
عبيدلي العبيدلي السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي: التاريخ والديناميكيات والسيناريوهات المستقبلية 3 /3 الأحد 09 مارس 2025
التخلف الأوروبي عن ركب صناعة الذكاء الاصطناعي
يعود تأخر البلدان الأوروبية عن الصين والولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي إلى عدة أسباب رئيسية تشمل التمويل، والتنظيم، والموارد البشرية، والتوجهات الصناعية. ولعل أبرز هذه العوامل التي أدت إلى هذا التراجع هي:
نقص الاستثمار والتمويل
تستثمر الولايات المتحدة والصين مبالغ ضخمة في الذكاء الاصطناعي عبر الحكومات والقطاع الخاص، بينما يعاني التمويل الأوروبي من التشتت وضعف رؤوس الأموال الاستثمارية.
تجد الشركات الناشئة الأوروبية صعوبة في الحصول على استثمارات ضخمة مقارنة بمثيلاتها في وادي السيليكون أو الصين.
غياب استراتيجية موحدة
تتكون أوروبا من عدة دول ذات سياسات وقوانين مختلفة، مما يؤدي إلى صعوبة توحيد جهود البحث والتطوير مقارنة بالصين ذات النهج المركزي أو الولايات المتحدة التي تدعم القطاع الخاص بقوة.
لا يوجد كيان موحد يعزز الابتكار كما هو الحال في الصين، حيث تقود الدولة مشاريع ضخمة في الذكاء الاصطناعي.
قيود تنظيمية صارمة
يفرض الاتحاد الأوروبي لوائح قانونية صارمة على الذكاء الاصطناعي لحماية الخصوصية والأخلاقيات (مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، مما يحد من تطور الشركات مقارنة بالصين، حيث اللوائح أكثر مرونة، أو الولايات المتحدة، التي تعتمد على الابتكار التجاري.
يؤدي التخوف من التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي إلى تباطؤ الأبحاث والتطوير مقارنة بالدول الأخرى.
هجرة العقول والموارد البشرية
يفضل الباحثون والمهندسون الأوروبيون الانتقال إلى الولايات المتحدة أو الصين بسبب توفر الفرص البحثية، والرواتب الأعلى، وتمويل المشاريع بشكل أكبر.
تتمركز أكبر شركات التكنولوجيا التي تقود الذكاء الاصطناعي (مثل غوغل، مايكروسوفت، أبل، أمازون) في الولايات المتحدة، ما يؤدي إلى جذب العقول الأوروبية إليها.
تأخر تبني الذكاء الاصطناعي في الصناعة
لم تعتمد الشركات الأوروبية الكبرى في القطاعات التقليدية (مثل التصنيع، التمويل، الرعاية الصحية) تقنيات الذكاء الاصطناعي بالسرعة التي فعلتها الشركات الصينية والأمريكية.
لا تزال بعض القطاعات مترددة في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بسبب التكاليف والمخاوف التنظيمية.
تفوق الصين في البيانات والبنية التحتية
يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على البيانات الضخمة، والصين تمتلك ميزة هائلة في هذا المجال بسبب عدد سكانها الكبير وسياسات الدولة التي تسمح بجمع البيانات على نطاق واسع.
تفرض أوروبا قيودًا صارمة على جمع واستخدام البيانات، مما يحد من تطوير الذكاء الاصطناعي.
غياب شركات تقنية عملاقة تقود التطور
تقود شركات مثل علي بابا، تنسنت، بايدو تطورات الذكاء الاصطناعي، في الصين، وشركات مثل غوغل، ميتا، وتسلا، في الولايات المتحدة وتستثمر بكثافة في هذا المجال.
لا توجد في أوروبا، شركات مماثلة بنفس القوة والانتشار العالمي، مما يحد من التنافسية في سوق الذكاء الاصطناعي.
ضعف الدعم الحكومي مقارنة بالصين والولايات المتحدة
بينما تستثمر الولايات المتحدة عبر DARPA (وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة The Defence Advanced Research Projects Agency) وتخصص الصين مليارات الدولارات لدعم الذكاء الاصطناعي، لا تزال الاستثمارات الحكومية الأوروبية أقل تأثيرًا وأبطأ تنفيذًا.
تدمج الحكومة الصينية الذكاء الاصطناعي في خططها الاستراتيجية القومية، بينما يعاني الاتحاد الأوروبي من تعقيد البيروقراطية في اتخاذ قرارات سريعة وفعالة.
بسبب هذه العوامل، وجدت أوروبا نفسها متأخرة عن الصين والولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا تزال لديها فرصة للحاق بالركب من خلال تعزيز التعاون بين الدول، زيادة الاستثمارات، دعم الشركات الناشئة، والتخفيف من القيود البيروقراطية التي تعيق التطوير والابتكار.
العوائق التي تحول دون التعاون بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي
على الرغم من الفوائد المحتملة للتعاون، فإن العقبات الرئيسية التي تعيق تعاون الذكاء الاصطناعي بين الصين والولايات المتحدة هي:
مخاوف الأمن القومي: تخلق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الدفاع والأمن السيبراني أخطار التجسس والسرقة التكنولوجية.
المنافسة الاقتصادية: تؤثر الأتمتة المدفوعة بـ 'الذكاء الاصطناعي' على أسواق العمل العالمية، وتسعى كل دولة إلى الهيمنة على الصناعات التي تحركها الذكاء الاصطناعي.
الاختلافات التنظيمية والأخلاقية: لدى الولايات المتحدة والصين وجهات نظر متضاربة حول حوكمة الذكاء الاصطناعي، وخصوصية البيانات ومخاوف حقوق الإنسان.
قيود التصدير والعقوبات: فرضت الولايات المتحدة قيودا على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، مما يحد من الوصول إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة وتكنولوجيا أشباه الموصلات.
السيناريوهات المستقبلية والنتائج المحتملة
يمكن أن يتطور سباق الذكاء الاصطناعي العالمي بعدة طرق، الأبرز بينها:
السيناريو 1: الحرب الباردة التكنولوجية: تؤدي التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين إلى تشرذم صناعات الذكاء الاصطناعي، مع ظهور أنظمة بيئية منفصلة.
السيناريو 2: التعاون التنافسي: تتنافس البلدان، ولكنها تتعاون في مجالات مختارة مثل الرعاية الصحية، وبرمجيات الذكاء الاصطناعي الخاص بالمناخ.
السيناريو 3: الإطار العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي: يجري تعزيز اللوائح والاتفاقيات الدولية التطوير المسؤول لنظام الذكاء الاصطناعي.
الاصطفافات الدولية والإقليمية
تؤثر منافسة الذكاء الاصطناعي على الاصطفافات الدولية:
الدول العربية: تستثمر دول الخليج بكثافة في الذكاء الاصطناعي، بالشراكة مع كل من الشركات الأمريكية والصينية.
أوروبا الغربية: يسعى الاتحاد الأوروبي إلى اتباع نهج متوازن، وتعزيز الذكاء الاصطناعي الأخلاقي مع التعاون مع كلتا القوتين العظميين.
الدول النامية: يختلف تبني الذكاء الاصطناعي، حيث تستفيد بعض الدول من النمو الاقتصادي المعزز بنظم الذكاء الاصطناعي بينما يخاطر البعض الآخر بزيادة الاعتماد التكنولوجي.
الخلاصة
يعد سباق الذكاء الاصطناعي عاملًا حاسمًا في القرن الحادي والعشرين، حيث يؤثر على الاقتصادات والسياسات الأمنية وهياكل القوة العالمية. سيشكل مسار تطوير الذكاء الاصطناعي العلاقات الدولية، مما يتطلب من الدول تحقيق التوازن بين المنافسة والتعاون لتسخير الإمكانات الإيجابية المتنامية لمنظومة الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من مخاطره.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 11 ساعات
- البلاد البحرينية
الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا
أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وهي خطوة طال انتظارها بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وصف مراقبون هذه الخطوة بأنها بداية لانفراج الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كاهل البلاد خلال سنوت الحرب. وقد جاء الإعلان عن رفع العقوبات من خلال ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، والتي نشرت بيانًا عبر حسابها الرسمي على منصة إكس، وقالت فيها: "قررنا رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. نريد مساعدة الشعب السوري على بناء سوريا جديدة ومسالمة تحتضن كل أطياف المجتمع". وقد لقى البيان الأوروبي صدى فوريًا، وردود فعل إيجابية، وعلى رأسها وزير الخارجية أسعد الشيباني، الذي كتب عبر حسابه الرسمي على منصة إكس: "نحقق مع شعبنا السوري إنجازا تاريخيا جديدا برفع عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا. كل الشكر لدول الاتحاد الأوروبي، ولكل من ساهم في هذا الانتصار. سيعزز هذا القرار الأمن والاستقرار والازدهار في سوريا. تستحق سوريا مستقبلا مشرقا يليق بشعبها وحضارتها". ويأتي قرار رفع العقوبات من الاتحاد الأوروبي بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وذلك خلال تواجده في الرياض في أولى جولاته للخليج بعد عودته إلى البيت الأبيض. الاتجاه نحو الانفتاح بدأ الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات تدريجية لتخفيف العقوبات على سوريا منذ فبراير الماضي، حيث علق جزئيًا بعض القيود المفروضة على قطاع الطاقة والبنوك، إلا أن التعهد المفاجئ الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع جميع العقوبات الأمريكية عن سوريا دفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف مشابه. وجاء هذا القرار بعد تطورات إقليمية ودولية، وبينها الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وأضافت الوكالة أن القرار الأوروبي ليس مفتوحاً على إطلاقه، بل يُعد قابلاً للتراجع في حال عدم تحقق إصلاحات سياسية مطلوبة، أبرزها إدماج الأقليات وضمان الحقوق السياسية للجميع. تغيرات اقتصادية إيجابية متوقعة لا يعكس القرار الاوروبي طابعًا سياسيًا فقط، بل يتوقع أن يحدث تحولات اقتصادية عميقة في سوريا، حيث سيفتح الباب أمام العودة إلى النظام المالي العالمي، والتعامل بحرية مع المؤسسات المصرفية الدولية، وهو ما يتيح للحكومة إمكانية الحصول على التمويلات الدولية لإعادة الإعمار، وكذلك تشجيع المستثمرين الأجانب والمحليين على العودة إلى السوق السورية. وسيمثل هذا التحول فرصة نادرة للسلطات السورية التي لطالما واجهت تحديات حادة في تأمين الموارد المالية، في ظل التراجع الحاد للناتج المحلي، وتوقف الدعم الخارجي، وتدهور الخدمات العامة. ويأتي هذا التطور في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوري واحدة من أسوأ ازماته، فقد كشف تقرير صادر عن الأمم المتحد كشقت فيه أن 3 من كل 4 سوريين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وبلغت نسبة الفقر بين السكان 90%. وقدّر التقرير الخسائر الاقتصادية الإجمالية الناتجة عن الحرب منذ 2011 وحتى الآن بنحو 800 مليار دولار، وهي أرقام تعكس حجم الكارثة التي ألقت بظلالها على كافة جوانب الحياة في البلاد. تم نشر هذا المقال على موقع


أخبار الخليج
منذ يوم واحد
- أخبار الخليج
في هذا العصر.. ليس بالتكنولوجيا وحدها يعيش الإنسان!
الذكاء الاصطناعي من التقنيات المثيرة للجدل في الأوساط العلمية والسياسية والثقافية والتربوية؛ بسبب أن تطبيقاته دخلت في جميع مجالات الحياة. وأصبح واقعا ولا يمكن لأي مجتمع يريد أن يجاري التقدم والتطور في العالم الاستغناء عنه ويغض الطرف عن هذا الاختراع المثير للعجب الذي بات العصر الذي نعيشه اليوم ينعت باسمه. لكن مع إيماننا الراسخ، بقدرات ومميزات هذا الابتكار العجيب، ودوره الفاعل في تسهيل الكثير من أمور حياتنا، وقناعاتنا بأن تقدم الدول وتطورها يمر عبر بوابته، إلا أن ذلك لا يعفينا من النظر إلى الوجه المعتم لهذه التقنية الساحرة، والتنبيه إلى مخاطرها على مجتمعاتنا التي لا تزال تحبو على طريق التكنولوجيا، ولا داعي للتذكير بأن مجتمعاتنا العربية لا تزال تواجه تحديات عدة تعرقل تطور مسيرتها؛ فالتعليم في بلداننا العربية لا يلبي في كثير من الحالات طموحاتنا ويسير ببطء نحو تحقيق أهدافه، كما أن اتساع الفجوة العلمية بين دولنا والدول المتقدمة لا تزال عميقة وتظهر في مجالات عديدة، مثل البحث العلمي والتكنولوجيا والتعليم العالي.. وبناء على هذه الحقائق، فإن ما يقلقنا هو: إن الذكاء الاصطناعي سيعمق تلك المشكلات؛ إذ سيساعد على انخفاض الدافعية نحو التعليم لدى المواطن العربي، ويجعل لسان حاله يقول: لماذا أبذل جهدا في القراءة والتعلم ما دام «الذكاء الاصطناعي» يوفر لي كل ما أريد من معلومات وبيانات ونصوص، ويقدمها لي على طبق من ذهب. لا شك أن أصحاب هذا (التخصص) متحمسون لهذا الاختراع، ونحن لا نعترض على حماسهم، لكن من حقنا أن نذكرهم بأن: ليس بالتكنولوجيا وحدها يعيش الإنسان، كما أن الذكاء الاصطناعي ليس هو البوابة الوحيدة للدخول إلى التنمية والمستقبل. لأننا نعي جيداً أن كل الاختراعات التي صنعها الإنسان تحمل في طياتها الخير والشر، وأن الإنسان هو الذي يوجهها إلى الخير، وهو أيضاً الذي يوظفها في الشر.، ونذكر هنا أن مخترع الديناميت «ألفرد نوبل» انتابه شعور بالذنب بسبب اختراعه المدمر للبشرية، وأراد أن يكفر عن ذنبه بسبب هذا الاختراع؛ فأوصى بإنشاء جائزة نوبل للسلام لتمنح للأشخاص الذين يسهمون في نشر السلام والوئام في العالم. وعليه، فإن هذا الاختراع العظيم «الذكاء الاصطناعي» لن يختلف عن الاختراعات الأخرى فهو ليس كله خيراً، وإنما يحمل في أحشائه مكامن الشر. المشتغلون في هذا القطاع يقولون: إن المسألة تحتاج إلى تنظيم وتشريعات وقوانين تنظم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويرى هؤلاء أيضاً أن العالم المتقدم قد قطع شوطاً بعيداً على طريق وضع المعايير الدولية مثل: اللائحة العامة لحماية البيانات ( GDPR )، وقوانين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD )، إضافة إلى التشريعات الوطنية مثل قانون حماية البيانات الشخصية ( PDPL ) وقوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية. ويزعم هؤلاء أن مثل هذه التشريعات كفيلة بالحد من المخاطر الناتجة عن سوء استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل وضع التشريعات والقوانين يكفي للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي؟ الوقائع على الأرض تشير إلى أن تلك القوانين لم تحد من سوء استخدام هذه التقنية بدليل تزايد الجرائم الإلكترونية، كما أن التاريخ يعلمنا أن القوانين الدولية لم توقف الحروب في العالم، وهي أيضاً لم تمنع أمريكا من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين وتدميرهما. إن ما نحتاج له اليوم، هو إعادة الاعتبار إلى العلوم الإنسانية – كالفلسفة وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والعلوم السياسية، والأدب، والفنون وهي مجالات تبحث في طبيعة الإنسان وجوهره: كيف يفكر، ويتفاعل، ويعبر، ويحكم، ويتطور. فهذه العلوم هي التي تسمو بالإنسان وتهيئه لفهم المتغيرات التي تنعكس آثارها على المجتمع خاصة في هذا العصر الذي بدأت فيه التكنولوجيا تتحكم بشدة في مسار حياة الفرد والمجتمع. بناء على ذلك، فإن الاهتمام بالعلوم الإنسانية باتت حاجة مهمة أكثر من أي وقت مضى؛ لأنها هي السلاح الذي ندافع به ضد من تسول له نفسه سوء استخدام تقنيات التكنولوجيا، وهي التي تسعفنا في توجيه تقنية الذكاء الاصطناعي نحو ما يعزز القيم الإنسانية التي تؤكد الاستفادة من الإنجازات العلمية لخير الإنسانية. إن التكنولوجيا وحدها لا تنتج مجتمعات متوازنة، ونتيجة لذلك يصبح علم النفس ضرورياً لفهم المشكلات النفسية للاستخدام المكثف للتكنولوجيا وخصوصاً لدى الأطفال الذين أصبحوا يعانون من ما يسمى «بالإدمان الرقمي». كما أننا في أمس الحاجة إلى إحياء الفلسفة، وبعثها من جديد، لأنها أصبحت ضرورية بحكم دورها في طرح الأسئلة التي تتعلق بالأخلاق والضمير في عصر ما بعد الثورة الصناعية الثالثة. إننا اليوم، أمام ثورة من نوع جديد تختلف عن الثورات الصناعية السابقة؛ تلك التي غيرت من طريقة عملنا وحياتنا. أما «ثورة الذكاء الاصطناعي» فقد غيرت من طريقة تفكيرنا، ومشاعرنا، وقراراتنا. وأصبح هذا الاختراع متغلغلا في كياننا، ولهذا فلن يكفينا إتقان المهارات التكنولوجية التي تعيننا في التعاطي معه كآلة، بل إن ما نحتاج إليه هو «الأخلاقيات» وهي التي تقدمها العلوم الإنسانية. لذا، لن نستطيع التعاطي مع «ثورة الذكاء الاصطناعي» بحكمة ما لم يكن لدينا إلى جانب المشتغلين بهذه التقنية ثلة من المفكرين والفلاسفة وعلماء النفس والفنانين. فمن دون هؤلاء ربما ننتج نهضة علمية ومجتمعا متقدما لكنه قد تغيب عنه العدالة وتغلب عليه الماديات. إن المجتمعات التي ترنو إلى التقدم، هي تلك التي تسعى إلى تنمية قدرات أبنائها على الفهم والتحليل والربط والتفكير الأخلاقي. والعلوم الإنسانية هي البئية الحاضنة التي تصقل فيها هذه القدرات، وتبنى فيها العقول القادرة على قيادة المستقبل. رب قائل يقول: إن مجتمعاتنا متخمة بالمتخصصين بالعلوم الإنسانية، وهذا القول صحيح، لكن هذا لا يعطينا مبرراً لإلغاء هذه العلوم من جامعاتنا أو مدارسنا أو إهمالها أو عدم الاهتمام بها؛ فالدول المتقدمة في العلوم والتكنولوجيا لم تلغ هذه العلوم، ولم تهملها، فهي لا تزال محتفظة بمكانتها، ولا يزال أساتذتها ومفكروها لديهم حظوة في المجتمع ويحتفى بهم في أرقى الجامعات العريقة على عكس ما يحدث عندنا في أغلب مجتمعاتنا العربية. في تقديري، إن مواجهة سوء استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، لا يتم من خلال تطبيق إجراءات السلامة والمعايير الأخلاقية المعترف بها دوليا، ولا من خلال التشريعات، وتعزيز الرقابة، وتكثيف برامج التوعية والتدريب لسبب بسيط وهو أننا لا نزال نعتمد على حلول ذكاء اصطناعي مطورة خارجيا، وهو الأمر الذي يحد من السيطرة الكاملة على المعايير الأخلاقية لهذه الأنظمة. خلاصة القول، إننا لسنا ضد الولوج في عالم التكنولوجيا وبالأخص في مجال «ثورة الذكاء الاصطناعي» لأن ذلك من المستحيل في عالمنا اليوم، لأن التكنولوجيا متغلغلة في تفاصيل حياتنا، لكن كل ما ندعو إليه هو إيجاد بيئة وحاضنة أخلاقية لهذا المولود الجديد حتى يتحصن من كل الأمراض الاجتماعية التي قد تفضي إلى انحرافه عن مساره الصحيح، فيتحول إلى وحش كاسر، وشيطان يدمر القيم والفضائل بدلا من مساهمته في الارتقاء والسمو بها. ولكي يظل عوناً للإنسان في حل كثير من التحديات والمشكلات التي تواجهه في مجالات الحياة المختلفة.


البلاد البحرينية
منذ يوم واحد
- البلاد البحرينية
تقرير 'الغرفة' الاقتصادي: انخفاض أسعـار الفائـدة علـى القـروض التجاريـة
ذكرت غرفة تجارة وصناعة البحرين في تقريرها الفصلي 'نظرة عامة حول الاقتصاد المحلي'، أن أسعار الفائدة على القروض التجارية قد انخفضت في جميع القطاعات في الربع الرابع من العام 2024 على أساس سنوي. وأشارت الغرفة إلى انخفاض سعر الفائدة في قطاع البناء والعقارات من 10.20 % في الربع الرابع من العام 2023 إلى 6.64 % في الربع الرابع من العام 2024. كما انخفض سعر الفائدة في قطاع التصنيع من 7.65 % إلى 6.59 %، وفي قطاع التجارة من 9.38 % إلى 6.43 % في الفترة نفسها. أكد التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في مملكة البحرين نما بنسبة 3.4 % في الربع الرابع من العام 2024 على أساس سنوي، مدفوعًا بنمو بنسبة 4.6 % في القطاع غير النفطي. ومن أبرز القطاعات التي شهدت ارتفاعًا في معدلات النمو بالأسعار الثابتة: قطاع النقل والتخزين بنسبة 11 %، وقطاع الصناعة التحويلية بنسبة 7 %. ويُشار إلى أن قطاع الأنشطة المالية وأنشطة التأمين كان الأعلى مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بنسبة 17.3 % في الربع الرابع من العام 2024. انخفض حجم التبادل التجاري بين البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي في الربع الرابع من العام 2024 على أساس سنوي بنسبة 2 %، من 2.03 مليار دولار أميركي في الربع الرابع من العام 2023 إلى ملياري دولار أميركي. كما ارتفعت قيمة معاملات 'فوري' بنسبة 12 %، في حين زادت معاملات نقط البيع في البحرين بنسبة 14 % بالربع الرابع من 2024 مقارنة بالفترة نفسها من 2023. يُتوقّع أن ينخفض التضخم (متوسط أسعار المستهلك) إلى 2 % في الاتحاد الأوروبي في العام 2025، في حين يُتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.8 % بحلول العام 2025، بحسب تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2024. نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في البحرين بنسبة 3.4 % على أساس سنوي في الربع الرابع من العام 2024، مدفوعًا بنمو بنسبة 4.8 % في القطاع غير النفطي، مقابل انخفاض بنسبة 3.5 % في القطاع النفطي. وشهد قطاع المعلومات والاتصالات أعلى معدل نمو سنوي بنسبة 12.4 %. ثاني أسرع القطاعات نموًا كان قطاع النقل والتخزين بنسبة 11 %، يليه قطاع الصناعة التحويلية بنسبة 7 %. أما من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الرابع من 2024، فقد جاءت الترتيبات على النحو التالي: الأنشطة المالية والتأمينية: 17.3 %، الصناعة التحويلية: 16 %، التشييد: 14.3 %. ارتفاع التجارة مع قطر في العام 2024، ارتفعت مستويات التجارة بين البحرين وقطر بنسبة 255 %، من 33 مليون دولار أميركي في الربع الرابع من 2023 إلى 116 مليون دولار أميركي في الربع الرابع من 2024. أكبر شركاء الاستيراد الصين:ما تزال الشريك التجاري الأكبر للبحرين من حيث الاستيراد، بإجمالي واردات بلغ 571 مليون دولار أميركي. وكانت الهواتف الذكية السلعة الأكثر استيرادًا بقيمة 87 مليون دولار، بما يمثل 15 % من إجمالي الواردات من الصين. أستراليا:ثاني أكبر شريك استيراد، بإجمالي واردات بلغ 420 مليون دولار. وكان أكسيد الألمنيوم السلعة الأبرز بقيمة 391 مليون دولار، بما يعادل 93 % من إجمالي الواردات من أستراليا. الإمارات العربية المتحدة:ثالث أكبر شريك استيراد، بقيمة واردات بلغت 303 ملايين دولار. وجاءت سبائك الذهب كأكثر السلع استيرادًا بقيمة 60 مليون دولار، بما يمثل 20 % من إجمالي الواردات.البرازيل:رابع أكبر سوق استيراد، بإجمالي واردات بلغ 276 مليون دولار. وكانت خامات الحديد ومركزاتها غير المكتلة أكثر السلع استيرادًا بقيمة 250 مليون دولار، وتمثل 90 % من الواردات. الولايات المتحدة الأميركية:خامس أكبر شريك استيراد للبحرين، بواردات بلغت 253 مليون دولار. وكانت أجزاء محركات الطائرات أكثر السلع استيرادًا بقيمة 41 مليون دولار، وتمثل 16 % من الواردات الأميركية. السعودية أكبر سوق لصادرات البحرين حافظت المملكة العربية السعودية على مكانتها كأكبر سوق لصادرات السلع البحرينية في الربع الرابع من العام 2024، إذ بلغت القيمة الإجمالية للصادرات 739 مليون دولار أميركي. وكانت أهم السلع المصدَّرة هي خامات الحديد ومركزاتها المكتلة، بقيمة 109 ملايين دولار أميركي، وهو ما يمثل 15 % من إجمالي الصادرات إلى السعودية. وجاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية بقيمة صادرات إجمالية بلغت 408 ملايين دولار أميركي، وكانت سبائك الذهب السلعة الأبرز بقيمة 49 مليون دولار، بما يعادل 12 % من إجمالي الصادرات إلى الإمارات. أما الولايات المتحدة الأميركية، فكانت ثالث أكبر شريك تصدير للبحرين، بقيمة صادرات بلغت 291.356 مليون دولار أميركي. وكانت أهم السلع المصدَّرة هي خلائط الألمنيوم الخام بقيمة 164 مليون دولار، بما يشكل 46 % من إجمالي الصادرات إلى السوق الأميركية. كما بلغت قيمة الصادرات إلى هولندا 215 مليون دولار أميركي، وكانت أبرز السلع المصدَّرة هي خلائط الألمنيوم الخام غير المخلوط بقيمة 105 ملايين دولار، وتمثل 49 % من إجمالي الصادرات إلى هولندا. واحتلت الهند المرتبة الخامسة ضمن قائمة شركاء التصدير للبحرين، بإجمالي صادرات بلغ 136 مليون دولار أميركي. وكانت أهم السلع المصدَّرة هي اليوريا، بقيمة 42 مليون دولار، بما يمثل 31 % من إجمالي الصادرات إلى الهند. أهم السلع المستوردة والمصدرة في الربع الرابع من العام 2024، كانت أهم السلع المستوردة: - أكسيد الألمنيوم الآخر، بقيمة 395 مليون دولار أميركي. - خامات الحديد ومركزاتها غير المكتلة، بقيمة 298 مليون دولار أميركي. - أجزاء محركات الطائرات، بقيمة 176 مليون دولار أميركي. أما أهم السلع المصدَّرة في الفترة نفسها فكانت: - خلائط الألمنيوم الخام، بقيمة 743 مليون دولار أميركي. - خامات الحديد ومركزاتها المكتلة، بقيمة 318 مليون دولار أميركي. - الألمنيوم الخام غير المخلوط، بقيمة 213 مليون دولار أميركي. - ارتفاع في عمليات نقط البيع وانخفاض في السحوبات النقدية. وسجلت قيمة عمليات نقط البيع والتجارة الإلكترونية ارتفاعًا بنسبة 14 %، إذ زادت من 1.105 مليار دينار بحريني في الربع الرابع من العام 2023 إلى 1.265 مليار دينار بحريني في الربع الرابع من العام 2024. في المقابل، انخفضت قيمة عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي بنسبة 10 %، من 288.6 مليون دينار في الربع الرابع من العام 2023 إلى 260.3 مليون دينار بحريني في الربع الرابع من العام 2024.