة المؤقتة قد يسهم في تعقيد المشهد.
ورغم أن الحكومة الفدرالية بقيادة آبي أحمد تتبنّى موقفًا علنيا داعما لمسار السلام، بما فيه إعادة إدماج مقاتلي تيغراي، فإن أوساطا داخل النظام تخشى أن يؤدي دمج المقاتلين في المؤسسات الأمنية إلى اختراق محتمل أو إعادة بناء شبكات نفوذ عسكرية ذات طابع إثني، مما يعيد إلى الأذهان ما كانت تعرف بـ"الدولة العميقة" قبل مجيء آبي أحمد إلى الحكم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز
واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز

أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات على السودان بعد توصلها إلى خلاصة مفادها أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية عام 2024 خلال صراعه مع قوات الدعم السريع ، في حين سارعت الخرطوم لرفض تلك الاتهامات والعقوبات واتهمت بدورها واشنطن بالابتزاز والتزييف. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس في بيان إن العقوبات ستتضمن قيودا على الصادرات الأميركية وخطوط الائتمان الحكومية الأميركية، وستدخل حيز التنفيذ في موعد قريب من السادس من يونيو/حزيران بعد إخطار الكونغرس. وأضافت بروس أن "الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية" التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة. وجاء في بيان بروس أن الولايات المتحدة قررت رسميا في 24 أبريل/نيسان الماضي بموجب قانون (مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب) لعام 1991 أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية العام الماضي، لكنها لم تحدد نوع الأسلحة المستخدمة أو موعد أو مكان استخدامها على وجه الدقة. وقالت بروس "تؤكد الولايات المتحدة التزامها الكامل بمساءلة كل من يسهم في انتشار الأسلحة الكيميائية". الخرطوم ترفض من جانبها سارعت الخرطوم لرفض التصريحات والاتهامات الأميركية، وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية إن ما صدر عن واشنطن من عقوبات هي "اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز وتزييف الحقائق". وأشار المتحدث إلى أن واشنطن "دأبت على انتهاج سياسات تعرقل مسيرة الشعب السوداني نحو الاستقرار"، وفق تعبيره. وأضاف أن "عقوبات واشنطن استهدفت الجيش بعد إنجازات ميدانية غيرت واقع المعركة". وفرضت واشنطن في يناير/ كانون الثاني الماضي عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، متهمة إياه بالتمسك بإنهاء الصراع عن طريق الحرب وليس عبر المفاوضات. كما خلصت الولايات المتحدة إلى أن أعضاء من قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية، وفرضت عقوبات على بعض قيادات القوات بما في ذلك قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم (حميدتي). ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية. وبوتيرة متسارعة منذ أسابيع بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش الذي تمددت انتصاراته في العاصمة الخرطوم، بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي ومقار الوزارات بمحيطه والمطار ومقار أمنية وعسكرية.

عاصفة في السودان عقب قرار البرهان
عاصفة في السودان عقب قرار البرهان

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

عاصفة في السودان عقب قرار البرهان

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان الاثنين مرسومًا دستوريًا قضى بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء. والسيد كامل إدريس دبلوماسي وسياسي بارز، شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية لأكثر من عشر سنوات، كما شغل منصب الأمين العام للاتحاد الدولي لحماية المصنفات النباتية. وهو يعد شخصية سياسية مستقلة لم يعرف عنه سابق انتماء حزبي أو أيديولوجي، وقد خاض انتخابات الرئاسة في العام 2010 ضمن المرشحين المستقلين في مواجهة الرئيس السابق عمر البشير. تزخر السيرة الذاتية للرجل بمحطات عديدة ومواقع عمل مختلفة ساهمت في تكوين خبرة تراكمية أهلته ليكون خيارًا مميزًا من بين عدة شخصيات أخرى ليشغل منصب رئيس الوزراء في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به السودان. اختيار كامل إدريس لرئاسة الوزراء بكامل صلاحيات المنصب وضع حدًا لفترة فراغ في هذا المنصب استمرت لأكثر من ثلاث سنوات منذ استقالة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك في يناير/ كانون الثاني من العام 2022، حيث ظل مجلس الوزراء طوال تلك الفترة يباشر مهامه التنفيذية بالتكليف. وقد أثار تعيين كامل إدريس جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية وعلى مستوى النخب والقوى السياسية السودانية على حد سواء، ليس فقط لأن قرار تعيينه كان مفاجئًا وغير متوقع، وإنما أيضًا بسبب بُعد الرجل وغيابه عن المشهد السياسي – على الأقل – منذ اندلاع الحرب التي دخلت عامها الثالث الآن، حيث ظل الرجل معتكفًا فيما يشبه العزلة عن مجريات الأحداث، واتخذ لنفسه مكانا قصيًا عن قوة جذب الاستقطاب الحاد الحادث بين مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي بقيادة حمدوك من جهة، والحكومة السودانية ومؤيديها من القوى السياسية من جهة أخرى. استطاع كامل إدريس أن يحتفظ بحالة حياد تام بين الجانبين ولم يصطف مع طرف بعينه في مواجهة الطرف الآخر، وهو موقف يعكس بوضوح شخصيته التي تميل بشكل كبير نحو الاستقلالية. ولهذا السبب فإنّ تعيينه أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية ما بين مؤيد، ومعارض. مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي كانوا في طليعة المعارضين لتعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء بكامل الصلاحيات، ويؤسسون معارضتهم ورفضهم تعيينَ الرجل على ما يرونه من أن الحكومة ليست لها الشرعية التي تخولها القيام بهذا الإجراء من الأساس باعتبار أن شرعيتها انتهت عقب اتخاذ البرهان إجراءات 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 التي قضت بإزاحة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك من منصبه. وترى هذه الفئة أن حمدوك هو رئيس الوزراء الشرعي، وفي الحقيقة فإن هذا الرأي تفنده حقيقة أن حمدوك كان قد أعيد لمنصبه في أقل من شهر من تاريخ إزاحته، لكنه وبعد شهرين من إعادته تقدم باستقالته لرئيس مجلس السيادة مسببًا الاستقالة بفشل جهوده لإحداث إجماع سياسي وطني "ضروري للإيفاء بما وعدنا به المواطن من أمن وسلام وعدالة وحقن للدماء"، حسب تعبيره. كذلك من أسباب رفض مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي تعيينَ كامل إدريس أنها تتهمه بأنه صنيعة لنظام البشير، وأنه كان جزءًا من ذلك النظام وأنه – حسبما عبر عن ذلك المستشار القانوني لمليشيا الدعم السريع محمد مختار النور – يتماهى مع التيار الإسلامي، وأن تاريخه مليء بالتناقضات. تبرز أصوات أخرى متفرقة داخل معسكر الرافضين تعيينَ كامل إدريس وتمثل مشارب مختلفة داخل الطيف السياسي السوداني من قوى وطنية تقف مساندة ومؤيدة للجيش وللحكومة السودانية، منهم سياسيون، وصحفيون، وناشطون، خاصة من فئة الشباب عبروا عن تحفظاتهم على تعيين الرجل- في مواقع التواصل الاجتماعي- وبنى هؤلاء موقفهم هذا على أن التزام كامل إدريس للحياد إزاء الحرب، هو موقف يثير الشكوك حول حقيقة موقفه؛ باعتبار أن طبيعة الحرب- وما تمخض عنها من تداعيات شديدة الفظاعة، بسبب الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، والتدخل الخارجي بالدعم- لا تدع مساحة للوقوف على الحياد منها، ولا تبرر أي اتجاه سلبي لا يفصح بشكل واضح عن دعمه للجيش والحكومة. أما في الجانب الآخر وعلى صعيد الفئة المؤيدة لتعيين كامل إدريس، فتأتي على رأس هذه الفئة القوى السياسية التي كانت قد تقدمت للبرهان بخارطة طريق للفترة الانتقالية، وتضم هذه القوى السياسية الكتلة الديمقراطية، وتحالف الحراك الوطني، وتحالف سودان العدالة، وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الأمين محمود. حيث امتدحت هذه الفئة قرار التعيين ووصفته بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، كونها تتيح الفرصة للجانب المدني للقيام بواجبه تجاه إعادة إحياء العمل التنفيذي، والاهتمام بمعاش المواطنين، وتطبيع الحياة، وتقديم الخدمات لهم، وأن من شأن تعيين رئيس وزراء بكامل الصلاحيات يقود إلى انتقال سلس يتم من خلاله تنفيذ اتفاقية سلام جوبا والتحضير لقيام الانتخابات العامة مع نهاية الفترة الانتقالية. ومن ضمن هذه الفئة المؤيدة برزت أصوات من خارج "منظومة خارطة الطريق"، أبرزها صوت رئيس حزب المؤتمر الوطني (المفوض) الذي يمثل قسمًا كبيرًا من (الإسلاميين) برئاسة أحمد هارون، حيث أصدر الحزب بيانًا أشاد فيه بقرار التعيين واصفًا إياه بالخطوة المهمة على طريق "إعادة ترتيب البيت الوطني الداخلي بما يمكن المجلس السيادي وقيادة الجيش من الاضطلاع بمهامهما الجسيمة ويتيح الفرصة لتكوين حكومة تضطلع بمهامها بكفاءة". وامتدح هارون رئيس الوزراء المعين ووصفه بأنه "كفاءة وطنية مستقلة". ويلاحظ على موقف ودفوعات الرافضين تعيين رئيس الوزراء، أنهم صوبوا نقدهم لـ (شخص) رئيس الوزراء المعين وليس على الخطوة نفسها، في حين أنه من المسلم به سياسيًا وقانونيًا وفقًا للوثيقة الدستورية أن تعيين رئيس وزراء بصلاحيات كاملة هو من فروض وضروريات الفترة الانتقالية، وركن أصيل في عملية الانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي، لذلك فإن هذا التيار الرافض تعيين كامل إدريس، قد أضعف نفسه بتركيزه على رفض شخصِه فقط، وإثارة اتهامات حوله يصعب تأكيدها. وعلى الجانب الآخر، فإن المؤيدين للتعيين لم يستندوا في تأييدهم إلى السمات الشخصية، ولا على الموقف الحيادي لرئيس الوزراء المعين من الحرب، وإنما انطلقوا من كون الخطوة صحيحة وتقود إلى استكمال الدور الانتقالي للحكومة، وتتيح الفرصة لقيادة الجيش من أجل التفرغ لمهامها الدفاعية، واستكمال مسيرة النصر والقضاء على التمرد. وجدير بالقول إن مهمة السيد كامل إدريس ليست سهلة، وتعترضها العديد من التحديات، يأتي في صدارتها التحدي الاقتصادي، وهو ملف شائك حيث ينتظر من حكومته المرتقبة أن تقوم بإنجاز إصلاحات اقتصادية في الأجل القصير، وإحداث تحسينات عاجلة في معاش الناس، خاصة في مجال الخدمات من مياه وكهرباء، وصحة، وتعليم، وإعادة تأهيل مرافق البنية التحتية، وإيجاد حلول ناجعة لمشكلات تصدير الذهب الذي يمثل العمود الفقري لإيرادات الدولة. وكذلك إعادة تأهيل المشاريع الزراعية خاصة مشروع الجزيرة، وهو الأكبر على نطاق الدولة بعدما طالته يد التخريب والتدمير بواسطة مليشيا الدعم السريع. وكذلك أمام رئيس الوزراء المعين تحديات سياسية جمة تتمثل بصورة مجملة في تحقيق انتقال سلس من الفترة الانتقالية التي ستمتد وفقًا لخارطة الطريق لأربع سنوات يتم خلالها تهيئة مناخ سياسي معافى ويمهد الطريق فيها إلى إحداث توافق سياسي على صيغة وشكل الحكم المدني الديمقراطي والتحضير للانتخابات والإشراف عليها وعلى نزاهتها، ومن ثم تسليم البلاد لحكومة منتخبة. وكل ذلك يتم تحت رقابة شعبية مباشرة، مما يضع حكومة السيد كامل المرتقبة تحت ضغط شعبي هائل ومباشر. المهمة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة، إذا توفر السند الشعبي لرئيس الوزراء وحكومته، وإذا أحسن رئيس الوزراء اختيار طاقمه الوزاري على أساس الكفاءة والتخصص والجدارة بعيدًا عن المحاصصة والمجاملة، وتفعيل قوانين المحاسبة ومحاربة الفساد. الواقع أنه لا سبيل للإجابة عن هذا السؤال في الوقت الراهن فحبر قرار التعيين لم يجفّ بعد، وتطورات الأحداث في ظلّ حالة الحرب متقلّبة ويصعب التنبؤ بها.

اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل
اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل

انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الأربعاء 21 مايو، اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للتحضير لقمة رفيعة المستوى، تجمع رؤساء دول وحكومات الجانبين. ويُعد هذا اللقاء، الثالث من نوعه، فرصة نادرة تؤكد عمق التشابك بين قضايا أفريقيا وأوروبا، خاصة في ظل التحولات السريعة التي يشهدها النظام العالمي. وشهد الاجتماع مشاركة واسعة من الدول الأفريقية، حيث حضر نحو 35 وزيراً. إلا أن غياب دول الساحل الثلاث ـمالي وبوركينا فاسو والنيجرـ كان لافتاً، إذ لم يدع الاتحاد الأفريقي، المسؤول عن تنظيم الجانب الأفريقي هذه الدول في هذه التحضيرات. ويأتي هذا الغياب في ظل تزايد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، مما يثير تساؤلات عن موقف هذه الدول من الشراكة الأفريقية-الأوروبية. تركزت المناقشات على قضايا أمنية واقتصادية عدة، منها الصراعات المستمرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، إلى جانب دعم جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الساحل، رغم الإشارة إليها بشكل مقتضب في مشروع البيان المشترك. وبرز الملف الأمني كأولوية رئيسية، حيث أكد الوزراء ضرورة تعزيز التعاون السياسي والأمني بين الجانبين في مواجهة التحديات التي تهدد النظام متعدد الأطراف، منها تصاعد موجة التضليل الإعلامي والتحديات الجديدة الناتجة عن التوترات الدولية. وعلى الصعيد الاقتصادي، شكل تعزيز العلاقات والتعاون بين أفريقيا وأوروبا محوراً أساسياً، خصوصاً من خلال الاستثمارات الأوروبية في مجالات الطاقة والبنية التحتية على المستويين الإقليمي والقاري. كما تم التأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي لإنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية. وأبرز الوزراء الأفارقة الحاجة إلى إعادة توازن العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، مع تأكيد ضرورة تطوير الصناعة المحلية وتحويل المواد الخام داخل القارة، ما يساهم في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة والابتكار. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كايا كالاس، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع التعاون مع الاتحاد الأفريقي في مجالات إستراتيجية مثل المواد الخام الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية للنقل، بما يعزز الشراكة بين القارتين. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تقلبات جيوسياسية متسارعة وصراعات دولية تعيد تشكيل موازين القوى، مما يجعل الشراكة الأوروبية-الأفريقية أكثر أهمية من أي وقت مضى في السعي للحفاظ على الاستقرار والتنمية المشتركة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store