
«عملية تجميل»... فانتازيا سردية على وتر الثورة العلمية
من خلال رؤية فانتازية تطرح رواية «عملية تجميل» للروائية المصرية زينب عفيفي مفهوم الجمال من خلال لعبة مع الزمن، حيث العُمر يعود أدراجه الأولى، مخالفاً سنن الحياة، وهو يُراوغ الكمال وأساطيره، فتنطلق الرواية من مدينة تتبدّل وجوه أصحابها ليصبحوا جميعاً في عمر الشباب، كأنما تم صبهم في قالب عمري واحد، لتجمعهم تجربة جماعية أقرب في تأثيرها لما يفعله الوباء.
صدرت الرواية أخيراً عن «الدار المصرية اللبنانية» بالقاهرة، وفيها تبدو البطلة العجوز كأنما تم استثناؤها من هذا الوباء الذي أصاب الطبيعة البشرية وتفاعلها مع الزمن، حيث يعود الناس لسن الشباب بدلاً من التقدم في العُمر، كأن البطلة بتجاعيد وجهها تقف خارج أسوار هذا الزمن الجديد، فيما يقف طبيب التجميل «الساحِر» كما يُطلق عليه الأهالي، في بؤرة تلك المدينة بتكوينها الإنساني والنفسي الجديد، في ثنائية تصنعها الرواية عبر بطليها الرئيسين؛ التمسّك بالحقيقة من جهة، واحتراف صناعة الزيف من جهة أخرى. كما أنها تروج للجمال وتقدمه منزوع التجاعيد، بينما تقف آثار الزمن على أعلى سلم المُغريات، فيُسلّم أهل المدينة وجوههم سواء كانوا نساء أو رجالاً مسلوبي الإرادة إلى يد «الطبيب» الذي يصطفون أمام عيادته بالطوابير ليهبهم ذوات جديدة، بوجوه بلاستيكية لامعة تتمرد على الشيخوخة العالقة في خلاياهم، وتترك كل واحد منهم في صراع عنيف بين صورته الخارجية وشعوره الداخلي بالعُمر، مما يُحرك دوافع أبطال العمل في اتجاهات متباينة.
تفريغ المدينة
تربط الكاتبة بين الثورة العلمية التي تركت بصمتها على وجوه أهل المدينة والتغييرات التي بدأت تمسخ وجه المدينة نفسها من تغييرات في معمارها، وتجريد لأشجارها، وعبث بدروبها القديمة، فيما تبدو كأنها «استراتيجية» كاملة لتخليص البشر والحجر من هُويتهم، وتفريغ التاريخ الحيّ من جوهره: «عادت الاحتجاجات إلى شوارع المدينة وعلى منصات التواصل الاجتماعي تهاجم بشكل ساخر طرق التشويه التي عَلَت الوجوه، مثلما نالت من جمال المدينة بتحويل بعض الحدائق العامة إلى ميادين خالية من الأشجار، أو تقاطِع التراجع للخلف للسيارات في الاتجاه العكسي، وغاب اللون الأخضر الذي ظلّ يميزها منذ سنوات طويلة».
وتكشف شخصيات الرواية عن وجهات النظر التي تتراوح بين دعاوى التغيير والتحديث، وكثير من المجادلة حول مفهوم «الجمال»، و«القبح»، و«التجميل» الذي تتمسك بطلة الرواية وراوِيتها الرئيسية «شيريهان» بنظرتها «المثالية» حياله، متجردةً من ماديته، والانحياز للزمن ورومانسيته، وجماليات مروره: «تجاعيد جبيني هي دهشتي أمام الحياة، وتلك المحيطة بفمي لأنها تُظهر كم ضحكت وكم قبّلت».
يفرض هذا الواقع «العبثي» الجديد بصمته على تلقي أهل المدينة للحياة والحب، فتسود حالة من الاختلاط والتشويش، التي تجعل الشباب ينجذبون لسيدات في عمر أمهاتهن بعد أن صرن يُشبهن بناتهن، فتختلط التركيبة العمرية للمدينة، ويبدو «التصابي» أسلوب الحياة الاصطناعي المهيمن، حيث الصور «الكاذبة» تبدو بمثابة واجهة مجتمعية جديدة، ويبدو الدكتور «ماهر» طبيب التجميل وصاحب الاختراع الذي يُعيد الكهل شاباً، يبدو أقرب إلى صورة «المُخلّص» الذي يتدافع الناس في طوابير من أجل «إكسير» الشباب الذي قام باختراعه، ثم سرعان ما ينفض يديه من التبعات الكارثية التي تحلّ على أهل هذه المدينة نتيجة تشويه هذا الإكسير لطبيعتهم البشرية.
تجربة جماعية
تضع الرواية هذا الاختراع الطبي المستخدم في عمليات التجميل التي يتسارع من أجلها الناس، معادلاً للتخريب التكنولوجي والرأسمالي الذي يتهرب من مسؤوليته الأخلاقية، وذلك بعد أن تجعل المدينة تخوض «التجميل» بوصفه تجربة جماعية كبرى، بدأت كتجربة مُغوية، وانتهت بالعبث بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمدينة، علاوة على تفجير الجنون والصراع النفسي العنيف لدى أصحابه، وجعلت الرواية الطبيب «الساحِر» ممثلاً لهذا التهرب من المسؤولية الأخلاقية، وهو الطبيب الذي يخطو نحو الستين من عمره فيما وجهه في الثلاثين، ويتحدث عن اختراعه على أنه انتصار لم يتم تقديره من سكان المدينة: «نيتي كانت نشر الجمال والسعادة، عيوب التطبيق ليست من شأني، لم يكن هدفي تدمير المدينة وتحويلها إلى مشفى للأمراض النفسية».
ومن ثم، يبرز «الهروب» من العُمر، والحقيقة، والذاكرة، بوصفه أحد مرتكزات الرواية، في مقابل ما بدا كأنه مزاد على «الحق في الحياة» حيث تسود الفوضى، مع تمسك «المتصابين» بعد عمليات التجميل، بالخروج إلى ساحة ميدان المدينة للمطالبة بحقهم في الاستمرار في وظائفهم ما داموا شباباً، فيما الشباب يرفعون صور هؤلاء المتصابين قبل وبعد تناولهم إكسير الشباب في احتجاج على حقهم في «فرص الحياة»، أما بطلة الرواية التي تجاوزتها الحياة والحُب فتطل على هذا المشهد الجمعي المستعِر، عبر صوتها «الفرد» في مواجهة جنون الخارج: «ما أجده غريباً ليس تقدمي في السن، ليس أنني صرت عجوزاً، ولا تحوّل كل صديقاتي إلى شابات... ما يزعجني أنني أشعر بالحزن لأنني تقدمت في العمر بنفس الطريقة التي تقدم بها من حولي وصاروا كلهم شباباً، ومات الحلم بداخلي أن أعيش حياة طبيعية».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- Independent عربية
إسرائيل تدمر 25 إذاعة وتحرم سكان غزة من سماع الأخبار
حمل الجد منذر جهاز الراديو واتكأ على فراش وضعه أرضاً أمام عتبة منزله، وسرعان ما تجمع حوله الجيران ليستمعوا إلى الأخبار والمستجدات الأمنية، أخذ الرجل المتقدم في السن يدير مؤشر المذياع عله يلتقط إشارة إحدى الإذاعات لكنه عجز عن إشباع فضوله وتبديد قلقه بالاستماع إلى موجز إخباري، فلم يطغَ على صوت التشويش سوى تمتمات الجيران من حوله. بهدوء يواصل الجد منذر تدوير إبرة المذياع بحثاً عن صوت مذيع من هنا أو أغنية وطنية من هناك، لكن عبثاً يحاول تقليب المؤشر إلى ترددات موجة الـFM، يقول "أسمع صوت انفجارات قوية تهز غزة وأحاول أن ألتقط بث أي إذاعة لكنني لا أنجح في ذلك". وسيلة إعلامية مهمة في أوقات الحروب تنقطع الكهرباء والإنترنت لفترات طويلة عن غزة، وحينها تعيش المدينة في عصر ما قبل التكنولوجيا، ولمتابعة آخر تطورات الميدان ومستجدات القتال العسكري يلجأ السكان إلى أجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات أو إعادة الشحن. يضيف الجد منذر "في العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة يتحول جهاز الراديو إلى أكثر الوسائل الإعلامية أهمية، ونعتمد عليه لمعرفة ما يدور حولنا من أحداث وتطورات ميدانية وسياسية، لكن في هذه الحرب غابت الإذاعات وتغيب المواطن قسراً عن متابعة التطورات العسكرية والسياسية". يلجأ سكان غزة إلى أجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات أو إعادة الشحن لمتابعة مستجدات القتال (أ ف ب) توقفت جميع الإذاعات المحلية في غزة وعددها 25 عن نقل الأخبار، وتعددت الأسباب بين قصف جوي إسرائيلي طاول مقرات كثير منها، مما أدى إلى تدميرها بصورة كاملة أو جزئية، إضافة إلى النقص الحاد في الكهرباء والوقود مما يمنع تشغيل الأجهزة والمعدات اللازمة للبث، كذلك فإن الانقطاع المتكرر للإنترنت زاد من صعوبة إيصال الأخبار للمتابعين. يوضح الجد منذر أنه حرم من الأخبار ولم يعد يعرف ما يجري حوله لا سيما في اللحظات الحرجة، يضرب مثالاً "منذ دقائق وقعت سلسلة انفجارات ولحد اللحظة لم أعرف أين ومن المستهدف وما حصيلة الضحايا، لو الإذاعات المحلية تعمل لكان وصل هذا الخبر خلال ثوان". إذاعات إسرائيلية يمسك ماهر الذي يعيش في مخيم إيواء مذياعه الكبير ويدير إبرة الإشارة نحو تردد إذاعة "مكان" الرسمية الإسرائيلية، يحرك جهازه تجاه الشرق ليلتقط البث والإشارة، يقول "عندما دمرت الإذاعات المحلية شعرنا بحال من الضياع، وكأننا فقدنا عيننا على الأحداث خلال الحرب"، ويضيف "يصل بث بعض الإذاعات الإسرائيلية لغزة ونستمع إليها لمعرفة آخر المستجدات، لكن هكذا نكون قد تلقينا الرواية الإسرائيلية فقط من دون معرفة آخر التطورات في غزة ومستجدات الأحداث، وعليه نتعرض لحملة تشويه في المعلومات والأخبار". يستمع ماهر يومياً لإذاعات إسرائيل التي يصل ترددها لغزة، ولكنه لا يعتمد على تلك الأخبار كمصدر لآخر أخبار غزة، بل يبحث عن بدائل مثل قراءة صفحات الويب للصحف العالمية والمحلية ويتابع آخر رسائل مواقع التواصل الفوري. فضائيات تنقل بثها إذاعياً ليليان التي راحت تجول في الشارع التي تسكن فيه حاملة جهاز الراديو علها تلتقط أي ترددات إذاعية، ثبتت المؤشر إلى موجة إحدى القنوات الفضائية التي عملت على فتح بثها على الموجات المحلية للاستماع للأخبار، تقول "كانت المذيعة تتحدث عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة ولقائه الرئيس دونالد ترمب، هذه المعلومات لا تهمنا، نحن نبحث عن أخبار غزة المحلية"، وتضيف "الإذاعات كانت الوسيلة الأولى لمعرفة الأخبار وبعد توقفها أصبحنا نشعر بالقلق بعد فقدان مصدر مهم لتزويدنا بالتحديثات الدقيقة عن المناطق المستهدفة، وبسبب غياب الإذاعات وتوقفها لم نعد نعرف إلى أين نذهب أو كيف نحمي أنفسنا في ظل شح المعلومات". تعتمد ليليان على الأخبار التي يتناقلها المواطنون شفهياً لمعرفة آخر المستجدات، وتتحدث عن "فوضى الأخبار" في ظل عدم الانضباط والكم الهائل من الإشاعات التي تُتداول، والتي تثير الهلع والرعب في كثير من الأحيان. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) بحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد قصفت إسرائيل على مدى 18 شهراً من القتال، الإذاعات المحلية كافة ولم يسلم أي راديو من الاستهداف، مما حرم سكان القطاع من وسيلة إعلامية حيوية ومصدر رئيس للمعلومات، بخاصة في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت عن القطاع المحاصر. ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة "هذا الاستهداف للإذاعات يعكس محاولة إسرائيل الممنهجة لإسكات الصوت الفلسطيني وإشاعة الفوضى والخوف بين سكان القطاع والحيلولة بينهم وبين ما يجري حولهم، بخاصة أن الإذاعات كانت تؤدي دوراً حيوياً في نقل الأخبار والمعلومات والتوجيهات المحلية للمواطنين". بث إشاعات وحلول موقتة وفي السياق نفسه، يقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل "من أجل منع الصوت الفلسطيني من الوصول إلى العالم وللمواطن في غزة، دمر الجيش الإسرائيلي كل المؤسسات الإعلامية ومقارها في قطاع غزة منذ الأيام الأولى للحرب، ورصدنا أن ذلك كان بطريقة متعمدة". ويضيف الأسطل "بات المواطن في غزة يعاني لمعرفة ما يدور حوله، مما اضطره إلى الاستعانة بإذاعات ذات خلفية إسرائيلية، وهذا يأتي في إطار السياسات الإسرائيلية الرامية إلى تغييب الفلسطينيين عن الأحداث الدائرة". ويوضح الأسطل أن إسرائيل لم تكتف بتدمير الإذاعات، وإنما استخدمت ترددات تلك الإذاعات لبث الإشاعات والتحريض والتهديد، إذ نقلت على ترددات الإذاعات المحلية في قطاع غزة رسائل مرعبة للمس بأمن المواطنين واستقرارهم. ويشير نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين إلى أن تعطيل الإذاعات وتدميرها يعتبر "جريمة"، لا سيما في ظل القوانين الدولية التي تكفل عملها. بحسب الأسطل، فإن نقابة الصحافيين الفلسطينيين عملت على خلق البدائل من خلال الإذاعات المحلية في الضفة الغربية، وطلبت منها تقوية بثها ليصل إلى القطاع، وكذلك تطبيق خطة إذاعية تهتم بتطورات غزة لإيصال رسالة بأن الشعب الفلسطيني واحد في مختلف أماكن وجوده، ولتصبح مصدراً بديلاً لمعرفة الأخبار.


الشرق الأوسط
٠٦-٠٣-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
«عملية تجميل»... فانتازيا سردية على وتر الثورة العلمية
من خلال رؤية فانتازية تطرح رواية «عملية تجميل» للروائية المصرية زينب عفيفي مفهوم الجمال من خلال لعبة مع الزمن، حيث العُمر يعود أدراجه الأولى، مخالفاً سنن الحياة، وهو يُراوغ الكمال وأساطيره، فتنطلق الرواية من مدينة تتبدّل وجوه أصحابها ليصبحوا جميعاً في عمر الشباب، كأنما تم صبهم في قالب عمري واحد، لتجمعهم تجربة جماعية أقرب في تأثيرها لما يفعله الوباء. صدرت الرواية أخيراً عن «الدار المصرية اللبنانية» بالقاهرة، وفيها تبدو البطلة العجوز كأنما تم استثناؤها من هذا الوباء الذي أصاب الطبيعة البشرية وتفاعلها مع الزمن، حيث يعود الناس لسن الشباب بدلاً من التقدم في العُمر، كأن البطلة بتجاعيد وجهها تقف خارج أسوار هذا الزمن الجديد، فيما يقف طبيب التجميل «الساحِر» كما يُطلق عليه الأهالي، في بؤرة تلك المدينة بتكوينها الإنساني والنفسي الجديد، في ثنائية تصنعها الرواية عبر بطليها الرئيسين؛ التمسّك بالحقيقة من جهة، واحتراف صناعة الزيف من جهة أخرى. كما أنها تروج للجمال وتقدمه منزوع التجاعيد، بينما تقف آثار الزمن على أعلى سلم المُغريات، فيُسلّم أهل المدينة وجوههم سواء كانوا نساء أو رجالاً مسلوبي الإرادة إلى يد «الطبيب» الذي يصطفون أمام عيادته بالطوابير ليهبهم ذوات جديدة، بوجوه بلاستيكية لامعة تتمرد على الشيخوخة العالقة في خلاياهم، وتترك كل واحد منهم في صراع عنيف بين صورته الخارجية وشعوره الداخلي بالعُمر، مما يُحرك دوافع أبطال العمل في اتجاهات متباينة. تفريغ المدينة تربط الكاتبة بين الثورة العلمية التي تركت بصمتها على وجوه أهل المدينة والتغييرات التي بدأت تمسخ وجه المدينة نفسها من تغييرات في معمارها، وتجريد لأشجارها، وعبث بدروبها القديمة، فيما تبدو كأنها «استراتيجية» كاملة لتخليص البشر والحجر من هُويتهم، وتفريغ التاريخ الحيّ من جوهره: «عادت الاحتجاجات إلى شوارع المدينة وعلى منصات التواصل الاجتماعي تهاجم بشكل ساخر طرق التشويه التي عَلَت الوجوه، مثلما نالت من جمال المدينة بتحويل بعض الحدائق العامة إلى ميادين خالية من الأشجار، أو تقاطِع التراجع للخلف للسيارات في الاتجاه العكسي، وغاب اللون الأخضر الذي ظلّ يميزها منذ سنوات طويلة». وتكشف شخصيات الرواية عن وجهات النظر التي تتراوح بين دعاوى التغيير والتحديث، وكثير من المجادلة حول مفهوم «الجمال»، و«القبح»، و«التجميل» الذي تتمسك بطلة الرواية وراوِيتها الرئيسية «شيريهان» بنظرتها «المثالية» حياله، متجردةً من ماديته، والانحياز للزمن ورومانسيته، وجماليات مروره: «تجاعيد جبيني هي دهشتي أمام الحياة، وتلك المحيطة بفمي لأنها تُظهر كم ضحكت وكم قبّلت». يفرض هذا الواقع «العبثي» الجديد بصمته على تلقي أهل المدينة للحياة والحب، فتسود حالة من الاختلاط والتشويش، التي تجعل الشباب ينجذبون لسيدات في عمر أمهاتهن بعد أن صرن يُشبهن بناتهن، فتختلط التركيبة العمرية للمدينة، ويبدو «التصابي» أسلوب الحياة الاصطناعي المهيمن، حيث الصور «الكاذبة» تبدو بمثابة واجهة مجتمعية جديدة، ويبدو الدكتور «ماهر» طبيب التجميل وصاحب الاختراع الذي يُعيد الكهل شاباً، يبدو أقرب إلى صورة «المُخلّص» الذي يتدافع الناس في طوابير من أجل «إكسير» الشباب الذي قام باختراعه، ثم سرعان ما ينفض يديه من التبعات الكارثية التي تحلّ على أهل هذه المدينة نتيجة تشويه هذا الإكسير لطبيعتهم البشرية. تجربة جماعية تضع الرواية هذا الاختراع الطبي المستخدم في عمليات التجميل التي يتسارع من أجلها الناس، معادلاً للتخريب التكنولوجي والرأسمالي الذي يتهرب من مسؤوليته الأخلاقية، وذلك بعد أن تجعل المدينة تخوض «التجميل» بوصفه تجربة جماعية كبرى، بدأت كتجربة مُغوية، وانتهت بالعبث بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمدينة، علاوة على تفجير الجنون والصراع النفسي العنيف لدى أصحابه، وجعلت الرواية الطبيب «الساحِر» ممثلاً لهذا التهرب من المسؤولية الأخلاقية، وهو الطبيب الذي يخطو نحو الستين من عمره فيما وجهه في الثلاثين، ويتحدث عن اختراعه على أنه انتصار لم يتم تقديره من سكان المدينة: «نيتي كانت نشر الجمال والسعادة، عيوب التطبيق ليست من شأني، لم يكن هدفي تدمير المدينة وتحويلها إلى مشفى للأمراض النفسية». ومن ثم، يبرز «الهروب» من العُمر، والحقيقة، والذاكرة، بوصفه أحد مرتكزات الرواية، في مقابل ما بدا كأنه مزاد على «الحق في الحياة» حيث تسود الفوضى، مع تمسك «المتصابين» بعد عمليات التجميل، بالخروج إلى ساحة ميدان المدينة للمطالبة بحقهم في الاستمرار في وظائفهم ما داموا شباباً، فيما الشباب يرفعون صور هؤلاء المتصابين قبل وبعد تناولهم إكسير الشباب في احتجاج على حقهم في «فرص الحياة»، أما بطلة الرواية التي تجاوزتها الحياة والحُب فتطل على هذا المشهد الجمعي المستعِر، عبر صوتها «الفرد» في مواجهة جنون الخارج: «ما أجده غريباً ليس تقدمي في السن، ليس أنني صرت عجوزاً، ولا تحوّل كل صديقاتي إلى شابات... ما يزعجني أنني أشعر بالحزن لأنني تقدمت في العمر بنفس الطريقة التي تقدم بها من حولي وصاروا كلهم شباباً، ومات الحلم بداخلي أن أعيش حياة طبيعية».


العربية
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- العربية
سلاف فواخرجي تخرج عن صمتها.. وترد على سيل الانتقادات
بعد تصريحاتها حول علاقتها بالرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر التي أثارت سيلاً من الانتقادات ضدها، خرجت النجمة سلاف فواخرجي عن صمتها. فقد ردت الفنانة المؤيدة للنظام السابق على الانتقادات الحادة ضدها، بشكل غير مباشر عبر خاصية "ستوري إنستغرام" بخمسة منشورات فقط مؤيدة لموقفها، ووصفوها بأنها "حرة" وقال أحدهم "الأصيل لا يجحد أحبته". وفي أحد التعليقات كتب "في زمن السقوط الحر دمت حرة سيدة نفسك وآرائك أصيلة"، مضيفاً "لا يسلم الشرف الأصيل من الأذى". وقال أحدهم "الأصيل لا يجحد أحبته والوفي لا ينكر أخلاءه". فيما قال الكاتب علي دوخي: "أثبتت مرة أخرى أنها شخصية واضحة، متزنة، صادقة، وشفافة، بعيدة عن المجاملات الزائفة ولا تخشى التعبير عن رأيها. حتى وإن كنت أختلف معها في بعض المواقف فإن ثباتها في الطرح وحبها الكبير لوطنها يجعل النقاش والاختلاف معها تجربة مثمرة...". "بشار رجل شريف" وكانت النجمة السورية قد تعرضت لعاصفة من الانتقادات على مواقع التواصل بسبب تصريحاتها عن سوريا وعائلة النظام السابق، لكنها تجاهلت كل الاتهامات والتعليقات القاسية وركزت على المدح. أتى ذلك بعدما ظهرت النجمة المقيمة مع عائلتها في مصر، قبل أيام قليلة في مقابلة تلفزيونية مطلقة تصريحات نارية، ووصفت الأسد بأنه رجل شريف، مبينة أنه لم يرتكب المجازر في بلاده بشكل شخصي. كما قالت إنها التقت بالرئيس السابق 4 مرات وزوجته مرتين، كما التقت بماهر الأسد ووصفته بأنه محترم. واعتبرت سلاف في اللقاء أن الثورة السورية كانت سلمية خلال الأيام الأولى فقط، لكنها سرعان ما انقلبت واتجهت نحو التسليح، مضيفة "من حق الدولة الدفاع عن أمنها القومي". كذلك بررت وجود عناصر روسية وإيرانية في سوريا خلال الحرب، بأنهم "حلفاء للدولة السورية"، مشيرة إلى أن حزب الله اللبناني حرر "صيدنايا والراهبات في معلولا". ولطالما كانت تلك الممثلة التي يتغنى الكثيرون بجمالها الأخاذ، مؤيدة شرسة للنظام السابق خلال السنوات الماضية.