logo
باكستان تُسقط 25 مسيّرة 'هاروب'.. الحادث يُبرز عمق الشراكة الدفاعية بين نيودلهي وتل أبيب

باكستان تُسقط 25 مسيّرة 'هاروب'.. الحادث يُبرز عمق الشراكة الدفاعية بين نيودلهي وتل أبيب

دفاع العرب٠٩-٠٥-٢٠٢٥

كشف الجيش الباكستاني مؤخرًا عن تطور عسكري لافت تمثل في اعتراض وإسقاط 25 طائرة مسيّرة من طراز 'هاروب' (Harop)، وهي ذخائر متسكعة إسرائيلية الصنع تُشغلها القوات الجوية الهندية.
وفقًا للبيان الصادر عن باكستان، فإن هذه الذخائر، المعروفة بقدرتها على البحث عن الأهداف والهجوم المباشر، كانت تستهدف منظومات الرادار الباكستانية الحيوية في مواقع مختلفة داخل البلاد. وتعمل الفرق الفنية الباكستانية حاليًا على جمع وتحليل حطام المسيّرات التي تم إسقاطها.
يُسلط هذا الحادث الضوء بقوة على عمق وتنامي الشراكة الدفاعية بين الهند وإسرائيل، والتي تُوصف بأنها علاقة استراتيجية بالغة الأهمية. تُعد إسرائيل أحد أبرز الموردين الرئيسيين للمعدات الدفاعية للهند، التي تُصنف كأكبر مستورد للأسلحة في العالم. فقد بلغت قيمة الصادرات الدفاعية الإسرائيلية إلى نيودلهي حوالي 2.9 مليار دولار خلال العقد الماضي، شملت مجموعة متنوعة من الرادارات، أنظمة الصواريخ، والطائرات المسيرة.
ISPR Statement:#India has carried out a wave of kamikaze drone strikes using #Israeli-made Harop UAVs, targeting key defence sites in Walton (Lahore), Rawalpindi, and Karachi. #Pakistan's military has neutralized 25 of these drones through advanced countermeasures, including… pic.twitter.com/eXMECDsJYL — Shah Faisal AfRidi (@Sfaisalafridi) May 8, 2025
تعتمد القوات المسلحة الهندية بشكل واسع على التكنولوجيا الإسرائيلية في قطاعات مفصلية. ففي منطقة كشمير المتنازع عليها، تُشغل الهند مسيّرات الاستطلاع وجمع المعلومات من طراز 'هيرون' (Heron)، المعدلة خصيصاً للعمل في البيئات الجبلية الصعبة. كما دخلت بنادق القتال 'تافور' (Tavor) الخدمة في الجيش الهندي منذ عام 2008. وفي عام 2019، استخدمت الهند نظام القنابل الموجهة بدقة 'سبايس-2000' (SPICE-2000) في غاراتها الجوية داخل باكستان.
🇮🇳 Another Indian Harop Drone Captured
Pakistani forces have reportedly captured another nearly intact Indian Harop loitering munition, commonly referred to as a kamikaze drone.
Initial assessments suggest the drone was likely neutralized by electronic warfare (EW) systems… pic.twitter.com/KDLrjEek29 — Global Defense Insight (@Defense_Talks) May 9, 2025
تتجاوز الشراكة مجرد صفقات التوريد لتشمل مشاريع تطوير وإنتاج مشترك، أبرزها منظومة الدفاع الجوي 'باراك-8' (Barak-8). يجري حالياً تطوير أجيال جديدة من هذه المنظومة ضمن ثلاثة مشاريع مشتركة بين منظمة البحث والتطوير الدفاعي الهندية (DRDO) وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI).
يُعد إنتاج الطائرات المسيرة محليًا أحد أبرز مجالات التعاون في مجال التوطين (Indigenization). تتعاون IAI مع شركتي HAL وDynamatic في إنتاج مسيّرات داخل الهند. كما طورت HAL بالتعاون مع شركة 'إلبيت سيستمز' (Elbit Systems) مسيّرة بنظام إقلاع وهبوط عمودي (VTOL). وفي خطوة هامة، أسست إلبيت وأداني ديفينس في عام 2018 منشأة في حيدر أباد لتصنيع مسيّرات الاستطلاع المتوسطة الارتفاع 'هيرمس 900' (Hermes 900)، والتي دخلت الخدمة رسمياً في الجيش الهندي عام 2023.
بالنظر إلى المسيّرات الإسرائيلية التي تُشغلها الهند، فقد أدخلت القوات الهندية مسيّرات 'هيرون إم كيه 2' (Heron Mk2) المتقدمة للخدمة بين عامي 2022 و2023. تُصنف هذه المسيّرات ضمن فئة الارتفاع المتوسط والمدى الطويل (MALE)، وتتميز بقدرات مراقبة متقدمة ومدى عملياتي واسع، مدعومة بالاتصال عبر الأقمار الصناعية وقدرتها على التحليق لأكثر من 45 ساعة متواصلة. كما يمكنها حمل مجموعة متنوعة من الحمولات تشمل أجهزة الاستشعار، الرادارات، أنظمة جمع المعلومات الإلكترونية (ELINT/SIGINT)، ومنظومات الحرب الإلكترونية.
The Pakistani Swiss-made Oerlikon GDF 35mm anti-aircraft gun (2x35mm) is actively engaged in countering incoming drones in Lahore. pic.twitter.com/AeKQZ56Iv4 — Global Defense Insight (@Defense_Talks) May 8, 2025
أما مسيّرات 'هاروب' (Harop)، التي تستخدمها الهند منذ عام 2009، فهي تُصنف كـ 'ذخائر متسكعة' (Loitering Munitions) مصممة خصيصاً لاستهداف منظومات الرادار والدفاع الجوي (SEAD/DEAD) وتدميرها ذاتيًا. وقد استخدمت الهند هذا النوع من الذخائر في عمليات سابقة، لاستهداف مواقع دفاع جوي باكستانية. ويمكن التحكم بهذه الذخائر عن بعد، مع إمكانية إلغاء المهمة بعد الإطلاق (Mission Abort Capability). بالإضافة إلى ذلك، طورت IAI بالتعاون مع ألفا ديزاين تكنولوجيز ذخيرة متسكعة أخرى هي 'سكاي سترايكر' (SkyStriker)، وهي ذخيرة انتحارية موجهة بدقة دخلت الخدمة عام 2021 ويُقال إنها استُخدمت أيضاً في عمليات ضد أهداف باكستانية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ورشة عمل في مخيم نهر البارد تدعو لتسريع الإعمار ومحاسبة المقصرين
ورشة عمل في مخيم نهر البارد تدعو لتسريع الإعمار ومحاسبة المقصرين

بوابة اللاجئين

timeمنذ 2 ساعات

  • بوابة اللاجئين

ورشة عمل في مخيم نهر البارد تدعو لتسريع الإعمار ومحاسبة المقصرين

نظّمت دائرة اللاجئين و"أونروا" في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يوم الأربعاء 21 أيار/مايو 2025، ورشة عمل سياسية وخدماتية بعنوان: "الأونروا من النكبة إلى مأساة أبناء مخيم نهر البارد"، لمناسبة مرور 18 عاماً على مأساة تدمير مخيم نهر البارد شمال لبنان. أقيمت الورشة في قاعة الشهيد القائد وليد الحاج داخل المخيم، بحضور واسع من ممثلي الفصائل الفلسطينية، واللجان الشعبية، والمؤسسات والاتحادات، وروابط القرى، إلى جانب شخصيات وطنية واجتماعية، وحراكات شعبية وشبابية، ولجان أهلية فاعلة. افتتحت الورشة بكلمة ترحيبية ألقاها خليل خضر، شدّد فيها على أهمية المناسبة وضرورة تحويلها إلى محطة نضالية متجددة للمطالبة بالحقوق، قبل أن يقف الحضور دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء المخيم وفلسطين ولبنان والأمة العربية وأحرار العالم. وألقى أركان بدر (أبو لؤي)، مسؤول دائرة اللاجئين و"أونروا" في الجبهة الديمقراطية في لبنان، الكلمة المركزية، وقدّم خلالها عرضاً تفصيلياً لمسار قضية نهر البارد منذ عام 2007، متوقفاً عند مؤتمر فيينا 2008، الذي أسّس لتقسيم المخيم إلى قسمين (قديم وجديد)، وإطلاق مشروع الإعمار في 2009. وذكّر بدر بوعود الحكومة اللبنانية آنذاك بأن "النزوح مؤقت، والعودة مؤكدة، والإعمار حتمي"، وبأن المخيم سيكون نموذجاً في التعامل اللبناني مع اللاجئين. ووجّه انتقادات حادة لإدارة "أونروا"، محمّلاً إياها مسؤولية التقاعس، وسوء تنفيذ مشروع الإعمار، والهدر والفساد، ما أدّى إلى استمرار المعاناة، في وقت لا تزال فيه ثمانية بلوكات سكنية تنتظر تمويلاً يقدر بحوالي 27 مليون دولار. وأكد بدر أن أبناء المخيم يدفعون ثمن جريمة لم يرتكبوها، داعياً إلى استراتيجية فلسطينية موحدة للضغط على "أونروا" والدول المانحة لتأمين التمويل وتسريع الإعمار. واستعرض مطالب سكان الجزء الجديد، مثل إعادة إعمار 72 وحدة سكنية، وتعويض العائلات التي قامت بالترميم، وتعويض أصحاب السيارات والمنازل، إضافة إلى ملف أرض ملعب الشهداء الخمسة وقضية عمال قسم الآثار والمعلمين الخمسة الموقوفين بتهمة "انتهاك الحيادية". أبو فراس ميعاري، ممثل اللجنة العليا لملف الإعمار، تحدّث في كلمته عن المماطلة المستمرة في استكمال البلوكات، بينما دعا ناصر سويدان من قيادة حركة فتح إلى تضافر الجهود. وشدد أبو لواء موعد، ممثل الجهاد الإسلامي، على ضرورة تحمّل الجهات مسؤولياتها، وطالب أبو صهيب الشريف من حركة حماس بإنصاف عمال الآثار وتوفير وظائف دائمة، محذراً من شطب المسافرين من سجلات "أونروا". جلال وهبة من حركة فتح الانتفاضة، دعا إلى الضغط السلمي على "أونروا"، فيما طالب أبو حسن البقاعي من جبهة النضال الشعبي بتركيب عدادات كهرباء. أما عبد الله شرقية من لجنة الأحياء الجديدة، فطالب بإيجاد حلول للأسر غير المشمولة ببرامج التعويض. وتحدّث باسم عمال قسم الآثار مصطفى بركة، مطالباً بتثبيت 18 عاملاً وتعويض كبار السن، فيما أكدت منى واكد مسؤولة اتحاد المرأة الفلسطينية على صمود النساء وضرورة تمكينهن. وقالت واكد في كلمتها: إن نساء البارد صامدات في وجه المعاناة والحرمان، ويتمسكن بحق العودة إلى فلسطين، رغم كل ما تعرضن له من تهجير وتشريد وفقدان للمنازل. وأضافت: إن المرأة الفلسطينية كانت ولا تزال في مقدمة الصفوف النضالية، مطالبة بتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا ضمن خطط الإغاثة والإعمار، وانتقدت طريقة تعاطي الجهات المعنية مع أبناء المخيم وإفساد شبابه. من جانبه، أشار عماد موسى، أمين سر اللجنة الشعبية، إلى معاناة العائلات التي لم تعمّر منازلها بعد، وطالب برفع قيمة بدل الإيجار، وحل مشاكل أصحاب البيوت في العقارات وملف أرض الملعب. الناشط فراس علوش، ممثل الحراكات الشبابية، شدد على أن هذه الحراكات ليست بديلاً عن الفصائل بل تتكامل معها، مطالباً ببناء مستشفى داخل المخيم. فيما قدّم الأستاذ المتقاعد حسن مواس دراسة شاملة عن أوضاع اللاجئين، واقترح حلولًا متعددة لمعالجة المشاكل القائمة. وشهدت الورشة أيضاً كلمات عدة أكدت على وحدة الصف وأهمية استمرار النضال من أجل استكمال الإعمار. فقد طالب الأستاذ أبو العبد عبد الرحمن، ممثل رابطة صفورية، بتوحيد الطاقات، فيما أكد الأستاذ نادر الحاج، ممثل رابطة السموعي، على الدور المرجعي للفصائل. ودعا الحاج عيسى السيد، مسؤول حركة فتح في نهر البارد، إلى تأمين التمويل المتبقي للإعمار، وفتح برنامج الشؤون في الأونروا واستقبال طلبات جديدة. الإعلامي والكاتب عثمان بدر شدد على ضرورة تحمّل "أونروا" والدولة اللبنانية ومنظمة التحرير لمسؤولياتهم تجاه المخيم. أما الناشط باسل وهبة، فطالب بتحسين خدمات الاستشفاء والتعليم في ظل معاناة المرضى وتراجع التحصيل الدراسي. ودعا الشاعر محمد موح إلى إنصاف سكان حي جنين عبر إيصال شبكات المياه والصرف الصحي إليهم. وفي ختام الورشة، دعا المشاركون إلى مواصلة الضغط على "أونروا" من أجل الوفاء بالتزاماتها، وتنظيم فعاليات شعبية وسلمية تعكس وحدة الصف الفلسطيني، وترفض سياسات الإهمال والتقصير، مشددين على أن مأساة نهر البارد لن تُنسى، بل ستظل حيّة في وجدان اللاجئين، حتى تتحقق مطالبهم ويُستكمل الإعمار، على طريق العودة إلى فلسطين تطبيقا للقرار الأممي 194، ورفضًا لكل مشاريع التهجير والتوطين. يذكر ان نكبة مخيم نهر البارد، التي حلّت عام 2007 إثر المعارك التي شنها الجيش اللبناني ضد مسلحي مجموعة "فتح الإسلام" الذين اتخذوا من المخيم مقرًا لهم آنذاك، لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على حياة السكان، في ظل عدم استكمال عملية إعادة الإعمار، واستمرار معاناة مئات العائلات التي تعيش في ظروف من الضياع، نتيجة عدم استكمال بناء منازلهم، فضلًا عن تقليصات "أونروا" في بدلات الإيجار والخدمات الأساسية الأخرى.

أميركا قبلت "بوينغ 747" هدية من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية
أميركا قبلت "بوينغ 747" هدية من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية

النهار

timeمنذ 4 ساعات

  • النهار

أميركا قبلت "بوينغ 747" هدية من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية

أعلن البنتاغون الأربعاء أنّ وزير الدفاع بيت هيغسيث قَبِل طائرة "بوينغ 747" أهدتها قطر إلى الرئيس دونالد ترامب لاستخدامها كطائرة رئاسية، رغم اتهامات المعارضة الديموقراطية للرئيس الجمهوري بأنّ القضية تنطوي على فساد. وهذه الطائرة التي يقدّر ثمنها بنحو 400 مليون دولار من المفترض أن يتمّ استخدامها مؤقتاً بديلاً عن طائرة الرئاسة الأميركية. وقال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل في بيان إنَّ "وزير الدفاع قبل طائرة بوينغ 747 من قطر وفقاً للقواعد واللوائح الفدرالية". وأضاف أنّ "وزارة الدفاع ستضمن مراعاة التدابير الأمنية المناسبة والمتطلبات الوظيفية المهمّة للطائرة المستخدمة لنقل رئيس الولايات المتحدة". ويحظر دستور الولايات المتحدة على الأشخاص الذين يشغلون مناصب عامة قبول هدايا "من أيّ ملك أو أمير أو دولة أجنبية". لكنّ ترامب دافع بشدة عن قراره قبول هذه الطائرة هدية من قطر، قائلاً إنَّ رفض مثل هكذا هدية قيّمة سيكون قراراً "غبياً". وقال ترامب في البيت الأبيض الأسبوع الماضي "إنَّها لفتة طيّبة من قطر، وأنا ممتنّ للغاية لها". وأضاف: "لست من النوع الذي يرفض مثل هذا العرض. قد أكون غبيا وأقول: كلا، لا نريد أن تُمنح لنا طائرة باهظة الثمن". وردّاً على إعلان ترامب رغبته بقبول تلك الهدية، قال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "هذا ليس مجرد فساد خالص، بل هو أيضاً تهديد خطر للأمن القومي". وطرح شومر الإثنين شومر اقتراح قانون لمنع ترامب من استخدام الهبة القطرية كطائرة رئاسية. ويمنع النصّ الذي اقترحه السناتور الديموقراطي وزارة الدفاع من استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين لتحويل أيّ طائرة كانت في السابق مملوكة لحكومة أجنبية إلى طائرة رئاسية.

جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 7 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً. هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي. إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر. شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة. رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك». أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود... وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون. كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها. وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»! وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار». تدقيقٌ في الأرقام هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة. ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا». وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه. «الهوى مستقبلي» تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه. صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار. فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة. وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد». لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه. وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store