عن واقع الصحافة والصحفيين في اليمن
ومنذ اندلاع الحرب ضاقت الخيارات أمام الصحفيين، فوجدوا أنفسهم في الغالب أمام معادلة قاسية: إما القبول بخطاب السلطة القائمة والانحناء لإملاءاتها، أو مواجهة القمع والمنع وربما الموت. وهكذا تحولت حرية الرأي والتعبير إلى رفاهية مفقودة، والحق في الحياة إلى ثمن باهظ يدفعه الصحفي مقابل كلمة أو موقف.
ولا يصح وضع جميع السلطات في سلة واحدة، فالسلطة التي فرضت نفسها بانقلاب طائفي مسلح لا يمكن مقارنتها بسلطات محلية وأمنية رغم قصورها وأخطائها، إلا أنها تبقى – ولو بحدود ضيقة – أكثر تمثيلاً للناس وأقرب إلى واقعهم. ومع ذلك يبقى القاسم المشترك بين الجميع هو تقييد الصحافة، كلٌّ على طريقته.
في كل سلطة هامشٌ من الحرية وسقفٌ لا يُسمح بتجاوزه، يختلف من منطقة إلى أخرى، غير أن ما يوحّد جميع السلطات هو السعي إلى استقطاب الصحفيين وتوظيفهم. فمنهم من وجد نفسه مندمجاً عضوياً في خطاب السلطة، وتحول إلى ذراع دعائية تنطق بلسانها مقابل امتيازات وصلاحيات واسعة، وبعضهم تجاوز دوره الصحفي ليصبح صاحب سلطة وقوة مسلحة، اقتحم بها مؤسسات إعلامية، وفرض وصايته على المهنة، مانحاً التراخيص أو مانعاً لها، وفقاً لمزاجه وانتمائه الجغرافي. وفي المقابل ارتبط آخرون بمؤسسات إعلامية خارجية، فأصبحوا مرتهنين لسياساتها، مع ضرورة الموازنة والتوفيق بين ظروف مناطق إقامتهم ومطالب مشغّليهم.
أما أولئك الذين لم ينخرطوا في منظومات السلطة، ولا التحقوا بمؤسسات الخارج، فقد وجدوا أنفسهم في الهامش الضيق: رواتب هزيلة لا تكفي للعيش، أو بطالة مقنعة لا تعفيهم من المخاطر، مع ملاحظة أن الصحفي المسجل لدى الجيش أو الأمن في بعض المناطق براتب بالكاد يصل إلى 100 دولار، يحصل عليه كل ثلاثة أو أربعة أشهر، لا يمكن اعتباره جزءاً من سلطة الأمر الواقع، لأن مبلغاً تافهاً كهذا لا يصلح اعتباره مصدراً للعيش، فيما يتقاضى بعض التابعين لسلطات الأمر الواقع آلاف الدولارات قبل أن يصل الصحفي المسجل في الجيش إلى الراتب الشهري.
وعلى امتداد سنوات الحرب، دفع الصحفيون أثماناً فادحة: مئات الانتهاكات التي تراوحت بين القتل والاختطاف والتعذيب والمنع من العمل، ولم يعرف تاريخ اليمن الحديث زمناً كان الصحفي فيه أكثر عرضة للخطر من هذا العقد الأسود، ومع كل جريمة تتعالى أصوات التضامن في الخارج وهو أمر محمود، لكن المشكلة أن كثيراً من هذه الأصوات توظف المأساة لتصفية الحسابات وتسجيل النقاط، فيتحول الصحفي الضحية إلى مجرد أداة في لعبة الصراع.
في المحصلة، يعيش الصحفي اليمني اليوم أسوأ حقبة في تاريخ المهنة. فمن لم يبع قلمه أو يؤجر نفسه، صار بلا حماية ولا سند، تحاصره الانتهاكات من كل الجهات والاتجاهات، والصحافة التي كان يُفترض أن تكون صوت الناس، تحولت في معظمها إلى صدى للسلطة أو لأجندات الخارج، فيما ضاعت الرسالة النبيلة بين فوهات البنادق وصناديق التمويل.
وأصبح اليمن بلا صحافة حرة، والصحفيون بلا حماية؛ وما تبقى من أصوات مخلصة تقاوم الانكسار وتصر على حمل رسالة الحقيقة، تكافح مكشوفة الظهر وخائرة القوى، لأن المعركة أكبر منها والخصوم أشد بأساً وأكثر نفيراً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 18 دقائق
- الدستور
زيادة 22% في صادرات مصر الغذائية.. 2.6 مليار دولار خلال 5 أشهر
سجلت صادرات مصر من السلع الغذائية نموًا ملحوظًا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، حيث ارتفعت بنسبة 22.7% لتبلغ قيمتها 2 مليار و663 مليون دولار، مقابل نحو 2 مليار و170 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2024، بزيادة قدرها 492.7 مليون دولار. نمو الصادرات المصرية وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالي الصادرات المصرية خلال الفترة من يناير حتى مايو 2025 بلغ 22.31 مليار دولار مقابل 18.51 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة نسبتها 20.5%. وعلى صعيد أهم السلع الغذائية المصدرة، جاءت المستحضرات المركبة غير الكحولية المستخدمة في صناعة المشروبات في الصدارة بقيمة 226.9 مليون دولار مقابل أقل من مليون دولار فقط في العام الماضي، محققة معدل تغيير ضخم بلغ 23863.5%. ارتفاع صادرات الشيكولاتة كما ارتفعت صادرات الشيكولاتة ومنتجات الكاكاو المحشوة بنسبة 47.8% لتصل إلى 76.8 مليون دولار مقارنة بـ 51.9 مليون دولار في 2024، وسجلت صادرات الزيتون غير منزوع النوى والمحفوظ بغير الخل زيادة بنسبة 23.9% لتبلغ 57.5 مليون دولار مقابل 46.4 مليون دولار، بينما ارتفعت صادرات الخضروات والفواكه والمكسرات وأجزاء النباتات الأخرى الصالحة للأكل بنسبة 31.4% لتسجل 65.1 مليون دولار مقابل 49.6 مليون دولار. قفزة في صادرات البسكويت كما قفزت صادرات البسكويت الحلو سواء باحتواء الكاكاو أو بدونه بنسبة 60.6% لتبلغ 43.4 مليون دولار مقارنة بـ 27 مليون دولار، في المقابل، شهدت صادرات عصير البرتقال غير المخمر تراجعًا بنسبة 16.9% لتسجل 47.8 مليون دولار بدلًا من 57.5 مليون دولار العام الماضي. أما صادرات المكرونة غير المحشوة أو المحضرة بغير دقيق القمح فقد ارتفعت بنسبة 33.1% لتصل إلى 49.5 مليون دولار، كما ارتفعت صادرات زيوت دوار الشمس والقرطم وأجزائها بنسبة 67.3% لتبلغ 32.5 مليون دولار. وحققت صادرات الكابوريا (اللوبستر) المجمدة زيادة استثنائية بنسبة 161.5% لتسجل 21.3 مليون دولار مقارنة بـ 8.1 مليون دولار فقط العام الماضي، بينما ارتفعت صادرات مساحيق الخبز الجاهزة بنسبة 85.6% لتسجل 35.8 مليون دولار. وبحسب البيانات، بلغت الأهمية النسبية للصادرات الغذائية من إجمالي الصادرات المصرية 11.9% خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025 مقارنة بـ 11.7% في الفترة نفسها من 2024.


Independent عربية
منذ 22 دقائق
- Independent عربية
رسوم تأشيرة ترمب قد تكلف الاقتصاد الأميركي 11 مليار دولار
تشير أبحاث إلى أن الرسوم الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التأشيرات بقيمة 250 دولاراً، والمعروفة باسم "رسوم نزاهة التأشيرة"، قد تكلف الولايات المتحدة 11 مليار دولار، وهو رقم يفوق بكثير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس الأميركي. الرسوم، التي أدرجت ضمن ما سماه ترمب "القانون الكبير والجميل" الذي وقعه الشهر الماضي، ستفرض على جميع الزوار القادمين إلى الولايات المتحدة بتأشيرة غير مهاجر، مستثنياً مواطني الدول المدرجة ضمن "برنامج الإعفاء من التأشيرة"، الذي يشمل دول أوروبا الغربية في معظمها، إلى جانب عدد من الدول الآسيوية. ووفق تقديرات "مكتب الموازنة في الكونغرس"، سيدر رسم "نزاهة التأشيرة" عائدات تزيد قيمتها على 27 مليار دولار بحلول عام 2034. أي بكلام آخر، يتوقع المكتب أن تحقق الولايات المتحدة عائدات بقيمة 2.7 مليار دولار سنوياً، بنتيجة رسوم التأشيرة التي سيسددها 11 مليون زائر أجنبي كل عام. ومع أن صياغة القانون قد توحي بأن الرسم سيكون مربحاً للاقتصاد الأميركي، قد يكون العكس صحيحاً، وتتأتى عنه خسائر فادحة. أما السبب، فهو أن كلفة التأشيرة قد تثني الزوار عن المجيء. ووفقاً لتحليل أجرته مؤسسة "توريزم إيكونوميكس" واطلعت عليه مجلة "فوربس"، فإن الخسائر قد تصل إلى نحو 3.6 مليار دولار سنوياً، أي ما يقارب 11 مليار دولار خلال ثلاث سنوات. وقد يؤدي تراجع أعداد المسافرين إلى انخفاض في مستويات الإنفاق في أوساط الزوار القادمين إلى البلاد، وتتأتى عنه خسارة وظائف في قطاع السياحة، بعد أن كان قطاع السفر والسياحة قد أسهم، في عام 2022، بنحو 2.3 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي، وفق ما كشفت عنه "إدارة التجارة الدولية الأميركية". لكن على ما يبدو، لم يأخذ "مكتب الموازنة في الكونغرس" هذه التداعيات المحتملة في الحسبان. وقال متحدث باسم المكتب لمجلة "فوربس": "لقد اعتدنا، منذ وقت طويل، ألا يدرج 'مكتب الموازنة في الكونغرس' الآثار الاقتصادية الشاملة في تقديراته التقليدية للتكاليف"، مضيفاً بالقول: "لم نقم بأي تحليل ديناميكي يطاول هذا البند تحديداً". وفي هذا السياق، تواصلت "اندبندنت" مع "مكتب الموازنة في الكونغرس" للحصول على مزيد من المعلومات. والرسم المذكور، الذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قد فرض استباقاً لفعاليات من المتوقع أن تستضيفها الولايات المتحدة، وأن تستقطب حشوداً كبيرة قادمة من أرجاء العالم، بما يشمل كأس العالم لكرة القدم 2026 والألعاب الأولمبية الصيفية 2028. وفي هذا السياق، يشار إلى أن السياحة الدولية نحو الولايات المتحدة كانت شهدت تراجعاً بالفعل حتى قبل مصادقة ترمب على مشروع القانون الضخم. فقد أظهر تقرير صدر عن "مجلس السفر والسياحة العالمي" في مايو (أيار) الماضي أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة، من أصل 184 اقتصاداً خضع للتحليل، التي ستسجل تراجعاً في إنفاق الزوار الدوليين خلال عام 2025. وباعتماد هذه الوتيرة، لا شك في أن الولايات المتحدة تسير باتجاه تكبد خسارة لمبالغ بقيمة 12.5 مليار دولار، كان من المتوقع أن ينفقها الزوار الدوليون خلال هذا العام. وفي بيان صدر عن الرئيسة التنفيذية للمجلس، جوليا سيمبسون، حذرت قائلة: "إنها دعوة تنبيه للحكومة الأميركية"، مضيفة أن "الاقتصاد الأكبر في العالم في مجال السفر والسياحة يسير في الاتجاه الخاطئ، لكن ليس بسبب شح الطلب، وإنما نتيجة التقاعس عن اتخاذ أي إجراء. ففي حين تفرش دولاً أخرى بساط الترحيب لزوارها، ترفع الحكومة الأميركية لافتة كتب عليها 'مغلق'". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبحسب بيانات "إدارة التجارة الدولية"، شكلت المملكة المتحدة والهند والبرازيل واليابان وألمانيا (إلى جانب كندا والمكسيك) أبرز الدول التي زار مواطنوها الولايات المتحدة حتى شهر مايو 2025. ومن بين هذه الدول، ستطبق الرسوم فقط على مواطني البرازيل والهند، وهو ما قد يوجه ضربة للاقتصاد الأميركي. في عام 2022 مثلاً، أنفق السياح الهنود الذين زاروا الولايات المتحدة نحو 13 مليار دولار، بحسب "إدارة التجارة الدولية". وفي هذا السياق، أفاد إريك هانسن، نائب الرئيس الأول للعلاقات الحكومية في "رابطة السفر الأميركية"، لمجلة "فوربس": "ارتكب الكونغرس خطأ حين افترض أن رسم 'نزاهة التأشيرة' العالمي هذا لن ينعكس بصورة كبيرة على الزوار القادمين من بلدان كالهند أو البرازيل"، وقال أيضاً: "إنها تحديداً السياسات المرتجلة من النوع الذي سيوقعنا في مأزق كبير".


سيدر نيوز
منذ 22 دقائق
- سيدر نيوز
أسعار الذهب تهبط لأدنى مستوى في 3 أسابيع وسط ترقب ندوة الفيدرالي
نزلت أسعار الذهب اليوم الأربعاء إلى أدنى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع مع ارتفاع الدولار، فيما يترقب المستثمرون ندوة جاكسون هول التي يعقدها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع للحصول على مؤشرات حول مسار السياسة النقدية. تراجع الذهب والأسواق انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.1% إلى 3313.51 دولار للأوقية، بعد أن وصل إلى أدنى مستوى منذ الأول من أغسطس، بينما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر 0.1% إلى 3355.50 دولار. ارتفاع الدولار وتأثيره وأشار كلفن وونغ كبير محللي السوق في أواندا إلى أن ارتفاع الدولار وتحسن الرغبة في المخاطرة بسبب التطورات الجيوسياسية يضغطان على أسعار الذهب، مع ترقب الأسواق لكلمة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول. وارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى في أكثر من أسبوع، مما يجعل الذهب أقل تكلفة للمشترين من حائزي العملات الأخرى. ندوة الفيدرالي ومحضر الاجتماع من المتوقع أن يلقي باول كلمة في ندوة جاكسون هول بمدينة كانساس يوم الإثنين، بينما سيصدر اليوم محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر يوليو، ما قد يقدم مؤشرات إضافية حول السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي. التطورات الجيوسياسية في سياق آخر، استبعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشر قوات برية في أوكرانيا، مع الإشارة إلى إمكانية تقديم دعم جوي كجزء من اتفاق محتمل، فيما وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محادثاته في البيت الأبيض بأنها خطوة كبيرة نحو إنهاء الصراع مع روسيا وترتيب اجتماع ثلاثي مع بوتين وترامب. أسعار المعادن النفيسة الأخرى أما بالنسبة للمعادن الأخرى، فقد انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.3% إلى 37.26 دولار للأوقية، وارتفع البلاتين 0.2% إلى 1308.90 دولار، بينما انخفض البلاديوم 0.7% إلى 1106.83 دولار.