
محققو التيك توك.. مهنة جديدة تكشف الأسرار على منصة الفيديو
ويسلط موقع "وايرد" المختص بالأخبار التقنية، الضوء على هذه الظاهرة، التي من خلالها يتم تكليف محقق خاص، لنشر مقاطع فيديو للتفاعل، إلى من استخدمهم لهذه المهمة.
محققك المفضل على تيك توك
ومن الأمثلة البارزة التي كشف عنها الموقع في تقريره لرصد هذه الظاهرة، محققة خاصة تُدعى ستيفاني، تُعرف على الإنترنت باسم "محققك المفضل"، تُرسل مقاطع فيديو للتفاعل إلى زوجة الرجل، التي تقول إنها وظفتها للتحقيق في خيانة زوجية مشتبه بها.
وتقوم ستيفاني بتصوير المذنبين ثم تنشر مقاطع فيديو عن ممارساتهم على حسابها الخاص على تيك توك، بعلم من يكلفونها بمهماتها في التحقيق.
وفيديو الرجل الذي ثبتت خيانته، بمجرد أن شاهدته زوجته، انقطع التواصل بينها وبين ستيفاني، لكن الفيديو لا يزال منشوراً على حسابات المحققة على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما يُحجب وجه الرجل ولا تُكشف أي معلومات شخصية، وحصد مقطع الفيديو الذي يُظهر تجاوزاته أكثر من 85 ألف إعجاب على حساب ستيفاني على إنستغرام.
فكانت فيديوهات مراقبة الخيانة الزوجية على إنستغرام وتيك توك، بعنوان "ثق بحدسك، القضية مغلقة" و"لعبة بيكلبول أم غش؟"، مصدر رزق ستيفاني في السنوات القليلة الماضي.
وفي تصريحات لها نقلها موقع مجلة "وايرد"، قالت ستيفاني، البالغة من العمر 39 عامًا، "أحب كل ما يتعلق بكوني محققة خاصة، التحقيق الذي يسبق القضية، واندفاع الأدرينالين أثناء المراقبة، أستمتع حقًا بمساعدة الناس على إيجاد راحة البال والوضوح في مواقفهم".
ولم ترغب ستيفاني في ذكر اسم عائلتها نظرًا لطبيعة عملها، ولكن أكدت أن لعائلتها تاريخ في مجال إنفاذ القانون وخبرة في منع الأضرار، وبفضل ذلك تُعدّ ستيفاني في طليعة موجة جديدة من المحققين الخاصين عبر الإنترنت، والذين غالبًا ما يُركزون على كشف الغشاشين، حيث يُشارك كلٌّ منهم تفاصيل حياة المحقق الخاص مع عدد هائل من المتابعين على تيك توك في الولايات المتحدة وخارجها.
وتستغل في ذلك الجمهور المهووس بالجرائم الحقيقية يُقبل على هذا النوع من الأعمال، وتقول ستيفاني، "الناس يُحبون ذلك، إنه أشبه بتدخل مُباشر في دراما شخص آخر".
وبعد أن كانت برامج الواقع التي تعتمد على كاميرات خفية مثل "Cheaters" هي الأكثر رواجا، برز العشرات من المحققين الخاصين البارزين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية من أشباه ستيفاني، مُركزين على مواضيع مثل الاحتيال في التأمين، والأشخاص المفقودين، وحتى السرقات عالية المخاطر.
لكن أكثر مقاطع الفيديو انتشارًا، بلا منازع، تركز على الخيانة الزوجية، حيث يُجري أشهر المحققين الخاصين على الإنترنت عمليات مراقبة، بل وحتى تحريات عن خلفيات، للرجال الذين اعتبرهم عملاؤهم مشبوهين.
وتقول ستيفاني، التي تعمل محققة خاصة منذ 12 عامًا، "ما زلت أُصدم بجرأة بعض الناس، ليس فقط بالكذب والخيانة علنًا، بل وحتى بالمبيت واللعب في المنزل بينما يكون أزاوجهم أو زوجاتهم خارج المدينة".
ويأتي هذا الانتشار الواسع لهذه التحقيقات في وقتٍ يبدو فيه أن التشهير بالخيانة الزوجية عبر الإنترنت قد بلغ ذروته، وآخر مثال على ذلك هو آندي بايرون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Astronomer، الذي تم تصويره وهو يعانق كريستين كابوت، رئيسة قسم شؤون الموظفين في شركته، بشدة على شاشة العرض الكبيرة خلال حفل موسيقي لفرقة "كولدبلاي" في فوكسبورو، ماساتشوستس، في 16 يوليو/تموز.
ولحظة أن جاءت عليهم عدسات الكاميرات في الحفل، فزع الزوجان وهربا من أمام الشاشة الكبيرة - حيث قفز بايرون حرفيًا خارج الإطار - مما دفع كريس مارتن، قائد فرقة كولدبلاي، إلى التعليق ساخرًا، "إما أنهما على علاقة غرامية أو أنهما ببساطة خجولان للغاية".
وكما كان متوقعًا، انتشر المقطع على نطاق واسع، مما أدى إلى استقالة كل من برايون وكابوت، وتلقت زوجة بايرون سيلًا من رسائل التعازي على فيسبوك من غرباء يُعربون عن تعاطفهم.
كما تم تداول هذه اللحظة بشكل لا نهائي وتحويلها إلى لعبة فيديو، وتقدم شركات المراهنات عبر الإنترنت احتمالاتٍ حول ما إذا كان الزوجان المتورطان سيطلقان.
في الوقت نفسه، من السهل، في ما يُعتبر بالنسبة للكثيرين تسليةً على الإنترنت، أن ننسى أن حياة الناس الحقيقية تتأثر بفضائح كهذه.
وبينما يعتقد الكثيرون أن العدالة تُطبق في فضائح الغش العام، يرى آخرون أنه لا ينبغي استخدام أدوات مراقبة مكثفة على الغرباء، وخاصةً غير الشخصيات العامة.
مع ذلك، لا شك أنه أصبح هناك جمهورًا عريضًا لقطاع التحقيقات الشخصية للمؤثرين.
ويقول جيمي كوهين، الأستاذ المساعد في دراسات الإعلام بكلية كوينز، جامعة مدينة نيويورك، والكاتب في مجال محو الأمية الإلكترونية، إن هناك جرأةً في هذه الفضائح على وسائل التواصل الاجتماعي تجذب الجمهور بشكل غير مسبوق.
وأضاف، "نحب كجمهور مشاهدة محتوى الجرائم الحقيقية، على وسائل التواصل الاجتماعي، لأننا نستطيع أن ننهل من حبكة لم تُكتب أو تُحفظ من قِبل وسائل الإعلام التقليدية، لا يوجد منتج تنفيذي أو محررون، بل تكون الأحداث عفوية في وقتها الحقيقي."
aXA6IDE1NC4zMC4yNDYuMTk2IA==
جزيرة ام اند امز
US

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

البوابة
منذ 4 ساعات
- البوابة
حجز البلوجر "شاكر" ومدير أعماله لمدة 24 ساعة
قررت جهات التحقيق المختصة، حجز البلوجر محمد شاكر المعروف بـ"شاكر محظور دلوقتي"، ومدير أعماله، لمدة 24 ساعة لحين ورد التحريات التكميلية. مثول البلوجر شاكر محظور ومدير أعماله أمام نيابة الشئون المالية والتجارية وكانت قد بدأت نيابة الشئون المالية والتجارية التحقيق مع البلوجر محمد د شاكر المعروف بـ"شاكر محظور دلوقتي" ومدير أعماله لاستجوابهم عن الأموال والارصدة لديهم، وذلك عقب انتهاء التحقيقات معهما أمام النيابة العامة وجاري استكمال التحقيقات. شاكر محظور ينفي معرفته بالمواد المخدرة المضبوطة واجهت النيابة العامة، البلوجر محمد شاكر المعروف بـ"شاكر محظور دلوقتي"، بالمواد المخدرة المضبوطة معه ومدير أعماله أثناء ضبطهما بالقاهرة الجديدة. وخلال التحقيقات قال البلوجر شاكر، أن المضبوطات لا تخصه وأنه لا يدخن السجائر فكيف له تعاطي الحشيش، "مبشربش السجائر علشان أشرب حشيش" علي حد قوله. وفي ذات السياق تبين أن السلاح الناري المضبوط مطموس الأرقام وعليه قررت النيابة التحفظ على السلاح الناري ومخاطبة مصلحة الأدلة الجنائية لفحص السلاح المضبوط وبيان مدى صلاحيته وإمكانية استخدامه. كما أمرت النيابة بمصادرة السيارة المضبوط بداخلها المواد المخدرة والسلاح الناري. وكانت قد اصطحبت الأجهزة الأمنية البلوجر شاكر محظور ومدير أعماله لإخذ عينات بمصلحة الطب الشرعي نفاذا لقرار النيابة العامة بإجراء تحليل مخدرات لهما. وقررت النيابة عرض البلوجر شاكر محظور ومدير أعماله فور الإنتهاء من أخذ العينات لاستكمال التحقيقات معه. كما طلبت النيابة استدعاء مجري التحريات لسماع أقواله في واقعة ضبط البلوجر شاكر محظور ومدير أعماله بالقاهرة الجديدة. وكان قد تصدر اسم البلوجر محمد شاكر، المعروف علي تطبيق التيك توك بـ"شاكر محظور دلوقتي"، منصات التواصل الاجتماعي بكافة منصاتها وأخبار الحوادث خلال الساعات القليلة الماضية بعد القبض عليه ومدير أعماله بالقاهرة الجديدة. من جهتها فتحت النيابة العامة تحقيقا موسعا في الواقعة، حيث أمرت النيابة بإرسال المضبوطات إلى المعمل الكيماوي لتحليل المواد المخدرة المضبوطة، وبيان طبيعتها وكميتها، كما قررت عرض المتهم ومدير أعماله على الطب الشرعي للكشف عن تعاطيه المخدرات. كما قررت النيابة فحص الهاتف المضبوط فنيا لبيان محتوياته، وتحديد ما إذا كان يحتوي على مواد مخالفة للقانون أو تحرض على الفسق والفجور، إلى جانب مخاطبة مصلحة الأدلة الجنائية لفحص السلاح المضبوط وبيان مدى صلاحيته وإمكانية استخدامه. القبض على شاكر محظور ومدير أعماله كانت قد تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط البلوجر شاكر محظور ومدير أعماله، وذلك على خلفية نشره مقاطع فيديو تتضمن اعتداءً على القيم والمبادئ الأسرية، فضلاً عن إساءة استخدام وسائل التواصل بغرض تحقيق أرباح غير مشروعة. حشيش وآيس وكانت الجهات المختصة قد تلقت عدة بلاغات ضد المتهم، تفيد بقيامه بنشر محتوى غير لائق يسيء للمجتمع والأسرة المصرية عبر صفحته الشخصية، وعقب تقنين الإجراءات، تم ضبط المتهم داخل نطاق محافظة القاهرة، وبحوزته سلاح ناري غير مرخص، كما تم ضبط مدير أعماله، وعثر بحوزتهما على كمية من مخدري "الحشيش" و"الأيس". وبمواجهة المتهمين، أقرا بحيازتهما المواد المخدرة بقصد التعاطي، كما اعترفا بقيامهما بنشر المقاطع المصورة التي تتضمن محتوى مخالف، على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض رفع نسب المشاهدة. جرى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.


العين الإخبارية
منذ 7 ساعات
- العين الإخبارية
اعترافات البلوغر محمد عبدالعاطي بعد ضبطه في مصر
ألقت الأجهزة الأمنية في مصر القبض على عدد من صانعي المحتوى، بينهم البلوغر محمد عبدالعاطي، بعد نشره مواد مرئية تتضمن إيحاءات وألفاظًا خادشة للحياء. على خلفية نشر محتوى خادش للحياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تضمن إيحاءات وألفاظًا خارجة تتنافى مع القيم المجتمعية المتعارف عليها. وبحسب التحريات، تبين أن عبد العاطي نشر عدة مقاطع فيديو تحتوي على ألفاظ ذات طابع إباحي، بالإضافة إلى إساءة استخدامه منصات التواصل، وهو ما أدى إلى تلقي الأجهزة المختصة عددًا من البلاغات بحقه من مواطنين أعربوا عن استيائهم من هذا المحتوى. عقب تقنين الإجراءات القانونية، جرى ضبط المتهم داخل نطاق دائرة قسم شرطة أول أكتوبر بمحافظة الجيزة. وبمواجهته، أقر بقيامه بنشر الفيديوهات المذكورة، موضحًا أن هدفه كان تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة تدر عليه عوائد مالية من خلال الإعلانات والتفاعل. تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حياله، وجارٍ عرضه على جهة التحقيق المختصة. وفي واقعة مشابهة، جرى ضبط البلوجر محمد شاكر، المعروف بلقبه على "تيك توك" وهو "شاكر محظور دلوقتي"، إلى جانب مدير أعماله، وذلك بعد توجيه اتهامات إليهما بنشر محتوى مرئي يتضمن مخالفات صريحة لقيم وسلوكيات المجتمع المصري. وأسفرت عملية الضبط عن العثور بحوزتهما على سلاح ناري غير مرخص، وكمية من المواد المخدرة من نوعي الحشيش والآيس، ويُشتبه في حيازتهما بقصد التعاطي، وذلك بعد رصد تواجدهما في إحدى مناطق القاهرة الجديدة. كما تم ضبط المصوّر الخاص بمحمد شاكر أثناء تواجده برفقته في منطقة التجمع الأول، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، تمهيدًا لعرضهم جميعًا على جهات التحقيق المعنية. تأتي هذه الإجراءات ضمن جهود مستمرة لضبط التجاوزات الإلكترونية، والتعامل الحاسم مع المحتوى الذي يتعارض مع القواعد القانونية والسلوك المجتمعي. aXA6IDIzLjI3LjY0LjE5OCA= جزيرة ام اند امز US


عرب هاردوير
منذ 8 ساعات
- عرب هاردوير
تطبيق تيك توك على المحك في مصر: هل يمكن حجبه بالفعل؟
تطبيق تيك توك هو الأكثر إثارةً للجدل في مصر منذ بداية استخدامه، إذ تتكرر المطالبات بإغلاقه كل فترة، كما في "خناقة السبت والثلاثاء" الشهيرة. وذلك بدعوى أنه لا يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع. ومع ذلك، يظل عدد مستخدميه في مصر ضخمًا جدًا، وغالبيتهم من المراهقين. في الأيام الماضية، تصاعد الجدل بعد إلقاء القبض على عدد من مشاهير التطبيق في مصر، لتعود المشاجرة الروتينية حول ضرورة إغلاقه. والآن أريد أن أتدخل وسط مشاجرة إغلاقه أم لا، إلى هل يمكن بالفعل إغلاقه تمامًا في مصر حتى لو لجأ جمهوره إلى استخدام VPN؟ ولكن أولًا، دعنا نعرف ما الذي سبّب كل هذه التطورات حول البرنامج. سبب الغضب تجاه التطبيق الأيام الماضية طالما شُنّ الهجوم على هذا البرنامج، وانتقاد الناس له بأنه الأجرأ والأكثر جدلًا، ويدعو إلى الإسفاف. وما إلى ذلك، ولكن منذ فترة ظهرت مستخدمة عليه ادّعت أنها تعرف الكثير من الجرائم المرتبطة بمشاهير هذا التطبيق، ما أدّى إلى لفت النظر والتركيز على الأسماء التي ذكرتهم هذه المستخدمة، والتحقّق في ادّعاء أن أموالهم ليست بسبب الدعم من البثوث على البرنامج، بل مرتبطة بجرائم أخرى. وعلى الفور، تدخّلت وزارة الداخلية والقت القبض على عدد كبير منهم للتحقيق معهم، ومن هنا بدأت المناشدات بإغلاق التيك توك تمامًا في مصر، وليست فقط مناشدات على السوشيال ميديا، بل رسمية في البرلمان من بعض النواب... ومن هنا ارتبطت شبهة كبيرة أخرى في هذا البرنامج، أنه ليس فقط لا يتناسب مع العادات والتقاليد، بل إنه يحوي جرائم غسيل أموال. كيف يمكن أن يكون تيك توك منصة لغسيل الأموال؟ غسيل الأموال هو مصطلح يشير إلى عملية تمرير أموال حصل عليها أصحابها من طرق غير قانونية، مثل تجارة المخدرات أو النصب أو الابتزاز، من خلال قنوات تبدو مشروعة بهدف إخفاء مصدرها الحقيقي. ومن هنا يتحول المال (القذر) إلى مال (نظيف) من الناحية الشكلية والقانونية. قد يبدو للوهلة الأولى أن "تيك توك" مجرد تطبيق ترفيهي، مليء بمقاطع الرقص والتحديات والمقالب، لكن الواقع التقني لهذا التطبيق أكثر تعقيدًا. فهو يحتوي على نظام اقتصادي متكامل يُمكّن المستخدمين من إرسال هدايا رقمية إلى صناع المحتوى أثناء البث المباشر، وتحويلها لاحقًا إلى أموال حقيقية. ما الذي يحدث تحديدًا؟ يتيح تيك توك للمستخدمين شراء عملات داخلية باستخدام بطاقاتهم البنكية أو وسائل دفع أخرى. يمكن للمشاهدين إرسال هذه العملات لصناع المحتوى على شكل (هدايا افتراضية) خلال البثوث المباشرة. بعد ذلك، يستطيع صاحب الحساب تحويل هذه الهدايا إلى أموال حقيقية وسحبها من التطبيق، بعد أن يقتطع تيك توك نسبة قد تصل إلى 50%. وهنا، تبدأ ثغرة الاستغلال. في حالات مشبوهة، تفتح جهات غير قانونية حسابات على تيك توك، ثم تستخدم أموالاً مجهولة المصدر في شراء الهدايا الرقمية داخل التطبيق. بعد ذلك ترسل هذه الهدايا إلى حسابات محددة قد تكون تابعة لنفس الجهة أو أطراف ضمن شبكة معينة ويتم سحب الأموال من هذه الحسابات وكأنها ناتجة عن محتوى مشروع أو دعم من الجمهور. الخطورة في هذه الآلية تكمن في أن عملية غسيل الأموال تتم بالكامل داخل نظام مغلق يصعب تتبعه. فلا أحد يعلم من أين جاءت الأموال الحقيقية التي تم بها شراء الهدايا، ولا من الذي أرسلها، خاصة وأن تيك توك لا يتيح دائمًا بيانات دقيقة حول المرسل أو طبيعة الحسابات. إضافة إلى ذلك، هناك طبقة جديدة من التعقيد تدخل في المشهد، وهي الوكالات الرسمية التي تعمل كوسطاء بين تيك توك وصناع المحتوى. هذه الوكالات، وبعضها غير خاضع للرقابة، توفر للمستخدمين حسابات جاهزة ، وتدير البثوث، وتجمع الأرباح وتحولها، وفي بعض الحالات تتلقى نسبة من العائدات. وقد ظهرت ادعاءات بأن بعض هذه الوكالات تعمل في الخفاء كغرف عمليات لغسيل الأموال، حيث تُضخ أموال مشبوهة عبر هدايا رقمية إلى حسابات تابعة، ثم تُسحب وتُوزع على الشبكة بحجة أنها أرباح من تيك توك. رغم أن هذه الادعاءات لا تزال قيد التحقيق، فإن عدداً من الدول بدأ يُبدي قلقه من استخدام تيك توك في عمليات مالية مشبوهة. وفي مصر تحديدًا، تصاعدت الأصوات المطالبة بفتح تحقيقات واسعة في مصادر أموال بعض مشاهير التطبيق، بعد أن اتضح أن أرباحهم لا تتناسب مع طبيعة المحتوى الذي يقدمونه (الفسيخ لن يجعلك مليونير في بضعة أشهر من الناحية المنطقية على الأقل)، وظهرت مزاعم بأنهم واجهة لأطراف تستخدمهم في تحويل أموال مجهولة المصدر تحت غطاء البث المباشر. هل يمكن للدولة تقنيًا حجب تيك توك؟ من الناحية التقنية، نعم، بإمكان أي دولة حجب تطبيق معين داخل حدودها الجغرافية، مثلما تفعل الصين مع بعض المواقع أو إيران مع تطبيقات مثل واتساب وتويتر. لكن كيف يتم ذلك فعليًا؟ الأمر يشبه إلى حدٍّ ما إغلاق بوابة في شارع معين حتى لا يتمكن الناس من المرور من خلالها. فكل تطبيق أو موقع لديه عنوان رقمي يُعرف باسم "IP Address"، وعندما تحاول الدخول إلى تيك توك من هاتفك أو جهازك، يطلب هذا العنوان من خلال مزوّد خدمة الإنترنت ( مثل فودافون، أورنج، اتصالات). هنا تتدخل الدولة وتطلب من جميع شركات الإنترنت منع الوصول إلى هذه العناوين الخاصة بتيك توك أو حجب نطاقات (Domains) معينة يستخدمها التطبيق مثل وبذلك، حتى لو فتحت التطبيق، لن يتمكن من الاتصال بالسيرفرات الخاصة به، وبالتالي سيتوقف عن العمل أو تظهر رسائل خطأ أو لا يتم تحميل المحتوى. هل هذا الحجب فعال 100%؟ ليس تمامًا، لأن هناك طرقًا معروفة لتجاوز هذا النوع من الحجب، مثل استخدام تطبيقات VPN وهي أدوات تغيّر موقعك الجغرافي على الإنترنت وتوهم المواقع أنك تتصفح من دولة أخرى، أو استخدام متصفحات مشفرة أو شبكات Tor، أو تطبيقات معدّلة (Modded apps) لا تعتمد على المسارات التقليدية. ورغم أن الدولة يمكنها أيضًا حجب خدمات VPN نفسها أو تتبع حركة البيانات المريبة، فإن القط والفأر التقني بين الحجب والتحايل لا ينتهي. فكلما أُغلِق باب، يظهر باب آخر. لكن عمومًا يمكن للدولة أن تجعل الوصول إلى التطبيق صعبًا جدًا وغير مستقر، مما يدفع نسبة كبيرة من المستخدمين للتوقف عن استخدامه، خاصة من لا يملكون خبرة تقنية كافية أو لا يستطيعون التعامل مع VPN. مخاطر الحجب الشامل لتطبيقات مثل تيك توك رغم أن حجب تطبيق ما قد يبدو حلاً سهلًا وسريعًا للحد من محتوى غير مرغوب فيه، فإن له عدة مخاطر تقنية وسلوكية يجب الانتباه لها، خصوصًا إذا كان التطبيق واسع الانتشار مثل تيك توك: 1- تعطيل خدمات أخرى مرتبطة بالتطبيق غالبًا ما يستخدم تيك توك خوادم سحابية مشتركة (مثل Amazon Web Services أو Google Cloud)، وهي نفس الخوادم التي تستخدمها آلاف التطبيقات والمواقع الأخرى. فإذا لم يُحجب بحذر، قد يؤدي ذلك إلى تعطيل غير مقصود لخدمات بريئة أخرى تعمل على نفس الخوادم. 2- زيادة استخدام أدوات تجاوز الحجب (VPN) عندما يُحظر تطبيق مشهور، يبحث المستخدمون خصوصًا الشباب عن طرق للالتفاف، مثل استخدام VPN أو بروكسي أو متصفحات مشفرة. هذا قد يؤدي إلى فتح الباب لاستخدام مواقع أخرى محظورة أكثر خطورة، وصعوبة تتبع النشاط الإلكتروني للمستخدمين، مما يخلق فجوة في الرقابة الرقمية ونشر تطبيقات ضارة أو مزيفة تدّعي أنها VPN وتحتوي على فيروسات أو برامج تجسس. 3- ضرر اقتصادي على صناع المحتوى ورواد الأعمال كثير من المستخدمين خصوصًا الشباب يعتمدون على تيك توك كمصدر دخل من خلال الترويج، الإعلانات، التعاونات، وغيرها. الحجب المفاجئ قد يضرب دخل آلاف الأفراد بشكل مباشر، ويضعف سوق الإعلانات الرقمية، ويؤثر على نمو المشاريع الصغيرة التي اعتمدت عليه كقناة تسويق. 4- خلق فجوة رقمية بين الأجيال الشباب والمراهقون أكثر مرونة في التعامل مع التكنولوجيا وتجاوز الحجب، في حين أن الأجيال الأكبر قد تظن أن التطبيق انتهى فعليًا. هذا قد يؤدي إلى تشويه صورة الواقع الرقمي الحقيقي داخل المجتمع، ويصعّب الحوار بين الأجيال. تجارب دول أخرى في حظر تيك توك قبل أن نتساءل هل يمكن لمصر حظر تيك توك؟، دعونا نُلقي نظرة على تجارب عدد من الدول التي سبق أن خاضت هذه المواجهة مع التطبيق. الهند في يونيو 2020، قررت الحكومة الهندية حظر تيك توك وأكثر من 50 تطبيقًا صينيًا آخر، بعد توترات سياسية على الحدود مع الصين، وادعاءات باستخدام هذه التطبيقات في "التجسس" على المستخدمين ونقل البيانات خارج البلاد. لكن هل نجح الحظر؟ نعم جزئيًا، حيث تم بالفعل إزالة تيك توك من متاجر التطبيقات، ومنع الوصول إليه عبر الشبكات المحلية. لكن ظهرت بعدها عشرات التطبيقات البديلة، مثل Chingari وMoj، ومع الوقت بدأ المستخدمون الهنود في استخدام VPN للعودة إلى تيك توك رغم الحظر. الولايات المتحدة منذ عام 2020، بدأت الولايات المتحدة باتهام تيك توك بأنه "تهديد للأمن القومي"، لكونه يجمع بيانات الملايين من الأميركيين ويخزنها على خوادم يُشتبه أنها تُدار من الصين. أصدر الرئيس دونالد ترامب حينذاك أمرًا تنفيذيًا بحظر التطبيق، لكن تم إيقافه قضائيًا، والكونغرس الأميركي منع تحميله على هواتف موظفي الحكومة. وبعض الولايات مثل مونتانا قررت حظره تمامًا، لكن القرار أُوقف لاحقًا قضائيًا. باكستان حظرت باكستان تيك توك عدة مرات بسبب "محتوى غير لائق يتعارض مع القيم الإسلامية"، وكان الحظر يدوم أيامًا أو أسابيع ثم يتم رفعه بعد التزام الشركة بحذف بعض الفيديوهات المسيئة. هل نجح الحظر؟ ليس بالكامل، لكنه كان وسيلة ضغط فعالة لإجبار تيك توك على تعديل سياسته الداخلية. أفغانستان وإيران في دول مثل إيران وأفغانستان، حيث هناك رقابة حكومية شديدة على الإنترنت، حُظر تيك توك نهائيًا من الأساس، ومنع الوصول إليه حتى باستخدام بعض أدوات الالتفاف. لكن هذه الدول أيضًا لديها رقابة واسعة على المحتوى المحلي، ومراقبة لصيقة للاتصالات، وهي بيئة تختلف جذريًا عن مصر. هل الحجب هو حل المشكلة؟ بعد كل ما عرضناه، لم يعد تطبيق تيك توك مجرد وسيلة للترفيه أو عرض مقاطع طريفة، بل تحوّل إلى عالم رقمي متكامل فيه من يجني الملايين ومن يضيع في زواياه، ومن يجد نفسه خلف القضبان، وهنا يبرز السؤال: هل الحلّ في حجب التطبيق؟ أم في فهم تأثيره ومعالجة المشكلات من جذورها؟ الحقيقة، أن الحجب قد يوقف الوصول السطحي، لكنه لا يمنع جوهر المشكلة. فمَن يريد الوصول سيجد وسيلة عبر برامج تجاوز الحجب (VPN) أو غيرها. ما نحتاجه فعليًا ليس فقط قرار حظر، بل وعي رقمي وتشريعات واضحة ورقابة ذكية، والأهم ثقافة مجتمعية تميز بين المحتوى النافع والمحتوى الضار. قبل أن نقرر الحجب، علينا أن نسأل أنفسنا هل المشكلة في تيك توك نفسه؟ أم في غياب الرقابة والوعي؟ أم فينا نحن كمجتمع نستهلك بلا تفكير ونتأثر بلا وعي؟