logo
ثقافة : ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية

ثقافة : ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية

الأحد 25 مايو 2025 01:33 مساءً
نافذة على العالم - مع انتهاء عصر الفراعنة، ودخول الإغريق إلى مصر، شهدت الأزياء المصرية تأثيرًا واضحًا من الطراز الإغريقي، حيث أصبح الناس في تلك الفترة يرتدون ملابس مشابهة تمامًا للأزياء اليونانية، فقد ظهرت النساء بفساتين طويلة ومزخرفة، بينما تميزت أزياء الرجال باستخدام الأحزمة الذهبية التي كانت تضيف طابعًا من الأناقة والفخامة على مظهرهم.
ومع مرور الزمن، تأثرت الأزياء المصرية بالحضارتين الرومانية والبيزنطية، فظهرت الملابس الواسعة ذات الأكمام الطويلة، والتي تميزت بتنوعها الكبير، وتم استخدام الأقمشة المزخرفة والألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأقمشة الثقيلة مثل الصوف، الحرير، والقطيفة.
الأزياء في العصور القبطية
أما في العصر القبطي، فقد ارتدى الأقباط عباءات كانت شائعة الاستخدام في الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية. وتنوعت تلك العباءات بين السادة والمزخرفة، وارتُديَت داخل المنازل وخارجها، وكان منها ما يوضع أحيانًا فوق الرأس، وقد تكون مستطيلة أو مستديرة الشكل، وتُثبت غالبًا على الكتف الأيمن باستخدام مشبك. وكانت تُصنع غالبًا من الصوف وتُستخدم بأشكال متعددة.
كما ظهرت "الملفحة" أو "الكوفية" وهي قطعة من القماش الفضفاض، شبيهة بالشال، تُغطى بها الرأس وإحدى الكتفين، ثم تُلف ببقية أجزاء الجسم، وقد استُخدمت بشكل أوسع بين النساء، لكنها كانت أيضًا تُعد عباءة للخروج للرجال والنساء، وهي عبارة عن قطعة مستطيلة من الصوف أو الكتان تُعلّق على أحد الكتفين.
من الأزياء البارزة أيضًا في هذا العصر كانت "الباليوم"، وهي عباءة تنسدل من الكتف الأيسر إلى الأمام، وتُعاد من الخلف من أسفل الذراع الأيمن، وتُثبت على الكتف الأيمن ثم تُرمى فوق الذراع الأيسر. أصبحت هذه العباءة زيًّا دينيًا هامًا، إذ استخدمها البطاركة في الكنيسة، بينما كانت تُقابلها عباءة مشابهة تُعرف باسم "البالا" لدى النساء.
ومن الملاحظ أن التونيك والعباءة غالبًا ما كانا يُنفّذان بنفس اللون، مما يرجح أنهما كانا يُصنعان في نفس الورشة وفي ذات الوقت، بينما في بعض الأمثلة الأخرى ظهرت العباءات بألوان متناسقة مع التونيك، إما أغمق أو أفتح، مما يعكس مستوى التطور في ورش العمل والنسيج في تلك الحقبة.
لم تقتصر الأناقة في العصر القبطي على الأزياء فقط، بل كانت مكملات الملابس جزءًا لا يتجزأ من الهيئة العامة للزي. فقد اعتُبرت الأقراط والدلايات من الإكسسوارات الأساسية، وظهر اهتمام المرأة القبطية بشكل كبير بالأناقة، حيث استخدمت أنواعًا عديدة من الحُلي كالخواتم المرصعة بالجواهر، الصلبان، المشابك، الأحزمة المزينة، دبابيس الشعر، والأساور. وقد تأثر هذا الثراء في الزينة بانتشار صناعة الحلي التي أضفت طابعًا من الفخامة على المظهر العام.
وغالبًا ما كانت تُصوَّر النساء في تلك الفترة وهن يرتدين الأقراط والعقود، وحرصت سيدات الطبقة الأرستقراطية على اقتناء الحلي الثمينة التي كانت دليلاً على الثراء والمكانة الاجتماعية. وقد عُثر بالفعل على مجموعة من الحلي الذهبية العائدة لإحدى نساء الطبقة الراقية في الواحات البحرية، وتضمنت أقراطًا، عقودًا، أساور، ومكاحل مصنوعة من العظم أو الخشب أو العاج.
الأزياء في العصور الإسلامية
ومع دخول الإسلام إلى مصر، طرأ على الأزياء تغير واضح تأثرًا بالمبادئ الإسلامية التي ركزت على الاحتشام والتواضع، فارتدى الرجال الجلابيب الطويلة والعمائم، بينما ارتدت النساء الحجاب والعباءات الطويلة، وتميزت أزياء تلك الفترة بالأقمشة الفاخرة كالقطن والكتان، وتزيّنت بالألوان الزاهية والتطريزات الفخمة.
تفنن الأمويون في ارتداء الأقمشة المنقوشة والمطرزة، وكانوا يميلون إلى الملابس التي تعكس الرقي والذوق الرفيع، حتى وإن ارتدوا ملابس مستوحاة من الطراز الروماني، فقد حافظوا على العمائم والسيوف كرموز للهوية. كما أن حكام تلك الفترة ارتدوا ملابس حملت تطريزات ملونة بخط عربي في أطرافها.
وكانت الملابس في العصور الإسلامية تعكس مكانة الشخص الاجتماعية والسياسية، فكان بعض رجال الدولة يختارون أن تُفصل ملابسهم في نفس الأماكن التي تُفصل فيها ملابس الخلفاء، وهذا يعكس مدى أهمية الزي في تلك الحقبة. كما كان الخلفاء يصادرون ملابس رجال الدولة عند حدوث خلافات، تمامًا كما كانوا يخلعون عليهم الملابس الفاخرة في حال الرضا.
وكانت لأغطية الرأس، مثل العمائم، أهمية كبيرة، خاصة لدى القضاة الذين ارتدوا أكبر أنواع العمائم تعبيرًا عن مكانتهم، وكانت تُخلع عليهم عند توليهم مناصبهم القضائية. وكان إرخاء طرف العمامة من علامات الرفعة، ولم يكن يُسمح بارتدائها في المواكب الرسمية إلا للخليفة أو الوزير.
وفي العصر الفاطمي، تطور الزي تطورًا ملحوظًا في مصر. فقد اهتم الفاطميون بأن تُعبر ملابسهم عن مذهبهم الشيعي، وكذلك عن الثراء الكبير الذي كان يميز عصرهم. ونظرًا لاهتمامهم بالأعياد والاحتفالات، فقد خصص الحكام ملابس فاخرة ومميزة لكل مناسبة، ما عكس الطابع الاحتفالي والتفاخر في الأزياء.
وبالنظر إلى تطورات الزي الإسلامي خلال العصور الوسطى وحتى القرن السادس عشر، نلاحظ تغيرات جذرية. فبعد مرحلة البساطة في صدر الإسلام، تسلل الترف تدريجيًا إلى الأزياء نتيجة الفتوحات، واختلاط الثقافات، وتدفق الأموال، وتطور صناعة النسيج. وبدأ الناس يرتدون الأقمشة الفاخرة كالحرير والستان، وكل ما توفر من خامات ترفيهية.
وفي العصر المملوكي، كانت الأزياء تعكس الفخامة والثراء بشكل واضح. فقد ارتدى المماليك ملابس معقدة التصميم ومزخرفة، واستُخدمت فيها الأقمشة الفاخرة كالحرير والمخمل، وتم تزيينها بخيوط الذهب والفضة، وكان الزي يعكس مكانة الشخص وهيبته داخل المجتمع.
أما في العصر العثماني، فقد تأثرت الأزياء المصرية بالطراز العثماني، فارتدى الرجال القفاطين، العمائم، السراويل الواسعة، والسترات الطويلة. بينما ارتدت النساء البراقع والفساتين الطويلة ذات الأكمام، وتزيّنت ملابسهم بالتطريزات الغنية المعقدة، والألوان الزاهية، مع استخدام الأقمشة الفاخرة مثل الحرير والساتان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ثقافة : ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية
ثقافة : ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية

نافذة على العالم

timeمنذ 5 ساعات

  • نافذة على العالم

ثقافة : ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية

الأحد 25 مايو 2025 01:33 مساءً نافذة على العالم - مع انتهاء عصر الفراعنة، ودخول الإغريق إلى مصر، شهدت الأزياء المصرية تأثيرًا واضحًا من الطراز الإغريقي، حيث أصبح الناس في تلك الفترة يرتدون ملابس مشابهة تمامًا للأزياء اليونانية، فقد ظهرت النساء بفساتين طويلة ومزخرفة، بينما تميزت أزياء الرجال باستخدام الأحزمة الذهبية التي كانت تضيف طابعًا من الأناقة والفخامة على مظهرهم. ومع مرور الزمن، تأثرت الأزياء المصرية بالحضارتين الرومانية والبيزنطية، فظهرت الملابس الواسعة ذات الأكمام الطويلة، والتي تميزت بتنوعها الكبير، وتم استخدام الأقمشة المزخرفة والألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأقمشة الثقيلة مثل الصوف، الحرير، والقطيفة. الأزياء في العصور القبطية أما في العصر القبطي، فقد ارتدى الأقباط عباءات كانت شائعة الاستخدام في الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية. وتنوعت تلك العباءات بين السادة والمزخرفة، وارتُديَت داخل المنازل وخارجها، وكان منها ما يوضع أحيانًا فوق الرأس، وقد تكون مستطيلة أو مستديرة الشكل، وتُثبت غالبًا على الكتف الأيمن باستخدام مشبك. وكانت تُصنع غالبًا من الصوف وتُستخدم بأشكال متعددة. كما ظهرت "الملفحة" أو "الكوفية" وهي قطعة من القماش الفضفاض، شبيهة بالشال، تُغطى بها الرأس وإحدى الكتفين، ثم تُلف ببقية أجزاء الجسم، وقد استُخدمت بشكل أوسع بين النساء، لكنها كانت أيضًا تُعد عباءة للخروج للرجال والنساء، وهي عبارة عن قطعة مستطيلة من الصوف أو الكتان تُعلّق على أحد الكتفين. من الأزياء البارزة أيضًا في هذا العصر كانت "الباليوم"، وهي عباءة تنسدل من الكتف الأيسر إلى الأمام، وتُعاد من الخلف من أسفل الذراع الأيمن، وتُثبت على الكتف الأيمن ثم تُرمى فوق الذراع الأيسر. أصبحت هذه العباءة زيًّا دينيًا هامًا، إذ استخدمها البطاركة في الكنيسة، بينما كانت تُقابلها عباءة مشابهة تُعرف باسم "البالا" لدى النساء. ومن الملاحظ أن التونيك والعباءة غالبًا ما كانا يُنفّذان بنفس اللون، مما يرجح أنهما كانا يُصنعان في نفس الورشة وفي ذات الوقت، بينما في بعض الأمثلة الأخرى ظهرت العباءات بألوان متناسقة مع التونيك، إما أغمق أو أفتح، مما يعكس مستوى التطور في ورش العمل والنسيج في تلك الحقبة. لم تقتصر الأناقة في العصر القبطي على الأزياء فقط، بل كانت مكملات الملابس جزءًا لا يتجزأ من الهيئة العامة للزي. فقد اعتُبرت الأقراط والدلايات من الإكسسوارات الأساسية، وظهر اهتمام المرأة القبطية بشكل كبير بالأناقة، حيث استخدمت أنواعًا عديدة من الحُلي كالخواتم المرصعة بالجواهر، الصلبان، المشابك، الأحزمة المزينة، دبابيس الشعر، والأساور. وقد تأثر هذا الثراء في الزينة بانتشار صناعة الحلي التي أضفت طابعًا من الفخامة على المظهر العام. وغالبًا ما كانت تُصوَّر النساء في تلك الفترة وهن يرتدين الأقراط والعقود، وحرصت سيدات الطبقة الأرستقراطية على اقتناء الحلي الثمينة التي كانت دليلاً على الثراء والمكانة الاجتماعية. وقد عُثر بالفعل على مجموعة من الحلي الذهبية العائدة لإحدى نساء الطبقة الراقية في الواحات البحرية، وتضمنت أقراطًا، عقودًا، أساور، ومكاحل مصنوعة من العظم أو الخشب أو العاج. الأزياء في العصور الإسلامية ومع دخول الإسلام إلى مصر، طرأ على الأزياء تغير واضح تأثرًا بالمبادئ الإسلامية التي ركزت على الاحتشام والتواضع، فارتدى الرجال الجلابيب الطويلة والعمائم، بينما ارتدت النساء الحجاب والعباءات الطويلة، وتميزت أزياء تلك الفترة بالأقمشة الفاخرة كالقطن والكتان، وتزيّنت بالألوان الزاهية والتطريزات الفخمة. تفنن الأمويون في ارتداء الأقمشة المنقوشة والمطرزة، وكانوا يميلون إلى الملابس التي تعكس الرقي والذوق الرفيع، حتى وإن ارتدوا ملابس مستوحاة من الطراز الروماني، فقد حافظوا على العمائم والسيوف كرموز للهوية. كما أن حكام تلك الفترة ارتدوا ملابس حملت تطريزات ملونة بخط عربي في أطرافها. وكانت الملابس في العصور الإسلامية تعكس مكانة الشخص الاجتماعية والسياسية، فكان بعض رجال الدولة يختارون أن تُفصل ملابسهم في نفس الأماكن التي تُفصل فيها ملابس الخلفاء، وهذا يعكس مدى أهمية الزي في تلك الحقبة. كما كان الخلفاء يصادرون ملابس رجال الدولة عند حدوث خلافات، تمامًا كما كانوا يخلعون عليهم الملابس الفاخرة في حال الرضا. وكانت لأغطية الرأس، مثل العمائم، أهمية كبيرة، خاصة لدى القضاة الذين ارتدوا أكبر أنواع العمائم تعبيرًا عن مكانتهم، وكانت تُخلع عليهم عند توليهم مناصبهم القضائية. وكان إرخاء طرف العمامة من علامات الرفعة، ولم يكن يُسمح بارتدائها في المواكب الرسمية إلا للخليفة أو الوزير. وفي العصر الفاطمي، تطور الزي تطورًا ملحوظًا في مصر. فقد اهتم الفاطميون بأن تُعبر ملابسهم عن مذهبهم الشيعي، وكذلك عن الثراء الكبير الذي كان يميز عصرهم. ونظرًا لاهتمامهم بالأعياد والاحتفالات، فقد خصص الحكام ملابس فاخرة ومميزة لكل مناسبة، ما عكس الطابع الاحتفالي والتفاخر في الأزياء. وبالنظر إلى تطورات الزي الإسلامي خلال العصور الوسطى وحتى القرن السادس عشر، نلاحظ تغيرات جذرية. فبعد مرحلة البساطة في صدر الإسلام، تسلل الترف تدريجيًا إلى الأزياء نتيجة الفتوحات، واختلاط الثقافات، وتدفق الأموال، وتطور صناعة النسيج. وبدأ الناس يرتدون الأقمشة الفاخرة كالحرير والستان، وكل ما توفر من خامات ترفيهية. وفي العصر المملوكي، كانت الأزياء تعكس الفخامة والثراء بشكل واضح. فقد ارتدى المماليك ملابس معقدة التصميم ومزخرفة، واستُخدمت فيها الأقمشة الفاخرة كالحرير والمخمل، وتم تزيينها بخيوط الذهب والفضة، وكان الزي يعكس مكانة الشخص وهيبته داخل المجتمع. أما في العصر العثماني، فقد تأثرت الأزياء المصرية بالطراز العثماني، فارتدى الرجال القفاطين، العمائم، السراويل الواسعة، والسترات الطويلة. بينما ارتدت النساء البراقع والفساتين الطويلة ذات الأكمام، وتزيّنت ملابسهم بالتطريزات الغنية المعقدة، والألوان الزاهية، مع استخدام الأقمشة الفاخرة مثل الحرير والساتان.

كريم بنزيما يثير الجدل من مهرجان كان برفقة لينا خضري بعد انفصاله عن جوردن أوزونا
كريم بنزيما يثير الجدل من مهرجان كان برفقة لينا خضري بعد انفصاله عن جوردن أوزونا

الصباح العربي

timeمنذ 8 ساعات

  • الصباح العربي

كريم بنزيما يثير الجدل من مهرجان كان برفقة لينا خضري بعد انفصاله عن جوردن أوزونا

خطف النجم الفرنسي كريم بنزيما الأنظار مجددًا، لكن هذه المرة خارج الملاعب، بعد ظهوره اللافت مع الممثلة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية لينا خضري في مهرجان كان السينمائي، ما اعتبره البعض إعلانًا رسميًا عن علاقة عاطفية جديدة، عقب انفصاله عن عارضة الأزياء الأمريكية جوردن أوزونا. وقد تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الظهور المفاجئ لبنزيما، الذي جاء في وقت يعيش فيه تألقًا رياضيًا لافتًا مع نادي الاتحاد السعودي. وكانت علاقة كريم بنزيما وجوردن أوزونا قد أثارت اهتمام الإعلام سابقًا، خاصة بعد تصريحات أوزونا عن اعتناقها الإسلام عام 2022، بتأثير من علاقتها بنجم ريال مدريد السابق، حيث أكدت أنها تأثرت بالقرآن الكريم ووجدت في الإسلام رسالة عميقة، ولكن القصة انتهت بشكل مفاجئ بعد أن قام بنزيما بحظرها عبر مواقع التواصل، مما أكد انفصالهما. على الصعيد الكروي، يواصل كريم بنزيما تألقه في الدوري السعودي بعد قيادته لفريق الاتحاد السعودي للفوز بلقب دوري روشن، في أول موسم له خارج القارة الأوروبية، وقد سجل بنزيما 23 هدفًا وصنع 9 أهداف، مؤكدًا أنه لا يزال واحدًا من أبرز المهاجمين على الساحة العالمية، رغم بلوغه الـ37 عامًا. ويبدو أن انتقال بنزيما إلى الحياة العامة خارج المستطيل الأخضر بات يأخذ حيزًا أكبر، خاصة بعد ارتباط اسمه مؤخراً بالممثلة الصاعدة لينا خضري، ما يجعل العلاقة محل متابعة من الإعلام الفرنسي والعربي، وسط تساؤلات حول مستقبل النجم الفرنسي على الصعيدين الشخصي والمهني. ويواصل اسم كريم بنزيما تصدر محركات البحث، سواء بسبب إنجازاته الرياضية في السعودية، أو تحوّلات حياته العاطفية التي أصبحت محط اهتمام الجمهور، وبينما تتوجه الأنظار نحو مستقبله الفني مع الاتحاد، تبقى قصته العاطفية مع لينا خضري حديث الساعة.

قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)
قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)

مصرس

timeمنذ 20 ساعات

  • مصرس

قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)

لا مجال هنا للاندهاش والاستغراب، ففي ذلك الزمان لم تفرق الأديان بين المصريين، الوطن اتسع للجميع والكل انصهر في بوتقة واحدة هي بوتقة الوطنية المصرية وارهاصات مرحلة جديدة من التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي. ومولانا الشيخ محمد رفعت لم يكن بعيدا عن تلك التحولات بل كان في القلب منها فهو ابن مرحلة شديدة الأهمية في تاريخ مصر ورمز من رموزها. كان طبيعيا أن يصبح منزله، وهو قارئ القرآن الأول في مصر والعالم الإسلامي عبارة عن مجمع أديان، وملتقى فنانين، وأدباء وشعراء وقساوسة، ويهود تحول منزله في حارة الأغوات بحي المغربلين إلى ملتقى وصالون ثقافي، اجتمعت فيه كل الأطياف والأديان بعدما ذاعت شهرته، فالتف حوله الفنانون، والأدباء، والمفكرون، وعلماء الأزهر، والقساوسة، واليهود.فالمنزل كان مكونًا من 3 طوابق، الطابق الأول منه عبارة عن 3 منادر واسعة، يعقد بها صالون ثقافي، يحضره فكري أباظة، الشاعر أحمد رامي، ومحمد التابعي، والشيخ زكريا أحمد، ومحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، ووالدها الشيخ إبراهيم، وليلى مراد، ووالدها اليهودي زكي مراد قبل دخولها الإسلام ونجيب الريحاني. فقد كان قيثارة السماء صديقًا للعديد من الأقباط الذين عشقوا صوته.ويذكر أنه في عام 1938 توقف الشيخ رفعت عن القراءة للإذاعة؛ لأن سعيد لطفي باشا رئيس الإذاعة رفع أجر الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي من 12 جنيهًا إلى 14 جنيهًا في التلاوة الواحدة، ولم يرفع أجر الشيخ رفعت إلى الرقم نفسه، رغم أن الشيخ رفعت هو من افتتح الإذاعة بصوته، والتف حوله المصريون بكافة طوائفهم وانتماءاتهم وأديانهم. غضب الكثير من الأقباط، وطالبوا بإعادة الشيخ رفعت إلى قراءة القرآن في الإذاعة لأنهم يحبون الاستماع إلى سورة مريم بصوته!!يقول الكاتب الصحفي الراحل لويس جريس " الشيخ رفعت عايش أحداثًا وطنية مهمة، منها فترة الزعيم مصطفى كامل، وواقعة دنشواي، وثورة 1919،أثرت فيه وتأثر بها، وعندما جئت إلى القاهرة، وجدت عددًا كبيرًا من الأقباط، يسيرون وراء الشيخ في كل سرادق يرتل فيه".ويضيف جريس:"إن الشيخ محمد رفعت بتلاوته أدى دورًا وطنيًا مهمًا جدًا أكثر مما فعلته خطب الساسة، أو أغاني المطربين، وقرّب القبطي من المسلم أكثر مما فعلته خطب الساسة، فصوته حنون جدًا، يجعلك إنسانًا رقيقًا تحب من أمامك".ربطته علاقة قوية بنجيب الريحاني وكان الريحاني يبكي عندما يستمع إلى القرآن منه، وقيل أنه عندما يكون عنده مسرح، والشيخ رفعت يقرأ في الإذاعة، لا يفتح الستارة حتى ينتهي الشيخ رفعت من القراءة.و كتب الريحاني مقالًا في احدى المجلات بعنوان«نزهة الحنطور مع الشيخ رفعت» يشير فيه الريحاني إلى فضل القرآن عليه وما تعلمه منه، بعد قراءته مترجمًا بالفرنسية، وسماعه بصوت الشيخ رفعت قائلًا:"ما كاد هذا الصوت ينساب إلى صدري حتى هز كياني، وجعلني أقدس هذه الحنجرة الغالية الخالدة، وهي ترتل أجمل المعاني وأرقها وأحلاها، صممت على لقاء الشيخ رفعت، فالتقيته أكثر من مرةٍ وتصادقنا". ووصف الريحاني الشيخ رفعت بالعالم الكبير، وأن صوته هو الخلود بعينه، مؤكدًا أن نبراته احتار في فهمها العلماء، وأنه عندما سأل عبد الوهاب عن سر حلاوة هذا الصوت، قال إنها منحة إلهية وعبقرية لن تتكرر. وظل الريحاني مرافقًا للشيخ رفعت في أيام مرضه الأخيرة، وقد توفي قبله بعامٍ تقريبًا.أصعب الفترات التي مرت على الشيخ محمد رفعت هي فترة مرضه، ورغم شهرته الواسعة فإنه لم يقرأ في الإذاعة إلا سنوات قليلة، خلال الفترة من عام 1934 وحتى عام 1939؛ حيث أصيب بورمٍ في الحنجرة، وخاف أن تفاجئه النوبات وهو يرتل على الهواء، واكتفى بالقراءة في مسجد فاضل، حتى آخر يومٍ احتجب فيه صوته تمامًا في عام 1940، ليبقى في بيته 8 سنوات وتتدهور حالته.يروي الكاتب، والناقد، والمؤرخ الفني كمال النجمي واحد شهود الحدث الجلل، في كتابه (أصوات وألحان عربية)، قائلًا:"كان يتلو سورة الكهف في مسجد فاضل باشا، يوم الجمعة كعادته منذ 30 عامًا، فلما بلغ الآية:«واضرب لهم مثلًا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعًا»، غص صوته واحتبس في كلمتين أو ثلاث، فسكت قليلًا يقاوم ما ورد عليه من الغصة والاحتباس، ثم عاد يتلو تلاوة متقطعة حتى ملأت الغصة حلقه وحبست صوته تمامًا، هنا أحنى الشيخ العظيم رأسه جريح القلب، لا يدري ماذا يصنع، ثم أخرج من جيبه زجاجة صغيرة فيها سائل أحمر، يبدو أنه دواء أحضره له بعض الصيادلة، فاحتسى قليلًا ثم انتظر برهة، وعاد يحاول التلاوة، فأطاعه صوته في آيتين أو ثلاث، ثم قهرته الغصة وكسرت شوكة الدواء الأحمر، فتوقف الشيخ العظيم حائرًا بعض الوقت ثم غادر مجلسه تاركًا إياه لشيخٍ آخر يتلو ما تيسر من السور.كانت لحظة قاسية عنيفة، اهتزت لها أعصاب الحاضرين في المسجد، فضجوا بالبكاء ولطم بعضهم الخدود حزنًا وأسفًا، وارتفع صراخ المقرئين الشبان، الذين كانوا يلتفون حول الشيخ العظيم كل جمعةٍ، يحاولون أن يتلقنوا بعض أسرار صناعته وفنه وطريقته. وبعد الصلاة خرج الناس وعيونهم فيها الدموع، وقلوبهم تحف بالشيخ الحزين، لا يدرون أيواسونه؟ أم يواسون أنفسهم؟.احتبس صوت رفعت بمرض الفواق(الزغطة) بعد سنواتٍ عمت شهرته البلاد وطبقت الآفاق، كان مرضه ابتلاءً أكبر مما ابتلى به الشيخ بفقده بصره. واشتد عليه وتقبله راضيًا، وأبت عليه عزة نفسه أن يمد يده لأحد طالبًا العون في مصاريف العلاج الباهظة، باع بيته وقطعة أرض يملكها، ولم يقبل التبرعات التي جمعها المحبون له، ووصلت إلى 20 ألف جنيه، وبضغط وإلحاح تلميذه وصديقه الشيخ أبوالعينين شعيشع، وافق على قبول المعاش الشهري الذي خصصه له وزير الأوقاف الدسوقي باشا أباظة.وقبل وفاته بأقل من عام، وفي يوليو 1949نشرت مجلة المصور تحقيقين عن مرض الشيخ ومعاناته، وتبنى الكاتب الصحفي أحمد الصاوي محمد، حملةً لعلاج الشيخ من خلال اكتتابٍ شعبي، ونجح في جمع 50 ألف جنيه من طواف الشعب مسلمين ومسيحيين، ولما علم الشيخ كتب إليه:"أنا مستور والحمد لله ولست في حاجةٍ إلى هذه التبرعات، والأطباء يعالجونني، ولكنهم لم يستطيعوا وقف هذا المرض ومنعه، كما أن هذه المبالغ أصحابها أولى بها مني؛ فهم الفقراء والمحبون لصوتي حقًا، لكني الحمد لله لست في حاجة إلى هذا المال؛ لأن الشيخ رفعت غني بكتاب الله، ولا تجوز عليه الصدقة، وأعتذر عن عدم قبول هذه التبرعات، ومرضي بيد الله سبحانه وتعالى وهو القادر على شفائي، وإني أشكر الأستاذ الصاوي، وأشكر كل من أسهم فى هذه التبرعات على روحهم الطيبة وحبهم لي".بعد10 أشهر، رحل في 9 مايو 1950، اليوم نفسه الذي وُلد فيه سنة 1882، الفارق فقط أنه وُلد لحظة أذان الظهر، ومات لحظة أذان الفجر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store