
النص الكامل لكلمة ولد الرشيد أمام منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج
ألقى محمد ولد الرشيد رئيس
مراكش- جريدة le12.ma
فيما يلي النص الكامل لمداخلة محمد ولد الرشيد
رئيس مجلس المستشارين، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج
السيدات والسادة الرئيسات والرؤساء المحترمون؛
السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
السيدات والسادة البرلمانيون المحترمون؛
السادة أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بالمملكة المغربية المحترمون؛
الحضور الكريم.
في مستهل هذا اللقاء الهام، وبإسم مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، يسعدني أن أرحب بكم جميعا ترحيبا يليق بمقامكم، بمدينة مراكش الحمراء، الحاضرة العريقة التي تجسد قيم الحوار والتعايش وتلاقح الحضارات، أرحب بكم في أشغال منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورو-متوسطية والخليج، المنعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وهو المنتدى الذي يشكل محطة دالة على نجاح إرادتنا المشتركة في إرساء فضاء برلماني للحوار البناء والتعاون الاقتصادي، يُسهم في تعزيز الاندماج الإقليمي، ويدعم بناء نماذج متقدمة للتنمية المشتركة، والنمو الاقتصادي الدامج والمفتوح والعادل، لفائدة شعوب المنطقتين.
ومما لا شك فيه، أن هذا المنتدى ينعقد في سياق إقليمي ودولي تطبعه تداعيات اقتصادية متواصلة ناجمة عن تأثير النزاعات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب تصاعد حالة اللايقين الاقتصادي الناتجة عن التحولات الهيكلية التي تشهدها منظومة التجارة العالمية. كما يُفاقم هذا الوضع غياب توافق دولي حول نموذج تجاري عادل وفعال، قادر على تسريع وتيرة النمو، وتحقيق الإنصاف في التبادل التجاري بين الدول، وتعزيز آليات التعاون والتكامل ضمن سلاسل الإمداد والقيمة.
كما أن العالم يشهد اليوم جملة من التحولات العميقة المرتبطة بالتغيرات المناخية وأهمية ملاءمة المنظومات الاقتصادية للحد منها، إلى جانب تحولات أخرى تهم بالأساس نماذج النمو الوطنية ودخول الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق(Deeplearning) وتكنولوجيات التمويل(FinTech) كعاملين أساسيين في الابتكار والإنتاج والتمويل، وكذلك استمرار تشكيل سلاسل القيمة(Value Chain) الجديدة ذات الطابع الإقليمي والجهوي، وتَغَيُّرَات هيكلية على مستوى مسارات الإمدادالعالمية.
وإننا نرى في كل ذلك فرصة تاريخية، تتيح لنا المساهمة في بلورة معالم 'نظام اقتصادي عالمي جديد'، من خلال إرساء نمط جديد من التعاون القائم على تحرير الطاقات المشتركة، وخلق فرص عادلة للجميع، وبناء نموذج إقليمي متقدم للتحول الاقتصادي العادل والمنصف.
ونحن على يقين بأن ما يزخر به منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورو-متوسطية والخليج من تجارب اقتصادية وسياسية، وخبرات علمية غنية لدى المشاركين، سيمكننا من صياغة حلول مبتكرة، واقتراح توصيات عملية تسهم في دفع الدينامية التنموية في المنطقتين الخليجية والأورومتوسطية.
هاتان المنطقتان اللتان تمثلان معا قلبا نابضا للتجارة واللوجستيك العالمي، وتشكلان ركيزة استراتيجية وجيوسياسية مرجعية على مستوى المجتمع الدولي.
حضرات السيدات والسادة، لطالما كان البحر الأبيض المتوسط أكثر من مجرد مجال جغرافي يربط بين ضفاف ثلاث قارات.. إنه تاريخ عميق من التبادل والتفاعل، فشكل تارة جسرا للحضارات، ومثل في أخرى حاجزا بين ضفافه الثلاث، وخاصة بين الشمال والجنوب.
واليوم، يجمعنا طموح واحد هو تعزيز شراكة استراتيجية بأفق أوسع وأكثر توازنا في المصالح والرؤى تجمع بين الأبعاد الأمنية والرهانات التنموية، وتحقق الاندماج الاقتصادي ونقل التكنولوجيا وتحقيق العدالة المناخية والاجتماعية، وهو ما يستدعي منا أن نحوله إلى جسر بين ثلاث استراتيجيات': تسريع التنمية، تثبيت الاستقرار، وتعزيز التحول الاستراتيجي.
وإذا كان من المَجَازْ أن نعتبره 'متوسطا'، فإنه اليوم يقف في قلب التحديات التي تواجه ضفافه في جنوبه كما في شماله أو شرقه، بل هي تحديات مترابطة، تتطلب استجابات متقاطعة ومتكافئة. فالتنمية، والاستقرار، والتحول الاستراتيجي ليست مسؤولية طرف دون آخر، بل هي مشاريع جماعية تتطلب:الشراكة، والابتكار، والعدالة في تقاسم المسؤولية والفرص.
إن المتوسط الذي نطمح إليه اليوم، هو مجال للتنمية المشتركة، ومنصة لحوار استراتيجي شامل.
حضرات السيدات والسادة
إن المملكة المغربية، باعتبارها فاعلا أساسيا في الفضاءين الأورومتوسطي والخليجي، وجسرا يربطهما بالفضاء الاقتصادي الأطلسي، تؤمن بشكل راسخ بأهمية التنمية المشتركة والتآزر الإقليمي والقاري.
ومن هذا المنطلق، تواصل المملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، العمل الدؤوب من أجل الإسهام الفاعل في جهود التحول التنموي متعدد الأبعاد، من خلال إطلاق مبادرات إقليمية تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة وتعزيز أسس الأمن الطاقي والغذائي في المنطقة.
وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بالأهمية الاستراتيجية للمبادرة الملكية الأطلسية، والرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
هذا وستضع المملكة المغربية، في إطار هذه المبادرة الرائدة، بنيتها التحتية المتطورة، من طرق ووسائل نقل سككي، إلى موانئ حديثة، رهن إشارة الدول الشقيقة في منطقة الساحل، بما يتيح لها الاندماج الفعلي في المنظومة التجارية العالمية. كما تهدف هذه المبادرة إلى دعم قدرات هذه الدول على تنويع اقتصاداتها، وتعزيز القيمة المضافة المحلية، بما يسهم في تحقيق الازدهار وتحسين ظروف العيش لأكثر من 95 مليون نسمة.
ومن شأن هذا الربط اللوجستي غير المسبوق، إقليميا ودوليا، الذي يصل دول الساحل بميناء الداخلة الأطلسي جنوبالمملكة المغربية، أن يشكل محورا استراتيجيا يربط هذه الدول بالفضاء الاقتصادي الأطلسي، ويمتد عبر الشبكة المينائيةالمتكاملة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي.
ويمثل هذا المشروع الطموح فرصة تجارية غير مسبوقة، لما يوفره من ربط اقتصادي فعال بين العمق الإفريقي والفضاء الأورومتوسطي والخليجي، ومن فرص لتعزيز الاندماج الإقليمي ويدعم تنمية سلاسل القيمة والتبادل التجاري بين هذه الأقاليم الحيوية.
كما تواصل المملكة المغربية، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وبتعاون وثيق مع الأشقاء في جمهورية نيجيريا الاتحادية، تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يروم تثمين المقدرات الطاقية للقارة، وتيسير ولوج دول غرب إفريقيا إلى مصادر الطاقة الضرورية لتحفيز مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما يمثل هذا الأنبوب، بما يحمله من إمكانيات متعددة في نقل الغاز الطبيعي، ولاحقا الهيدروجين الأخضر، رافعة أساسية لضمان السيادة الطاقية على مستوى الفضاء الأورومتوسطي. ومن المنتظر أن يشكل، عند اكتماله، أطول منصة لوجستية طاقية في العالم، بما يعزز مكانة إفريقيا كمزود طاقي استراتيجي على الصعيد العالمي.
حضرات السيدات والسادة
إن تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين المنطقتين الخليجية والأورو-توسطية لن يتحقق إلا عبر بناء مسارات إنتاج مشتركة، تُعزز من السيادة الصناعية لدولنا، خاصة في المجالات الاستراتيجية كصناعة الرقائق الإلكترونية، والصناعات الفضائية، وأنظمة الأمن السيبراني والحوسبة السحابية وتخزين البيانات الكبرى، والصناعات المرتبطة بالطاقات الجديدة، وسبل تخزينها ونقلها.
كما يظل الاستثمار في الرأسمال البشري، وتحسين آليات التمويل المشترك، ركيزتين أساسيتين في هذا المسار، وذلك من خلال الربط بين أسواق رؤوس الأموال الوطنية، وإنشاء بنوك وصناديق استثمار إقليمية تدعم هذه الرؤية، بجانب تعزيز التعاون بين المؤسسات الجامعية ومختبرات البحث العلمي وتطوير آليات مبتكرة لتبادل الممارسات الفضلى والتعاون الأكاديمي.
وإننا، كبرلمانات تمثل صوت شعوب المنطقة، مدعوون للاضطلاع بدور محوري في الترافع من أجل تحقيق هذه الأهداف، والمساهمة في وضع التشريعات الملائمة التي من شأنها تسهيل مسارات التكامل والاندماج والتعاون المشترك.
وفي هذا الإطار، يجدر التنبيه إلى أن أحد أبرز التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم يتمثل في إرساء حكامة فعالة للذكاء الاصطناعي، لما لهذا الموضوع من أثر بالغ على مستقبل الأجيال القادمة.
ويقتضي كسب هذا التحدي اعتماد مقاربة جماعية قائمة على التعلم المتبادل، من خلال تبادل الخبرات وأفضل الممارسات المتوفرة في مختلف الأنظمة القانونية والتشريعية عبر العالم.
ونحن، كبرلمانات في منطقتينا الأورومتوسطية والخليجية، معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالانخراط في هذا الورش العالمي، من خلال المساهمة في إرساء أطر تشريعية وأخلاقية تضمن الاستخدام الآمن والعادل والمسؤول للذكاء الاصطناعي، بما يخدم التنمية المستدامة ويصون كرامة الإنسان.
حضرات السيدات والسادة
إن التنمية تمثل الركيزة الأساسية لإرساء السلم والأمن والاستقرار، وتشكل البديل العملي والواقعي الذي يملأ الفراغ الذي قد تستغله المنظمات الإرهابية والانفصالية والإجرامية.
ومن هذا المنطلق، فإن نقاشاتنا الاقتصادية في منتدى مراكش لا تكتسي فقط بعدا تنمويا، بل تشكل مدخلا جوهريا لبناء نموذج إقليمي للسلم والاستقرار، يضمن لشعوب المنطقتين سبل العيش الكريم، ويوفر فرص الاندماج والمشاركة الفاعلة في مسارات التنمية الشاملة.
وإننا لَنؤمن، إيمانا راسخا، بأن البناء على المشترك الحضاري العميق الذي ظل يوحد شعوبنا عبر القرون، هو السبيل الأمثل لترسيخ أسس التعاون المستقبلي المنشود، وأنه من خلال استحضار الإرث العلمي والثقافي العريق الذي تزخر به الحواضر التاريخية في المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية، نستطيع أن نُعيد مد جسور التفاعل الثقافي والمعرفي، وأن نجعل منها رافعة قوية لتنمية مشتركة، وتفاهم إقليمي يرتكز على القيم الإنسانية والحضارية والروابط التاريخية التي تجمعنا.
مرةً أخرى، نجدد الترحيب بكم، آملين أن تسهم نقاشات هذا المنتدى في رسم معالم تعاون أرحب، وتنمية أعمق، ومستقبل واعد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عبّر
منذ 42 دقائق
- عبّر
أزيد من مليار درهم لإنجاز مشاريع بالناظور
عرف إقليم الناظور جاء ذلك خلال لقاء تواصلي واحتفالي نظمته عمالة إقليم الناظور، الخميس، بمناسبة الذكرى الـ20 لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تحت شعار '20 سنة في خدمة التنمية البشرية'. وشكل هذا اللقاء، الذي ترأسه عامل الإقليم، جمال الشعراني، وحضره رؤساء اللجان المحلية للتنمية البشرية، ومنتخبين، ورؤساء مصالح خارجية، وممثلي النسيج الجمعوي، وشخصيات مدنية وعسكرية، مناسبة لتسليط الضوء على الحصيلة الإجمالية لهذا الورش الملكي الطموح، الذي انطلق سنة 2005، على مستوى الإقليم. وأكد عامل الإقليم، في كلمة بالمناسبة، على أهمية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باعتبارها ورشا ملكيا مهيكلا أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005، مبرزا أنها شكلت نقطة تحول مفصلية في مسار التنمية الاجتماعية والبشرية بالمملكة، ومجالا لتقاطع السياسات العمومية وتكامل تدخلات مختلف الفاعلين الترابيين. وسجل الشعراني، في السياق ذاته، أن المبادرة تطورت على امتداد ثلاث مراحل، حيث همت المرحلتان الأولى والثانية سد العجز الاجتماعي وتحسين المؤشرات السوسيو-اقتصادية، فيما دشنت المرحلة الثالثة (2019–2025) تحولا نوعيا من خلال تركيزها على تنمية الرأسمال البشري، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية، عبر اعتماد مقاربة قائمة على الابتكار والاستدامة. وعلى مستوى إقليم الناظور، أبرز المسؤول الترابي أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ساهمت، على مدى 20 سنة، في إنجاز 1187 مشروعا، بغلاف مالي يقدر بـ659 مليون درهم، مشيرا إلى أن هذه المشاريع شملت مختلف المجالات ذات الأولوية لتحسين ظروف عيش المواطنين، وتثمين البنيات الأساسية، ودعم التمدرس، ومكافحة الإقصاء والهشاشة. وأشار عامل الإقليم إلى أن هذه النتائج الإيجابية ما كانت لتتحقق لولا الانخراط الجماعي لكافة المتدخلين من سلطات ومنتخبين وقطاعات حكومية ومجتمع مدني، داعيا إلى مضاعفة الجهود والتشبث بنفس الروح من أجل مواصلة إنجاح رهانات المرحلة الثالثة، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية. وشهد اللقاء تقديم عرض مفصل لرئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم الناظور، محمد ورياشي، استعرض خلاله حصيلة المشاريع المنجزة في إطار هذا الورش الملكي، مبرزا أن المرحلة الأولى (2005–2010) عرفت إنجاز 156 مشروعا بكلفة مالية إجمالية بلغت 209 ملايين درهم، ساهمت فيها المبادرة بـ 95 مليون درهم. وأشار ورياشي إلى أن المرحلة الثانية (2010–2018) شهدت إنجاز 474 مشروعا بغلاف مالي إجمالي قدره 395 مليون درهم، ساهمت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بما قدره 256 مليون درهم. وأضاف أن المرحلة الثالثة (2019–2025) بدورها عرفت إنجاز 557 مشروعا، بغلاف مالي ناهز 421 مليون درهم، ساهمت فيه المبادرة بغلاف مالي يقدر بـ 308 ملايين درهم. وتميز هذا اللقاء بعرض شريط سمعي بصري يوثق لمجموعة من المشاريع النموذجية المنجزة في إطار المبادرة الوطنية بالإقليم، وتقديم شهادات حية لحاملي مشاريع ومستفيدين من دعم المبادرة، سلطوا خلالها الضوء على قصص نجاحهم في مجالات الاقتصاد الاجتماعي، والرعاية الاجتماعية، وريادة الأعمال، والتكوين المهني، والتربية غير النظامية. كما تم بالمناسبة ذاتها، توقيع اتفاقيات شراكة بين اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية وشركاء مؤسساتيين، تهم أساسا دعم قطاعي الصحة والتعليم. وعلى هامش هذا اللقاء، أشرف عامل الإقليم على تسليم سيارة إسعاف مجهزة لفائدة المندوبية الإقليمية للصحة والحماية الاجتماعية بالناظور، في إطار برنامج دعم صحة الأم والطفل، إلى جانب تنظيم زيارات ميدانية لعدد من المشاريع الاجتماعية المنجزة بكل من بني انصار والعروي، للاطلاع عن كثب على الخدمات المقدمة للمواطنين.


مراكش الآن
منذ 2 ساعات
- مراكش الآن
الوزير رياض مزور يشارك بفعاليات المؤتمر الوطني لمركز القادة الشباب
شارك رياض مزور وزير التجارة والصناعة، اليوم الجمعة، بالرباط في فعاليات الدورة الحادية عشرة للمؤتمر الوطني لمركز القادة الشباب (CJD)، المنعقد تحت شعار: 'مقاومة الهشاشة من أجل اقتصاد مغربي مؤثر'، والمنظَّم بدعم من المركز الجهوي للاستثمار بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، وبحضور مجموعة من الشخصيات من القطاعين العام والخاص، إلى جانب عدد من الخبراء. وقدم الوزير بهذه المناسبة عرضًا حول موضوع: 'الرؤية الاستراتيجية للمملكة المغربية من أجل اقتصاد مقاوم للهشاشة'، حيث استعرضتُ المسار الملهم الذي قطعه المغرب ليصبح اقتصادًا قويًا يضاهي كبرى اقتصادات العالم، مبرزًا أهم المحطات الكبرى التي شكلت نقاطًا مرجعية في هذا التحول، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله. وأوضح رياض مزور أن المغرب عمل على فتح السوق أمام الاستثمارات، وتوسيع نطاق الوصول إلى أسواق جديدة وأبعد، وهو ما تطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية اللوجيستيكية، من خلال إنشاء الموانئ والمطارات وتطوير شبكة الطرق والسكك الحديدية. وقد مكّننا هذا التوجه من جذب المزيد من المستثمرين، وخلق فرص شغل جديدة، وتنويع مصادر الثروة المستدامة. كما أبرز الوزير أنه، وبفضل قدرتنا اليوم على جذب هذا الكم من الاستثمارات وخلق ثروات مستدامة، أصبح بإمكاننا الاستثمار في العديد من القطاعات الاجتماعية، وعلى رأسها التغطية الصحية الإجبارية والدعم المباشر، إلى جانب عدد من المبادرات والإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مستوى عيش المواطن. وأكدتُ أن هذه الإنجازات تحققت في سياق يشهد فيه المغرب سلسلة من التحديات، وهو ما يشكل دليلاً واضحًا على قدرة بلدنا على مقاومة الهشاشة، ومواجهة الأزمات، والخروج منها أكثر قوة وتماسكًا.


بلبريس
منذ 3 ساعات
- بلبريس
إلغاء الأضاحي: قرار ملكي في انتظار تأطير قانوني.
يُعد القرار الملكي القاضي بإلغاء ذبح أضاحي العيد، إجراءً استثنائيًا ذا أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية، وقد قوبل عمومًا بقبول واسع من طرف المواطنين الذين اعتادوا الامتثال لتوجيهات ملكهم – حفظه الله – باعتباره رمز الدولة ومرجعية الأمة، وتجسيدًا لعلاقة الثقة والولاء التي تميّز المجتمع المغربي بمؤسساته العليا. غير أن هذا القرار، رغم طابعه الرمزي القوي، يطرح إشكالًا قانونيًا على مستوى التنزيل والتفعيل، نظرًا لغياب إطار تشريعي يُحدّد معالمه بدقة، أو يُبيّن ما إذا كانت مخالفته تُعد جريمة تستوجب العقاب. ولا يمكن، في هذا السياق، إغفال المكانة الدستورية والروحية التي يتبوّؤها الملك – نصره الله – بصفته أميرَ المؤمنين، الضامن لحرية المعتقد وحامي الملة والدين، وهي الصفة التي تُضفي على قراراته ذات الطابع الديني وزنًا خاصًا، يجعل من الالتزام بها جزءًا من استمرارية البيعة الشرعية التي تربط العرش بالشعب. وتبرز، في هذا السياق أيضًا، مسألة الفراغ التشريعي بوصفها نقطة توتر في العلاقة بين التوجيهات العليا والممارسة الميدانية، لا سيما في ظل قاعدة قانونية أساسية مفادها: 'لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.' فبدون سند قانوني صريح، قد يظهر تفاوت في السلوك المجتمعي، حيث يعمد بعض الأفراد إلى ذبح الأضحية باعتبار عدم وجود مانع قانوني يمنعهم، بينما يمتنع آخرون التزامًا بالتوجيه الملكي، ما قد يُنتج حالة من الانقسام الرمزي في مناسبة دينية تقوم، بالأساس، على مظاهر الوحدة والتكافل. هنا تبرز مسؤولية الحكومة، التي تتجلّى في التفاعل مع القرارات الملكية السامية، من خلال توضيح القرار وتقديم الصيغة القانونية الملائمة لتنزيله، بما يُجنّب البلاد فوضى في التطبيق أو تباينًا في المواقف والسلوكيات. ذلك أن وحدة الممارسة الدينية لا تُصان بالتوجيه فقط، بل بتشريع واضح، يضمن المساواة في الالتزام ووضوح المسؤوليات. لذلك، فإن الحاجة إلى تأطير قانوني يُواكب القرارات ذات الطابع التوجيهي العام، تُعد مسألة مطروحة للنقاش العلمي، دون أن ينال ذلك من القرار ذاته، أو من رمزيته داخل البناء المؤسساتي. إن التأمل في هذا السياق لا ينبغي أن يُفهَم منه دعوة إلى التشكيك في القرارات العليا، بل مدخل لتحليل العلاقة بين المشروعية الرمزية والمشروعية القانونية، في أفقٍ تكاملٍ، يحفظ وحدة المجتمع المغربي، ويصون فعالية القرار العام.