logo
كيف تتيح لك فيفيرس كريت بناء عوالم افتراضية بدون خبرة برمجية؟

كيف تتيح لك فيفيرس كريت بناء عوالم افتراضية بدون خبرة برمجية؟

الجزيرة١٢-٠٥-٢٠٢٥

مع تسارع تطور تقنيات " ميتافيرس" أصبح إنشاء العوالم الافتراضية أمرًا ضروريًا للشركات والمبدعين على حد سواء. وفي ظل تزايد الاهتمام بهذا المجال، برزت الحاجة إلى أدوات تسمح للجميع ببناء هذه العوالم الافتراضية.
ومع ذلك، فإن بناء هذه العوالم تطلب في السابق معرفة تقنية متقدمة وبرمجة معقدة، وهنا يأتي دور أداة "كريت" (Create) من منصة الحوسبة المكانية "فيفيرس" (Viverse) بصفتها حلًا مبتكرًا.
وأحدثت هذه الأداة نقلة نوعية من خلال تبسيط عملية تصميم المحتوى الافتراضي، مما يتيح للمستخدمين التركيز على الإبداع والابتكار.
وفي هذا المقال، نستعرض بالتفصيل الجوانب التقنية للمنصة وآلية عملها الداخلية، مع شرح شامل للميزات والوظائف التي تقدمها.
تعد "كريت" بمنزلة أداة لإنشاء العوالم الافتراضية، وهي تتيح إنشاء عوالم تفاعلية متعددة اللاعبين ومشاركتها. وتقدم هذه الأداة -التي طورتها العلامة التجارية "فايف" (Vive) المملوكة لشركة "إتش تي سي" (HTC)- بيئة متكاملة لإنشاء عوالم افتراضية تفاعلية داخل "ميتافيرس" دون الحاجة إلى مهارات برمجة متقدمة.
كما أنها تتيح للمبدعين مشاركة العوالم مع أي شخص وأي جهاز، بما في ذلك نظارات الواقع الافتراضي ، والهواتف المحمولة، وأجهزة الحواسيب، وأجهزة ماك، دون الحاجة إلى جهاز ألعاب.
وتتوفر هذه الأداة عبر منصات متعددة بفضل ميزة "عدم التثبيت" مما يسمح لأي شخص الاستمتاع بالترفيه التفاعلي دون الحاجة إلى جهاز ألعاب.
ومع "كريت" تمنح "إتش تي سي" المبدعين الأدوات اللازمة لإنشاء أي عالم ومشاركته مع الأصدقاء والعائلة لتجربته من خلال رابط واحد بسيط وآمن وقابل للانضمام.
الأساس التقني وآلية العمل
تعتمد "كريت" على محرك رسومي ثلاثي الأبعاد مُحسن خصيصًا لتحقيق أداء عالٍ مع استهلاك معقول لموارد الجهاز، ويعرض هذا المحرك البيئات الافتراضية المعقدة بسلاسة وجودة عالية.
وتتميز الأداة بمكتبة الأصول الرقمية الشاملة "سكيتش فاب" (Sketchfab) التي تحتوي على آلاف العناصر الجاهزة للاستخدام، من النماذج الثلاثية الأبعاد إلى المؤثرات البصرية والصوتية.
وتعتمد الأداة على بنية سحابية تتيح نشر العوالم الافتراضية بسهولة وبدون الحاجة إلى بنية تحتية معقدة من جانب المستخدم. وتتكامل "كريت" مع منصات وخدمات خارجية، مما يوسع بشكل كبير من إمكانيات العوالم الافتراضية التي يمكن إنشاؤها.
وقد صممت واجهة المستخدم في "كريت" بهدف السماح لغير المبرمجين بإنشاء محتوى رقمي متقدم، وهي تتميز بنظام "السحب والإفلات" من أجل إضافة العناصر إلى المشهد الافتراضي.
ويوجد محرر مرئي للتفاعلات يسمح بتحديد سلوك العناصر المختلفة عبر واجهة رسومية بدلاً من كتابة التعليمات البرمجية.
وهناك أدوات معاينة فورية تتيح رؤية التغييرات في الحال، مع إمكانية تبديل وجهات النظر بين وضع التحرير ووضع المستخدم النهائي.
وتبدأ عملية إنشاء العالم الافتراضي بمرحلة التخطيط الإستراتيجي، حيث يحدد المستهدف الغرض الأساسي من العالم الافتراضي سواء كان تعليميًا أو ترفيهيًا أو تجاريًا.
ويلي ذلك مرحلة التصميم، حيث يمكن للمستخدم الاختيار بين البدء من قالب جاهز أو إنشاء مشروع من الصفر. وفي مرحلة التخصيص، تضاف اللمسات الشخصية، من خلال تعديل العناصر الموجودة أو إضافة عناصر جديدة من المكتبة.
وتأتي بعد ذلك مرحلة تحديد كيفية تفاعل المستخدمين مع العناصر المختلفة في العالم الافتراضي، وهي المرحلة التي تحول المشهد الثابت إلى بيئة تفاعلية حية.
وقبل النشر، تتيح المنصة أدوات اختبار متقدمة تسمح بمعاينة العالم من وجهة نظر المستخدم النهائي، مع إمكانية كشف الأخطاء وإجراء التعديلات اللازمة.
ويصبح العالم الافتراضي بعد ذلك جاهزًا للاستخدام من قبل الجمهور المستهدف عبر مختلف الأجهزة والمنصات.
الميزات والوظائف الرئيسية
تتميز أداة "كريت" بمكتبة محتوى شاملة تغطي كافة الاحتياجات الأساسية لبناء العوالم الافتراضية، إذ توفر عشرات القوالب المصممة مسبقًا لمختلف الاستخدامات، وهي تغطي مجموعة واسعة من السيناريوهات.
كما تضم المكتبة مجموعة من المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية التي يمكن استخدامها لتعزيز التجربة الافتراضية.
وتقدم هذه الأداة نظامًا متطورًا لإنشاء وتخصيص الشخصيات الافتراضية، مع خيارات واسعة لتعديل المظهر والملابس والإكسسوارات.
وبالرغم من تركيزها على البساطة وسهولة الاستخدام، لا تهمل "كريت" الجوانب المتقدمة في التصميم، إذ يسمح نظام الإضاءة الذكي بإنشاء تأثيرات إضاءة واقعية مع إمكانية التحكم في اتجاه وشدة الإضاءة ونوعيتها.
ويأتي محرر المواد مع مجموعة من الإعدادات المسبقة التي تتيح استخدام مختلف الخصائص البصرية، مثل الانعكاسية والشفافية والملمس.
وتقدم أداة إنشاء التضاريس واجهة سهلة لتشكيل المناظر الطبيعية الافتراضية، مع إمكانية إضافة الجبال والوديان والمسطحات المائية ببضع نقرات.
كما تدعم استيراد النماذج الثلاثية الأبعاد من برامج التصميم الخارجية، مع الحفاظ على خصائصها وهيكلها. ويمثل نظام الأحداث البصرية في "كريت" القلب النابض للأداة عندما يتعلق الأمر بإيجاد تجارب تفاعلية.
ويسمح هذا النظام بإنشاء سلسلة من الأحداث المترابطة عبر واجهة رسومية بسيطة، مثل تشغيل مقطع فيديو عند الاقتراب من شاشة معينة، أو فتح باب عند الضغط على زر.
وتتيح أدوات التحكم بالفيزياء تطبيق قوانين الفيزياء الأساسية على العناصر في العالم الافتراضي، مثل الجاذبية والاصطدام والحركة.
وتستطيع تحويل أي عنصر في المشهد إلى نقطة تفاعل قابلة للنقر تعرض معلومات إضافية أو تنقل المستخدم إلى موقع آخر.
وتوفر "كريت" مجموعة متنوعة من خيارات النشر لتلبية احتياجات مختلف المستخدمين، إذ تدعم النشر المباشر عبر منصات الواقع الافتراضي الشهيرة، مع تحسين التصميم تلقائيًا ليعمل بشكل مثالي عبر هذه الأجهزة.
المزايا التنافسية
عند مقارنة "كريت" مع الحلول المنافسة، تبرز عدة نقاط قوة مميزة، إذ تتفوق الأداة بشكل واضح على الحلول المنافسة في مجال سهولة الاستخدام.
وتحتل الأداة موقعًا مرموقًا بين الحلول المنافسة من حيث جودة الرسوميات، إذ إن التوازن بين الجودة والأداء يجعلها مناسبة لمجموعة واسعة من الاستخدامات.
وفي مجال التفاعلية، تقدم "كريت" أدوات أكثر تطورًا من معظم الحلول المنافسة. أما في تكامل الواقع الافتراضي، فإن دعمها الممتاز لأجهزة "فايف" يعطيها ميزة كبيرة للمستخدمين في هذه المنظومة.
ويمثل تكامل "كريت" مع منظومة "فايف" إحدى أهم مميزاتها التنافسية، إذ يضمن هذا التكامل تجربة سلسة ومحسنة لأصحاب الأجهزة، مع إمكانية الوصول إلى ميزات متقدمة.
وتسمح أدوات التعاون في الوقت الحقيقي لفريق كامل من المصممين بالعمل على نفس المشروع بشكل متزامن، مع رؤية التغييرات فور حدوثها. كما أن دعم "كريت" للعديد من اللغات الرئيسية يجعلها في متناول جمهور عالمي واسع.
التحديات والحدود
رغم تطورها الكبير، تواجه "كريت" بعض التحديات التقنية، إذ إن الأداء عبر الأجهزة المنخفضة المواصفات قد يكون مشكلة، وخاصة عند التعامل مع عوالم افتراضية معقدة أو أعداد كبيرة من المستخدمين المتزامنين.
وبالمقارنة مع محركات الألعاب الاحترافية، تظل أدوات التصميم المتقدمة في الأداة محدودة نسبيًا، مما قد يقيد الإبداع في بعض المشاريع الطموحة.
كما أن بعض أنظمة الواقع الافتراضي قد تواجه مشاكل توافق طفيفة، وخاصة خارج منظومة "فايف". ورغم أن الحاجة للتعلم أقل بكثير من الحلول التقليدية، فإنها تظل تحديًا للمستخدمين المبتدئين في مجال التصميم الثلاثي الأبعاد.
وتطرح قضايا الخصوصية والأمان أسئلة مهمة، وخاصة عند استخدام "كريت" لإنشاء مساحات اجتماعية أو تعليمية. وتظل إدارة الهويات الرقمية وحماية البيانات الشخصية من المجالات التي تحتاج إلى تطوير إضافي.
وفي الختام، تمثل "كريت" نموذجًا رائدًا في جعل تقنيات "ميتافيرس" في متناول الجميع. وبينما لا تزال الأداة في طور التطور، فإنها تقدم حلاً عمليًا للعديد من التحديات التي تواجه انتشار العوالم الافتراضية.
وبالنسبة للراغبين في دخول عالم "ميتافيرس" تظل "كريت" أحد أكثر الخيارات جدوى من حيث التكلفة والوقت والجهد.
ومع استمرار تطور هذه الأداة، قد تصبح قريبًا المعيار الأساسي لإنشاء العوالم الافتراضية للاستخدامات غير الاحترافية والتعرف على عالم التصميم الافتراضي، مع إمكانية التدرج إلى أدوات أكثر تقدمًا عند الحاجة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شطب أمل حويجة ونور مهنا من نقابة الفنانين السوريين وتغييرات في المجلس المركزي
شطب أمل حويجة ونور مهنا من نقابة الفنانين السوريين وتغييرات في المجلس المركزي

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

شطب أمل حويجة ونور مهنا من نقابة الفنانين السوريين وتغييرات في المجلس المركزي

أعلنت نقابة الفنانين السوريين شطب 4 من أعضاء مجلسها المركزي، وهم الممثلتان أمل حويجة، وميس حرب، والمسرحي محمد آل رشي، إلى جانب المطرب نور مهنا الذي شغل منصب نائب نقيب الفنانين خلال الفترة الماضية. القرار الذي نشرته صفحة النقابة بالعاصمة دمشق على "فيسبوك" ممهورا بتوقيع نقيب الفنانين مازن الناطور ، جاء "استنادا إلى النظام الداخلي وأحكام القانون رقم 40 لعام 2019، وبعد موافقة الهيئة المصغرة". كما أعلنت النقابة بموجب القرار ذاته تعيين الفنان يوسف عبده عضوا جديدا في مجلس النقابة المركزي، بالإضافة إلى إعادة توزيع المهام داخل المجلس، وفقا لما تم الاتفاق عليه خلال الجلسة التي عقدت الاثنين الماضي 19 مايو/أيار 2025. وجاء في بيان النقابة أن التشكيلة الجديدة لمجلس النقابة المركزي تضم الأعضاء: حسين المطلك، وروعة ياسين، وكوزيت باكير، وزهير قنوع، وجهاد عازر، وعلي القاسم، من دون توضيح الأسباب الكاملة التي استندت إليها قرارات الشطب أو تفاصيل الاستجوابات. أزمات داخلية وتأتي هذه الخطوة في إطار الأزمة التي تعيشها نقابة الفنانين السوريين خلال الأسابيع الأخيرة، والتي بدأت تتخذ طابعا علنيا منذ إعلان مجلس النقابة في الخامس من مايو/أيار سحب الثقة من النقيب الحالي مازن الناطور ، في بيان وُقّع من قبل الفنان نور مهنا بصفته نائبا للنقيب آنذاك. وقد اتهم البيان الناطور بـ"اتخاذ قرارات فردية وتهميش دور أعضاء المجلس المركزي"، وهو ما قوبل برفض صريح من قبل الناطور، الذي أصدر بيانا مضادا وصف فيه قرار سحب الثقة بأنه "باطل قانونيا" ، مؤكدا أنه لا يستند إلى أي مرجعية صحيحة. ومنذ توليه منصبه في مارس/آذار 2025، تبنى الناطور خطابا إصلاحيا تعهد من خلاله بإحداث تحول نوعي في عمل النقابة وتوسيع دائرة التمثيل، وهو ما ترجمه لاحقا عبر اتخاذ سلسلة القرارات، أبرزها فصل الفنانة سلاف فواخرجي المعروفة بدفاعها عن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وإنكارها جرائمه، ومنح عضوية الشرف لعدد من الفنانين المعروفين بمواقفهم الوطنية مثل المطربة أصالة نصري و الموسيقار مالك جندلي ، إلى جانب المطرب اللبناني فضل شاكر. ولم يصدر أي تعليق حتى الآن من الأعضاء الأربعة الذين شُطبت عضويتهم، في حين يُتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من التطورات داخل النقابة ذات التأثير في الوسط الفني السوري والارتباط بالتحولات السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.

الصمت الرقمي: لماذا توقّفنا عن المشاركة في شبكات التواصل؟
الصمت الرقمي: لماذا توقّفنا عن المشاركة في شبكات التواصل؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

الصمت الرقمي: لماذا توقّفنا عن المشاركة في شبكات التواصل؟

هل لاحظت أنك تقضي ساعات في التمرير على شبكات التواصل دون أن تكتب أو تُعلّق؟ هل تحوّلت من شخص يشارك فكره إلى متفرج صامت؟ لست وحدك.. هذا التحوّل الجماعي من المشاركة إلى الاستهلاك لم يحدث صدفة، بل هو نتيجة هندسة رقمية دقيقة، تستغل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتصميمات البصرية، والدوافع النفسية والاقتصادية، لتجعلنا نُشاهد أكثر مما نُبدع. في هذه التدوينة، نحلل كيف ساهمت منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك وغيرها في خلق بيئة رقمية، تُكافئ الصمت وتُعاقب التفاعل، من خلال خوارزميات مصممة لإبقاء المستخدمين في حالة تمرير دائم، ومحتوى احترافي يُشعر الأفراد بأن مساهماتهم لا قيمة لها. ونستعرض بالأرقام كيف تراجعت نسب التفاعل، ولماذا أصبح المستخدم العادي يشعر بالخوف من النقد، أو بعدم جدوى المشاركة. لكننا لا نكتفي بوصف المشكلة، بل نطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الإبداع والتعددية الفكرية في هذا الفضاء الرقمي، ونقترح حلولًا عملية لإعادة التوازن بين الاستهلاك والمشاركة، من إصلاحات تقنية وتشريعية، إلى دعم ثقافة التعبير الفردي. ما الذي تفعله الشبكات الاجتماعية بالضبط؟ هدف شبكات التواصل الاجتماعي في الأساس هو تكوين مجتمع رقمي، نجتمع فيه لمتابعة المحتوى الذي ينشره أصدقاؤنا؟ وهذا ما كانت عليه بالفعل في أوجها خلال عقد الألفين.. كان فيسبوك المكان الذي تكتشف فيه أن قريبك انتقل للدراسة في بلدٍ جديد، أو أن أحد أصدقائك عقد قرانه دون أن يدعوك. لكن خلال العقد الماضي، بدأت منصات التواصل الاجتماعي تُشبه وسائل الإعلام التقليدية أكثر فأكثر؛ إذ أصبحت مكانًا نشاهد فيه مقاطع ترويجية يصنعها المشاهير، مع محللين يشاركون بردود أفعالهم على الأحداث، ومقاطع مجمَّعة من الثقافة الشعبية، وموجة متزايدة من المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي، وغير ذلك من المحتوى المصمَّم ليصل إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين. أما الأشخاص الذين نتابعهم، فالرسائل التي ينشرونها باتت تشعرنا وكأنها إبر ضائعة في كومة قش رقمية. وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أقل "اجتماعية" وقد أقرّ مؤسس فيسبوك، مارك زوكربيرغ، بذلك خلال أكثر من عشر ساعات من الشهادة على مدى ثلاثة أيام، أوائل الشهر الحالي، في المرحلة الافتتاحية من محاكمة لجنة التجارة الفدرالية الأميركية (FTC) لمكافحة الاحتكار ضد "ميتا"، الشركة الأم لفيسبوك. قال زوكربيرغ إن الشركة باتت مؤخرًا تركز على "فكرة الترفيه العامة، والتعرف على العالم واكتشاف ما يحدث فيه". هذا التحول غير الملحوظ بعيدًا عن التواصل الشخصي تم قياسه من قبل الشركة نفسها.. خلال المرافعة الافتتاحية للدفاع، عرضت ميتا رسمًا بيانيًّا يُظهر أن "نسبة الوقت الذي يُقضى في مشاهدة محتوى نشره أصدقاء" انخفضت خلال العامين الماضيين، من 22% إلى 17% على فيسبوك، ومن 11% إلى 7% على إنستغرام. وعلى ما يبدو، فإن وسائل التواصل الاجتماعي ككيان مميز لم تعد موجودة بالطريقة التي كانت عليها في العقد الماضي، وما تُعرف به منصات الشركة الآن -أي الاستهلاك الرقمي لجميع أنواع المحتوى- أصبح منتشرًا، لدرجة أنه ليس هناك شركة واحدة يمكنها أن تُعتبر محتكرة له. كيف صممت شبكات التواصل الاجتماعي بيئةً تعزز الاستهلاك السلبي؟ الخوارزميات المُخصصة: تعتمد منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك على خوارزميات تعرض محتوى مخصصًا بناءً على سلوك المستخدم، ما يخلق حلقة من التمرير المستمر. هذه الخوارزميات تُبقي المستخدمين منشغلين بلا توقف، حيث تُظهر محتوى جذابًا دون الحاجة إلى بذل جهد في البحث، ما يقلل الحافز للإنتاج. سهولة الوصول إلى المحتوى: توفر المنصات كميات هائلة من المحتوى الجاهز للاستهلاك (فيديوهات قصيرة، صور، منشورات)، ما يجعل المشاهدة أسرع وأقل تكلفةً من إنشاء محتوى جديد. ووفقًا لدراسات، يقضي المستخدمون في المتوسط تسع ساعات يوميًّا في التصفح، مقارنةً بدقائق محدودة لإنتاج ومشاركة المحتوى. التصميم البصري الجذاب: تُركز المنصات على واجهات مستخدم تدفع للتمرير الأفقي أو العمودي، مع إبراز المحتوى الأكثر تفاعلًا. هذا التصميم يُعزز "ثقافة التمرير" بدلًا من ثقافة المشاركة. الأسباب النفسية وراء تفضيل دور المتفرج الخوف من النقد العلني: يُعتبر الخوف من التعليقات السلبية أو "التصيد" أحد العوامل الرئيسية. تشير دراسة لـ "إغنايت سوشيال ميديا" إلى أن 60% من المستخدمين يتجنبون المشاركة خوفًا من السخرية أو سوء الفهم، خاصةً في المجتمعات المتخصصة مثل "ريد إت". متلازمة المحتال: يشعر كثيرون أن مساهماتهم لن تكون ذات قيمة مقارنةً بالمحتوى الاحترافي المنتشر، ما يدفعهم للبقاء في الظل. ووفقًا لموقع "إفري وين سوشيال"، فإن 45% من الموظفين في الشركات يرفضون مشاركة محتوى بسبب هذا الشعور. الخوف من الالتزام: يتطلب إنشاء محتوى منتظم وقتًا وجهدًا، بينما لا يضمن تفاعلًا ملحوظًا؛ لذا يفضل المستخدمون تجنب هذا "الاستثمار المجهول". التأثير الاقتصادي: لماذا تفضل المنصات الاستهلاك السلبي؟ زيادة الإيرادات عبر الإعلانات: تعتمد المنصات على جذب أكبر عدد من المستخدمين لزيادة عائدات الإعلانات؛ فكلما زاد وقت التصفح زادت فرص عرض الإعلانات. ووفقًا لـدراسة قامت بها مجموعة "نيلسن نومان"، يُشكل المتفرجون 90% من الجمهور، ما يجعلهم مصدرًا رئيسيًّا للربح. تحويل المستخدمين إلى "منتجات": تُباع بيانات المستخدمين (مثل اهتماماتهم وسلوكهم) إلى المعلنين، ما يحوّلهم إلى سلعة رقمية دون حاجة إلى تفاعلهم النشط. لقد تحولت شبكات التواصل الاجتماعي من ساحات للتفاعل الإنساني والتبادل الثقافي إلى مسارح ضخمة، يُشاهد فيها الجميع ولا يتحدث أحد. هذا التحول لم يكن عشوائيًّا، بل نتيجة هندسة رقمية دقيقة إحصائيات تدعم التحول إلى الثقافة الاستهلاكية قاعدة 90-9-1: تُظهر الدراسات أن 90% من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي متفرجون، و9% متفاعلون متقطعون، و1% فقط منتجو محتوى نشطون. انخفاض التفاعل النشط: وفقًا لبحث لـ" إغنايت سوشيال ميديا"، فقد انخفضت مشاركة المستخدمين في التعليقات بنسبة 40% بين 2020 و2025، بينما زادت مشاهدات الفيديوهات بنسبة 70%. كيف تُغذي المنصات "مراكز النفوذ"؟ تعزيز المحتوى الاحترافي: تُركز الخوارزميات على المحتوى المُنتج من قبل المؤثرين أو الحسابات الكبيرة، ما يخلق فجوة بين "النخبة الرقمية" والمستخدم العادي. هذا يُعزز شعورًا بأن المشاركة العادية لن تُحدث فرقًا. خلق تيارات فكرية مُهيمنة: تُروج المنصات للمحتوى الذي يحقق تفاعلًا فوريًّا (مثل المحتوى المثير للجدل أو العاطفي)، ما يحد من تنوع الآراء ويُعزز الأفكار السائدة. إن استعادة روح المشاركة تتطلب أكثر من مجرد دعوات سطحية للمساهمة؛ إذ تحتاج إلى إعادة تصميم البنية الرقمية لتكافئ الإبداع، وتُقلل من هيمنة "النخبة الرقمية" الاستهلاك كثقافة مهيمنة لقد تحولت شبكات التواصل الاجتماعي من ساحات للتفاعل الإنساني والتبادل الثقافي إلى مسارح ضخمة، يُشاهد فيها الجميع ولا يتحدث أحد. هذا التحول لم يكن عشوائيًّا، بل نتيجة هندسة رقمية دقيقة، تستغل علم النفس الاجتماعي وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاستهلاك وتقليص المشاركة. لكن هذا الواقع ليس أمرًا محتومًا.. إن استعادة روح المشاركة تتطلب أكثر من مجرد دعوات سطحية للمساهمة؛ إذ تحتاج إلى إعادة تصميم البنية الرقمية لتكافئ الإبداع، وتُقلل من هيمنة "النخبة الرقمية"، وتُوفر بيئة آمنة نفسيًّا للمستخدم العادي. المسؤولية هنا جماعية، وعلى المنصات أن تعيد النظر في نماذجها الاقتصادية، وعلى الحكومات أن تضع أطرًا تنظيمية تحمي التعددية الفكرية، وعلى الأفراد أن يدركوا أن الصمت الرقمي هو أيضًا موقف، لكنه غالبًا ما يخدم مصالح لا تمثلهم. وقد قال "كريس دوكير": "المحتوى الفردي هو روح المنصات.. دمرته الخوارزميات، والآن حان وقت إحيائه".. فهل نملك الشجاعة لنُعيد الحياة إلى هذا المحتوى؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store