
مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى وتواصل الاعتداءات بالضفة
قالت مصادر للجزيرة إن مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين اقتحمت باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما تواصلت الاقتحامات والاعتداءات في مناطق عدة ب الضفة الغربية.
ودعت جماعات ومنظمات الهيكل المتطرفة علنا إلى تصعيد اقتحامات المسجد الأقصى وإقامة الطقوس، وتتواصل هذه الاقتحامات بشكل يومي وتزداد وتيرتها خلال الأعياد والمناسبات اليهودية.
وتتواصل اعتداءات المستوطنين على المقدسات والممتلكات المسيحية والإسلامية في مدينة القدس المحتلة.
وتظهر مقاطع فيديو اقتحام مستوطنين متطرفين الحي الأرمني في البلدة القديمة بالقدس قبل يومين حيث نفذوا اعتداءات جديدة على دير الأرمن والمقدسات المسيحية وحاولوا إهانة رموز مسيحية مقدسة على مدخل دير الأرمن، في ظل تجاهل الشرطة لشكاوى سكان الحي.
اعتداءات مكثفة
في الضفة الغربية أيضا تتزايد اعتداءات المستوطنين وتترافق مع انتشار عشرات البؤر الاستيطانية التي تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية وتحول بعض القرى إلى ما يشبه السجون والمعتقلات.
وقد أصيب عشرات الفلسطينيين بجروح وحروق إثر هجوم مستوطنين على بلدتي دير دبوان وبيتين شرق رام الله. وقال رئيس بلدية دير دبوان للجزيرة إن الهجوم على البلدة أسفر عن 35 مصابا.
وأفادت مصادر للجزيرة بأن أعدادا كبيرة من المستوطنين هاجموا البلدتين وأحرقوا منازل ومركبات ومحاصيل زراعية وسط حصار لعائلات داخل منازلهم.
وذكرت المصادر أن فلسطينيين تصدوا للمستوطنين، كما أفادت مصادر للجزيرة بأن مستوطنين قاموا بإغلاق شارع الستين شرق رام الله وألقوا الحجارة على مركبات الفلسطينيين.
يأتي ذلك بينما أفادت مصادر للجزيرة بسماع دوي انفجار وتحليق طائرة استطلاع إسرائيلية تزامنا مع اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم بلاطة شرقي نابلس بالضفة الغربية المحتلة.
وقالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مخيم بلاطة للاجئين والمنطقة الغربية بمدينة نابلس في الضفة.
اعتقالات وتصعيد
في هذه الأثناء، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أسرى محررين قرب رام الله، وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال شنت حملة اعتقالات في صفوف أسرى محررين في قرية المغير شمال شرقي رام الله.
وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم.
يشار إلى أنه بالتوازي مع حرب الإبادة في قطاع غزة ، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 967 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.
وترتكب إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت نحو 173 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
الاحتلال يداهم عدة منازل في جنين ومستوطنون يهاجمون رعاة بالخليل
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدات ومدنا فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة صباح اليوم، وشنّت حملات دهم واعتقال، بينما هاجم مستوطنون إسرائيليون رعاة أغنام فلسطينيين في منطقة تل ماعين جنوبي الخليل. فقد اقتحمت قوات الاحتلال، صباح اليوم، بلدة وادي برقين غرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وأفادت مصادر محلية للجزيرة بأن قوات الاحتلال داهمت عددا من المنازل في المنطقة، وفتشتها بشكل دقيق، بالتزامن مع تحليق طائرة مسيّرة في أجواء المنطقة. وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن جيش الاحتلال يُحاصر أحد المنازل في واد برقين، ويُطالب شابا في المنزل بتسليم نفسه. كما أفادت مصادر محلية بأن جيش الاحتلال أطلق طائرة مسيّرة نحو المنزل المحاصر. ونقلت شبكة قدس الإخبارية عن مصادر محلية القول إن قوات الاحتلال اعتقلت صباح اليوم شابين فلسطينيين من البلدة، هما مصعب إياد الدمج وخالد المصري. وفي وقت سابق اليوم، قالت اللجنة الإعلامية لمخيم جنين إن قوات الاحتلال منعت عشرات العائلات من زيارة قبور ذويها، بالتزامن مع أول أيام العيد. وأضافت -في بيان- أن هذا المنع انتهاك إضافي لحرمة المناسبات الدينية وحقوق الفلسطينيين. إعلان وأكدت اللجنة الإعلامية أن قوات الاحتلال اعتقلت 4 أشقاء، بعد أن أصابت بعضهم. كما أكدت أن العدوان على جنين أسفر عن استشهاد 42 شخصا، بينهم اثنان برصاص أجهزة السلطة الفلسطينية، منذ بداية الحملة العسكرية هناك. ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية في محافظة جنين منذ 138 يوما، وأسفرت -وفق مصادر فلسطينية- عن استشهاد أكثر من 40 فلسطينيا، وإصابة العشرات. اعتداءات واقتحامات في الأثناء، قالت مصادر للجزيرة إن مستوطنين اعتدوا على رعاة أغنام فلسطينيين في منطقة تل ماعين قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة. كما أفادت مصادر محلية بأن مستوطنين نصبوا خياما على قمة جبل عيبال في نابلس شمالي الضفة الغربية. وفي الضفة أيضا، اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة بيت فوريك، شرق مدينة نابلس ، وأكدت مصادر للجزيرة اندلاع مواجهات مع فلسطينيين خرجوا للتصدي للاقتحام الذي أطلقت قوات الاحتلال خلاله الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز. وتشهد بلدة بيت فوريك منذ أيام اقتحامات متكررة من قوات الاحتلال بذريعة ملاحقة مطلوبين. ومن جهة أخرى، استأنف جيش الاحتلال عمليات الهدم في مخيم طولكرم، شمالي الضفة. وقالت مصادر -للجزيرة- إن جرافات عسكرية إسرائيلية اقتحمت المخيم أول أيام عيد الأضحى ، وشرعت في هدم عشرات المباني السكنية والتجارية. ووفق مصادر فلسطينية، فقد أجبر الاحتلال الإسرائيلي نحو 22 ألف فلسطيني على النزوح قسرا من بيوتهم في شمال الضفة الغربية، وهدم 600 منزل بشكل كامل، وتضرر الباقي منها بشكل جزئي. خطة تصعيدية في غضون ذلك، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن خطة تصعيدية، تشمل خطوات أحادية الجانب بالضفة، في حال واصلت فرنسا ودول أوروبية أخرى الدفع نحو الاعتراف بدولة فلسطينية. وتشمل الخطة الإسرائيلية فرض السيادة على المناطق "ج" بالضفة الغربية، وتهجير سكان "الخان الأحمر"، والدفع نحو انهيار المنظومة المصرفية الفلسطينية من خلال وقف تحويل الأموال. وجاء الكشف عن خطة سموتريتش خلال لقائه مع صحفيين في إطار زيارته لمستوطنات الضفة الغربية. وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن سموتريتش جال في المناطق التي يخطط لإقامة مستوطنات إستراتيجية جديدة فيها، قرب الشارع رقم 434، الواصل بين مستوطنات الضفة وتل أبيب. وبالتوازي مع إبادة غزة، صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون عدوانهم بالضفة -بما فيها القدس الشرقية- مما أدى لاستشهاد 973 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 180 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، علاوة على نزوح مئات الآلاف.


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
صحف عالمية: آلية إسرائيل لتوزيع المساعدات بغزة غير مؤهلة
سلطت صحف ومواقع عالمية الضوء على الانتقادات المستمرة للآلية التي تستخدمها إسرائيل -المدعومة أميركيا- لتوزيع المساعدات في قطاع غزة ، ونقلت بعضها تحذيرات من أن هذه المؤسسة غير مؤهلة للتعامل مع الوضع في غزة. وجاء في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن الآلية التي وعدت إسرائيل بأنها ستحل أزمة وصول المساعدات إلى المدنيين بغزة تسير منذ تفعيلها على نحو خاطئ "فسرعان ما تحولت مواقع توزيع المساعدات إلى مصدر تهديد لحياة الساعين إلى تأمين قليل من الطعام، وانتشرت مشاهد الفوضى والموت بسبب الخطة الإسرائيلية التي يفترض أنها صممت لإغاثة المدنيين". أما صحيفة "إندبندنت" البريطانية فنقلت تحذيرات عمال الإغاثة من أن هذه المؤسسة -المكلفة من طرف إسرائيل بإدارة المساعدات- غير مؤهلة للتعامل مع الوضع الإنساني المعقد بالقطاع الفلسطيني. وأشار المتحدثون للصحيفة إلى اضطرار مراكز توزيع المساعدات إلى الغلق أكثر من مرة منذ دخولها حيز الخدمة، على خلفية الحوادث المميتة مما يزيد الشكوك بشأن قدرتها على تخفيف حدة أزمة الجوع في غزة. ونشرت صحيفة "غارديان" البريطانية تقريرا عما اعتبره اعترافا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية) بتسليح ودعم مليشيا داخل غزة متهمة بنهب المساعدات لتقويض سلطة حركة حماس. إعلان ولاحظ التقرير أن الخطوة قوبلت بانتقادات لاذعة من مختلف أحزاب المعارضة الإسرائيلية، التي نبهت إلى تاريخ ما تعتبرها منظمات الإغاثة عصابة عملت بشكل منتظم على سرقة قوافل المساعدات التي تدخل غزة. ومن جهتها، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالا يرى أن تهجير الفلسطينيين داخل الضفة الغربية لم يكن أسهل مما هو عليه الآن، فالهدف من عنف المستوطنين بات معلنا وإخلاء قرية من سكانها الفلسطينيين لا يتطلب سوى مجموعة من الشبان المتطرفين. وأضاف المقال أن كل هذا بدعم من حكومة نتنياهو والإدارة الأميركية، مشيرا إلى أن المناخ السياسي السائد مع الحرب المتواصلة على غزة يسهلان تقدم المشروع الاستيطاني والتطهير العرقي بالضفة الغربية. ومن جهة أخرى، استعرض تقرير في مجلة "نيوزويك" مجموعة من المؤشرات التي يقول إنها توحي بحرب قريبة بين إسرائيل وإيران، مشيرا إلى أن اللهجة التهديدية تتصاعد من الجانبين ومعها يستمر الصراع بالوكالة في ظل مفاوضات لا يعرف مصيرها بشأن المشروع النووي الإيراني.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
"أسطرة المقاومة" في مواجهة "عوالم الموت" الإسرائيلية
يعتمد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كحال سائر المستعمرين والمحتلين، على أشكال متطورة ومتجددة من العنف بهدف إخضاع الشعب الفلسطيني الواقع تحت سيطرته وتشكيل وعي متواطئ معه، يقبل بالخضوع، بحسب خلاصة مستمدة من أعمال خبراء ومختصين في دراسات "ما بعد الاستعمار". وترصد العديد من هذه الدراسات، مثل أعمال الطبيب الفرنسي فرانز فانون، والفيلسوف الكاميروني أشيل مبيمبي، وأستاذة الأدب في جامعة هارفارد "إيلين سكاري"، أشكال العنف الاستعماري وأهدافه، وإمكانات الشعوب المقهورة في التعامل معه، وما يسمى بتقنيات إدارة الألم فرديا وجماعيا. وبحسب هذه الأعمال، فإن نجاح شعب ما في التحرر مرهون بقدرته على الانعتاق من القيود الفكرية التي يفرضها الاستعمار والصبر على الألم وتحويله إلى دافع لتشكيل هوية مناضلة وفعل مقاوم طويل الأمد. الصدمة والترويع ويسعى الاحتلال من خلال "الصدمة والترويع" إلى خلق قدر من الألم الهائل والمفاجئ على شكل موجات تهدف إلى تجاوز قدرة الشعب على التحمل، وتوجيه أثر هذا العنف إلى داخله، تفككا وتآكلا للثقة وهو ما يجعله جاهزا للخضوع ونبذ المقاومة. وردا على ذلك، تسعى أي حركة تحرر إلى استيعاب عنف المستعمر من خلال إستراتيجيات، منها "أسطرة البطولة" وجعلها مدخلا لتجنيد الشعب في أعمال المقاومة، وتحقيق الإنجازات التي تقنع الشعب بجدوى المقاومة. ويضاف لذلك توثيق جرائم الاحتلال وجعلها أساسا لنزع شرعيته الدولية، والسعي لإيقاع أكبر قدر من الألم المادي والمعنوي في الاحتلال، مع تركيز الأنظار إلى حجم ألم العدو. طبيعة الاستعمار قدم الطبيب الفرنسي فانز فانون نظرية واسعة التأثير بشأن طبيعة الاستعمار وطرق مواجهته، وذلك من وحي معايشته لاستعمار بلاده للجزائر، حيث كان يعالج جرحى الفرنسيين والجزائريين ويتفكر في دلالات مشاهداته، ولاحقا ألهمت أفكاره العديد من حركات التحرر حول العالم، وحفزت أعمالا موافقة لها وأخرى معارضة. ويرى فانون في كتابه "معذبو الأرض" أن الاستعمار نظام عنيف يعيد تشكيل الإنسان المستعمَر ليصبح "شيئا" وليس إنسانا طبيعيا، إذ يصور ضحاياه كمصدر للشر، يجب تدميره أو تهذيبه. وبناء عدواني بهذه الدرجة لا يمكن تفكيكه بلغة الإصلاح، بل يتطلب -وفقا لفانون- تحطيما جذريا باستخدام القوة. مؤكدا أن "اللقاء الأول بين المستعمِر والمستعمَر كان عنيفا، واستمرار العلاقة بينهما قائم على اللغة نفسها، إلا أن أحد أخطر آثار الاستعمار هو "التواطؤ النفسي"، حيث يبدأ المضطهَد في تبني نظرة المستعمِر إليه. وفي مواجهة عنف الاحتلال تكون نقطة التحول هي احتضان الألم والمعاناة، والتوقف عن الهرب ومواجهة الاحتلال وجها لوجه، وحينها فإن "الشيء الذي تم استعماره يعود إنسانا في العملية نفسها التي يتحرر فيها"، وذلك عند مواجهة عنف الاحتلال بالعنف الذي يستحقه ويستدعيه. وبحسب فانون، فـ"العنف قوة تطهير.. تحرر المستعمَر من عقدة النقص والخمول"، وتعيد له احترامه لذاته، وتمنحه شعورا بالسيادة والسيطرة بعد طول إخضاع واستضعاف. وفي هذه العملية لا يمكن للفرد أن يتحرر وحده، بل وحدة الجماعة الثورية أمر أساسي، والقاعدة هي "نجاة الجميع أو لا أحد". وذهب الفيلسوف الكاميروني، أشيل مبيمبي، أبعد من ذلك في وصف السلوك الاستعماري، مبتكرا مصطلح "سياسات الموت" الذي جعله عنوانا لكتابه بهذا الشأن، والذي يلحظ أن الاستعمار يفرض سيادة يكمن التعبير النهائي عنها في "تحديد من يجوز له أن يعيش ومن يجب عليه أن يموت". ويلاحظ مبيمبي أن انتزاع الجسد والحياة في ظل الاستعمار لا يحصل "باعتبارهما مجرد أشياء تُحكم، بل بوصفهما ساحة لظهور سلطة السيد الحاكم". وتشير "سياسات الموت" إلى الطرق المتعددة التي تستخدم فيها الأسلحة في عالمنا المعاصر، من أجل أقصى قدر من التدمير البشري، وبذلك فإن الحصار والحدود والمخيمات والسجون وساحات القتال تقوم بإنتاج "عوالم موت"، تكون فيها حياة الشعب المستعمر على حافة الموت بشكل مستمر. وفي الحرب الجارية في قطاع غزة يمكن ملاحظة تبني الاحتلال الإسرائيلي لإستراتيجية "عوالم الموت"، بدءا من حصار القطاع على مدار 17 عاما قبل الحرب، مرورا بتكثيف الموت والإصابة بين الفلسطينيين. كما حوّل الاحتلال كل مناحي حياة الفلسطينيين إلى معاناة، كالحصول على المياه والغذاء والعلاج، وتدمير المساجد وتعطيل عملها في تعزيز الروح المعنوية، وإنهاك المجتمع من خلال إدخاله في متواليات من الأمل ثم اليأس، إذ تتناوب عليه أنباء الانفراج القريب التي يتلوها التصعيد والتهجير الداخلي، ويتم تحويل مراكز المساعدات إلى محطات للقتل كما حصل في العديد من المجازر على مدار الحرب. إستراتيجيات إدارة الألم درست أستاذة الأدب في جامعة هارفارد، إيلين سكاري، توظيف الألم كأداة سياسية في كتابها "الجسد المتألم.. صنع العالم وتفكيكه"، مشيرة إلى أن "النشاط المركزي في الحرب هو الإيذاء الجسدي، والهدف الأساسي منها هو التفوق في إلحاق الأذى بالطرف الآخر". وذلك رغم أن "واقع الإيذاء الجسدي غالبا ما يكون غائبا عن الأوصاف الإستراتيجية والسياسية للحرب"، كما يظهر لدى مراجعة كتابات كلاوزفيتز وليدل هارت وتشرشل وسوكولوفسكي وغيرهم من منظري الحرب. ففي الحرب "تحاول كل جهة أن تُحدث تفككا في الجهة الأخرى بجعل واقع الإيذاء نفسه هو القضية التي يُخاض النزاع حولها. ولا يكون النصر بالضرورة إلى جانب الطرف الذي يُلحق بخصمه أكبر قدر من الأذى من حيث الكمية المطلقة، بل إلى الطرف الذي ينجح في تفكيك عزيمة الطرف الآخر، سواء عزيمته على مواصلة الإيذاء أو على مواصلة تحمّله". وتسلط سكاري الضوء على خاصية أساسية في الألم الجسدي، وهي الصعوبة البالغة للتعبير عنه ونقل الشعور به إلى الآخرين لتعظيم أثره النفسي، مما يستدعي البحث عن وسائل "تكسبه الصوت" بهدف التخفيف منه. التخفيف من الألم وتتابع المدرسة في جامعة هارفارد أنه "كما أن التعذيب يتكوّن من أفعال تُضخم الطريقة التي يدمر بها الألم عالم الشخص وذاته وصوته، فإن الأفعال الأخرى التي تُعيد الصوت لا تكون مجرد إدانة للألم، بل تُصبح أيضا شكلا من التخفيف من الألم، بل انقلابا جزئيا على عملية التعذيب نفسها". وتقول "إن الاعتراف بالألم، ومحاولة التعبير عنه، تُعدّ شكلا من الامتداد الذاتي في العالم، بحيث يُمنح المتألم إمكانية استعادة صوته، ومن ثم استعادة إنسانيته". ومن هذه الوسائل ضرورة الاعتراف بالألم، والتعبير عنه، وبناء شبكات التعاطف الاجتماعي مع المتألمين، إذ "إن التعاطف، حين يمنح الألم مكانا في العالم عبر اللغة، يقلل من قوة الألم ويقاوم قدرة الجسد -حين يتألم- على ابتلاع الشخص بالكامل". وفي الحالة الفلسطينية، كان للأبعاد الدينية والروحية دور أساسي في استيعاب الألم والصدمات التي خلقها الاحتلال الإسرائيلي، إذ وفرت البنية العقائدية للمقاومة قدرا عاليا من الصلابة، ومكنتها من الاستمرار في العمل العسكري بدرجات متفاوتة على مدار 18 شهرا، رغم تقدير الاحتلال أنه قد قتل ما يزيد على 10 آلاف مقاتل، إضافة إلى الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى الذين يتركزون في أهالي المقاتلين ومحيطهم الاجتماعي. ووفرت مفاهيم مثل الشهادة والصبر والاحتساب، وآيات القرآن من قبيل "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون" أساسا للتعبئة الشعبية، وهي نتاج ثقافة تعززت بشكل خاص مع صعود دور المقاومة الإسلامية وإدارتها قطاع غزة منذ العام 2006. التمحور حول الألم ويتضح مما سبق أن مقدار الألم في الحرب ليس محددا للهزيمة أو النصر بحد ذاته، بل كيفية التعامل معه هي الأمر الحاسم بهذا الشأن، فإذا ترافق الشعور بالألم بالمعنى وبالتضامن فمن الممكن أن يكون معزّزا للإرادة في وجه الاحتلال، أما حينما يسود خطاب "عبثية الألم" مترافقا مع التفكك الاجتماعي والسياسي فيكون الألم دافعا إلى الانهيار. ويمكن لمركزية الألم في سياق الاستعمار أن تتخذ منحى إيجابيا أو سلبيا، وفقا لما تظهره الأعمال النظرية السابقة والتجارب العملية بهذا الشأن، إذ يمكن أن يكون الألم حافزا وأداة للتحرر حينما يحوّل إلى طاقة حشد وتعبئة، ويدار بروح جماعية صلبة، من خلال التضامن الاجتماعي والخطاب المقاوم، وحينما يعرّي العدو أخلاقيا ويقوض سرديته التي يقدم نفسه فيها مركزا للخير والحضارة. وبالمقابل، يعمل الاستعمار على إيصال الألم إلى مستوى لا يقدر المجتمع المستعمَر على تحمله بهدف تفكيك التضامن والروح المعنوية، ولتعزيز الشقاق الداخلي، مع الحرص على عدم إعطاء تنازلات يراها الواقعون تحت الاحتلال إنجازات تعزز صمودهم وثباتهم. وهكذا، فإن مآل الحرب لا ينفك عن صراع الإرادة بين صنع الألم وإدارته لدى طرفي الصراع، بما يتطلب وضع الألم دائما في سياقه، وتوجيه رد الفعل عليه نحو الاحتلال، مع السعي الدائم إلى تقليل مقداره في سياق إدامة مقاومة الاحتلال وليس الاستسلام لإرادته.