logo
بيان نداء: ندعو الاتحاد الأوروبي إلى تأييد كونفدرالية لدولتي إسرائيل وفلسطين في وطن واحد

بيان نداء: ندعو الاتحاد الأوروبي إلى تأييد كونفدرالية لدولتي إسرائيل وفلسطين في وطن واحد

النهار٠٧-٠٥-٢٠٢٥

انضم عدد من الناشطين والسياسيين والكتاب اللبنانيين إلى مبادرة أطلقتها مجموعة من قياديي الرأي في أوروبا تضم آني إرنو، الكاتبة وجائزة نوبل في الأدب عام 2022 و أولغا توكارتشوك ، الكاتبة وجائزة نوبل في الأدب عام 2018 والاقتصادي توماس بيكتي وعالمة الاجتماع جيزيل شابيرو، وساري حنفي أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت ، وشبلي ملاط، المحامي والكاتب، في بيان تأسيسي أطلقوه في صحيفة لوموند في 29 نيسان/أبريل بعنوان " إسرائيل وفلسطين في وطن واحد" باللغتين الفرنسية والإنكليزية. وقع على هذا المقال 121 ناشطاً وسياسياً وكاتباً ، مستوحين بيان ال 121 التاريخي الذي دعا في عام 1960 إلى إنهاء استعمار الجزائر.
ويرتكز البيان على تحرك واسع من فلسطينيي الداخل ويهود إسرائيليين في السنتين الماضيتين تُرتّبه قانونيا ضرورةُ العيش المشترك الذي فرضه التاريخ على الشعبين في دولتين بسيادة وتساوي في الحقوق في اطار كونفدرالي عليهم ابتكاره.
وتنشر "النهار" البيان بنصه الكامل، وقد زاد الموقعون على 400 شخصية من أكثر من ٣٠ دولة، وجاء كالتالي:
"على الاتحاد الأوروبي أن يدعم بلا تردد التحول السياسي نحو مستقبل عادل وسوي بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال اتحاد كونفدرالي من دولتين بسيادة. هكذا كونفدرالية، التي تبني على مبادئ بلاد مفتوحة للجميع (A Land for All)، تقوم على أساس المساواة السياسية الكاملة، والاعتراف المتبادل، وحرية التنقل، والقدس المشتركة، وآلية عودة اللاجئين من خلال التعاون وليس الانفصال.
وبينما تدمّر الحرب حياة الفلسطينيين والإسرائيليين، وتعاني المجتمعات اليهودية والفلسطينية في جميع أنحاء العالم من الألم والخوف والحزن، نعتقد أنه يجب على أوروبا أن تتصرف بشجاعة ووضوح. حركة بلاد مفتوحة للجميع (دولتان في وطنhomeland ) هي حركة سياسية تضم فلسطينيين وإسرائيليين من جميع أنحاء الوطن.
وصلت دوامة الحرب والاحتلال والنزوح المستمر إلى انهيار سياسي وأخلاقي لا قاع له، وسمح دعم المجتمع الدولي المستمر للوضع الراهن - سواء كان ضمنياً أو صريحاً - بتأصيل العنف والإفلات من العقاب والاستبداد. لم يعد كافياً إدانة الفظائع أو التعبير عن دعم "حل الدولتين" بشكل هيولي. المطلوب هو دعم ملموس لأفق سياسي جديد: أفق متجذر في العدالة والكرامة والإنسانية المشتركة بين الشعبين.
الترابط العميق
يوفر نموذج الكونفدرالية - دولتان في وطن واحد - هذا الأفق. إنه إطار عملي مدروس بعمق أنشأه فلسطينيون وإسرائيليون يعملون معاً، ويستند إلى القانون الدولي والواقع المعاش. وتثبيتاً لالتزامنا بالقانون الدولي والاعتراف بحقائق الحالة الراهنة، نقدم مساراً عملياً للمضي قدماً: الشعبان يشعران بارتباط عميق بالأرض - وهذا لن يتغير. يجب الاعتراف بهذا الارتباط، وأي عملية سياسية يجب أن تبدأ من الواقع الحالي، وليس من الأطر الدبلوماسية العائدة ل30 عاما أيام اتفاقات أوسلو.
يعالج هذا النموذج الجمود الطويل حول المياه والمستوطنات واللاجئين والقدس - ليس من خلال تأجيل حلّها، إنما من خلال تقديم حلول عملية وتعاونية منذ اليوم الأول. ويرتكز على واقع الحياة المتشابكة والترابط العميق بين الفلسطينيين والإسرائيليين - في الاقتصاد والمناخ والموارد الطبيعية والقدس والوطن نفسه. حتى الأمن والتكامل الإقليمي يعتمدان على التعاون المتبادل بدلاً من سيطرة فئة على الأخرى. توفر بلاد مفتوحة للجميع إطاراً واقعياً موجهاً نحو المستقبل يستجيب لهذه التحديات والروابط المشتركة.
نؤكد ونعزز القول بالفعل: الصلة بين الدفاع عن منظومة القوانين الدولية وحقوق الإنسان والدفاع عن حقوق الفلسطينيين في الحرية وتقرير المصيرهو ما فشل المجتمع الدولي منذ فترة طويلة في ضمانه. لا استقرار دولي حقيقي بدون تثبيت حقوق الفلسطينيين: هذا الفراغ يقوض النظام الدولي برمته.
من واجب الاتحاد الأوروبي تاريخيا وسياسيا وأخلاقيا أن يكون قدوة في دعم هذا التحول. لقد عاشت أوروبا الدمار الناجم عن صراع القوميات وأثبتت قوة التكامل في المقابل. وبُني الاتحاد الأوروبي على الوعد بأن تحلّ السيادة المشتركة والتعاون محل الحرب. لابدّ الآن من تطبيق هذا الدرس خارج حدودها، وخاصة في منطقة لعبت فيها أوروبا دورا حاسما لفترة طويلة.
الأساس الواقعي الوحيد
الاتحاد الكونفدرالي هو الأساس الواقعي الوحيد للأمن والتنمية الاقتصادية والرفاهية والاستدامة البيئية على المدى الطويل لجميع الإسرائيليين والفلسطينيين. يمنع الاتحاد الكونفدرالي المزيد من دوامات التجريد من الإنسانية ويمكّن الشعبان من العيش بكرامة وسلام. أما الاستمرار في دعم الحكومات التي تعطي الأولوية للتوسع والاحتلال والسيطرة على الحياة ونبذ المساواة فهو خيانة أوروبا لقيمها التأسيسية.
ندعو الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف مبدئي وشجاع من أجل السلام والعدالة والمساواة في الوطن المشترك لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين. الموقف هذا يعني تأييد النموذج الكونفدرالي علناً كبديل قابل للتطبيق وعادل يتمتع برؤية للوضع الراهن المتداعي؛ يعني الاعتراف بدولة فلسطين ليس كبادرة رمزية، بل كخطوة تحويلية نحو إنهاء الاحتلال وتمكين السيادة السوية؛ يعني استخدام النفوذ الاقتصادي والديبلوماسي لأوروبا اتخاذ تدابير فورية وجذرية لوقف الحرب والتوسع، والتحفيز على خطوات ملموسة نحو المساواة، بما في ذلك دعم تعاون ثنائي القومية؛ يعني تقوية المبادرات الشعبية ومبادرات المجتمع المدني التي تعزز السلام والمقاومة الديمقراطية والحكم المشترك والاعتراف المتبادل والعمل الجادّ للعدالة الانتقالية.
اليوم ليس يوم الصمت أو الغموض. على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفاً من أجل السلام وضدّ الهيمنة، والمساواة ضدّ الاضطهاد، من أجل مستقبل مشترك بين الشعبين أصولُهُ العدالة. انتهى عصر الحياد. حان الوقت للقيادة الأوروبية!"
أول الموقعين: آني إرنو ، كاتبة وجائزة نوبل في الأدب عام 2022. ساري حنفي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت. فرانسوا هيران ، أستاذ في كوليج دو فرانس. سيسيل لابورد ، أستاذة النظرية السياسية في جامعة أكسفورد. شبلي ملاط، محامي وأستاذ فخري في القانون بجامعة يوتا. فلوريان ماينل، أستاذ القانون الدستوري في جامعة غوتنغن؛ صموئيل موين ، أستاذ القانون والتاريخ في جامعة ييل. توماس بيكيتي ، أستاذ الاقتصاد في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية وكلية باريس للاقتصاد وأستاذ في كلية باريس للاقتصاد. كينيث بوميرانز ، أستاذ التاريخ بجامعة شيكاغو. جولي رينغلهايم ، أستاذة القانون في جامعة لوفان. جيزيل سابيرو، أستاذة علم الاجتماع في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية والمركز الوطني للبحث العلمي. سفيتلانا سلابساك ، أستاذة أنثروبولوجيا العوالم القديمة. أبرام دي سوان ، أستاذ فخري للعلوم الاجتماعية في جامعة أمستردام. أولغا توكارتشوك ، كاتبة وجائزة نوبل في الأدب عام 2018 ؛ داغ توستاد ، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوسلو.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كايا كالاس تشيد بـ"حب ترامب القاسي" في مجال الدفاع
كايا كالاس تشيد بـ"حب ترامب القاسي" في مجال الدفاع

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 11 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

كايا كالاس تشيد بـ"حب ترامب القاسي" في مجال الدفاع

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، السبت، أن الدول الأوروبية تعزز إنفاقها الدفاعي بدفع من الرئيس دونالد ترامب، وحضت على تمتين العلاقات أكثر بين الحلفاء للتصدي للقوة الاقتصادية للصين. وجاء كلام كالاس خلال منتدى شانغريلا الدفاعي في سنغافورة وفي سياق ردها على خطاب وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث الذي وصف إصرار ترامب على زيادة الإنفاق العسكري بأنه "حب قاس". وقالت كالاس ممازحة عندما سئلت في وقت لاحق عن خطاب هيغسيث "ومع ذلك، إنه حب، لذا فهو أفضل من اللاحب". وأكدت أن العلاقة بين بروكسل وواشنطن لم تنقطع يوما، قائلة إنها تحدثت إلى هيغسيث الجمعة. وتابعت: "سمعتم خطابه. كان في الواقع إيجابيا جدا بشأن أوروبا، لذا يوجد هناك بالتأكيد بعض الحب". ما مدى قدرة أوروبا على الصمود في مواجهة مطالب ترامب؟ ويضغط ترامب باستمرار على دول حلف شمال الأطلسي لزيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى نسبة 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، محذرا من أن واشنطن لن تتسامح بعد الآن مع "الطفيليين"، على حدّ وصفه. وفي معرض حديثها أوضحت كالاس أن: "هناك بلدانا مختلفة في أوروبا، وبعضنا أدرك منذ وقت طويل أننا بحاجة إلى الاستثمار في الدفاع"، مشيرة إلى إعادة تصور النموذج الاوروبي باعتباره "مشروع سلام مدعوم بدفاع قوي". وأضافت: "ما أريد التأكيد عليه هو أن أمن أوروبا وأمن المحيط الهادئ مترابطان إلى حد كبير". وأعطت كالاس أوكرانيا كمثال حيث يقاتل ضدها جنود من كوريا الشمالية وتقوم الصين بتزويد عدوتها روسيا بالمعدات العسكرية. وأشارت إلى أنه "كانت هناك بعض الرسائل القوية جدا في خطاب وزير الدفاع الأميركي بشأن الصين"، مضيفة "أعتقد مرة أخرى أنه إذا كنت قلقا بشأن الصين، فيجب أن تقلق بشأن روسيا". وخالفت كالاس الرأي القائل بأن واشنطن تركز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما تُركز أوروبا على منطقتها الخاصة. وبيّنت أنه لا يمكن مواجهة الهيمنة الاقتصادية للصين إلا بالتعاون مع "شركاء مُشابهين في التفكير مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

بيان قطري - سعودي: دعم مالي للقطاع العام في سوريا لمدة 3 أشهر
بيان قطري - سعودي: دعم مالي للقطاع العام في سوريا لمدة 3 أشهر

النهار

timeمنذ 15 ساعات

  • النهار

بيان قطري - سعودي: دعم مالي للقطاع العام في سوريا لمدة 3 أشهر

أعلنت قطر والسعودية اليوم السبت عن تقديم دعم مالي مشترك للعاملين في القطاع العام بسوريا لمدة 3 أشهر. وقال بيان مشترك للبلدين إن هذا الدعم يأتي ضمن جهود البلدين في دعم وتسريع وتيرة تعافي الاقتصاد السوري، وامتدادا لدعمهما السابق في سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، والتي بلغت نحو 15 مليون دولار. وأضاف البيان أن الدعم يأتي أيضا في إطار حرص قطر والسعودية على دعم استقرار سوريا، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز مصالح الشعب السوري، انطلاقا من الروابط الأخوية والعلاقات التاريخية التي تجمع بين شعوب الدول الثلاث. كما أعربتا عن تطلعهما إلى تنسيق الجهود مع المجتمع الدولي بشكل عام، وشركاء التنمية من المنظمات الإقليمية والدولية بشكل خاص، في إطار رؤية واضحة وشاملة، تسهم في تحقيق الدعم الفاعل والمستدام، وتعزيز فرص التنمية للشعب السوري. وفي وقت سابق اليوم، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن المملكة ستقدم مع قطر دعما ماليا مشتركا لموظفي الدولة في سوريا. وأضاف الأمير فيصل خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري أسعد الشيباني في دمشق: "المملكة ستقدم بمشاركة دولة قطر دعما ماليا مشتركا للعاملين في القطاع العام بالجمهورية العربية السورية". ولم يوضح حجم هذا الدعم المالي الذي ستقدمه الرياض والدوحة لكن هذا الإجراء يشبه خطوة مماثلة اتخذتها قطر لدعم القطاع العام في سوريا. وتأتي زيارة الوزير السعودي بعد نحو أسبوعين من إعلان الولايات المتحدة على نحو مفاجئ رفع العقوبات عن الحكومة السورية. واتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا القرار خلال جولة له بمنطقة الشرق الأوسط هذا الشهر، وقال إن القرار جاء بناء على طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي تعد بلاده من أبرز الداعمين لرفع العقوبات. كما رفع الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة عقوبات اقتصادية عن سوريا. وأشار الوزير السعودي إلى دور بلاده في المساعدة في رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، قائلا إن السعودية ستظل أحد الداعمين الرئيسيين لدمشق في مسيرتها نحو إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي. وأضاف أنه يرافقه وفد اقتصادي رفيع المستوى من المملكة لإجراء محادثات مع الجانب السوري لتعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات. وذكر أن رجال أعمال سعوديين سيزورون سوريا خلال الأيام المقبلة لمناقشة الاستثمارات في الطاقة والزراعة والبنية التحتية وغيرها من القطاعات. في غضون ذلك، توجه الشيباني بالشكر للسعودية على دورها في رفع العقوبات، قائلا إن هذه الخطوة "ليست سوى بداية، فالعمل الحقيقي قد بدأ الآن، وبدأت حكومتنا فعلا باتخاذ خطوات جادة لإعطاء الأولوية لتوفير الخدمات الأساسية في جميع المحافظات". وأضاف: "قبل يومين وقعنا اتفاقية كبرى في مجال الطاقة ستعيد النور إلى سوريا"، مشيرا إلى أن دمشق والرياض "تدخلان في مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك". وتسعى القيادة السورية إلى تعزيز العلاقات مع الزعماء العرب والدول الغربية بعد سقوط الأسد على يد هيئة تحرير الشام بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع. وتأمل في أن يساعدها تدفق المساعدات والاستثمارات الخليجية، بعد رفع العقوبات الاقتصادية، على إعادة بناء الدولة التي مزقها الصراع. ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن مصدر في مكتب الرئيس السوري أن الشرع سيزور الكويت غدا الأحد بناء على دعوة من أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. وأضاف المصدر أن من المقرر أن يبحث الشرع في أول زيارة رسمية له إلى الكويت التعاون المشترك في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية.

ترامب سعى للتأثير عليها... الانتخابات الرئاسية في بولندا مقياس لموجة الشعبوية في أوروبا
ترامب سعى للتأثير عليها... الانتخابات الرئاسية في بولندا مقياس لموجة الشعبوية في أوروبا

النهار

timeمنذ 20 ساعات

  • النهار

ترامب سعى للتأثير عليها... الانتخابات الرئاسية في بولندا مقياس لموجة الشعبوية في أوروبا

في انتخابات رئاسية محتدمة، تواجه بولندا خيارًا مصيريًا بين مرشّحين، هما عمدة ليبراليّ مؤيّد لأوروبا في مقابل محافظ قوميّ متشدّد، وسط محاولة تأثير من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وترقّب أوروبي حذر لمآلات التصويت. وتقترب نتائج استطلاعات الرأي بينهما إلى درجة أنه من المستحيل التنبّؤ بنتيجة الجولة الثانية يوم الأحد. ورغم الشؤون الداخلية لبولندا، ألقى ترامب بثقله وراء المرشّح القومي كارول ناوروكسي، ووعد بتوثيق العلاقات العسكرية إذا اختاره البولنديون على رئيس بلدية وارسو الليبرالي رافاو تراسكوفسكي. منافسة ذات تداعيات عالمية التقى ترامب مع ناوروكسكي في وقت سابق من هذا الشهر في البيت الأبيض، وأرسل وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم إلى اجتماع لمجموعة الضغط المحافظة CPAC في بولندا، حيث أعربت عن تأييدها القويّ له، بل أشارت إلى احتمال توثيق العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وبولندا إذا فاز ناوروكسكي، مع تلميح إلى أن فوز تراسكوفسكي قد يعرّض أمن بولندا للخطر. ولا تضع هذه الانتخابات مستقبل بولندا الداخلي على المحك فحسب، بل المكانة الدولية لعضو رئيسي في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي على الجناح الشرقي للحلف، في منطقة تسيطر عليها المخاوف من حرب روسيا في أوكرانيا. يقول أنصار ترزاسكوفسكي إن زعيماً مؤيداً لأوروبا سيعزز مكانة بولندا على الساحة الدولية، في وقت تشهد فيه أوروبا حرباً. أما أنصار ناوروكسكي فيعتقدون بأن الحكم المحافظ وحده هو الذي يمكن أن يحمي السيادة الوطنية والقيم المسيحية التقليدية، ويقولون إن دعم ترامب سيعزّز أمن بولندا بشكل كبير. من يُحدد النتيجة؟ المرشح الذي قد يحدّد النتيجة في نهاية المطاف هو مرشح لن يظهر في جولة الإعادة. سلاوومير مينتزن سياسي يميني متطرّف، يبلغ من العمر 38 عامًا، ومنتج جعة من مدينة تورون الواقعة في وسط البلاد، احتلّ المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات، التي جرت في 18 أيار/مايو، بحصوله على ما يقرب من 15% من الأصوات. وعلى الرغم من خروجه من السباق، أصبح أنصاره، وأغلبهم من الشباب المناهضين للمؤسسة الحاكمة ومن المتشكّكين بشدّة في كل من بروكسل والمؤسسة السياسية البولندية، من أكثر الناخبين سعيًا وراءهم في البلاد. يبرز نفوذه تحولًا أوسع في السياسة البولندية، حيث أصبح اليمين المتطرف، الذي كان يعتبر في السابق قوة هامشية، يؤثر بشكل متزايد على الأجندة الوطنية، كما أنه جزء من اتجاه أوسع نطاقًا يتمثل باكتساب الأحزاب اليمينية المتطرّفة زخمًا في جميع أنحاء أوروبا. تفوّق تراسكوفسكي، عمدة وارسو والمرشح عن التحالف المدني الحاكم بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك، على منافسه كارول ناوروكسكي، المرشح عن حزب "القانون والعدالة" المتشكك في الاتحاد الأوروبي، في الجولة الأولى من الانتخابات. ويخوض الرجلان الآن جولة إعادة محتدمة يوم الأحد. ستؤدّي الانتخابات إمّا إلى تمكين تاسك، وهو إصلاحي مؤيد للاتحاد الأوروبي، من خلال حليف رئاسي، وإمّا إلى إثقال كاهله بمنافس يُمكنه استخدام حقّ النقض ضد التشريعات وعرقلة مبادرات الحكومة. وتحظى الانتخابات باهتمام كبير في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، حيث استسلمت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد، بما في ذلك المجر وسلوفاكيا، للحكم الشعبوي، وتشجّعت القوى اليمينية المتطرفة بعودة ترامب إلى البيت الابيض. وقد تكون الانتخابات البولندية اختبارًا حقيقيًا لمدى صمود اليمين المتطرف في وسط وشرقي أوروبا. وفي حين حققت الأحزاب الوسطية التقليدية انتصارات ضئيلة في الانتخابات الأخيرة في رومانيا والبرتغال، حصل اليمين المتطرف على دعم كبير. قد يكون لنتيجة الانتخابات البولندية تداعيات على الأمن الأوروبي بشكل عام. فقد برزت بولندا كطريق إمداد رئيسية للأسلحة والمساعدات الغربية إلى أوكرانيا بعد الغزو الروسي، وفتحت حدودها لملايين اللاجئين. ما الذي تراهن عليه بولندا في هذه الانتخابات؟ وظيفة الرئيس في بولندا هي وظيفة شرفية إلى حد كبير، لكن القدرة على نقض التشريعات تجعل الرئاسة منصبًا حاسمًا بالنسبة للأحزاب الحاكمة. يمكن للرؤساء في بولندا أن يخدموا لفترتين رئاسيتين كحد أقصى، مدة كل منهما خمس سنوات؛ لذا فإن انتهاء ولاية الرئيس أندريه دودا، الذي أعاق استخدامه لحق النقض أجندة تاسك الداخلية، يمثل فرصة لرئيس الوزراء. إذا فاز تراسكوفسكي، فإن احتمال استخدام حق النقض الرئاسي سيكون أقلّ بكثير. أما فوز ناورتسكي فقد يؤدي إلى إضعاف ائتلاف تاسك. بالإضافة إلى حق النقض، يوقّع الرئيس أيضًا على تعيين السفراء، وهو مجال آخر جعل فيه دودا من الصعب على الحكومة العمل. كذلك يمثل بولندا في قمم حلف شمال الأطلسي، وهو دور مهم بالنظر إلى قرب البلاد من الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ ويقوم بتعيين محافظ البنك المركزي. قضايا الحملة الانتخابية لدى المرشّحين رؤى مختلفة تمامًا لمكانة بولندا في العالم: ترازاسكوفسكي: - تركّز حملة ترازاسكوفسكي، الذي خسر الانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل أمام دودا قبل خمس سنوات، على قضايا الأمن، مع تبني موقف أكثر يمينية بشأن الهجرة وأمن الحدود. - يؤيد ترازاسكوفسكي، البالغ من العمر 53 عامًا، دورًا أكبر لأوروبا في الدفاع مع الحفاظ على علاقات وثيقة بين وارسو وواشنطن. - جعل سنواته على رأس العاصمة البولندية المتنامية حجر الزاوية في حملته الانتخابية، وهو معروف بآرائه التقدمية بشأن حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، ودفاعه عن إلغاء قانون الإجهاض الصارم في بولندا. ناوروكسكي: - لم يكن ناوروكسكي، الملاكم السابق والرئيس الحالي للمعهد الوطني للذاكرة الوطنية الذي يحقق في جرائم العهد النازي والشيوعي، معروفًا على نطاق واسع قبل هذه الانتخابات الرئاسية. - سعى إلى النأي بنفسه عن إدارة حزب القانون والعدالة السابقة من خلال انتقاد بعض القيود التي فرضتها خلال جائحة كورونا. - يرى أن أميركا هي الحليف الوحيد الموثوق به لبولندا. - متشكك من الاندماج في الاتحاد الأوروبي، وأعطى صوتًا للمشاعر المعادية لأوكرانيا المتصاعدة في بعض قطاعات المجتمع البولندي. - يتبنى القيم الكاثوليكية التقليدية، التي يقول إنها مهددة، ويختلف بشدة مع منافسه في قضايا زواج المثليين والإجهاض، التي يرفضها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store