الحرب على إيران تأخذ منحى تصاعديًا.. هل من أفق لإنهائها؟!
عندما شنّت إسرائيل هجومها على إيران فجر الجمعة، كان واضحًا أنّ الأمر مختلف عن كلّ الضربات السابقة، فحجمه كان كافيًا للدلالة على أنّ الأمر أكثر من مجرّد "رسالة" ترغب تل أبيب بإيصالها لطهران، أو حتى محاولة للتدخّل في المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، كما أنّ مستوى ونوع الاغتيالات التي طالب كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين، لم يكن بالإمكان أن يفسَّر سوى على أنّه "إعلان حرب" بأتمّ معنى الكلمة.
ومع أنّ المسؤولين الإسرائيليّين كانوا واضحين بكلامهم عن "جولة افتتاحية"، وليس عن مجرد "هجوم" يُضاف إلى غيره، ما فُسّر على أنّه تمهيدًا لمعركة طويلة، في سياق معارك "طوفان الأقصى" المتنقّلة، إلا أنّ الانطباع الذي ساد حينها لم يصل لحدّ التكهّن بحربٍ بأتمّ معنى الكلمة، بل كان الاعتقاد بأنّ المعركة ستدوم أيامًا في حدّها الأقصى، تنتزع بموجبها الولايات المتحدة أوراق قوة توظّفها في المفاوضات النووية، لفرض الشروط على إيران.
وعلى الرغم من أنّ إسرائيل حاولت "استنساخ" تجربة حربها ضدّ "حزب الله" إيرانيًا، في ظلّ الكثير من نقاط التشابه والتقاطع، خصوصًا على مستوى الاغتيالات لقادة الصف الأول، إلا أنّ الوقائع على الأرض بدت مختلفة، فأخذت المعركة منحى تصاعديًا، بدت معه إيران كمن "استوعب" صدمة الضربة الأولى، التي لم تكن "قاضية" كما خُطّط لها، فهل من أفق لهذه الحرب، وإلى أيّ مدى يمكن أن تتوسّع أكثر؟!
لا خطوط حمراء
الواضح حتى الآن، أنّ هذه الحرب لا تشبه أيًا من الحروب أو الضربات السابقة، سواء تلك التي تواجه فيها الإيرانيون والإسرائيليون بشكل مباشر، والتي كانت في أغلبها ضربات "محدودة"، بل "شكليّة" برأي كثيرين، أو تلك التي تواجهوا فيها بشكل غير مباشر، من خلال القوى والأطراف المحسوبة على إيران، أو من يصنّفون في مكانٍ ما على أنّهم "وكلاؤها" في المنطقة، وفي مقدّمتها "حزب الله" الذي خاض عدّة حروب في وجه إسرائيل.
وإذا كانت إسرائيل بادرت إلى شنّ هذه الحرب، فإنّ الواضح أنّها تخلّت معها عن كلّ "الخطوط الحمراء"، وهو ما أظهره المنحى التصاعدي للهجمات منذ يوم الأمس، فصحيح أنّ الجولة الافتتاحية كانت صادمة ومباغتة، إلا أنّ الضربات التي أعقبتها لم تقلّ شأنًا، وصولاً إلى استهداف مبنى التلفزيون الإيراني بعد ظهر الإثنين، وهو الذي حمل رسالة واضحة مفادها أنّ كل المؤسسات الإيرانية في مرمى الاستهداف، بما في ذلك ما يصنّف على أنه منشآت مدنية.
في المقابل، يبدو أنّ الإيرانيّين أيضًا تخطّوا "صدمة" الهجوم الأول، وانتقلوا إلى التصعيد والهجوم، وهو ما تجلّى في الهجمات الصاروخية التي استهدفوا من خلالها مواقع عدّة في إسرائيل، وخصوصًا في تل أبيب، لدرجة أن مشهد الدمار في إسرائيل بات أخيرًا منتشرًا، كما لم يكن على امتداد الجبهات التي فُتِحت منذ معركة "طوفان الأقصى"، وهو ما أدّى إلى تدخّل الرقابة العسكرية، لمنع النشر في الكثير من الأحيان، وهو ما بدا لافتًا للانتباه.
السيناريوهات والاحتمالات
هكذا، يبدو واضحًا أنّ الحرب على إيران، أو ربما ما يمكن تسميتها بالحرب الإسرائيلية الإيرانية، باعتبار أنّها لم تعد من طرف واحد كما بدأت على الأقلّ، رغم اعتبار البعض أنّ "التوازن" مفقود بين ضربات الطرفين، مفتوحة على كلّ السيناريوهات والاحتمالات، وسط مخاوف تبدو مشروعة من أن تتوسّع أكثر، وتنزلق بالمنطقة برمّتها إلى أتون لا أحد يرغب به، خصوصًا إذا ما أصبحت "حربًا نووية" بأتمّ معنى الكلمة.
يقول العارفون إنّ المنحى "التصاعدي" الذي أخذته المواجهة في اليومين الماضيين يمكن أن يُفهَم بالاتجاهين، فهو يمكن أن يعني المضيّ بالمعركة حتى النهاية مهما كان الثمن، وهو ما يلمّح إليه الإسرائيليون، الذين بدأوا باكرًا بالتلويح بإعلان "النصر"، مع التحرّر من كلّ القيود، حتى إنّ الحديث عن احتمال اغتيال المرشد الأعلى السيد علي خامنئي لم يعد من "المحرّمات" في خطابهم، بل ثمّة من يوحي بأنّه سيكون "الضربة القاضية" على النظام الإيراني ككلّ.
وإذا كان هناك من يعتقد أنّ الهدف الإسرائيلي شبه المُعلَن بالقضاء على النظام، سيشرّع توسعة الحرب إلى أقصى الحدود، ثمّة من يرى أنّ كلّ ذلك يندرج في خانة "الإعداد" للعودة إلى طاولة المفاوضات، متى نضجت مقوّماتها، علمًا أنّ التسريبات عن طلب إيراني بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب، لا تبدو بريئة، كما "مفارقة" تزامنها مع تهديدات إيرانية وصلت إلى الذروة، في تكتيك يمكن أن يُفهَم على طريقة "العين بالعين"، ولكن أيضًا وفق منطق "الردع الاستراتيجي".
لعلّها الحرب الأكبر وقعًا منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، بكلّ محطّاتها، من غزة إلى لبنان مرورًا باليمن، بل هناك من يعتبرها المعركة الحاسمة والفاصلة، التي مهّدت لها المعارك السابقة، وقد أضحت قصّة "حياة أو موت" بالنسبة لإسرائيل وإيران على حدّ سواء، فالأولى تتحدّث عن "تغيير وجه الشرق الأوسط"، والثانية تدرك أنّ المخطّط هو إسقاط النظام، وهو ما ستواجهه مهما كان الثمن، وهنا بيت القصيد!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
الكتائب: لإتخاذ إجراءات سيادية واضحة لتحييد لبنان
ثمن حزب الكتائب اللبنانية، اثر الاجتماع الأسبوعي لمكتبه السياسي برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، 'موقف الدولة اللبنانية المصمم والحاسم على تحييد لبنان عن أتون الحرب الإقليمية الدائرة'، مجددا دعوته إلى 'تثبيت مبدأ حصرية قرارَي السلم والحرب بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية، من خلال الإسراع في حصر السلاح بيد الشرعية وحدها'. ورأى الحزب، في بيان، أن 'ما تشهده المنطقة من تطورات يستوجب من حزب الله اتخاذ قرار واضح وفوري بملاقاة المطالب بتسليم سلاحه الى الجيش اللبناني والانفكاك الكامل عن أي ارتباط خارجي، والعودة إلى الدولة التي تبقى الملاذ الوحيد والحامي الأوحد لجميع اللبنانيين'. ودعا انطلاقا من الحرص على حماية اللبنانيين من تداعيات أي تطورات أمنية خارجية، إلى 'وضع خطة طوارئ وطنية شاملة لتأمين سلامة المواطنين ورفع الأخطار المحتملة عنهم'، مستغربا 'استمرار وجود حاويات مواد قابلة للاشتعال في مرفأ بيروت'، داعيا 'مجلس الوزراء الى تنفيذ قراره والتحرك الفوري في نقل الاعتمادات اللازمة لمعالجة هذا الملف، تفاديا لأي كارثة جديدة'. وأكد 'ضرورة تركيز كل الجهود السياسية والأمنية والديبلوماسية لتأمين بيئة آمنة تضمن صيفا هادئا للبنانيين المقيمين والمغتربين والسياح'، داعيا 'وزارة الأشغال العامة والنقل إلى اتخاذ خطوات سريعة لتعزيز النقل البحري السياحي نحو المرافئ اللبنانية، ولا سيما مرفأ جونيه، لتأمين بدائل عن النقل الجوي في حال تعذّر استمراره لأسباب امنية'. ورحب الحزب بـ'إتمام التعيينات الدبلوماسية بعد ثماني سنوات من التعثّر'، لافتا إلى أن 'ساعة الإفراج عن باقي التعيينات والتشكيلات قد حانت، لا سيما القضائية منها بعدما طال احتجازها لأسباب لم تعد خافية على أحد، وبات من الملحّ إنهاؤها بما يعيد الثقة بالقضاء ويؤسّس لعدالة لا تَخضع ولا تُخضع'. وأبدى المكتب السياسي دعمه 'الكامل لوزير العدل عادل نصّار الذي يقارب مهامه بجدية ومسؤولية، ساعيا إلى إعادة الاعتبار للقضاء كسلطة مستقلة بعيدة عن التدخل والتأثير السياسي لا كأداة في يد السلطة السياسية'، معتبرا أن 'لا اصلاح في لبنان من دون البدء بالإصلاح القضائي وكل ما عدا ذلك يبقى هشا من دون اساس صلب، فالعدل اساس الملك'. كذلك دعا الحزب 'مجلس النواب إلى الإسراع في إقرار القوانين الإصلاحية الملحة، وفي مقدمها مشروع قانون استقلالية القضاء، إلى جانب قانون إعادة هيكلة المصارف ورفع السرية المصرفية ويستعجل الحكومة البت بقانون الفجوة المالية باعتبارها مفاتيح أساسية لإنهاض الاقتصاد وإقناع المجتمع الدولي بجدية الدولة في التزام مسار التعافي والإصلاح'. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
إيران تردّ بعنف.. و"بيئة الحزب" تعيش لحظة نشوة وانتقام!
للمرة الأولى منذ اندلاع التصعيد المفتوح بين إيران وإسرائيل، جاء الرد الإيراني سريعًا وصادمًا في حجمه ونوعيّته. فقد وجّهت طهران رسائل نارية مباشرة عبر استهداف منشآت طاقة، ومصانع صواريخ، ومراكز مدنية في الداخل الإسرائيلي، كأنها تقول: "القدرة على الإيلام لا تقلّ أهمية عن التوازن العسكري". وبدت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية عاجزة عن صدّ كل شيء، رغم ترسانة الاعتراض المتقدمة. اما في الضاحية الجنوبية لبيروت -معقل حزب الله- فلم يكن وقع الصواريخ الإيرانية مجرّد خبر عابر، بل تعمّ الاحتفالات، ترتفع التكبيرات، ويعلو صوت الآيات القرآنية من مكبّرات الصوت. الشوارع تغلي، الدراجات النارية تجوب الأزقّة، الأعلام الصفراء ترفرف، والهواتف توثّق لحظة تُشبه "عودة الروح إلى جسد أنهكته الضربات". في تلك البيئة، يطرح السؤال المحرَّم: "ماذا لو خسرت إيران؟"، لكنه لا يُسأل جهارا. في السياق ذاته، بالنسبة لجمهور الحزب، إسرائيل ليست خصما عاديا. هي "الشيطان الأكبر"، والمجرم التاريخي في قانا، وغزة، وسوريا، واليمن، والضاحية. هي من قتل "سيدهم" كما يُقال في الشارع الشيعي: السيد حسن نصرالله "روح الروح". لذلك، لا تُدهشهم الزلازل في تل أبيب، بل يرون فيها "عدالة السماء". لكن المفارقة تبقى في أن الحرب الدائرة فوق رؤوس اللبنانيين تُشاهد كما لو كانت عرضا ناريا. الناس تصعد إلى الأسطح، تقف عند مفارق الطرق، تتابع بالصوت والصورة المواجهة بين الصاروخ الإيراني الباليستي ودرع إسرائيل الاعتراضي. لكن وسط هذه النيران، تبدو بيئة الحزب وكأنها وجدت لحظة انتقامها التاريخي، اللحظة التي طال انتظارها منذ اغتيالات، اجتياحات، ودمار لا يُنسى. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
لماذا تحشد إسرائيل قواتها؟
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة التحركات العسكرية الإسرائيلية على الحدود الشمالية مع لبنان، وتحديدًا بعد بدء الحرب الاسرائيلية مع ايران، وكذلك على الجبهة الشرقية المتاخمة لسوريا. حشود عسكرية، تحليق مكثّف للطائرات، ونشر قوات بشكل غير اعتيادي بعد سحب الألوية من غزة، وسط حالة تأهب كبير. هذا التصعيد يطرح علامات استفهام كبيرة حول دوافعه وتوقيته، خاصةً في ظل انشغال إسرائيل بمعركة مفتوحة ضد إيران على أكثر من جبهة. الظاهر أن إسرائيل لا تبحث عن حرب شاملة مع لبنان أو سوريا في هذه اللحظة، لكنها تحضّر لكل السيناريوهات الممكنة. من جهة، هناك خشية إسرائيلية من تحرّك مفاجئ قد يقدم عليه حـزب الله أو أحد الحلفاء الإقليميين لطهران في حال تطورت المعركة مع إيران باتجاه خسائر استراتيجية كبيرة، ومن جهة أخرى، قد تكون هذه الحشود مجرد رسائل ردع لمنع أي طرف من التفكير في فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل. لكن الواقع يقول إن إسرائيل ليست بحاجة فعلية اليوم إلى فتح حرب مع لبنان، تحديدًا في ظل ما يبدو أنه انكفاء تكتيكي من " حزب الله" عن الدخول المباشر في الحرب الدائرة. فالحزب، على الرغم من تصعيده المحدود على الحدود، لا يزال يحرص على عدم تخطي عتبة الانفجار الشامل، في ظل تقدير دقيق للواقع الإقليمي والميداني. في حال خرجت إسرائيل منتصرة عسكريًا على إيران، ولو نسبياً، فإن الحلفاء الإقليميين لطهران، وعلى رأسهم"حزب الله"، سيجدون أنفسهم في موقع أكثر حرجًا، وقد يخسرون القدرة على فرض أي معادلة جديدة في المنطقة. أما إذا خرجت إسرائيل مهزومة أو متضررة بشكل استراتيجي، فقد تفكر حينها في تصعيد مع حلفاء إيران – سواء في لبنان أو سوريا – لمحاولة تعويض خسائرها السياسية والمعنوية، أو لإعادة ترتيب ميزان الردع في المنطقة. التحليل الواقعي يشير إلى أن هذه الحشود العسكرية الإسرائيلية هي جزء من تكتيك "الاستعداد بلا نية فورية"، أي تحضير الميدان لأي تطورات مفاجئة، من دون الدخول الفعلي في الحرب الآن. وهذا ما يجعل الحدود الشمالية تعيش على حافة الانفجار، من دون أن تنزلق مباشرة إلى الحرب، بانتظار ما ستؤول إليه المواجهة الكبرى بين طهران وتل أبيب. في هذه اللحظة، كل الجبهات مترابطة، وكل قرار عسكري يخضع لحسابات إقليمية دقيقة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News