logo
آراء إذا كانت القلاع تسقط من داخلها؟! الكاتب: طلال عوكل

آراء إذا كانت القلاع تسقط من داخلها؟! الكاتب: طلال عوكل

جريدة الاياممنذ يوم واحد

بينما تُوغِل دولة الاحتلال أكثر فأكثر في حرب الإبادة، واستخدام الحصار والتجويع في محاولة لتحقيق ما يقول بنيامين نتنياهو عنه النصر المطلق، تتصاعد في العالم مواقف وسياسات وإجراءات عقابية، خصوصاً من دول أوروبا الغربية لوقف هذه الحرب.
التفاعلات الجارية على غير صعيد بما في ذلك دولة الاحتلال التي تقف حكومتها على حافّة الانهيار، بسبب أزمة تجنيد «الحريديم»، هذه التفاعلات، وضعت نتنياهو أمام منعطف صعب وخيارات محدودة.
غير أن الأهم من كل ذلك على أهميته الحاضرة والإستراتيجية إزاء كل ملف الصراع، يكمن في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد بلغ حد اليأس من إمكانية تحقيق الحرب أهدافها. في أحدث تصريحاته يعلن ترامب بعد مكالمة مع نتنياهو، ضرورة وقف هذه الحرب سواء باتفاق أو خارجه، وأنها استنفدت كل أهدافها.
إذا كان العالم كله يقف علنياً ضد استمرار الحرب العدوانية، وإذا كانت الدول الغربية التي ناصرت نتنياهو منذ البداية وقدمت له كل أنواع الدعم، إذا كان كل ذلك لم يردع الحكومة الفاشية التي تتلقى كل أنواع الدعم والشراكة من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي بقيت وحيدة إلى جانب حرب الإبادة، فإن تصريح ترامب يفقد هذه الحكومة آخر من تبقّى إلى جانبها.
دولة الاحتلال لم تكن ولا تستطيع خوض هذه الحرب الدموية بكل ما تنطوي عليه من جرائم قانونية وإنسانية، من دون الدعم الأميركي الهائل، فإن تصريح ترامب، يضعها عارية تماماً أمام العالم، ويجعلها دولة منبوذة، وملاحقة في كل مكان.
الولايات المتحدة تواصل دورها الداعم، سواء عبر استمرار الدعم العسكري الذي لا يتوقف، أو حمايتها سياسياً عبر المحافل الدولية كما حصل في مجلس الأمن مؤخراً، ومعاقبة قضاة المحكمة الجنائية الدولية، وأيضاً شراكتها في مذابح آليات تقديم المساعدات.
الرئيس الأوكراني زيلنسكي أدلى بتصريح مؤخراً قال فيه أن الولايات المتحدة حولت 20 ألف قذيفة من النوع الثقيل إلى الدولة العبرية بعد أن كانت مخصصة لأوكرانيا، أما السفير الأميركي في دولة الاحتلال فقال إذا كان هناك حاجة لدولة فلسطينية فلتكن في مكان آخر غير الضفة.
الولايات المتحدة لم ولن تتخلّى عن دعمها لدولة الاحتلال في كل الأحوال حتى لو أن الرئيس ترامب مارس ضغطاً كافياً على الحكومة الفاشية وفرض عليها وقف الحرب.
إن حصل هذا في وقت قريب، فإن وقف الحرب يعني هزيمة منكرة وصريحة لدولة الاحتلال ومن وقف ويقف إلى جانبها وخلفها.
قد لا يعجب هذا الاستنتاج بعض المتطيّرين والمزايدين، ولكن السؤال هو: ما الذي حقّقته دولة الاحتلال من هذه الحرب الإجرامية؟
وقف الحرب يعني فشل مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وفشل القضاء على المقاومة، أو حتى على الحكومة القائمة حتى الآن فيها، والفشل يمتد ليشمل الأهداف الأبعد التي تتعلق بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفق الرؤية الإسرائيلية.
غير أن الإقرار بالهزيمة من قبل دولة الاحتلال لا يعني أنها فقدت القدرة على ارتكاب مجازر جديدة، وحروب أخرى ومغامرات خطيرة في الإقليم.
الفلسطينيون دفعوا أثماناً باهظة في غزّة وفي الضفة الغربية، هذا صحيح، ولكن أحد مكامن هزيمة دولة الاحتلال، أيضاً، هو في جملة التداعيات الداخلية التي نجمت عن حربها، لا جيشها الذي لا يُقهر بقي كما كان عليه قبل الحرب، ولا الاقتصاد بقي بعدها كما كان قبلها، ولا المجتمع الإسرائيلي يحافظ على الحدّ الأدنى من التماسك.
التغيّرات الجارية في دولة الاحتلال تضرب في العمق، وتحوّلها إلى دولة إرهاب عنصري معزولة دولياً، دولة أقرب إلى أنواع الأنظمة السياسية في دول العالم الثالث.
إن كان كل هذا وأكثر صحيحاً، فإن الضغط الخارجي مهما بلغ من التأثير، لا يؤدي إلى سقوط القلعة، وإنما تكمن أهميته في أنه أحد العوامل المهمة والفاعلة في اتجاه تنمية عوامل تقويض القلعة من داخلها حتى انهيارها.
في معظم الأحداث التاريخية الكبرى، كانت القلاع تسقط وتنهار من داخلها. أما العوامل الخارجية فلم تكن أكثر من عامل مساعد مهما كانت قوته.
ومع الأسف فإن هذا المبدأ يشمل، أيضاً، الوضع الفلسطيني، فاستمرار الانقسام الفلسطيني رغم وضوح مخطّطات الاحتلال وداعميه يتحمّل جزءاً مهماً من المسؤولية عن الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني.
ويتحمّل استمرار الانقسام جزءاً لا بأس به من المسؤولية عن التخاذل العربي والإسلامي، بل وعن تآمر بعض العرب على الفلسطينيين.
والآن تظهر في الساحة جماعة من المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزّة، تحمل عنواناً يوحي بأنها وطنية، ولا تخفي تعاونها مع الاحتلال لإلحاق أذىً كبير بأوضاع المواطنين الجوعى.
لا ورقة توت، يمكن أن تستر عورة الجماعة التي يتزعمها المدعو ياسر أبو شباب، الذي يحمل سلاحاً إسرائيلياً ويتحرّك في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال شرق رفح.
دولة الاحتلال فشلت في استمالة العشائر، وفشلت في استمالة بعض الشخصيات الفلسطينية في غزة، لإنشاء إدارة أخرى موالية، ولكنها أخيراً وجدت ضالّتها في هذه الظاهرة، التي تدّعي أنها تعمل تحت مظلة الشرعية الفلسطينية.
هؤلاء يشكّلون جزءاً من الطابور الخامس، الذي يشمل بعض التجار الذين يتحكّمون في الأسعار، ومثلهم بعض الصرّافين، الذين يرفعون نسب الفائدة على التحويلات إلى ما يزيد الآن على 40%.
«حماس» لم تعد تنتظر وجود ظاهرة مثل جماعة أبو شباب الذي تخلّت عنه عشيرته، حتى تتخلّى عن حكم غزة، فلقد أبدت الاستعداد لذلك ولكن لحساب سلطة فلسطينية، أما هذه الظاهرة فلم تعد فلسطينية، فهي عدا عن تعاونها المكشوف مع الاحتلال، تقوم بالسطو على المساعدات، وتعيد تسويقها للناس بأسعار باهظة لا قدرة لهم على تحمّلها.
يستدعي هذا الوضع إعادة بعض التماسك للموقف الفلسطيني، وإعلان كل مؤسسة وفرد فلسطيني البراءة من هذه الظاهرة وأيّ ظاهرة مشابهة.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجمعية العامة تعتمد بالأغلبية قرارا يطالب بوقف إطلاق النار في غزة
الجمعية العامة تعتمد بالأغلبية قرارا يطالب بوقف إطلاق النار في غزة

معا الاخبارية

timeمنذ 38 دقائق

  • معا الاخبارية

الجمعية العامة تعتمد بالأغلبية قرارا يطالب بوقف إطلاق النار في غزة

نيويورك - معا- اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الخميس، قرارا يطالب بوقف فوري، غير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، ويدين بشدة استخدام التجويع كسلاح في الحروب، ويدعو إلى إنهاء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على وصول المساعدات إلى القطاع. مشروع القرار الذي قدمته 23 دولة إلى جانب فلسطين، وبقيادة إسبانيا، اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية 149 عضوا ومعارضة 12 وامتناع 19 عن التصويت، خلال الجلسة الاستثنائية العاشرة للجمعية، وذلك بعد فشل مجلس الأمن في اعتماد قرار في الرابع من حزيران/ يونيو يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، عقب استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو"، رغم أنه حظي بتصويت كافة أعضاء المجلس الآخرين. ويطالب القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة، أن تنفّذ الأطراف، بالكامل ودون تأخير، جميع بنود قرار مجلس الأمن 2735 (2024) الصادر في 10 حزيران/ يونيو 2024، بما في ذلك وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وإعادة جثامين الذين قتلوا، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم في أنحاء القطاع كافة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل من القطاع. كما يطالب بأن تلتزم جميع أطراف النزاع بواجباتهم بموجب القانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني، فيما يتعلّق بسلوك الأعمال العدائية وحماية المدنيين، ويؤكد ضرورة المساءلة عن الانتهاكات من جميع الأطراف، ويدين بشدة استخدام تجويع المدنيين كأسلوب للحرب، والحرمان غير القانوني من الوصول الإنساني، ويؤكد الالتزام بعدم حرمان المدنيين في غزة من الأشياء الضرورية لبقائهم، بما في ذلك العرقلة المتعمدة لإمدادات الإغاثة. ويشدد، على أن القوة المحتلة ملزمة بموجب القانون الدولي بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، ويطالب بالتسهيل الفوري والدائم لدخول مساعدات إنسانية بكامل سرعتها وأمانها ودون عوائق إلى غزة، وبما يشمل الغذاء والأدوية للمدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن الوقود والمعدات والمأوى والمياه النظيفة، وفقاً للقانون الدولي الإنساني وباحترام كامل لمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وبالتنسيق مع الأمم المتحدة. ويطالب، بأن تلتزم الأطراف من ناحية القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، تجاه المحتجزين، بما في ذلك إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفياً فوراً وبكرامة، وإعادة الجثامين.

فرنسا وقطر في بيان مشترك: ندعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
فرنسا وقطر في بيان مشترك: ندعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

معا الاخبارية

timeمنذ 38 دقائق

  • معا الاخبارية

فرنسا وقطر في بيان مشترك: ندعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

باريس - معا- دعا بيان مشترك صادر عن فرنسا وقطر، اليوم، إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن جميع الاسرى الاسرائيليين، مؤكدًا ضرورة العمل الجاد نحو حل سياسي طويل الأمد يُمهّد الطريق لتحقيق حل الدولتين. وشدد البيان على أهمية السماح الكامل وغير المقيّد بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ورفض استغلال تلك المساعدات لأغراض سياسية، أو استخدامها كورقة ضغط، في ظل التهديدات المتزايدة بالترحيل القسري وخطط إسرائيل للبقاء في غزة بعد الحرب، واصفًا هذه الممارسات بأنها "غير مقبولة". ودعت فرنسا وقطر في بيانهما إسرائيل إلى الوفاء الفوري بالتزاماتها القانونية، من خلال ضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل واسع ومن دون عوائق، وبالتنسيق الكامل مع الأمم المتحدة والهيئات الدولية المعنية. كما جدد الجانبان رفضهما القاطع لأي شكل من أشكال الترحيل القسري للفلسطينيين من غزة، واعتبرا ذلك انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة بأسرها.

العرب بين «وامعتصماه» و«النفخ في الرماد»
العرب بين «وامعتصماه» و«النفخ في الرماد»

جريدة الايام

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الايام

العرب بين «وامعتصماه» و«النفخ في الرماد»

من حق العرب، إذا أرادوا، أن يكرهوا «حماس» كما يشاؤون، لكن ما يجري في غزة، ليس معركة ضد «حماس» ولا ضد الفصائل الفلسطينية التي تقاتل معها والى جانبها، ولكنها حرب إبادة ضد شعب أعزل بالكامل يتم قتله يومياً بالعشرات والمئات منذ ما يقرب من العامين تقريباً وأمام أعينكم. وهي ليست حرباً على الفلسطينيين وحدهم لكنها أيضاً حرب عليكم أيضاً. هي حرب لإخضاعكم، القتل يتم في غزة والضفة ولبنان وسورية واليمن، لكن الرسائل لكم جميعاً: هذا ما ينتظركم إن تجرأتم علينا أو على معارضتنا أو إذا طالبتم بما هو لكم. هي حرب يتم فيها تقرير مصيركم دون أن يتشاوروا حتى معكم. يقررون نيابة عنكم مساحة الأراضي التي يجب أن تكون معكم، كَم السلاح ونوعه الذي يجب أن تمتلكوه، مع مَن يجب أن تقيموا علاقات تعاون ومع من يجب أن تقطعوها، كيف تديرون بلادكم وعلاقاتكم مع شعوبكم. هذه ليست حرباً على الفلسطينيين وحدهم، وإنما عليكم جميعاً. اليوم تَقتل دولة الاحتلال عشرات الآلاف في غزة، وغداً سَتقتل في بيروت، ودمشق، وعمان، وبغداد، والقاهرة. إذا لم تنتصروا لأنفسكم الآن، فمتى تقومون بذلك؟ البعض يقول «بلادي وسيادتي أولاً» والبعض الآخر يقول «التنمية أولاً». لكن أين هي السيادة عندما تقوم دولة الاحتلال والتي لا تعادل مساحتها مدينة لديكم بقصف نصف الدول العربية من اليمن على البحر الأحمر الى تونس في شمال أفريقيا. أين هي التنمية عندما تقرر دولة الاحتلال ما يحق لكم امتلاكه من وسائل للدفاع عن بلادكم؟ بلا قدرة على حماية بلادكم، ستأخذ دولة الاحتلال ما تريد بوضع اليد. لا تنتصروا لفلسطين، لكن انتصروا لأنفسكم، لقادم الأيام التي يُبنى عليها ما يجري اليوم في فلسطين. غزة أعطتكم ولا تزال تعطيكم فرصة لحسم الصراع مع دولة الاحتلال وإحلال السلام القائم على العدل والاحترام المتبادل في المنطقة. إذا انتصرت دولة الاحتلال، فلا سلام للفلسطينيين ولا سلام لكم. وإذا هُزِمت، فلا خيار أمامها إلا السلام مع الفلسطينيين ومعكم. لا أحد يطلب منكم ان تحاربوا من أجل فلسطين. لكن هل استكثرتم قطع العلاقات مع دولة الاحتلال مثلما فعلت بوليفيا، نيكاراغوا، كولومبيا، ودولة بليز التي أصبحنا نعرفها بعد موقفها المشرف هذا. هل استكثرتم أن تكونوا مثل إسبانيا، إيرلندا، بلجيكا، النرويج، او جنوب أفريقيا. هذه الدول صوتها يعلو ضد حرب الإبادة، بينما صوتكم يَخفت ويَخفت وكأنه غير موجود. هل استكثرتم أن تسمحوا للملايين من شعوبكم بالخروج للشوارع تنديداً بحرب الإبادة في غزة، مثل بريطانيا وفرنسا وحتى أميركا نفسها حيث يخرج مئات الآلاف من مواطنيها تنديداً بهذه الحرب. ما الذي يُمكنكم أن تفعلوه ولم تفعلوه؟ يُمكنكم القيام بالكثير بكل تأكيد، لكن أقله يُمكنكم فرض دخول المساعدات الإنسانية لأهل غزة، ولا يتطلب الأمر منكم أكثر من التهديد بوقف العلاقات التجارية مع الدول الغربية التي تدعم دولة الاحتلال حتى يقوموا هم بفرض دخول المساعدات لغزة. اِكرهوا «حماس» كما شئتم، لكن اِكرهوا الظلم أكثر ولا تستلموا له، ولا تستصغروا أنفسكم أكثر. في مدارس الابتدائي، قيل لنا إن امرأة مسلمة في العصر العباسي كانت في سوق عمورية، في آسيا الصغرى (تركيا حالياً) تعرضت للإهانة على يد جنود الروم البيزنطيين عندما كشفوا حجابها ظلماً، فنادت 'وامعتصماه!»، الخليفة العباسي المعتصم بالله، فجهز الأخير جيشاً وقام بفتح عمورية انتصاراً لها. ربما لا تكون القصة صحيحة، لكن ما هو صحيح أن «وامُعتصماه!» قد أصبحت جزءاً من ثقافتنا وذاكرتنا التي فيها تنتصر الكرامة والمروءة والعدل على الظلم. لا تتخلوا عن هذه القيم، فهي التي تمنحكم السيادة التي تتحدثون عنها، وهي التي تعطيكم التنمية التي تريدونها. لكن الحق يقال إن التاريخ العربي ليس جميعه «وامُعتصماه!»، وهنالك فيه ما يقابله لجهة انعدام الكرامة والكبرياء والقبول بالذل والخنوع. يوجد مثلاً، ما قاله الفارس والشاعر العربي الجاهلي، عمرو بن معديكرب الزبيدي، لقومه عندما خذلوه في إحدى الغزوات: لقد أسمعت لو ناديت حياً/ ولكن لا حياةَ لمن تُنادي ولو ناراً نَفختَ بها أضاءت/ ولكن أنت تَنفخُ في رماد ويوجد مثلاً ما يقال عن تسليم الوزير ابن العلقمي بغداد للمغول، حيث قتلوا الخليفة المستعصم بالله، ودمّروا المدينة ثقافياً وعمرانياً. ويوجد أيضا، الأمير أبو عبد الله محمد الصغير، الذي سلم مفاتيح مدينة غرناطة للقشتاليين الاسبان منهياً وجود الحكم العربي للأندلس الذي دام ثمانية قرون. «إبكِ مثل النساء مُلكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال»، هكذا قالت له أمه عائشة الحُرة، وهو يغادر مدينته باكياً. جملة حُفِرت في الذاكرة العربية الجمعية بوصفها مرثية لنهاية الحكم العربي للأندلس. كم امرأة فلسطينية قالت «أين العرب» وعلى مسامعكم؟ كم طفلاً فلسطينياً سحقته جرافات ودبابات دولة الاحتلال وأمام أعينكم؟ كم فلسطينياً قُتِل وهو يبحث عن كِسرة خُبز يُسكِت فيها آلام الجوع التي تفتك به منذ أشهر طويلة، وأمام أعينكم؟. نحن العرب الفلسطينيين لن ننسى ولن نغفر لدولة الاحتلال ما فعلت وتفعل. وللعرب نقول سترى الأجيال القادمة بالصورة والصوت ما حدث ويحدث في غزة، وهي التي ستحكم عليكم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store