
البحر المتوسط "بؤرة نشطة" لتغيّر المناخ، فماذا يتوقع الخبراء عن المستقبل؟
يحاول الناس التغلب على موجات الحارة بشتى الطرق
رغم أن دفء المياه الساحلية قد يبدو مغرياً لقضاء عطلة ممتعة، إلا أن موجة الحر في البحر الأبيض المتوسط بلغت من الشدة حداً دفع العلماء إلى التحذير من آثار مدمرة محتملة على الحياة البحرية في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
فقد تجاوزت درجة حرارة سطح البحر 30 درجة مئوية بشكل منتظم قبالة سواحل مايوركا ومناطق أخرى في أواخر يونيو/حزيران وأوائل يوليو/تموز، وفي بعض المناطق بفارق وصل إلى ست أو سبع درجات عن المعدلات المعتادة، ما أثار قلقاً متزايداً بشأن تصاعد الظواهر المناخية غير المألوفة في المنطقة.
ومن المرجح أن حرارة المياه هناك تفوق حرارة أحواض السباحة في مراكز الترفيه المحلية.
وشهد الجزء الغربي من البحر المتوسط أشد موجة حارة بحرية في مثل هذا التوقيت من السنة، إذ امتدت آثارها إلى مناطق واسعة من البحر واستمرت على مدى أسابيع متتالية، مما يسلط الضوء على تصاعد اضطراب الأنماط المناخية في المنطقة.
لكن فيما يبدو، بدأت وتيرة الحرارة تتراجع تدريجياً، إلا أن بعض الكائنات البحرية تواجه صعوبة في التكيف مع هذا الدفء الممتد والمكثف، مما ينذر بتداعيات محتملة على وفرة المخزون السمكي واستقرار النظم البيئية البحرية.
وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن معظم أحواض السباحة في مراكز الترفيه عادةً ما تُسخن حتى تصل درجة حرارتها إلى 28 درجة مئوية بينما تكون أحواض السباحة المخصصة للمنافسات الرياضية أكثر برودة قليلاً، إذ تتراوح حرارتها بين 25 و28 درجة مئوية، وفقاً لما ذكرته المنظمة العالمية للرياضات المائية.
وتوصي جمعية مدرّسي السباحة بأن تكون حرارة أحواض السباحة المخصصة للأطفال أعلى قليلاً، إذ يُفضل أن تتراوح بين 29 و31 درجة مئوية بينما يُنصح بأن تصل إلى ما بين 30 و32 درجة بالنسبة للرُضّع.
وقد تُخفي درجات الحرارة المعتدلة وراءها تهديدات غير مرئية، إذ إن البكتيريا الضارة والطحالب تجد في مياه البحر الدافئة بيئة مثالية للانتشار السريع على خلاف الوضع بالنسبة لأحواض السباحة التي تُعالج بمواد كيميائية معقمة.
ولم تعد درجات حرارة البحر التي تصل إلى 30 درجة مئوية أو أكثر بالأمر غير المألوف في البحر المتوسط خلال أواخر الصيف.
لكنها تُعد غير مألوفة إلى حد كبير في شهر يونيو/حزيران، وفقاً لبيانات خدمة المناخ الأوروبية "كوبرنيكوس"، ومنظمة "ميركاتور أوشن إنترناشونال"، وقراءات أُجريت في الموانئ الإسبانية.
AFP
هناك موجة حارة تضرب منطقة المتوسط منذ فترة أطول من المعتاد في هذا الوقت من فصل الصيف
يُذكر أن ما يميز هذا العام هو أن درجات حرارة البحر، التي بلغت 30 درجة مئوية، جاءت في وقت مبكر أكثر من المعتاد، مما يشير إلى أن الصيف سيكون أكثر حدة وقد يمتد لفترة أطول، بحسب ما أفادت به مارتا ماركوس، الأستاذة المشاركة في جامعة جزر البليار بإسبانيا.
وقالت آيدا ألفيرا أزكارتي، الباحثة في علوم المحيطات بجامعة لييج في بلجيكا: "نشأتُ هنا لذا اعتدنا على موجات الحر، لكن الأمر أصبح أكثر تواتراً وحِدّةً بمرور الوقت".
وأضافت: "فوجئنا جميعاً بدرجة غير مسبوقة من شدة هذه الموجة الحارة".
وتابعت: "يثير ذلك قلقاً شديداً، ومن المتوقع أن يتكرر في المستقبل".
وباتت موجات الحر البحرية أكثر حِدّةً واستمراراً مع تزايد انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الكوكب جرّاء النشاط البشري وعلى رأسه حرق الفحم والنفط والغاز.
يُذكر أن عدد الأيام التي شهدت حرارة شديدة على سطح البحر حول العالم تضاعف ثلاث مرات خلال الثمانين عاماً الماضية، وفقاً لدراسة نُشرت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام.
ويُرجَّح أن الاحتباس الحراري هو العامل الرئيسي وراء موجات الحر البحرية… فهو في جوهره عملية نقل للحرارة من الغلاف الجوي إلى المحيط، الأمر واضح وبسيط، بحسب ما أوضحته ماركوس.
كما أنّ البحر المتوسط شديد التأثر بهذه الظواهر نظراً لطبيعته الجغرافية التي تشبه حوض الاستحمام، إذ تحيط به القارات من معظم الجهات، مما يحد من انفتاحه على المحيطات ويُسهم في احتباس الحرارة داخله.
ويعني ذلك أن المياه لا تخرج من هذا البحر بسهولة، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارة سطحها بسرعة عند توافر الهواء الدافئ والسماء المشمسة والرياح الخفيفة، كما حدث في شهر يونيو/حزيران.
لذلك يُعد البحر المتوسط "بؤرة لظاهرة التغير المناخي"، وفقًا لكارينا فون شكمان، من منظمة ميركاتور أوشن إنترناشونال البحثية غير الربحية.
وبلغت موجة الحر ذروتها مع نهاية يونيو/حزيران الماضي و وبداية يوليو/تموز الجاري، ثم ساعدت الرياح الأقوى لاحقاً على تحريك المياه الأعمق والأبرد لتندمج مع الطبقات السطحية الساخنة، مما أدى إلى انخفاض درجات الحرارة.
ولا تزال درجات الحرارة أعلى من المعدلات المعتادة، وقد يترتب على ذلك آثارٌ على الحياة البحرية لم تظهر بعد.
Getty Images
هناك خطر كبير على الكائنات البحرية من ارتفاع درجة حرارة مياه المتوسط
وهناك حدود لدرجة الحرارة التي يمكن أن تتحملها معظم الكائنات الحية ولا يمكنها البقاء بعدها، وإنْ كانت تلك الحدود تختلف بشكل كبير بين الأنواع وحتى بين الأفراد داخل النوع الواحد.
لكن الكائنات البحرية قد تُصاب أيضاً بالإجهاد نتيجة التعرض للحرارة المرتفعة لفترة طويلة، مما يستنزف طاقتها تدريجياً طوال فصل الصيف حتى تصل إلى مرحلة يصعب فيها التكيف والبقاء.
وقالت إيما سيبريان، المتخصصة في علم البيئة في مركز الدراسات المتقدمة بمدينة بلانس الإسبانية: "أتذكر قبل أربع سنوات حين غصنا في سبتمبر/أيلول، في نهاية الصيف، وجدنا هياكل عظمية لعدد هائل من الكائنات".
وتلعب الطحالب البحرية والأعشاب المائية دور الغابات في البحر المتوسط، إذ تحتضن مئات الأنواع من الكائنات الحية وتسهم في احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون المُسبب للاحتباس الحراري لكوكب الأرض.
كما أنّ بعض هذه الأنواع لديها القدرة على التكيف جيداً وسط درجات الحرارة العادية في البحر المتوسط، لكنها غالباً ما لا تتحمل موجات الحَر البحرية التي باتت أكثر حِدّةً وتواتراً، وفقاً لسيبريان.
كما يمكن أن تُحدِث الحرارة ما يُعرف في علم البيئة بـ"الآثار دون القاتلة"، وهي حالات تدخل فيها الأنواع في نمط حياة قائم على البقاء فقط، دون أن تتكاثر.
وإذا بدأنا تسجيل الآثار البيئية التي قد تترتب على ارتفاع درجة حرارة المياه، فمن المرجح بقوة أن تكون هناك انعكاسات على المجتمعات البشرية جرّاء تلك الآثار، من بينها خسائر في قطاع صيد الأسماك، بحسب تحذير دان سمال، الباحث الرئيسي في جمعية الأحياء البحرية بمدينة بليموث.
وقال سمال: "سيتعين علينا أن ننتظر ونراقب، لكن ما يثير القلق حقاً هو أنّ درجات الحرارة بلغت مستويات مرتفعة جداً في وقت مبكر من الصيف".
ويعتبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يشهد ارتفاعاً متسارعاً في درجات حرارته، "جرس إنذار مبكر بشأن تغيّر المناخ والنُظم البيئية البحرية"، على حد تعبيره.
وقد تُضاعف الحرارة الزائدة في المحيط حِدّة الظواهر الجوية المتطرفة، إذ تزودها بطاقة إضافية تسهم في تصاعد شدتها وتكرارها.
EPA
أدت فيضانات فالنسيا إلى مقتل أكثر من 200 شخص وتدمير مناطق واسعة من المدينة
وقد تؤدي حرارة البحار إلى زيادة معدلات التبخر، ما يرفع نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي ويُغذي حدوث أمطار غزيرة وظواهر مناخية أكثر تطرفاً.
وفي بعض الحالات، تتوافر عوامل أخرى قد تؤدي إلى فيضانات مدمرة كما حدث في ليبيا عام 2023 ومدينة فالنسيا عام 2024.
ويمكن أن تُضعف المياه الأكثر دفئاً تأثير النسيم البحري الذي يُخفف عادة من حرارة الجو في المناطق الساحلية، مما يزيد من شعور السكان بالحرارة.
وحذّر ماركوس من أن التعرض لموجة حارة أخرى هذا الصيف سيسبب الكثير من القلق. وأضاف: "أنا شبه متأكد من أنها ستكون مروعة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 4 أيام
- الوسط
البحر المتوسط "بؤرة نشطة" لتغيّر المناخ، فماذا يتوقع الخبراء عن المستقبل؟
Getty Images يحاول الناس التغلب على موجات الحارة بشتى الطرق رغم أن دفء المياه الساحلية قد يبدو مغرياً لقضاء عطلة ممتعة، إلا أن موجة الحر في البحر الأبيض المتوسط بلغت من الشدة حداً دفع العلماء إلى التحذير من آثار مدمرة محتملة على الحياة البحرية في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط. فقد تجاوزت درجة حرارة سطح البحر 30 درجة مئوية بشكل منتظم قبالة سواحل مايوركا ومناطق أخرى في أواخر يونيو/حزيران وأوائل يوليو/تموز، وفي بعض المناطق بفارق وصل إلى ست أو سبع درجات عن المعدلات المعتادة، ما أثار قلقاً متزايداً بشأن تصاعد الظواهر المناخية غير المألوفة في المنطقة. ومن المرجح أن حرارة المياه هناك تفوق حرارة أحواض السباحة في مراكز الترفيه المحلية. وشهد الجزء الغربي من البحر المتوسط أشد موجة حارة بحرية في مثل هذا التوقيت من السنة، إذ امتدت آثارها إلى مناطق واسعة من البحر واستمرت على مدى أسابيع متتالية، مما يسلط الضوء على تصاعد اضطراب الأنماط المناخية في المنطقة. لكن فيما يبدو، بدأت وتيرة الحرارة تتراجع تدريجياً، إلا أن بعض الكائنات البحرية تواجه صعوبة في التكيف مع هذا الدفء الممتد والمكثف، مما ينذر بتداعيات محتملة على وفرة المخزون السمكي واستقرار النظم البيئية البحرية. وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن معظم أحواض السباحة في مراكز الترفيه عادةً ما تُسخن حتى تصل درجة حرارتها إلى 28 درجة مئوية بينما تكون أحواض السباحة المخصصة للمنافسات الرياضية أكثر برودة قليلاً، إذ تتراوح حرارتها بين 25 و28 درجة مئوية، وفقاً لما ذكرته المنظمة العالمية للرياضات المائية. وتوصي جمعية مدرّسي السباحة بأن تكون حرارة أحواض السباحة المخصصة للأطفال أعلى قليلاً، إذ يُفضل أن تتراوح بين 29 و31 درجة مئوية بينما يُنصح بأن تصل إلى ما بين 30 و32 درجة بالنسبة للرُضّع. وقد تُخفي درجات الحرارة المعتدلة وراءها تهديدات غير مرئية، إذ إن البكتيريا الضارة والطحالب تجد في مياه البحر الدافئة بيئة مثالية للانتشار السريع على خلاف الوضع بالنسبة لأحواض السباحة التي تُعالج بمواد كيميائية معقمة. ولم تعد درجات حرارة البحر التي تصل إلى 30 درجة مئوية أو أكثر بالأمر غير المألوف في البحر المتوسط خلال أواخر الصيف. لكنها تُعد غير مألوفة إلى حد كبير في شهر يونيو/حزيران، وفقاً لبيانات خدمة المناخ الأوروبية "كوبرنيكوس"، ومنظمة "ميركاتور أوشن إنترناشونال"، وقراءات أُجريت في الموانئ الإسبانية. AFP هناك موجة حارة تضرب منطقة المتوسط منذ فترة أطول من المعتاد في هذا الوقت من فصل الصيف يُذكر أن ما يميز هذا العام هو أن درجات حرارة البحر، التي بلغت 30 درجة مئوية، جاءت في وقت مبكر أكثر من المعتاد، مما يشير إلى أن الصيف سيكون أكثر حدة وقد يمتد لفترة أطول، بحسب ما أفادت به مارتا ماركوس، الأستاذة المشاركة في جامعة جزر البليار بإسبانيا. وقالت آيدا ألفيرا أزكارتي، الباحثة في علوم المحيطات بجامعة لييج في بلجيكا: "نشأتُ هنا لذا اعتدنا على موجات الحر، لكن الأمر أصبح أكثر تواتراً وحِدّةً بمرور الوقت". وأضافت: "فوجئنا جميعاً بدرجة غير مسبوقة من شدة هذه الموجة الحارة". وتابعت: "يثير ذلك قلقاً شديداً، ومن المتوقع أن يتكرر في المستقبل". وباتت موجات الحر البحرية أكثر حِدّةً واستمراراً مع تزايد انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الكوكب جرّاء النشاط البشري وعلى رأسه حرق الفحم والنفط والغاز. يُذكر أن عدد الأيام التي شهدت حرارة شديدة على سطح البحر حول العالم تضاعف ثلاث مرات خلال الثمانين عاماً الماضية، وفقاً لدراسة نُشرت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام. ويُرجَّح أن الاحتباس الحراري هو العامل الرئيسي وراء موجات الحر البحرية… فهو في جوهره عملية نقل للحرارة من الغلاف الجوي إلى المحيط، الأمر واضح وبسيط، بحسب ما أوضحته ماركوس. كما أنّ البحر المتوسط شديد التأثر بهذه الظواهر نظراً لطبيعته الجغرافية التي تشبه حوض الاستحمام، إذ تحيط به القارات من معظم الجهات، مما يحد من انفتاحه على المحيطات ويُسهم في احتباس الحرارة داخله. ويعني ذلك أن المياه لا تخرج من هذا البحر بسهولة، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارة سطحها بسرعة عند توافر الهواء الدافئ والسماء المشمسة والرياح الخفيفة، كما حدث في شهر يونيو/حزيران. لذلك يُعد البحر المتوسط "بؤرة لظاهرة التغير المناخي"، وفقًا لكارينا فون شكمان، من منظمة ميركاتور أوشن إنترناشونال البحثية غير الربحية. وبلغت موجة الحر ذروتها مع نهاية يونيو/حزيران الماضي و وبداية يوليو/تموز الجاري، ثم ساعدت الرياح الأقوى لاحقاً على تحريك المياه الأعمق والأبرد لتندمج مع الطبقات السطحية الساخنة، مما أدى إلى انخفاض درجات الحرارة. ولا تزال درجات الحرارة أعلى من المعدلات المعتادة، وقد يترتب على ذلك آثارٌ على الحياة البحرية لم تظهر بعد. Getty Images هناك خطر كبير على الكائنات البحرية من ارتفاع درجة حرارة مياه المتوسط وهناك حدود لدرجة الحرارة التي يمكن أن تتحملها معظم الكائنات الحية ولا يمكنها البقاء بعدها، وإنْ كانت تلك الحدود تختلف بشكل كبير بين الأنواع وحتى بين الأفراد داخل النوع الواحد. لكن الكائنات البحرية قد تُصاب أيضاً بالإجهاد نتيجة التعرض للحرارة المرتفعة لفترة طويلة، مما يستنزف طاقتها تدريجياً طوال فصل الصيف حتى تصل إلى مرحلة يصعب فيها التكيف والبقاء. وقالت إيما سيبريان، المتخصصة في علم البيئة في مركز الدراسات المتقدمة بمدينة بلانس الإسبانية: "أتذكر قبل أربع سنوات حين غصنا في سبتمبر/أيلول، في نهاية الصيف، وجدنا هياكل عظمية لعدد هائل من الكائنات". وتلعب الطحالب البحرية والأعشاب المائية دور الغابات في البحر المتوسط، إذ تحتضن مئات الأنواع من الكائنات الحية وتسهم في احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون المُسبب للاحتباس الحراري لكوكب الأرض. كما أنّ بعض هذه الأنواع لديها القدرة على التكيف جيداً وسط درجات الحرارة العادية في البحر المتوسط، لكنها غالباً ما لا تتحمل موجات الحَر البحرية التي باتت أكثر حِدّةً وتواتراً، وفقاً لسيبريان. كما يمكن أن تُحدِث الحرارة ما يُعرف في علم البيئة بـ"الآثار دون القاتلة"، وهي حالات تدخل فيها الأنواع في نمط حياة قائم على البقاء فقط، دون أن تتكاثر. وإذا بدأنا تسجيل الآثار البيئية التي قد تترتب على ارتفاع درجة حرارة المياه، فمن المرجح بقوة أن تكون هناك انعكاسات على المجتمعات البشرية جرّاء تلك الآثار، من بينها خسائر في قطاع صيد الأسماك، بحسب تحذير دان سمال، الباحث الرئيسي في جمعية الأحياء البحرية بمدينة بليموث. وقال سمال: "سيتعين علينا أن ننتظر ونراقب، لكن ما يثير القلق حقاً هو أنّ درجات الحرارة بلغت مستويات مرتفعة جداً في وقت مبكر من الصيف". ويعتبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يشهد ارتفاعاً متسارعاً في درجات حرارته، "جرس إنذار مبكر بشأن تغيّر المناخ والنُظم البيئية البحرية"، على حد تعبيره. وقد تُضاعف الحرارة الزائدة في المحيط حِدّة الظواهر الجوية المتطرفة، إذ تزودها بطاقة إضافية تسهم في تصاعد شدتها وتكرارها. EPA أدت فيضانات فالنسيا إلى مقتل أكثر من 200 شخص وتدمير مناطق واسعة من المدينة وقد تؤدي حرارة البحار إلى زيادة معدلات التبخر، ما يرفع نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي ويُغذي حدوث أمطار غزيرة وظواهر مناخية أكثر تطرفاً. وفي بعض الحالات، تتوافر عوامل أخرى قد تؤدي إلى فيضانات مدمرة كما حدث في ليبيا عام 2023 ومدينة فالنسيا عام 2024. ويمكن أن تُضعف المياه الأكثر دفئاً تأثير النسيم البحري الذي يُخفف عادة من حرارة الجو في المناطق الساحلية، مما يزيد من شعور السكان بالحرارة. وحذّر ماركوس من أن التعرض لموجة حارة أخرى هذا الصيف سيسبب الكثير من القلق. وأضاف: "أنا شبه متأكد من أنها ستكون مروعة".


الوسط
٠٣-٠٧-٢٠٢٥
- الوسط
موجة حرّ تضرب أوروبا: وفيات وإغلاقات ودرجات حرارة تبلغ مستويات تاريخية
Getty Images سقطت صبيّة أمريكيّة من الإعياء بسبب ارتفاع درجة الحرارة، قبل أن تلفظ أنفاسها أمام والدَيها، بينما كانوا في زيارة لقصر فرساي، على مسافة نحو 25 كيلومتراً من العاصمة الفرنسية باريس. وكانت السلطات الفرنسية، قد رصدتْ في وقت سابق، من يوم الثلاثاء، حالتَي وفاة تأثُّراً بدرجة الحرارة الشديدة. وفي إيطاليا، توفي شخصان على الأقل متأثرَين بالحرّ الشديد؛ حيث تجاوزت درجات الحرارة في أجزاء من إيطاليا 42 مئوية. وتصطلي أوروبا بشمس يوليو/تموز المحرقة، حيث تجاوزت درجات الحرارة في مناطق عدة من القارة العجوز حاجز الـ 40 مئوية، فيما يرتقب عشرات الملايين ارتفاعاً أكبر وأخطر في تلك الدرجات خلال الأيام المقبلة. وأعلنت خدمة الأرصاد الجوية البريطانية أن آثار هذه الموجة الحارّة ستطال معظم بلدان القارة الأوروبية خلال الأسبوع الجاري، قبل أن تعود درجات الحرارة إلى معدّلاتها تدريجياً في الأسبوع المقبل. وتُعدّ هذه أولى موجات الحرّ الرئيسة في هذا الصيف، فيما يحذّر خبراء من أنْ تضرب القارة العجوز موجاتٌ شبيهة، بسبب تغيّر المناخ. وفي ذلك، قالت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كلير نوليس، إن أوروبا تجتاز موجة من الحرّ الشديد، "والتي قد تتكرّر في وقت لاحق من هذا الصيف". وأطلقت عشرات التحذيرات من الحرارة الشديدة في أنحاء أوروبا، واتخذت دول عديدة تدابير وقائية؛ ومنها فرنسا التي أغلقت نحو 1,900 مدرسة يوم الثلاثاء، كما أغلقت الجزء العلوي من برج إيفِل أمام السائحين. AFP وفي اليونان، أُعلن عن إغلاق عدد من المزارات الأثرية في أثينا ابتداءً من الساعة الثانية عشرة ظُهراً وحتى الخامسة مساء كل يوم. وشهدت مناطق إلى الجنوب من أثينا، الأسبوع الماضي، اندلاع حرائق بمناطق شاسعة من الغابات، ما أدى إلى عمليات إجلاء كبيرة وإغلاق عدد من الطرق، وصعّبتْ قوة الرياح مهمة السيطرة على النيران. ووقعت أكثر الحالات تأثراً بهذا الموجة الحارّة في أوروبا في كل من فرنسا، وإيطاليا، والبرتغال، وإسبانيا، وكرواتيا، وكذلك دول البلقان. وقالت السلطات الفرنسية إن يونيو/حزيران الماضي سجّل ثاني أعلى معدل حرارة على الإطلاق في البلاد، بعد يونيو/حزيران 2023، وذلك منذ بدء رصد درجات الحرارة عام 1900. وسجّلت البرتغال أعلى درجة حرارة رصدتْها على الإطلاق خلال شهر يونيو/حزيران يوم الأحد الماضي عند 46.6 مئوية. كما سجّلت إسبانيا درجة حرارة قياسية جديدة في يونيو/حزيران عند 46 مئوية، رُصدت في مدينة وَلبَة جنوب غربي البلاد. وفي العاصمة الإسبانية مدريد، اتخذت السلطات تدابير لمواجهة الحرّ الشديد، من بينها تقليص أو تغيير ساعات الدراسة؛ وزيادة مركبات النقل العام للحيلولة دون انتظار الرُكّاب على الأرصفة. وسجلتْ درجة حرارة المياه قبالة سواحل إسبانيا، 30 مئوية، يوم الثلاثاء، وفقاً لهيئة الأرصاد الجوية الإسبانية. وبحسب خدمة كوبرنيكوس، المعنيّة بتغير المناخ والتابعة للاتحاد الأوروبي، فإن درجة حرارة سطح البحر يوم 22 يونيو/حزيران المنصرم، سجلت 5 درجات مئوية فوق المعدّل المعتاد في هذا الوقت من العام. وفي إيطاليا، وجّهت السلطات بالحدّ من الأعمال خارج البنايات، خلال أوقات الذروة، تحت أشعة الشمس بشكل مباشر. وأدى ارتفاع درجة الحرارة إلى انقطاعات في التيار الكهربائي في مدينة فلورنسا شمالي إيطاليا، وذلك بسبب الإقبال المرتفع على استخدام أجهزة التكييف للتخفيف من حدّة الحرّ. Getty Images ساحة إسبانيا في قلب العاصمة الإيطالية روما "لم يكن مفاجئاً" وتعتبر موجات الحرّ من بين أكثر الظواهر المناخية تأثيراً على حياة الإنسان، بحسب وكالات الأمم المتحدة، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وأشارت دراسة، نشرتها دورية "ذا لانسِت" الطبية عام 2021، إلى أن الحرّ الشديد تسبب في وفاة نحو 489 ألف شخص سنوياً حول العالم، خلال الفترة ما بين عام 2000 وعام 2019، ولفتت الدراسة إلى أن نحو رُبع هذا العدد كان في منطقة جنوب آسيا وحدها. ويرى مراقبون أنّ هذا الارتفاع في درجات الحرارة لم يكن مفاجئاً؛ لا سيما وأنّ كل شهور العام الماضي سجّلتْ تكسير أرقام قياسية على صعيد درجات الحرارة. وعلى حسابها عبر منصة إكس، رصدت خدمة كوبرنيكوس ارتفاعاً في تركيزات الأوزون في الغلاف الجوي بأجزاء من أوروبا، خلال الأيام القليلة الأولى من يوليو/تموز، ويُعزى هذا إلى ارتفاع درجات الحرارة في الأسابيع الأخيرة. وتؤكد خدمة كوبرنيكوس، المعنيّة بتغير المناخ والتابعة للاتحاد الأوروبي، أن أوروبا هي أسرع قارات العالم ارتفاعاً في درجات الحرارة؛ إذ ترتفع درجة حرارتها بمثلَيْ المتوسط العالمي. وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن "الحرّ الشديد لم يعُد شيئاً عارضاً، وإنما أصبح هو المعتاد"، مشدداً على أنّ "كوكب الأرض أصبح أكثر سخونة وأشدّ خطورة ولا توجد دولة محصّنة". وتشير الإحصاءات إلى أنّ حرارة كوكب الأرض زادت بنحو 1.2 درجة مئوية عما كانت عليه في القرن التاسع عشر.


الوسط
٢٩-٠٦-٢٠٢٥
- الوسط
موجة حر شديدة تضرب جنوب أوروبا، وبعض المدن تتجاوز الحرارة فيها 40 درجة
AFP امرأتان تستخدمان مراوح اليد لمقاومة الحر الشديد خلال موجة حر في إسبانيا أصدرت وكالات الأرصاد الجوية تحذيرات صحية وتحذيرات من الحرائق في دول جنوب أوروبا، مع توقعات بتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية في بعض المناطق خلال عطلة نهاية الأسبوع - يومي السبت والأحد. إيطاليا واليونان وفرنسا وإسبانيا والبرتغال من بين الدول المتضررة، ومن المتوقع أن تصل درجة الحرارة في مدينة إشبيلية الإسبانية إلى 42 درجة مئوية يوم الأحد. يساهم الهواء الساخن القادم من شمال إفريقيا، والذي ينتشر عبر البلقان إلى وجهات سياحية مثل كرواتيا، في ارتفاع درجات الحرارة. وتشير خدمة بي بي سي للطقس إلى أن موجة الحر "شديدة للغاية" في هذا الوقت من العام، حيث تشهد القارة عادةً درجات حرارة مرتفعة كهذه في يوليو/ تموز وأوائل أغسطس/ آب. في إسبانيا، وُضعت طواقم الطوارئ على أهبة الاستعداد للتعامل مع زيادة حالات ضربات الشمس، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر، بمن فيهم الأطفال وكبار السن والمصابون بأمراض مزمنة. قالت مارينا، البالغة من العمر 22 عاماً، لوكالة رويترز للأنباء في العاصمة الإسبانية: "يصبح الجو حارًا جدًا في مدريد دائمًا، وما يُفاجئني هو حدوثه مبكرًا - فنحن لا نزال في يونيو/ حزيران". وقالت جانيث، البالغة من العمر 47 عاماً: "الطقس هذا العام قاسٍ. في العام الماضي، كان من الممكن الخروج في هذا الوقت على الأقل، لكن الآن؟ مستحيل. الجو شديد، والناس يشربون المزيد من الماء". وتنصح السلطات الإيطالية سكان عدة مدن، بما في ذلك روما وميلانو والبندقية - حيث تجمع العديد من المشاهير لحضور حفل زفاف مؤسس شركة أمازون، جيف بيزوس، ومقدمة البرامج التلفزيونية لورين سانشيز - بالبقاء في منازلهم بين الساعة 11:00 و18:00 بالتوقيت المحلي. وقالت أليخاندرا إيشيفيريا، وهي سائحة مكسيكية تبلغ من العمر 40 عاماً في البندقية، لوكالة فرانس برس: "لا توجد رياح، والرطوبة مرتفعة، ونحن نتعرق، وأنا أختنق ليلاً". في غضون ذلك، تشهد فرنسا موجة حر منذ أكثر من أسبوع. وصدرت يوم الجمعة تنبيهات برتقالية بشأن الحر، وهي ثاني أعلى درجة تحذير في البلاد، في المناطق الجنوبية. في مدينة مرسيليا، فُتحت حمامات السباحة البلدية مجاناً حتى انتهاء موجة الحر، بينما وُجهت دعوات في بعض المناطق لإغلاق المدارس لحماية صحة الطلاب. كما صدرت تنبيهات باللونين الأصفر والكهرماني في أجزاء من إنجلترا في عطلة نهاية هذا الأسبوع، وقد تصل درجات الحرارة في لندن إلى 35 درجة مئوية يوم الإثنين المقبل. ومن المتوقع أن تستمر موجة الحر حتى مساء الثلاثاء. وقد اجتاحت حرائق الغابات بالفعل بعض أجزاء أوروبا، بما في ذلك اليونان، حيث اندلعت النيران في بلدات ساحلية بالقرب من العاصمة أثينا ودمرت منازل، ما أجبر السكان على الإخلاء. وفي حين يصعب ربط أحداث الطقس المتطرفة الفردية بتغير المناخ، إلا أن موجات الحر أصبحت أكثر شيوعاً وشدة بسبب تغير المناخ. يقول علماء في مؤسسة World Weather Attribution الذين يحللون تأثير تغير المناخ على الظواهر الجوية المتطرفة، إن موجات الحر في يونيو/حزيران، التي تتجاوز فيها درجات الحرارة 28 درجة مئوية خلال ثلاثة أيام متتالية، أصبحت أكثر احتمالية بنحو 10 مرات الآن، مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية.