logo
عندما تصطدم الرأسمالية بالمهاجرين: علامة فارقة في أنانية الغرب

عندما تصطدم الرأسمالية بالمهاجرين: علامة فارقة في أنانية الغرب

اليمن الآنمنذ 4 ساعات

لطالما كانت العلاقة بين الغرب الرأسمالي والمهاجرين معقدة ومتعددة الأوجه، ولكن في السنوات الأخيرة، يبدو أنها قد وصلت إلى نقطة تحول حرجة. فبعد عقود من التدخلات الإمبريالية التي دمرت البنى التحتية والاقتصادات في العديد من دول الجنوب العالمي، يواجه الغرب الآن تدفقًا هائلاً من المهاجرين الفارين من الفقر والعنف والاضطراب الذي غالبًا ما يكون نتيجة مباشرة لتلك السياسات. هذا التلاقي لا يمثل مجرد أزمة إنسانية، بل يشير إلى حقبة جديدة من الجشع الأناني الغربي، حيث تتجلى تناقضات الرأسمالية بوضوح صارخ.
إرث الإمبريالية والنزوح القسري
لا يمكن فهم الوضع الراهن دون الاعتراف بالإرث الثقيل للإمبريالية. فمنذ قرون، استغلت القوى الغربية الموارد الطبيعية والبشرية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، مما أدى إلى تدمير النظم الاقتصادية والاجتماعية المحلية. لم تكن هذه العمليات مجرد استغلال اقتصادي، بل تضمنت أيضًا فرض أنظمة سياسية واجتماعية أدت إلى تفكك المجتمعات وتأجيج الصراعات الداخلية. واليوم، عندما يفر الملايين من بلدانهم المدمرة، فإنهم لا يهربون من مجرد 'ظروف سيئة'، بل من عواقب مباشرة لقرون من التدخلات الغربية.
الرأسمالية والجشع: استغلال مزدوج
في هذه الحقبة الجديدة، تبرز الرأسمالية الغربية كقوة ذات وجهين في التعامل مع المهاجرين. فمن ناحية، هناك الخطاب الرسمي الذي يركز على 'أزمة المهاجرين' وضرورة 'إدارة الحدود'، والذي غالبًا ما يصاحبه تصوير للمهاجرين كعبء أو تهديد. هذا الخطاب يتجاهل بشكل منهجي الأسباب الجذرية للهجرة، ويحاول تبرير سياسات الهجرة الصارمة التي تخدم في النهاية مصالح الرأسمالية في السيطرة على العمالة الرخيصة والحد من أي تكاليف اجتماعية قد تنجم عن الاندماج الحقيقي للمهاجرين.
ومن ناحية أخرى، تستفيد الرأسمالية بشكل مباشر من وجود هذه الأعداد الهائلة من المهاجرين. ففي العديد من القطاعات، يعتمد الاقتصاد الغربي بشكل كبير على العمالة المهاجرة ذات الأجور المنخفضة، التي غالبًا ما تعمل في ظروف صعبة وبدون حماية كافية. هذا يخلق سوق عمل مزدوجًا، حيث يتم استغلال المهاجرين للحفاظ على هوامش الربح المرتفعة، بينما يتم تصويرهم في نفس الوقت كتهديد للعمالة المحلية. هذا الاستغلال المزدوج هو جوهر الجشع الأناني الذي تتسم به هذه الحقبة.
استغلال الخطاب المعادي للمهاجرين: التضليل السياسي
يُعد استغلال الخطاب المعادي للمهاجرين أداة سياسية مفضلة لدى العديد من الساسة الغربيين. ففي مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة – مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور الخدمات العامة، وتزايد عدم المساواة – يلجأ هؤلاء الساسة إلى خلق 'عدو وهمي' يتمثل في المهاجرين. يهدف هذا التكتيك إلى صرف انتباه الشعوب عن المشاكل الجوهرية التي غالبًا ما تكون ناتجة عن سياسات نيوليبرالية فاشلة أو عن ممارسات الرأسمالية المتطرفة.
يتم ترويج أساطير مثل أن المهاجرين يستنزفون الموارد، أو يرفعون معدلات الجريمة، أو يأخذون الوظائف من السكان المحليين. ومع ذلك، تشير الإحصائيات الموثوقة إلى عكس ذلك تمامًا. على سبيل المثال، تظهر العديد من الدراسات أن المهاجرين غالبًا ما يكون لديهم معدلات جريمة أقل من السكان الأصليين، وأنهم يساهمون بشكل كبير في الاقتصاد من خلال الضرائب والابتكار وريادة الأعمال. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تشير دراسات متعددة إلى أن المهاجرين يدفعون مليارات الدولارات كضرائب سنويًا، وأنهم يميلون إلى البدء في الأعمال التجارية بمعدلات أعلى من المواطنين الأصليين. كما أنهم يملأون وظائف لا يرغب المواطنون في شغلها، خاصة في قطاعات مثل الزراعة والرعاية الصحية والخدمات. هذه الحقائق الإحصائية تفكك بوضوح الصورة النمطية التي يتم ترويجها عن المهاجرين كتهديد، وتكشف أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي.
ما يحدث اليوم في لوس أنجلوس: انعكاس الأزمة
تُعد لوس أنجلوس، كواحدة من أكبر المدن وأكثرها تنوعًا في العالم، مرآة تعكس التناقضات الكامنة في هذه العلاقة. ففي حين تستقبل المدينة أعدادًا كبيرة من المهاجرين من مختلف أنحاء العالم، إلا أنها تعاني أيضًا من أزمات اجتماعية واقتصادية عميقة، مثل ارتفاع معدلات التشرد، وتزايد عدم المساواة، وتدهور البنية التحتية. غالبًا ما يتم تحميل المهاجرين جزءًا من المسؤولية عن هذه المشاكل، بينما في الواقع، هم غالبًا من بين الفئات الأكثر تضررًا منها.
نرى في لوس أنجلوس اليوم كيف تتجلى هذه التناقضات: ففي الوقت الذي يعمل فيه المهاجرون بجد في العديد من الصناعات الحيوية للمدينة، يواجهون تحديات هائلة في الحصول على السكن اللائق والرعاية الصحية والفرص التعليمية. هذا الواقع يوضح أن المشكلة ليست في وجود المهاجرين، بل في الأنظمة الرأسمالية التي تفشل في توفير حلول مستدامة وعادلة لجميع سكانها، وتستغل الوجود المهاجر للحفاظ على أرباحها على حساب الرفاه الاجتماعي.
ان اعلان ترمب المواجهة العسكرية العنيفة ضد المهاجرين الضعفاء سيؤدي لا محالة الى انفراط الأساس الانساني للتعايش بين البشر و خلق فجوة مخيفة لا تسمح بالعيش الا لنخبة مجتمعات واعراق بشرية محدودة و تضع المجتمعات الأضعف و الأفقر أمام مصير حتمي بالزوال في ظل تلاشي فرص الحياة الكريمة و استحواذ الغرب على الموارد و التكنولوجيا التي تسمح له بالتطور بمفرده و انصرافه عن عدم تنمية مجتمعات العالم الثالث و دعم الديمقراطية و حقوق الانسان فيها
دعوة للوحدة: يا مهاجري العالم اتحدوا!
إن الصراع بين الرأسمالية الغربية والمهاجرين ليس مجرد قضية هامشية، بل هو علامة تاريخية فاصلة تكشف عن عمق الأزمة الأخلاقية والاجتماعية في الغرب. لم يعد بالإمكان تجاهل العلاقة بين السياسات الاقتصادية والتدخلات الخارجية من جهة، والنزوح البشري الهائل من جهة أخرى.
لمواجهة هذه الأزمة، هناك حاجة ملحة إلى إعادة تقييم شاملة لنموذج الرأسمالية الحالي. يجب أن تتضمن هذه الإعادة تقييمًا لسياسات التجارة الدولية، والتدخلات العسكرية، وأيضًا للنظم الاجتماعية التي تهمش المهاجرين. لا يمكن تحقيق حلول مستدامة دون معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، والاعتراف بالمسؤولية التاريخية للقوى الغربية.
لقد حان الوقت للمهاجرين في كل مكان، والعمال المقهورين من جميع الخلفيات، أن يتحدوا ويدركوا أن عدوهم المشترك ليسوا بعضهم البعض، بل النظام الذي يستغلهم جميعًا والخطاب السياسي المضلل الذي يحاول جعل الرأي العام الغربي في صدام مباشر مع المهاجرين . يجب أن نرفض الخطابات التي تسعى الى خلق عداوات وهمية. ففي وجه الجشع الأناني الذي تحركه الرأسمالية، تكمن القوة في الفهم و التضامن والعمل المشترك.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تهديد جديد للعاصمة يتموضع في العقبة
تهديد جديد للعاصمة يتموضع في العقبة

اليمن الآن

timeمنذ 40 دقائق

  • اليمن الآن

تهديد جديد للعاصمة يتموضع في العقبة

اليوم السابع – عدن: طرأ تهديد جديد وخطير للعاصمة عدن، يتموضع الان في مدخل المدينة القديمة (العقبة)، وينذر بتداعيات كارثية تستدعي تحركاً عاجلاً للحيلولة دون وقوعها، وتجنب خسائر كبيرة في الأرواح والماديات. وبدأ الخطر بالظهور بعد انهيار صخري شهده جبل شمسان على طريق العقبة الذي يربط بين مديريتي صيرة والمعلا، حيث سقطت كتل صخرية قرب نقطة أمنية على الطريق الرئيسي في العقبة، بالتزامن مع مرور السيارات. وأكد أفراد النقطة الأمنية أن الانهيار الصخري لم يتسبب في سقوط ضحايا ولم يؤد إلى إلحاق أضرار مادية، إلا أن تكرار وقوعه سيتسبب في كارثة لا سمح الله. داعين السلطة المحلية إلى التحرك العاجل بوضع حواجز لمنع حدوث أي انهيار جديد قد يستبب في حدوث كارثة، خاصة أن تكراره وارد.

القضاء الأمريكي يُدين طرفًا جديدًا في شبكة دعم الحوثي
القضاء الأمريكي يُدين طرفًا جديدًا في شبكة دعم الحوثي

اليمن الآن

timeمنذ 44 دقائق

  • اليمن الآن

القضاء الأمريكي يُدين طرفًا جديدًا في شبكة دعم الحوثي

أدانت هيئة المحلفين الفيدرالية التابعة لوزارة العدل الأمريكية، مهرب الأسلحة الباكستاني محمد بهلوان، بتهمة نقل أسلحة تقليدية من إيران إلى جماعة الحوثي في اليمن، في انتهاك صريح للعقوبات الأمريكية المفروضة على الجماعة. وقالت وزارة العدل، في بيان رسمي، إن بهلوان تورط في شبكة تهريب دولية تعمل على دعم جماعة الحوثي عبر إمدادها بأسلحة إيرانية الصنع، تم شحنها عبر طرق بحرية غير قانونية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والاستقرار في الشرق الأوسط. ويأتي هذا الحكم ضمن سلسلة من الإجراءات الأمريكية الصارمة لتعزيز العقوبات المفروضة على الحوثيين، والحد من تدفق الدعم العسكري الذي يتلقونه من طهران، والذي تستخدمه الجماعة في تصعيد أعمالها العسكرية داخل اليمن وفي تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وأكدت وزارة العدل أن الحكم ضد بهلوان يمثل رسالة واضحة لكل من يشارك في دعم الجماعات الإرهابية أو ينتهك القوانين الدولية المفروضة على نقل الأسلحة. ومن المتوقع أن يُصدر الحكم النهائي بحق بهلوان خلال الأسابيع المقبلة، وسط ترحيب من الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية بهذه الخطوة التي اعتُبرت جزءًا من جهود واشنطن لردع الأنشطة الإيرانية غير المشروعة في المنطقة.

يقل المدى ما بين صنعاء والمخا
يقل المدى ما بين صنعاء والمخا

وكالة 2 ديسمبر

timeمنذ ساعة واحدة

  • وكالة 2 ديسمبر

يقل المدى ما بين صنعاء والمخا

يقل المدى ما بين صنعاء والمخا رِمـــــاحٌ، ســـهــامٌ ثــاقــبـاتٌ، بـــيــارقُ جـحـيـمٌ، صــواريـخٌ، رصــاصٌ، بـنـادقُ جـــنــودٌ وضـــبــاطٌ وصــــفٌّ وقــــادةٌ وجــيــشٌ يـمـانـيٌّ شُــجـاعٌ.. وطـــارقُ أبــى الـساحلُ الـغربيُّ أن تـغربَ الـمنى وجـــاء بــمـا لـــم تـسـتـطعهُ الـمـشارقُ هـناكَ انـبنى جـيشٌ إلـى الأرض ينتمي بــصـدقٍ .. وهـــذا مـاتـقـولُ الـحـقـائقُ إلــى مـثل هـذا الـجيشِ تُـلقى مـطامحٌ وتُــســنــدُ أحـــــلامٌ كـــبــارٌ شـــواهــقُ ومـــن مـثـلهِ الـنـصر الـيـماني يُـرتـجى كــتــائــبـهُ تـــأتـــي بــــــهِ والــفــيـالـقُ فــيــالــقُ إقــــــدامٍ وبـــــأسٍ وشـــــدةٍ وعــــزمٍ بــــهِ رغــمــاً تُــعـاقُ الـعـوائـقُ تَـشَـكَّـلَ مـــن روح الــبـلاد الــتـي بــهـا نــمـا وانـتـمـى.. مــا شـكـلتهُ الـمـناطقُ لذا؛ فهو جيش الشعب، والشعب مؤمنٌ بـــــأن لـــــه جــيـشـاً أبــيــاً.. وواثــــقُ بــــه كــــل عــمـلاقٍ شــريـفٍ ومــاجـدٍ وفـــيــهِ يُــصــاغُ الأوفــيــاءُ الـعـمـالـقُ ومــنـهُ يــطـل الـحـلـم، والـحـلـم عــزةٌ ومـــجــدٌ بــتــاريـخ الـيـمـانـين لائــــقُ مــن الـسـاحل الـغـربيْ لإشـراقة الـمنى تُـــعــدُّ الــثــوانـي- لــهـفـةً- والــدقـائـقُ وتــســهـر صــنــعـاءُ الــلـيـالـي تــرقــبـاً كـما يـرقُب الـمعشوقَ في الأفقِ عاشقُ وصـنعاء أرضٌ مَلَّتِ العيش في الدجى وشـعـبٌ إلــى إشـراقـةِ الـشـمسِ تـائـقُ وسـبـتـمبرٌ يـمـسـي ضـئـيـلاً بـقـدر مــا تــحــيـط بـــــه صُــلـبـانُـه والـمـشـانـقُ يـعـيش عـلـى الـحـقد الـسُّـلالي مـوتـهُ وحـقـدُ الـدنـيِّ الـنفس كـالموتِ مـاحقُ ولن يُنقذ العملاقَ من صعقةِ المؤامراتِ ســـوى مـــن مــنـه تـخـشى الـصـواعقُ أبـــيـــاً يــمــانـيـاً شــجــاعــاً مــحـنـكـاً حــكـيـمـاً رزيـــنــاً صــادقــاً لا يُــنـافـقُ تَـعوّدَ خـوض الـصعبِ؛ فـالصعبُ سالكٌ لـــــه، وعــسـيـراتُ الــمـنـى والــمــآزقُ لـــــه مـــوقــفٌ حــــرُّ وعــــزمٌ وهــمــةٌ وإيــمـانـه بـالـمـوقـفِ الــحــر صــــادقُ ويـمضي بـحلم الـشعبِ مـا مَـلَّ مـنكبٌ ولا قـــــلَّ إصـــــرارٌ ولا كَـــــلَّ عـــاتــقُ إلـــى أيــن يــا بــن الـحِـمْيَريين واثـقـاً تـحث الـخطى.. والـمجدُ فـوجٌ يرافقُ؟ إلـى أيـن يـا بـن الأرضِ، والأصـل ثابتٌ بـأعـماقِ عـمق الأرضِ والـفرعُ سـامقُ؟ إلــى حـيث تـغدو الـمستحيلاتُ واقـعاً مُـعـاشاً.. وتُـتـلى الـمـعجزاتُ الـخوارقُ إلـى حـيث هـذا الـشعب يحظى بحلمهِ عــنــاقـاً.. ومــــا الأحــــلام إلا تَــعـانـقُ تَــعــانـقُ صــنــعـاءٍ بــصـنّـاعِ فــجـرهـا وفــجـرٍ بـــهِ تــزهـو الـدنـى والـخـلائقُ وسـبـتـمـبـرٍ يــمــحـو بــقــايـا سُــلالــةٍ لــهــا رغــبــة فـــي أن تُــعـاد الــفـوارقُ وفـــي أن يَـــرى كـــل الـيـمانيين أنـهـا هــــي الـبـحـر والأقــيـال فـيـهـا زوارقُ وهــيـهـاتَ مــادامــت بــنــا روحُ أمـــةٍ يـجـلـلـهـا الــتــاريـخُ والــذكــرُ عــابــقُ يـقـل الـمـدى مــا بـيـن صـنعاء والـمخاويَــكــثـرُ فــــي أرجــائـهـن الــطــوارقُ

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store