الأردن ومصر وحماس وتصريحات نتنياهو!!
وربما بعد هذه التصريحات والقرارات ينتبه العالم إلى أن إسرائيل لم تعد تهدد أمن المنطقة فقط، بل أمن العالم، وتريد أن تشعل النار في الشرق الأوسط لتحقيق ما ترغب به لقيام مشروعها المدمر، وهذا يستدعي من الدول العربية أن تجابه التصرفات الإسرائيلية المستندة إلى الروايات التاريخية المزيفة بموقف موحد، مرتكز على فكرة أن هذا الكيان تجاوز في عدائه وشروره كل أمر كان يخطر على بال أي محلل أو سياسي أو مراقب.
اليوم، إسرائيل تعيش في أعلى درجات نشوتها وهي ترى أنها تحقق النصر، حسب رؤيتها، على كافة جبهات أعدائها، وأن الطريق بات معبّدًا أمامها للسيطرة على كل من حولها جغرافيًا واقتصاديًا، في ضوء دعم لها من قبل قوى عديدة في العالم ما زالت ترى أنها دولة حضارية وسط بحر من ظلمات التخلف، وأن الإسرائيليين لا يريدون سوى الحياة بأمان!!
على مقطع آخر، إستقبلت القاهرة قبل يومين وفدًا من قيادة حماس في الخارج بعد غضب القاهرة من تصريحات قادة حماس ضدها ومطالبتها فتح المعابر مع غزة من جهتها، وهذا يعني زج الجيش المصري بمواجهة ليس فقط مع إسرائيل بل مع حلفائها في الغرب ، هل سيرتاح ساعتها هؤلاء المحرضون؟!!
لذلك من حق القاهرة أن تغضب، بعد كل الجهد الذي بذلته منذ ما يقارب العامين على طريق محاولة وقف إطلاق النار في غزة لحماية الأشقاء هناك، لكن الاستعلاء من قبل قيادة حماس في الخارج دائمًا يأتي في إطار نكران الجميل.
هؤلاء أنفسهم أساؤوا للأردن أكثر من مرة، وحرضوا الأردنيين على النزول إلى الشارع خارج إطار القانون، وتمادوا عندما حرضوهم على محاولة اقتحام الحدود مع فلسطين المحتلة، وشككوا في كثير من الأحيان بمواقف الأردن رغم ما قدمه ويقدمه على طريق الوقوف إلى جانب الأشقاء في غزة وفي كل فلسطين عبر العقود الطويلة، ولم يبادروا يومًا أو حتى يحاولوا الإعتذار للأردن بأي شكل، بل مستمرون في التحريض والتشكيك، والأمر على الواقع لا يعني الأردن ، لأنه تاريخيًا وفي تعامله مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لا يلتفت إلى هذه المواقف والحسابات، ويتعامل مع قضايا الشعب الفلسطيني، ومع سلطة فلسطينية معترف بها دوليًا، مع ما لها وما عليها، ويعتبرها العالم أنها تمثل الفلسطينيين، وهذا ربما يكون أحد الأسباب التي تغيظ الكثير ممن يريدون العمل في القضية الفلسطينية على أسس تنظيمية وحزبية.
تناسى هؤلاء فضل عمّان عليهم، وعلى حركتهم منذ تأسيسها في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، عندما سمحت لهم بأن يكون مقر مكتبهم السياسي فيها، في ظروف سياسية معقدة في المنطقة، ليمارسوا عملهم بكل حرية وأمان، وما زالت حادثة محاولة اغتيال خالد مشعل وموقف المغفور له بإذن الله تعالى الحسين بن طلال ماثلة في الأذهان، حيث وقف الراحل بوجه إسرائيل بكل صرامة وحزم آنذاك، وتحمّل الأردن ضغوطات جبارة في سبيل منعهم من مزاولة نشاطاتهم، بل وإخراجهم من البلاد، لكنه ظل ثابتًا على موقفه بالسماح لهم بالبقاء والعمل في عمّان، إلى أن دقّت ساعة الحقيقة وثبت أن هذا المكتب انحرف عن مساره السياسي وأصبح وجوده خطرًا على الأمن الوطني الأردني، فكان القرار بإنهاء عمله وإغلاقه، واختار بذلك التاريخ القادة الذين كانوا موجودين في الأردن المغادرة، لكن الخيوط الإنسانية ظلت حاضرة، وسمح الأردن أكثر من مرة لبعض هؤلاء بالقدوم لدواعٍ إنسانية، ولم يمنعهم أبدًا من ذلك.
وينسى هؤلاء وغيرهم، أن الأردن منذ عقود طويلة يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني المكلوم، ودفع على هذا الطريق تضحيات كبيرة ومؤلمة، وهل أنبل من أن يضحي ملك بدمه في سبيل فلسطين كما فعل الملك الشهيد عبدالله الأول، وقدّم الأردن أيضًا رموزا وطنية على هذه الطريق، وآلاف الشهداء، ، وهذه قبور عسكر الجيش العربي الأردني تملآن عرضًا في فلسطين وطولها..
لا أريد أن أبحر في التاريخ أكثر، فصفحات كتاب الأردن في هذا كثيرة ومتراكمة، ومنذ أن آلت الراية إلى الملك عبدالله الثاني حمل ملف فلسطين على عاتقه، ويكاد يكون الوحيد الذي ظل يخاطب العالم على مدار عقدين، ويحثه على إنصاف الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وتمكينه من قيام دولته كباقي شعوب الأرض، ولم يكل يومًا عن الاستمرار بهذا النهج من على كل المنابر الدولية، ومئات اللقاءات مع زعماء العالم لتحقيق هذا المراد.
واليوم، نرى ترجمة حاضرة على الواقع بفتح الطريق واسعًا أمام تحقيق هذا الهدف، فالكثير من عواصم العالم ما زالت كل يوم تعلن عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واستطاع الملك، بتحركاته المكثفة المتراكمة في الإنجاز، أن يجعل إسرائيل اليوم محصورة في الزاوية، وتكاد تكون وحيدة في مواجهة العالم، ومنذ انفجار الاعتداء الإسرائيلي على غزة، اشتد هجوم الأردن الدبلوماسي على إسرائيل، وبيّن للعالم أن ما يقوله هو الصحيح، وهو الطريق الأسلم لإنقاذ أمن المنطقة وأرواح أبنائها، وأن كل مشاكل المنطقة ناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حتى في وقت ما وضعنا أيدينا على صدورنا خوفًا على مصالح البلاد الوطنية مع العالم، الذي يسيطر على مساحات كثيرة منه اللوبي الصهيوني.
واليوم، يأتي من ينظر إلى غزة وما يجري بها من خلف الشاشات والغرف المرفهة، مثله مثل الملايين الذين يراقبون الصورة عن بُعد، ليزاود على موقف الأردن ويحاول التحريض، ولا يتوقف ليفكر لحظة واحدة في الاعتذار، فماذا يفسر ذلك غير الإصرار على الموقف المشين ونكران الجميل؟ ولكن، كما أشرت، الفلسطينيون في غزة وكل فلسطين يعرفون ويفهمون معنى المواقف الأردنية النبيلة تجاههم وتجاه قضيتهم، ويعلمون جيدًا أن الأردنيين وقيادتهم عندما يضحون من أجل فلسطين، يفعلون ذلك تحت عنوان عقائدي وقومي لا يمكن التخلي عنه...
الأردن ومصر لم يأخذا قرار الحرب حتى يتحملا وحدهما وزر النتائج، فيكفي مزاودات وعنتريات من خلف الميكروفونات البعيدة عن فلسطين آلاف الكيلومترات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 6 دقائق
- رؤيا نيوز
جميع الرهائن ونزع السلاح.. نتنياهو يطرح اتفاقا مشروطا لإنهاء حرب غزة
قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول إمكانية التوصل إلى صفقة رهائن في : 'لقد توصلنا إلى اتفاق بشرط إطلاق سراح الرهائن جميعهم دفعة واحدة ووفقًا لشروطنا لإنهاء الحرب'. وبحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن اتفاق إنهاء الحرب يشمل نزع سلاح حماس، ونزع سلاح القطاع، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية عليه، وإيجاد كيان حكومي لا يتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية، يعيش في سلام مع إسرائيل. جاء ذلك بعد أن أفادت صحيفة إسرائيل هيوم بأن مسودة مقترح أمريكي أُعدّت عقب محادثات في مصر هذا الأسبوع بين وفد حماس ووسطاء، تركز على تسوية دائمة متعددة المراحل تبدأ بمخطط ويتكوف المقترح وتنتهي باتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمريكية وعربية قولها إن المسودة الجديدة أُعدّت عقب المحادثات التي عُقدت في مصر بين وفد حماس والوسطاء، وأضافت المصادر أنه تم تهيئة البنية التحتية لكسر الجمود، رغم التصريحات المتكررة لكبار مسؤولي حماس حول رفضهم قبول شروط إنهاء الحرب. وأوضح المصدر ذاته أن حماس أبدت استعدادها لقبول بنود خطة ويتكوف، التي عارضتها خلال جولة محادثات الدوحة.

عمون
منذ 36 دقائق
- عمون
إطلالة جديدة في مسيرة العلم والعطاء.
بمناسبة بدء دوام المعلمين والمعلمات غدًا، يسرّني أن أتوجّه إليكم بأسمى آيات التقدير والاحترام، معبّرًا عن فخري واعتزازي بجهودكم المستمرّة والمتواصلة في مسيرة بناء الأجيال وصقل العقول. إنّنا اليوم على أعتاب عامٍ دراسيّ جديد، يحمل بين طيّاته تحدّيات وآمالًا جديدة، ولكنّكم أنتم أهل العزم والإرادة؛ أصحاب الأيادي البيضاء التي تزرع في قلوب أبنائنا الطلبة بذور العلم والمعرفة. في هذا العام الدراسي، نقف جميعًا في صفٍّ واحد، متّحدين بروح الفريق، لنكتب معًا فصولًا جديدة من النجاح والتميّز. أنتم من يحمل رسالة التربية والتعليم، وتحملون على عاتقكم أمانة بناء المستقبل، وهذه الأمانة تتطلّب العزيمة والإخلاص، كما تتطلّب الصبر والإبداع في مواجهة التحدّيات التي قد تعترض طريقنا. وأنتُم أهلٌ لهذا؛ فبفضل جهودكم المخلصة، نحتفل كلّ عام بثمرة عطائكم التي تتجسّد في النجاح والتفوّق. واليوم، ونحن نبدأ فصلًا جديدًا، فإنّني على يقينٍ بأنّكم ستواصلون العمل بكلّ حبٍّ وإصرار، وأنّ مدارسنا ستظلّ مناراتٍ للعلم في وطننا العزيز. أيّها الزملاء والزميلات في الميدان، أنتم قناديل الوطن المضيئة، ومصدر الأمل والتفاؤل لأبنائنا الطلّاب. أنتم الذين تزرعون فيهم القيم والمبادئ التي سيحملونها معهم في مسيرتهم المستقبلية. فلتكن هذه العودة بدايةً جديدةً للعطاء والبناء؛ فكلّما أضاءت أفكاركم في عقول الطلبة، تزيّنت الحياة العلميّة والتربويّة بمزيدٍ من الإنجازات. كلّ عام وأنتم خير معلمين ومعلمات، وأنتم أمل المستقبل، وسند الأجيال القادمة في ظلّ القيادة الهاشمية الحكيمة. نسأل الله عزّ وجل أن يوفّقنا جميعًا في هذا العام، وأن يكون عامًا مليئًا بالتحدّيات التي نتغلّب عليها سويًّا، وأن يتحقّق النجاح والتفوّق بفضل جهودكم المباركة؛ فأنتم لبنة هذا المجتمع المتعلّم. وفّقكم الله، وكتب لكم النجاح في كلّ خطوةٍ على طريق العلم والمعرفة.

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
المواجهة قادمة والأردن دولة راسخة لا تغامر
لدي قناعة أن لحظة المواجهة بين بلدنا والكيان المحتل قادمة، وربما تكون أسرع مما نتصور، كما لدي قناعة أن الدولة الأردنية تدرك ذلك، وتسخّر إمكانياتها للتعامل مع أي أحداث أو مستجدات بمزيج من الحكمة والقوه والحزم، لا أقصد بالمواجهة الحرب، هذه الآن استبعدها، ما أتوقعه : قبل نهاية هذا العام كرة الأزمة السياسية بين البلدين ستتدحرج، ملف الضفة الغربية والأغوار سيكون رأس الحربة، تداعيات الأحزمة الأمنية التي بدأت تل أبيب بتفاصيلها في لبنان ثم سوريا (على حدودنا) ستشكل صاعقاً قابلاً للاشتعال، معركة الصراع على القدس والمقدسات ربما تكون أخطر بالون اختبار، نحن أمام صراع إرادات واستحقاقات، ومحاولات لفرض وقائع جديدة. كتبت قبل نحو عام ونصف ( 2/12/2023 ) في هذه الزاوية عن «فاتورة مواقفنا على جبهتي واشنطن وتل أبيب»، تساءلت : هل سيدفع الأردن فاتورة مواقفه وخطابه السياسي تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة؟ الإجابة نعم، فلكل موقف ثمنه السياسي، والأردن وضع نفسه في خندق غزة، واختار التصعيد لأعلى سقف مقارنة مع غيره من البلدان العربية والإسلامية. تساءلت آنذاك، أيضاً: هل ما فعلنا كان موزونا على مسطرة الأرباح والخسائر، وهل نحن جاهزون لدفع الكلفة المتوقعة، وكيف؟ لم يكن لدي حينئذ إجابات واضحة، لكن لا يمكن للدولة، في تقديري، أن تسير على سكة تحولات أو مراجعات عميقة على هذا المستوى الاستراتيجي إلا إذا توفر لديها ما يلزم من معلومات وقناعات لبناء مواقف وقرارات، تصب في مصلحة البلد وتحميه من أي أخطار قادمة. الآن اتضحت الصورة، من المفارقات أن رسالة الملك الحسين رحمه الله إلى نتنياهو قبل نحو 28 عاما (آذار 1997 ) والتي عبّر فيها عن خيبة أمله إزاء السياسات التي ينتجها نتنياهو للانقلاب على معاهدات السلام، تزامنت مع صدور كتاب (مكان بين الأمم: إسرائيل والعالم) الذي قدم فيه نتنياهو رؤيته حول عملية السلام والقدس والدولة الفلسطينية والضفة الغربية وغور الأردن واللاجئين.. الخ، في الرسالة والكتاب تبدو صورة المواجهة بين عمان وتل أبيب (نتنياهو تحديداً) واضحة تماما، ربما تأخرت لأسباب لا مجال لسردها هنا، لكن ما حدث في 7 أكتوبر وما بعده غيّر الكثير من المعادلات القائمة، المنطقة الآن في مرحلة إعادة تشكيل وترتيب، ترامب ?ونتنياهو ? وقعا وثيقة سرية أشبه ما تكون بوعد بلفور جديد. لدى الأردن، أقصد إدارات الدولة، ما يلزم من لواقط ومجسّات لفهم المرحلة وتقدير حجم المواجهة، وكيفية استدراكها أو الرد عليها، أو التعامل معها، الدولة الأردنية تتحرك سياسياً وتفكر بمنطق الدولة، لا بمنطق التنظيمات ولا بردود الأفعال ولا بعقلية المغامرة، ولا بناء على رغبات الجمهور، وهي ليست ذراعاً لأحد، ولا تضع في اعتبارها إلا المصالح العليا للأردنيين. قلت: المصالح العليا للأردنيين، هنا، يبدو أن ترسيم الحدود والتقاطعات بين المصالح والثوابت الأردنية وبين ملف القضية الفلسطينية سيتم في إطار اللاءات الملكية الثلاثة، هذا يعني، أولاً، حماية القضية الفلسطينية من محاولات التصفية ودعم صمود الفلسطينيين على ارضهم، كما يعني، أيضاً، نزع أية ذريعة تفكر بها إسرائيل لتمرير حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، الهدف الأساسي للأردن هو تثبيت مبدأ الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين، بدون اي التباسات. تبقى نقطة أخيرة، الدبلوماسية الأردنية تتحرك، عربياً ودولياً، لوقف الحرب ومنع تل أبيب من تنفيذ رغباتها ومخططاتها، لدى الأردن قنوات سياسية مفتوحة مع كافة الأطراف، ولديه، أيضاً، أوراق قوة يستثمر فيها، المعاهدة والاتفاقيات مع إسرائيل يمكن وضعها على الطاولة في أية لحظة، الجهوزية والاستعدادات، أمنياً وعسكرياً، تجري على قدم وساق، يبقى أن نثق جميعاً بالدولة ونلتف حولها، ونحافظ على تماسكنا ووحدتنا وعناصر قوتنا، ولا نسمح لأحد أن يدقّ بيننا أسافين الخلاف والانقسام.