logo
أديب قدورة.. وجهٌ لا يغيب وصوتٌ لا يصدأ

أديب قدورة.. وجهٌ لا يغيب وصوتٌ لا يصدأ

الدستورمنذ 2 أيام

في زمنٍ تتآكل فيه القيم الفنية أمام موجات الاستعراض الخاوي، تظل أسماء مثل أديب قدورة نجومًا ثابتة في سماء الذاكرة. ليس لأنه كان نجم شباك أو بطلًا نمطيًا يُرفع على أكتاف الشهرة، بل لأنه كان ممثلًا حقيقيًا، صاحب وجه لا يُنسى، وصوت لا يصدأ، وأداء لا يُزوّر.
ولد أديب قدورة عام 1937 في ترشيحا، شمال فلسطين، وجاء إلى دمشق طفلًا لاجئًا يحمل وطنًا مهجورًا في قلبه، لكنه لم يُعلن اللجوء يومًا كهوية، بل صاغ منها صلابةً في الموقف ودفئًا في التعبير. بدأ حياته كفنان تشكيلي ومهندس ديكور، وكم هي دقيقة هذه التفاصيل لمن يعرفه؛ فقد كان ممثلًا يرسم أدواره بحس فني دقيق، ويؤثث الشخصيات التي يلعبها بعمق داخلي نادر.
انطلق في السينما من بوابة الكبار، حين منحه نبيل المالح ثقته في فيلم 'الفهد' عام 1972، العمل الذي أسّس للسينما السورية الجديدة، ووضع قدورة في قلب المعادلة الفنية كصوت متمرد ووجه سينمائي عارم بالقوة والصدق. بعد ذلك، تنوّعت أدواره بين السينما والتلفزيون والمسرح، لكنه لم يكن ممثلًا تقليديًا يُطارد الكاميرا؛ كان ممثلًا يطارد المعنى.
من 'بقايا صور' إلى 'امرأة من نار'، ومن 'غوار جيمس بوند' إلى 'العار'، مرورًا بعشرات الأعمال التي حملت بصمته، لم يكن قدورة مجرد ممثل، بل كان حاملًا لقلق الوجود، ولغضب الإنسان المقموع، ولحزن الرجل الذي يعرف أن التاريخ يُكتب غالبًا من الجهة الخاطئة. كان صوته الجهوري يحمل شيئًا من الموال الحزين وشيئًا من نشيد الثورة.
لقّبه النقاد بـ'أنطوني كوين العرب'، وهو تشبيه يليق ببعض ملامحه الصارمة وشخصياته المركبة، لكنه في الحقيقة لم يكن نسخة عن أحد، بل كان أديب قدورة.. فنانًا من طينة خاصة، نحتته التجارب، وصقله الوجع، وأضاءه الإيمان بقيمة الفن كفعل حرّ لا كتسوية.
في الرابع عشر من أيار 2025، رحل أديب قدورة بصمت، كما عاش في السنوات الأخيرة؛ رجلًا مبتعدًا عن الأضواء الزائفة، حاضرًا في ذاكرة محبيه، غائبًا عن شاشات امتلأت بأشباه الفنانين. وكم من فنان لا يموت، فقط لأن الجمهور لم يسمح له أن يُنسى.
رحل أديب، لكن ما تركه لا يُمحى. ترك لنا صورًا محفورة في الوجدان، وأدوارًا تتكلم عنه حين يصمت كل شيء. ترك درسًا في التواضع، وفي الكبرياء الفني، وفي الإيمان بأن الفن الحقيقي لا يشيخ، لأنه يُولد من مكان أعمق من الشهرة: من القلب، ومن الموقف، ومن الانتماء للناس.
فلنقف لحظة صمت، لا على الغياب، بل على هذا الحضور الطاغي الذي لا يزال يُرعب الرداءة، ويعطي للأصالة حقها في زمنٍ يتقن تهميش الكبار.
وداعًا أديب قدورة… لم تغب، بل ارتقيت.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أديب قدورة.. وجهٌ لا يغيب وصوتٌ لا يصدأ
أديب قدورة.. وجهٌ لا يغيب وصوتٌ لا يصدأ

الدستور

timeمنذ 2 أيام

  • الدستور

أديب قدورة.. وجهٌ لا يغيب وصوتٌ لا يصدأ

في زمنٍ تتآكل فيه القيم الفنية أمام موجات الاستعراض الخاوي، تظل أسماء مثل أديب قدورة نجومًا ثابتة في سماء الذاكرة. ليس لأنه كان نجم شباك أو بطلًا نمطيًا يُرفع على أكتاف الشهرة، بل لأنه كان ممثلًا حقيقيًا، صاحب وجه لا يُنسى، وصوت لا يصدأ، وأداء لا يُزوّر. ولد أديب قدورة عام 1937 في ترشيحا، شمال فلسطين، وجاء إلى دمشق طفلًا لاجئًا يحمل وطنًا مهجورًا في قلبه، لكنه لم يُعلن اللجوء يومًا كهوية، بل صاغ منها صلابةً في الموقف ودفئًا في التعبير. بدأ حياته كفنان تشكيلي ومهندس ديكور، وكم هي دقيقة هذه التفاصيل لمن يعرفه؛ فقد كان ممثلًا يرسم أدواره بحس فني دقيق، ويؤثث الشخصيات التي يلعبها بعمق داخلي نادر. انطلق في السينما من بوابة الكبار، حين منحه نبيل المالح ثقته في فيلم 'الفهد' عام 1972، العمل الذي أسّس للسينما السورية الجديدة، ووضع قدورة في قلب المعادلة الفنية كصوت متمرد ووجه سينمائي عارم بالقوة والصدق. بعد ذلك، تنوّعت أدواره بين السينما والتلفزيون والمسرح، لكنه لم يكن ممثلًا تقليديًا يُطارد الكاميرا؛ كان ممثلًا يطارد المعنى. من 'بقايا صور' إلى 'امرأة من نار'، ومن 'غوار جيمس بوند' إلى 'العار'، مرورًا بعشرات الأعمال التي حملت بصمته، لم يكن قدورة مجرد ممثل، بل كان حاملًا لقلق الوجود، ولغضب الإنسان المقموع، ولحزن الرجل الذي يعرف أن التاريخ يُكتب غالبًا من الجهة الخاطئة. كان صوته الجهوري يحمل شيئًا من الموال الحزين وشيئًا من نشيد الثورة. لقّبه النقاد بـ'أنطوني كوين العرب'، وهو تشبيه يليق ببعض ملامحه الصارمة وشخصياته المركبة، لكنه في الحقيقة لم يكن نسخة عن أحد، بل كان أديب قدورة.. فنانًا من طينة خاصة، نحتته التجارب، وصقله الوجع، وأضاءه الإيمان بقيمة الفن كفعل حرّ لا كتسوية. في الرابع عشر من أيار 2025، رحل أديب قدورة بصمت، كما عاش في السنوات الأخيرة؛ رجلًا مبتعدًا عن الأضواء الزائفة، حاضرًا في ذاكرة محبيه، غائبًا عن شاشات امتلأت بأشباه الفنانين. وكم من فنان لا يموت، فقط لأن الجمهور لم يسمح له أن يُنسى. رحل أديب، لكن ما تركه لا يُمحى. ترك لنا صورًا محفورة في الوجدان، وأدوارًا تتكلم عنه حين يصمت كل شيء. ترك درسًا في التواضع، وفي الكبرياء الفني، وفي الإيمان بأن الفن الحقيقي لا يشيخ، لأنه يُولد من مكان أعمق من الشهرة: من القلب، ومن الموقف، ومن الانتماء للناس. فلنقف لحظة صمت، لا على الغياب، بل على هذا الحضور الطاغي الذي لا يزال يُرعب الرداءة، ويعطي للأصالة حقها في زمنٍ يتقن تهميش الكبار. وداعًا أديب قدورة… لم تغب، بل ارتقيت.

عزاء الفنان السوري الراحل أديب قدورة اليوم بدمشق
عزاء الفنان السوري الراحل أديب قدورة اليوم بدمشق

الدولة الاخبارية

timeمنذ 4 أيام

  • الدولة الاخبارية

عزاء الفنان السوري الراحل أديب قدورة اليوم بدمشق

الجمعة، 16 مايو 2025 01:51 مـ بتوقيت القاهرة تستقبل أسرة الفنان السوري من أصول فلسطينية أديب قدورة اليوم العزاء في الراحل من الساعة 6 لـ 8 مساء، بصالة أوسكار، في مبنى نقابة الفنانين فرع ريف دمشق. ورحل أديب قدورة الأربعاء الماضي عن عمر يناهز 76 عامًا، بعد الأزمة الصحية التي ألمت به مؤخرًا، تاركًا وراءه مسيرة فنية حافلة سواء في السينما أو الدراما أو المسرح، وشيعت جنازته أمس بعد صلاة العصر في جامع الأكرم بالمزة، بدمشق، ودفن بمقبرة الشيخ خالد بركن الدين. يذكر أن أديب قدورة بدأ مسيرته المهنية كمدرّس للفن التشكيلي في عدد من الإعداديات والثانويات في مدينة حلب، قبل أن ينتقل إلى العمل في مجال تصميم ديكور المسرح، والماكياج، وتصميم الأزياء، والإضاءة، إضافة إلى تصميم الدعاية والإعلان. وعلى الرغم من تخصّصه في الفنون الجميلة، إلا أن موهبته اللافتة جذبت أنظار المخرجين، ليبدأ رحلته في عالم التمثيل المسرحي، وقد اكتشفه المخرج نبيل المالح وقدمّه لأول مرة عام 1972. من أبرز أفلامه: "الفهد"، "بقايا صور"، "رحلة عذاب"، "الحسناء وقاهر الفضاء" (إلى جانب الممثلة إغراء)، "وجه آخر للحب"، "غوار جيمس بوند"، "العالم سنة 2000"، "عشاق على الطريق"، "امرأة من نار"، "بنات للحب"، "ليل الرجال"، وكذلك الفيلم الإيطالي "الطريق إلى دمشق". أما في التلفزيون، فقد شارك في عدد من المسلسلات البارزة منها: "عز الدين القسام"، "حصاد السنين", "الحب والشتاء", "سفر", و"امرأة لا تعرف اليأس". وفي المسرح، كانت له بصمات واضحة من خلال مشاركته في أعمال مثل: "الأيام التي ننساها"، "هبط الملاك في بابل"، "مأساة جيفارا"، "سمك عسير الهضم"، و"السيد بونتيلا وتابعه ماتي"، إلى جانب عروض مقتبسة عن أعمال الأديب الروسي أنطون تشيخوف.

أسرة الفنان السوري أديب قدورة تستقبل العزاء اليوم في دمشق
أسرة الفنان السوري أديب قدورة تستقبل العزاء اليوم في دمشق

24 القاهرة

timeمنذ 5 أيام

  • 24 القاهرة

أسرة الفنان السوري أديب قدورة تستقبل العزاء اليوم في دمشق

تستعد أسرة الفنان السوري القدير أديب قدورة ، والذي وافته المنية أول أمس، لاستقبال عزائه اليوم الجمعة، من الساعة السادسة مساءً حتى الثامنة مساء في دمشق. وكشفت أسرته في منشور عبر موقع فيسبوك، عن أنها تستقبل العزاء اليوم الجمعة من الساعة 6 وحتى الساعة 8 مساء، وذلك بصالة أوسكار الكائنة في مقابل نادي الوحدة مبنى نقابة الفنانين فرع ريف دمشق. لفظ أديب قدورة أنفاسه الأخيرة منذ ساعات داخل أحد المستشفيات بعد أزمة صحية ألمت به، وشيعت الجنازة أول أمس الخميس في جامع الأكرم بحي المزة، على أن يوارى جسده الثرى في مقبرة الشيخ خالد بركن الدين. من هو أديب قدورة؟ ولد أديب قدورة عام 1948 في بلدة ترشيحا بفلسطين، قبل أن تنتقل أسرته إلى مدينة حلب السورية إثر النكبة، وهناك بدأت رحلته مع الفن، فبرغم ظروف اللجوء، ظل متمسك بحلمه بل حوّله إلى دافع لبناء مسيرة استثنائية. بدأ حياته المهنية كفنان تشكيلي ومهندس ديكور مسرحي بعد تخرجه في كلية الفنون، لكنه سرعان ما جذب أنظار المخرج السوري الكبير نبيل المالح، الذي منحه أول أدواره السينمائية في فيلم الفهد عام 1972، ليصبح هذا العمل نقطة التحول في حياته الفنية، وبعدها انطلق في عالم التمثيل. وحول أفلام الفنان أديب قدورة، فإنه شارك في أكثر من 37 فيلمًا سينمائيًا، وقرابة 60 عملًا دراميًا، ليصبح أحد أبرز الوجوه في الإنتاج الفني السوري والعربي، فمن أبرز أفلامه: الفهد، بقايا صور، رحلة عذاب، العالم سنة 2000، وجه آخر للحب وغيرها من الأعمال. بعد وفاته.. من هو أديب قدورة وأهم أعماله من هو أديب قدورة؟.. تعرف على أهم أعماله السينمائية والدرامية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store