الراعي ترأس قداساً عند قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الحياد الإيجابيّ
بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة بعنوان :"فيتلألأ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (متى 13: 43)".
وقال: "هذه الآية تُطبّق على القدّيس شربل، الذي نجتمع أمام تمثاله المرتفع فوق جبل فاريا العزيزة، والمطلّ على الجبال والتلال والبلدات والقرى وصولًا إلى الساحل والبحر. القدّيس شربل من قلب صمته وعزلته، أضاء على لبنان والعالم، وصار شمسًا روحيّة لا تغيب، بل تشرق على العالم بأسره، وتتلألأ فوق كلّ شعب ودين وعرق ولون، يشفي المرضى، يعزّي المتألّمين، يعيد النفوس الضالّة إلى حضن الله".
اضاف: "يسعدني أن أحيّيكم جميعًا أيّها الحاضرون الآتون من فاريا ومن كلّ مدينة وبلدة وقرية، للإحتفال بالليتورجيا الإلهيّة تكريمًا لمار شربل. وأخصّ بالتحيّة كل من له تعب في هذا المقام واصحاب هذه المبادرة، هذه المبادرة التقويّة الذين عملوا بمحبّة وتعب وسخاء القلب، لرفع هذا التمثال والمزار، تكريمًا للقدّيس شربل، وتمجيدًا لله.
انجيل اليوم يدعونا لنرى حياتنا على ضوء الأبديّة. فالله لا ينظر إلى البريق الخارجيّ، ولا إلى المجد الزائل، بل إلى القلب النقيّ الذي يحيا مشيئته. لقد عاش مار شربل هذه الحقيقة حتى النهاية. لم يبحث عن مجد أرضيّ، ولا عن منصب أو راحة، بل فقط عن وجه الله وحده. بصمته وفقره وطاعته، صارًا نورًا يتلألأ كالشمس في ملكوت الله. كلّ قدّاس نحتفل به هو إشراق جديد لهذا النور. نحن هنا لا نكرّم حجرًا بل إنسانًا صار إنجيلًا حيًّا ومشعًّا في ظلمات العالم، وعبرة لكلّ واحد منّا أنّ القداسة ممكنة، وأنّها تبدأ من بساطة الحياة، وأمانة القلب. إنّه رسالة حبّ متواصلة لكلّ من يطلب شفاعته.
من على هذا الجبل حيث تلتقي السماء بالأرض، لا يمكننا إلّا أن نصلّي من أجل لبنان، وطننا الحبيب. القدّيس شربل، الذي يحمل لبنان في قلبه وصلاته، يدعونا اليوم لنحمل لبنان إلى الله، بكلّ جراحه وأزماته، بكلّ شعبه المتألّم، بكلّ شبابه الحائر والمهاجر والمقيم. إنّ الرسالة التي يتركها لنا إنجيل اليوم، ورسالة هذا المزار، هي أنّنا مدعوّون لنكون نحن نورًا للبنان، هذا الوطن لا ينهض فقط بخطط إقتصاديّة أو قرارات سياسيّة، بل قبل كلّ شيء بقلوب مؤمنة، صادقة نقيّة، تتلألأ بفضائل كالشمس في حياتها اليوميّة. لقد اختار مار شربل العيش في الصمت والصلاة، ليضع سلامًا في قلبه. ونحن كلبنانيّين مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة، وطريق تنقية الذاكرة، وطريق الحياد الإيجابيّ المعترف به من منظّمة الأمم المتّحدة" .
وتابع: "مزار مار شربل هنا في فاريا يذكّرنا بأنّ لبنان، رغم جراحه، لا يزال أرضًا مقدّسة قادرة على أن تلد قدّيسين ينيرون العالم.
فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، بشفاعة القدّيس شربل، كي يملأ الله قلوبنا نورًا، ويمنح وطننا السلام والإستقرار، ويبارك عائلاتنا، ويجعلنا جميعًا شهودًا للمحبّة والقيم الروحيّة والإنسانيّة. فنرفع المجد والتسبيح لله، الآب والإبن والروح القدس، إلى الأبد، آمين" .
وفي ختام القداس، ألقى كاهن الرعية الأب شربل سلامة كلمة حول شهادة يوحنا المعدان عند رؤية المسيح، وقال :
"هذه الشهادة التي أطلقها يوحنا المعمدان عند رؤيته للمسيح شاهدًا بأعلى صوته لكي يسمع القاصي والداني، أن هذا هو ابن الله، لكي نطلقها اليوم مجدداً، معكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أنتم أيها البطريرك إلى القاصي والداني، من على منبر الجليل المتهلل لكي يكون لنا المسيح هو الخلاص والحياة، الذي نختاره إيماناً وقيماً، ورؤية حياتية، ومستقبلية.
'وأنا رأيت وشهدت' هذه صرخة حق أرادها يوحنا المعمدان نبوءة للمسيح منذ هذه البقعة المباركة، بقعة نهر الأردن – قائلاً: 'وأنا رأيت وشهدت' أن هذا هو المسيح المخلص معتَرفاً أن الخلاص المسيحي متجذِّر في أمّ أساسي، في وسط كان الصعوبات والأزمات التي تتوارى علينا، لا وهم الشهادة الحقيقية وإظهارها في كل قول وعمل. حقيقة المسيح التي نؤمن بها أن تكون علامة فارقة في حياتنا ونوراً لنا في ظلمات حياتنا فترى أن الله معنا، وحقيقة كلمة الله التي نعيشها الحياة الحقة، وحقيقة الكنيسة التي نشهد لها أنها هي حياتنا المتمحورة عليها، هي حياتنا الكبيرة."
اضاف :"لا يغيب عن فكرنا أن إيماننا بالمسيح حاجة دائمة لنا للجوء حقيقي، لنسعى لنكتسب الصمود في الشهادة للحق والحقيقة؛ لأننا في المسيح نكون لا يهزمون وقوة غالبة للأشرار، والدفاع عن الحق ضد الظلم، ومن الحقيقة ضد الكذب، ومن الخير ضد الشر، ومن النعمة ضد الخطيئة.
'وأنا رأيت وشهدت' عهدنا المسيحي أن نعمل على أخذ المواقف الصحيحة للقاء الحق، وعلى حمل المسؤوليات ضميرية حول أمانتنا لما نرى ونؤمن ونشهد عام اهتمت به القلوب والصعوبات. وحبنا الحقيقة في دعائنا للرب أن يسمع لنا لنتمسك بها لنكون أمناء للحقيقة التي نعيش.
هذا إيماننا، هذا يقيننا، هذا عهدنا الذي نعيشه ونقدمه على الدوام."
وتابع الاب سلامة :'وأنا رأيت وشهدت' هكذا يهدي الصوت في قلب كل شاهد، ويرتفع في حياته أن تكون شهادته للإيمان، لكي يبقى في الحياة ويتبع من هو 'الطريق والحق والحياة'. هكذا يكون كل إنسان تقي وخادم للكنيسة، يتنسم في فضاء النضال ليصل إلى ميناء الخلاص. أيها الأحبة، نرفع ابتهالنا ونصلي من أجلكم مع مطرانكم إلى ابننا الطريق، إلى ابننا الحياة، فهذا إيماننا، فلتكن هذه البقعة المباركة بيروتها قلوبنا وصدى نابع من حقيقتها أن الله في حياتنا ونشهد شهادة مسيحية صادقة. "
وختم الاب سلامة: "نشكر لكم حضوركم يا صاحب الغبطة والبطريرك بيننا، مع السادة الأساقفة، والكهنة، والشمامسة، والجوقة، ومع هذا الجمهور المبارك من فاعليات سياسية، وبلدية، وكل المؤمنين الحاضرين. ولكن يبقى عطاؤكم لنا، صامدين بوجه الصعوبات والمشاكل كافة، شهوداً للحق والحقيقة، بصلابة أمانة يوم الغدارات، سلطانة الانتقال، وشفيع القديسين. آمين."
بعدها توجه البطريرك الراعي والحضور الى منزل رئيس البلدية السابق ميشال سلامة حيث القيت كلمة ترحيبية عفوية بالبطريرك "الذي يزور فاريا والقديس شربل ، قديس لبنان الذي غير العالم بعظمة قداسته ويرفع عن لبنان امورا ثلاثة : الشدة والظلم والمآسي."
وفي الختام قطع البطريرك الراعي والوزير مرقص قالب حلوى بالمناسبة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
عون ضد تدخل إيران.. فهل يستجيب لدعوات قطع العلاقات؟
يقف لبنان على مفترق طرق خطير، حيث تتشابك الضغوط الإسرائيلية والأميركية مع التجاذبات الداخلية والانقسامات بشأن مستقبل سلاح المقاومة. فإسرائيل تمضي في فرض وقائع عسكرية جديدة على الحدود الجنوبية ملوّحة بمزيد من التصعيد، فيما تمارس واشنطن ضغوطا سياسية ودبلوماسية لتوسيع صلاحيات قوات اليونيفيل بما يحدّ من نفوذ حزب الله ويضمن أمن إسرائيل. وفي خضم هذا المشهد، يجد لبنان الرسمي نفسه أمام معادلة دقيقة بين حماية سيادته وتفادي العزلة الدولية والانزلاق إلى حرب استنزاف طويلة الأمد. ويرى مراقبون أن اقرار الورقة الأميركية هو للحصول على دعم مالي وسياسي يخفف من الانهيار. وهو ما أشار إليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حين أكد أن القبول بالورقة الأميركية بصيغتها المعدلة قد يفتح الباب أمام تسوية ويمنح لبنان متنفسا اقتصاديا وسياسيا، في حين أن رفضها قد يعني العزلة والاستمرار في الحرب مع إسرائيل. وفي خضم التوترات التي رافقت قرار الحكومة بنزع السلاح وبدء الجيش اعداد خطة لسحب السلاح، لم تتأخر إيران في إعلان موقفها الصريح، إذ أكد مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي أن محاولات نزع سلاح حزب الله ستبوء بالفشل كما فشلت سابقًا، فيما شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على دعم بلاده المطلق للحزب في رفضه تسليم سلاحه. وبالتوازي رفع حزب الله سقف المواجهة مع قرار الحكومة اللبنانية القاضي بحصرية السلاح. فقد أكد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة لن تسلّم سلاحها، متهمًا الحكومة بأنها تخدم "المشروع الإسرائيلي" واعتبر أن القرار يشكّل انتهاكًا للميثاق الوطني وخطرًا على الأمن القومي، لأنه يجرّد لبنان من سلاح الدفاع في مواجهة العدوان الإسرائيلي ويتركه عرضة لاعتداءات متكررة. سرعان ما ارتفعت أصوات معارضة طالبت بقطع العلاقات مع إيران وإغلاق سفارتها في بيروت، معتبرة أن تدخلها المباشر في الشأن اللبناني يفاقم الانقسامات الداخلية ويورط البلاد في صراعات إقليمية لا قدرة لها على تحمل تبعاتها. وتشير أوساط سياسية معارضة لحزب الله إلى أن هذه المطالب تعكس قلقاً متنامياً لدى شريحة من اللبنانيين من تحول لبنان إلى ساحة مواجهة بالوكالة، في وقت يحتاج فيه إلى تحييد نفسه عن النزاعات الخارجية. وفي هذا الإطار، دعت هذه الأطراف إلى طرد السفير الإيراني من لبنان، وإغلاق "القرض الحسن"، فضلاً عن مطالبتها وزارة التربية بإصدار قرار يقضي بإغلاق مدارس المهدي" التي تدرس المناهج الإيرانية. اللافت في خضم ما يجري، تصريح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس، حين سئل عن التصريحات الإيرانية التي تؤكد أن لبنان سيبقى ساحة نفوذ لها، وما إذا كانت هذه التصريحات قد تدفع لبنان نحو خطوات عملية مثل التصعيد أو قطع العلاقات أو تقديم شكاوى في المحافل الدولية، حيث شدد على أن كل الخيارات مفتوحة، مؤكدا أن أي خطوة يجب أن تكون تحت سقف حماية لبنان وحماية الأمن والسلم الأهلي. وقال: "كل شيء مقبول ومفتوح، وأي خيار يمكن أن نتخذه نحن جاهزون لأخذه من أجل حماية لبنان. وإن شاء الله لا نصل إلى هذه الخيارات. نتمنى على إيران وغيرها عدم التدخل في شؤون لبنان، كما أننا لا نتدخل في شؤون أي دولة، حتى سوريا المجاورة". هذا الموقف يبدو مختلفًا عن الصورة التي قدمها رئيس الجمهورية في لقائه مع أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني،فالمصادر المقربة من "الثنائي الشيعي" اعتبرت الموقف تصعيديا واستنسابياً، لأنه يبتعد عن نهج التعاون الودي مع الدول الصديقة والشقيقة، ويأتي في تناقض مع مواقفه السابقة التي تميزت بالود والصراحة بعيدًا عن التشنج، وهذا التبدل يبدو بحسب المصادر، أنه يعكس ضغوطا أو إملاءات خارجية لتبني لهجة أكثر حدة تجاه إيران وحزب الله. من الناحية الدستورية، لا ينص الدستور اللبناني مباشرة على مثل الإجراءات المتصلة بقطع العلاققات الدبوماسية، التي عادةً ما تخضع للاتفاقيات الثنائية. ويشير الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ"لبنان24" إلى أن صلاحيات السياسة الخارجية موزعة كالتالي: رئيس الجمهورية: يتولى التفاوض على المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح المعاهدات مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. رئيس الحكومة: يمثل الحكومة ويتكلم باسمها، ويُعتبر مسؤولًا عن تنفيذ السياسة العامة التي يحددها مجلس الوزراء. مجلس الوزراء: يتولى وضع السياسة العامة للدولة في كل المجالات، بما فيها السياسة الخارجية. وبناءً عليه، فإن قرار قطع العلاقات مع دولة أجنبية، بحسب يمين، هو قرار سيادي لمجلس الوزراء، يتخذ بعد اقتراح من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية. ومن الناحية القانونية، يمكن، بحسب يمين، اتخاذ إجراءات مثل إعلان السفير شخصًا غير مرغوب فيه (Persona non grata) وفق اتفاقية فيينا 1961.استدعاء السفير اللبناني من الدولة الأخرى. إغلاق السفارة أو القنصلية.لكن كل هذه الإجراءات تتطلب قرارا سياسيا من مجلس الوزراء. لكن القرار، وبحسب مصادر سياسية، غير مطروح على طاولة مجلس الوزراء، رغم أن هناك دعوات ومطالبات من بعض المكونات السياسية لاتخاذه. أمام هذه الوقائع، يقف لبنان اليوم أمام إما القبول بالتسوية الأميركية بما قد يفتح الباب أمام دعم اقتصادي لكنه يهدد بانقسام داخلي خطير بين الدولة وحزب الله، أو رفض التسوية والدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل وهو خيار محفوف بالمخاطر في ظل غياب أي ضمانة دولية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
باراك بعد لقائه عون: التعامل مع حزب الله هو إجراء لبناني
أشار المبعوث الأميركي، توم براك، إلى أن لقاءه مع الرئيس اللبناني جوزاف عون، اليوم الاثنين، "تمحور حول تهنئته على الخطوات الكبيرة التي اتخذت إلى الأمام". وقال براك: "سنلمس في الأسابيع المقبلة تقدماً، أي حياة أفضل للشعب اللبناني ودول الجوار... وسنشهد لاحقاً خارطة طريق لنوع مختلف من الحوار بين لبنان وجواره". وأكد أن "القرار اللبناني يستلزم تعاوناً من جهة إسرائيل"، مشيراً إلى أن "الحكومة اللبنانية قامت بالخطوة الأولى، والآن على إسرائيل أن تقوم بخطوة في المقابل". اليوم 09:02 اليوم 08:38 وأضاف: "لم يكن هناك اقتراح أميركي موجّه إلى إسرائيل، وما نقوم به هو تطبيق اتفاقية تم انتهاكها". كذلك، لفت إلى أنّ "الخطوات التالية تشمل العمل مع حكومة لبنان من أجل استعادة الازدهار والبحث في كيفية تعاون إسرائيل وإيران في هذا الإطار". وبشأن رفض حزب الله تسليم السلاح، قال باراك: "لا نفكر في توجيه أي تهديدات، والتعامل مع حزب الله هو إجراء لبناني، ودورنا كان إرشادياً". وكان رئيس الحكومة اللبنانية نوّاف سلام قد أعلن في 5 آب/أغسطس الجاري بعد جلسة الحكومة التي ناقشت ملف "حصرية السلاح"، تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية بشأن حصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الحالي، وتقديمها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها في مهلة أقصاها 31 آب/أغسطس الجاري. وفي 7 آب/أغسطس، أقرّ مجلس الوزراء في جلسته وزير الإعلام في الحكومة اللبنانية موافقة الحكومة على الأهداف الواردة في مقدمة ورقة المبعوث الأميركي. ولفت وزير الإعلام في الحكومة اللبنانية بول مرقص إلى عدم دخول مجلس الوزراء في البحث في المتممات والجزئيات المتعلقة بالورقة الأميركية، مشيراً إلى أن البحث في هذه الجزئيات سيتم عند ورود الخطة التطبيقية التي سيقدمها الجيش إلى الحكومة.


ليبانون 24
منذ 3 ساعات
- ليبانون 24
عون ضد تدخل إيران.. فهل يستجيب لدعوات قطع العلاقات؟
يقف لبنان على مفترق طرق خطير، حيث تتشابك الضغوط الإسرائيلية والأميركية مع التجاذبات الداخلية والانقسامات بشأن مستقبل سلاح المقاومة. فإسرائيل تمضي في فرض وقائع عسكرية جديدة على الحدود الجنوبية ملوّحة بمزيد من التصعيد، فيما تمارس واشنطن ضغوطا سياسية ودبلوماسية لتوسيع صلاحيات قوات اليونيفيل بما يحدّ من نفوذ حزب الله ويضمن أمن إسرائيل. وفي خضم هذا المشهد، يجد لبنان الرسمي نفسه أمام معادلة دقيقة بين حماية سيادته وتفادي العزلة الدولية والانزلاق إلى حرب استنزاف طويلة الأمد. ويرى مراقبون أن اقرار الورقة الأميركية هو للحصول على دعم مالي وسياسي يخفف من الانهيار. وهو ما أشار إليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حين أكد أن القبول بالورقة الأميركية بصيغتها المعدلة قد يفتح الباب أمام تسوية ويمنح لبنان متنفسا اقتصاديا وسياسيا، في حين أن رفضها قد يعني العزلة والاستمرار في الحرب مع إسرائيل. وفي خضم التوترات التي رافقت قرار الحكومة بنزع السلاح وبدء الجيش اعداد خطة لسحب السلاح، لم تتأخر إيران في إعلان موقفها الصريح، إذ أكد مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي أن محاولات نزع سلاح حزب الله ستبوء بالفشل كما فشلت سابقًا، فيما شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على دعم بلاده المطلق للحزب في رفضه تسليم سلاحه. وبالتوازي رفع حزب الله سقف المواجهة مع قرار الحكومة اللبنانية القاضي بحصرية السلاح. فقد أكد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة لن تسلّم سلاحها، متهمًا الحكومة بأنها تخدم "المشروع الإسرائيلي" واعتبر أن القرار يشكّل انتهاكًا للميثاق الوطني وخطرًا على الأمن القومي، لأنه يجرّد لبنان من سلاح الدفاع في مواجهة العدوان الإسرائيلي ويتركه عرضة لاعتداءات متكررة. سرعان ما ارتفعت أصوات معارضة طالبت بقطع العلاقات مع إيران وإغلاق سفارتها في بيروت ، معتبرة أن تدخلها المباشر في الشأن اللبناني يفاقم الانقسامات الداخلية ويورط البلاد في صراعات إقليمية لا قدرة لها على تحمل تبعاتها. وتشير أوساط سياسية معارضة لحزب الله إلى أن هذه المطالب تعكس قلقاً متنامياً لدى شريحة من اللبنانيين من تحول لبنان إلى ساحة مواجهة بالوكالة، في وقت يحتاج فيه إلى تحييد نفسه عن النزاعات الخارجية. وفي هذا الإطار، دعت هذه الأطراف إلى طرد السفير الإيراني من لبنان، وإغلاق "القرض الحسن"، فضلاً عن مطالبتها وزارة التربية بإصدار قرار يقضي بإغلاق مدارس المهدي" التي تدرس المناهج الإيرانية. اللافت في خضم ما يجري، تصريح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس، حين سئل عن التصريحات الإيرانية التي تؤكد أن لبنان سيبقى ساحة نفوذ لها، وما إذا كانت هذه التصريحات قد تدفع لبنان نحو خطوات عملية مثل التصعيد أو قطع العلاقات أو تقديم شكاوى في المحافل الدولية، حيث شدد على أن كل الخيارات مفتوحة، مؤكدا أن أي خطوة يجب أن تكون تحت سقف حماية لبنان وحماية الأمن والسلم الأهلي. وقال: "كل شيء مقبول ومفتوح، وأي خيار يمكن أن نتخذه نحن جاهزون لأخذه من أجل حماية لبنان. وإن شاء الله لا نصل إلى هذه الخيارات. نتمنى على إيران وغيرها عدم التدخل في شؤون لبنان، كما أننا لا نتدخل في شؤون أي دولة، حتى سوريا المجاورة". هذا الموقف يبدو مختلفًا عن الصورة التي قدمها رئيس الجمهورية في لقائه مع أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني،فالمصادر المقربة من "الثنائي الشيعي" اعتبرت الموقف تصعيديا واستنسابياً، لأنه يبتعد عن نهج التعاون الودي مع الدول الصديقة والشقيقة، ويأتي في تناقض مع مواقفه السابقة التي تميزت بالود والصراحة بعيدًا عن التشنج، وهذا التبدل يبدو بحسب المصادر، أنه يعكس ضغوطا أو إملاءات خارجية لتبني لهجة أكثر حدة تجاه إيران وحزب الله. من الناحية الدستورية، لا ينص الدستور اللبناني مباشرة على مثل الإجراءات المتصلة بقطع العلاققات الدبوماسية، التي عادةً ما تخضع للاتفاقيات الثنائية. ويشير الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ"لبنان24" إلى أن صلاحيات السياسة الخارجية موزعة كالتالي: رئيس الجمهورية: يتولى التفاوض على المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح المعاهدات مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. رئيس الحكومة: يمثل الحكومة ويتكلم باسمها، ويُعتبر مسؤولًا عن تنفيذ السياسة العامة التي يحددها مجلس الوزراء. مجلس الوزراء: يتولى وضع السياسة العامة للدولة في كل المجالات، بما فيها السياسة الخارجية. وبناءً عليه، فإن قرار قطع العلاقات مع دولة أجنبية، بحسب يمين، هو قرار سيادي لمجلس الوزراء، يتخذ بعد اقتراح من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية. ومن الناحية القانونية، يمكن، بحسب يمين، اتخاذ إجراءات مثل إعلان السفير شخصًا غير مرغوب فيه (Persona non grata) وفق اتفاقية فيينا 1961.استدعاء السفير اللبناني من الدولة الأخرى. إغلاق السفارة أو القنصلية.لكن كل هذه الإجراءات تتطلب قرارا سياسيا من مجلس الوزراء. لكن القرار، وبحسب مصادر سياسية، غير مطروح على طاولة مجلس الوزراء، رغم أن هناك دعوات ومطالبات من بعض المكونات السياسية لاتخاذه. أمام هذه الوقائع، يقف لبنان اليوم أمام إما القبول بالتسوية الأميركية بما قد يفتح الباب أمام دعم اقتصادي لكنه يهدد بانقسام داخلي خطير بين الدولة وحزب الله، أو رفض التسوية والدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل وهو خيار محفوف بالمخاطر في ظل غياب أي ضمانة دولية.