logo
غزة وسؤال الفلسطيني عن الفضيلة في زمن الحرب

غزة وسؤال الفلسطيني عن الفضيلة في زمن الحرب

جريدة الايام١٠-٠٥-٢٠٢٥

في تتبع أحوال أهل قطاع غزة من خلال صفحاتهم أو بعض نصوصهم الأدبية التي نشروها في كتب، مثل رواية عاطف أبو سيف «القبر رقم 49»، تقرأ كتابات مختلفة تصور وجهات نظر متباينة ومختلفة تبايناً واختلافاً شديداً لافتاً، والسبب هو اختلاف المواقع التي تؤدي إلى اختلاف المواقف.
رصد أبو سيف ما ألمّ بثلاثة عشر رجلاً وامرأة لم يكن بينهم مقاتل واحد ممن شاركوا في أحداث ٧ أكتوبر، لنقرأ ما يجيش في نفسه من عواطف وأفكار ورؤى أو تصورات عن الحرب قبل وقوعها وفي يومها الأول والأيام التي تلته.
ربما لم يفعل أبو سيف ذلك لأنه لم يلتق بواحد من هؤلاء، علماً أن شخصية المقاتل وهو يتصدى للدبابات كانت لافتة، وهنا أشير إلى المقاتل الشبح الأنيق الذي شبهه قسم ممن كتبوا عنه بأنه (روبن هود) الغزاوي، وإلى المقاتل صاحب عبارة «حلل يا دويري» التي تنوقلت، ابتداء، جادة وتحولت، مع مرور الأيام، إلى عبارة تهكمية ساخرة من المحلل الأردني في قناة «الجزيرة» فايز الدويري.
ورواية أبو سيف الجديدة تختلف عن روايته «حياة معلقة» (٢٠١٤)، التي كتب فيها عن انتفاضة ١٩٨٧ التي عاشها وشارك فيها، بل وفقد أخاه وكتب عنه.
شيء طبيعي ألا يكتب أبو سيف عن مقاتل ما دام بعيداً عن المشاركين بـ ٧ أكتوبر وصلته بهم منعدمة وعملهم كان سرياً جداً، ولكنه عوّض عدم الكتابة بتصوير مشاعر أم مشارك وزوجته أيضاً، وقد يكون، في أثناء وجوده في مخيم جباليا في الأسابيع الأولى للحرب، أو في رفح في الشهر الأخير لوجوده - أي الشهر الثالث - قبل مغادرته، قد يكون التقى بأم مقاتل وزوجته، أو سمع حكايتهما، فكتب ما كتبه تحت عنوان «الحماة والكنة» ومن هذه الكتابة عرفنا القليل عن المقاتل وعلاقته بزوجته وحبهما لبعضهما، ثم أقل القليل عن مشاعره إزاء ما جرى.
وأنت تقرأ روايته وما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي ومنها «فيسبوك»، تتذكر قصيدة محمود درويش «مطار أثينا» التي يقول فيها:
«مطار أثينا يوزعنا للمطارات. قال المقاتل: أين أقاتل؟ صاحت به/ حامل: أين أهديك طفلك؟ قال الموظف: أين أوظف مالي؟ قال/ المثقف: مالي ومالك؟ قال رجال الجمارك: من أين جئتم؟ أجبنا: من/ البحر. قالوا: إلى أين تمضون؟ قلنا: إلى البحر. قالوا: وأين عناوينكم؟/ قالت امرأة من جماعتنا: بقجتي قريتي. .....».
تتذكر أسطر درويش السابقة لأنها تعبر عن شرائح اجتماعية فلسطينية مختلفة تختلف همومها، فهم المقاتل الذي يضغط عليه غير هم المرأة الحامل، ويختلف هم الموظف عن همهما، كما يختلف هم المثقف عن هموم الثلاثة، ويكون هم رجال الجمارك متعلقاً بوظيفتهم وسؤالهم التقليدي: من أين جئتم؟
هذا الاختلاف في النظر إلى الأمور نجد شبيهاً له الآن في كتابات أبناء غزة وفي كلامهم في أشرطة الفيديو التي يتحدثون فيها عن معاناتهم.
يعرض المقاتلون أشرطة فيديو للمعارك التي يخوضونها تصور بطولاتهم وما أوقعوه في قوات الجيش الإسرائيلي، فيم يبحث النازحون عن خيمة والجائعون عن طعام والراغبون في السفر عن سمسار، وإذا كان المقاتل يضع الوطن في سلّم أولوياته، فيبذل روحه في سبيله، تجد أن أكثر المواطنين يبحثون عن مأوى ومطعم، وستجد بين هؤلاء من يبحث عما هو أكثر، كأن يثرى ويجمع المال غير مهتم بالفضيلة على الإطلاق. كل من لا يحمل السلاح ويقاتل يبحث عما يبقيه حياً، وتصبح الفضيلة لديه أن يبقى على قيد الحياة.
كان غسان كنفاني في قصته القصيرة «الصغير يذهب إلى المخيم» أتى على الفضيلة في زمن الاشتباك:
«نتشاجر عصام وأنا من جهة مع بقية الأطفال أو أصحاب الدكاكين أو السائقين أو رجال الشرطة أحياناً، ثم أتشاجر مع عصام فيما تبقى من الوقت.
كان ذلك زمن الاشتباك. أقول هذا لأنك لا تعرف: إن العالم وقتئذ يقف على رأسه، لا أحد يطالبه بالفضيلة.. سيبدو مضحكاً من يفعل.. أن تعيش كيفما كان وبأي وسيلة هو انتصار مرموق للفضيلة. حسناً. حين يموت المرء تموت الفضيلة أيضاً». إن الفضيلة الأولى أن تحتفظ بنفسك حياً.
وأغلب أهل قطاع غزة، باستثناء المقاتلين، يعيشون زمن الاشتباك.. الاشتباك مع الحياة، ولعل ما يفسر هذا هو ما نقرؤه في هذه الأيام عن الاستغلال والسرقات والفوضى وارتفاع الأسعار واحتكار السلع، وهذه المزاحمات في الطوابير أمام التكايا وهذا ما نقرؤه في رواية أبو سيف على لسان الشابة التي تركت، مع ولديها، زوجها في الشمال، بناء على طلبه ليرعى والديه:
«قلت للست حليمة، أنت لا تخرجين للشارع فترينَ كيف تأكل الناس بعضها بعضاً، وكيف ينهشون أجساد بعضهم بعضاً. استغلال وجشع وسرقة وبلطجة. الحياة قاسية. الناس لا تعرف كيف تعيش ولا كيف تتدبر أمورها. كل شيء صار مباحاً. ما نفع الأخلاق والقيم حين لا تساعدنا على الحياة. لا تقولي لي إن الأساس أن نموت من أجل أخلاقنا وقيمنا. الأساس أن كل شيء وجد من أجل أن نعيش ونحيا، لا من أجل أن نموت في سبيل الموت».
وثمة سطر في الرواية يتكرر هو أن الحياة في زمن الحرب تختلف.
هل ثمة وجود للأخلاق والفضيلة في زمن الحرب؟ انه سؤال أثاره كنفاني قبل ستين عاماً ويثيره أبو سيف بعد ستين عاماً على إثارته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحديد رباعي السوبر السعودي 2025
تحديد رباعي السوبر السعودي 2025

الرياض

timeمنذ 40 دقائق

  • الرياض

تحديد رباعي السوبر السعودي 2025

خسر الأهلي 1 / 3 أمام ضيفه الاتفاق في المباراة التي جرت بينهما الخميس في ختام المرحلة الـ33 لبطولة الدوري السعودي لكرة القدم (دوري روشن). وفرط الأهلي في فرصة الإبقاء على آماله في حجز مقعد ببطولة كأس السوبر السعودي 2025 التي ستقام خلال الفترة من 19 إلى 23 أغسطس/آب المقبل في مستهل الموسم القادم 2025 / 2026. وتجمد رصيد الأهلي عند 64 نقطة في المركز الخامس بفارق 3 نقاط عن النصر، صاحب المركز الرابع، الذي ضمن رسميا المشاركة في كأس السوبر السعودي 2025، وذلك نظرا لتفوق النصر أمام الأهلي في المواجهات المباشرة. وتحدد بذلك الرباعي المتنافس في كأس السوبر السعودي 2025 وهي أندية الاتحاد، الهلال، القادسية والنصر، فيما ستتحدد قرعة قبل نهائي البطولة في ضوء نتيجة نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين الذي سيجمع الاتحاد مع القادسية يوم 30 مايو/أيار الجاري.

مصر.. بيان "طمأنة" بعد 15 هزة أعقبت زلزال السادسة صباحا
مصر.. بيان "طمأنة" بعد 15 هزة أعقبت زلزال السادسة صباحا

روسيا اليوم

timeمنذ 40 دقائق

  • روسيا اليوم

مصر.. بيان "طمأنة" بعد 15 هزة أعقبت زلزال السادسة صباحا

وقال الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد، إنه تم تسجيل أكثر من 15 تابعا لزلزال كريت بعد عدة ساعات من وقوعه صباح اليوم، وكانت قوة الزلزال الذي وقع في السادسة صباحا 6.24 ريختر، وشعر به مصريون في محافظات شمال البلاد، بينهما العاصمة القاهرة. وطمأن رئيس الشبكة القومية للزلازل، المواطنين بأن التوابع التي تم تسجيلها كانت قوتها أقل من 3.5 درجة ريختر ولم يشعر بهم أحد. وسجلت محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل في مصر، يوم الخميس 2025/05/22 هزة أرضية في جزيرة كريت على بعد 499 كيلومتر شمال مرسى مطروح، وهي الثانية خلال أسبوع. وضرب زلزال بقوة 6.4 درجة ريختر البحر المتوسط يوم الأربعاء الماضي، وتسبب في هزة قوية بمحافظات شمالي مصر، لكنه لم يترك أية آثار سلبية. وذكر المعهد في بيان، الخميس، أن عملية التنبؤ بالزلازل، ما تزال تحديا كبيرا رغم التقدم العلمي، بسبب تعقيد العمليات الجيولوجية التي تؤدي إلى حدوث الزلازل. وأوضح أن هناك عدة طرق تستخدم في محاولة التنبؤ بالزلازل، تشمل دراسة النشاط الزلزالي السابق وتحليل تاريخ الزلازل في منطقة معينة لمعرفة التواتر والأنماط، بالإضافة إلى رصد النشاط الزلزالي الحالي واستخدام محطات رصد الزلازل لتحديد الهزات الصغيرة التي قد تكون مؤشرا على زيادة النشاط. وأضافت أنه يجري كذلك دراسة التكتونيات لفهم حركة الصفائح التكتونية والضغوط التي تؤدي إلى حدوث الزلازل، بجانب تحليل البيانات الجيوفيزيائية باستخدام تقنيات مثل المسح الجيوفيزيائي لتحديد التغييرات في بنية القشرة الأرضية. وأشار كذلك إلى استخدام نماذج رياضية لتحديد السلوك المتوقع للنظام الزلزالي، لكن على الرغم من هذه الجهود، لا يزال التنبؤ بالزلازل غير دقيق، وغالبا ما تكون التنبؤات غير محددة أو غير دقيقة؛ لذلك يركز العلماء على تطوير استراتيجيات للحد من مخاطر الزلازل مثل تصميم المباني المقاومة للزلازل وتطوير خطط الطوارئ. المصدر: RT ردت دار الإفتاء المصرية على ما يقال حول أن "الزلازل التي تقع في بعض البلاد تعد انتقاما وعقابا من الله لأهلها". شهدت الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس 22 مايو 2025 تسجيل هزة أرضية شعر بها سكان عدد من المناطق الساحلية المصرية. طمأنت محافظة القاهرة المصريين وأكدت عدم وجود أي تداعيات للهزة الأرضية التي شعر بها سكان القاهرة والإسكندرية والجيزة والمنوفية والقليوبية صباح اليوم الخميس. تحدث عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة عن الزلزال الذي شهدته مصر بمحافظتي القاهرة والجيزة فجر اليوم الأربعاء. أصدر المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، بيانين حول الزلزال الذي ضرب اليونان وكريت، وكانت قوته تبلغ نحو 6.3 درجات على مقياس ريختر. أفادت مصادر لـ RT فجر اليوم الأربعاء، بأن هزة أرضية شعر بها سكان فلسطين ومصر وإسرائيل بشكل واضح، إثر زلزال ضرب اليونان وكريت بقوة 6.3 درجات على مقياس ريختر.. ضرب زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر مرسى مطروح شمالي مصر مساء اليوم الجمعة.

72 شهيدا بغزة وحماس تحذر من إقامة معسكرات اعتقال
72 شهيدا بغزة وحماس تحذر من إقامة معسكرات اعتقال

الجزيرة

timeمنذ 40 دقائق

  • الجزيرة

72 شهيدا بغزة وحماس تحذر من إقامة معسكرات اعتقال

استشهد عشرات الفلسطينيين الخميس في غارات إسرائيلية على عدة مناطق في غزة ، بينما حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أن تستغل إسرائيل المساعدات لإقامة معسكرات اعتقال في جنوب القطاع. وقالت مصادر طبية للجزيرة إن 72 فلسطينيا استشهدوا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الخميس. وفي أحدث التطورات، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 6 أشخاص وإصابة عشرات آخرين في غارة إسرائيلية استهدفت منازل في جباليا البلد شمالي القطاع. كما استشهد 5 وأصيب آخرون في غارة على منزل ب مخيم المغازي وسط قطاع غزة. وفي وسط القطاع أيضا، قصفت طائرات الاحتلال منزلا جنوب دير البلح مما أسفر عن 3 شهداء ومصابين. وفي جنوب القطاع، استهدف قصف إسرائيلي خيمة نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس مما أسفر عن شهيد و30 جريحا. وكان مراسل الجزيرة أفاد في وقت سابق باستشهاد 25 فلسطينيا جراء غارات على مدينة غزة، وبث ناشطون صورا تظهر قصفا عنيفا على الأحياء الشرقية للمدينة ومنها حي الشجاعية. وأكدت الأمم المتحدة أن القصف الإسرائيلي أودى بأرواح أكثر من 600 فلسطيني خلال 5 أيام. وكانت إسرائيل استأنفت العدوان على غزة في 18 مارس/آذار الماضي بعد أن انقلبت على اتفاق وقف إطلاق النار، ومن ذلك الوقت استشهد 3600 فلسطيني وأصيب 10 آلاف آخرون، وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع. نزوح من الشمال ووسط الغارات الكثيفة، يواصل العديد من سكان شمالي قطاع غزة النزوح باتجاه مدينة غزة جنوبا إثر تهديدات إسرائيلية بقصف تلك المناطق. وأظهرت صور نزوح عائلات بأكملها من شمالي القطاع بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء 13 منطقة سكنية في جباليا وبيت لاهيا. وتوعد جيش الاحتلال بشن هجمات عنيفة على تلك المناطق السكنية بذريعة إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ منها باتجاه مستوطنات غلاف غزة. وأعلنت الأمم المتحدة الخميس تهجير 160 ألف شخص مرة أخرى في غزة خلال الأسبوع الماضي فقط. معسكرات اعتقال من جهة أخرى، حذرت حماس من مخطط إسرائيلي لإقامة معسكرات اعتقال جنوبي قطاع غزة تحت غطاء المساعدات. وقالت الحركة في بيان عبر تطبيق تليغرام إن خطة "مساعدات الغيتو" محاولة لتجميل جريمة الإبادة ولن تعفي الاحتلال من المسؤولية، وشددت على أن هذا المخطط لن يكتب له النجاح. وقالت حماس إن الاحتلال يواصل هندسة التجويع في غزة، وأضافت أن المساعدات الحالية لا تمثل سوى قطرة في محيط الاحتياجات الإنسانية. وتابعت أن ما يدخل غزة من مساعدات لا يتجاوز عُشر الاحتياجات الفعلية، مؤكدة أن المجاعة تتسع يوما بعد يوم. وطالبت الحركة بممر إنساني دائم وكسر كامل للحصار ورفض الابتزاز الإنساني. وقد تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الخميس عن إقامة "مناطق آمنة" يتم توزيع الطعام فيها على المدنيين جنوبي القطاع. وسمح الاحتلال بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدات إلى غزة، في حين تؤكد الأمم المتحدة أن سكان القطاع المحاصر يحتاجون إلى 600 شاحنة يوميا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store