
الاستعدادات تجري على الأرض.. هل تنجح البشرية في العيش على المريخ؟
وذكرت أنها حاولت التوصل إلى إجابة على السؤال الذي لطالما شغل العلماء، وهو: لماذا يُعتبر المريخ قاحلاً وغير صالح للسكن، بينما ازدهرت الحياة على كوكب الأرض المشابه له نسبياً؟ وأوضحت دراسة جديدة أن اكتشافاً توصلت إليه مركبة جوالة تابعة لوكالة «ناسا» قد قدّم إجابة على هذا اللغز، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن الأنهار كانت تتدفق بشكل متقطع على المريخ، إلا أنه كان مُقدّراً له أن يكون كوكباً صحراوياً في معظمه.
وأفاد تقرير نشره موقع «ساينس أليرت» الأمريكي، أن الاعتقاد السائد لدى العلماء هو أن المريخ يحتوي حالياً على جميع المكونات الضرورية للحياة باستثناء العنصر الأهم وهو الماء السائل، لكن دراسة في النشرة الدورية «نيتشر» أشارت إلى أن المريخ كان يخوض فترات قصيرة من الدفء ووجود الماء، سرعان ما انتهت بسبب آلية ذاتية أعادت الكوكب إلى حالته الصحراوية القاحلة.
ويرى الباحثون أن هذه الدورة، التي تفتقر إلى التوازن بين ثاني أكسيد الكربون الداخل والخارج من الغلاف الجوي، تفسر غياب الاستقرار المناخي على المريخ، على عكس الأرض التي نجحت في الحفاظ على قابليتها للحياة عبر ملايين السنين.
وبينت تحليل مجموعة من الصور التي التقطها مسبار «كيريوسيتي» التابع لوكالة الفضاء الأمريكية أثناء صعوده جبل «شارب» على سطح المريخ، وتظهر مشهداً خلاباً للمنحدرات الحمراء الجافة التي لطالما حيّرت العلماء، إذ تشير أدلة كثيرة إلى أن هذا الكوكب، الذي يبدو اليوم كصحراء مجمدة، كان يوماً ما يحتضن أنهاراً وبحيرات، وربما مناخاً شبيهاً بالأرض.
وتقدم الدراسة تفسيراً جديداً ومثيراً لهذا التحول الدراماتيكي، وتستند إلى اكتشافٍ مهم، أُعلِن عنه في أبريل، حين عثر «كيريوسيتي» أخيراً على صخور غنية بكربونات الكالسيوم، وهي المعادن التي يُعتقد أنها خزّنت كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي المريخي، ويؤكد العلماء أن الفترات الدافئة التي سمحت بوجود الماء السائل على سطح المريخ لم تكن إلا استثناءات نادرة، وليست القاعدة، فالمريخ كوكب يميل إلى العودة إلى حالته الصحراوية بشكل طبيعي.
من جهة أخرى، تجري المنشأة البحثية، التي صممتها «جمعية المريخ»، وهي منظمة غير ربحية تُدير محطة أبحاث صحراء المريخ تدريبات تناظرية للحياة المتوقعة على الكوكب الأحمر، وبحسب التقارير الإعلامية فإن العمل الذي تجريه المنشآت البحثية يشبه إلى حدٍ كبير عملاً سينمائياً.
وتقوم المجموعة المسماة بـ«الطاقم 315» بتمثيل الروتين اليومي الممل للحياة خارج الأرض، إلا أنه يمهد الطاقم نفسياً على هذا النوع من الأعمال، وبحسب مسؤول الصحة والسلامة في الطاقم 315 أوربان كوي فإن«محطة أبحاث صحراء المريخ تعد أفضل بيئة تناظرية لرواد الفضاء، وتضاريسها تُشبه إلى حد كبير تضاريس المريخ، والبروتوكولات والأبحاث والعلوم والهندسة التي تُجرى هنا تُشبه إلى حد كبير ما سنفعله لو سافرنا إلى المريخ»، بحسب ما ذكره لشبكة (سي إن بي سي).
وعاش طاقم 315، المكون من 5 أفراد، أسبوعين في محطة الأبحاث متبعين الإجراءات نفسها المتبعة على المريخ، ويرى قائد الطاقم، ديفيد لود أن أيام الأسبوعين كانت أياماً عادية، مشيراً إلى أنهم كانوا يجتمعون الساعة السابعة صباحاً حول طاولة مشتركة في الطابق العلوي ويتناولون الإفطار حوالى الساعة الثامنة، ويعقد أول اجتماع لتخطيط اليومي وعادةً ما يكون لديهم نشاط خارج المركبة لشخصين أو 3، ونشاط آخر بعد الظهر.
وأشار إلى أن مصطلح «النشاط خارج المركبة» مفهوم بالمصطلح الأرضي، لكنه في قاموس وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» يشير إلى السير في الفضاء، إذ يغادر رواد الفضاء محطة الفضاء المضغوطة ويضطرون إلى ارتداء بدلات فضائية للبقاء على قيد الحياة في الفضاء.
وأشار مهندس الطاقم مايكل أندروز إلى أن التحدي الأكبر في هذه المهمات التناظرية هو مجرد الدخول في إيقاع منتظم، مبيناً أن المخاطر على الأرض أقل، إلا أن أداء هذه المهمات اليومية على المريخ هو ما يبقي على قيد الحياة.
من جهته يشدد الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس إكس»، إيلون ماسك على أن شركته قادرة على نقل البشر إلى المريخ بحلول 2029.
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
ترمب يعين وزير النقل الأميركي شون دافي مديراً مؤقتاً لـ"ناسا"
عمال ينظفون شعار "ناسا" على مبنى تجميع المركبات قبل أن ترسل "سبيس إكس" اثنين من رواد الفضاء من ناسا إلى محطة الفضاء الدولية على متن صاروخها فالكون 9، في مركز كينيدي للفضاء في كيب كانافيرال، فلوريدا، الولايات المتحدة. 19 مايو 2020. - REUTERS عمال ينظفون شعار "ناسا" على مبنى تجميع المركبات قبل أن ترسل "سبيس إكس" اثنين من رواد الفضاء من ناسا إلى محطة الفضاء الدولية على متن صاروخها فالكون 9، في مركز كينيدي للفضاء في كيب كانافيرال، فلوريدا، الولايات المتحدة. 19 مايو 2020. - REUTERS


الرياض
منذ 5 ساعات
- الرياض
الانفصام الاجتماعي
ظهر مصطلح "الانفصام الاجتماعي" كتعبير رمزي عن حالة من التناقضات التي تضرب بنية المجتمع. ولا يشير هذا المصطلح إلى اضطراب نفسي، بل إلى واقع اجتماعي معقد تتداخل فيه العوامل العلمية والنفسية والاجتماعية، مما يُضعف الروابط القائمة في بعض الأحيان ويُعززها في أخرى. التكنولوجيا الحديثة، خصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي، أعادت برمجة طريقة تفكير البشر وتواصلهم. فالتفاعل المستمر مع المنصات الرقمية يحفز إفراز الدوبامين، ما يخلق إدمانًا على التفاعل الآني، لكنه يقلل من قدرة الدماغ على التعاطف مع الآخرين في العالم الحقيقي. هذا التناقض يُشبه "الانفصام الوظيفي"، حيث يعيش الفرد في فلك افتراضي مغلق، بعيدًا عن التفاعلات العميقة. ومن الناحية العصبية، يشير الباحث شيري تركل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن "الإنسان أصبح يتحدث أكثر لكنه يستمع أقل"، مما يُضعف المهارات الاجتماعية الأساسية مثل القراءة بين السطور أو فهم الإشارات غير اللفظية. هذه التحولات العصبية تُغذي حالة من "الانفصال العاطفي"، حتى داخل الأسر نفسها، حيث يجلس الأفراد في غرفة واحدة لكن كلًا منهم منشغل بهاتفه الذكي. على المستوى الاجتماعي، يُعزى الانفصام إلى تعميق الانقسامات بين الجماعات بسبب تباين القيم والمعتقدات. في الولايات المتحدة، مثلًا، أظهر استطلاع للرأي عام 2023 أن 67% من المواطنين يشعرون بأن مجتمعهم "منقسم تمامًا" حول القضايا السياسية والدينية. هذا الانقسام يُعززه "الذكاء الاصطناعي" في منصات التواصل، الذي يُغذي المحتوى المتطرف عبر خوارزميات تعيد توجيه المستخدمين إلى المعلومات التي تتماشى مع آرائهم، ما يُعرف بـ"غرف المرآة". على الصعيد النفسي، يعاني الأفراد من "ازدواج الهوية" في ظل التناقضات بين القيم التقليدية والحداثة. في المجتمعات العربية، مثلاً، تُظهر دراسة لجامعة القاهرة عام 2021 أن الشباب يعيشون صراعًا بين الانتماء للثقافة المحلية والانفتاح على القيم العالمية، ما يؤدي إلى اضطراب في الهوية وزيادة معدلات القلق والاكتئاب بنسبة 30 % مقارنة بالأجيال السابقة. هذا التوتر النفسي يُترجم إلى سلوكيات تناقضية، مثل الانسحاب الاجتماعي أو الانخراط المفرط في الجماعات المتطرفة التي توفر إحساسًا بالانتماء. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك ارتباط مباشر بين الانفصال الاجتماعي وارتفاع معدلات الانتحار في الدول ذات الانقسامات العميقة، مثل كوريا الجنوبية واليابان. رغم السلبيات، يحمل الانفصام الاجتماعي بعض الجوانب الإيجابية. ففي الوقت الذي يُضعف فيه الروابط بين الجماعات المختلفة، يُعزز التماسك داخل المجموعات الصغيرة. مثالًا، تشكلت مجتمعات داعمة للأقليات العرقية أو الجنسية عبر الإنترنت، مما ساعد أفرادًا كثيرين على العثور على الدعم العاطفي الذي يفتقدهم في مجتمعاتهم المحلية. لكن هذا التماسك الجزئي لا يُعوِّض فقدان "الهوية الوطنية المشتركة". كما يحذر الباحث روبرت بوتمان، مؤلف كتاب "الانفصال الاجتماعي"، من أن "التركيز على الانتماءات الضيقة يُهدد مفهوم المواطنة، حيث تصبح الأولوية للطائفة أو العرق بدلًا من المصلحة العامة". لعلاج الانفصام الاجتماعي، يُقترح تبني سياسات تعليمية تُعزز مهارات الحوار والتفكير النقدي، جنبًا إلى جنب مع تنظيم قانوني لمنصات التواصل لتفادي التضليل. في النرويج، مثلاً، تم تطبيق برامج مدرسية تُعلّم الطلاب كيفية التفاعل مع الآراء المخالفة، مما خفض معدلات الكراهية بنسبة 22 % خلال خمس سنوات. كما يلعب الإعلام دورًا محوريًا عبر تقديم قصص إنسانية تُظهر التعقيد بدلًا من التبسيط، مثل ما فعلته قناة الجزيرة في سلسلة تقاريرها عن اللاجئين السوريين. وأخيرًا، يُشجع على تطوير مساحات عامة مفتوحة تحفز التفاعل بين مختلف الطبقات، مثل المهرجانات الثقافية أو المبادرات التطوعية المشتركة. الانفصام الاجتماعي ليس مرضًا بقدر ما هو مرآة تعكس تناقضات العصر. بينما يُهدد هذا الواقع تماسك المجتمعات، فإنه يُذكّرنا بأهمية التوازن بين الاحتفاء بالاختلاف والتمسك بروابط الإنسانية المشتركة. ربما الحل لا يكمن في تجاوز الانقسامات، بل في تعلُّم العيش معها بوعي واحترام، كخطوة أولى نحو مجتمع أكثر إنصافًا وتكافؤًا.. يقول الفيلسوف هانس يوناس: "الإنسان أصبح قويًا بما يكفي ليُدمّر نفسه، لكنه ضعيف بما يكفي ليبحث عن من يُنقذه".


العربية
منذ 17 ساعات
- العربية
الذكاء الاصطناعي بين الأغنياء والفقراء
تتسع فجوة الذكاء الاصطناعي بين الأغنياء والفقراء بشكل دراماتيكي، ما أدى إلى انقسام العالم إلى معسكرين: دول تعتمد على التكنولوجيا الصينية، ودول تعتمد على التكنولوجيا الأميركية، ولنا أن نتخيل أنه من بين 193 دولة، هناك 32 دولة فقط، معظمها في نصف الكرة الشمالي، هي التي تملك مراكز بيانات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، أي ما يعادل 16 % من دول العالم، وتمنح هذه المراكز الدول المالكة لها نفوذاً هائلاً، حيث تستحوذ الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي على أكثر من نصف مراكز البيانات الأقوى عالمياً، والتي تُشغّل أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً، في المقابل، تقبع بقية دول العالم في مقاعد المتفرجين. تهيمن الولايات المتحدة والصين، على القطاع الصاعد بسرعة الصاروخ، حيث تُشغّل الشركات الأميركية والصينية أكثر من 90 % من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، بينما تكاد أفريقيا وأميركا الجنوبية تفتقران إلى أي حضور في هذا المجال، وعلى سبيل المثال، تمتلك الهند خمسة مراكز على الأقل، واليابان أربعة، وهذا يعني أن أكثر من 150 دولة لا تمتلك أي مراكز بيانات، وتتفوق المراكز الحالية على سابقاتها، والتي كانت تُشغّل مهامًا بسيطة في الماضي مثل البريد الإلكتروني وبث الفيديو، وفي الوقت الحالي، تكلف هذه المراكز الضخمة والمتعطشة للطاقة والمزودة برقاقات قوية، مليارات الدولارات لبنائها، وهذا يعني أنها ليست متاحة للجميع، حيث تتركز ملكيتها في يد حفنة من عمالقة التكنولوجيا، مما يوسع الفجوة بين الدول القادرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتلك المحرومة منه. تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي الرائدة، مثل روبوتات الدردشة، هيمنة اللغتين الإنجليزية والصينية، وهي لغات الدول التي تسيطر على القوة الحاسوبية، ويمتد هذا التركيز إلى المجالات العلمية، حيث تعتمد الاكتشافات العلمية في مجال تطوير الأدوية وتعديل الجينات على أجهزة كمبيوتر فائقة القوة، وحتى في المجال العسكري، تشق الأسلحة المدعومة بالذكاء الاصطناعي طريقها إلى ساحات الحرب الطاحنة، ونتيجة لذلك، أصبحت مكونات مراكز البيانات، مثل رقائق الحوسبة، عنصراً حاسماً في السياسات الخارجية والتجارية للولايات المتحدة والصين، اللتين تتصارعان على الهيمنة التكنولوجية، في المقابل، تواجه الدول التي تفتقر إلى هذه القدرات قيوداً في البحث العلمي، وتنمية الشركات الناشئة، والاحتفاظ بالمواهب المحلية. للمقارنة، تدير الشركات الأميركية 87 مركز بيانات للذكاء الاصطناعي، أي حوالي ثلثي الإجمالي العالمي، مقارنة بـ39 مركزاً للشركات الصينية، و6 للشركات الأوروبية، وتعتمد هذه المراكز بشكل رئيس على رقائق شركة إنفيديا الأميركية، التي استطاعت الشركات الصينية اقتناءها قبل فرض القيود الأميركية، وهناك 100 شركة فقط، مقراتها في واشنطن وبكين، تقف وراء 40 % من الاستثمار العالمي في القطاع، وقد تعهد عمالقة التكنولوجيا الأميركية مثل أمازون، ومايكروسوفت، وجوجل، وميتا، وأوبن إيه آي، بإنفاق 300 مليار دولار هذا العام، على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وهو مبلغ ينافس ميزانية دولة مثل كندا، بينما تفوق القدرة الحاسوبية لجامعة هارفارد، جميع القدرات المملوكة للقارة الأفريقية، التي تعاني نقصاً هائلاً في الكهرباء الموثوقة.