logo
طبول الـ"ستيل بان".. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطانيين

طبول الـ"ستيل بان".. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطانيين

الجزيرةمنذ 3 أيام
كانت تلك هي المرة الأولى التي يكتشف فيها الجمهور البريطاني أن برميل زيت بسعة 55 غالونا يمكن أن يتحول إلى آلة موسيقية مذهلة، وذلك عندما اعتلت أوركسترا ترينيداد للآلات الفولاذية مسرح ساوث بنك في خمسينيات القرن الماضي.
وانبهر الحاضرون بما أطلقوا عليه آنذاك "مقلاة الزيت"، حتى إن بعضهم انحنى ليتفحص أسفل الآلات، متأكدين من أن هذا الصوت العذب يصدر بالفعل منها.
وفي حفل بُث على شاشة التلفزيون البريطاني عام 1950، ظهرت طبول الـ"ستيل بان" -أوانٍ معدنية واسعة مصنوعة من حديد خاص- تُشكّل وتُثقب بطريقة محددة، ثم تُثبت على حوامل معدنية خاصة لضمان إنتاج نغمات موسيقية متقنة.
وعند العزف عليها بعصي مطاطية، تنساب الألحان بسلاسة وهدوء نحو قلب المستمع، في تجربة صوتية غير متوقعة، لا تشبه الإيقاع التقليدي للطبول وقرعها، بل تحمل مزيجا فريدا من أنفاس الطبيعة ورنين الحديد.
تاريخ أوركسترا براميل البترول
في وثائقي أعدته هيئة الإذاعة البريطانية، تم توثيق تاريخ الحفل الأول لطبول الـ"ستيل بان" في بريطانيا، الذي شاركت فيه فرقة تاسبو المكونة من 70 عازفًا على براميل الزيت، جرى اختيار 12 منهم للمشاركة في هذا الحدث الكبير.
كانت تلك أول أوركسترا من جزر ترينيداد، الواقعة على ساحل الكاريبي في أميركا الجنوبية، وهي جزر يشبه سكانها الأصليون سكان أفريقيا، وقد عانوا لقرون من الاستعمار الذي استعبدهم وأخضعهم، قبل أن يتحرروا من قيوده.
ورغم قسوة التاريخ، ظل الإرث الموسيقي لتلك الجزر حاضرًا، ينتقل من جيل إلى جيل، حتى جاء الموسيقي الترينيدادي بوسكو هولدر وفرقته الراقصة ليطوروا عروض الموسيقى الفولاذية، التي قُدمت لاحقًا على المسرح البريطاني في أول حضور لافت لهذا اللون الموسيقي الفريد.
فرقة تاسبو التي قدمت عرضها الأول في بريطانيا، ثم قدمت عرضا آخر في باريس قبل عودتها إلى ترينيداد، حصدت ملايين المعجبين في رحلتها الأوروبية، واشتهر الاثنا عشر عازفا الذين قادوا الفرقة وقدموا معزوفات لم ينسها التاريخ وسجلها الفيلم الوثائقي الذي حمل اسم الفرقة.
من الأشياء التي ارتبطت تاريخيا بإنشاء أوركسترا تاسبو، أن قائد الفرقة كان واحدا من رجال الشرطة في ترينيداد، وهو الملازم جوزيف جريفيث، ثم صار الاثنا عشر فنانا الذين كوّنوا اللبنة الأولى لأوركسترا طبول براميل البترول، من أهم أساطين موسيقى الستيل بان حول العالم.
شبانة: الآلات الموسيقية الشعبية نتاج مجتمعها
يقول أستاذ الموسيقى الشعبية بأكاديمية الفنون، الدكتور محمد شبانة، في حديثه للجزيرة نت، إن الآلات الموسيقية هي انعكاس لمجتمعها ونتاج لثقافته. وظهور طبول الـ"ستيل بان"، المعتمدة على براميل النفط، كان نتيجة طبيعية لثقافة الشعب الكاريبي، الذي شهد طفرة كبرى عقب اكتشاف البترول.
ويتابع أنه بالنظر إلى ما عانته هذه الشعوب من قوى الاستعمار الخارجي، كان اللجوء إلى الموسيقى المحلية وابتكار آلات شديدة الخصوصية خيارًا للبقاء والحفاظ على الهوية أكثر منه مجرد رغبة في إنتاج الموسيقى.
ويلفت شبانة إلى أن الطبول، على اختلاف أنواعها، ارتبطت بالشعوب التي عانت من فترات استعمار طويلة أو عمليات إبادة جماعية، كما حدث في أفريقيا والأميركتين. فقد كانت الطبول بمثابة صوت صراخ هذه الشعوب، يختلف في نبرته مع كل عزف، فيأتي قويا تعبيرا عن الغضب، وهادرًا ناطقا بالثورة والحرب، وناعما سلسا مترجما عن السلم والازدهار، باكتشاف البترول، كما هي الحال في طبول الـ"ستيل بان".
براميل البترول في مقابل القصب المصري
براميل البترول التي صنعت منها فرق ترينيداد وتوباغو موسيقى الـ"ستيل بان"، لا تختلف كثيرًا عن أعواد القصب والبوص التي استخدمها الفلاح المصري القديم لإنتاج الموسيقى، والتي كانت مصدر أول آلة موسيقية عرفها العالم وهي الناي المصري.
يوضح الدكتور محمد شبانة أنه في عام 2023 سجّلت الأمم المتحدة يوم 11 أغسطس/آب يوما عالميا لطبول الـ"ستيل بان"، ليس فقط تقديرا لقيمتها في الموسيقى الشعبية، بل أيضا باعتبارها رمزا للتنمية المستدامة وإعادة توظيف براميل البترول في صناعة الموسيقى.
غير أن هذه الرمزية بدأت قبل ذلك بعقود، ففي عام 1992 أعلن رئيس الوزراء باتريك مانينغ طبول الـ"ستيل بان" رمزًا وطنيًّا في جزر ترينيداد وتوباغو، لترسخ بذلك كهوية ثقافية للشعب. وفي عام 2024، وبعد عام من إعلان الأمم المتحدة، صادق برلمان ترينيداد رسميا على اعتبار الـ"ستيل بان" رمزا وطنيا للبلاد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجلس الشيوخ الأميركي يطارد "ميتا" بسبب روبوتات الذكاء الاصطناعي
مجلس الشيوخ الأميركي يطارد "ميتا" بسبب روبوتات الذكاء الاصطناعي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مجلس الشيوخ الأميركي يطارد "ميتا" بسبب روبوتات الذكاء الاصطناعي

تواجه شركة " ميتا" موجة عارمة من الانتقادات عقب ظهور مستندات القواعد المنظمة لروبوتات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية. وكانت هذه المستندات قد ظهرت الأسبوع الماضي وكشفت أن "ميتا" تتيح لروبوت الذكاء الاصطناعي الخاص بها الخوض في محادثات رومانسية مع الأطفال والمراهقين ونشر معلومات طبية مغلوطة. وتضمنت موجة الانتقادات ترك المغني الشهير نيل يونغ للمنصة تماما بناء على تصريح شركة الإنتاج التابعة له، وأوضح البيان أن يونغ لا يرغب في وجود أي علاقة مباشرة بينه وبين "ميتا" ومنصاتها. كما شارك العديد من المشرعين في هذه الموجة، إذ طالب جوش هاولي عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن الحزب الجمهوري بتحقيق كامل في سياسات "ميتا" واستخدامات الذكاء الاصطناعي الخاص بها. ووجه هاولي رسالة شديدة اللهجة لمارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة "ميتا"، موضحا أن التحقيق يهدف لاكتشاف أي تصرفات إجرامية أو خداع شاركت فيه نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة. ومن جانبه، وصف عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي رون وايدن سياسات "ميتا" بأنها مزعجة للغاية، موضحا أن نص القانون 230 المعني بحماية منصات التواصل الاجتماعي من العواقب القانونية للمحتوى المنشور بها يجب ألا يتضمن المحتوى المولد من أدوات الذكاء الاصطناعي التابعة لها، مؤكدا أن الشركة ومارك زوكربيرغ يجب أن يتحمل كل المسؤولية القانونية عن تصرفات روبوتات الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركته. ويشير تقرير غارديان إلى حادثة ثونجبو وونجباندو البالغ من العمر 76 ربيعا والمقيم في ولاية نيوجيرسي ورغم كونه مصابا بالذهان، فقد قرر وونجباندو أن يتجه إلى نيويورك لزيارة صديقته في مارس/آذار الماضي، ولاحقا عثر على وونجباندو ميتا في طريقه إلى نيويورك، وأظهرت تحقيقات الشرطة أن صديقة وونجباندو لم تكن إلا روبوت دردشة في منصة "ماسنجر" التابعة لشركة "ميتا"، وقد أقنعت وونجباندو أنها حقيقية وتعيش في نيويورك ودعته إلى زيارتها.

الحكم بسجن مغني راب شهير بتهمة الاحتيال الإلكتروني
الحكم بسجن مغني راب شهير بتهمة الاحتيال الإلكتروني

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

الحكم بسجن مغني راب شهير بتهمة الاحتيال الإلكتروني

قضت محكمة أميركية بسجن مغني الراب شون كينغستون لمدة 3 سنوات ونصف السنة بعد إدانته بتهمة الاحتيال بقيمة مليون دولار في ساوث فلوريدا. وأدين كينغستون -واسمه القانوني كيزين بول أندرسون- ووالدته جانيس إلينور تيرنر، في مارس/آذار الماضي، من جانب هيئة محلفين اتحادية، بتهمة التآمر لارتكاب احتيال إلكتروني و4 تهم بالاحتيال عبر الإنترنت. وحكم القاضي الأميركي ديفيد ليبويتز على تيرنر الشهر الماضي بالسجن لمدة 5 سنوات. وأصدر القاضي نفسه الحكم على كينغستون، الذي تم احتجازه فور صدور الحكم. وسأل محامي كينغستون إن كان بإمكانه تسليم نفسه لاحقا بسبب مشاكل صحية، لكن القاضي أمر باحتجازه فورا. وخلع كينغستون -الذي كان يرتدي بدلة سوداء وقميصا أبيض- سترته، وكُبِّلت يداه واقتيد إلى خارج قاعة المحكمة. وأمر القاضي أيضا بعقد جلسة استماع خلال 90 يوما بشأن تحديد حجم التعويضات التي ينبغي على المتهم دفعها. وسيلي الحكم الصادر ضد كينغستون وضعه لمدة 3 سنوات تحت المراقبة. واعتقل كينغستون ووالدته في مايو/أيار 2024 بعدما داهمت إحدى فرق التدخل السريع (سوات) منزلا مستأجرا من جانب كينغستون في ضاحية فورت لودرديل. وجرى أخذ تيرنر إلى الحجز خلال المداهمة بينما اعتقل كينغستون في فورت إروين وهي قاعدة تدريب عسكرية في موجيف ديزرت بكاليفورنيا حيث كان لديه حفل. إيصالات مزيفة وبحسب سجلات المحكمة، استخدم كينغستون مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة من أبريل/نيسان 2023 إلى مارس/آذار 2024 لترتيب مشتريات البضائع الفخمة. وبعد التفاوض على الصفقات، كان كينغستون يدعو الباعة إلى أحد منازله الفخمة في فلوريدا ويعدهم بعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال المحققون إنه عند حلول موعد الدفع، كان كينغستون أو والدته يُرسلان للضحايا إيصالات مصرفية مزيفة للسلع، والتي شملت سيارة إسكاليد مضادة للرصاص، وساعات، وجهاز تلفزيون بطول 5.9 أمتار. وقالت السلطات إنه عندما لم يتم صرف الأموال، كان الضحايا يتصلون بكينغستون وتيرنر بشكل متكرر، لكنهم إما لم يتلقوا أي أموال أو لم يتلقوا الأموال إلا بعد رفع دعاوى قضائية أو الاتصال بجهات إنفاذ القانون. ووصف مارك أنطون مساعد المدعي العام الأميركي، كينغستون بأنه مدمن على نمط حياته كنجم، رغم أنه لم يعد قادرا على تحمل نفقاته. وقال أنطون "من الواضح أنه لا يرغب في الدفع، ويعتمد على شهرته للاحتيال على ضحاياه". وقال أنطون: "إنه لص ومحتال، بكل بساطة". وردّت محامية الدفاع بأن كينغستون (35 عاما) كانت لديه عقلية مراهق، وهو نفس عمره عندما برز نجمه. وكينغستون -المولود في فلوريدا والذي نشأ في جامايكا- ذاع صيته في سن الـ17 بأغنيته الناجحة "فتيات جميلات" عام 2007، والتي استلهم كلماتها من أغنية بن إي كينغ "قف بجانبي" التي صدرت عام 1961. ومن بين أغانيه الناجحة الأخرى أغنية "أخذك إلى هناك" عام 2007 وأغنية "النار مشتعلة" عام 2009.

وثائقي "لن نصمت".. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل
وثائقي "لن نصمت".. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

وثائقي "لن نصمت".. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل

على مدى أكثر من ثمانية عشر عامًا، خاض الصحفي والمخرج مدين ديرية رحلة توثيق طويلة بين غزة والمملكة المتحدة، ليرصد في فيلمه الوثائقي الجديد "لن نصمت" معاناة الفلسطينيين تحت وطأة الحروب الإسرائيلية المتكررة، توازيا مع حراك متنامٍ في بريطانيا لمناهضة تجارة السلاح مع إسرائيل. يأخذ الفيلم المشاهد في رحلة زمنية تعود إلى ما بعد الحرب المدمرة على قطاع غزة عام 2008، حين بدأ السكان محاولات شاقة لاستعادة حياتهم اليومية رغم الحصار المشدد. الصيادون عادوا إلى البحر، والطلاب إلى مدارسهم المدمرة، بينما ظل الصمود حاضرًا في واحدة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، حيث يشكل اللاجئون من حرب 1948 غالبية السكان. لكن الحصار الإسرائيلي، المفروض منذ فوز حركة حماس في انتخابات 2006، زاد عزلة القطاع وأغلق أبوابه أمام العالم. وعلى بعد آلاف الكيلومترات من غزة، في مدينة برايتون الساحلية بجنوب بريطانيا، تتكشف مفارقة لافتة. فبينما تجلس الممرضة تانيا على الشاطئ مع أطفالها في مدينة ذات طابع تقدمي وساحل جذاب للسياح، يوجد على مقربة من إحدى جامعاتها مصنع الأسلحة L3 Harris، الذي ينتج أنظمة متطورة لتسليح الطائرات الحربية، من حاملات القنابل الذكية إلى أرفف الرؤوس الحربية وأنظمة إطلاق القنابل. على مدار ما يقارب عقدين، رصد ديرية تحركات النشطاء أمام هذا المصنع، حيث تصاعدت وتيرة الاحتجاجات مع اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، خاصة بعد تقارير تحدثت عن استخدام إسرائيل قنابل شديدة الانفجار زنتها 2000 رطل، حصلت عليها من الولايات المتحدة، في هجماتها على القطاع. الفيلم لا يكتفي بعرض المشاهد الميدانية، بل يغوص في تفاصيل مسار إنتاج هذه القنابل، ومكوّنات الذخيرة، وآليات إطلاقها، كاشفًا عن شبكة معقدة من العلاقات بين الشركات البريطانية والأميركية والإسرائيلية. كما يسلط الضوء على دور الصناعات الدفاعية المتقدمة، مثل طائرات F-35 وأنظمة الدفاع الجوي في العمليات العسكرية على غزة. إعلان ويكشف الوثائقي، بالأدلة والشهادات، أنواع المكونات التي تُنتَج في بريطانيا وتُستخدم في الحرب على القطاع، موضحًا كيف يتم التحايل على القوانين البريطانية الخاصة بتصدير السلاح لاستمرار تزويد إسرائيل بالمعدات العسكرية، رغم الرفض الشعبي المتزايد لهذه الصفقات. بهذا العمل، يمزج ديرية بين التوثيق الإنساني والتحقيق الصحفي، ليقدم شهادة بصرية مؤثرة عن ترابط الحروب في غزة مع قرارات تُتخذ على بعد آلاف الأميال، في مكاتب الشركات ومصانع الأسلحة داخل بريطانيا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store