
مدبولي يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات
استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تقريراً من الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، حول جهود الوزارة في التصدي للشائعات وبناء الوعي لمواجهتها.
موضوعات مقترحة
وأكد رئيس الوزراء أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات وانتشارها، عبر تعزيز إدراك أبناء الوطن وخاصة النشء والشباب، لأبعاد تأثيراتها السلبية على المُجتمع، بما يحُد من نمو الشائعات ويُقلص فرص تداولها حفاظاً على سلامة المجتمع.
وتناول وزير الأوقاف خلال التقرير محاور خطة الوزارة في هذا الصدد، وفيما يتعلق بمحور التصدي للشائعات، أشار الوزير إلى أن ذلك يتحقق عبر عدة طرق فاعلة، تتضمن مكافحة الشائعات، وتنفيذ مبادرات توعية مجتمعية من خلال المنصات الإعلامية المختلفة للوزارة، بإعداد فيديوهات ومقاطع قصيرة، وبوسترات وبانرات لأئمة المساجد والسيدات الواعظات، تتضمن الموضوعات التي تهتم ببناء الوعي لمواجهة الشائعات والمفاهيم والأفكار غير السوية داخل المجتمع، هذا إلى جانب المكافحة التشاركية والتي تقوم على توعية الجمهور بمواجهة الشائعات، ونشر الوعي عبر الدروس الدينية والمُحاضرات بمساجد الوزارة على مستوى الجمهورية من خلال الأئمة، وتخصيص صفحة للواعظات.
وفي هذا الإطار أيضاً، لفت الوزير إلى قيام الوزارة بمواكبة ما شهده الإعلام الرقمي من تطورٍ ملحوظ في السنوات القليلة الماضية في مجال اتساع نطاق تداول الأخبار والمعلومات بين مستخدمي الإنترنت، لافتاً إلى أنه في ظل التزايد الملحوظ في معدلات الاستخدام، أصبحت المنصات الإلكترونية أداة خصبة لترويج الشائعات والأخبار المزيفة والكاذبة، وباتت إحدى أدوات الحروب الحديثة، ولذا تم إطلاق المنصات الإلكترونية للوزارة والمديريات الإقليمية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة (فيسبوك ـ تويتر ـ تليجرام ـ تيك توك ـ واتس آب ـ ماسنجر ـ مع تشكيل وحدات دعوة إلكترونية بالمديريات الإقليمية ... ).
واتصالاً بخطة التصدي للشائعات، أضاف الوزير أن الوزارة قامت كذلك في إطار تنمية الوعي لدى الجمهوري؛ بعقد دورات وندوات توعوية للأئمة والواعظات، حتى يتمكنوا من التصدي لهذه الشائعات المختلفة، وإيصال الفهم الصحيح لرواد المساجد على مستوى الجمهورية، كما اهتمت الوزارة بالاتجاهات البحثية التي تعمل على مواجهة الشائعات والتصدي لها ومعالجتها، فأنشأت المنصات المقروءة؛ كمجلة وقاية، ومنبر الإسلام.
وتطرق الدكتور أسامة الأزهري خلال التقرير إلى محورٍ آخر، وهو استمرار الوزارة في إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" لمدة عام قادم، والتي يتم العمل من خلالها على تكثيف الجهد التوعوي خاصة بشأن تفعيل آليات التصدي للشائعات، وبناء الوعي لمواجهتها، والمفاهيم والأفكار غير السوية داخل المجتمع، حيث قامت الوزارة بإدراج تلك الموضوعات ضمن محاور المبادرة، والتركيز عليها وتكثيف التوعية بها، وذلك من خلال فيديوهات، وبانرات، ومقاطع قصيرة، ودروس، وفعاليات، وندوات،حيث يتم هذا من خلال موضوعات تناولت: الشائعات، والتدخين، والسجائر الإلكترونية، وتعاطي المخدرات، والعنف ضد الأطفال، والانتحار، والتنمر، وإيذاء ذوي الهمم، والرشوة، وتخريب الممتلكات العامة، والإسراف في استهلاك المياه، والعنف المدرسي، وإدمان المواد الإباحية، وإلقاء القمامة في الشوارع، والاحتيال المالي، والتشكيك في قيمة الوطن، ونشر روح التشاؤم، وغيرها من الموضوعات.
وتناول وزير الأوقاف أيضاً محور "منصة الأوقاف الرقمية"، التي تم اطلاقها بالتعاون بين وزارة الأوقاف؛ ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتعدُ منصة رقمية تفاعلية احترافية تُخاطب الناس بلغة وأسلوب يناسب العصر، وتضم وثائق متعددة، وتحقق تفاعلا مباشرا، كما تشهد نشر الإنتاج العلمي المتميز، ورسائل الماجستير والدكتوراة للأئمة، والتعريف بمساجد مصر العريقة، وإنجازات علماء وزارة الأوقاف عبر التاريخ، كما أن لهذه المنصة تواجُدا عبر كافة شبكات التواصل الاجتماعي؛ للوصول للجمهور المستهدف، بالإضافة إلى الاهتمام بالطفل وتقديم التعليم الترفيهي من خلال وسائط مُتعددة منها ألعاب مليئة بقيم الرحمة والتسامح والإبداع، بديلاً عن الألعاب التي تُعدُ مكوناً أوليًا لبذرة العنف.
وأضاف في هذا الصدد، أن الوزارة خصصت باباً مُستقلاً ضمن منصتها الرقمية، لمواجهة التطرف اللاديني، بعنوان: "باب مواجهة التطرف اللاديني"، ويُعد هذا الباب نموذجاً مبتكراً لمواجهة الأفكار غير السوية، والتي تشتمل على خطورة الشائعات وكيفية التصدي لها، ويشمل هذا الباب العديد من المقالات العلمية التي تواجه الأفكار الهدامة والخاطئة.
كما عرض الدكتور أسامة الأزهري نماذج من الأنشطة التي تقوم بها وزارة الأوقاف في إطار دورها الدعوي لمواجهة الشائعات والتصدي لكافة صورها وأشكالها، بما يُسهم في توعية المواطنين بخطورتها حرصاً على تحقيق مضمون فكري للتصدي للشائعة قبل انتشارها، مشيراً إلى أنه تم في هذا الصدد تنفيذ مبادرة وتوعية دعوية موسعة على مستوى الجمهورية، خاصة بالتصدي للشائعات، وذلك في الفترة من 29 يناير حتى نهاية شهر فبراير 2025، حيث تم تناول موضوع خطورة الشائعات من خلال خطب الجمعة، كما تم تناول الموضوع من خلال برنامج "ندوة للرأي" بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام عبر قناة النيل الثقافية، ومن الموضوعات التي تم تناولها: (حرب الشائعات وخطورتها - المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، كما تم تناول الموضوع أيضًا من خلال تنفيذ "ندوة عقيدتي" بالتعاون مع الهيئة الوطنية للصحافة وذلك في جريدة الجمهورية، ومن الموضوعات التي تم تناولها : (منهج الإسلام في التصدي للشائعات).
وأضاف الوزير أنه تم أيضاً إطلاق حملة إعلامية توعوية موسعة على منصات وزارة الأوقاف، من خلال نشر مجموعة من الفيديوهات للأئمة والواعظات تركز على مخاطر الشائعات وكيفية التصدي لها.
وأكد الوزير استمرار الوزارة في تكثيف جهودها الدعوية التوعوية للتصدي للشائعات بشتى صورها؛ إيماناً برسالتها السامية في نشر القيم الأصيلة والأخلاق الحميدة في المجتمع، وذلك من خلال فعالياتها المختلفة، مثل خُطب الجمعة، والمطويات، وندوة عقيدتي، وندوة للرأي، والندوات العلمية، والمنبر الثابت، والأنشطة الإلكترونية، وغيرها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ ثانية واحدة
- نافذة على العالم
دعوى قضائية لـ إلزام التيك توك بالضوابط والمعايير الأخلاقية
تطبيق تيك توك إيمان عبد العاطي تقدم أحمد مهران المحامي بدعوى قضائية ضــد رئيس الحكومة وآخرين، مطالبًا وضع ضوابط قانونية ومعايير وسياسات أخلاقية بهدف إلزام المنصة من خلال اتفاقات أو تشريعات بحذف أي محتوى يتعارض مع القيم الأخلاقية والمبادئ الدينية، وتفعيل الرقابة الذاتية (Content Moderation) عبر تعاون بين الجهات الحكومية وإدارة المنصة، وفرض عقوبات وغرامات على الحسابات التي تنشر محتويات ضارة أو غير لائقة، وسنّ قانون خاص بالمنصات الرقمية ينص على معايير أخلاقية وقيم أسرية واضحة، مثلما فعلت بعض الدول الأوروبية لحماية نظامها الاجتماعي والأخلاقي وقال «مهران»: «نسعى من منظور قانوني وأخلاقي، على إجبار المنصة على الالتزام بقيم المجتمع، لأن الحجب الشامل قد يدفع المستخدمين لاستخدام برامج كسر الحجب (VPN)، بينما التنظيم يضمن السيطرة مع الحفاظ على حرية الإنترنت، وعلى الحفاظ على قيم ومبادئ المجتمع وعلى خصوصية الأسرة». وأشار «مهران» في دعواه، إلى أنه وفقًا للقوانين المصرية الحالية، وبالأخص قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، لا تملك الحكومة صلاحية حجب أي منصة أو موقع إلكتروني إلا في حالات محددة، مثل: تهـ.ـديد الأمن القومي، ونشر محتوى إرهـ.ـابي أو محـظور قانونًا. كما أوضح أن المادة 67 من قانون الاتصالات تنص على أنه يمكن للحكومة وقف أو تعطيل خدمة الاتصالات عند الضرورة المرتبطة بالأمن القومي، لكن هذا يحتاج إلى مبررات قوية وإجراءات رسمية. واختتم في دعواه أن القوانين الدولية والاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر (مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) تحمي حرية التعبير والوصول إلى المعلومات لكن تسمح للدول بوضع قيود ضرورية، وضوابط قانونية لحماية النظام العام وحماية القيم والأخلاق العامة.


الأسبوع
منذ 20 دقائق
- الأسبوع
دعوى قضائية لـ إلزام التيك توك بالضوابط والمعايير الأخلاقية
تطبيق تيك توك إيمان عبد العاطي تقدم أحمد مهران المحامي بدعوى قضائية ضــد رئيس الحكومة وآخرين، مطالبًا وضع ضوابط قانونية ومعايير وسياسات أخلاقية بهدف إلزام المنصة من خلال اتفاقات أو تشريعات بحذف أي محتوى يتعارض مع القيم الأخلاقية والمبادئ الدينية، وتفعيل الرقابة الذاتية (Content Moderation) عبر تعاون بين الجهات الحكومية وإدارة المنصة، وفرض عقوبات وغرامات على الحسابات التي تنشر محتويات ضارة أو غير لائقة، وسنّ قانون خاص بالمنصات الرقمية ينص على معايير أخلاقية وقيم أسرية واضحة، مثلما فعلت بعض الدول الأوروبية لحماية نظامها الاجتماعي والأخلاقي وقال «مهران»: «نسعى من منظور قانوني وأخلاقي، على إجبار المنصة على الالتزام بقيم المجتمع، لأن الحجب الشامل قد يدفع المستخدمين لاستخدام برامج كسر الحجب (VPN)، بينما التنظيم يضمن السيطرة مع الحفاظ على حرية الإنترنت، وعلى الحفاظ على قيم ومبادئ المجتمع وعلى خصوصية الأسرة». وأشار «مهران» في دعواه، إلى أنه وفقًا للقوانين المصرية الحالية، وبالأخص قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، لا تملك الحكومة صلاحية حجب أي منصة أو موقع إلكتروني إلا في حالات محددة، مثل: تهـ.ـديد الأمن القومي، ونشر محتوى إرهـ.ـابي أو محـظور قانونًا. كما أوضح أن المادة 67 من قانون الاتصالات تنص على أنه يمكن للحكومة وقف أو تعطيل خدمة الاتصالات عند الضرورة المرتبطة بالأمن القومي، لكن هذا يحتاج إلى مبررات قوية وإجراءات رسمية. واختتم في دعواه أن القوانين الدولية والاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر (مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) تحمي حرية التعبير والوصول إلى المعلومات لكن تسمح للدول بوضع قيود ضرورية، وضوابط قانونية لحماية النظام العام وحماية القيم والأخلاق العامة.


الدستور
منذ 37 دقائق
- الدستور
مفتي الجمهورية يُحذّر من استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم الخطاب المتطرف
قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن مؤتمر "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي" – والمقرر أن تعقده الدار على مدار يومي 12 و13 أغسطس القادم – يهدف إلى استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على الفتوى الشرعية، مع التأكيد على أهمية الجمع بين التقنيات الحديثة وأصول العلم الشرعي. الفتوى الرقمية وأشار مفتي الجمهورية - في تصريحات اليوم السبت - إلى أن المؤسسات الدينية بحاجة إلى مواكبة الثورة الرقمية عبر التحول إلى الفتوى الرقمية، مع ضمان أن تكون الفتوى مسؤولة أخلاقيًا وإنسانيًا، وأن التحديات الكبرى تشمل الفتاوى الآلية المضللة واستخدام الذكاء الاصطناعي في دعم الخطاب المتطرف. وأشار "عياد"، إلى ضرورة أن يكون المفتي العصري فقيها ومفكرا، وعلينا توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة للمفتي دون التفريط في القرار الإفتائي، موضحًا أن الرسالة الأساسية التي يسعى المؤتمر لإيصالها هي رسالة عالمية بامتياز، تعكس عمق الدور الحضاري الذي تضطلع به دار الإفتاء المصرية وذراعها الدولية متمثلة في الأمانة العامة لِدُور وهيئات الإفتاء في العالم في هذا العصر المتداخل. وأوضح أنه من أبرز ما نأمل من مخرجاته هو إعداد تقرير استشرافي شامل حول التحديات والفرص التي يطرحها الذكاء الاصطناعي على الفتوى عالميًا، يتضمن تحليلًا للوضع القائم، وسيناريوهات للمستقبل، وتوصيات عملية موجهة لصناع القرار الديني، وكذلك تطوير خطاب عالمي مشترك يدعو إلى أخلاقيات رقمية عادلة، ويؤكد أن الفتوى ليست مجرد معلومة تُنتج، بل مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية، فضلًا عن فتح قنوات تعاون وشراكات جديدة بين المؤسسات الدينية حول العالم، لتوحيد الجهود وتبادل الخبرات، خصوصًا في ما يتعلق بالتقنيات الجديدة، ومواجهة خطاب الكراهية، وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام. وتابع:"أنه لا شك أن هذه المخرجات تمثل نقلة نوعية من العمل الإقليمي إلى الفعل الحضاري العالمي، وهي مسؤولية نضطلع بها في دار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بكل وعي وإصرار، وتمثل صميم رسالتنا". ورأى المفتي، أن المؤسسات الدينية تحتاج إلى مقاربة مزدوجة، تتمثل في فهم عميق لأدوات العصر، وتمسك راسخ بأصول العلم الشرعي، فالتحول الرقمي ليس مجرد "ترف تقني" أو تحديث إداري، بل هو إعادة صياغة لكيفية الوصول إلى الجمهور، ومخاطبته، والتفاعل معه، في زمن تغيرت فيه وسائل السؤال، وأنماط الفهم، وحتى اللغة. تدريب العلماء والدعاة على مهارات العصر ونوه بأنه يمكن للمؤسسات الدينية أن تواكب الثورة الرقمية من خلال عدة مسارات استراتيجية، أبرزها التحول من الفتوى الورقية إلى الفتوى الرقمية الذكية، وبناء قاعدة بيانات معرفية فقهية رقمية، وتكوين "المفتي الرشيد" لا "المفتي الآلي"، وكذلك تدريب العلماء والدعاة على مهارات العصر. ولفت إلى أنه يجب أن يعي الجميع أن الفرد مهما بلغت كفاءته، يبقى رهينًا ببيئة مؤسسية إما أن تطلق طاقاته أو تعيقه، لذلك سنعمل من خلال المؤتمر على دعم التحول المؤسسي داخل هيئات الإفتاء من خلال وضع معايير لقياس الأداء المؤسسي الإفتائي في العصر الرقمي، تتضمن مؤشرات مرجعية دقيقة لمدى التأثير المجتمعي للفتوى، ومردودها الإعلامي، وآليات ضبطها وتحليلها، إلى جانب توصيات بإنشاء فرق بحثية متخصصة داخل كل مؤسسة إفتائية، تتولى رصد المستجدات التقنية والقيمية التي تؤثر في واقع الفتوى، وتقديم الاستجابات العلمية المناسبة لها. وأضاف الدكتور نظير عياد، أن ذلك يأتي فضلًا عن دعم التجارب الدولية الناجحة من خلال تخصيص محور كامل في المؤتمر لعرض تجارب الدول في تطوير الأداء الإفتائي، مثل تجربة دار الإفتاء، والأردنية، والماليزية، والأوزبكية، وغيرها، وهذا التصور يفتح الباب أمام نقلة نوعية في البنية المؤسسية للفتوى، تنقلها من النمط التقليدي إلى نموذج رقمي متكامل، يراعي الشفافية، والحوكمة، وجودة المخرجات. وعن التحديات التي يواجهها المفتي في عصر الذكاء الاصطناعي، قال إن هناك جملة من التحديات فرضها انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، فاليوم يستطيع أي برنامج أن يولد نصوصًا دينية، أو يقدم إجابات على مسائل شرعية، دون ضبط علمي أو شرعي أو سياقي، وهنا يكمن الخطر، لأن المتلقي قد يخلط بين الفتوى الشرعية الموثوقة، وبين المحتوى الاصطناعي الخالي من المرجعية. وأوضح مفتي الجمهورية: أنه من أبرز هذه التحديات هو انتشار "الفتاوى الآلية" التي تصدر عبر روبوتات أو منصات مدعومة بذكاء اصطناعي بلا إشراف، وكذلك التضليل الخوارزمي، حيث تظهر للجمهور فتاوى شاذة أو منحرفة لأنها تتفق مع ميوله أو بحثه السابق، وأيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم الخطاب المتطرف، واستغلال ضعف الوعي المجتمعي في التمييز بين المفتي الحقيقي والمنتج الرقمي المصطنع، لذلك نعمل في دار الإفتاء من خلال الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم على إطلاق مؤشرات ذكية لرصد الفتاوى المنتشرة عبر الإنترنت، وتطوير أدوات تحليل رقمية لرصد الاتجاهات المنحرفة، كما نسعى خلال المؤتمر إلى وضع ميثاق دولي للفتوى الرقمية يراعي الضوابط الشرعية والأخلاقية، ويحدد الإطار الذي ينبغي أن تتحرك فيه المؤسسات. وبشأن توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم القرار الإفتائي دون المساس بجوهر الفتوى الشرعية، أكد المفتي أن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا للفتوى، لكنه ليس مفتيًا، فهو أداة قوية، لكنها تفتقر إلى العقل المقاصدي، والنظر الفقهي، والتقدير الإنساني الذي تستلزمه الفتوى، ولذلك فإن توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم القرار الإفتائي لا يعني تفويض الآلة بإصدار الفتوى، بل استخدام قدراتها في تمكين العالِم الحقيقي من أداء دوره بصورة أدق وأسرع وأكثر وعيًا بتغيرات الواقع. وشدد "عياد": على أن الدار لا تتخوف من التقنية بحد ذاتها، بل من استقلالها عن الضوابط الشرعية والأخلاقية، وإذا استخدم الذكاء الاصطناعي وفق ضوابط رشيدة يمكن أن يكون عونًا للمفتي، وأداة مساعدة له ومحسنة من عمله وأدائه، وعلى سبيل المثال يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي في تصنيف الأسئلة، وتحليل الأنماط، والمساعدة في بناء قواعد بيانات ضخمة من الفتاوى، أو حتى تقديم إجابات مبدئية لبعض المسائل الشائعة أو الفتاوى العامة بناءً على فتاوى سابقة، لكن لا يمكن، ولن يكون مقبولًا، أن تتصدر الآلة مشهد إصدار الحكم الشرعي؛ لأن الفتوى ليست عملية حسابية أو منطقية فقط، بل هي اجتهاد إنساني مركب يتطلب الوعي بالمقاصد، وتحقيق المناط، ومعرفة حال المستفتي، ومراعاة الزمان والمكان والأشخاص والأحوال. وأشار المفتي إلى أن الضوابط تبدأ من التأكيد أن الذكاء الاصطناعي خادم للفقيه، لا حاكم عليه أو مستقل عنه، وأن الفتوى الصادرة عبر الآلة يجب أن تمر دومًا بمراجعة بشرية من جهة مؤسسية مسؤولة. وأوضح: أن الفتوى في فلسفة الدار "بنت زمانها"، ليست استنساخًا لحلول الماضي، بل اجتهادًا متجددًا يوازن بين النص والمصلحة، بين القيم الثابتة والمتغيرات الطارئة، وهنا نؤكد أن دار الإفتاء تضم لجانًا علمية متخصصة تعكف على دراسة المسائل المستجدة، وتشرك خبراء من مجالات متعددة لفهم أبعاد الظواهر الحديثة، بما يضمن أن تكون الفتوى مواكبة دون أن تفرط، وعصرية دون أن تشوه مرجعيتها، وبهذا النهج تقدم دار الإفتاء نموذجًا حيًّا لمؤسسة دينية تجمع بين عمق التراث وحيوية الحاضر. وعن دور التدريب والتأهيل المستمر للمفتين في بناء مفتي يواكب هذا العصر المعقد، قال إن تكوين المفتي المعاصر أصبح أمرًا ضروريًا ولا يمكن حصره في حدود الفقه التقليدي، ذلك لأن المفتي العصري لا بد أن يكون فقيهًا ومفكرًا وناصحًا اجتماعيًا ملمًا بعلوم وأدوات العصر. وأشار إلى أنه بات ذلك مشروعًا مركبًا يتطلب تأهيلًا متعدد الأبعاد، يتقاطع فيه الفقه مع علوم الاجتماع والعلوم الإنسانية والسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا وعلوم الاتصال، ولهذا السبب، انتهجت الدار في السنوات الأخيرة نهج الشراكة المؤسسية مع جهات أكاديمية ومتخصصة لتقديم تدريب نوعي للمفتين الجدد. ولفت إلى أن الدار لا تكتفي بالتدريب الداخلي في "مركز إعداد المفتين"، بل تنسق بفاعلية مع كيانات رائدة مثل أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، ومؤسسات متخصصة في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وهذا التوسع في الشراكات يعكس قناعة الدار بأن المفتي اليوم بحاجة إلى أدوات معرفية وسلوكية تتجاوز الجواب الفقهي، ليصبح قادرًا على التعامل مع الأسئلة المركبة التي تمزج بين الدين والمجتمع والاقتصاد، وفهم البيئة الرقمية ووسائل التواصل التي تعيد تشكيل الفتوى يومًا بعد يوم، والتواصل الفعال مع جمهور متعدد الثقافات والمستويات. وأكد الحرص على أن تكون الفتوى الصادرة عنها نتاجًا لتكامل علمي ومهني رفيع، حيث لا تكتفي بالاجتهاد الشرعي المجرد، بل تعلي من قيمة التشاور مع أهل التخصص في مختلف المجالات عند النظر في النوازل والقضايا المستجدة، وذلك إيمانًا منها بأن الفتوى الرشيدة لا تبني فقط على فهم النصوص، بل أيضًا على إدراك الواقع وتشعباته. وفيما يخص تطوير الأدوات أو البرامج التي تعتمدها دار الإفتاء حاليًا لتسهيل العمل الإفتائي، قال: نعيش لحظة مفصلية تعيد تعريف وظيفة المفتي ودوره المجتمعي، لم يعد المفتي مجرد فقيه يجيب عن حكم الطهارة والصلاة فقط، بل أصبح رجلًا يخاطب الإنسان المعاصر، بلغته، وهمومه، وتحدياته، وسط عالم شديد التعقيد، لذلك لم تعد الكفاءة الشرعية كافية وحدها، بل أصبح من الضروري أن يضاف إليها وعي واقعي، وثقافة موسوعية، وفهم نفسي، وإدراك للسياقات الاجتماعية والسياسية والتقنية. وأشار إلى أن المفتي اليوم يجب أن يعرف شيئًا عن الإعلام الرقمي، والاقتصاد السلوكي، والعلاقات الدولية، وقضايا البيئة والتكنولوجيا، لهذا حرصنا في دار الإفتاء على تطوير برامج تكوين المفتي لتشمل مواد مثل "فقه الواقع"، و"دراسات إنسانية"، و"مهارات القيادة والتواصل"، إلى جانب تدريب عملي مباشر على التعامل مع الأسئلة الجديدة والملفات والأدوات المعاصرة. وعن التمييز بين الفتوى الصادرة عن عقل بشري مؤهل والردود التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، قال المفتي إن التمييز يبدأ من فهم جوهري لطبيعة كل منهما، فالمفتي الإنسان لا ينقل حكمًا فحسب، بل يجتهد، ويراعي المقاصد، ويقدر الظروف، ويتحمل مسؤولية الكلمة التي يوقع بها عن الله، بينما الذكاء الاصطناعي يقدم ردودًا آلية مستندة إلى أرشيف من النصوص والمعلومات، دون وعي أو فقه للسياقات الفردية والاجتماعية. وأضاف أنه من ثم فالفتوى البشرية تتسم بالتفصيل، وبالقدرة على التمييز بين الحالات، وبالتردد الورع أحيانًا في إصدار الحكم، في حين تميل إجابات الآلة إلى الاختزال، والجمود، وغياب الحس الإنساني، فلا تعرف التدرج، ولا تتردد في القطع بحكم دون مراعاة لحالة السائل أو لزمانه ومكانه، كما أن المفتي البشري قد يقول "لا أعلم" تواضعًا وخشية، بينما الآلة تجيب على كل شيء بلا مسؤولية، ولعل أخطر ما في الفتوى الآلية أنها تخفي ظاهرها المنضبط تحت قناع تقني، بينما تفرغ الفتوى من بعدها الشرعي والروحي والإنساني، ولهذا يبقى الوعي مصدر الأمان، فكل فتوى تفتقر إلى الاجتهاد، ولا تراعي المقاصد، ولا تحمل في طياتها تمييزًا بين الناس والسياقات، لا بد أن يعاد النظر فيها.