
ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا
ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء من الآية 95 إلى الآية 99
((لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفور رحيما إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا )) .
يتضمن هذا النص القرآني العهد الذي أخذه الله عز وجل على أمة الإسلام التي فرض عليها الجهاد من أجل أن يعبد وحده في الأرض ، ويقام فيها شرعه ، وقد تضمن تمييزا ومفاضلة بين القائمين بهذه الفريضة على وجهها ، وبين المقصرين فيها ، وبشّر من بشر من هم ، وأنذر من أنذر ، وأعذر من رأى له عذرا .
و حري بأمة الإسلام اليوم أن تستحضر هذا العهد المأخوذ عليها من خالقها وقد وجب عليها نصرة عباد له استضعفوا في أرض الإسراء والمعراج ، فحوصروا وجوعوا ، ودمرت مساكنهم ، وقتّلوا تقتيلا فاق حدود الإبادة الجماعية بأشواط بعيدة، لا لشيء إلا لأنهم أولا أرادوا تطهير مسجده الأقصى الذي باركه ، وبارك ما حوله من دنس اليهود الصهاينة ، ثم استرجاع حريتهم، ووطنهم الذي سلب منه بالقوة بمساعدة ودعم الاحتلال البريطاني ثم بعده دول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية .
إن النص المتضمن للعهد الإلهي أعلاه، لم يرد في محكم التنزيل ليرتل ثم تطوى صحفه كأنه قصص أو أحداث تاريخية ، بل هو تشريع ملزم لأمة الإسلام حتى تقوم الساعة ويقف الناس بين يدي خالقهم للمساءلة والمحاسبة والجزاء .
والأصناف التي ورد ذكرها في هذا النص القرآني هم مجاهدون بأموالهم وبأنفسهم ، وقاعدون عن الجهاد ، ومستضعفون ، وهي أصناف تتكرر في كل زمان وفي كل مكان إلى نهاية العالم .
والذي يعنينا من هذه الأصناف في هذا الظرف بالذات الذي يحتاج فيه المؤمنون المظلومون في أرض الإسراء والمعراج إلى مؤازرة واجبة شرعا هم القاعدون عن الجهاد الواجب والمستضعفون وفيما يلي تفصيل أحوالهم :
أ ـ صنف القاعدين عن الجهاد :
وتتدرج مسؤولياتهم من عليا إلى دنيا ، وسيسألون يوم العرض على خالقهم سبحانه وتعالى على قدر درجة مسؤوليتهم التي قلدهم إياها ، ولا ذريعة لهم يتذرعون بها يومئذ عن قعودهم أو تخلفهم عن نجدة من يستنجدون بهم من إخوانهم المؤمنين وهم تحت الحصار المحكم والتجويع المهلك ، والقصف المدمر . وإذا كان القاعدون المتخلفون عن فريضة الجهاد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيسألون يوم العرض على ربهم عن قعودهم بعبارة » فيم كنتم ؟ وسيتذرعون بعبارة » كنا مستضعفين في الأرض « ، فترفض ذريعتهم وتدحض بعبارة » ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ » ، فإن أصحاب المسؤوليات اليوم حسب تدرجها سيواجهون يوم العرض على خالقهم نفس المساءلة بصيغ أخرى، وستدحض كل ذريعة سيتذرعون بها ، وسيدانون بما أدان الله تعالى من كان قبلهم بقوله : (( إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم )) ، وما ظلم أنفسهم سوى القعود والتخلف عن أداء فريضة أوواجب الجهاد بالمال والنفس .و سؤال هؤلاء فيم كانوا؟ سيشمل كل شاغل شغلهم عن أداء واجبهم الديني ، وصاحب كل مسؤولية منهم على اختلاف نوعها سيتذرع بذريعة تسد مسد ذريعة الاستضعاف في الأرض كما فعل من كان قبلهم ، وسيواجه دحضها بأدلة دامغة لا سبيل لإنكارها، لأن الله تعالى يعلم السر وأخفى.
ومعلوم أن الجهاد المفروض على المؤمنين ـ وهو كره لهم ـ يتحقق بطرق شتى ، وهو أنواع ذكر منها الله عز وجل في النص القرآني أعلاه الأهم، وهو إنفاق المال ، والتضحية بالنفس ، ولكنه في نص آخر ذكر أنواعا أخرى في قوله عز من قائل في الآيتين العشرين والواحدة والعشرين بعد المائة من سورة التوبة :
(( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون )) .
ففي هذا النص القرآني تفصيل للجهاد بالنفس والمال وغيرهما ، ذلك أن الذي يظمأ، وينصب، ويجوع، ويطأ الموطىء الغائض للعدو ،والنائل منه ، و الذي يقطع الوادي هو المجاهد بنفسه ،وبجهده العضلي ،وربما يكون مجاهدا بماله أيضا ، والذي ينفق النفقة الصغيرة والكبيرة هو المجاهد بماله . والجهاد بما يغيض العدو وبما ينال منه له أوجه عديدة منها الكلمة المسموعة والتي تحضر وتعاين أو المنقول بالصوت والصورة عن بعد، كجهاد العلماء، والمفكرين، والدعاة، والخطباء، والإعلاميبن … هو جهاد لا يقل شأنا عن جهاد المال والنفس ، ومنه أيضا جهاد المسيرات المليونية، والمظاهرات ،والوقفات والاعتصامات المؤيدة والداعمة للمستضعفين المظلومين كجهاد عموم الناس، ومنها جهاد مقاطعة ما يسوق في الأسواق من سلع تعود أرباحها بالنفع على العدو وتقويه ، وهو جهاد مفروض على الجميع ولا عذر لأحد في التقصير فيه ، و قد توجد طرق وأساليب أخرى تؤدي نفس الغرض لا تقل شأنا عن جهاد المال والنفس، وعلى كل أفراد الأمة المسلمة أن تنشدها للنجاة من التخلف عن فريضة الجهاد إذا وجبت كما هو الشأن اليوم في أرض الإسراء والمعراج . ومع كثرة وتنوع ما يسد مسد الجهاد بالمال والنفس، لا يبقى من عذر لأحد ، ولا تقبل منه ذريعة إذا عرض على خالقه يوم الحساب .
ب ـ صنف المستضعفين :
وهم الفئة التي استثنيت في النص القرآني الأول من الوعيد في قوله تعالى :
(( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا )) .
ومعلوم أن الاستضعاف هو اعتبار الشخص ضعيفا ، وركوب ضعفه من أجل الإساءة إليه كما جاء على لسان نبي الله هارون وهو يخاطب أخاه نبي الله موسى عليهما السلام في جزء من الآية الخمسين بعد المائة من سورة الأعراف : (( قال ابن أُمَّ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني )).
ولقد ذكر الله تعالى في هذا الاستثناء ثلاثة أنواع وهم : رجال ،ونساء ،وولدان قاسمهم المشترك هو الضعف . وإذا كان الأصل في الرجال أنهم أقوياء ومؤهلون للجهاد ، و لا يدخلون تحت صنف المستضعفين إلا لعلة تسلبهم قوتهم من عمى، أو مرض، وعرج، أو قُعاد ،أو خبل … أو غير ذلك من العلل المانعة من أداء الفريضة، فإن الأصل في النساء والولدان الضعف .
ومعلوم أنه لا يجوز لغير هذه الأصناف التذرع بذرائع غير مقبولة كي يكونوا ضمن المقبولة أعذارهم لأن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء . ولا عذر يقبل لتعطيل فريضة الجهاد إذا وجبت على أمة الإسلام ، وهي اليوم واجبة في أرض الإسراء والمعراج ، وقد تعددت ، وتنوعت طرق الجهاد وأساليبه كما مر بما خصوصا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : » من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدث نفسه به، مات على شعبة من نفاق « .
وأخيرا نقول لينظر كل فرد من أمة الإسلام ،وهي اليوم تزيد عن المليار ونصف المليار نسمة إلى ما في وسعه من قدرة ، أوجهد مادي أو معنوي يبذله جهادا في سبيل الله من أجل إخوة له في الدين يعيشون محنة الحصار الخانق ، والتجويع ، والتعطيش ، والإبادة الجماعية ، وذلك تبرئة للنفس أمام الخالق سبحانه وتعالى ، و في نفس الوقت إراحة لضميره قبل أن يلقى ربه على شعبة من نفاق عياذا بالله منه .
و لا تفوت الفرصة دون التذكير بأنه على الرغم من أهمية ما في التوجه الواجب إلى الله تعالى بخالص الضراعة كي يعجل بفرج لإخواننا في أرض الإسراء والمعراج ، فإنه لا يمكن أن يكون بديلا عن التفكير في بذل ما في الجهد ، والوسع، والطاقة مما يدعمهم ماديا أو معنويا ،علما بأن الدعاء يأتي بعد الاستعداد والإعداد كما ذكرني بذلك أخ فاضل مشكورا مأجورا إن شاء الله تعالى بقول المولى جلت قدرته في الآية الخمسين بعد المائتين من سورة البقرة على لسان المجاهدين من أصحاب طالوت : (( ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) وقد جاء دعاؤهم بعد البروز لأعدائهم، وكان مسبوقا بالإعداد والاستعداد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى. ولا شك أن الدعاء مع إخواننا في أرض الإسراء والمعراج إذا جاء بعد عونهم ماديا ومعنويا مهما كان نوعه أو حجمه أو شكله، سيكون مستجابا إن شاء الله تعالى .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغربية المستقلة
منذ 3 ساعات
- المغربية المستقلة
صفرو : عامل إقليم صفرو يترأس لقاء بمناسبة الذكرى 20 لتأسيس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
المغربية المستقلة : متابعة عبد العزيز مضمون في إطار تخليد الذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي اختير لها هذه السنة شعار '20 سنة في خدمة التنمية البشرية'، نظم يوم الثلاثاء 20ماي 2025 بالقاعة الكبرى لعمالة اقليم صفرو، لقاء تواصليا ينضاف إلى سلسلة اللقاءات التواصلية الإخبارية والتكوينية التي نظمت بمقر العمالة منذ الإعلان عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. ونظم هذا اللقاء تحت الرئاسة الفعلية للسيد عمر تويمي بنجلون عامل إقليم صفرو الذي استهله بإلقاء كلمة افتتاحية، وقد عرف هذا الحدث مشاركة السلطات الأمنية والقضائية، والسلطات المحلية وأعضاء اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ورؤساء اللجن المحلية للتنمية البشرية، والمنتخبين وبعض ممثلي هيئات وجمعيات المجتمع المدني بالإقليم والصحافة والإعلام. وقد كان هذا اللقاء فرصة لتقديم حصيلة المراحل الأولى والثانية والثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف السيد عادل زهيري رئيس قسم العمل الاجتماعي بالعمالة مع عرض شريط مؤسساتي يتضمن المشاريع المبرمجة والمنجزة منذ انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005. كما تميز هذا اللقاء التواصلي بجلستين حواريتين حول منجزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمثلت في تدخلات كل من ممثلي المصالح اللاممركزة والجمعيات الشريكة الذين قدموا شهادات ميدانية وعروض مؤسساتية سلطت الضوء على حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى إقليم صفرو، منذ انطلاقتها إلى اليوم. وقد أجمعت مختلف التدخلات على أهمية المبادرة كرافعة للتنمية المحلية، من خلال تنوع مجالات تدخلها وتكامل برامجها الموجهة للفئات الهشة، والنساء، والشباب، والأشخاص في وضعية إعاقة. ففي المجال الاجتماعي، تم التطرق إلى دعم مراكز الرعاية الاجتماعية، وتعزيز التغطية الصحية، خاصة فيما يتعلق بصحة الأم والطفل، وتحسين ظروف التكفل بالفئات ذات الاحتياجات الخاصة. أما على مستوى التعليم، فقد تم إبراز المجهودات المبذولة لمحاربة الهدر المدرسي وتوسيع العرض التربوي، من خلال دعم التعليم الأولي، وتوفير النقل المدرسي بالعالم القروي. وفي الشق الاقتصادي، ركزت الشهادات على أثر المشاريع المدرة للدخل والمبادرات المقاولاتية، التي استفاد منها عدد من حاملي المشاريع، خصوصًا النساء والشباب، بفضل المواكبة والدعم المالي والتقني. كما تم تسليط الضوء على برامج التمكين الاقتصادي التي ساهمت في تعزيز روح المبادرة وخلق فرص الشغل. وأجمعت الشهادات على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بفضل مقاربتها التشاركية والترابية، شكّلت نموذجًا ناجحًا للتنمية المستدامة، عبر استهداف دقيق للاحتياجات، وتعبئة شاملة لمختلف المتدخلين المحليين، مما ساهم في تحسين مؤشرات التنمية بالإقليم وتعزيز التماسك الاجتماعي. وفي ختام اللقاء التواصلي تمت تلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى السدة العالية بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وعلى إثره قام السيد العامل والوفد المرافق له، وعدد من الحضور بالانتقال إلى ساحة الشرف من أجل تسليم سيارتين للنقل المدرسي، سيارة إسعاف وبعض المعدات الطبية، وبعد ذلك أشرف على تدشين منصة الشباب الكائنة بحي مساي بصفرو..


المغربية المستقلة
منذ 3 ساعات
- المغربية المستقلة
شفشاون تحتفل بالذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
المغربية المستقلة : متابعة إدريس بنعلي احتضن مقر عمالة إقليم شفشاون، صباح يوم أمس الثلاثاء 20 ماي 2025، أشغال الاجتماع الإقليمي المخلد للذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك تحت شعار: '20 سنة في خدمة التنمية البشرية'، حيث انطلقت الفعاليات ابتداءً من الساعة العاشرة والنصف صباحًا. وترأس هذا اللقاء السيد عامل الإقليم، بحضور عدد من الشخصيات البارزة، من ضمنهم السادة البرلمانيين عبد الرحمان العمري، إسماعيل البقالي، وعبد الحفيظ المكوتي نائب رئيس المجلس الإقليمي، بالإضافة إلى رئيس جماعة شفشاون السيد محمد السفياني، ورؤساء الجماعات الترابية، وأعضاء اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، فضلاً عن ممثلي المصالح الأمنية والخارجية، وفعاليات من المجتمع المدني. وقد استهل الحفل بتحية العلم الوطني وتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلاها عرض فيلم مؤسساتي يوثق لأبرز إنجازات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال مراحلها الثلاث. وفي كلمته بالمناسبة، عبّر السيد عامل الإقليم عن فخره الكبير بهذه الذكرى التي تخلّد انطلاقة ورش اجتماعي ملكي رائد، كان قد أعطى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله انطلاقته يوم 18 ماي 2005، مؤكداً أن هذه المبادرة شكلت ركيزة أساسية لترسيخ كرامة المواطن وتقليص الفوارق الاجتماعية. وأشار إلى أن المرحلة الثالثة من المبادرة تتميز باعتماد نهج جديد يركز على تثبيت المكتسبات، تحسين البنيات التحتية، تعزيز الخدمات الاجتماعية، وخلق فرص الشغل، خاصة من خلال البرنامجين الثالث والرابع الموجهين لدعم الأجيال الصاعدة. كما نوه بالمجهودات التي يبذلها مختلف المتدخلين، داعياً إلى مزيد من التعبئة لضمان استدامة المشاريع وجودة الخدمات المقدمة لفائدة ساكنة الإقليم. من جانبه، قدم السيد سعيد الخضير، رئيس قسم العمل الاجتماعي، عرضاً مفصلاً استعرض فيه حصيلة عشرين سنة من عمل المبادرة بالإقليم، وجاءت الأرقام كالتالي: إنجاز 227 مشروعًا في المرحلة الأولى بغلاف مالي قدره 120 مليون درهم. تنفيذ 721 مشروعًا خلال المرحلة الثانية بميزانية بلغت 194 مليون درهم. إطلاق 1273 مشروعًا في المرحلة الثالثة بكلفة إجمالية بلغت 633.53 مليون درهم. وقد ساهمت هذه المشاريع في تعزيز البنيات التحتية، دعم الفئات الهشة، خلق أنشطة مدرة للدخل، توفير فرص الشغل، تحسين الرعاية الصحية للأم والطفل، ودعم التعليم الأولي. كما تخللت اللقاء عروض لكل من السيد رشيد المجدوب حول أنشطة منصة الشباب 'شفشاون مبادرة المسيرة' منذ افتتاحها سنة 2020، بالإضافة إلى عرض لجمعية أطباء الصحة العمومية حول حملاتها الصحية، خاصة الموجهة لصحة الأم والطفل، وذلك في إطار الشراكات الموقعة مع المبادرة الوطنية. وشهدت المناسبة لحظات مؤثرة من خلال تقديم شهادات حية من مستفيدين ومستفيدات من مشاريع المبادرة، عبّروا فيها عن الأثر الإيجابي الذي أحدثته هذه البرامج في تحسين حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. واختتم الحفل بتلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والدعاء له بالنصر والتمكين.

وجدة سيتي
منذ 3 ساعات
- وجدة سيتي
VIDEO وجــــــــدة: الاحتفاء بالذكرى العشرين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية: « 20 سنة في خدمة التنمية البشرية
« خلّدت ولاية جهة الشرق، يوم الإثنين 19 ماي 2025، الذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بتنظيم لقاء تواصلي بمقر الولاية تحت شعار: « 20 سنة في خدمة التنمية البشرية « ، وذلك برئاسة السيد خطيب الهبيل، والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة-أنجاد، وبحضور السيد الكاتب للشؤون الجهوية، ورئيس المجلس العلمي الجهوي، ورئيس مجلس جهة الشرق، ورئيس جامعة محمد الأول، إلى جانب أعضاء اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، اللجان المحلية، رؤساء الجماعات، ممثلي المصالح اللاممركزة، وفعاليات من المجتمع المدني. وفي كلمته بالمناسبة، أكد السيد الوالي أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله سنة 2005، شكّلت تحولًا نوعيًا في مقاربة قضايا التنمية، حيث وضعت المواطن في قلب السياسات العمومية، وسعت إلى ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي. وأضاف أن المبادرة، على مدى عشرين سنة، ساهمت بشكل فعّال في تحسين مؤشرات التنمية البشرية بجهة الشرق، من خلال مشاريع تنموية همّت مختلف المجالات الحيوية، وعكست التزام الدولة الراسخ بتقليص الفوارق الاجتماعية والمجاليةـ مشيرا إلى أن المسار التنموي يشهد تحسنًا ملحوظًا على مستوى المؤشرات الدولية، لاسيما مؤشر التنمية البشرية (IDH) المعتمد من طرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث صُنّف المغرب سنة 2025 في المرتبة 120 من أصل 193 دولة، بعد أن بلغ المؤشر 0.710، منتقلاً بذلك رسميًا إلى فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، مما يعكس نتائج الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة، وهي مرتبة تعكس من جهة التحديات القائمة، ومن جهة أخرى التطور الملموس الذي بدأت تظهر معالمه بفضل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة . وأوضح السيد الوالي أن عمالة وجدة-أنجاد عرفت خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2025، إنجاز ما يفوق 1000 مشروع تنموي، بغلاف مالي إجمالي يفوق مليار درهم، ساهمت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بـ 560 مليون درهم. وتوزعت هذه المشاريع على قطاعات التعليم، الصحة، البنيات التحتية، الإدماج الاقتصادي، ودعم الفئات الهشة، وأسهمت في تحسين ظروف عيش المواطنين وتعزيز الإدماج المجالي والاجتماعي. كما شدّد السيد الوالي على أهمية المشاريع المنجزة وأثرها الإيجابي، مع الإشارة إلى أن بعض المشاريع واجهت تحديات تتطلب تقييمًا مستمرًا لتحسين الأداء وضمان فعالية واستدامة التدخلات التنموية . سواء في مرحلة التخطيط أو التنزيل الميداني، وهو ما يدعو إلى ضرورة تقييم هذه الصعوبات وتحليلها بشكل موضوعي، لاستخلاص العِبر وتحديد مكامن القصور. وأبرز أن هذا التقييم يُعد أداة استراتيجية لتطوير آليات العمل، وضمان استدامة الأثر التنموي، وتحقيق الانسجام بين الأهداف المرسومة والنتائج المحققة، مؤكداً أن تعبئة وانخراط جميع الفاعلين، وعلى رأسهم الشباب، يبقى شرطًا أساسيًا لإنجاح هذا الورش الملكي وتحقيق التنمية الشاملة. وخلال اللقاء التواصلي، قدم رئيس قسم العمل الاجتماعي عرضًا مفصلاً حول حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمراحلها الثلاث، مستعرضًا الإنجازات التي تحققت في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ففي المرحلتين الأولى (2005–2010) والثانية (2011–2018)، تم تنفيذ 499 مشروعًا بتكلفة إجمالية تجاوزت 829 مليون درهم، ساهمت المبادرة الوطنية بما يقارب 414 مليون درهم. أما المرحلة الثالثة (2019–2025)، فقد شهدت تنفيذ 529 مشروعًا بكلفة إجمالية بلغت 189 مليون درهم، بمساهمة للمبادرة بنحو 146.58 مليون درهم، استفاد منها أكثر من 326 ألف شخص. تركزت المشاريع على عدة برامج همت تعزيز البنية الاجتماعية من خلال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الاجتماعية مثل دور الطالبة والطالب، دور المسنين، ومراكز النساء في وضعية هشاشة. كما تم دعم التعليم عبر توفير وسائل النقل المدرسي وتعزيز البنيات التحتية التعليمية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الصحية من خلال اقتناء تجهيزات طبية وسيارات إسعاف. في الجانب الرياضي والثقافي، تم بناء دور الشباب، قاعات رياضية، وملاعب القرب، إلى جانب مركبات سوسيو-ثقافية لدعم إدماج الشباب. كما تم تحسين البنيات التحتية الأساسية عبر بناء أسواق نموذجية، تهيئة المسالك الطرقية، وفك العزلة عن المناطق القروية. وتضمّن برنامج اللقاء عرض فيلم يوثق لأبرز منجزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مدى العقدين الماضيين، إلى جانب تقديم شهادات حية لمستفيدين وشركاء جمعويين، عبّروا فيها عن الأثر الإيجابي للمشاريع المنجزة، سواء على المستوى الاجتماعي أو المجالي. كما تم تسليم حافلتين للنقل الاجتماعي لفائدة الجمعية الخيرية الإسلامية وجمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقاؤها، في خطوة تهدف إلى دعم التمدرس وتحسين تنقل الفئات الهشة وتكريس العدالة الاجتماعية في الولوج إلى الخدمات الأساسية. اختُتم اللقاء بكلمة للسيد الوالي، دعا فيها إلى تجديد الالتزام الجماعي بمبادئ وأهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤكداً على ضرورة تعزيز روح التعاون والعمل المشترك، وترسيخ قيم التضامن والعدالة المجالية، مع التركيز على تنمية العنصر البشري باعتباره الأساس لأي تنمية شاملة ومستدامة.