logo
العرب بين «وامعتصماه» و«النفخ في الرماد»

العرب بين «وامعتصماه» و«النفخ في الرماد»

جريدة الاياممنذ 20 ساعات

من حق العرب، إذا أرادوا، أن يكرهوا «حماس» كما يشاؤون، لكن ما يجري في غزة، ليس معركة ضد «حماس» ولا ضد الفصائل الفلسطينية التي تقاتل معها والى جانبها، ولكنها حرب إبادة ضد شعب أعزل بالكامل يتم قتله يومياً بالعشرات والمئات منذ ما يقرب من العامين تقريباً وأمام أعينكم.
وهي ليست حرباً على الفلسطينيين وحدهم لكنها أيضاً حرب عليكم أيضاً. هي حرب لإخضاعكم، القتل يتم في غزة والضفة ولبنان وسورية واليمن، لكن الرسائل لكم جميعاً: هذا ما ينتظركم إن تجرأتم علينا أو على معارضتنا أو إذا طالبتم بما هو لكم.
هي حرب يتم فيها تقرير مصيركم دون أن يتشاوروا حتى معكم. يقررون نيابة عنكم مساحة الأراضي التي يجب أن تكون معكم، كَم السلاح ونوعه الذي يجب أن تمتلكوه، مع مَن يجب أن تقيموا علاقات تعاون ومع من يجب أن تقطعوها، كيف تديرون بلادكم وعلاقاتكم مع شعوبكم.
هذه ليست حرباً على الفلسطينيين وحدهم، وإنما عليكم جميعاً. اليوم تَقتل دولة الاحتلال عشرات الآلاف في غزة، وغداً سَتقتل في بيروت، ودمشق، وعمان، وبغداد، والقاهرة. إذا لم تنتصروا لأنفسكم الآن، فمتى تقومون بذلك؟
البعض يقول «بلادي وسيادتي أولاً» والبعض الآخر يقول «التنمية أولاً». لكن أين هي السيادة عندما تقوم دولة الاحتلال والتي لا تعادل مساحتها مدينة لديكم بقصف نصف الدول العربية من اليمن على البحر الأحمر الى تونس في شمال أفريقيا. أين هي التنمية عندما تقرر دولة الاحتلال ما يحق لكم امتلاكه من وسائل للدفاع عن بلادكم؟ بلا قدرة على حماية بلادكم، ستأخذ دولة الاحتلال ما تريد بوضع اليد.
لا تنتصروا لفلسطين، لكن انتصروا لأنفسكم، لقادم الأيام التي يُبنى عليها ما يجري اليوم في فلسطين.
غزة أعطتكم ولا تزال تعطيكم فرصة لحسم الصراع مع دولة الاحتلال وإحلال السلام القائم على العدل والاحترام المتبادل في المنطقة. إذا انتصرت دولة الاحتلال، فلا سلام للفلسطينيين ولا سلام لكم. وإذا هُزِمت، فلا خيار أمامها إلا السلام مع الفلسطينيين ومعكم.
لا أحد يطلب منكم ان تحاربوا من أجل فلسطين. لكن هل استكثرتم قطع العلاقات مع دولة الاحتلال مثلما فعلت بوليفيا، نيكاراغوا، كولومبيا، ودولة بليز التي أصبحنا نعرفها بعد موقفها المشرف هذا.
هل استكثرتم أن تكونوا مثل إسبانيا، إيرلندا، بلجيكا، النرويج، او جنوب أفريقيا. هذه الدول صوتها يعلو ضد حرب الإبادة، بينما صوتكم يَخفت ويَخفت وكأنه غير موجود.
هل استكثرتم أن تسمحوا للملايين من شعوبكم بالخروج للشوارع تنديداً بحرب الإبادة في غزة، مثل بريطانيا وفرنسا وحتى أميركا نفسها حيث يخرج مئات الآلاف من مواطنيها تنديداً بهذه الحرب.
ما الذي يُمكنكم أن تفعلوه ولم تفعلوه؟
يُمكنكم القيام بالكثير بكل تأكيد، لكن أقله يُمكنكم فرض دخول المساعدات الإنسانية لأهل غزة، ولا يتطلب الأمر منكم أكثر من التهديد بوقف العلاقات التجارية مع الدول الغربية التي تدعم دولة الاحتلال حتى يقوموا هم بفرض دخول المساعدات لغزة.
اِكرهوا «حماس» كما شئتم، لكن اِكرهوا الظلم أكثر ولا تستلموا له، ولا تستصغروا أنفسكم أكثر.
في مدارس الابتدائي، قيل لنا إن امرأة مسلمة في العصر العباسي كانت في سوق عمورية، في آسيا الصغرى (تركيا حالياً) تعرضت للإهانة على يد جنود الروم البيزنطيين عندما كشفوا حجابها ظلماً، فنادت 'وامعتصماه!»، الخليفة العباسي المعتصم بالله، فجهز الأخير جيشاً وقام بفتح عمورية انتصاراً لها.
ربما لا تكون القصة صحيحة، لكن ما هو صحيح أن «وامُعتصماه!» قد أصبحت جزءاً من ثقافتنا وذاكرتنا التي فيها تنتصر الكرامة والمروءة والعدل على الظلم. لا تتخلوا عن هذه القيم، فهي التي تمنحكم السيادة التي تتحدثون عنها، وهي التي تعطيكم التنمية التي تريدونها.
لكن الحق يقال إن التاريخ العربي ليس جميعه «وامُعتصماه!»، وهنالك فيه ما يقابله لجهة انعدام الكرامة والكبرياء والقبول بالذل والخنوع. يوجد مثلاً، ما قاله الفارس والشاعر العربي الجاهلي، عمرو بن معديكرب الزبيدي، لقومه عندما خذلوه في إحدى الغزوات:
لقد أسمعت لو ناديت حياً/ ولكن لا حياةَ لمن تُنادي
ولو ناراً نَفختَ بها أضاءت/ ولكن أنت تَنفخُ في رماد
ويوجد مثلاً ما يقال عن تسليم الوزير ابن العلقمي بغداد للمغول، حيث قتلوا الخليفة المستعصم بالله، ودمّروا المدينة ثقافياً وعمرانياً.
ويوجد أيضا، الأمير أبو عبد الله محمد الصغير، الذي سلم مفاتيح مدينة غرناطة للقشتاليين الاسبان منهياً وجود الحكم العربي للأندلس الذي دام ثمانية قرون.
«إبكِ مثل النساء مُلكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال»، هكذا قالت له أمه عائشة الحُرة، وهو يغادر مدينته باكياً. جملة حُفِرت في الذاكرة العربية الجمعية بوصفها مرثية لنهاية الحكم العربي للأندلس.
كم امرأة فلسطينية قالت «أين العرب» وعلى مسامعكم؟ كم طفلاً فلسطينياً سحقته جرافات ودبابات دولة الاحتلال وأمام أعينكم؟ كم فلسطينياً قُتِل وهو يبحث عن كِسرة خُبز يُسكِت فيها آلام الجوع التي تفتك به منذ أشهر طويلة، وأمام أعينكم؟.
نحن العرب الفلسطينيين لن ننسى ولن نغفر لدولة الاحتلال ما فعلت وتفعل. وللعرب نقول سترى الأجيال القادمة بالصورة والصوت ما حدث ويحدث في غزة، وهي التي ستحكم عليكم.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صافرات إنذار في القدس والمنطقة ومستوطنات بالضفة إثر إطلاق صاروخ من اليمن
صافرات إنذار في القدس والمنطقة ومستوطنات بالضفة إثر إطلاق صاروخ من اليمن

معا الاخبارية

timeمنذ 23 دقائق

  • معا الاخبارية

صافرات إنذار في القدس والمنطقة ومستوطنات بالضفة إثر إطلاق صاروخ من اليمن

طهران -معا- دوّت صافرات الإنذار في مدينة القدس والمنطقة ومستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، وذلك إثر إطلاق صاروخ من اليمن نحو البلاد. وقال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق صاروخ من اليمن نحو البلاد، مشيرا إلى محاولة اعتراضه من قبل الدفاعات الجوية.

اجتماع طارئ لمجلس الأمن بطلب من إيران
اجتماع طارئ لمجلس الأمن بطلب من إيران

فلسطين أون لاين

timeمنذ 23 دقائق

  • فلسطين أون لاين

اجتماع طارئ لمجلس الأمن بطلب من إيران

وكالات/ فلسطين أون لاين يعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً، اليوم الجمعة، عند الساعة الثالثة بعد الظهر (السابعة مساء بتوقيت غرينتش) عقب الضربات الإسرائيلية الواسعة على الأراضي الإيرانية، بطلب من طهران وقدمته روسيا ودعمته الصين. من جهة أخرى، قال دبلوماسيون إن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيعقد اجتماعاً استثنائياً لمناقشة العدوان الإسرائيلي على إيران، وذلك بعد أن طلبت دولة واحدة على الأقل من الدول الأعضاء في المجلس عقده خلال الدورة ربع السنوية الاعتيادية للمجلس اليوم الجمعة. ووفقاً للقواعد، يحقّ لأي دولة في المجلس الدعوة لعقد اجتماع. وقال دبلوماسيون إن إيران، غير العضو في المجلس، طلبت عقد اجتماع، وأيدت الدول الأعضاء في المجلس، روسيا والصين وفنزويلا، دعوتها. وقدم الدبلوماسيون روايات متباينة حول العضو الذي قدم الطلب أولاً. ويأتي ذلك بينما توالت ردود الفعل العربية والدولية والدعوات إلى "ضبط النفس وخفض التصعيد" بعدما شنّت إسرائيل هجوماً واسعاً على إيران استهدف مواقع نووية ومقارَّ عسكرية، ما أسفر عن استشهاد عدد من القادة الكبار العسكريين، على رأسهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة الإيرانية الجنرال محمد باقري، وقادة في الحرس الثوري، بينهم قائده العام حسين سلامي، إضافة إلى علماء نوويين، فيما سمع دوي انفجارات ضخمة في العاصمة طهران. وحضّ الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس إسرائيل وإيران على "التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس"، ودان "أيّ تصعيد عسكري في الشرق الأوسط" مبدياً "قلقه البالغ" إزاء الضربات الإسرائيلية، وفق ما نقل عنه المتحدث باسمه في بيان. بدوره، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي إن المنشآت النووية "يجب ألّا تهاجَم أبداً"، محذراً من أنّ "أي عمل يهدد سلامة منشآت نووية وأمنها قد يكون له تداعيات خطرة على المواطنين في إيران والمنطقة وخارجها"، ودعا "كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنّب مزيد من التصعيد". في المقابل، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إنّ الرد الإيراني "المشروع والقوي سيجعل العدو نادماً على فعلته الحمقاء"، وأضاف "العدوان الصهيوني الوحشي أدى إلى استشهاد عدد من الأطفال والنساء وقادة عسكريين وعلماء نوويين"، وتابع "سنعمل بحزم في الدفاع المشروع عن البلاد ورداً على هذا العدوان". من جانبه أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صباح الجمعة، أنه كان على علم بموعد الضربات الجويّة الإسرائيلية على إيران "في وقت مبكّر"، ووصف الهجوم بـ"الممتاز"، فيما علّق في وقت لاحق بالقول: "حان الوقت لإنهاء هذا الوضع مع الأخذ في الاعتبار أنّ الهجمات القادمة المخطط لها بالفعل ستكون أكثر عدوانية"، وحثّ إيران على إبرام اتفاق بشأن برنامجها النووي.

مظاهرات في المغرب واليمن وموريتانيا دعمًا لغزة
مظاهرات في المغرب واليمن وموريتانيا دعمًا لغزة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 23 دقائق

  • فلسطين أون لاين

مظاهرات في المغرب واليمن وموريتانيا دعمًا لغزة

وكالات/ فلسطين أون لاين شارك آلاف المواطنين في المغرب واليمن وموريتانيا، الجمعة، في مظاهرات تضامنية مع قطاع غزة، للمطالبة بدعم الفلسطينيين ووقف حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بالقطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. في المغرب، نظمت "الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة" وقفات احتجاجية تحت شعار "جميعا مع مسيرة غزة الدولية"، شملت عدة مدن من بينها تيفلت، والدار البيضاء، وإنزكان، ووجدة وتازة، والحسيمة وطنجة وتطوان. ورفع المشاركون أعلام فلسطين وصورا لقبة الصخرة، إضافة إلى لافتات تعبر عن رفض الاحتلال وممارساته بحق الشعب الفلسطيني، كما أشادوا بـ"المبادرة الدولية التي أطلقها أحرار العالم للمشاركة في المسيرة الدولية لكسر الحصار عن غزة". وفي اليمن، تظاهر عشرات الآلاف في 11 محافظة، بينها العاصمة صنعاء، رفضا للإبادة في القطاع، وفق وكالة "سبأ" التابعة لجماعة الحوثي. وشملت المظاهرات محافظات: ذمار، وصعدة، والمحويت، وعمران، وحجة، والجوف (شمال)، والحديدة (غرب)، وريمة (شمال غرب)، وتعز (جنوب غرب)، والبيضاء (وسط). ورفع المتظاهرون الأعلام اليمنية والفلسطينية، ولافتات تندد بـ"العدوان الإسرائيلي على غزة"، ورددوا هتافات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب الوكالة. وفي العاصمة الموريتانية نواكشوط، تظاهر الآلاف للمطالبة بكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة ووقف حرب الإبادة التي تشنها تل أبيب. وحملت المسيرة التي نظّمتها هيئة "الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني" (غير حكومية) وانطلقت من أمام الجامع الكبير حتى مقر ممثلية الأمم المتحدة في نواكشوط، شعار "مسيرة كسر الحصار عن غزة". ورفع المشاركون في المسيرة الأعلام الفلسطينية والموريتانية، كما رددوا هتافات داعمة للفصائل الفلسطينية في غزة وأخرى تطالب بكسر الحصار عن غزة ووقف سياسة التجويع الإسرائيلية التي يمعن الجيش فيها منذ 2 مارس/ آذار الماضي حينما أغلق المعابر أمام المساعدات الإنسانية. ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 183 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال. المصدر / الأناضول

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store