الذكاء الاصطناعي شريكًا للحياة
في الأسبوع الماضي، لم يكن أسبوع الذكاء الاصطناعي في دبي مجرد حدث عابر، بل كان نافذة واسعة فتحتها المدينة على ملامح مستقبل جديد يتشكل بهدوء... وبذكاء.
ومن بين فعاليات هذا الأسبوع اللافت، جاء إصدار تقرير مهم حمل عنوان "حالة الذكاء الاصطناعي في دبي 2025"، صادر عن "دبي الذكية"، ليكشف كيف تتحول دبي من مدينة ذكية... إلى مدينة تعرفك قبل أن تعرفها، وتفهم احتياجاتك قبل أن تطلبها وما يطلق علية البرفسور يوسف العساف "المدينة المدركة".
يأخذنا التقرير في رحلة داخل عقل مدينة اختارت ألا تنتظر المستقبل، بل تصنعه.
فبينما تسابق دول العالم لإيجاد موطئ قدم في سباق الذكاء الاصطناعي، كانت دبي تبني منظومة متكاملة لا تقوم على مجرد استيراد التقنية، بل على إعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والآلة.
بعيون استراتيجية، وضعت دبي الإنسان في قلب خطتها، فجعلت من الذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز "الكرامة الإنسانية"، لا لاستبدالها.
تؤمن دبي أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أكثر من مجرد تسريع للمعاملات، بل فرصة لإعادة ابتكار الخدمات بطريقة تجعل كل فرد يشعر بأنه مركز الاهتمام.
لم تبنِ دبي رؤيتها على الأوهام. فهي تدرك جيدًا أن الذكاء الاصطناعي يحمل وعودًا عظيمة، لكنه يخفي أيضًا تحديات جسيمة.
ومن هنا جاء تصميمها على أن تكون معايير "الخصوصية"، و"العدالة"، و"شفافية الخوارزميات" جزءًا لا يتجزأ من مشروعها الطموح.
حين تمشي في دبي خلال سنوات قليلة من الآن، لن تتفاجأ إذا وجدت أن "التشخيص المبكر للأمراض" يتم عبر أنظمة ذكية في العيادات، وأن "إشارات المرور" تتنبأ بالاختناقات قبل حدوثها، وأن معاملاتك الحكومية تنجزها أنظمة تفهمك بسلاسة دون تعقيد أو تأخير. في دبي، لم تعد "الرقمنة" غاية، بل أصبحت "اللغة الطبيعية للمدينة".
لكن القصة الأجمل لا تكمن فقط في التطبيقات التقنية، بل في الرؤية الكبرى التي رسمها التقرير:
مدينة تديرها "عقول اصطناعية" نعم "عقول اصطناعية ذكية" متصلة بالبيئة والناس معًا، حيث التعليم يصبح رحلة مصممة خصيصًا لكل طفل بفضل "الذكاء التوليدي"، وحيث كل مشروع جديد يخضع لاختبار رقمي مسبق عبر ما يسمى بـ"التوائم الرقمية"، لتُحاكى آثاره قبل أن يُبنى.
ورغم بريق المستقبل، لم تُغفل دبي التحديات الكبرى التي تواكب التحول الرقمي. فهي تدرك أن الطريق نحو الذكاء الاصطناعي محفوف بمخاوف مشروعة: من تحيّز الخوارزميات، إلى فقدان الوظائف، وصولًا إلى تساؤلات أخلاقية تتزايد يومًا بعد يوم. ولهذا جاء رهانها واضحًا: بناء بيئة من الثقة المتبادلة بين الإنسان والآلة، تجعل الذكاء الاصطناعي امتدادًا للعقل البشري لا خصمًا له.
ويختتم التقرير برسالة صريحة: الذكاء الاصطناعي في دبي ليس مجرد مشروع تقني، ولا سباقًا نحو الحداثة، بل التزام حضاري بأن تكون التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا أن يتحول الإنسان إلى خادم للتكنولوجيا.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه مدن العالم بملاحقة التغيير، تواصل دبي رسم معالم المستقبل بثقة. فهي لا تنتظر الزمن، ولا تلهث خلفه... بل تصنعه.
ولأن الإنسان هو الغاية، لم تُغفل دبي الجانب الإنساني من الحياة الحضرية؛ فزاد الاهتمام بالحدائق، وأماكن اللقاء الاجتماعي، والشواطئ، ومرافق الترفيه، لتظل المدينة مساحة نابضة بالحياة، توازن بين الذكاء والتقنية من جهة، والطبيعة والراحة والإنسان من جهة أخرى.
دبي تصوغ للعالم مستقبلًا أكثر ذكاءً... وإنسانيةً... وجمالًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 6 أيام
- عمون
الذكاء الاصطناعي شريكًا للحياة
في الأسبوع الماضي، لم يكن أسبوع الذكاء الاصطناعي في دبي مجرد حدث عابر، بل كان نافذة واسعة فتحتها المدينة على ملامح مستقبل جديد يتشكل بهدوء... وبذكاء. ومن بين فعاليات هذا الأسبوع اللافت، جاء إصدار تقرير مهم حمل عنوان "حالة الذكاء الاصطناعي في دبي 2025"، صادر عن "دبي الذكية"، ليكشف كيف تتحول دبي من مدينة ذكية... إلى مدينة تعرفك قبل أن تعرفها، وتفهم احتياجاتك قبل أن تطلبها وما يطلق علية البرفسور يوسف العساف "المدينة المدركة". يأخذنا التقرير في رحلة داخل عقل مدينة اختارت ألا تنتظر المستقبل، بل تصنعه. فبينما تسابق دول العالم لإيجاد موطئ قدم في سباق الذكاء الاصطناعي، كانت دبي تبني منظومة متكاملة لا تقوم على مجرد استيراد التقنية، بل على إعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والآلة. بعيون استراتيجية، وضعت دبي الإنسان في قلب خطتها، فجعلت من الذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز "الكرامة الإنسانية"، لا لاستبدالها. تؤمن دبي أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أكثر من مجرد تسريع للمعاملات، بل فرصة لإعادة ابتكار الخدمات بطريقة تجعل كل فرد يشعر بأنه مركز الاهتمام. لم تبنِ دبي رؤيتها على الأوهام. فهي تدرك جيدًا أن الذكاء الاصطناعي يحمل وعودًا عظيمة، لكنه يخفي أيضًا تحديات جسيمة. ومن هنا جاء تصميمها على أن تكون معايير "الخصوصية"، و"العدالة"، و"شفافية الخوارزميات" جزءًا لا يتجزأ من مشروعها الطموح. حين تمشي في دبي خلال سنوات قليلة من الآن، لن تتفاجأ إذا وجدت أن "التشخيص المبكر للأمراض" يتم عبر أنظمة ذكية في العيادات، وأن "إشارات المرور" تتنبأ بالاختناقات قبل حدوثها، وأن معاملاتك الحكومية تنجزها أنظمة تفهمك بسلاسة دون تعقيد أو تأخير. في دبي، لم تعد "الرقمنة" غاية، بل أصبحت "اللغة الطبيعية للمدينة". لكن القصة الأجمل لا تكمن فقط في التطبيقات التقنية، بل في الرؤية الكبرى التي رسمها التقرير: مدينة تديرها "عقول اصطناعية" نعم "عقول اصطناعية ذكية" متصلة بالبيئة والناس معًا، حيث التعليم يصبح رحلة مصممة خصيصًا لكل طفل بفضل "الذكاء التوليدي"، وحيث كل مشروع جديد يخضع لاختبار رقمي مسبق عبر ما يسمى بـ"التوائم الرقمية"، لتُحاكى آثاره قبل أن يُبنى. ورغم بريق المستقبل، لم تُغفل دبي التحديات الكبرى التي تواكب التحول الرقمي. فهي تدرك أن الطريق نحو الذكاء الاصطناعي محفوف بمخاوف مشروعة: من تحيّز الخوارزميات، إلى فقدان الوظائف، وصولًا إلى تساؤلات أخلاقية تتزايد يومًا بعد يوم. ولهذا جاء رهانها واضحًا: بناء بيئة من الثقة المتبادلة بين الإنسان والآلة، تجعل الذكاء الاصطناعي امتدادًا للعقل البشري لا خصمًا له. ويختتم التقرير برسالة صريحة: الذكاء الاصطناعي في دبي ليس مجرد مشروع تقني، ولا سباقًا نحو الحداثة، بل التزام حضاري بأن تكون التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا أن يتحول الإنسان إلى خادم للتكنولوجيا. وفي الوقت الذي تنشغل فيه مدن العالم بملاحقة التغيير، تواصل دبي رسم معالم المستقبل بثقة. فهي لا تنتظر الزمن، ولا تلهث خلفه... بل تصنعه. ولأن الإنسان هو الغاية، لم تُغفل دبي الجانب الإنساني من الحياة الحضرية؛ فزاد الاهتمام بالحدائق، وأماكن اللقاء الاجتماعي، والشواطئ، ومرافق الترفيه، لتظل المدينة مساحة نابضة بالحياة، توازن بين الذكاء والتقنية من جهة، والطبيعة والراحة والإنسان من جهة أخرى. دبي تصوغ للعالم مستقبلًا أكثر ذكاءً... وإنسانيةً... وجمالًا.


أخبارنا
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- أخبارنا
عمران السكران : الجينوم الرياضي.. كيف ستغير التوائم الرقمية مستقبل كرة القدم؟
أخبارنا : في عالم الرياضة، تلوح في الأفق ثورة تكنولوجية تعد بتغيير كل ما نعرفه عن الأداء الرياضي. إنها تقنية "التوائم الرقمية' ابتكار يجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي ودقة البيانات الحيوية لخلق نسخة افتراضية من الرياضي تعمل على مدار الساعة لتحسين أدائه. لكن ما هو هذا التوأم الرقمي بالضبط؟ تخيله كظلٍ رقمي يلاحق الرياضي، يتنفس معه، يركض بجانبه، ويفكر قبله. هذا الظل الرقمي ليس مجرد صورة ثابتة، بل هو كيان حي يتغذى على سيل متدفق من البيانات. أجهزة استشعار دقيقة، لا تكاد تُرى، تلتصق بجسد الرياضي كوشم تكنولوجي، تلتقط كل نبضة قلب، كل قطرة عرق، كل انقباضة عضلية. وفي قلب هذه المنظومة، تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي بلا كلل، تحلل وتفسر وتتنبأ، محولة هذا الفيض من الأرقام إلى رؤى ثاقبة وتوصيات دقيقة. وفقاً لدراسة حديثة نشرتها مجلة Acta Kinesiologica، فإن هذه التكنولوجيا ليست حلماً بعيد المنال. بل إن بعض الفرق النخبوية في أوروبا قد بدأت بالفعل في اختبار نماذج أولية منها. والتوقعات تشير إلى أن التوائم الرقمية ستصبح جزءاً لا يتجزأ من عالم الرياضة عالية المستوى بحلول عام 2030. فهل تتخيل معي كيف سيبدو مستقبل الرياضة السعودية في ظل هذه الثورة التكنولوجية؟ تخيل معي مدرب المنتخب السعودي (ليس مانشيني لا سمح الله) يجلس أمام شاشة عملاقة، تتراقص أمامه أشباح رقمية لكل لاعب في فريقه. بنقرة زر، يستطيع أن يغوص في تفاصيل لياقة كل لاعب، يعدل برنامجه التدريبي بدقة جراح، يزيد من حمل التدريب هنا، يخففه هناك، يغير نظامه الغذائي؛ كل ذلك بناءً على تحليلات فورية لحالة اللاعب الفسيولوجية والنفسية. وفجأة، يومض إنذار أحمر: "احتمال 75٪ لإصابة في الركبة اليمنى للاعب X خلال الأسبوعين القادمين'. هذا التنبؤ، المبني على تحليل دقيق لأنماط الحركة والضغط على المفاصل، يمكّن الفريق الطبي من التدخل قبل أن تقع الكارثة. الأمر لا يتوقف عند حدود التدريب والوقاية من الإصابات، تخيل معي مباراة حاسمة في كأس العالم 2030، المدرب لا يعتمد فقط على حدسه وخبرته، بل على محاكاة رقمية دقيقة أجراها قبل المباراة، حيث خاض المباراة آلاف المرات في دقائق معدودة، مستخدماً التوائم الرقمية لفريقه والفريق المنافس. هذه المحاكاة كشفت عن ثغرة دفاعية خفية لدى الخصم، ثغرة لم يكن ليلاحظها العين المجردة. وأثناء المباراة نفسها، يتلقى كل لاعب تعليمات فورية من توأمه الرقمي – همسة في الأذن تنصح بتعديل وضعية الجسم لتحسين التسديد، تحذير من الإرهاق الوشيك، نصيحة بشرب الماء لتجنب الجفاف. كل هذا يحدث في الوقت الفعلي، مما يمنح الفريق ميزة دقيقة ولكنها حاسمة. لكن هذه الثورة التكنولوجية لا تقتصر على النخبة فقط، تخيل معي: في أكاديمية للناشئين، يتم استخدام التوائم الرقمية لرسم مسار تطور كل لاعب شاب. الذكاء الاصطناعي يحلل أداء اللاعب الصغير، يتنبأ بمساره المستقبلي، ويساعد في تصميم برنامج تطوير فردي يضمن وصوله إلى أقصى إمكاناته. وهذا النهج الدقيق في تطوير المواهب قد يكون المفتاح لخلق جيل ذهبي جديد للكرة. ولعل أهمية هذه التقنيات تتجلى بشكل أكثر وضوحاً عندما ننظر إلى الأرقام المذهلة حول الإصابات الرياضية، فوفقاً لدراسة نُشرت في مجلة Nature المرموقة، يتعرض لاعبو كرة القدم المحترفون لما يتراوح بين 2.5 إلى 9.4 إصابة لكل 1000 ساعة من الجهد البدني، والأكثر إثارة للقلق أن ثلث هذه الإصابات تقريباً ناجم عن الإفراط في التمارين، وهو أمر يمكن تجنبه بالتأكيد مع الاستخدام الذكي للتكنولوجيا. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي كمنقذ محتمل. فقد أظهرت دراسة حديثة استخدمت تقنيات متقدمة مثل Support Vector Machines أن الذكاء الاصطناعي قادر على التنبؤ بالإصابات الرياضية بدقة مذهلة، من خلال تحليل بيانات دقيقة حول زوايا المفاصل وأنماط الحركة، يمكن لهذه الأنظمة الذكية أن تتنبأ بالإصابات قبل وقوعها، مما يتيح للأطباء والمدربين اتخاذ إجراءات وقائية في الوقت المناسب. ولسنا بحاجة للنظر بعيداً لنرى التطبيقات العملية لهذه التكنولوجيا، ففي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية (NFL)، أظهرت تقنية "الرياضي الرقمي' – وهي شكل متطور من التوائم الرقمية – نتائج واعدة في الحد من الإصابات الخطيرة، خاصة تلك المتعلقة بالصدمات وإصابات الرأس، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل ملايين السيناريوهات المحتملة، تمكنت الفرق الطبية من تطوير استراتيجيات وقائية أكثر فعالية، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الإصابة. ــ الراي


رؤيا نيوز
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- رؤيا نيوز
خطوة نحو محاكاة العقل البشري.. علماء يبتكرون 'توأمًا رقميًا' للدماغ باستخدام الذكاء الاصطناعي
نجح علماء من جامعة ستانفورد في تطوير 'توأم رقمي' لدماغ فأر، وهو نموذج محاكاة للدماغ عالي الدقة يمكن للعلماء استخدامه تمامًا كما يستخدم الطيارون أجهزة محاكاة الطيران لتجريب مناوراتهم المعقدة بأمان. طوّر هذا النموذج باحثون من كلية الطب في جامعة ستانفورد بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء توأم رقمي للقشرة البصرية في دماغ الفأر، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المعلومات البصرية. وقد دُرّب هذا التوأم الرقمي باستخدام مجموعات ضخمة من بيانات النشاط العصبي المسجلة من فئران حقيقية في أثناء مشاهدتها لمقاطع فيديو. وبعد التدريب، أصبح النموذج قادرًا على التنبؤ بكيفية استجابة عشرات الآلاف من الخلايا العصبية لصور ومقاطع فيديو جديدة. توأم رقمي لتسريع فهم الدماغ أجريت دراسة لاختبار النموذج الجديد ونُشرت في مجلة Nature في التاسع من أبريل الجاري، ويقول الدكتور Andreas Tolias، أستاذ طب العيون في جامعة ستانفورد والمؤلف الرئيسي للدراسة: 'إذا أنشأت نموذجًا دقيقًا للدماغ، فستتمكن من إجراء عدد كبير جدًا من التجارب. ويمكنك لاحقًا اختبار أفضلها على الدماغ الحقيقي'. وعلى عكس النماذج السابقة التي كانت تحاكي فقط استجابات الدماغ للأنماط التي تدربت عليها، فإن النموذج الجديد يمكنه التنبؤ بكيفية استجابة الدماغ لأنواع مختلفة تمامًا من المحفزات البصرية. كما أنه قادر على استنتاج سمات كل خلية عصبية. ويُعدّ هذا النموذج مثالًا على ما يُعرف بالنماذج الأساسية (Foundation Models)، وهي فئة حديثة من نماذج الذكاء الاصطناعي يمكنها التعلم من بيانات ضخمة وتطبيق ما تعلّمته على مهام وأنواع بيانات جديدة وهو ما يُعرف بـ 'القدرة على التعميم خارج نطاق البيانات التدريبية'. ويقول Andreas Tolias: 'القدرة على التعميم هي أساس الذكاء، والهدف النهائي هو التعميم في مواقف لم تُرَ من قبل في أثناء التدريب'. طريقة تدريب النموذج الجديد لتدريب النموذج، سجّل الباحثون نشاط دماغ الفئران في أثناء مشاهدتها لمقاطع من أفلام بشرية حقيقية، مع محاولة اختيار أفلام تناسب طبيعة الفئران قدر الإمكان؛ إذ تمتلك الفئران رؤية منخفضة الدقة تشبه الرؤية الجانبية عند البشر، لذلك تركز أكثر على الحركة بدلًا من التفاصيل أو الألوان. ولأن الفئران تستجيب بشدة للحركة، عرض الباحثون عليها أفلامًا مليئة بالحركة. وخلال جلسات مشاهدة قصيرة متكررة، جمع الباحثون أكثر من 900 دقيقة من نشاط الدماغ من ثمانية فئران في أثناء مشاهدتها مقاطع من أفلام مثل Mad Max، مع مراقبة حركة أعينها وسلوكها. واستُخدمت هذه البيانات لتدريب نموذج أساسي يمكن تخصيصه لاحقًا لإنشاء توأم رقمي لأي فأر ببعض التدريب الإضافي. دقة مذهلة وتنبؤات جديدة أظهرت التوائم الرقمية قدرة مذهلة على محاكاة نشاط الدماغ الحقيقي للفئران عند التعرض لمحفزات بصرية جديدة، سواء كانت صورًا ثابتة أو مقاطع فيديو. وكان حجم البيانات الكبير هو مفتاح نجاح هذه النماذج، بحسب ما أشار إليه Andreas Tolias. ومع أن التدريب كان يركز في دراسة نشاط الخلايا العصبية فقط، فقد استطاعت النماذج تحليل خصائص أخرى للخلايا العصبية، مثل بُنية الخلايا العصبية وأنواعها والروابط بينها. وقد تحقق الباحثون من صحة هذه التحليلات عبر صور ميكروسكوبية إلكترونية عالية الدقة لدماغ الفأر نفسه كجزء من مشروع MICrONS الذي يهدف إلى رسم خريطة دقيقة لبنية ووظائف القشرة البصرية لدى الفئران. وقد نُشرت نتائج هذا المشروع بالتزامن مع نشر الدراسة في مجلة Nature. نحو فهم أعمق لوظائف الدماغ نظرًا إلى أن التوأم الرقمي لا يتأثر بعمر الفأر الحقيقي، يمكن للعلماء إجراء عدد غير محدود من التجارب على الفأر نفسه. ويمكن إجراء تجارب تستغرق سنوات خلال ساعات، كما يمكن تنفيذ ملايين التجارب في وقت واحد، مما يسرّع الأبحاث المتعلقة بكيفية معالجة الدماغ للمعلومات. يقول Andreas Tolias: 'نحن نحاول فهم الدماغ بعمق على مستوى الخلية العصبية الواحدة ومجموعات الخلايا، وكيف تتعاون لنقل المعلومات'. وقد بدأت هذه النماذج بالفعل بالكشف عن رؤى جديدة. ففي دراسة أخرى نُشرت في مجلة Nature، استخدم الباحثون توأمًا رقميًا لاكتشاف كيفية اختيار الخلايا العصبية لشركائها من الخلايا الأخرى لتكوين الاتصالات. فمن المعروف أن الخلايا العصبية المتشابهة تميل لتكوين روابط بينها، كما يفعل البشر عند اختيار أصدقائهم. لكن التوأم الرقمي كشف عن نوع التشابه بين الخلايا، فقد ظهر أن الخلايا العصبية تفضّل تكوين روابط مع تلك التي تستجيب للمُحفز نفسه مثل اللون الأزرق، وليس مع تلك الموجودة في الموقع نفسه من المجال البصري. يقول Andreas Tolias: 'الأمر يشبه اختيار الأصدقاء بناءً على الاهتمامات، وليس على الموقع الجغرافي. وهذا الاكتشاف علمنا قاعدة أكثر دقة عن كيفية تنظيم عمل الدماغ'. ما الخطوة التالية؟ يخطط الفريق لتوسيع هذه النماذج لتشمل مناطق أخرى من الدماغ وأنواعًا أخرى من الحيوانات، أهمها: الرئيسيات التي تتمتع بقدرات معرفية أكثر تقدمًا من الفئران. ويقول Andreas Tolias: 'أعتقد أنه سيكون من الممكن في النهاية بناء توائم رقمية لأجزاء مختلفة من دماغ الإنسان، وما أنجزناه حتى الآن ليس سوى البداية'.