
مفاجأة التحالفات: إيران وحيدة في مواجهة إسرائيل رغم شعارات "الشراكة الإستراتيجية"
في ذروة التصعيد بين إيران وإسرائيل، حين بلغت التوترات مستوى غير مسبوق من الخطورة، وجّهت طهران أنظارها شرقاً وشمالاً، وتحديدًا نحو بكين وموسكو.
وكانت التوقعات الإيرانية آنذاك تشير إلى أن لحظة الدعم الحاسم قد حانت، خاصة بعد سنوات من بناء علاقات إستراتيجية مع كل من الصين وروسيا، تم تقديمها على الدوام كبديل عن الاصطفاف الغربي، وكقاعدة لتموضع إيران ضمن توازنات عالمية جديدة. إلا أن ما واجهته طهران على الأرض جاء مختلفًا تمامًا: لا دعم مباشر، لا تحركات إقليمية، ولا حتى خطاب سياسي حازم من قبل الحليفَين المفترضين.
دعوات لخفض التصعيد من بكين، وفتور محسوب من موسكو، يكاد يوازي تخلّيا حقيقيا عن حليف كان يظن أن ميزان الردع الدولي قد يعمل لصالحه في لحظة اشتباك مباشر.
ويقول كريغ سينغلتون المتخصص في الشؤون الصينية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز أبحاث أميركي، 'لم تقدّم بكين أي مساعدة ملموسة لطهران' وبقيت 'في الظل'.
ويلفت سينغلتون إلى أن الصين 'اكتفت بنشر تصريحات بينها إدانات، وبيانات للأمم المتحدة، ودعوات للحوار، لأن إعلان وعود كثيرة ثم تقديم القليل في النهاية يُظهران محدودية قدرتها على التصرف.' ويوضح 'في النتيجة، إنه ردّ خجول بوضوح يُظهر ضعف تأثير الصين الحقيقي على إيران عند اندلاع أعمال عدائية.'
ولطالما اعتبرت إيران علاقتها بروسيا والصين ركيزة لتحالف إستراتيجي مضاد للغرب، وراهن صانع القرار في طهران على هذه العلاقات في كسر العزلة المفروضة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وسعت إلى توسيع شبكة مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية ضمن هذه المعادلة. غير أن المواجهة المفتوحة مع إسرائيل كشفت أن هذه العلاقات، وإن كانت قوية سياسيًا في ظاهرها، تبقى ضيقة أمنيًا ولا تقوم على التزامات متبادلة في لحظات التصعيد.
وفي المقابل، تحركت الولايات المتحدة سريعًا لحماية إسرائيل، وفعلت شبكاتها الدفاعية، وأرسلت تعزيزات جوية وبحرية إلى شرق المتوسط، فيما اكتفى حلفاء طهران الأقرب بمواقف إعلامية وتمنيات بتجنّب التصعيد.
ويعتمد التحالف الإسرائيلي – الغربي على هيكلية عسكرية مؤسساتية واضحة، مدعومة باتفاقيات دفاعية ملزمة ودعم لوجستي وسياسي قوي من الولايات المتحدة وحلفائها، ما يضمن لإسرائيل قدرة ردع وموثوقية دعم لا تضاهيها التحالفات التي تقيمها إيران.
وتعكس هذه الفجوة في طبيعة التحالفات والالتزامات العسكرية بوضوح محدودية تحالفات طهران، التي تعتمد في الأساس على شبكة علاقات متبدلة ومرنة تتغير وفق المصالح والظروف، دون وجود تعهدات صلبة تلزم الحلفاء بالدفاع المشترك.
ويرى مراقبون أن هذا الفارق لا يعكس فقط اختلال موازين القوى، بل يكشف أيضًا عمق الاختلاف في طبيعة التحالفات الدولية. فبالنسبة إلى موسكو، العلاقة مع إيران مفيدة ضمن حدود وظيفية تتعلق بالضغط على الغرب أو التنسيق في الساحة السورية، لكنها لا ترقى إلى درجة المخاطرة بعلاقاتها المعقدة مع إسرائيل، ولا إلى درجة تحمل أعباء التصعيد الإقليمي.
وإيران هي أحدث شريك روسي يتعرض لتجاهل موسكو في وقت الحاجة، بعد أن تخلت موسكو عن أرمينيا التي تربطها بها معاهدة دفاع مشترك في حربها ضد أذربيجان، واكتفائها بمنح اللجوء لحليفها السوري السابق بشار الأسد الذي قدّم لها مزايا إستراتيجية في الشرق الأوسط.
وتعاونت موسكو وطهران في سوريا وأوكرانيا، حيث عززت إيران المجهود الحربي الروسي بالذخيرة وقذائف المدفعية وآلاف الطائرات المسيرة بعد أن أخفقت موسكو في المراحل الأولى من غزوها لأوكرانيا.
أما الصين فحساباتها اقتصادية أولاً، وهي ترى في استقرار الشرق الأوسط ضرورة لتأمين مصالحها الحيوية في النفط والطاقة والتجارة، ولا تجد مصلحة لها في الانحياز لطرف يمكن أن يجرّها إلى صراعات طويلة الأمد قد تضر بمشروعها الأوسع 'الحزام والطريق'.
ويشير الخبير الإيراني في العلاقات الدولية، الدكتور جاويد طاهري، إلى أن إيران تضخّم كثيرًا تحالفاتها الإستراتيجية، وأن روسيا تراها شريكًا تكتيكيًا لا أكثر، بينما الصين تحرص بشدة على تجنّب أي مغامرة عسكرية لا تمس أمنها المباشر.
ونتيجة لذلك وجدت طهران نفسها في وضع دقيق داخليًا وخارجيًا، حيث بدا الإعلام الرسمي في حرج شديد، بعد سنوات من الترويج لشراكة إستراتيجية واسعة مع القوى الشرقية، وهي شراكة لم تُختبر في لحظات الحسم إلا لتنكشف محدوديتها. وفي الداخل زادت الانتقادات الموجهة إلى خطاب السلطة الذي بالغ في تقديم هذه التحالفات باعتبارها بديلاً آمنًا عن العزلة الغربية.
وفي الخارج لم يتردد الحلفاء الإقليميون كحزب الله والحوثيين وبعض الفصائل العراقية في تبني مواقف حذرة تميل إلى الترقب، ما فاقم من الشعور بأن إيران تواجه التصعيد وحدها، دون غطاء فعلي، حتى من حلفائها المباشرين.
وأعاد هذا المشهد رسم صورة التحالفات الإيرانية في ذهن المراقبين. فبينما تعتمد الولايات المتحدة على تحالفات مؤسساتية راسخة مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو اتفاقيات دفاعية واضحة، فإن إيران تعتمد على شبكة غير رسمية من العلاقات تقوم على التقارب الظرفي لا التزام المصير.
وقد لخّص المحلل الروسي فلاديمير فرولوف هذه المفارقة حين كتب أن 'الكرملين لا يرى في إيران شريكًا إستراتيجيًا بمستوى الصين أو الهند، بل يعتبرها شريكًا وظيفيًا ضمن صراعات الشرق الأوسط، دون نية للانخراط في أي التزام دفاعي مشترك.'
وخاضت إيران هذه المواجهة مع إسرائيل دون أي دعم عملي أو حتى سياسي فاعل من روسيا أو الصين، ما كشف حدود تحالفاتها وأظهر أنها لا تتجاوز حدود التنسيق والتفاهم، دون أن ترقى إلى مستوى التحالفات الصلبة التي تؤمّن الحماية والدعم عند الحاجة.
وقال فابريس بوتييه كبير المستشارين السابقين لقيادة حلف شمال الأطلسي إن 'روسيا ليست صديقا جيدا. وغالبا ما يدير بوتين ظهره لأصدقائه عندما يحتاجون إليه.' وستدفع هذه التجربة على الأرجح صانع القرار الإيراني إلى مراجعة خطاباته حول المحاور الدولية، وربما تعيد تعريف العلاقة مع روسيا والصين في ضوء ما ظهر من تردد وتخلٍّ، في لحظة كانت فيها طهران بأمسّ الحاجة إلى حلفائها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 27 دقائق
- اليمن الآن
تقييمات و تقارير تؤكد فشل أميركيا في حربها ضد إيران .. تفاصيل
أخبار وتقارير كشفت صحيفة تلغراف البريطانية، استنادًا إلى مصادر استخبارية أوروبية، أن الضربات الجوية الأميركية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية في إيران لم تؤثر على مخزون طهران من اليورانيوم عالي التخصيب، وسط استمرار الجدل داخل الولايات المتحدة بشأن مدى فاعلية تلك الضربات. وأفادت التقييمات الاستخبارية الأولية بأن مخزون إيران، البالغ نحو 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية، لا يزال سليمًا، إذ لم يكن مركّزًا في منشأة فوردو فقط، بل جرى توزيعه على مواقع متعددة داخل الأراضي الإيرانية. وبحسب الصحيفة، فإن واشنطن لم تزود حلفاءها الأوروبيين بمعلومات استخبارية حاسمة بشأن النتائج التفصيلية للهجوم، كما امتنعت عن الإفصاح عن خطواتها المستقبلية تجاه البرنامج النووي الإيراني. يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه التساؤلات حول مدى الضرر الحقيقي الذي ألحقته الضربات بالبنية النووية الإيرانية. تقرير استخباري أولي، نشرته شبكة "سي إن إن" الأميركية، أشار إلى أن الضربات لم تدمّر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، واقتصرت آثارها على تأخير محدود لا يتجاوز بضعة أشهر. هذا التسريب قوبل برفض شديد من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي اتهمت أطرافًا داخلية بمحاولة تقويض مصداقية العملية العسكرية والتقليل من فاعليتها. الرئيس ترامب جدّد، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، تأكيده على أن الضربات الجوية "محَت بالكامل" منشآت إيران النووية، مؤكدًا أن الطائرات الهجومية أصابت أهدافها بدقة عالية، وأنه لم يتم نقل أي مواد نووية من منشأة فوردو قبل الهجوم. وفي المؤتمر ذاته، وصف ترامب ظهور وزير الدفاع بيت هيغسيث ورئيس الأركان الجنرال دان كين بأنه "الأكثر احترافية"، مهاجمًا وسائل الإعلام الأميركية التي اتهمها بنشر معلومات "كاذبة"، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عن التسريبات. من جانبه، صرّح وزير الدفاع الأميركي بأن تقييمات وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) تشير إلى أن الضربات أخّرت البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات، متهمًا السلطات الإيرانية بترويج "روايات غير صحيحة" بهدف الحفاظ على تماسك جبهتها الداخلية. في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بعض المنشآت النووية التي تعرضت للهجوم لحقت بها "أضرار جدية"، دون أن يحدد طبيعة تلك الأضرار. وفي تصريحات نقلتها وكالة رويترز، أكد مصدر إيراني كبير أن معظم مخزون اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة فوردو تم نقله إلى موقع غير معلن قبل تنفيذ الهجوم الأميركي، ما يعزز احتمالية أن تكون طهران قد استبقت الضربات بناءً على تقديرات استخبارية أو تسريبات محتملة. يأتي هذا التطور في ظل استمرار التوتر بين إيران والولايات المتحدة، على خلفية البرنامج النووي الإيراني والدعم العسكري الذي تقدمه طهران لفصائل المقاومة في المنطقة، بما في ذلك دعمها لحركات المقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وتراقب الأطراف الأوروبية الوضع عن كثب، في ظل مخاوف من تصعيد عسكري أوسع قد يؤثر على استقرار المنطقة، وسط غياب موقف أميركي واضح بشأن المرحلة المقبلة من المواجهة مع إيران.


اليمن الآن
منذ 27 دقائق
- اليمن الآن
هيئة حقوقية توثق 2388 ضحية تعذيب و324 حالة وفاة في سجون المليشيات الحوثية
كشفت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، عن توثيق 2,388 حالة تعذيب و 324 وفاة نتيجة التعذيب المباشر أو الإهمال الطبي في سجون المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الايراني خلال الفترة من 2014 وحتى 2025. واوضحت المنظمة في بيان بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، تلقت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) نسخة منه، ان من بين ضحايا التعذيب في سجون المليشيات الحوثية، 275 امرأة و 67 طفلا..مشيرة الى ان من بين الوفيات 12 طفلا وامرأتان. واكدت الهيئة، أن هذه الأرقام تعكس سلوكاً ممنهجاً وليست حالات فردية معزولة، ما يضع هذه الأفعال في خانة الجرائم ضد الإنسانية وفقاً لأحكام نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.. لافتة الى ان مليشيات الحوثي تدير شبكة واسعة من أماكن الاحتجاز تشمل 778 سجناً ومركزاً موزعة على 17 محافظة يمنية، تتنوع بين سجون رسمية، وسرية، وخاصة، تُمارس فيها بشكل منهجي أساليب تعذيب جسدي ونفسي مهينة، أبرزها: الضرب المبرح، التعليق، الحرق، الكيّ، الحبس الانفرادي المطوّل، الحرمان من الرعاية الصحية، الإهانات اللفظية، والاعتداءات الجنسية. وأعربت الهيئة، عن قلقها البالغ حيال الممارسات الوحشية التي ترتكب بحق المختطفين في مراكز احتجاز تديرها جماعة الحوثي، والتي تتنافى بشكل صارخ مع المبادئ الإنسانية وأحكام القانون الدولي الإنساني..مشيرة إلى أن الانتهاكات الممنهجة التي مورست ضدهم تُشكل نمطا ثابتا من الجرائم الجسيمة التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي والمواثيق ذات الصلة. وطالبت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، بتحرك دولي عاجل إزاء هذه الانتهاكات..داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته..مطالبة بتشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في جرائم التعذيب والانتهاكات في سجون مليشيات الحوثي، ومحاسبة المسؤولين عنها. كما دعت الهيئة، إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً والمحتجزين خارج إطار القانون، وإغلاق السجون السرية والخاصة، وضمان وصول منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إليها لتقييم الأوضاع الإنسانية للمحتجزين. وأكدت الهيئة أن استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم لا يهدد مستقبل العدالة فحسب، بل يمنح مرتكبيها الضوء الأخضر لمواصلة انتهاكاتهم، داعية كل الجهات الدولية والحقوقية إلى تحويل هذا اليوم إلى محطة للمحاسبة والمساءلة والضغط من أجل إيقاف آلة التعذيب وإنهاء معاناة المختطفين.


اليمن الآن
منذ 27 دقائق
- اليمن الآن
بعد تجربة حزب الله ونظام إيران .. رعب الاختراق يُلاحق مليشيا الحوثي
أذرع إيران - حسن نصر الله وعبدالملك الحوثي - غيتي السابق التالى بعد تجربة حزب الله ونظام إيران .. رعب الاختراق يُلاحق مليشيا الحوثي السياسية - now مشاركة صنعاء، نيوزيمن، خاص: عززت تداعيات المواجهة بين إيران وإسرائيل، المخاوف في صفوف مليشيا الحوثي الإرهابية من تعرضها لاختراق استخباري يُطيح بقيادات الصف الأول بما فيهم زعيم المليشيا. وفي أحدث مؤشر على ذلك، كشف الصحفي اليمني فارس الحميري عن رقابة أمنية مكثفة على أشخاص من جماعة الحوثي بينهم قيادات مكثوا لفترات متقطعة في عواصم عربية بما في ذلك مسقط، وعادوا إلى صنعاء. ونقل الحميري في تغريدة له على منصة "أكس" عن مصدر خاص، بأن هذا الإجراء جاء خوفاً من قبل قيادة جماعة الحوثي من تجنيد بعض هذه العناصر والقيادات لصالح أطراف خارجية. وكشف الهجوم الذي شنته إسرائيل على النظام الإيراني فجر الجمعة الماضية واستمر لـ 12 يوماً، عن وجود اختراق كبير في صفوف النظام من قبل مخابرات إسرائيل، تجلى في الساعات الأولى للهجوم بتصفية الصف الأول لقيادة الجيش الإيراني والحرس الثوري الذي يقوده المرشد على خامنئي. وفي الساعات الأولى أيضاً للهجوم جرى تصفية 9 من أبرز 10 علماء نوويين إيرانيين وهم على أسرّتهم في وقت واحد وعبر عملاء من الداخل وبأسلحة خاصة وفق وسائل إعلام عبرية أضافت بأن عالم نووي عاشر قُتل أيضاً بعد وقت قصير من مقتل التسعة الآخرين. هذه الحوادث أعادت إلى الأذهان عملية الإختراق الكبيرة التي نفذتها إسرائيل بحق حزب الله اللبناني أهم اذرع إيران في المنطقة العام الماضي، والتي بدأت بتفجير أجهزة التواصل اللاسلكي في المئات من قيادات وعناصر الحزب، وتلى ذلك تصفية زعيم الحزب حسن نصرالله ثم تصفية خليفته هاشم صفي الدين. عمليات الإختراق الإسرائيلية للحزب وصولاً إلى النظام الإيراني، يُثير الأن مخاوف الذراع الأخير للنظام بالمنطقة والمتمثل بمليشيا الحوثي في اليمن، والتي باتت اليوم هدفاً إسرائيلياً وامريكياً مع رغبة دولية لاستدال الستار على مشروع طهران بالمنطقة. وتمكن مخاوف مليشيا الحوثي بأن كل أنظمة وطرق وأدوات التواصل والحماية والتأمين لديها هي من صنع وتدريب وإشراف نظام إيران عبر مليشيا حزب الله، بل ان المليشيا ذاته جرى هندستها وصناعتها من قبل طهران وعبر عناصر وقيادات الحزب. ما يجعل من أمر اختراقها اسرائيلياً او أمريكياً امراً ممكناً ، وحتى مع مسارعة المليشيا الى التخلص مؤخراً من كل أدوات وعناصر إيران وحزب الله، وتقييد تحركات قادة المليشيا إلا أن أسباب اختراقها لا تزال ممكنة، بالنظر الى الفارق المهول تقنياً بين المليشيا وبين ما تملكه أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. يضاف إلى ذلك، حالة الصراع والتنافس الشديد التي تحكم علاقة قيادات مليشيا الحوثي يمكن لها أن تُسهل عملية إختراقها من قبل أي طرف خارجي، وهو السبب وراء تواري زعيم المليشيا عن الأنظار منذ بداية الحرب في اليمن عام 2015م، ورفضه اللقاء المباشر مع قيادات المليشيا، حيث يكتفي باللقاء بهم أو في إلقاء الخطابات من خلف الشاشة. كما أن المليشيا الحوثية تُدرك تماماً أن تركيز كل من واشنطن وتل أبيب طيلة الفترة على مواجهة التهديد الإيراني وبخاصة البرنامج النووي، كان السبب وراء عدم الاهتمام بالخطر الذي مثلت المليشيا على الملاحة الدولية وعلى أمن إسرائيل، وأن الأمر الان سيختلف عقب التطورات الأخيرة.