logo
أمريكا تحشد قواتها.. 'عربي بوست' يتتبع تحريك واشنطن عشرات الطائرات العسكرية نحو شرق المتوسط تزامناً مع حرب إيران وإسرائيل

أمريكا تحشد قواتها.. 'عربي بوست' يتتبع تحريك واشنطن عشرات الطائرات العسكرية نحو شرق المتوسط تزامناً مع حرب إيران وإسرائيل

بوست عربيمنذ 20 ساعات

تتبع "عربي بوست" تحركات عشرات الطائرات العسكرية الأمريكية متعددة المهام، باتجاه شرق المتوسط ودول أوروبية قريبة منه، بما في ذلك الطائرات المخصصة للتزود بالوقود جواً، بالتزامن مع حرب إسرائيل وإيران ، كما تتبعنا التموضع الحالي للقوات البحرية الأمريكية، وسط توقعات باحتمال أن تشارك واشنطن في ضرب إيران.
تأتي هذه التحركات، فيما تدخل الحرب الإسرائيلية الإيرانية يومها السابع، إذ لا يزال الجانبان يتبادلان إطلاق الصواريخ والتهديدات بتصعيد أكبر، في حين يتزايد الحديث داخل الولايات المتحدة عن وجود خطط محتملة لشن أمريكا ضربة لإيران مطلع الأسبوع المقبل.
يمتد رصد تحركات الطائرات العسكرية الأمريكية، بين 16 إلى 18 يونيو/ حزيران 2025، وأظهر التتبع تحرّك ما لا يقل عن 27 طائرة عسكرية أمريكية، نحو شرق المتوسط وأوروبا.
الطائرات الـ27 التي رصدناها تنقسم بشكل رئيسي إلى قسمين:
طائرات للتزويد بالوقود: يُعدّ تحريك هذه الطائرات دلالةً على استعداد عملياتي قد يسبق انخراطاً عسكرياً مباشراً، إذ عادة ما تُستخدم هذه الطائرات للمساعدة في تنفيذ مهام قتالية بعيدة المدى، الأمر الذي يساعد الطائرات المقاتلة على توسيع مدى عملياتها، مثل استهداف العمق الإيراني.
طائرات لنقل الحمولات العسكرية الثقيلة ودعم عمليات لوجستية أخرى: تقوم هذه الطائرات بدعم عمليات الإمداد العسكرية، ما يضمن استمراريتها.
تُظهر المهام المتنوعة لهذه الطائرات أنها تغطي احتياجات الجيش الأمريكي العملياتية، فيما لو قرر دخول الحرب إلى جانب إسرائيل وقرر قصف مواقع المنشآت النووية في إيران، إذ إن بعض الطائرات تنفذ مهمات عابرة للقارات.
تحريك أسراب من الطائرات العسكرية
بدأت أمريكا في تحريك أسراب من طائراتها العسكرية من الأراضي الأمريكية إلى منطقة شرق المتوسط وجنوب أوروبا، يوم 16 يونيو/ حزيران 2025.
تشير بيانات تعقّب حركات الطائرات إلى أنه خلال يوم 16 يونيو وحده، توجّه ما لا يقل عن 20 طائرة من سلاح الجو الأمريكي إلى مواقع في شرق المتوسط وأوروبا.
أما بقية الطائرات، فكانت متمركزة سابقاً في مواقع بجنوب أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى رصد تحرّك طائرة عسكرية أمريكية يوم 18 يونيو/ حزيران 2025.
أظهر تتبّع "عربي بوست" أن الولايات المتحدة حرّكت ما لا يقل عن 16 طائرة مخصصة لتزويد المقاتلات الحربية بالوقود، إلى جانب 11 طائرة عسكرية متخصصة في نقل الحمولات العسكرية وتنفيذ مهام لوجستية أخرى.
وحتى منتصف يوم 19 يونيو/ حزيران 2025، تتوزع طائرات التزويد بالوقود بشكل رئيسي في جزيرة كريت باليونان، وفي مياه شرق المتوسط، وفي إيطاليا وإسبانيا.
أما طائرات النقل العسكرية والدعم اللوجستي، فتتواجد في اليونان، وألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبلغاريا.
ويُظهر تتبّع حركة هذه الطائرات أنها تؤدي مهاماً متعددة وتتنقل بين مواقع مختلفة، تمتد من شمال أوروبا إلى جنوبها، وصولاً إلى جزيرة كريت اليونانية في مياه شرق المتوسط.
يعكس العدد الكبير لطائرات تزويد الوقود التي أرسلتها أمريكا إلى شرق المتوسط وأوروبا أنها ستلعب دوراً رئيسياً، فيما لو شاركت أمريكا في الحرب ضد إيران، إذ يستطيع بعضها الطيران لمسافة 10 آلاف كيلومتر.
يُعدّ العدد الكبير لطائرات التزود بالوقود التي حرّكتها أمريكا مؤشراً على اعتماد الجيش الأمريكي بشكل كبير عليها، فيما لو قرر المشاركة في الحرب ضد إيران، إذ إن بعض الطائرات قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى 10 آلاف كيلومتر دون توقف.
ويعني هذا أن طائرات التزود بالوقود المتمركزة حالياً في كريت قادرة على تنفيذ مهام ذهاب وعودة نحو إيران، دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود من قواعد برية، ما يمنح المقاتلات الأمريكية قدرة هجومية أوسع.
مهام الطائرات العسكرية التي حركتها أمريكا
حتى الآن، أرسلت الولايات المتحدة 3 أنواع من الطائرات الخاصة بالتزود بالوقود، وهي:
– طائرات Boeing KC-135R Stratotanker: طائرات Boeing KC-135R Stratotanker: تُعد المهمة الأساسية لهذا النوع من الطائرات تزويد الطائرات الأخرى بالوقود أثناء الطيران.
تتميّز الطائرة بقدرتها على الإقلاع بحمولة تصل إلى 161 طناً، وبإمكانها أن تحمل 90 طناً من الوقود، ما يجعلها مثالية للمساعدة في تنفيذ العمليات العسكرية طويلة المدى.
اعتمدت أمريكا على هذا النوع من الطائرات في العديد من حروبها السابقة، مثل حروب فيتنام، والعراق، والخليج الثانية، وكذلك في المهام ضد تنظيم "داعش".
شهد هذا الطراز من الطائرات تحسينات حسّنت من قدرته على التزويد بالوقود بنسبة 50%، ويضم الأسطول الأمريكي حالياً 414 طائرة من طراز KC-135R Stratotanker، موزّعة بين وحدات الخدمة الفعلية، والحرس الوطني، واحتياطي سلاح الجو، وقواعد أمريكا في الخارج.
طائرات Boeing KC-135T Stratotanker: مخصصة أيضاً للتزويد بالوقود، وتتشابه في جزء كبير من خصائصها الفنية مع طائرات KC‑135R.
بإمكان طائرات KC-135T أن تحمل نحو 100 طن من الوقود، ويوجد نحو 54 طائرة من هذا الطراز لدى الجيش الأمريكي.
طائرات Boeing KC‑46A Pegasus: تزود هذه الطائرات طيفاً واسعاً من الطائرات الأمريكية والحليفة لأمريكا بالوقود، مثل مقاتلات إف-35، وإف-22، وقاذفات (بي-1 وبي-2)، إضافة إلى طائرات النقل العسكرية مثل (سي-17، وسي-5).
بإمكان هذا الطراز حمل 96 طناً من الوقود، وهي مصممة للعمل في بيئات قتالية بفضل أنظمتها الدفاعية المتطورة، كما أنها قادرة على ضخ الوقود بمعدلات عالية تناسب الطائرات الكبيرة.
يمكن أيضاً استخدام هذا النوع من الطائرات في مهام أخرى مثل النقل، والإخلاء الطبي، ما يمنحها مرونة عالية في بيئات الحروب.
طائرات النقل العسكري
منذ بدء الحرب الإيرانية الإسرائيلية، حرّكت أمريكا 4 أنواع من الطائرات المخصصة للنقل العسكري، بحسب ما توصّل إليه رصد "عربي بوست"، والطائرات هي:
1- طائرات (Boeing C-17A Globemaster III): متخصصة في نقل الحمولات العسكرية، ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 10.3 آلاف كيلومتر، شريطة التزود بالوقود أثناء التحليق.
وبإمكان هذا النوع من الطائرات أن تنقل حمولة تصل إلى 77 طنًا ، كما يمكنها الهبوط في مدرجات صغيرة. وتنقل حمولات عسكرية متعددة ، مثل 3 مركبات من نوع "برادلي"، دبابة من طراز M1A1 Abrams، إلى جانب قدرتها على حمل 3 مروحيات من طراز "بلاك هوك".
لدى الأسطول الجوي الأمريكي 222 طائرة من هذا النوع، فيما يمتلك حلفاء الولايات المتحدة 53 طائرة منها، وكانت أمريكا قد استخدمت هذه الطائرات في حربي أفغانستان، و العراق.
2- طائرات Lockheed C-5M Super Galaxy: وهي أكبر طائرات نقل في سلاح الجو الأمريكي ، مخصصة لنقل المعدات الضخمة التي لا يمكن للطائرات التقليدية نقلها.
من بين ما ينقله هذا النوع من الطائرات، دبابات M1 Abrams، ومروحيات، وتتميز بإمكانياتها في نشر المعدات الثقيلة عبر القارات دون توقف للتزود بالوقود.
3- طائرات Lockheed Martin C-130J Hercules: يدعم هذا النوع من الطائرات القيام بمهام متعددة، فهي تُستخدم في عمليات النقل الجوي، وتدعم عمليات إنزال الإمدادات الجوية، ونقل المعدات والقوات.
بإمكان هذا الطراز من الطائرات أيضاً تزويد المروحيات والقوات الجوية بالوقود، وتمتاز بقدرتها على الإقلاع والهبوط في مدارج قصيرة وغير مجهزة، ما يسمح لها بالعمل في بيئات وعرة.
4- طائرات Boeing C-40 Clipper: تُستخدم هذه الطائرات بشكل رئيسي لتقديم الدعم اللوجستي لقوات البحرية الأمريكية، وتتميّز بقدرتها على الطيران لمسافات طويلة دون الحاجة إلى التزود بالوقود.
تواجد كبير للقوات البحرية الأمريكية
إلى جانب حشد الولايات المتحدة لطائراتها، عززت أمريكا من تواجد قواتها البحرية في مياه شرق المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، بحسب ما أظهره تتبع أجراه "عربي بوست" بالاعتماد على بيانات لـ" معهد البحرية الأمريكية" حتى يوم 16 يونيو/ حزيران 2025.
تتواجد حالياً 3 مدمرات أمريكية موجهة الصواريخ في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي:
– "يو إس إس سوليفانز" المعروفة بـ (DDG-68).
– "يو إس إس توماس هادنر"، المعروفة بـ (DDG-116).
– "يو إس إس أرلي بيرك"، المعروفة بـ (DDG-51)، وبحسب معهد البحرية فإن هذه المدمرة تتواجد حالياً في ميناء اليونان.
وفي مياه البحر الأحمر، تنشر الولايات المتحدة مدمرتان أميركيتان موجهتا الصواريخ، وهما:
– "يو إس إس فورست شيرمان" المعروفة بـ(DDG-98).
– "يو إس إس تروكستن" المعروفة بـ(DDG-103).
كذلك تنتشر في الخليج العربي سفينة القتال الساحلي "يو إس إس كانبيرا" المعروفة بـ (LCS-30)، وذلك للقيام بعملية مكافحة الألغام، وتعمل السفينة في منطقة الأسطول الخامس الأمريكي، وفقاً لبيانات "معهد البحرية الأمريكية".
إضافة إلى هذه السفن، تتحرك حاملة الطائرات الأمريكية "نيميتز" باتجاه الشرق الأوسط، ويمكن لهذه الحاملة نقل 5000 شخص وأكثر من 60 طائرة، بما في ذلك طائرات مقاتلة، وبحسب بيانات لمراقبي حركة السفن، فإن الحاملة كانت تتواجد خلال اليومين الماضيين في بحر الصين الجنوبي.
ولا تنشر الولايات المتحدة بشكل رسمي معلومات حول الأماكن الدقيقة لتواجد سفنها الحربية.
وكانت إسرائيل قد بدأت فجر 13 يونيو/ حزيران 2025 هجوماً واسعاً على إيران بمقاتلات جوية، قصفت خلالها منشآت نووية، وقواعد صواريخ، ومبانٍ سكنية، كما اغتالت قادة كباراً في الجيش و"الحرس الثوري"، إضافة إلى اغتيال علماء نوويين.
برّرت إسرائيل هجومها بأن طهران على وشك صناعة قنبلة نووية، بحسب مزاعمها، فيما ردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بسلسلة هجمات صاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، ما تسبب بقتلى وجرحى وأضرار مادية كبيرة في إسرائيل.
وساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في إسقاط الصواريخ القادمة من طهران، فيما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الأربعاء 18 حزيران/ يونيو 2025، أن ترامب أبلغ كبار مساعديه بأنه وافق على خطط لمهاجمة إيران، لكنه لم يُصدر بعدُ الأمر النهائي لتنفيذها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دييغو غارسيا: ماذا نعرف عن الجزيرة البريطانية التي قد تستخدمها أمريكا لضرب المفاعل النووي الإيراني
دييغو غارسيا: ماذا نعرف عن الجزيرة البريطانية التي قد تستخدمها أمريكا لضرب المفاعل النووي الإيراني

بوست عربي

timeمنذ 20 ساعات

  • بوست عربي

دييغو غارسيا: ماذا نعرف عن الجزيرة البريطانية التي قد تستخدمها أمريكا لضرب المفاعل النووي الإيراني

بينما يترقب العالم ضربة أمريكية محتملة لإيران وسط تصاعد الهجمات بين تل أبيب وطهران، برزت قاعدة جوية أمريكية في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي باعتبارها القاعدة التي قد تنطلق منها الطائرات الأمريكية من طراز B-2 القادرة على حمل القنبلة GBU-57 المخصصة لاستهداف المناطق الحصينة تحت الأرض. وفي نهاية مارس/آذار الماضي، أظهرت معلومات الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر التي قدمتها شركة Planet Labs وجود ثلاث قاذفات من طراز B-2، وهي طائرات شبحية تستخدم في توجيه ضربات دقيقة ويمكنها التهرب من أنظمة الدفاع الجوي، في القاعدة الأمريكية في دييغو غارسيا بجانب وجود العديد من طائرات التزود بالوقود من طراز KC-135 في القاعدة. لكن الصور الأحدث القادمة من الجزيرة، التي تقع على بعد نحو 700 كم جنوب جزر المالديف، لم تعد تظهر وجود القاذفات هناك، وفق تقرير لموقع بي بي سي البريطاني. 📹 مشاهد الدمار في #حولون بـ #تل_أبيب صباح اليوم بسبب الصواريخ الإيرانية. — عربي بوست (@arabic_post) June 19, 2025 وكانت إيران قد هددت سابقاً بشن هجوم على قاعدة دييغو غارسيا إذا تعرضت لهجوم عسكري من واشنطن. ونقلت صحيفة التلغراف البريطانية في مارس/آذار عن مسؤول إيراني كبير قوله إن القادة العسكريين طلبوا استهداف القاعدة البريطانية الأمريكية في محاولة لردع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ضرب إيران. يأتي ذلك بينما ذكرت تقارير إعلامية أمريكية أن الرئيس ترامب وافق "سراً" على تدخل الولايات المتحدة في الصراع الذي بدأ بهجمات إسرائيلية على إيران. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال ، مساء الأربعاء 18 يونيو/حزيران، عن مصادر مطلعة أن ترامب "أعطى الضوء الأخضر لخطط الولايات المتحدة لمهاجمة إيران". أين تقع جزيرة دييغو غارسيا؟ جزيرة دييغو غارسيا هي أكبر جزيرة في أرخبيل جزر تشاغوس الذي يقع في المحيط الهندي. وتتميز بمساحة تبلغ حوالي 10 كم في 20 كم، بما في ذلك البحيرة الضخمة في مركزها. تقع الجزيرة في منتصف المسافة بين ساحل الهند وجزيرة موريشيوس. وهذا الموقع الاستراتيجي جعل منها نقطة جذب للوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. تعود العلاقة بين الولايات المتحدة ودييغو غارسيا إلى الأيام الأخيرة للإمبراطورية البريطانية. وخلال ستينيات القرن العشرين، عندما انسحبت بريطانيا من مستعمراتها، ضغطت المملكة المتحدة على موريشيوس، مستعمرتها السابقة، لبيع جزر تشاغوس مقابل ثلاثة ملايين جنيه إسترليني فقط. ونتيجة لهذه الصفقة، تمكنت الولايات المتحدة من تأجير جزيرة دييغو غارسيا لمدة 50 عاماً، مع حق التمديد لمدة 20 عاماً أخرى. وفي المقابل، حصلت المملكة المتحدة على صواريخ باليستية أمريكية بأسعار منخفضة. وخلال هذه الفترة، أجبرت بريطانيا سكان الجزيرة الأصليين على مغادرتها، حيث تم تهجير حوالي 1500 شخص قسراً إلى الأحياء الفقيرة في موريشيوس وسيشل. هل استخدمت الولايات المتحدة دييغو غارسيا من قبل؟ نعم، استخدمت الولايات المتحدة جزيرة دييغو غارسيا بشكل مكثف في عدد من العمليات العسكرية. وعلى مر السنين، أصبحت القاعدة العسكرية في دييغو غارسيا ذات أهمية استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة في منطقة المحيط الهندي، الشرق الأوسط، والمحيط الهادئ. وفي أواخر تسعينيات القرن العشرين، على سبيل المثال، عندما أرادت الولايات المتحدة تنفيذ غارات جوية ضد العراق تحت حكم صدام حسين، كانت السعودية مترددة في السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها الجوية. ونتيجة لذلك، قرر الاستراتيجيون العسكريون الأمريكيون استخدام دييغو غارسيا كموقع لإطلاق قاذفات B-52 لضرب أهداف في العراق وأفغانستان. كما تم استخدام القاعدة في "الحرب على الإرهاب"، حيث كانت القاذفات الأمريكية تنطلق منها بشكل منتظم، إلى جانب استخدامها كموقع لتزويد الطائرات بالوقود أثناء العمليات العسكرية في مناطق أخرى. وفي وقت لاحق، عندما فرضت دول الخليج قيوداً على استخدام القواعد الجوية لضرب الحوثيين في اليمن، بحسب ما قاله مسؤول دفاعي أمريكي لموقع ميدل إيست آي البريطاني، استمر الأمريكيون في استخدام قاعدة دييغو غارسيا كخيار بديل. لماذا تشكل دييغو غارسيا أهمية عندما يتعلق الأمر بإيران؟ أعاد الهجوم الإسرائيلي على إيران، وما تبِعه من رد طهران، دييغو غارسيا إلى دائرة الضوء. وتتمتع طائرات B-2 بالقدرة على حمل قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، والتي يصل وزنها إلى 30 ألف رطل، والتي ستكون ضرورية لاختراق المواقع النووية الإيرانية في أعماق الأرض، وخاصة منشأة فوردو التي تقع في أعماق مجمع جبلي بالقرب من مدينة قم. ووجود طائرات B-2 في قاعدة دييغو غارسيا يضع القاذفات، التي يمكن أن تحلق لمسافة 11 ألف كم دون الحاجة للتزود بالوقود، على بُعد 5300 كم من إيران، علماً بأن أقصى مدى للصواريخ الباليستية لطهران يصل إلى حوالي 2000 كم. ونقل موقع بي بي سي عن المارشال الجوي غريغ باجويل، نائب رئيس عمليات سلاح الجو الملكي البريطاني سابقاً، قوله: "سيكون بإمكانهم شن عملية مستدامة انطلاقًا من دييغو غارسيا بكفاءة أكبر بكثير". وقال الرئيس السابق للقوات الدفاعية الأيرلندية، الأدميرال مارك ميليت، إنه يتوقّع رؤية القاذفات على الجزيرة قبل أي عملية تستهدف إيران، ووصف غيابها بأنه "قطعة مفقودة من اللغز". ما هو موقف بريطانيا من توجيه ضربة أمريكية لإيران من دييغو غارسيا؟ أشارت تقارير بريطانية إلى أن من بين القضايا الرئيسية التي تواجه المملكة المتحدة ما إذا كانت ستمنح الإذن للولايات المتحدة بإطلاق قاذفات الشبح من طراز B-2 من قاعدة دييغو غارسيا لمهاجمة منشأة فوردو الإيرانية. وقالت صحيفة الغارديان إن القرار بشأن منح الولايات المتحدة الإذن باستخدام القاعدة، إذا طُلِب ذلك، سيكون قراراً سياسياً، ومن المتوقع أن يطلب رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، المشورة من مستشاره للأمن القومي، جوناثان باول. ومع ذلك، أشار المطلعون على شؤون الحكومة إلى أن هذا من شأنه أن يضع رئيس الوزراء في موقف صعب، حيث يتعيّن عليه الموازنة بين تفضيله المعلَن للحل الدبلوماسي، ورغبته في حماية العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، التي يعتبرها ذات أهمية قصوى. وحتى الآن، لم تتلق بريطانيا طلباً رسمياً من الولايات المتحدة لاستخدام قاعدة دييغو غارسيا أو أي من قواعدها الجوية الأخرى لقصف إيران.

أمريكا تحشد قواتها.. 'عربي بوست' يتتبع تحريك واشنطن عشرات الطائرات العسكرية نحو شرق المتوسط تزامناً مع حرب إيران وإسرائيل
أمريكا تحشد قواتها.. 'عربي بوست' يتتبع تحريك واشنطن عشرات الطائرات العسكرية نحو شرق المتوسط تزامناً مع حرب إيران وإسرائيل

بوست عربي

timeمنذ 20 ساعات

  • بوست عربي

أمريكا تحشد قواتها.. 'عربي بوست' يتتبع تحريك واشنطن عشرات الطائرات العسكرية نحو شرق المتوسط تزامناً مع حرب إيران وإسرائيل

تتبع "عربي بوست" تحركات عشرات الطائرات العسكرية الأمريكية متعددة المهام، باتجاه شرق المتوسط ودول أوروبية قريبة منه، بما في ذلك الطائرات المخصصة للتزود بالوقود جواً، بالتزامن مع حرب إسرائيل وإيران ، كما تتبعنا التموضع الحالي للقوات البحرية الأمريكية، وسط توقعات باحتمال أن تشارك واشنطن في ضرب إيران. تأتي هذه التحركات، فيما تدخل الحرب الإسرائيلية الإيرانية يومها السابع، إذ لا يزال الجانبان يتبادلان إطلاق الصواريخ والتهديدات بتصعيد أكبر، في حين يتزايد الحديث داخل الولايات المتحدة عن وجود خطط محتملة لشن أمريكا ضربة لإيران مطلع الأسبوع المقبل. يمتد رصد تحركات الطائرات العسكرية الأمريكية، بين 16 إلى 18 يونيو/ حزيران 2025، وأظهر التتبع تحرّك ما لا يقل عن 27 طائرة عسكرية أمريكية، نحو شرق المتوسط وأوروبا. الطائرات الـ27 التي رصدناها تنقسم بشكل رئيسي إلى قسمين: طائرات للتزويد بالوقود: يُعدّ تحريك هذه الطائرات دلالةً على استعداد عملياتي قد يسبق انخراطاً عسكرياً مباشراً، إذ عادة ما تُستخدم هذه الطائرات للمساعدة في تنفيذ مهام قتالية بعيدة المدى، الأمر الذي يساعد الطائرات المقاتلة على توسيع مدى عملياتها، مثل استهداف العمق الإيراني. طائرات لنقل الحمولات العسكرية الثقيلة ودعم عمليات لوجستية أخرى: تقوم هذه الطائرات بدعم عمليات الإمداد العسكرية، ما يضمن استمراريتها. تُظهر المهام المتنوعة لهذه الطائرات أنها تغطي احتياجات الجيش الأمريكي العملياتية، فيما لو قرر دخول الحرب إلى جانب إسرائيل وقرر قصف مواقع المنشآت النووية في إيران، إذ إن بعض الطائرات تنفذ مهمات عابرة للقارات. تحريك أسراب من الطائرات العسكرية بدأت أمريكا في تحريك أسراب من طائراتها العسكرية من الأراضي الأمريكية إلى منطقة شرق المتوسط وجنوب أوروبا، يوم 16 يونيو/ حزيران 2025. تشير بيانات تعقّب حركات الطائرات إلى أنه خلال يوم 16 يونيو وحده، توجّه ما لا يقل عن 20 طائرة من سلاح الجو الأمريكي إلى مواقع في شرق المتوسط وأوروبا. أما بقية الطائرات، فكانت متمركزة سابقاً في مواقع بجنوب أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى رصد تحرّك طائرة عسكرية أمريكية يوم 18 يونيو/ حزيران 2025. أظهر تتبّع "عربي بوست" أن الولايات المتحدة حرّكت ما لا يقل عن 16 طائرة مخصصة لتزويد المقاتلات الحربية بالوقود، إلى جانب 11 طائرة عسكرية متخصصة في نقل الحمولات العسكرية وتنفيذ مهام لوجستية أخرى. وحتى منتصف يوم 19 يونيو/ حزيران 2025، تتوزع طائرات التزويد بالوقود بشكل رئيسي في جزيرة كريت باليونان، وفي مياه شرق المتوسط، وفي إيطاليا وإسبانيا. أما طائرات النقل العسكرية والدعم اللوجستي، فتتواجد في اليونان، وألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبلغاريا. ويُظهر تتبّع حركة هذه الطائرات أنها تؤدي مهاماً متعددة وتتنقل بين مواقع مختلفة، تمتد من شمال أوروبا إلى جنوبها، وصولاً إلى جزيرة كريت اليونانية في مياه شرق المتوسط. يعكس العدد الكبير لطائرات تزويد الوقود التي أرسلتها أمريكا إلى شرق المتوسط وأوروبا أنها ستلعب دوراً رئيسياً، فيما لو شاركت أمريكا في الحرب ضد إيران، إذ يستطيع بعضها الطيران لمسافة 10 آلاف كيلومتر. يُعدّ العدد الكبير لطائرات التزود بالوقود التي حرّكتها أمريكا مؤشراً على اعتماد الجيش الأمريكي بشكل كبير عليها، فيما لو قرر المشاركة في الحرب ضد إيران، إذ إن بعض الطائرات قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى 10 آلاف كيلومتر دون توقف. ويعني هذا أن طائرات التزود بالوقود المتمركزة حالياً في كريت قادرة على تنفيذ مهام ذهاب وعودة نحو إيران، دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود من قواعد برية، ما يمنح المقاتلات الأمريكية قدرة هجومية أوسع. مهام الطائرات العسكرية التي حركتها أمريكا حتى الآن، أرسلت الولايات المتحدة 3 أنواع من الطائرات الخاصة بالتزود بالوقود، وهي: – طائرات Boeing KC-135R Stratotanker: طائرات Boeing KC-135R Stratotanker: تُعد المهمة الأساسية لهذا النوع من الطائرات تزويد الطائرات الأخرى بالوقود أثناء الطيران. تتميّز الطائرة بقدرتها على الإقلاع بحمولة تصل إلى 161 طناً، وبإمكانها أن تحمل 90 طناً من الوقود، ما يجعلها مثالية للمساعدة في تنفيذ العمليات العسكرية طويلة المدى. اعتمدت أمريكا على هذا النوع من الطائرات في العديد من حروبها السابقة، مثل حروب فيتنام، والعراق، والخليج الثانية، وكذلك في المهام ضد تنظيم "داعش". شهد هذا الطراز من الطائرات تحسينات حسّنت من قدرته على التزويد بالوقود بنسبة 50%، ويضم الأسطول الأمريكي حالياً 414 طائرة من طراز KC-135R Stratotanker، موزّعة بين وحدات الخدمة الفعلية، والحرس الوطني، واحتياطي سلاح الجو، وقواعد أمريكا في الخارج. طائرات Boeing KC-135T Stratotanker: مخصصة أيضاً للتزويد بالوقود، وتتشابه في جزء كبير من خصائصها الفنية مع طائرات KC‑135R. بإمكان طائرات KC-135T أن تحمل نحو 100 طن من الوقود، ويوجد نحو 54 طائرة من هذا الطراز لدى الجيش الأمريكي. طائرات Boeing KC‑46A Pegasus: تزود هذه الطائرات طيفاً واسعاً من الطائرات الأمريكية والحليفة لأمريكا بالوقود، مثل مقاتلات إف-35، وإف-22، وقاذفات (بي-1 وبي-2)، إضافة إلى طائرات النقل العسكرية مثل (سي-17، وسي-5). بإمكان هذا الطراز حمل 96 طناً من الوقود، وهي مصممة للعمل في بيئات قتالية بفضل أنظمتها الدفاعية المتطورة، كما أنها قادرة على ضخ الوقود بمعدلات عالية تناسب الطائرات الكبيرة. يمكن أيضاً استخدام هذا النوع من الطائرات في مهام أخرى مثل النقل، والإخلاء الطبي، ما يمنحها مرونة عالية في بيئات الحروب. طائرات النقل العسكري منذ بدء الحرب الإيرانية الإسرائيلية، حرّكت أمريكا 4 أنواع من الطائرات المخصصة للنقل العسكري، بحسب ما توصّل إليه رصد "عربي بوست"، والطائرات هي: 1- طائرات (Boeing C-17A Globemaster III): متخصصة في نقل الحمولات العسكرية، ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 10.3 آلاف كيلومتر، شريطة التزود بالوقود أثناء التحليق. وبإمكان هذا النوع من الطائرات أن تنقل حمولة تصل إلى 77 طنًا ، كما يمكنها الهبوط في مدرجات صغيرة. وتنقل حمولات عسكرية متعددة ، مثل 3 مركبات من نوع "برادلي"، دبابة من طراز M1A1 Abrams، إلى جانب قدرتها على حمل 3 مروحيات من طراز "بلاك هوك". لدى الأسطول الجوي الأمريكي 222 طائرة من هذا النوع، فيما يمتلك حلفاء الولايات المتحدة 53 طائرة منها، وكانت أمريكا قد استخدمت هذه الطائرات في حربي أفغانستان، و العراق. 2- طائرات Lockheed C-5M Super Galaxy: وهي أكبر طائرات نقل في سلاح الجو الأمريكي ، مخصصة لنقل المعدات الضخمة التي لا يمكن للطائرات التقليدية نقلها. من بين ما ينقله هذا النوع من الطائرات، دبابات M1 Abrams، ومروحيات، وتتميز بإمكانياتها في نشر المعدات الثقيلة عبر القارات دون توقف للتزود بالوقود. 3- طائرات Lockheed Martin C-130J Hercules: يدعم هذا النوع من الطائرات القيام بمهام متعددة، فهي تُستخدم في عمليات النقل الجوي، وتدعم عمليات إنزال الإمدادات الجوية، ونقل المعدات والقوات. بإمكان هذا الطراز من الطائرات أيضاً تزويد المروحيات والقوات الجوية بالوقود، وتمتاز بقدرتها على الإقلاع والهبوط في مدارج قصيرة وغير مجهزة، ما يسمح لها بالعمل في بيئات وعرة. 4- طائرات Boeing C-40 Clipper: تُستخدم هذه الطائرات بشكل رئيسي لتقديم الدعم اللوجستي لقوات البحرية الأمريكية، وتتميّز بقدرتها على الطيران لمسافات طويلة دون الحاجة إلى التزود بالوقود. تواجد كبير للقوات البحرية الأمريكية إلى جانب حشد الولايات المتحدة لطائراتها، عززت أمريكا من تواجد قواتها البحرية في مياه شرق المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، بحسب ما أظهره تتبع أجراه "عربي بوست" بالاعتماد على بيانات لـ" معهد البحرية الأمريكية" حتى يوم 16 يونيو/ حزيران 2025. تتواجد حالياً 3 مدمرات أمريكية موجهة الصواريخ في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي: – "يو إس إس سوليفانز" المعروفة بـ (DDG-68). – "يو إس إس توماس هادنر"، المعروفة بـ (DDG-116). – "يو إس إس أرلي بيرك"، المعروفة بـ (DDG-51)، وبحسب معهد البحرية فإن هذه المدمرة تتواجد حالياً في ميناء اليونان. وفي مياه البحر الأحمر، تنشر الولايات المتحدة مدمرتان أميركيتان موجهتا الصواريخ، وهما: – "يو إس إس فورست شيرمان" المعروفة بـ(DDG-98). – "يو إس إس تروكستن" المعروفة بـ(DDG-103). كذلك تنتشر في الخليج العربي سفينة القتال الساحلي "يو إس إس كانبيرا" المعروفة بـ (LCS-30)، وذلك للقيام بعملية مكافحة الألغام، وتعمل السفينة في منطقة الأسطول الخامس الأمريكي، وفقاً لبيانات "معهد البحرية الأمريكية". إضافة إلى هذه السفن، تتحرك حاملة الطائرات الأمريكية "نيميتز" باتجاه الشرق الأوسط، ويمكن لهذه الحاملة نقل 5000 شخص وأكثر من 60 طائرة، بما في ذلك طائرات مقاتلة، وبحسب بيانات لمراقبي حركة السفن، فإن الحاملة كانت تتواجد خلال اليومين الماضيين في بحر الصين الجنوبي. ولا تنشر الولايات المتحدة بشكل رسمي معلومات حول الأماكن الدقيقة لتواجد سفنها الحربية. وكانت إسرائيل قد بدأت فجر 13 يونيو/ حزيران 2025 هجوماً واسعاً على إيران بمقاتلات جوية، قصفت خلالها منشآت نووية، وقواعد صواريخ، ومبانٍ سكنية، كما اغتالت قادة كباراً في الجيش و"الحرس الثوري"، إضافة إلى اغتيال علماء نوويين. برّرت إسرائيل هجومها بأن طهران على وشك صناعة قنبلة نووية، بحسب مزاعمها، فيما ردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بسلسلة هجمات صاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، ما تسبب بقتلى وجرحى وأضرار مادية كبيرة في إسرائيل. وساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في إسقاط الصواريخ القادمة من طهران، فيما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الأربعاء 18 حزيران/ يونيو 2025، أن ترامب أبلغ كبار مساعديه بأنه وافق على خطط لمهاجمة إيران، لكنه لم يُصدر بعدُ الأمر النهائي لتنفيذها.

أزمة في الغاز وهروب الاستثمارات وتراجع الجنيه.. أبرز تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على مصر، و'لجنة أزمات' لمواجهتها
أزمة في الغاز وهروب الاستثمارات وتراجع الجنيه.. أبرز تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على مصر، و'لجنة أزمات' لمواجهتها

بوست عربي

timeمنذ 2 أيام

  • بوست عربي

أزمة في الغاز وهروب الاستثمارات وتراجع الجنيه.. أبرز تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على مصر، و'لجنة أزمات' لمواجهتها

بدأت تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران، التي دخلت يومها السادس الأربعاء 18 يونيو/حزيران 2025، تُلقي بظلالها مبكراً على مصر، وكانت البداية مع قرار إسرائيل وقف إمداداتها من الغاز، وهو ما ترك أزمة كبيرة في القاهرة التي تعتمد على ما يقرب من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي على الشحنات القادمة من تل أبيب. وتزامن ذلك أيضاً مع بدء تأثير هروب الأموال الساخنة على سعر الجنيه، الذي تراجع خلال الأيام الماضية، وتجلّت تأثيرات الحرب بين إسرائيل وإيران على مصر أيضاً في قرار المسؤولين تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير الذي دعت إليه القاهرة عدداً كبيراً من قادة دول العالم، وكان مقرراً افتتاحه مطلع يوليو/تموز المقبل. تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران على الاقتصاد المصري دفعت رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى تشكيل "لجنة أزمات" برئاسته، ضمّت في عضويتها محافظ البنك المركزي، ووزراء، وممثلين عن وزارة الدفاع، والداخلية، وجهاز المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، بهدف بحث تداعيات الأحداث الأخيرة وتأثيراتها على مختلف القطاعات. تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران على مصر قال مصدر حكومي مطلع إن اللجنة هدفها الاستعداد المبكر لأي مشكلات قد تطرأ على مستوى توفير السلع الاستراتيجية، أو تأخر إمدادات الطاقة، أو تأثر سلاسل الإمداد حال استمرت الحرب بين إسرائيل وإيران لفترة طويلة، مشيراً إلى أن القرار جاء بعدما واجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي انتقادات لحديثه السابق بشأن عدم قدرة الحكومة على التنبؤ بما قد يحدث في المستقبل، وبالتالي فإن التحرك رسالة للداخل بشكل أكبر مفادها أن الحكومة تستعد لمواجهة أي طارئ. وقال المتحدث، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الحرب بين إسرائيل وإيران من المتوقع أن تترك تداعيات صعبة على الاقتصاد المصري في حال امتدت الحرب الإسرائيلية الإيرانية ودخلت على خطها أطراف أخرى. وأوضح مصدر "عربي بوست" أن التأثر السريع الذي حدث على سعر الصرف بعد أن صعد الدولار بقوة، سببه خروج جزئي للمستثمرين الأجانب من أذون وسندات الخزانة بالعملة المحلية، وسط ضبابية الأوضاع بالمنطقة، وتسعى الحكومة حالياً لأن تؤثر على قرارات سحب الأموال بخفض قيمة الجنيه، غير أن ذلك ليس من المتوقع أن يؤثر على مجمل قرارات المودعين. ويأتي النفط في مقدمة السلع التي تتأثر بالاضطرابات الجيوسياسية، وتخشى الحكومة المصرية من ارتفاع أسعار النفط عالمياً (ارتفع النفط بحوالي 7% دفعة واحدة)، مما يؤدي إلى زيادة فاتورة الواردات لمصر من الطاقة، وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل محلياً، وسط توقعات عالمية بمواصلة ارتفاع سعر النفط. ويشير المصدر إلى أن هناك حالة ارتباك بسبب القفزات اليومية في سعر النفط مع تطورات أوضاع الحرب، وقال إن ارتفاع أسعار النفط الدولية سوف يضغط على الموازنة العامة التي تحدد متوسط سعر البرميل عند 74 دولاراً، في حين أن المؤشرات قد تجعله يتجاوز 80 دولاراً للبرميل وأكثر في حال إطالة أمد الحرب، وهو ما يضغط على ميزان المدفوعات. وأوضح مصدر "عربي بوست" أن قطاع السياحة سيكون ضمن المتأثرين أيضاً، مشيراً إلى أن اتخاذ خطوة إرجاء افتتاح المتحف المصري الكبير بعث برسائل سلبية لشركات السياحة العالمية مفادها أن المنطقة تعاني عدم استقرار. كما أن التعامل مع دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط دائماً ما يبقى ككتلة واحدة بالنسبة لوجهات السفر بالنسبة للأوروبيين، وبالتالي رغم ابتعاد مصر عن الأحداث، فقد لا تتجاوز ما حققته العام الماضي من أرقام تتعلق بجذب 16 مليون سائح، وتحقيق عوائد تصل إلى 15 مليار دولار، في حين كان من المأمول أن يصل ذلك إلى 18 مليار دولار، بحثاً عن سدّ عجز الموازنة. وشدد المصدر الحكومي على أن الأثر الأكبر يحمل بُعداً اقتصادياً وسياسياً في الوقت ذاته، "لأن ارتفاع أسعار النفط سوف يدفع لجنة التسعير التلقائي التي تنعقد كل ثلاثة أشهر لزيادة أسعار الوقود، في حين أن الحكومة قدمت وعوداً بعدم زيادة أسعار البنزين والسولار حتى نهاية هذا العام". ويضيف المتحدث أن الوضع ذاته ينطبق على أزمة تخفيف أحمال الكهرباء في ظل تراجع إمدادات الغاز الطبيعي، وقال: "تم التنبيه على المحافظات بتشديد متابعة تفعيل قرارات ترشيد استهلاك الكهرباء، وسيكون خيار العودة لتخفيف الأحمال مطروحاً خلال الفترة المقبلة إذا لم تصل الكميات المتفق عليها لتزويد محطات الكهرباء". وذكر المصدر أن سيناريو اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قابل للتكرار، بعد أن تسببت هذه الحرب في أزمة اقتصادية طاحنة في العام التالي لها، مشيراً إلى أن الحكومة في السابق استطاعت أن تمتص الأزمات وتحافظ على ردة الفعل الشعبي في إطار "السخط المكتوم". لكن يؤكد المتحدث أن ذلك ليس مضموناً في حال فقد الجنيه مزيداً من قيمته، وفي حال أقدمت الحكومة على رفع أسعار البنزين مرة أخرى هذا العام، وإذا ما وصلنا إلى قطع الكهرباء لعدة ساعات على مدار اليوم، في وقت امتحانات الثانوية العامة التي بدأت للتو هذا الأسبوع، ومن المقرر أن تنتهي قبل منتصف الشهر المقبل. سيناريوهات مختلفة للتعامل مع شح الغاز الطبيعي تعتمد مصر بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي منذ أن بدأ إنتاجها في الانخفاض في عام 2022، ويمثل الغاز الإسرائيلي ما بين 40 إلى 60% من إجمالي الإمدادات المستوردة إلى مصر، وحوالي 15 إلى 20% من استهلاكها، وفقاً لبيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (JODI). فيما أوقفت الحكومة المصرية السبت 14 يونيو/حزيران 2025، ضخّ المازوت والسولار للمصانع التي تستخدمه كوقود في صناعات الأغذية والإسمنت لمدة 14 يوماً، بهدف توفير نحو 8 آلاف طن مازوت يومياً لسدّ احتياجات محطات الكهرباء، لحين توفير الشحنات المستوردة. وقال مصدر مطلع بوزارة البترول، إن اجتماعات مكثفة انعقدت خلال الساعات الماضية على مستوى رئيس الوزراء ووزيري البترول والكهرباء، إلى جانب وزير المالية، للبحث عن سيناريوهات مختلفة للتعامل مع شح واردات الغاز الطبيعي. وكان أول هذه القرارات، يقول المصدر، وقف إمداد الغاز لمصانع الأسمدة بشكل مؤقت، وتوجيه هذه الكميات إلى محطات الكهرباء لكي لا يتم قطع التيار الكهربائي، والاتجاه نحو التعاقد مع شحنات سولار ومازوت من الخارج وبكميات كبيرة تكون كافية لتغطية الاستهلاك حتى النصف الأول من العام المقبل. وفي حال واجهت الحكومة المصرية صعوبات في هذين السيناريوهين، فإن البديل سيكون العودة إلى تخفيف الأحمال، وقد يحدث ذلك في شهر يوليو/تموز المقبل، تزامناً مع انتهاء امتحانات الثانوية العامة، وحال استمرت الحرب إلى ذلك الحين. وأشار المصدر ذاته، الذي تحدث إلى "عربي بوست" مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، إلى أن وقف إمدادات مصانع الأسمدة ومصانع البتروكيمياويات لمدة ثلاثة أيام، من الممكن مدّها إلى ثلاثة أيام أخرى حتى بداية الأسبوع المقبل، يُوفر يومياً ما يقرب من 500 مليون قدم مكعب، إلى جانب الضغط بشكل أكبر على محطات الكهرباء للعمل بالمازوت. هذا الوضع يعرّض محطات الكهرباء للأعطال، وتكون بحاجة إلى صيانات سريعة جرى الاتفاق عليها مع وزارة الكهرباء، وذلك لفترة مؤقتة قد تمتد لمدة شهر أيضاً، وهناك تعويل على عودة حقول الغاز الإسرائيلية لإمداد مصر بنصف الكميات خلال الأسبوع المقبل. وأشار المصدر إلى أن بعض مصانع الأسمنت خفضت من إنتاجها بشكل وصل إلى 80%، بينما أوقف بعضها الإنتاج بشكل كامل، فيما تلقت منذ بداية هذا الأسبوع إشعارات بخفض كميات الغاز المُورّدة إليها بشكل كامل، بعد أن تلقت قبل أسبوعين إشارات أخرى بخفض الكميات بنسبة 50%. وأوضح المتحدث أن وزارتي البترول والكهرباء في مصر تعملان على إدارة توزيع الغاز بين المصانع والمحطات لضمان استمرارية الكهرباء والقطاع الصناعي، إلى جانب إعادة التفاوض مع شركات الأسمدة لتقييد الإنتاج الصناعي بصورة مؤقتة. هذا الوضع دفع عدداً من الشركات العاملة في صناعة الأسمنت لرفع سعر الطن بنسب تراوحت بين 100 و300 جنيه، على جميع الأنواع، اعتباراً من يوم الخميس 19 يونيو/حزيران 2025، حسب الرسائل التي وجهتها الشركات للتجار والموزعين المعتمدين. ولفت المصدر ذاته إلى أن الحكومة سوف تضاعف معدلات الدعم التي تقدمها لصغار المزارعين لكي تساعدهم على تجاوز توقف إمدادات الأسمدة المجانية إليهم، تحديداً صغار المزارعين، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن هذا الدعم من الصعب أن يصل إلى جميع المزارعين، وسيكون نتيجة ذلك مزيداً من ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة. كما أشار المصدر المطلع بوزارة البترول إلى أن الحكومة سوف تتجه لتشديد مراقبتها الأمنية للتأكد من غلق المحلات في التوقيت الصيفي المحدد، وعدم السماح لها بأن تظل مستمرة في العمل لساعات طويلة بعد منتصف الليل، أملاً في توفير الكهرباء، وهناك توجيهات على مستوى مركزي من المحافظين بشأن التوعية بترشيد استهلاك الكهرباء. وساهم وقف ضخّ المازوت والسولار للمصانع في زيادة الكميات المورّدة لمحطات الكهرباء لتصل إلى 38 ألف طن مازوت، مقابل 30 ألف طن مازوت خلال الأسبوع الماضي قبل وقف ضخّ الغاز الإسرائيلي، بحسب المسؤول الحكومي الذي أشار إلى أن محطات الكهرباء تحتاج حالياً أكثر من 40 ألف طن مازوت يومياً. المأزق الاقتصادي ليس بسبب الحرب فقط صرّح وزير البترول المصري كريم بدوي بأن الوزارة تعاقدت بالفعل على شحنات غاز، كما خزّنت كميات من المازوت، ويُجرى حالياً العمل على تشغيل سفن لنقل الغاز، مشيراً إلى أن مصر تسلّمت 3 سفن لنقل الغاز، لكن واحدة منها فقط بدأت في ضخّ الغاز إلى الشبكة القومية، في حين يتم تجهيز الوحدتين الأخريين وتوصيلهما بالموانئ. وحسب بيان للوزارة، فقد وقّعت مصر هذا الأسبوع اتفاقيات عدة مع شركات طاقة وتجارة لشراء ما لا يقل عن 150 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، في أكبر عملية استيراد تقوم بها على الإطلاق، والتي ستتجاوز تكلفتها 8 مليارات دولار وفق الأسعار الحالية. لكن بحسب مسؤول سابق بوزارة الاقتصاد، فإن مصر تعاني بشكل مستمر من مأزق اقتصادي ليس فقط بسبب الحروب، ولكن بفعل القرارات الخاطئة، والتي يجب أن تراعي أن المنطقة بأكملها في وضع مضطرب. وبالتالي، فإن التنبؤ بالأزمات والتعامل معها بشكل مبكر يجب أن يكون حاضراً، "ويمكن القول بأن ذلك حدث بقدر ما قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية حينما اتجهت الحكومة لتفعيل نظام التخزين الاستراتيجي للسلع، وكذلك استبقت الأحداث وأبرمت العديد من اتفاقيات توريد الغاز المسال"، يقول المسؤول السابق بوزارة الاقتصاد. وأشار المصدر في حديثه لـ"عربي بوست" إلى أن ارتفاع أسعار الدولار بشكل متسارع وصولاً لما يقرب من 51 جنيهاً للدولار الواحد بعد أن كان عند حدود 49 جنيهاً، يُشي بأن الهبوط سريع، وقد يترتب عليه مزيد من التراجع في قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة. وقال المتحدث إنه بعد أن كانت المؤشرات تشير إلى إمكانية استرداد الجنيه عافيته، فإن العكس ما حدث، وقد يصل إلى 55 جنيهاً خلال فترة وجيزة إذا ما استمرت الحرب، وخرجت الأموال الساخنة التي تُقدَّر بـ25 مليار دولار، وأوضح أن مصر لم تكن ترتبط بما يدور في محيطها من أحداث خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكن ذلك تبدّل الآن بفعل السياسات الاقتصادية الحالية. وذكر أن اتفاقيات الغاز الموقعة مع قطر أيضاً مهددة في حال تأثرت الدوحة سلباً جراء استهداف إسرائيل محطات الغاز الإيرانية القطرية، وهو ما يشكل مخاوف متصاعدة أمام القاهرة، التي تسعى حالياً لإبرام صفقات بأسعار مختلفة مع دول أخرى لضمان تدفق الغاز، كما تحاول جاهدة أن تسدد مستحقات شركات النفط العالمية لكي تتمكن من التنقيب عن الغاز داخل مجالها البحري. وأوضح أن المخاوف المصرية تتزايد من صعوبات على مستوى خطوط إمداد السلع والخدمات، سواء التي ترتبط بمستلزمات الإنتاج المحلي، أو القدرة على التصدير بشكل سلس، في ظل مخاوف من انتقال الصراع إلى البحر الأحمر. إذ إن اتساع رقعة الحرب بين إسرائيل وإيران سوف يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، ويزيد معدلات التضخم المرتفعة بالأساس، وسيكون لذلك تأثيرات أخرى على مستوى قرارات ضخّ استثمارات أجنبية كانت تعوّل عليها بديلاً لتراجع عوائد قناة السويس مع اتجاه المصانع الصينية والخليجية للعمل في مصر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store