logo
تهاني عامر مهندسة مصرية في وكالة ناسا

تهاني عامر مهندسة مصرية في وكالة ناسا

الجزيرة١١-٠٥-٢٠٢٥

تهاني عامر، مهندسة وخبيرة مصرية في علوم الفضاء والطيران، ولدت عام 1965 بالعاصمة المصرية القاهرة، وفيها بدأت مسيرتها العلمية، وقادها طموحها إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث أصبحت المديرة التنفيذية في شعبة علوم الأرض في الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء المعروفة اختصارا بـ"وكالة ناسا".
في مسيرتها المهنية طورت تقنيات مبتكرة وحصلت على براءتي اختراع، وساهمت في العديد من المشاريع العلمية الكبرى. وكرمتها الحكومة الأميركية بجائزة الخدمة العامة عام 2014، تقديرا لإسهاماتها في دعم النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة.
كما حصلت على جوائز أكاديمية ومهنية عدة مقابل إنجازاتها في وكالة "ناسا". وظهرت في العديد من الفعاليات العلمية والمبادرات الدولية وشاركت في مؤتمرات وندوات علمية حول العالم.
في بيئة عمل دولية تنافسية، حافظت على التزامها بحجابها وقيمها الدينية، كما نجحت في إيجاد توازن دقيق بين حياتها المهنية والأسرية، وشرحت في أكثر من مناسبة كيف تخطت التحديات التي واجهتها بصفتها امرأة عربية مسلمة تعمل في مجال علمي وتقني.
المولد والنشأة
وُلدت تهاني عامر عام 1965 في القاهرة، وتزوجت في سن السابعة عشر، ثم انتقلت مع زوجها إلى الولايات المتحدة، وهي أم لأربعة أطفال.
نشأت في أسرة مصرية تقليدية تقدر التعليم مع الحفاظ على القيم العائلية والدينية، وتقول إن مفتاح نجاحها يكمن في معادلة شخصية أسمتها "معادلة عامر للنجاح"، تجمع بين الخيال والعاطفة والمثابرة والتخطيط وبناء العلاقات.
وتعتبر "دائرة الدعم المجتمعية" المكونة من أسرتها وزملائها أحد أسرار نجاحها، كما عُرفت بانخراطها في الأنشطة المجتمعية في الولايات المتحدة، إذ تطوّعت معلمة في المسجد مرة كل أسبوع على مدار سنوات، وقالت إن هذه التجربة ساهمت في الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية لأبنائها.
وتمكنت أيضا من تحقيق التوازن بين الأمومة ومسيرتها الأكاديمية، حتى إنها اضطرت إلى أن تحول منزلها إلى مقر عمل لاستقبال زملائها بينما كانت ترعى رضيعتها.
الدراسة والتكوين العلمي
نشأت في بيئة عائلية مشجعة على التفوق الدراسي والفضول العلمي. تأثرت منذ صغرها بعمل والدها، المهندس رفعت أيوب، الذي كان مسؤولا عن مشاريع المياه المرتبطة بنهر النيل.
وفي هذه الأجواء الداعمة للعلم والمعرفة، نما شغفها بالهندسة والميكانيكا، إذ شاركت والدها منذ طفولتها في إصلاح السيارات، وأظهرت ميولا واضحة نحو الرياضيات والعلوم الدقيقة.
كانت طفلة مميزة، ففي حين كانت شقيقاتها يطلبن فساتين جديدة، كانت تفضل أن تطلب دراجة هوائية، وبينما كانت الفتيات في سنها يفضلن اللعب، كانت هي تستمتع بمساعدة والدها في إصلاح السيارات، وتجد متعة في تفكيك المحركات وإعادة تركيبها.
منذ سن مبكرة أصبحت الأرقام الحسابية لعبتها المفضلة. تقول تهاني "كنت أحب الأرقام، وكانت المسائل الرياضية تسليني مثل لعبة ذهنية، لم يكن والدي يرى أن البنات أقل قدرة في الرياضيات، بل كان يضع أمامي مسائل وألغازا لأحلها".
تلقت تهاني تعليمها في المدارس الحكومية المصرية، وأظهرت تفوقا ملحوظا في مدرسة السلام الثانوية للبنات بالقاهرة، خاصة في مادتي الرياضيات والميكانيكا.
لم يكن حبها للمادة ناتجا عن رغبتها في النجاح فقط، بل لأنها كانت ترى في النماذج الرياضية طرقا مبتكرة لفهم العالم وحل مشكلاته، مما أسهم في رسم مسارها المهني نحو الهندسة الميكانيكية وعلوم الفضاء، مستفيدة من دعم معلميها ووالدها.
تفوقها في الثانوية العامة أهلها للدراسة في كلية الطب، لكن قبل أن تبدأ مشوارها الجامعي في مصر، تزوجت وهاجرت إلى الولايات المتحدة عام 1983، واشترطت على زوجها أن تكمل تعليمها.
كانت البداية صعبة، لم تكن تتحدث الإنجليزية بطلاقة، ومع ذلك التحقت بفصل متقدم في الرياضيات وتفوقت فيه، وبدأت مسارها الأكاديمي بالحصول على شهادة الزمالة في العلوم، مما مكنها من متابعة دراستها في جامعة أولد دومينيون بولاية فرجينيا.
حصلت على البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية، ثم الماجستير في هندسة الطيران عام 1994، وفي عام 2011 عادت لتحصل على الدكتوراه في الهندسة والإدارة الهندسية، والتحقت ببرنامج كلية وارتون للتعليم التنفيذي في جامعة بنسلفانيا، حيث حصلت على شهادة التسويق الإستراتيجي.
التحقت كذلك ببرنامج "إكسل" التابع لوكالة ناسا لكبار الزملاء التنفيذيين في جامعة هارفارد، وحصلت أيضا على شهادة الماجستير في برنامج "سيكس سيكما" من جامعة فيلانوفا، وهي شهادة تخصصية تعنى بتحليل البيانات وتحسين العمليات.
الحياة المهنية
بدأت علاقتها المهنية مع ناسا عام 1992 بدعم من اتحاد فرجينيا لمنح الفضاء، إذ كانت أول امرأة يتم اختيارها للبرنامج، وتعاونت مع الوكالة بصفتها طالبة جامعية في مشروع بحث التخرج، عبر انضمامها إلى قسم ديناميكيات السوائل الحسابية في ناسا.
بعد تخرجها تلقت عروض عمل من عدة منظمات، لكنها تقدمت بطلبات إلى عشرة مكاتب مختلفة داخل "ناسا" وقوبلت بالرفض لعدم حصولها على شهادة الدكتوراه، ومع ذلك حصلت على فرصة للانضمام إلى مشروع أنفاق الرياح التابع للوكالة، واختارت الوظيفة رغم العرض المالي الأقل، بسبب قيمتها العلمية العالية.
في بداياتها عملت مهندسة في فرع قياس الحركة الهوائية لتطوير أدوات استشعار لتصميم طائرات جديدة، وفي عام 2011 عادت إلى الجامعة لاستكمال دراستها العليا في هندسة الفضاء الجوي، بينما استمرت في العمل بنظام خاص مع ناسا.
وفي 2012 انضمت إلى فريق القيادة مديرة لهيئة الرقابة وتقييم البرامج ومسؤولة عن تقييم الأداء وضمان الجودة في المشاريع العلمية والهندسية، ولاحقا تم استدعاؤها للعمل في مركز مختص بأنظمة التشغيل.
في عام 2016 تولت منصب كبير التقنيين، وأشرفت على مشاريع تقنية مهمة، وكانت مستشارة لمدير التخطيط والتكامل الإستراتيجي المشرف على إدارة ميزانية بعثة التكنولوجيا البالغة 250 مليون دولار.
وعملت في المكتب المستقل لتقييم البرامج، وهو جهة تابعة لمكتب التقييم العام في ناسا.، ولاحقا شغلت منصب المدير التنفيذي للبرامج في شعبة قسم علوم الأرض.
التحقت بهيئة التدريس المساعدة في كلية فويلاند للهندسة والعمارة، وكانت تُدرّس برنامج إدارة الهندسة والتكنولوجيا التابع لجامعة واشنطن، وهو من أوائل البرامج المهنية عن بُعد في الولايات المتحدة.
مهندسة في ناسا
في عام 1992 بدأت تهاني عامر تعاونها العلمي مع ناسا عبر فترة تدريب في ديناميكيات السوائل الحاسوبية، مما أتاح لها العمل مع نخبة من العلماء وأسس لمسيرتها المهنية الناجحة داخل الوكالة.
وبعد انضمامها رسميا إلى ناسا، عملت مهندسة متخصصة في إعداد أجهزة القياس والتحكم واستخداماتها التطبيقية، وجمعت في هذه التجربة بين العمل النظري والتطبيقي عبر برمجة أنظمة الحوسبة لمحاكاة السوائل والصعود إلى أسطح أنفاق الرياح لتركيب أجهزة قياس السرعة والضغط.
وشاركت كذلك في تطوير تقنيات اختبار الطلاءات الحساسة للحرارة المستخدمة في أبحاث الديناميكا الهوائية والطيران.
في عام 2001 حصلت على براءة اختراع لنظام قياس التوصيل الحراري للأغشية الرقيقة، المستخدم في حسابات مشروع أنفاق الرياح في ناسا، وبين عامي 2001 و2011، واصلت تطوير أدوات وتقنيات قياس تدفق الهواء وتأثيرات الحرارة على الهياكل الفضائية، مما دعم مشاريع أبحاث الطيران والفضاء في ناسا.
في عام 2012 عملت في هيئة الرقابة والتقييم، وقادت فرقا مستقلة لمراقبة وتقييم البرامج والأداء في ناسا، بما في ذلك اختبارات أنفاق الرياح وبرامج تطوير المركبات الفضائية، ولاحقا تم كلفتها الوكالة بتطوير أنظمة تشغيل تكنولوجية متقدمة لدعم المهمات الفضائية.
في عام 2013 سجلت براءة اختراع لجهاز يقيس التوصيل الحراري للرقائق، مع تطبيقات مهمة في "الترانزستورات" الدقيقة والطلاءات الضوئية وتحويل الطاقة الكهروحرارية، وفي عام 2016، ساهمت في إدارة ميزانية تكنولوجية ضخمة بلغت 250 مليون دولار لدعم المشاريع الابتكارية في ناسا.
بعد ذلك أصبحت نائبة للمدير المساعد للبرامج في مديرية البعثات العلمية بمقر ناسا، وتشرف على أكثر من 150 برنامجا ومشروعا، كما قادت مهندسي الوكالة في تطوير وتنفيذ عمليات البعثات بصفتها مديرة مشاركة بالإنابة لبرامج الطيران في قسم الفيزياء الفلكية، وخبيرة تقنية وبرنامجية لدعم برامج الوكالة المعقدة.
وعملت أيضا في قسم علوم الكواكب بمشروع تلقي العينات، الذي يهدف إلى إرسال مركبات فضائية لجمع عينات من الفضاء وإعادتها إلى الأرض للدراسة، وكانت جزءا من ثلاث بعثات مهمة في علوم الأرض، وهي:
مرصد دورة الكربون الثابت لمراقبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان.
إجراء أول مسح عالمي للمياه السطحية للأرض لتقييم موارد المياه العذبة واكتشاف ميزات جديدة للمحيطات.
نظام مراقبة الغلاف الجوي لتحليل مكونات الجو وتأثيرها على المناخ.
وتعمل تهاني على مشروع علمي حساس لدراسة ظاهرة الاحتباس الحراري ومراقبة الإجراءات الممكنة للتخفيف من آثار التغير المناخي، مع تفاصيل محاطة بالسرية بسبب طبيعته المتقدمة
كما تدير مكتبا علميا يشرف على أكثر من 17 مهمة فضائية بالتعاون مع فرق من أوروبا والهند ودول أخرى عبر العالم، استعدادا لإطلاق مشاريع في 2025 و2030 و2040.
من بين مشاريعها المستقبلية، تساهم تهاني في تطوير تكنولوجيا قياس فضائية وتشارك في التحضيرات لتلسكوب "نانسي غريس رومان" لدراسة المادة المظلمة وطاقة النجوم.
في عملها بوكالة ناسا، قالت إنها تقود تحديات العمل في مشاريع متعددة عبر مناطق زمنية مختلفة وأجزاء متفرقة من العالم، بهدف تعزيز المعرفة العلمية حول كوكب الأرض. وتؤكد أن أجمل لحظات يومها هي عندما تحل مشكلة تقنية معقدة أو تتوصل مع فريقها إلى اتفاق علمي حول أفضل المسارات البحثية.
الجوائز والتكريمات
في أبريل/نيسان 2022 كرمتها السفارة الأميركية في القاهرة باعتبارها واحدة من الشخصيات العربية الأميركية الملهمة في مجال العلوم والهندسة، وذلك ضمن فعاليات "شهر التاريخ الأميركي العربي".
وفي العام نفسه حصلت على "جائزة الإنجاز المتميز" من المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية لمساهماتها العلمية البارزة.
في 2016 تم تكريمها في احتفالية خاصة نظمتها ميشيل أوباما، السيدة الأولى للولايات المتحدة آنذاك، احتفاء بالنساء الرائدات في مجالات العلوم.
في عام 2014 حصلت على جائزة ناسا للخدمة العامة، تقديرا لجهودها في تحسين الوعي العام حول الوكالة وتشجيع الأشخاص من الفئات المهمشة تاريخيا على المشاركة في العلوم.
عملت متطوعة في عدة برامج تابعة لوكالة ناسا مثل "يوم الرعاية" و"أسبوع الهندسة" و"مكتب المتحدثين" و"يوم التنوع" و"نوادي العلوم بعد المدرسة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تفسير القرآن
الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تفسير القرآن

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تفسير القرآن

في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) قوة دافعة تساهم في تغيير أنماط حياتنا في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم، والصحة، والصناعة. ومن بين التطبيقات المثيرة للجدل والاهتمام على حد سواء، يأتي موضوع توظيف الذكاء الاصطناعي في تفسير النصوص الدينية، وعلى رأسها القرآن الكريم. فما هي الإمكانات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال؟ وما هي التحديات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؟ يمكن لنظام ذكاء اصطناعي أن يتعرف على الفروق الدقيقة بين الكلمات المترادفة في اللغة العربية، ويقدم ترجمة دقيقة تأخذ هذه الفروق بعين الاعتبار إمكانات الذكاء الاصطناعي في تفسير القرآن يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النصوص القرآنية باستخدام تقنيات متقدمة مثل معالجة اللغة الطبيعية. هذه التقنيات تتيح للأنظمة التعرف على الأنماط اللغوية، وتصنيف الآيات بناءً على موضوعاتها، وربطها بتفاسير معتمدة. إذ يمكن على سبيل المثال: تصنيف الآيات حسب المواضيع: (العقيدة، الأحكام، القصص، العبادات). هذا يساعد الباحثين على الوصول السريع إلى الآيات المتعلقة بمسألة معينة، ما يختصر الوقت ويعزز دقة البحث. تحليل العلاقات بين الآيات التي تتناول موضوعًا معينًا لتقديم رؤية شاملة. على سبيل المثال، يمكن لنظام ذكاء اصطناعي أن يربط بين آيات تتحدث عن مفهوم التوحيد أو العدل الإلهي. تقديم التفاسير الموثوقة يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح التفاسير المختلفة بناءً على السياق التاريخي واللغوي للآيات؛ فمن خلال تغذية النظام ببيانات شاملة من التفاسير المعتمدة مثل: (تفسير الطبري، ابن كثير، القرطبي)، يمكنه تقديم شروح دقيقة وموجهة للمستخدمين. هذه الميزة تتيح للمستخدمين فهم النصوص القرآنية من زوايا متعددة، ما يساعدهم على الوصول إلى استنتاجات قائمة على أسس معرفية عميقة. تحسين الترجمات القرآنية يعاني كثير من الترجمات الحالية من قصور في إيصال المعنى الدقيق للنص القرآني. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه استخدام تقنيات التعلم العميق لتحليل النصوص القرآنية، وترجمتها بدقة أعلى تأخذ في الاعتبار السياق والمعاني الضمنية. على سبيل المثال، يمكن لنظام ذكاء اصطناعي أن يتعرف على الفروق الدقيقة بين الكلمات المترادفة في اللغة العربية، ويقدم ترجمة دقيقة تأخذ هذه الفروق بعين الاعتبار. الإجابة عن الأسئلة الدينية من خلال تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مدعومة بالتفاسير الموثوقة، يمكن للمستخدمين الحصول على إجابات دقيقة وموجهة للأسئلة المتعلقة بمعاني الآيات. على سبيل المثال: "ما معنى قوله تعالى: {وَقُل رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}؟".. يمكن للنظام تقديم تفسير معتمد من مصادر متعددة، مع تضمين معلومات عن سياق الآية وأهميتها في الشريعة الإسلامية. التحديات المحورية في تفسير القرآن باستخدام الذكاء الاصطناعي الدقة والموثوقية: النص القرآني يحمل معاني دقيقة وعميقة، ومن ثم فإن أي خطأ في تفسيره قد يؤدي إلى فهم مغلوط. لذلك يجب أن تعتمد الأنظمة على قواعد بيانات معتمدة، وأن تخضع لرقابة صارمة من قبل علماء متخصصين في الشريعة والتفسير. هذه الرقابة لا تقتصر فقط على التأكد من صحة المعلومات، بل تشمل أيضًا ضمان تقديم التفسيرات بطريقة تحترم قدسية النص القرآني. التفاسير القرآنية تتأثر بالثقافات والخلفيات التاريخية للمفسرين؛ لذا يجب على الأنظمة أن تراعي هذا التنوع، وتقدم وجهات نظر متعددة بدلًا من الاعتماد على تفسير واحد. هذا يتطلب من الأنظمة أن تكون مرنة بما يكفي لتقديم شروح مختلفة لنفس النص، مع توضيح الفروق بينها، وإبراز السياقات التي دفعت المفسرين إلى اختيار وجهة نظر معينة. تفسير القرآن ليس مجرد عملية تحليل لغوي، بل يتطلب فهمًا شاملًا للسياق الديني والشرعي. أي استخدام غير مدروس للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نتائج تسيء للنصوص الدينية أو تفقدها قدسيتها. على سبيل المثال، يجب أن تكون جميع المخرجات خالية من أي تأويلات شخصية أو غير معتمدة، مع التأكيد على أن هذه الأنظمة هي أدوات مساعدة وليست بديلًا عن العلماء. البعد الشرعي: مكانة القرآن في الإسلام وضوابط تفسيره القرآن كمرجع أساسي في الشريعة: القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وهو النص المقدس الذي يؤمن المسلمون بأنه كلام الله المنزل على النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. يتسم النص القرآني بأنه شامل ومستوعب لقضايا العقيدة، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، ما يجعل تفسيره مسؤولية كبيرة تقع على عاتق العلماء. تفسير القرآن يخضع لضوابط شرعية صارمة لضمان احترام النص وقدسيته. من بين هذه الضوابط: الاعتماد على اللغة العربية: القرآن نزل بلغة عربية فصيحة، ومن ثم فإن فهمه يتطلب معرفة عميقة بقواعد اللغة والبلاغة. الرجوع إلى السنة النبوية: السنة النبوية تعتبر مفسرًا عمليًّا لكثير من النصوص القرآنية. الاستناد إلى أقوال الصحابة والتابعين: تفاسير السلف تحمل قيمة كبيرة، لكونهم الأقرب زمنًا إلى نزول الوحي. تجنب التفسير بالرأي المجرد: يجب أن يكون أي تفسير مستندًا إلى دليل شرعي معتبر، وليس مجرد اجتهاد شخصي. توافق مخرجات الذكاء الاصطناعي مع الضوابط الشرعية يتطلب مراجعة صارمة من علماء متخصصين في الشريعة التحدي الشرعي في توظيف الذكاء الاصطناعي إن استخدام الذكاء الاصطناعي في تفسير القرآن يفتح المجال أمام قضايا معقدة تتعلق بالشريعة والأخلاقيات، ومن أبرز التساؤلات الشرعية التي يثيرها هذا الموضوع: هل يمكن لنظام اصطناعي أن يستوعب السياق الشرعي واللغوي للنص؟ النص القرآني يمتاز بعمقه اللغوي وسياقه الشرعي الذي يتطلب فهمًا دقيقًا للقواعد النحوية والبلاغة العربية، بالإضافة إلى التفسيرات التاريخية والثقافية. الذكاء الاصطناعي يعتمد على قواعد البيانات والخوارزميات لتحليل النصوص، ولكنه يفتقر إلى الحس الروحاني والفهم المقاصدي للنصوص الدينية. لذلك، فإن اعتماده الكامل على تقنيات مثل التعلم العميق أو معالجة اللغة الطبيعية قد يؤدي إلى إسقاطات خاطئة أو سطحية. لحل هذا التحدي، يجب أن يتم تدريب الأنظمة الذكية باستخدام بيانات دقيقة تشمل التفاسير الموثوقة، مع مراعاة التنوع الفقهي واللغوي في تفسير النصوص. ومع ذلك، يبقى السؤال حول قدرة هذه الأنظمة على التعامل مع التعقيد الشرعي واللغوي دون توجيه بشري محوريًّا. كيف نضمن أن تكون مخرجات الأنظمة متوافقة مع الضوابط الشرعية؟ توافق مخرجات الذكاء الاصطناعي مع الضوابط الشرعية يتطلب مراجعة صارمة من علماء متخصصين في الشريعة. لضمان ذلك، يمكن اتباع نهج مزدوج: إنشاء لجان علمية شرعية: تضم هذه اللجان علماء في التفسير والفقه لمراجعة وتدقيق مخرجات الأنظمة، وضمان تطابقها مع الضوابط الشرعية. بناء إطار عمل شرعي تقني: يمكن تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي متوافقة مع معايير شرعية محددة، تتضمن قواعد مثل: الاعتماد على النصوص الموثوقة، والامتناع عن التأويل بالرأي، وتوضيح المخرجات بطريقة علمية مدروسة. هذا النهج يساعد في الحفاظ على قدسية النصوص، ويمنع سوء التفسير الناتج عن الأخطاء البرمجية أو الخوارزميات غير الدقيقة. إن استخدام الذكاء الاصطناعي في تفسير القرآن هو خطوة تقنية رائدة، لكنها تحمل في طياتها تحديات كبيرة تتطلب حكمة ودقة؛ فكما يمكن للتكنولوجيا أن تكون أداة لفهم أعمق للنصوص، قد تصبح مصدرًا للإرباك إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح أخلاقيات الاستخدام وتوصيات للتطوير التعاون مع العلماء والمختصين: لتجنب الأخطاء وسوء الفهم، يجب تطوير هذه الأنظمة بالتعاون مع علماء الشريعة والمختصين في التفسير. هذا يضمن تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، ويضمن أيضًا أن تكون الأنظمة متوافقة مع القيم الإسلامية. وعلى مطوري الأنظمة أن يوضحوا مصدر المعلومات المستخدمة في التدريب وكيفية تقديم التفسيرات للمستخدمين؛ حتى يكونوا على دراية بمصدر التفسير ومدى موثوقيته. الشفافية تعزز من ثقة المستخدمين، وتجعل الأنظمة أكثر قبولًا. يجب أن تُبنى جميع التطبيقات على مبدأ احترام النصوص الدينية والحفاظ على قدسيتها، مع مراعاة الحساسية الثقافية والدينية. هذا يشمل تجنب تقديم مخرجات قد تُفهم بطريقة خاطئة أو تُسيء إلى النص القرآني. يجب التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن العلماء أو المختصين، بل هو أداة مساعدة تهدف إلى تسهيل الوصول إلى المعلومات وزيادة الفهم. يجب أن يتم تقديم الأنظمة على هذا الأساس، مع التأكيد على أهمية الاستشارة الشرعية في القضايا المعقدة، مع ضرورة التأكيد على الدور الإنساني في توجيه هذه الأدوات، وضمان استخدامها بشكل يحترم قدسية النصوص وأبعادها الشرعية والروحية. بين التقنية والروحانية يبقى القرآن الكريم نصًّا مقدسًا يحمل في طياته معاني سامية، لا يمكن لأي نظام اصطناعي أن يدركها بالكامل. إن استخدام الذكاء الاصطناعي في تفسير القرآن هو خطوة تقنية رائدة، لكنها تحمل في طياتها تحديات كبيرة تتطلب حكمة ودقة؛ فكما يمكن للتكنولوجيا أن تكون أداة لفهم أعمق للنصوص، قد تصبح مصدرًا للإرباك إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح. لذا، فإن تحقيق التوازن بين التقنية والروحانية هو المفتاح لتحقيق فائدة حقيقية من هذه الأدوات، دون المساس بقدسية النصوص.

نبضات غامضة من نجم يشبه الشمس.. هل هي إشارة من حضارة فضائية؟
نبضات غامضة من نجم يشبه الشمس.. هل هي إشارة من حضارة فضائية؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

نبضات غامضة من نجم يشبه الشمس.. هل هي إشارة من حضارة فضائية؟

قبل أكثر من 60 عاما، بدأت الجذور العلمية الجادة للبحث عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض عبر مشروع"أوزما"، الذي أسسه عالم الفلك الشهير فرانك درايك. كان الهدف من المشروع هو رصد إشارات راديوية مستمرة أو ذات ترددات محددة قد تشير إلى وجود حضارات فضائية متقدمة، فقد افترض درايك أن مثل هذه الحضارات قد تستخدم موجات الراديو لتبادل المعلومات، لذا تم استخدام التلسكوب لرصد الإشارات القادمة من نجوم شبيهة بالشمس. ورغم أن مشروع "أوزما" لم يُسفر عن رصد إشارات مؤكدة من حضارات ذكية، إلا أنه وضع الأسس لتقنيات البحث الحديثة التي لا تزال تتطور حتى يومنا هذا. من الراديو إلى الضوء اليوم، وبعد عقود من التطور التقني، يعلن عالم ناسا المخضرم ريتشارد ستانتون عن اكتشاف مثير باستخدام تقنية أكثر حداثة تعرف بـ"رصد النبضات الضوئية السريعة"، فبدلا من البحث عن موجات الراديو، ركزت هذه التقنية على التقاط ومضات ليزرية فائقة السرعة قد تمثل إشارات من حضارات متقدمة. وبفضل هذه التقنية، تمكن ستانتون من رصد نبضات ضوئية غامضة من نجمين قريبين نسبيا، مشيرا إلى أن هذه النبضات ربما تكون وسيلة أكثر فاعلية ودقة للتواصل بين الحضارات الذكية، ما أعاد فتح الباب أمام فرضية وجود إشارات فضائية من حضارات متقدمة. وفي دراسة حديثة نشرت في دورية"أكتا أسترونوتيكا"، وصف ستانتون تفاصيل اكتشافه، الذي جاء نتيجة مسح طويل شمل أكثر من 1300 نجم شبيه بالشمس باستخدام تقنية رصد النبضات الضوئية. وكانت النتيجة اللافتة هي رصد نبضتين ضوئيتين متطابقتين بفاصل زمني 4.4 ثوان صدرتا من النجم " إتش دي 89389″، الذي يقع على بعد نحو 100 سنة ضوئية في كوكبة الدب الأكبر. 4 ألغاز محيرة ما جعل هذه النبضات لغزا علميا محيرا هو مجموعة من الخصائص الفريدة التي يصعب تفسيرها: أولا: تغير سطوع النجم بسرعة مذهلة، إذ يزداد بشكل مفاجئ، ثم يخفت إشعاعه، ثم يعود إلى حالته الطبيعية، كل ذلك خلال 0.2 ثانية فقط، وهذا التغير السريع جدا يستحيل أن يكون نتيجة ضوضاء عشوائية أو اضطرابات جوية، وقد تساءل الباحثون: "كيف يمكن لنجم يبلغ قطره أكثر من مليون كيلومتر أن يختفي جزئيا خلال عشر الثانية؟". ثانيا: تكرار نبضتين متطابقتين، ففي 3 مناسبات منفصلة، تم رصد نبضتين متشابهتين للغاية يفصل بينهما فاصل زمني يتراوح بين 1.2 إلى 4.4 ثانية، والأغرب أن مثل هذه النبضات لم ترصد إطلاقا خلال أكثر من 1500 ساعة من الرصد لنجوم شبيهة. ثالثا: تطابق البنية الدقيقة، فتفاصيل النبضة الأولى تكررت بشكل شبه مطابق في النبضة الثانية، في نمط يصعب تفسيره من خلال أي آلية طبيعية معروفة. رابعا: لا يوجد أثر لأجسام متحركة، فباستخدام أجهزة تصوير واستشعار دقيقة، لم يتم رصد أي أقمار صناعية، طائرات، شهب أو حتى طيور في الخلفية يمكن أن تفسر هذه الومضات، وهذا يُسقط معظم الفرضيات الاعتيادية. ولم يتوقف ستانتون عند الاكتشاف الجديد، بل عاد إلى تحليل بيانات أرشيفية، ووجد إشارتين ضوئيتين مماثلتين من نجم آخر شبيه بالشمس هو "إتش دي 217014″، والمعروف أيضا باسم " 51 بيغاسي"، وهذا النجم مشهور بكونه أول نجم اكتشف يدور حوله كوكب خارج المجموعة الشمسية، وذلك عام 1995. والغريب أن هذه النبضات رصدت سابقا، لكن تم رفضها آنذاك باعتبارها ناتجة عن مرور طيور أمام التلسكوب، أما الآن، فتحليل ستانتون الحديث استبعد هذه الفرضية تماما، ما يزيد من احتمال أن ما رصد قد يكون بالفعل ظاهرة غير مفهومة حتى الآن. فرضيات متعددة وفي دراسته، استعرض ستانتون عددا من الفرضيات البديلة، مثل "تأثيرات الغلاف الجوي للأرض"، "انكسار الضوء بسبب أجسام داخل النظام الشمسي"، "موجات الجاذبية"، و"ظواهر طبيعية غير معروفة"، لكن أيا من هذه الفرضيات لم يتمكن من تفسير الظاهرة بالكامل. أما الاحتمال الأكثر إثارة للجدل، فهو أن هذه النبضات قد تكون إشارات من حضارة فضائية ذكية، خاصة أن مصدر التذبذب يبدو قريبا نسبيا من الأرض، وربما داخل نظامنا الشمسي ذاته. وبناء على ما توصل إليه، دعا ستانتون إلى توسيع نطاق البحث باستخدام شبكة من التلسكوبات المتزامنة موزعة على مسافات كبيرة، وسيساعد ذلك في تحديد اتجاه النبضات، وسرعتها، وحجمها، وبعدها بدقة. ويؤمن ستانتون أن هذه الخطوة قد تكون نقطة تحول في تاريخ البحث عن الحياة الذكية خارج كوكب الأرض.

بطاطا في المريخ
بطاطا في المريخ

جريدة الوطن

timeمنذ يوم واحد

  • جريدة الوطن

بطاطا في المريخ

في محاولة تحاكي أفلام الخيال العلمي، يسعى علماء إلى تحقيق إنجاز غير مسبوق، وهو زراعة البطاطا على كوكب المريخ، فهل اقترب تحقيق الحلم؟. منذ عرض فيلم «The Martian» عام 2015، الذي ظهر فيه رائد فضاء يزرع البطاطا للبقاء على قيد الحياة في المريخ، استحوذت الفكرة على اهتمام العلماء، ولكنها لم تعد مجرد خيال سينمائي، بل أصبحت هدفا علميا حقيقيا يعمل عليه في المختبرات. والهدف من هذه المحاولات التي يقوم عليها علماء من وكالات فضاء ومراكز أبحاث زراعية، هو التأكد من إمكانية إنتاج غذاء ذاتيا في بيئة المريخ القاسية، خاصة مع خطط وكالة ناسا وشركات مثل «سبيس إكس» لإرسال بشر إلى الكوكب الأحمر خلال العقود المقبلة. يقوم باحثون، من بينهم فريق تابع للمركز الدولي للبطاطا، بالتعاون مع وكالة ناسا، بمحاكاة ظروف المريخ على الأرض باستخدام تربة بركانية مشابهة لتربة المريخ، وضغط منخفض، ودرجات حرارة متجمدة، وإضاءة تحاكي شمس المريخ. وقد استخدموا صنفا خالصا من البطاطا عالي التحمل، قادر على مقاومة الجفاف والملوحة. وتمت الزراعة داخل حاويات محكمة تعرف بـ«CubeSat» تحاكي الغلاف الجوي للمريخ، مع نظام دعم حياة داخلي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store