logo
عن يوسا وعالمه.. بمناسبة رحيله

عن يوسا وعالمه.. بمناسبة رحيله

الدستور١٤-٠٤-٢٠٢٥

تعرفنا على أعمال الكاتب البيرونى ماريو باراجاس «يوسا» «٢٨ مارس ١٩٣٦- ١٣ أبريل ٢٠٢٥» قبل حصوله على جائزة نوبل فى ٢٠١٠، بفضل المترجم الراحل صالح علمانى الذى نقل إلى العربية معظم أعماله، مثل «حفلة التيس» التى انتشرت بشكل واسع بسبب تناولها ديكتاتوريات العالم الثالث، و«امتداح الخالة، وقصة مايتا، وليتوما فى جبال الأنديز، وشيطانات الطفلة الخبيثة، والفردوس على الناصية الأخرى» وغيرها من الأعمال التى اعتبرتها اللجنة التى منحته نوبل أعمالًا «صوّرت بعمق بالغ مقاومة الفرد وثورته وهزيمته»، وأن الراوى «موهوب قادر على تحريك مشاعر القراء».
ينتمى «يوسا» إلى جيل مُبدع من أدباء أمريكا اللاتينية، أبهر العالم وقدّم روايات عرفتنا على مجتمعات لها خصوصيتها، وتقترب عوالمها وخرافاتها من عوالمنا، مثل «أوكتافيو باث، وخوليو كورتازار، وماركيز، وكارلوس فوينتيس»، وتميّز أغلبهم بمحاولة التجديد بتمثّل التجربة الأوروبية بتأثر واضح بأعلامها مثل «جيمس جويس، وفرانز كافكا، وفوكنر»، وكتب «يوسا» عن معظم هؤلاء فى السنوات الأخيرة مقالات كانت تنشرها جريدة «الشرق الأوسط» مرتين فى الشهر.
دخل «يوسا» معترك الحياة وهو لا يزال صغيرًا، فلم يعرف أن والده على قيد الحياة إلا وهو فى سن العاشرة، إذ كان يعيش فى كنف جده لأمه، وهو فى هذا يتشابه مع صديقه ماركيز، الذى تحوّل إلى عدو فيما بعد، وعاش «يوسا» فى مدارس داخلية وهو طفل، وقاسى صرامة نظامها، وانطلق ليعيش فى شبابه حياة بوهيمية.
وتزوّج أخت زوجة خاله جوليا أركويدى ثمانية أعوام، وهو فى التاسعة عشرة من عمره، بينما كانت هى فى الثالثة عشرة من عمرها.
كان قارئًا نهمًا، مما أهله للعمل فى الصحافة بعد أن كان قد التحق طالبًا فى الأكاديمية العسكرية ليونثيو برادو، مدرسة ليما العسكرية، التى أكسبته لقب العسكرى الذى عُرف به بين أصدقائه، وبعدما درس العلوم العسكرية حاز شهادة ليسانس فى الآداب من جامعة سان ماركو فى ليما، ثم حصل على منحة مكّنته من مواصلة دراساته حتى حصل على دكتوراه من مدريد.
عمل «يوسا» بالتدريس فى جامعتى لندن وكامبريدج، كما عاش مدة من حياته فى برشلونة وباريس، وقال فى حوار صحفى إنه عمل فى البداية أستاذًا للغة الإسبانية فى مدرسة بارليتز «باريس»، ثم انتقل إلى الصحافة، فعمل فى وكالة الأنباء الفرنسية، ثم الإذاعة والتليفزيون الفرنسيين بعد أن وسع «ديجول» أمواج بثّ الإذاعة الموجّهة إلى إسبانيا، وتأسيس إذاعة موجّهة إلى أمريكا اللاتينية.
أحب باريس وانفتاحها، وانتعاش الحياة الثقافية فيها، حيث تتزاحم أعمال «بيكت، ويونيسكو، وفيلار، ويارو، وبوليز، وناتالى ساروت، وكلود سيمون»، وكشف عن غرامه بالأدب الفرنسى، إذ بدأ القراءة باللغة الفرنسية مع قراءة «جيل فارن، وفيكتور هوجو»، واكتشف فى باريس أدب أمريكا اللاتينية، وقال إنه تعرف هناك على أعمال «كورتازار، وكارلوس فوانتيس، وأوكتافيو باث، وميجال أنخيل أستورياس»، كتب أكثر من مرة عن إعجابه الشديد ببورخيس رغم أن كتابته بعيدة كل البعد من كتابته، وشياطينه غريبة عن شياطينه، أما انجذابه الأول فكان لصاحب الفرسان الثلاثة ألكسندر دوما، ثم لهمنجواى، وفيتزجيرالد، وفوكنر، والأخير كان يقرأه كما قال والقلم فى يده، ليكتب الملاحظات على الهامش محاولًا فهم آليات كتابته، كما كان لدوس باسوس تأثير كبير فى كتابته، إلى جانب إعجابه بكتّاب القرن التاسع عشر الفرنسيين، خصوصًا فلوبير، وقد تأثر بعده بسارتر، وكامى، ومالرو.
كان مرتبطًا مثل عظماء الكتابة بـ«ألف ليلة وليلة»، وأصدر طبعة خاصة منقحة ومحرّرة منها، بوصفها جنسًا أدبيًا عريقًا كان له فضل الريادة فى ابتكار القصص وسردها من أجل تحقيق السعادة للبشرية، مشيرًا إلى أنها الرسالة الحقيقية للأدب التى تكمن فى المقاومة الدائمة للحزن والتعاسة والإحباط، وكان يعتقد أن أهم ما تحمله رواية «ألف ليلة وليلة» من معانٍ يكمن فى «التوظيف الإنسانى الأكثر تحضّرًا ومدنيةً للخيال».
جمعت الصداقة الحميمة بين ماركيز و«يوسا»، وكان اتفاقهما على الإعجاب بثورة فيدل كاسترو فى كوبا من القواسم المشتركة، إلا أن «يوسا» انقلب على الثورة لاحقًا، بل اتّهم صاحب «مائة عام من العزلة» بأنه خانع لكاسترو. وقد توتّرت علاقتهما بسبب طلب ماركيز شطب اسمه من بيان إدانة كاسترو لمحاكمته الشاعر هيربرتو باديلا الذى نُشر فى «لوموند» عام ١٩٧١م بتوقيع مثقفين يساريين فى أوروبا، منهم: «خوان غويستيلو، وسارتر، ودو بوفوار، وكورتازار، وباراجاس يوسا». وكان بيلنيو ميدونزا قد وقّع على هذا البيان نيابةً عن ماركيز واثقًا أنه سيوافق عليه، لكن حدث ما لم يكن متوقعًا، وأنكر ماركيز البيان، وأعلن رفضه له، ومع هذا الشأن العام، كان هناك شأن خاص هو سبب القطيعة بين الصديقين؛ فقد ظلّ «يوسا» يظنّ أن صديقه سبب المشاكل بينه وبين زوجته باتريشا، ويحرّضها على الطلاق، وكان من نتيجتها أن ضرب «يوسا» صديقه وأفقده وعيه عام ١٩٧٦ فى مكسيكو سيتى.
محترف الكتابة كما يقول «يوسا» هو شخص يستخدم اللغة فقط كأداة، أداة يوصل من خلالها رسالة، أى نوع من الرسائل التى يمكن نقلها، أما الكاتب فهو الشخص الذى يتعامل مع اللغة كغاية، كشىء له مبرر وجوده فى حد ذاته، هذا التفريق له ما يبرره، وهذا تمييز جيد بين الكاتب الحرفى «الآلة» والكاتب المبدع، إذا وجدت فى الكتابة تعويضك ومكافأتك وإشباعك بغض النظر عن الناتج فأنت إذن كاتب مبدع، لكن إذا كنت صاحب صنعة وتستخدمها لإنتاج دعاية سياسية أو دينية أو للترويج لمقولات تطرب المشاهد فأنت سيناريست، الصنعة عنده أهم من الإلهام.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المرة الأولى.. قصيدة للشاعر محمد راضى
المرة الأولى.. قصيدة للشاعر محمد راضى

اليوم السابع

timeمنذ 14 دقائق

  • اليوم السابع

المرة الأولى.. قصيدة للشاعر محمد راضى

ننشر قصيدة المرة الأولى للشاعر محمد راضى. بتطير وعيونها الوردة بتلاغي حمام زيّ الأفلام الأبيض وأسود بتِحِسّ بأُلفه وشعور دافي تفاصيل هتعيشها بدون ترتيب وتشوف العالَم بُرنيطه ويكون كافي وحدك هتِحِسّ وهتِخَبِّي وعينيك فَضّاحاك وحديها بتعيش زيّ الفراشات ملكة بتِربّع على الضحكه في بلاد الصمت بالوقت هتعرَف... إنها مزيكا في فندق ع النيل أول مراسيل لكافكا أول إهداء في رسايله وتكون أول واحد غرقان في جَمايلها المرة الأولى وعمايلها ضحكتها الطفلة اللي بتِخطف في مقارنه ما بينها وبين مَشهد لسعاد حسني وهي بتضحك والمخرج هيشدّ في شعره ويقول: "كانت فين؟" في مؤشّر بيقول نجمة سينما وجوايز أوسكار للحلوين ولا عَدّى فـ باله يكتب نَصّ بتدور الفكره لكن يفشل وفي قلبه حنين في دقايق بتمرّ بسرعة وثواني بتمرّ سنين ومدينه وباب من أقصاها سيناريست بيسعى لفيلم جديد في بدايته حمام بيطير وجناح بيعبر عن سعيه السُوّاح ويحط شروط اتنين مجانين ناسين الواقع والعاده وتقليد الأيام مش شرط السِن ولا حتى الألوان في حاجات تِستاهل تمسكها وحاجات بالقيم ممكن ترميها أوام فـ تألّف بيكون بالفِطره وتألّف بيكون أوهام ولذلك كانت بتطير وعينيها الورده بتلاغي حمام زيّ الأفلام الأبيض وأسود محمد راضي

ثقافة : ذاكرة اليوم.. جمال عبد الناصر يغلق خليج العقبة عام 1967 ووفاة هنريك إبسن
ثقافة : ذاكرة اليوم.. جمال عبد الناصر يغلق خليج العقبة عام 1967 ووفاة هنريك إبسن

نافذة على العالم

timeمنذ 31 دقائق

  • نافذة على العالم

ثقافة : ذاكرة اليوم.. جمال عبد الناصر يغلق خليج العقبة عام 1967 ووفاة هنريك إبسن

الجمعة 23 مايو 2025 07:30 صباحاً نافذة على العالم - وقعت فى يوم 23 مايو العديد من الأحداث المهمة التى غيرت خريطة العالم، حيث ولد فى مثل هذا اليوم العديد من نجوم الفن والسياسة والأدب وفى شتى المجالات، ورحلت أيضا عنا شخصيات أدبية وسياسة وفنية بارزة، كما يصادف اليوم الاحتفال بمناسبات سنوية بشكل دورى، وهذا ما نستعرضه خلال التقرير التالى. أحداث 822 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله يتولى الحكم في الأندلس بعد وفاة جده الأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن. 1524 - طهماسب الأول يجلس على عرش الدولة الصفوية خلفًا لأبيه الشاه إسماعيل الأول. 1915 - إيطاليا تعلن الحرب على ألمانيا وتنضم إلى الحلفاء وذلك بعد إعلان الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب عليها وذلك في الحرب العالمية الأولى. 1918 - كوستاريكا تعلن الحرب على ألمانيا وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى. 1926 - إعلان قيام الجمهورية اللبنانية وذلك بعد إقرار مجلس الممثلين للدستور. 1967 - الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر يعلن إغلاق خليج العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية، وكان هذا الإغلاق سببًا في نشوب حرب 1967. 1989 - بدء أعمال مؤتمر القمة العربية السابع عشر في الدار البيضاء والذي حضرته مصر لأول مرة بعد المقاطعة العربية. مواليد 1707 - كارولوس لينيوس، عالم نبات سويدي. 1891 - بار لاغركفيست، أديب سويدي حاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1951. 1908 - جون باردين، عالم فيزياء أمريكي حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1956 وعام 1972. 1988 - محمد رمضان، ممثل مصري. وفيات 1333 - هوجو تاكاتوكي، حاكم ياباني. 1498 - سافونارولا، حاكم فلورنسا. 1524 - إسماعيل الصفوي، شاه إيران ومؤسس الدولة الصفوية. 1906 - هنريك إبسن، كاتب مسرحي نرويجي. 1993 - زينب صدقي، ممثلة مصرية. أعياد ومناسبات اليوم العالمي للسلحفاة.

ثقافة : ذكرى ميلاد أحمد فؤاد نجم.. تعرف على أبرز أعماله
ثقافة : ذكرى ميلاد أحمد فؤاد نجم.. تعرف على أبرز أعماله

نافذة على العالم

timeمنذ 11 ساعات

  • نافذة على العالم

ثقافة : ذكرى ميلاد أحمد فؤاد نجم.. تعرف على أبرز أعماله

الخميس 22 مايو 2025 07:31 مساءً نافذة على العالم - تحل، اليوم، ذكرى ميلاد الفاجومى أحمد فؤاد نجم صاحب القصائد السياسية النارية والثنائية الشهيرة مع الشيخ إمام عيسى التى كونا عبرها فرقة غنائية انتشرت أغانيها في الوطن العربي. بدأ أحمد فؤاد نجم حياته الشعرية فى فترة الخمسينيات، وتعرف على الشيخ إمام عيسى عام 1962، وكانت باكورة أعمالهم الفنية أغنية "أنا أتوب عن حبك أنا"، وخلال فترة الخمسينيات اعتقل أحمد فؤاد نجم وذهب إلى السجن بتهمة التزوير، وهناك استطاع أن يلتقى بعدد من سجناء الرأى الذين كانوا بمعظمهم من الشيوعيين، وهكذا كان يستمع إلى مناقشاتهم وحواراتهم، بالإضافة إلى ما كانوا يلقونه من قصائد، وخصوصًا للشاعر "فؤاد حداد"، وقد أورد نجم خلاصة تجربته فى السجن فى ديوانه الأول "صور من الحياة والسجن". أصدر الفاجومي مجموعة كبيرة من الدواوين الشعرية التي يتناقلها الكثيرون حتى الآن، شارك وهو في السجن في مسابقة الكتاب الأول تحت رعاية المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون، وعلى إثرها فاز بجائزة المسابقة، استطاع أن يصدر بعدها الديوان الأول له بعنوان "من شعر العامية المصرية "وتم نشر الديوان وكان ما يزال بالسجن، وكتبت مقدمة الديوان الكاتبة سهير القلماوى. ومن أبرز إصداراته: " كلام على سفر - بيان هام – نوارة - أغنيات الحب والحياة - الفاجومي (سيرة ذاتية) - الأعمال الشعرية الكاملة" ومن أشهر قصائده "يعيش أهل بلدي، جائزة نوبل، الأخلاق، الخواجة الأمريكاني، استغماية، الأقوال المأثورة، هما مين واحنا مين، الكلمات المتقاطعة، جيفارا مات، حسبة برما، بابلو نيرودا، تذكرة مسجون".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store