
حين تُعمي السياسة البصيرة
د.رشيد حميمز
أستاذ جامعي باحث
نادراً ما تجد شخصيةً سياسيةً تملك قلبًا يُدرك أنه لا يكتفي بذاته. والسبب بسيط: فغالبًا ما تكون أقوالها وأفعالها وصمتها محكومةً بالحسابات، والاستراتيجيات، وحرصها على صورتها، وسعيها إلى نيل القبول في الدوائر التي تتحرّك فيها. حسابٌ لا يعرف توقفًا ولا راحة — حتى حين تظنّ أنها تتصرّف بعفوية.
أما القلبُ المتوجّه إلى ربّه، فلا يرتجف خوفًا من فقدان منصبٍ، أو امتيازٍ، أو سمعة. لا يسعى لحماية صورته، بل لأن يكون صادقًا. لا يُراوغ، ولا يحسب، بل يفسح لذاته أن تكون — بلا قناع، بلا تصنّع، ظاهرًا كما هو. لا يبتغي رضا الناس، بل يُخلص للنور الذي يسكنه.
كما كان يقول الشيخ الصوفي سيدي حمزة، في مجرى معاكس لحسابات السياسة :
«نحن نبحث عن كراسٍ لا تبلى.»
تذكرةٌ بأن السعي الروحي يتجه إلى ما لا يفنى، إلى مقعدٍ عند الحقّ لا يعرف الزوال،
في حين تُرهق السياسة نفسها في التشبث بكراسٍ مآلها البِلى والانقضاء
كان يمكن للسياسة أن تكون شيئًا آخر، لكنها في أغلب الأحيان ليست كذلك.
وكما بيّن الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن بدقّة، فقد أقصت القيم من مجالها باعتمادها — من غير تصريح — مبدأ:
«ما لله لله، وما لقيصر لقيصر».
أي إنها تعمّدت الانفصال عن كل مطلبٍ روحي، فآثرت الحساب على الورع، والسلطة على الحقيقة.
لعلّ قائلًا يعترض بأنّ الانفصال عن الدين لا يعني بالضرورة القطيعة مع القيم الأخلاقية. غير أن الواقع يُكذّب هذا الادعاء. فقد أظهرت الوقائع الحديثة بجلاء أن القيم التي يُدّعى عالميتها — والمنبثقة خصوصًا عن فكر التنوير والثورة الفرنسية — تنهار سريعًا عند أول تصادم مع المصالح الجيوسياسية أو العنصرية أو الاقتصادية.
حينها، تُنحّى بلا حرج، ويُقلَب عليها ظهر المجنّ، بحسب ما تقتضيه اللحظة وموازين القوة.
ومع غياب المرجعية المتعالية التي لا يثبتها إلا الوحي — أي منظومة قيم لا تفسدها المصالح ولا تتقادم مع الزمن — تتحوّل السياسة إلى مسرح للتمويه والتزييف. وتغدو فنًّا في إدارة الأقنعة، حيث يغدو النفاق عرفًا سائدًا لا استثناءً عارضًا.
هذا التأمل لا يُعبّر عن رفضٍ للسياسة في ذاتها، بل عن نقدٍ للصورة التي اتخذتها في الغالب: مجالٌ مجرّد من البُعد الأخلاقي والروحي، تُهيمن عليه الحسابات والمناورات وحراسة الصورة والسعي إلى السلطة لذاتها.
في هذا الإطار، لم تَعُد السياسة فضاءً موثوقًا فيه لاحتضان البحث عن المعنى، أو العدل، أو الحقيقة. لقد باتت غريبة عن حياة القلب، وعن تطلّعات أولئك الذين ينشدون شيئًا أسمى من مجرّد صراع على النفوذ.
ولهذا، في هذا السياق، يفقد التصويتُ معناه؛ إذ لا يُنظر إلى المُرشّح كصوتٍ صادق لرغبات الناس، بل كعنصرٍ ضمن منظومةٍ منغلقة على ذاتها. بل إنّ انتخابه قد يُفضي إلى تحويله إلى شخصٍ غير قادر على خدمة الصالح العام، لأنه محكومٌ بالآليات نفسها التي أوصلته.
إيطاليا تلغراف
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التلفزيون الجزائري
منذ 27 دقائق
- التلفزيون الجزائري
الرئيس الصحراوي يشكل مجموعة لمتابعة ملف الثروات الطبيعية المنهوبة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري
قرر الرئيس الصحراوي, الأمين العام لجبهة البوليساريو, إبراهيم غالي, تشكيل مجموعة مكلفة بمتابعة ملف الثروات الطبيعية المنهوبة والقضايا القانونية ذات الصلة, حسب ما أوردته اليوم الثلاثاء وكالة الأنباء الصحراوية (وأص). وأفادت الوكالة, نقلا عن رئاسة الجمهورية الصحراوية, أن 'الرئيس إبراهيم غالي أصدر تعليمة رئاسية (…) متعلقة بتشكيل مجموعة متابعة ملف الثروات الطبيعية والقضايا القانونية ذات الصلة وتحديد كيفية عملها'. وصدرت هذه التعليمة -حسب نفس المصدر- بالنظر إلى 'أهمية الملف كواحدة من الجبهات الهامة الراهنة في معركة الشعب الصحراوي التحريرية' وبالنظر إلى 'صدور عدة أحكام قضائية وقرارات, سواء على مستوى الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو الاتحاد الأوروبي وغيرها'. ومن بين مهامها, ستقوم المجموعة بمتابعة كل ما له علاقة بالثروات الطبيعية المنهوبة والقضايا القانونية ذات الصلة وإثارتها أمام الجهات القضائية والقانونية المختلفة.


الخبر
منذ ساعة واحدة
- الخبر
رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير قطر بالجزائر
استقبل رئيس مجلس الأمة، عزوز ناصري، اليوم الثلاثاء، سفير دولة قطر بالجزائر، عبد العزيز علي النعمة الذي أدى له زيارة مجاملة. وحسب ما أفاد به بيان للمجلس، فقد شكل هذا اللقاء "سانحة لتأكيد عمق العلاقات الأخوية التاريخية القوية التي تجمع الجزائر وقطر، والتي تستمد ديناميكيتها المتنامية من الإرادة السياسية المشتركة لقائدي البلدين، رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وشقيقه أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني". وبالمناسبة، أعرب رئيس مجلس الأمة عن "اعتزاز الجزائر بعلاقاتها العريقة مع الشقيقة قطر وبالمنحى التصاعدي الذي تشهده علاقات التعاون والشراكة بينهما وبتوافق مواقفهما تجاه الراهن الدولي المضطرب"، مبرزا "الجهود المشتركة بين البلدين في كافة المنابر الرسمية والبرلمانية الدولية والعربية والإسلامية من أجل تحقيق الأمن والسلم والازدهار للمنطقة وللعالم"، يضيف البيان. كما تطرق السيد ناصري إلى "الشراكات الاستراتيجية التي تتجذر بين البلدين في العديد من المجالات"، معربا عن "ترحيب الجزائر بالشركاء القطريين في إطار مناخ استثماري محفز وأرضية اقتصادية صلبة تحققت بفضل الإصلاحات العميقة التي بادر بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون". وعلى المستوى الدولي، أشاد رئيس المجلس بـ "الانسجام الكامل الذي يميز مواقف البلدين تجاه العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، لا سيما ما تعلق منها بمصالح الأمتين العربية والإسلامية وعلى رأسها قضيتهما المركزية، فلسطين"، مجددا "التنديد بجرائم الإبادة والتجويع والتهجير التي يمارسها الاحتلال الصهيوني في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة". كما جدد التأكيد على "المبادئ الثابتة للسياسة الخارجية الجزائرية التي تدعو إلى تصفية الاستعمار في العالم ومنح الشعوب حقها في تقرير المصير". من جانبه، أعرب سفير دولة قطر عن اعتزازه بتواجده في الجزائر "التي تزخر بتاريخ مجيد وحاضر نهضوي واعد"، مؤكدا أن "الزخم الذي يميز العلاقات بين البلدين مرشح لمزيد من التطور بفضل الارادة السياسية المشتركة الصادقة". ودعا بهذا الخصوص إلى "المحافظة على الحركية الإيجابية التي يشهدها التعاون المتعدد الأبعاد بين البلدين وترقيته عبر كافة الآليات المتاحة بشكل يرتقي إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين". كما أشاد بـ "الدعم الدائم" الذي تقدمه الجزائر لبلاده في مساعيها للترشح للمناصب داخل المنظمات الدولية، منوها بـ "الدور البارز للجزائر في سبيل إحلال السلم والأمن الإقليمي والدولي وبالجهود التي بذلتها من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي لضمان حقوق الشعوب العربية ونصرة القضايا العادلة ووضع حد لمأساة الفلسطينيين في غزة". وفي الأخير، أكد الطرفان ضرورة "تعزيز العلاقات الأخوية المتينة بين الجزائر وقطر من خلال إرفاقها بديناميكية مماثلة في المجال البرلماني، وذلك عبر مجموعتي الأخوة البرلمانية بين مجلس الأمة ومجلس الشورى القطري ومن خلال تكثيف التنسيق والتشاور بين أعضاء برلماني البلدين في الاتحادات البرلمانية الدولية والإقليمية المشتركة"، وفقا لذات البيان.


الجمهورية
منذ ساعة واحدة
- الجمهورية
بإشراف وزيري النقل والاشغال العمومية ... تدشين الطريق المنفذ للطريق السيار شرق غرب بين سيڨ وحسين
دشن اليوم وزير النقل السعيد سعيود رفقة وزير الأشغال العمومية والمنشات القاعدية الطريق المنفذ للطريق السيار شرق غرب، انطلاقا من محول الطريق الوطني رقم 04 والطريق الوطني رقم 06 بسيق والطريق الوطني رقم 17 بحسين على مسافة 14.8 كيلومتر ،المشروع الذي انطلقت أشغاله سنة 2015 بحصة الأولى 24.7 مليار دينار يعد مكسبا حقيقيا لولاية معسكر والولايات المجاورة لها كون أنه يساهم في تخفيف الضغط المروري على شبكة الطرق الثانوية والمناطق العمرانية لاسيما حركة الوزن الثقيل، ويعمل على تشجيع الاستثمار وتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة ،من جهته وزير النقل أكد أن المشروع له أهمية كبيرة على ساكنة الولاية خاصة وأن معسكر تقع في تضاريس جد صعبة تخلق ازدحاما في حركة المرور وأن استلام المشروع سينعكس بالايجاب سواء من الجانب الاقتصادي أوالاجتماعي على سكان الولاية ،من جهته رخروخ أشار أن المنفذ سيفك الخناق على ولاية معسكر ويسهل عملية الولوج إليها مشيدابمجهودات الدولة في مجال البنى التحتية وهذه المشاريع التي ستعمل على التخفيف من حوادث المرور ،اما بخصوص استلام الشطر الثاني من المشروع فقد أكد الوزير أنه سيتم استلام 5 كيلومترات من هذه الحصة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025