الكوز (يشفشف) و(مصر) تنتعش!
أكره مصطلح (الشفشفة) الذي يُطلَق على السرقة، ولا أعرف من أتى به، لكنه بلا شك (كوز) لص يريد أن يخفف من وقع اللصوصية حتى يتطبع الناس معها، تمامًا كما حدث مع النميمة عندما أطلقوا عليها (شمارات)، فأصبحت تلك الخصلة الذميمة آفة اجتماعية تسري بين الناس، تهدم البيوت، وتفرق الصداقات والجماعات، بل تطيح بالأحزاب وتشعل الحروب، حتى أن كبار قادة الجيوش والمجموعات المسلحة في بلادنا يمارسونها، فتضرهم قبل غيرهم. وأعوذ بالله من كل مشَّاءٍ بِنَمِيم!
لكن، طالما أن (الشفشفة) أصبحت مصطلحًا رسمياً يتفوه به القادة، فلا بأس باستخدامه لوصف النهب واسع النطاق الذي يمارسه ضباط وجنود الجيش والأمن والكيزان في مناطق سيطرتهم، حيث يسرقون كابلات النحاس، وأجهزة التبريد، والمحولات الكهربائية، والتوربينات، وماكينات المصانع، وحتى المعدات النحاسية المنزلية. هذه الفضيحة الوطنية تسببت في كارثة اقتصادية غير مسبوقة، وألحقت ضررًا بالأمن القومي يصعب تعويضه أو تدارك آثاره، وهذا ما يدعو للرثاء والألم والأسى.
كل ذلك حدث وما يزال يحدث في مناطق سيطرة الجيش، حيث يتم فصل الكابلات النحاسية من شبكة الكهرباء وتجميعها في مكان واحد، إلى جانب المحولات الكهربائية النحاسية والتوربينات وماكينات المصانع (لم يتركوا فيها "نحاسة" واحدة!)، ثم تُنقل إلى مصهر ضخم— تتحدث مصادر عديدة عن أنه يقع في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل— لإعادة صهرها وصياغتها وفق معايير التصدير، إلى أكبر مستلم للمسروقات والنهب المنظم، إلى مصر، طبعًا!
وسبق أن حدث أمر مشابه في الجزيرة بعد خروج قوات الدعم السريع، حيث قامت عناصر تابعة للجيش وكيزانه، بمساعدة عناصر من أجهزة الأمن والمخابرات وبعض الكيزان وضباط حركات الارتزاق، بقيادة اللص الكبير جبريل، بعمليات (شفشفة) واسعة لأصول مشروع الجزيرة. فقد تم تفكيك حتى الطرق الحديدية الداخلية التي كانت تنقل القطن من المزارع إلى المحالج، وتقطيعها وتذويبها في المصاهر التي استوردوها لإضفاء قيمة اقتصادية مضافة على السرقة، ومن ثم بيعها لمصر (الشقيقة)!
لم تترك عصابة الضباط والكيزان في ولايات الخرطوم ، الجزيرة، نهر النيل، الشمالية، وبورتسودان (طنجرة أو إبريقًا نحاسيًا) إلا وسرقوه، ولم يتركوا ماكينة مصنع إلا شفشفوها وقطعوها وصهروها وشكلوها وصدروها إلى (الشقيقة!)، التي اشتهرت باستلام مسروقات السودان من أموال، ومقدرات، ومعادن، وثروات، وعجول، وإبل، وضأن! فما من دولة استفادت من فوضى السودان مثل مصر، وهذا أصبح من الأمور المعلومة بالضرورة!
والذهب، يا حسرتي على (الذهب)، هل قرأ أحدكم تقرير (بزنس إنسايدر) الأخير؟ لقد جاءت مصر ثالثة دولة أفريقية في احتياطي الذهب لعام 2024، فيما احتياطي السودان المنتج له (صفر)!
وللتغطية على سرقات الجيش وداعميه المحليين والإقليميين، قام إعلام الكيزان، الذي يقود الدعاية لاستمرار الحرب بعدما ساهم في إشعالها، بابتداع مصطلح (الشفشفة) ووصم قوات الدعم السريع به، بينما تجاهل تمامًا (شفشفة) الكيزان وكبار ضباط الجيش والأمن، التي تتم على أصولها!
لكن قبل أن نخوض في هذه المقارنة، لا بد من الإشارة إلى أن هناك بالفعل متفلتين من قوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم من بينها (الشفشفة)، وقد اعترفت قيادتهم بذلك، بل كونت لجنة لمحاربتها برئاسة اللواء عصام فضيل، ونجحت اللجنة في الحد منها إلى حد كبير. حتى وإن لم تنجح بالكامل، فإن مجرد تشكيلها يعكس رفض المؤسسة لهذه الممارسات الإجرامية، على عكس قيادة الجيش وأجهزته الأمنية والشرطية الكيزانية، التي تحولت إلى مافيا تسرق البيوت وتهرب الذهب وتصهر الحديد وتقطع أوصال البلاد وشعبها أخماسًا على أسداس!
يمكنكم مقارنة حال مدينة ود مدني أثناء سيطرة الدعم السريع، وحالها الآن، حيث يتم نهب المنازل بالزي العسكري "الميري" في وضح النهار، بلا أدنى حياء أو خجل!
لا شك ولا جدال في أن (الشفشفة) الممنهجة أصلها كيزاني من جهة، وعسكري من جهة أخرى، وهذا ليس حديثًا جديدًا، بل هو تاريخ قديم وحاضر مستمر. كل سوداني على وجه الأرض يعرف هؤلاء اللصوص الكبار، فقد "شفشفوا" مشروع الجزيرة، والنقل الجوي، والنقل النهري، والنقل البحري، وباعوا الطائرات، والسفن، والأراضي، والحقول، والساحات، والفنادق، والسفارات، والمدارس، والجامعات، وحتى المكتبات والمختبرات!
لقد سرقوا المستشفيات وأصولها، وباعوا قضبان السكك الحديدية، ونهبوا السودان بلا كلل أو ملل على مدى 30 عامًا. بل سرقوا حتى الكنائس كاثوليكية وغيرها ، وسطو على المساجد! ولم يكتفوا بذلك، بل أصّلوا لهذه السرقات فقهيًا عن طريق فتاوى عبد الحي يوسف ورفاقه، مثل (فقه السُترة)، الذي يبرر التستر على اللصوص والفاسدين، وهي فتوى ذائعة ومنشورة تؤصل "الشفشفة" بشريعة علي عثمان وعلي كرتي ودين عبد الحي وعبد الكريم!
هذا في التاريخ القريب، أما الحاضر، فمنذ أن اتخذوا قرار الحرب وأطلقوا رصاصتها الأولى، كانوا يخططون لنهب البلاد وسرقتها وتمويل الحرب والاغتناء منها. لذلك انسحبوا من المدن والبلدات لخلق حالة من الفوضى، وسحبوا الشرطة بالكامل، وأمروا ضباطها بالتوجه إلى مصر منذ اليوم الأول للحرب، لتسهيل عمليات النهب التي خططوا لها مسبقًا!
ثم بدأوا بنهب مخازن المال والدولار، وكان على رأس مسروقاتهم مصفاة الذهب، التي تم تهريب ذهبها إلى بورتسودان عن طريق عطبرة ، قبل أن يرموا الطعم لقوات الدعم السريع لتدخل المصفاة وتقع في شرك (الشفشفة)، وكم من مرة أكلت هذه القوات الطُعم، وما أكثر العبر وما أقل المعتبرين!
ما يحدث من سرقات في مناطق سيطرة الجيش لمقدرات الدولة والشعب السوداني هو عارٌ يمشي على قدمين. ليس هذا فحسب، بل إن صغار الضباط والجنود في الجيش باتوا يسرقون المنازل أيضًا ، واسألوا أهل بحري، وأم درمان، ومدني!
الآن عرف الكل سبب ترديد البرهان وكيزانه وإصرارهم الدؤوب على عبارة "خروج الدعم السريع من منازل المدنيين" كلما تحدث عن الناس عن السلام وايقاف الحرب!
خرج الدعم السريع وترك المنازل في حالها، فسرقها البرهان وجيشه وكيزانه ومرتزقته!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سودارس
منذ 4 أيام
- سودارس
(حميدتي).. ماذا بينك وبين الله أيها الرجل؟
ولأن أبا عاقلة كيكل، قائد ميليشيا ما يسمى ب"درع السودان"، وهي – وهو – صنيعة استخباراتية ومنتج خالص من إنتاج الجيش، لكنه منتج رخيص السعر، رديء الصنعة، إذ تمّت صناعته على عجل، وأُلحِق (جاسوسًا) داخل قوات الدعم السريع حتى اكتسب ثقة قائدها، ثم هرب معلنًا انسحابه منها – بعد اكتمال المهمة – وعاد إلى (صانعه)، ولهذا السبب قام قائد الجيش أمس بمحاولة جريئة لتلميع صورته في الإعلام. نثر كنانته من الصحافيين بين يديه، واختار أكثرهم ضعةً وفجوراً وحقارة، وكوزنة أيضاً، ورماهم إلى كيكل، فحضروا بين يديه وهم يحملون كل أدوات ال(Polish) لزوم التلميع، ولكن لله جنوداً من المنظفات. أظهر كيكل في اللقاء، وهو بدوي بسيط وقاطع طريق، أنه لا يزال على (سليقته) وفطرته السليمة، فأطاح بالخطة الإعلامية وفجّرها داوية، ونسف رواية الكيزان عن قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، التي بذلوا لها أموالًا طائلة ودعاية إعلامية مكثفة، كلفت مبالغ طائلة وزمنًا أطول اقتطعته قناة الجزيرة من وقتها على حساب (إخوان غزة). فإذا بقائد ميليشيا "درع السودان" يؤثر على نفسه (وإن لم يكن يقصد ذلك)، فمدحه وأطنب في مدحه من حيث أرادوا منه ذمَّه، ووصفه من حيث لا يريد مرؤوسوه. انبرى الرجل للدفاع عن (حميدتي) بطريقة وصفها البعض – وهم محقون – بأنها تفوق ما قام به إعلام الدعم السريع ومستشارو حميدتي، بل ومجلسه الاستشاري بأكمله. فقد أصاب كيكل سردية "موت حميدتي" في كبدها وقلبها، وأماتها إلى الأبد. كيكل لم يؤكد فقط أن حميدتي حيّ يُرزق، بل أضاف أنه لم يتعرض لأي إصابة طوال الحرب التي دخلت عامها الثالث، وأن ما بدا عليه من نحافة إنما كان بسبب صيامه المتواصل منذ أن شنت ميليشيات الحركة الإسلامية وقيادة الجيش الحرب عليه. وفي هذا إشارة إلى تدينه وورعه وتقواه وخشيته من الله. وأضاف كيكل أن حميدتي ظل في ميدان المعركة (الخرطوم) يقودها بنفسه، ولم يخرج منها إلا مرة واحدة ولمدة أسبوعين لتلقي العلاج، لأنه كان يعاني مرضًا في البطن منذ سنوات طويلة. لم يكتف كيكل بذلك، بل أوغل في مدح الرجل وسرد صفاته وكرمه وحسن أخلاقه، إذ قال: "عندما كنا نخبره عن ارتكاب عناصر الدعم السريع للانتهاكات، كان يبكي." "كانت دموعه تجري، وكان يصمت عن التعليق". وقد صدق الرجل، فهذا هو (حميدتي) الذي عرفته من مكان هو أقرب من المكان الذي عرفه فيه كيكل: (الرجولة)، والشهامة، والشجاعة، والفراسة فيه طبع أصيل لا تغيرها حرب ولا سلم. قد تختلف معه سياسيًا أو عسكريًا، ولكن قطعًا لن تختلف في نُبله وكرمه وكريم أخلاقا قال كيكل إن حميدتي ظلّ موجودًا بضاحية الخرطوم (2) طوال سنوات الحرب، إلى أن غادرها نهائيًا في فبراير المنصرم، بعد عبور الجيش جسر سوبا، أي بعد انسحاب الدعم السريع من الخرطوم. أي شجاعة وبسالة هذه؟ فبينما هرب قادة الجيش الذين يلعلعون الآن في بورتسودان ، يتعنترون منها مهددين السياسيين والمدنيين العزّل، ظلّ قائد الدعم السريع بين جنوده وقواته، يقاتل في الخرطوم إلى آخر لحظة قبل الانسحاب التكتيكي. بل إنه، وفقًا لحديث كيكل، كان حميدتي يدير كل صغيرة وكبيرة في الحرب بنفسه، وكان يقف على (نواقص) قواته ويتابع رفدها بالإمدادات ساعة بساعة. لم ينسف أبو عاقلة كيكل رواية الكيزان عن (حميدتي) فحسب، بل هدّم الصورة التي روّجوا لها عنه منذ اليوم الأول للحرب، وأنه محض قاتل ومنتهك وسفّاح. هذه الصورة، التي بذلت جماعة الهوس الديني الغالي والنفيس لترسيخها في أذهان الناس، تمّ ضعضعتها وإماتتها في مؤتمر صحفي واحد. الآن، وقد حصحص الحق وزهق الباطل، ونبتت الحقائق خضراء غضّة ومزهرة، وأن قائد الدعم السريع لم يمت، ولم يُبعث من الموت (بعاتي) – والعياذ بالله – ولم يكن في ظهوره المتكرر محض شبح مفبرك بالذكاء الاصطناعي، بل كان يقود قواته بنفسه من قلب الخرطوم ، ولم يهرب منها كما فعل قادة الجيش وقادة ميليشيات الكيزان الإرهابيين أمثال علي كرتي وأحمد هارون وزمرتهم، وأنه لم يكن يُقرّ أية انتهاكات يقوم بها بعض جنوده، بل كان يذرف الدمع سخينًا عندما يسمع عنها. الآن، وبعد رواية وشهادة (كيكل)، وهي شهادة صادرة عن رجل فارق الدعم السريع وخانها وحاربها ويقاتل ضدها الآن، فما قول الكيزان الكذَبة الأفاكين في ذلك؟ ما قولهم في روايتهم القذرة، وفي إعلامهم المتعفن الحقير، وفي كذبهم على الشعب السوداني، وشنّهم الحرب عليه، وتشريده من بيوته من أجل سلطة دنيوية لا تسوى مثقال حبّة خردل في موازين رب العالمين، الجبّار، فاضح الكذابين، المنتقم، الذي يُنطق الخونة والأفاكين وكل شيء، وهو على كل شيء قدير؟. لقد أنطق الله "كيكل"، وجعله يُنصف قائده السابق من حيث لا يريد، وسينطق من هم بعده ليدلوا بشهاداتهم ويقولوا الحقيقة للتاريخ، وحينها سيعلم الكيزان أي منقلب ينقلبون. كن بخير أيها الرجل .. أنت الفارس وسواك المسوخ.

سودارس
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سودارس
عقب استهداف بالمسيرات .. تصاعد أعمدة الدخان بمستودعات وقود بمدينة كوستي
النيلين نشر في النيلين أظهر فيديو متداول تصاعد أعمدة الدخان بمستودعات وقود بمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض عقب استهداف المدينة بعدد من المسيرات تابعة للدعم السريع. الجزيرة – السودان script type="text/javascript"="async" src=" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.


Independent عربية
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
الفيليبين والصين تتبادلان الاتهامات بمواجهة في بحر الصين الجنوبي
قدمت الفيليبين والصين روايات متضاربة عن مواجهة بحرية عند جزيرة متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، في أحدث واقعة ضمن نزاع طويل بين الجارتين. وقال الجيش الفيليبيني إن دورية بحرية بالقرب من جزيرة سكاربورو المتنازع عليها شهدت تحركات "عدوانية وغير آمنة" من سفينتين تابعتين للبحرية الصينية في وقت سابق من الأسبوع الجاري. وفي بيان أصدرته قيادة مسرح العمليات الجنوبي الصيني، اتهم الجيش الصيني الفرقاطة الفيليبينية "بمحاولة التعدي" على المياه حول الجزيرة وقال إنه أعد قوات بحرية وجوية لتعقب السفينة وطردها. وتعد جزيرة سكاربورو واحدة من أكثر المناطق البحرية المتنازع عليها في آسيا ونقطة توتر دبلوماسي بشأن السيادة وحقوق الصيد، وسميت على اسم سفينة بريطانية جنحت على الجزيرة منذ ما يقرب من ثلاثة قرون. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال الجيش الفيليبيني في بيان، "سلوك تهديدي واستفزازي كهذا قد يؤدي إلى سوء فهم وقد يزيد التوتر ويؤثر في الاستقرار الإقليمي". وتطالب الصين بالسيادة على كامل بحر الصين الجنوبي تقريباً، بما في ذلك المناطق التي تطالب بها بروناي وإندونيسيا وماليزيا والفيليبين وفيتنام. وقال المتحدث باسم مسرح العمليات الجنوبي الصيني، تيان جونلي، "(جزيرة سكاربورو) هي أراض صينية خالصة. نطالب الجانب الفيليبيني بالتوقف فوراً عن انتهاكه واستفزازه وتكهناته المزيفة". وأضاف، "قوات مسرح العمليات في حالة تأهب قصوى طوال الوقت للدفاع بحزم عن السيادة الوطنية والحقوق والمصالح البحرية، وللحفاظ على الاستقرار والسلام في منطقة بحر الصين الجنوبي".