ثنائية التجويع والتركيع
هذا ليس جديدا، تم ذبح شعوب عربية وإسلامية وبقي العالم العربي والإسلامي يتفرج ولم يفعل شيئا، في فلسطين وسورية والعراق ولبنان واليمن والسودان وليبيا وافغانستان والبوسنة وإيران والصومال وأسماء الدول لا نهاية لها، دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو المذهب.
هذا يعني أن المتفرجين هم ذاتهم، وليس غريبا أن يواصلوا التفرج، وبعضهم قد يأتيه الدور لكنه يقول لعل وعسى أن لا يأتي دوري.
تشن إسرائيل حرب التجويع، بهدف التركيع، وكأن الهدف متاح أصلا بهذه البساطة، من أجل إيصال أهل غزة إلى مرحلة سيصعدون فيها على متن أي سفينة تقترب من شواطئ القطاع، فهم بشر نهاية المطاف، يبكون ويتألمون، ويخشون على انفسهم وأهاليهم، ولم يبق لهم في القطاع سوى الذكريات هذا إذا عرفوا موقعها أصلا تحت الهدم والردم في أي بيت أو حي أو مطعم أو مدرسة أو جامعة أو مستشفى، لكننا عملقناهم بفعل العاطفة وقلنا انهم سيحتملون ويصبرون وانهم ليسوا من طينتنا بل أصلب كثيرا، عملقناهم وفي الوقت ذاته ذهبنا لنغفو قيلولة كل يوم، وتركناهم فرادى.
لقد قلت ذات مرة وما زلت مصرا على انه مع أول وتد لخيمة لاجئ فلسطيني تم دقها في الأرض عام 1948، كان ذلك الوتد في ظهر أمة كاملة سيأتي دورها والذي تعامى وتشاغل عن المشهد ظنا منه أن هذا سيحميه وأن الأزمة هي أزمة الفلسطيني وحيدا، لم يكن يدرك أن الدور سيأتيه لاحقا، بشكل متدرج بعد أن يتمكن مشروع الاحتلال، وهذا ما رأيناه حقا في دول عربية عديدة يتم تدميرها كل يوم كرمى لعيون الاحتلال.
ما نشهده في غزة ليس استشهاد عشرات الآلاف فقط، والموت جوعا بين أبناء أمة هي الأثرى والأغنى في الإقليم والعالم، لكننا نشهد حالة إفناء لشعب كامل، توطئة لإفناء البقية، وتمهيدا للوصول إلى بقية الجغرافية الإسرائيلية الخاضعة للتخطيط والتنفيذ حاليا، وهذا يعني أن الدفاع عن الغزيين لا يعبر عن حالة دفاع عنهم فرادى، بقدر تعبيره عن وقوف في وجه مشروع إسرائيلي ممتد في كل المنطقة، لا يمكن مواجهته بالدعاء ولا الدموع ولا كثرة تكرار "حسبنا الله ونعم الوكيل" على أهميتها والتي تقال كل يوم مليون مرة، وهي بحاجة إلى فعل يتزامن معها، لا مجرد الركون.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه التفاوض حول غزة، تستمر العمليات الإسرائيلية، يهدمون البيوت ويقتلون البشر، حتى كأنك تشعر أن مجرد إطالة وقت التفاوض، وتأجيله، وفتح مواضيع جديدة، وإثارة خلافات ثم حلها ثم إثارة خلافات جديدة، يوفر فرصة لإسرائيل لمواصلة إجرامها ضد الغزيين، وهذا يفتح السؤال اليوم حول استغلال إسرائيل البشع للمفاوضات من اجل شراء الوقت وإكمال مهمة تدمير القطاع.
سنرى قريبا احتمالات كثيرة من احتلال كل قطاع غزة، إلى ضم الضفة الغربية، إلى بدء مخطط التهجير طوعيا أو قسريا، وصولا إلى إنتاج محميات أمنية في كل المنطقة على شكل دويلات انعزالية، في سياق التقسيم، ولحظتها لا تلوموا أحدا فقد انتظر الجميع دورهم وهم يتفرجون.
الغد

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 5 دقائق
- صدى البلد
سبب عدم ذكر البسملة في سورة التوبة.. اعرف الحكمة
تُفتتح سور القرآن الكريم بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم البسملة، إلا أن سورة التوبة يتم استثناؤه من ذلك، فلا تُفتتح بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"، وإنما يُكتفى بالتعوذ فقط، امتثالًا لقوله تعالى: «فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» (النحل: 98)، أما إذا بدأ القارئ تلاوة السورة من منتصفها، فيُكتفى كذلك بالتعوذ، ولا حرج إن بسمل، فالأمر فيه سعة، ولكن لماذا لا نبدأ سورة التوبة بالبسملة. سبب عدم ذكر البسملة في سورة التوبة وفي السياق، قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، في تصريحات سابقة له، إن يستحب البسلمة عند قراءة سور القرآن إلا سورة التوبة، ولذلك لحكمتين: الحكمة الأولى: أن سورة التوبة لم تأتِ قبلها البسملة لأنها سورة ذكر فيها الجهاد وقتال الكفار وذُكر فيها وعيد المنافقين وبيان فضائحهم ومخازيهم، و«بسم الله الرحمن الرحيم"» يؤتى بها للرحمة وهذا الموطن فيه ذكر الجهاد وذكر صفات المنافقين، وهذا ليس من مواطن الرحمة بل هو من مواطن الوعيد والتخويف فلذلك لم تذكر "بسم الله الرحمن الرحيم" في بدايتها. الحكمة الثانية: أن سورة التوبة مكملة لسورة الأنفال فلذلك لم تأت في بدايتها «بسم الله الرحمن الرحيم»، وقال هذان الرأيان العلماء قديمًا. سبب نزول سورة التوبة وتسميتها سورة التوبة يطلق عليها أيضًا اسم سورة البراءة، وهي سورة مدنية نزلت في العام التاسع من الهجرة، كما أنّها من أواخر ما أنزل على النبي عليه السلام من سور إذ نزلت على الرسول عليه السلام أثناء خروجه لقتال الروم، وهي السورة التي كشف بها الله تعالى أحوال المنافقين ومكائدهم، كما أورد فيها الله عزّ وجل ما جرى في غزوة تبوك من وقائع وحوادث. وقد سمّيت سورة التوبة بهذا الاسم بسبب ذكرها قصة الثلاث مسلمين الذين تخلّفوا عن الجهاد في غزوة تبوك وتوبتهم إلى الله تعالى وتقبّله جلّ وعلى هذه التوبة.


صدى البلد
منذ 5 دقائق
- صدى البلد
هتدخل العمليات بكرة.. لميس الحديدي تكشف تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام
كشفت الإعلامية لميس الحديدي عن تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام، وذلك من خلال منشور مؤثر نشرته عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، أشادت فيه بموهبة أنغام وإنسانيتها، كما طلبت من الجمهور الدعاء لها قبل خضوعها لعملية جراحية دقيقة يوم غد. وقالت الحديدي في منشور لها عبر حسابها الشخصي على فيس بوك: "أنغام مش مجرد مطربة عظيمة ذات موهبة فريدة، نفخر بها في مصر وفي كل العالم العربي، هي إنسانة مجتهدة، دؤوبة، حياتها لم تكن سهلة، ونجاحها لم يكن صدفة، بل نتيجة سنوات من العمل الشاق، حتى في عز المرض". وأضافت: "أنغام سيدة مسئولة، ترعى كل من حولها، وتحاول أن تكون مصدر حب واستقرار لأسرتها، تسأل عن أصدقائها في أزماتهم، ولا تتعامل كنجمة، بل كإنسانة حقيقية". وأوضحت الحديدي أن كثيرين يرون فقط "الوجه الجميل، والصوت الحلو، والفستان الراقي"، لكن لا يعرفون أن خلف هذا هناك معاناة وصراع مع الألم والمرض، قائلة: "تغني وهي موجوعة، وتغني وفي يدها كانيولا، وده حصل بالفعل في حفلتها الأخيرة بالمتحف الكبير، رغم أنها كانت متألمة جدًا، لكنها احترمت جمهورها وتعاقداتها، وغنت بكل روعة كعادتها، ثم في اليوم التالي سافرت إلى ألمانيا لإجراء الفحوصات". واختتمت : 'بكرة أنغام هتجري جراحة هامة، دي مش أول أزمة صحية، يمكن تكون أصعبها، لكني متأكدة إنها هتعدي بدعاء الناس اللي بيحبوها. حبيبتي أنغام إن شاء الله تقومي بالسلامة وترجعي لنا في أبهى صورة، لأننا نحبك وبندعيلك'.


الناس نيوز
منذ 5 دقائق
- الناس نيوز
إشارات استفهام وتعجب من توجّه سورية شرقاً؟!
ميديا – الناس نيوز :: العربي الجديد – عدنان عبد الرزاق – من حسن الفطن والبراغماتية ربما، تنويع المخاطر، وتوازن العلاقات، وعدم وضع جميع البيض بسلة واحدة، ولكن ليست كسلة روسيا التي لم تق من راهن ببيضه على سلتها، من الاستبداد والاستهداف وحتى التخلف التقني والصناعي، ولنا تجارب عدة في المنطقة، تبدأ من جمال عبد الناصر، وتمرّ عبر حافظ الأسد، ولا تنتهي عند معمر القذافي وإيران. وعدا النتائج البعيدة، على صعيد التطور والاستقرار لمن راهن على روسيا، وما حلّ برهانه وبلده، نسأل، للدلالة ليس إلا. مَن في منزله منتج روسي كهربائي، أو في منشأته آلات وتكنولوجيا روسية أو يركب سيارة روسية؟ أو حتى يفكر بإرسال أولاده للدراسة في روسيا؟ ومن الإجابة، يمكن البناء على حالة التطور هناك، أو النظرة التي يكوّنها العالم عن روسيا، التي اختصت بتطوير الترسانة العسكرية والتسابق المحموم، النووي والفضائي، معتمدة على اقتصاد ريعي، لم يزل يصنفها بين الأكثر إنتاجاً وتصديراً للنفط والغاز. لكن في المقابل، ولأننا نعيش عصر الاستقواء والبلطجة العسكرية، أليست روسيا اليوم قوة فاعلة عسكرية واقتصادية، صمدت بوجه أوروبا والولايات المتحدة خلال حربها على أوكرانيا الممتدة، منذ فبراير/شباط عام 2022؟ بل وخلقت نزاعات داخل حلف الناتو وتفوقت بحرب لم تزل مستمرة وحافظت على اقتصادها وموقعها العالمي، رغم كل الدعم الأورو-أميركي؟ وسورية اليوم، بأمس الحاجة لقوة كهذه، تقيها من قرار مفاجئ في مجلس الأمن، ومن مخاطر قد تلوح بأي لحظة، بواقع التمادي الإسرائيلي، وبدء تبدل النظرة والتعاطي الغربيين مع حكومة الرئيس أحمد الشرع، بعد أحداث الساحل والسويداء، وملامح انفجارات متوقعة مع قوات سوريا الديمقراطية. ربما تبحث دمشق عن تحييد القوة الروسية التي لم يزل خطرها ماثلاً عبر علاقات بفلول النظام السابق، بل ولها قواعد عسكرية بالساحل السوري، واتفاقات اقتصادية تمتد لخمسين سنة كما مرفأ طرطوس، أسستها بمنطق الإذعان، أو مقايضة الحماية بالجغرافيا والاقتصاد أيام المخلوع بشار الأسد، لتحافظ على وصولها للمياه الدافئة. قصارى القول: شكّلت زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لروسيا أخيراً، صفعة، وأي صفعة، لعموم السوريين، الذين لما ينسوا بعد مدى القتل وحجم الدمار الذي خلفته آلة الحرب الروسية بسورية خلال ثورة الحرية والكرامة، ودور روسيا منذ عام 2015، في بقاء نظام الأسد وتهديم سورية وتأخير حلم السوريين عشر سنوات. وقيّم هؤلاء، بعاطفة وحس عفوي، ما رشح عن اتفاقات أو تفاهمات بطريقها كـ'إعادة النظر في جميع الاتفاقيات الثنائية، وتطلعهما إلى علاقات صحية'، أو ما نُقل عن لقاء الشيباني بالرئيس فلاديمير بوتين، لانطلاق مرحلة جديدة من التفاهم السياسي والعسكري. يسأل جلّ السوريين، وبحسهم العفوي المكتظ بحمولات الفواجع والخراب، عن الفائدة من 'عفا الله عمّا مضى' مع روسيا، وهل سيجري تعويضنا عمّا لحقنا من موت ودمار، أو تعاد الأموال المنهوبة أو حتى تسلم موسكو بشار الأسد ليحاكم على الأرض السورية؟ وأي علاقات ستحكم البلدين مستقبلاً إن قفزنا على الماضي الأليم والأثيم؟ شراكة وندية أم إعادة تاريخ الوصاية؟ وهل تنويع المخاطر واللجوء لعضو دائم في مجلس الأمن، سيكون دعماً من أجل الشراكة، أم حماية تمهيداً للتبعية، وهذه الأسئلة وسواها، تتعاظم بواقع تحفّظ حكومة الرئيس الشرع عن مستقبل العلاقات، والتكتم الذي تبع زيارة الوزير الشيباني. الشارع السوري منقسم عملياً بين مؤيد لعودة العلاقات مع روسيا، نظراً لما يمكن أن تقدمه على صعيد الطاقة من نفط وغاز وحماية وحدة سورية جغرافياً، عبر لجم حلفائها داخل سورية، أو المعارض من السوريين لمد اليد لمن كان سبباً بقتل وتهجير السوريين وتهديم البنى والأحلام، خلال الثورة. لكن بغض النظر عن هذا الانقسام، فلنقيّم الأمر وفق ميزان الأرقام وحسابات المصالح، فربما بذاك يحسم تباين الآراء بالشارع السوري الذي أغضبته زيارة الوفد السوري الأخيرة لموسكو، وإن خفف من الغضب مؤشرات التقسيم التي تقودها إسرائيل، عبر أدوات سورية، والتي يمكن لموسكو أن تؤجلها، إن لم نقل تلغيها. بمعنى آخر، ستخسر سورية، على الأرجح، حسن علاقاتها مع الغرب، أوروبا والولايات المتحدة، إن عادت مراكبها ورست على شواطئ روسيا، بعد أن ألغت أوروبا والولايات المتحدة العقوبات عن سورية، أو جمدتاها، في مرحلة جديدة ووعود بدعم سورية ووحدتها. فحجم التبادل التجاري مع روسيا، التي اتفقنا أن صادراتها لسورية تقتصر، بالغالب، على النفط والغاز والسلاح، لم يتجاوز قبل الثورة، 2.5 مليار دولار عام 2010، حصة روسيا منه نحو 2.1 مليار دولار، بما يعادل 13% من إجمالي الواردات السورية وقتذاك، والتي بلغت 16.9 مليار دولار. في حين لم تصل الصادرات السورية لروسيا عتبة الخمسين مليون دولار، ولا تزيد عن نسبة عن 0.1% من حجم صادراتها في عام 2010، البالغة 13.5 مليار دولار. كما لم تزد الاستثمارات الروسية بسورية، رغم العلاقات القديمة مع نظام الأسدين، الأب والابن، عن 19 مليار دولار، جلّها من الطاقة والسياحة والنقل. في حين أنّ العلاقات السورية مع الاتحاد الأوروبي الموصوف قبل الثورة بالشريك التجاري الأول لسورية بنسبة 22.5% من تجارتها، والمهددة بالتراجع اليوم، جراء التقارب مع روسيا، إن لم نقل قطعها وعودة العقوبات، تصل إلى أكثر من 7.1 مليارات يورو، حصة الصادرات السورية منها نحو 3.5 مليارات يورو. وكذا العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، والتي لا تقاس فقط بميزان أرقام التبادل، بل بما يمكن أن تنعكس، سواء بعودة العقوبات وتعطيل تطلعات سورية لجذب الأموال والاستثمارات، أو بشلل إعادة الإعمار بعد الدعم من الرئيس دونالد ترامب وتغزله بسورية وموقعها ورئيسها. نهاية القول: للساسة حساباتهم بلا شك، التي قد لا تنطلق من الاقتصاد، وإن كان دافعها الرئيس المصالح، بيد أن تبرير توازن العلاقات السورية بين الغرب والشرق، بالاعتماد على روسيا، أو التسلح بالفيتو الروسي، وحماية الداخل من التقلبات الغربية والعربدة الإسرائيلية، قد لا يكون الحل الناضج بوجود الصين في الشرق، على سبيل المثال وسبيل الخيار الأفضل، لأن تجريب المجرّب قد يكون خطأ الحكم الجديد في سورية والذي سيدفع ثمنه غالياً على صعيد الاقتصاد والتطور وحتى الديمقراطية التي ثار لأجلها السوريون ودفعوا فاتورة، لم يدفعها، بالعصر الحديث، سواهم.