
زمن الاقتصاد السيادي
في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي من اضطرابات سلاسل الإمداد، وتقلّبات الأسواق، إلى الحروب التجارية والأزمات الجيوسياسية، وجدت الدول نفسها أمام واقع اقتصادي جديد، يُحتّم عليها إعادة صياغة الأولويات بما يضمن الاستقرار والسيادة الاقتصادية. لم يعد النمو هدفاً كافياً بحد ذاته، بل باتت المرونة الذاتية والاكتفاء الإستراتيجي حجر الأساس في أي نموذج تنموي حديث.
لقد كشفت السنوات الأخيرة هشاشة الاعتماد الكامل على العولمة التقليدية. فالدول التي كانت تعتمد على سلاسل توريد طويلة وغير مؤمّنة، واجهت صدمات قاسية في قطاعات حيوية كالصحة، والغذاء، والطاقة. هذا الانكشاف دفع العديد من الاقتصادات حتى المتقدمة منها إلى تبنّي سياسات اقتصادية جديدة تعيد التوازن بين الانفتاح والتوطين.
تتحوّل الدول اليوم من فلسفة الاقتصاد المفتوح بلا قيود إلى ما يمكن تسميته بـالاقتصاد السيادي؛ اقتصاد يعزز التصنيع المحلي، ويدعم الشركات الوطنية، ويستثمر في الابتكار والتقنيات الإستراتيجية. حتى التكتلات الكبرى، كالاتحاد الأوروبي، بدأت تدفع باتجاه الاستقلال الصناعي والتكنولوجي عن القوى الخارجية.
تتسابق الدول اليوم لبناء اقتصادات مرنة وقادرة على امتصاص الصدمات دون انهيار، وهو ما يتطلب تنويع الموارد، وتحسين كفاءة الإنفاق، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما بات من الضروري إعادة النظر في توزيع سلاسل القيمة، وبناء نماذج إنتاج مستدامة وصديقة للبيئة.
إن العالم لم يعد كما كان، وكذلك الاقتصاد. وحدها الدول التي تُدرك مبكراً عمق التحول وتُعيد بناء منظومتها الاقتصادية على أسس التنوع، والسيادة، والابتكار، هي من ستتقدم الصفوف وتكتب مستقبلها بيدها، لا بقلم غيرها. التحول الجاري في الاقتصاد العالمي لا يعني الانغلاق، بل إعادة تموضع ذكي يحفظ للدول مصالحها دون التفريط في فرص التعاون الدولي. لم تعد أدوات الأمس تصلح لفهم أو مواجهة تحديات اليوم، وأصبح التغيير ضرورة وجودية لا خياراً.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 38 دقائق
- عكاظ
احتفال أسرتَي عبدالجليل وعون بزواج عبدالخالق
شرّف نائب رئيس الجمهورية اليمنية الفريق الركن علي محسن صالح، حفل زواج الدكتور عبدالخالق عبدالله عبدالجليل من ابنة مصطفى طه عون، في أحد فنادق جدة، وسط حضور عدد من المسؤولين والأعيان ولفيف من الأهل والأصدقاء الذين قدموا التهاني والتبريكات للعروسين، داعين الله لهما بالتوفيق والسعادة. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
أردوغان: نتنياهو تجاوز هتلر
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "تجاوز منذ زمن طويل الظالم (الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر) من حيث جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها". وأوضح أردوغان في كلمة ألقاها خلال مشاركته، الأربعاء، في اجتماع الكتلة النيابية لـ"حزب العدالة والتنمية" بمقر البرلمان التركي بالعاصمة أنقرة، ونقلتها وكالة أنباء "الأناضول" التركية، أن بلاده "تبذل كل ما في وسعها لوقف العدوان الإسرائيلي . وقال إن "دماء المدنيين الذين قُتلوا والرضع والأطفال لطخت أيدي وجباه أولئك الذين ظلوا صامتين والذين يدعمون غطرسة إسرائيل"، مضيفا أن "أنقرة مستعدة لمواجهة أي سيناريوهات وحالات سلبية قد تنجم عن الصراع الإسرائيلي الإيراني". ولفت الرئيس التركي إلى إن "إسرائيل وسعت نطاق عدوانها في المنطقة من خلال مهاجمة أهداف وتنفيذ عمليات اغتيال داخل إيران". ووصف أردوغان التزام الصمت حيال "الممارسات العدوانية لإسرائيل والانفلات الأمني والإرهاب الحكومي"، بأنه "موافقة على ما يحدث تحديدا"، ولفت إلى أن تركيا أصبحت في الوقت الراهن، "دولة ذات بنية دفاعية متكاملة تحمي سماءها بأنظمة دفاع جوي محلية"، مؤكدا مضيها "بعزيمة ومثابرة حتى الوصول إلى الاستقلال الكامل بالصناعات الدفاعية".


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
«إسرائيل» قصفت موقعين إيرانيينلتصنيع أجزاء من أجهزة الطرد المركزي
ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الأربعاء أن إسرائيل قصفت موقعين في إيران، يصنعان أجزاء من أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم. وحددت الوكالة المنشأتين على أنهما ورشة تيسا كرج ومركز أبحاث طهران، مضيفة أن الاثنتين كانتا تحت مراقبة الوكالة. وكانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق الأربعاء أن أكثر من 50 طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو نفذت سلسلة من الضربات على أهداف عسكرية في منطقة طهران في الساعات الأخيرة. جاء ذلك في بيان صادر عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الذي أضاف أن موقعاً لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في طهران تعرض لهجوم، والذي كان يهدف إلى السماح للنظام الإيراني بتوسيع نطاق ووتيرة تخصيب اليورانيوم، حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأربعاء. وخلال موجة الهجمات، تم استهداف العديد من مواقع لتصنيع أسلحة. ومن بين مصانع تصنيع الأسلحة التي تعرضت لهجوم، موقع لإنتاج المواد الخام ومكونات تجميع صواريخ أرض-أرض، التي أطلقها النظام الإيراني ولا يزال يطلقها على إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، تم استهداف مواقع تصنيع أنظمة ومكونات صواريخ أرض-جو المصممة لضرب طائرات. ولم يقدم الجيش الإسرائيلي تفاصيل فورية بشأن حجم الأضرار في منطقة طهران. وتتواصل الهجمات الأربعاء، بينما ينتظر العالم قراراً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى الضربات الإسرائيلية على إيران أم لا.