
ما البعدان الإستراتيجيان لزيارة السوداني إلى تركيا؟
بغداد – مثّلت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أنقرة أمس الخميس ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطوة جديدة نحو تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، إذ شملت المباحثات مجالات متنوعة من الأمن إلى الطاقة والمياه فضلا عن التنسيق في القضايا الإقليمية.
وتعد هذه الزيارة هي الثالثة التي يجريها السوداني إلى تركيا خلال ترؤسه الحكومة العراقية بعد أن زارها سابقا في مارس/آذار 2024 وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بينما أجرى أردوغان زيارة رسمية للعراق في 22 أبريل/نيسان 2024 هي الأولى له منذ 13 عاما وقع فيها على اتفاق الإطار الإستراتيجي بين البلدين الذي يعد خارطة طريق نحو شراكة اقتصادية شاملة.
بُعدان إستراتيجيان
يؤكد باسم العوادي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، بأن الزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس مجلس الوزراء العراقي إلى أنقرة حملت في طياتها بُعدين إستراتيجيين يصفهما بالمهمين، يتمثلان في بُعد سياسي وآخر فني.
وقال العوادي للجزيرة نت، إن المباحثات تناولت في جانبها السياسي أبرز مستجدات وتطورات المنطقة، بما في ذلك الأوضاع في قطاع غزة و لبنان و سوريا ، بالإضافة إلى ملف المفاوضات الأميركية الإيرانية ومسألة حزب العمال الكردستاني ، وغيرها من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
أما على الصعيد الفني، فقد أكد أن اللقاءات الثنائية تركزت على تعزيز التعاون في الملف الأمني المشترك، ومناقشة قضية المياه الحيوية، ومتابعة مذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس التركي إلى بغداد وزيارة السوداني إلى أنقرة.
وشدد على أهمية تفعيل هذه المذكرات والانطلاق نحو تنفيذ بنودها، مشيرا إلى أن غالبية القضايا الفنية تم بحثها بشكل معمق من قبل المختصين المرافقين للوفد العراقي مع نظرائهم الأتراك.
كما سلط العوادي الضوء على مشروع طريق التنمية الإستراتيجي، قائلا إنه يتجاوز البُعد المحلي والإقليمي ليصبح مشروعا عابرا للحدود، موضحا أن هذا المشروع يمثل المسار الثاني المكمل لمشروع ميناء الفاو الكبير، ويحظى بأهمية داخلية ملحة للعراق.
كما أكد أن أهمية طريق التنمية تتعدى الإطار الإقليمي، حيث يهدف إلى ربط دول المنطقة بأوروبا، ليصبح ممرا حيويا للطاقة (النفط والغاز)، والبضائع (برا وسككا حديدية)، ونقل الطاقة الكهربائية، وكابلات الألياف الضوئية وسعات الإنترنت، فضلا عن تعزيز السياحة وتوطين الصناعات على امتداد مساره.
ووصف العوادي طريق التنمية بأنه "هدف عملاق لا مثيل له في المنطقة"، مؤكدا حرص العراق على أن يكون هذا المشروع مشتركا وشاملا ومطمئنا لجميع الأطراف المعنية، وأن يُحدث نقلة نوعية في ترابط العلاقات بين دول المنطقة من خلال تعزيز المصالح المشتركة والاستثمارات المتبادلة.
وأكد على أن تركيا تعد شريكا أساسيا ومكملا لهذا الطريق، كونها البوابة إلى أوروبا، مشددا على أنه لا يمكن لأي طرف في العراق أو تركيا التفكير في استخدام هذا المشروع كورقة ضغط على الطرف الآخر.
إعلان
ولفت العوادي إلى أن التفاهم وتقريب وجهات النظر والاتفاق على المسار العام للدول الفاعلة في المنطقة يصب في مصلحة الاستقرار الإقليمي الشامل، مشيرا إلى أن الزيارات المتبادلة وطرح القضايا العامة على أعلى المستويات، مع الاحترام المتبادل والنوايا الصادقة، ستكون عاملا مساهما في تحقيق الاستقرار في عموم المنطقة وإيجاد حلول متوازنة ومقبولة للأزمات المختلفة.
ملف الطاقة
من جانبه كشف وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عن أبرز المحاور التي جرت مناقشتها والاتفاق عليها خلال الزيارة الرسمية للوفد العراقي إلى الجمهورية التركية.
وقال حسين للجزيرة نت إن "الزيارة شهدت متابعة تنفيذ 26 مذكرة تفاهم تم توقيعها سابقا، حيث تم تقييم مدى الالتزام بتنفيذ هذه المذكرات، وتحديد الأسباب التي حالت دون تنفيذ بعضها"، مشيرا إلى أن "غالبية هذه المذكرات تم الالتزام بها وتنفيذها".
وأضاف أنه "تم خلال الزيارة توقيع 8 مذكرات تفاهم جديدة، تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات"، مؤكدا أن "العلاقات الثنائية مع الجانب التركي تشهد تطورا ملحوظا يوما بعد يوم، وتغطي مجالات حيوية ذات أهمية إستراتيجية للبلدين".
وفيما يتعلق بملف الطاقة، أوضح الوزير أن "المباحثات تركزت على القضايا الأساسية في هذا المجال، بما في ذلك تصدير النفط عبر الأنبوب النفطي الممتد من إقليم كردستان العراق إلى تركيا، ومسألة تجديد العقد الخاص بهذا الأنبوب، حيث تجري المفاوضات حول سبل التجديد"، كما تم التطرق إلى "مستقبل تصدير الغاز العراقي، واستيراد الغاز لتلبية احتياجات العراق في إنتاج الطاقة الكهربائية".
وفي مجال الكهرباء، أشار حسين إلى "وجود اتفاق مبدئي لشراء 300 ميغاوات من تركيا، مع السعي لزيادة هذه الكمية إلى 600 ميغاوات في المستقبل القريب، وربما الوصول إلى 800 ميغاوات في مراحل لاحقة".
أما فيما يتعلق بملف المياه، فقد أكد الوزير أن "الجانبين ناقشا التحديات التي تواجهها المنطقة بسبب سنة الجفاف والانخفاض الواضح في نسبة المياه في كل من تركيا والعراق"، مضيفا أنه "تم بحث سبل إدارة هذه المسألة، وبدء تنفيذ مشاريع مائية في العراق، تتضمن إدارة وحصر وخزن المياه، بمشاركة الشركات التركية".
وتابع: كما تم التطرق إلى "آليات الدفع الخاصة بهذه المشاريع، سواء من خلال النفط أو تضمينها في الموازنة القادمة"، مشددا على أن "المباحثات الأساسية تركزت حول ملفات المياه والطاقة، بالإضافة إلى القضايا الأمنية، حيث تم التوصل إلى تفاهمات واضحة في هذا المجال".
ملف المياه
وفي نفس السياق، أكد وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب عبد الله، على الأهمية البالغة التي حظي بها ملف المياه خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الوفد العراقي برئاسة السوداني إلى الجمهورية التركية.
وقال عبد الله للجزيرة نت إن "موضوع المياه كان حاضرا بقوة وبشكل محوري ضمن المواضيع التي طرحها رئيس مجلس الوزراء على الجانب التركي"، مشيرا إلى وجود "استجابة من الجانب التركي تجاه هذا الملف الهام، حيث تم شرح الظرف المائي الصعب الذي يمر به العراق، والذي يتجلى في سنة الجفاف الشديدة والمشاكل الحادة التي تواجه البلاد".
كما أضاف أنه تم إطلاع الجانب التركي على "القرار الصعب الذي اتخذته الحكومة العراقية بمنع زراعة المحاصيل الصيفية بسبب شح المياه الحالية ومحدودية الكميات المتوفرة"، مشددا على أن هذا القرار، على الرغم من صعوبته، جاء انطلاقا من الحاجة الملحة للحفاظ على الموارد المائية المتاحة لتلبية الاحتياجات الأساسية خلال فصل الصيف القادم.
وحذر الوزير من أن "العراق سيواجه صيفا صعبا في ظل هذه الظروف المائية الاستثنائية"، مؤكدا على أن "جهود وتعاون الجانب التركي معنا من أجل معالجة هذه التحديات الحيوية تعتبر ضرورية".
إعلان
وأعرب عبد الله عن تفاؤله بالاستجابة الإيجابية التي لمسها من الجانب التركي، قائلا: "كانت هناك استجابة إيجابية ووعدونا خيرا، ولدينا متابعة يومية لإيرادات المياه لمعرفة مدى الالتزام".
القمة العربية
خبير العلاقات الدولية طارق الزبيدي توقع أن تحمل زيارة السوداني إلى تركيا دعوة لأنقرة وطهران لحضور القمة العربية في بغداد كمراقبين أو ضيوف، نظرا لتأثيرهما في القضايا العربية.
وتتأهب العاصمة العراقية بغداد لاستقبال وفود من 21 دولة عربية، للمشاركة بالقمة الـ34 لمجلس جامعة الدول العربية المقرر انعقادها في 17 مايو/أيار الجاري.
وأشار الزبيدي خلال حديثه للجزيرة نت إلى الدور المحوري لكل من تركيا، كعضو في الناتو وذات موقع إستراتيجي، والعراق، بدوره الإقليمي وثرواته وعلاقاته القوية بجواره.
وأوضح أن نجاح العراق في وساطات سابقة يعزز دوره كوسيط مقبول، وأن التعاون المتنامي بين بغداد وأنقرة، وإدراكهما لأهمية الحوار، سيحقق نتائج إيجابية، خاصة في ظل المصالح الاقتصادية المشتركة كمشروع طريق التنمية، كما لفت إلى حاجة الطرفين للتنسيق في ملفات أمنية واقتصادية.
وبيّن أن التقارب العراقي التركي لن يؤثر على علاقات بغداد بواشنطن، لكنه قد يثير مخاوف لدى طهران، مؤكدا قدرة العراق على الحفاظ على توازن علاقاته مع جميع دول الجوار.
وأشار الزبيدي إلى أن الزيارات المتبادلة وتوقيع مذكرات التفاهم يعكسان رغبة في تعزيز التعاون، وأن الحراك الدبلوماسي العراقي يهدف لتهيئة بيئة مناسبة لنجاح القمة العربية في بغداد، بما يعيد للعراق دوره المحوري إقليميا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
انقسام رياضي حاد في لبنان وانبثاق لجنتين أولمبيتين يهدد بإيقاف دولي
أدى الانقسام الحاد بين الاتحادات الرياضية في لبنان إلى انبثاق لجنتين أولمبيتين، وسط مخاوف من إمكانية إيقاف دولي للرياضة في البلاد. يعود الخلاف إلى نحو عامين، فبعد معركة انتخابية في 2021، اشتد النزاع على خلفية طرح أعضاء من اللجنة ضم 4 اتحادات إلى الجمعية العمومية تمثل رياضات السكيت بورد، الخماسي الحديث، ركوب الأمواج والتسلق الرياضي. اعتبر المعترضون، وبينهم رئيس اللجنة بطرس جلخ، الطرح انقلابا على التوازن في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية ومنطق التسويات. أدى ذلك إلى تقارب بين جلخ ورئيس اتحاد المبارزة جهاد سلامة، خصمه المباشر في معركة 2021، حين تبارزا لقيادة لجنة يرأسها مسيحي بحسب العرف ويتوزع أعضاؤها بين المسلمين والمسيحيين. في مايو/أيار 2023، طردت اللجنة 3 رؤساء اتحادات ضمن التكتل الداعم لضم الاتحادات الجديدة، بينهم نائب الرئيس الأول للجنة، رئيس اتحاد كرة القدم هاشم حيدر المحسوب على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على خلفية ترؤسه جلسة عزلت جلخ وانتخبت نائب رئيس اتحاد الفروسية رئيسا. بعد أولمبياد باريس 2024، حصل اتفاق مصالحة برعاية وزارة الرياضة، فمنحت إفادة إدارية ورُفعت العقوبات عن رؤساء الاتحادات. عودة الشقاق لكن مع انتهاء ولاية اللجنة في 24 فبراير/شباط الماضي عاد الشقاق، فالتحق جلخ بالحلف الذي أوصله إلى الرئاسة قبل 4 سنوات ويحظى بدعم من حركة أمل التي يتزعمها بري، في حين تباينت آراء الفريقين حول أهلية الاتحادات للانتخاب. أطلقت وزيرة الشباب والرياضة نورا بايراقداريان التي ألغت الشهر الماضي تراخيص اتحادات السكيت بورد والخماسي الحديث وركوب الأمواج، مبادرة توافقية من مكتب رئيس البرلمان دون جدوى، فقرر كل فريق إجراء انتخابات بمفرده. يعتبر معسكر سلامة الذي يضم اتحادات كرة السلة والطائرة وألعاب القوى، أن 26 اتحادا فقط يحق لهم التصويت، فيما سمح جلخ بمشاركة 32 اتحادا، من بينها الاتحادات الأربعة موضوع النزاع، بالإضافة إلى اتحادي السباحة الموقوفة لجنته الإدارية خارجيا والملاكمة غير المنتسب للاتحاد الدولي (وورلد بوكسينغ) بحسب سلامة. يوم الأربعاء، انتخب 14 اتحادا أول لجنة برئاسة سلامة من أصل 26 يحق لها التصويت ويعترف بها معسكره، فيما انتخب 18 اتحادا جلخ بعد يومين، من أصل 32 اتحادا مؤهلا بحسب تكتل الأخير. يقول سلامة في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية "دعوة جلخ لقبول انضمام الاتحادات الأربعة مخالفة للنظام، فأبطلها مركز التحكيم. اجتمع بعدها 13 اتحادا، أي أكثر من الثلث القانوني، ودعونا إلى جمعية عمومية قانونية في 14 مايو/أيار وفق الأنظمة". وتطرق سلامة إلى مبادرة لجمع العموميتين أطلقتها وزيرة الرياضة، قائلا "كنا بصدد اتفاق لانتخاب لجنة توافقية بالتزكية مع الإبقاء على قضية الاتحادات الأربعة منوطة بالجمعية العمومية، لكن جلخ عرقل التوافق". أضاف أمين سر حزب التيار الوطني الحر الذي أسسه رئيس الجمهورية الأسبق ميشال عون "هناك لجنتان الآن، الأولى انتخبها 14 اتحادا لديها شرعية الأرض والاتحادات الكبيرة وتمثل 80% من الرياضة اللبنانية، والثانية تسعى لنيل موافقة الأولمبية الدولية والآسيوية. بالتالي نحن نخوض مسارا قانونيا ودوليا ومحليا لتحصيل حقنا". تابع "هذه اتحادات لن تتراجع وتعبت من السيطرة وسرقة أحلامها من قبل أشخاص لا يملكون رياضة واتحادات وأنديتهم غير فاعلة. الاتحادات في مجموعتي هي واجهة البلد رياضيا وتعبت وسئمت وخُذلت أكثر من مرة". "ليس لديها أي شرعية دولية" في المقابل، انتخب 18 اتحادا الجمعة جلخ في جمعية عمومية واكبها عن بعد المدير العام للمجلس الأولمبي الآسيوي الكويتي حسين المسلم. قال جلخ "نحن لجنة معترف بها من الأولمبية الدولية والمجلس الآسيوي، فيما اللجنة الثانية شكلتها اتحادات معارضة ليس لديها أي شرعية دولية". تابع جلخ المحسوب على حزب الكتائب اللبنانية "قرروا إجراء انتخاباتهم قبلنا بيومين ليظهروا أحقيتهم، علما أن اللجنة الدولية كشفت أنها ستعترف بانتخابات 16 أيار (مايو) حصرا". ورأى أن ما قام به "الفريق الآخر" لا يعتبر صحيا و"ما جرى يعتبر جريمة بحق الرياضة اللبنانية والرياضيين". وكتب النائب سليم الصايغ، عضو كتلة الكتائب اللبنانية في البرلمان في حسابه على منصة إكس "انتبهوا: الرياضة في لبنان في خطر. ان لم يرفع من في الحكومة يده عن اللجنة الأولمبية، سنكون أمام موقف حازم بالمنع من قبل اللجنة الأولمبية الدولية". وفيما لفت جلخ إلى تلقي لجنته رسائل من لجنة الأخلاق في المجلس الأولمبي الآسيوي تفيد بإيقاف سلامة وعضوين آخرين لمدة 90 يوما، قال سلامة "لم أرتكب أي خطأ، وجل ما فعلته هو الذهاب إلى مركز التحكيم الرياضي. وسأطعن بقرارهم أمام مركز التحكيم الدولي".


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
تفجيرها أم إعادتها؟.. جدل في المنصات تشعله قنبلة إسرائيلية ضخمة بمطار صنعاء
شبكات تفاعل مغردون مع مشاهد إعادة افتتاح مطار صنعاء الدولي من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيون) بعد 10 أيام من تعرضه لقصف إسرائيلي أخرجه من الخدمة. اقرأ المزيد المصدر : الجزيرة


الجزيرة
منذ 17 ساعات
- الجزيرة
اكتشافات الغاز.. ورقة طاقة تعزز مكانة تركيا الإستراتيجية
قال خبير الطاقة، أوغوزخان آقينر، إن اكتشافات الغاز بتركيا تعزز مكانة البلاد الإستراتيجية، مشيرا إلى أنها باتت تمتلك حضورًا متزايدًا في سوق الغاز الإقليمي. وأعلنت تركيا السبت اكتشاف 75 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي في بئر (كوكتبه) بالبحر الأسود، في خطوة وصفت بأنها تعزز أمن الطاقة وتدفع البلاد نحو دور محوري في أسواق الطاقة الإقليمية والدولية. وأوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس السبت، أن سفينة عبد الحميد خان التركية للتنقيب اكتشفت الاحتياطي الجديد على عمق 3500 متر ضمن حقل كوكتبه الذي يقع على بعد 69 كيلومترا غرب حقل صقاريا للغاز و165 كيلومترا من اليابسة. وتشير البيانات الأولية إلى أن القيمة الاقتصادية للاكتشاف تقدر بنحو 30 مليار دولار، وهي كمية كافية لتغطية حاجة المنازل التركية من الغاز لمدة تصل إلى 3 أعوام ونصف. دراسات دقيقة ونقلت وكالة الأناضول التركية عن رئيس مركز أبحاث إستراتيجيات وسياسات الطاقة التركي، أوغوزخان آقينر، قوله إن الاكتشاف الجديد يأتي نتيجة دراسات تقنية دقيقة في البحر الأسود، مؤكّدًا استمرار إستراتيجية التنقيب المتسلسلة في مناطق الحوض الغربي لحقل صقاريا في البحر الأسود. إعلان وأوضح آقينر أن الكمية المكتشفة ستُنتج على مراحل، وليس دفعة واحدة، لافتا إلى أن الاكتشاف الحالي سيدعم الاستهلاك المحلي لسنوات، حتى لو بلغ الإنتاج السنوي 6 مليارات متر مكعب وحسب. وأضاف آقينر "البنية التحتية والتقنية المكتسبة سابقًا ستسهل تسريع عمليات الإنتاج". ومع هذا الاكتشاف، يرتفع إجمالي احتياطي الغاز المؤكد في البحر الأسود إلى 785 مليار متر مكعب، بعد أن كان 710 مليارات، وهو ما وصفه آقينر بـ "التقدم الملموس نحو تقليص العجز الجاري وتقليل الاعتماد على الخارج في الطاقة". وأشار الخبير التركي إلى أن بدء الإنتاج الفعلي يعتمد على السيناريوهات التطويرية التي ستقرّها وزارة الطاقة، مرجحًا أن يبدأ التشغيل التجاري بعد عدة سنوات، وأن يسهم بنسبة 7-8% من الاستهلاك السنوي المحلي. حضور متزايد لفت آقينر إلى أن تركيا باتت تمتلك حضورًا متزايدًا في سوق الغاز الإقليمي، قائلًا "نحن اليوم دولة مصدّرة للغاز، وقد نجحنا بالفعل في التصدير إلى دول في البلقان وناخجوان (في أذربيجان)، ونسعى لإيصاله قريبًا إلى سوريا أيضًا، مما يدعم مكانتنا كمركز لتجارة الغاز". وتابع " تركيا تعزز مكانتها كدولة مركزية سياسيًا وعسكريًا ودبلوماسيًا، وهذه الاكتشافات تمنحها ورقة طاقة قوية تكرّس هذا الدور في المنطقة". واعتبر آقينر أن الوتيرة المستمرة في تطوير الحقول البحرية وزيادة إنتاج النفط في مناطق مثل غابار (بولاية شرناق جنوب شرقي البلاد)، إلى جانب توسع الأنشطة الخارجية في أماكن مثل الصومال ، تدعم الطموح التركي لتكون مركزًا عالميًا في الطاقة.