logo
اقتصاد المهام خلال 2025.. ملامح التوسع والتحديات بعصر العمل الرقمي

اقتصاد المهام خلال 2025.. ملامح التوسع والتحديات بعصر العمل الرقمي

يبرز مصطلح 'اقتصاد المهام ' (Gig Economy) بين جنبات الثورة الرقمية وتسارع وتيرة الحياة كقوة دافعة تعيد تعريف مفهوم العمل ذاته، وتُشكل ملامح مستقبل سوق العمل العالمية. ففي عام 2025، لم يعد العمل التقليدي النمط السائد، بل أصبح الاعتماد على المهام المؤقتة والعمل الحر ظاهرة عالمية تتسع رقعتها يومًا بعد يوم.
هذا التحول الواضح، المدعوم بالتقدم التكنولوجي غير المسبوق، وتغير الثقافة المهنية التي تتبنى المرونة والاستقلالية. بالإضافة إلى الطلب المتزايد على الخدمات الفورية، يدفع باقتصاد المهام إلى مستويات نمو غير مسبوقة. ما يجعله محور اهتمام العديد من الدراسات والتقارير الاقتصادية والاجتماعية.
اقتصاد المهام
يؤكد تقرير 'ماكينزي' لعام 2025 أن 42% من القوى العاملة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا باتت تعمل ضمن إطار اقتصاد المهام. وهي نسبة تعكس مدى تغلغل هذا النموذج في الاقتصادات المتقدمة.
ولا يقتصر هذا النمو على الغرب فقط، بل يمتد ليشمل أيضًا منطقة الشرق الأوسط؛ حيث سجلت المنطقة نموًا ملحوظًا بنسبة 35% في هذا القطاع الحيوي. هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أننا أمام ظاهرة عالمية تستوجب الفهم العميق. وتحليل الاتجاهات والبيانات الرئيسية التي ترسم مسارها، لكي نتمكن من استيعاب أبعادها وتأثيراتها المتشعبة.
حجم سوق اقتصاد المهام
شهد سوق اقتصاد المهام نموًا متسارعًا فاق حجمه التوقعات لعام 2025، ليسجل أرقامًا ضخمة تؤكد على ديناميكيته المتزايدة. فوفقًا لبيانات 'Statista'، بلغت القيمة الإجمالية لاقتصاد المهام العالمي 1.5 تريليون دولار في عام 2025. وهو ما يعادل زيادة هائلة بنسبة 25% مقارنة بعام 2024. هذا النمو يعكس الثقة المتزايدة في هذا النموذج الاقتصادي، وقدرته على خلق قيمة اقتصادية ضخمة.
ولا تتوقف الأرقام عند الجانب المالي وحسب، بل تتجاوزه إلى القوى البشرية العاملة في هذا القطاع؛ حيث تشير منظمة العمل الدولية (ILO) إلى أن عدد العاملين في اقتصاد المهام قد تجاوز 200 مليون شخص حول العالم. وهو ما يؤكد اتساع القاعدة البشرية التي تعتمد على هذا النوع من العمل كمصدر للدخل.
الشرق الأوسط يسجل طفرة
لم يكن الشرق الأوسط بمنأى عن هذه الثورة الاقتصادية، بل شهد طفرة ملحوظة في مجال المنصات المحلية التي تقدم خدمات اقتصاد المهام. وفي هذا الشأن، يفيد تقرير 'Wamda' لعام 2025 بزيادة قدرها 40% في استخدام منصات إقليمية مثل: 'مستقل' و'حريتي' في أسواق رئيسية مثل: المملكة ومصر. وهو ما يشير إلى تبني متزايد للعمل الحر عبر المنصات المحلية. هذا التوجه يعزز من دور رواد الأعمال المحليين، ويسهم في تنمية الاقتصادات الإقليمية.
كما تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة المشهد الإقليمي في تبني هذا النموذج؛ حيث فاق عدد العاملين المستقلين المسجلين في منصات العمل المؤقت 500 ألف شخص. هذا الرقم يبرز البيئة المواتية التي تقدمها الإمارات للعمل الحر، والتسهيلات التي توفرها لجذب الكفاءات.
المهن الأكثر طلبًا
شهد عام 2025 تحولًا نوعيًا في طبيعة المهن الأكثر طلبًا ضمن اقتصاد المهام؛ حيث باتت المهارات الرقمية تحتل صدارة القائمة بلا منازع. ما يبرز الحاجة الملحة للتأهيل والتدريب في المجالات التكنولوجية الحديثة.
المهارات الرقمية تتصدر المشهد
تشير بيانات 'لينكد إن' لعام 2025 إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتصدر قائمة المهارات الأكثر طلبًا، مع زيادة في الطلب تجاوزت 50%. يأتي بعده تحليل البيانات، الذي شهد ارتفاعًا في الطلب بنسبة 45% وفقًا لشركة 'أبوورك'. وأما التسويق الرقمي، فقد سجل زيادة بنسبة 40% في الطلب، بحسب 'Fiverr'. ما يؤكد أهمية الوجود الرقمي للشركات والأفراد.
كما لا يمكن إغفال التصميم الجرافيكي، الذي شهد زيادة في الطلب بنسبة 35%، طبقًا لـ 'فريلانسرز يونيون'. ما يبرز الحاجة المتزايدة للمحتوى البصري الجذاب في العصر الرقمي. هذه الأرقام تقدم خريطة طريق واضحة للراغبين في دخول هذا السوق. وتشير إلى المجالات الواعدة التي تستحق الاستثمار في تطوير المهارات فيها.
تحول الوظائف التقليدية إلى مهام مؤقتة
من ناحية أخرى، لم يقتصر تأثير اقتصاد المهام على المهن الرقمية فحسب، بل امتد ليشمل الوظائف التقليدية، التي بدأت تتحول بشكل متزايد إلى مهام مؤقتة. وهو ما يتيح مرونة أكبر للعاملين، ويقدم حلولًا مبتكرة للشركات. ففي قطاع النقل، بات 30% من سائقي التوصيل يعملون عبر منصات متعددة، مثل: 'أوبر' و'كريم'، لزيادة مصادر دخلهم وتحقيق أقصى استفادة من أوقات عملهم.
وفي قطاع التعليم مثلًا، بات 20% من المعلمين يقدمون دروسًا عبر الإنترنت بشكل مستقل، وفقًا لمنظمة اليونسكو. هذا التحول يتيح للمعلمين الوصول إلى قاعدة أوسع من الطلاب، ويقدم للطلاب خيارات تعليمية متنوعة تتناسب مع احتياجاتهم. هذه الأمثلة تبرز كيف يعيد هذا النموذج الاقتصادي تشكيل طبيعة العمل في مختلف القطاعات، ويقدم فرصًا جديدة للجميع.
تحديات جديدة تواجه العاملين
على الرغم من الفرص الواعدة التي يقدمها هذا النموذج الاقتصادي، فإنه لا يخلو من التحديات الجوهرية التي تواجه العاملين فيه. وتتطلب حلولًا مبتكرة لضمان استدامة هذا النموذج.
عدم الاستقرار المالي
يشكل عدم الاستقرار المالي أحد أبرز هذه التحديات؛ حيث يعاني 60% من العاملين في اقتصاد المهام من عدم الحصول على دخل ثابت، وفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2025. هذا النقص في الاستقرار يؤثر سلبًا على قدرة العاملين على التخطيط المالي، ويعرضهم للمخاطر الاقتصادية.
ولا تقتصر المشكلة على الدخل فحسب، بل تتعداها إلى غياب شبكات الأمان الاجتماعي، فـ 25% فقط من العاملين في هذا القطاع لديهم تأمين صحي أو معاش تقاعدي. ما يعرضهم لعدم اليقين في أوقات الأزمات الصحية أو عند التقدم في العمر.
المنافسة الشرسة مع الذكاء الاصطناعي
علاوة على ذلك، المنافسة الشرسة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي بدأت تعيد تشكيل بعض المهن بشكلٍ جذري. وفي هذا السياق، تشير بيانات 'Gartner' لعام 2025 إلى أن 40% من المهام الكتابية والترجمة قد تأثرت بشكلٍ مباشر بمنصات الذكاء الاصطناعي مثل 'ChatGPT'. هذا التطور يلزم العاملين في هذه المجالات على تطوير مهاراتهم باستمرار، وتعلم أدوات جديدة، والتكيف مع التغييرات التكنولوجية لكي يتمكنوا من الحفاظ على قدراتهم التنافسية في سوق العمل المتطور.
كيف تستعد لدخول اقتصاد المهام؟
مع التطور المتسارع لاقتصاد المهام، أصبح من الضروري أن يستعد الأفراد لدخول هذه السوق المتنامية من خلال تطوير مهاراتهم. واستخدام المنصات المتعددة، وفهم الجوانب القانونية والمالية.
طور مهاراتك في المجالات الأكثر طلبًا:
يكمن مفتاح النجاح في هذا النموذج الاقتصادي في تطوير المهارات التي تناسب احتياجات السوق المتغيرة. وهنا، ينصح بتعلم البرمجة، أو تحليل البيانات، أو التسويق الإلكتروني. فهذه المجالات تعد من الأكثر طلبًا في الوقت الراهن، وتقدم فرصًا واعدة للدخول إلى سوق العمل الحر. كما يمكن الاستفادة من المنصات التعليمية العالمية مثل 'كورسيرا' و'يوديمي'. والتي تقدم شهادات معتمدة تعزز من فرص الحصول على فرص عمل أفضل، وتثقل الخبرات الفردية.
استخدم منصات متعددة لزيادة دخلك:
لتعظيم فرص الحصول على الدخل، من الضروري عدم الاعتماد على منصة واحدة فقط. وينصح بنشر الخدمات على 3 إلى 5 منصات مختلفة. ما يزيد من فرص الوصول إلى عملاء متنوعين، ويقلل من مخاطر الاعتماد على مصدر دخل واحد. هذه الإستراتيجية تعزز من الاستقرار المالي للعاملين في اقتصاد المهام، وتمكنهم من استكشاف فرص جديدة.
استعد للضريبة والتأمينات:
كذلك، من الضروري الاستعداد للجوانب القانونية والمالية المرتبطة بالعمل الحر، وخاصة ما يتعلق بالضرائب والتأمينات. فبعض الدول بدأت فعليًا في تطبيق ضرائب على دخل العمل الحر، مثل المملكة العربية السعودية التي تطبق ضريبة بنسبة 15%.
كما تقدم بعض المنصات خيارات تأمينية اختيارية للمستقلين. وهو ما يوفر لهم شبكة أمان تشابه تلك التي يتمتع بها العاملون في الوظائف التقليدية. وبالطبع، فإن فهم هذه الجوانب والتخطيط لها مسبقًا يمكن أن يقلل من التحديات التي قد تواجه العاملين في اقتصاد المهام، ويسهم في بناء مستقبل مهني مستقر ومزدهر.
قوة دافعة تعيد تشكيل مفاهيم العمل
في النهاية، يتجلى اقتصاد المهام كظاهرة عالمية لا يمكن تجاهلها، بل هي قوة دافعة تعيد تشكيل مفاهيم العمل والتوظيف على مستوى العالم. هذا النموذج تجاوز مجرد كونه اتجاهًا عابرًا ليصبح هيكلًا اقتصاديًا راسخًا. مدعومًا بالتقدم التكنولوجي الذي لا يتوقف، وبوعي متزايد بقيمة المرونة والاستقلالية المهنية.
الأرقام والإحصائيات التي تناولناها في هذا التقرير، من حجم السوق الذي تجاوز 1.5 تريليون دولار إلى تزايد أعداد العاملين في هذا القطاع ليصل إلى أكثر من 200 مليون شخص عالميًا. تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على اتساع نطاق هذا التحول وأهميته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدولار يهبط مع تراجع التضخم واليورو عند ذروته
الدولار يهبط مع تراجع التضخم واليورو عند ذروته

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

الدولار يهبط مع تراجع التضخم واليورو عند ذروته

تراجع الدولار الأمريكي بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر مايو، والتي جاءت أضعف من المتوقع، مما زاد من التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد يتجه إلى خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب من المتوقع. في المقابل، ارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2021، كما استفادت عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط. وانخفض الدولار بأكثر من (1 %) إلى (0.8114) فرنك سويسري، بعدما بلغ (0.8104) وهو أدنى مستوى له منذ 22 أبريل. كما تراجع الدولار بنسبة (0.7 %) إلى (143.59) ينًا يابانيًا، بعد أن لامس أدنى مستوى في أسبوع. في المقابل، ارتفع اليورو إلى (1.1632) دولار، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021، وسجل في أحدث التعاملات (1.1576) دولار، بزيادة بلغت (0.8 %).

بنك التصدير يقدم تسهيلات ائتمانية بـ22 مليار دولار
بنك التصدير يقدم تسهيلات ائتمانية بـ22 مليار دولار

المدينة

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدينة

بنك التصدير يقدم تسهيلات ائتمانية بـ22 مليار دولار

بنك التصدير والاستيراد كشف بنك التصدير والاستيراد السعودي عن تقديمه تسهيلات ائتمانية بقيمة 22 مليار دولار منذ تأسيسه، وحصوله على التصنيف الائتماني A+ من وكالة فيتش العالمية.جاء ذلك خلال رعايته مؤتمر TXF Global 2025 الذي عُقد في كوبنهاجن بالدنمارك، مؤخَّرًا بهدف تعزيز دوره في منظومة التجارة الدوليَّة وعقد شراكات تجارية لدعم الصادرات السعودية غير النفطية، وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالميَّة.وعلى هامش المؤتمر، وقع الرئيس التنفيذي للبنك، م. سعد الخلب، والرئيس التنفيذي لكريدت عمان، خليل الحارثي، مذكرة تفاهم، تهدف إلى تعزيز التعاون في دعم المشروعات المشتركة، وتسهيل الصادرات، وتبادل الخبرات، ممَّا يسهم في تمكين الصادرات غير النفطية وتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة وعُمان.وشارك الخلب، في جلسة حواريَّة ضمن فعاليات المؤتمر، إلى جانب عدد من القياديين وصناع القرار والخبراء في مجال ائتمان الصادرات، لمناقشة سبل تعزيز التعاون لدفع نمو التجارة الدولية.وأكد الخلب خلال الجلسة أنَّ بنك التصدير والاستيراد السعودي يُعدُّ شريكًا موثوقًا في منظومة التجارة الدوليَّة، وأنَّ تأسيسه يأتي في إطار التحول الاقتصادي الكبير الذي تشهده المملكة.

مليار دولار جوائز مالية لمونديال الأندية
مليار دولار جوائز مالية لمونديال الأندية

المدينة

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدينة

مليار دولار جوائز مالية لمونديال الأندية

أكَّد الاتحاد الدولي تخصيص مليار دولار كجوائز مالية للأندية الـ32 المشاركة، وهو رقم لا مثيل له في تاريخ بطولات الأندية.سيحصل كل نادٍ مشارك في دور المجموعات على مليوني دولار للفوز، ومليون دولار للتعادل في كل مباراة، فيما يحصل الفريق المتأهل لدور الـ16 على 7.5 ملايين دولار إضافيَّة، وفي ربع النهائي 13.125 مليون دولار إضافيَّة، وفي نصف النهائي 21 مليون دولار إضافيَّة.أمَّا الوصيف فسيحصل على 30 مليون دولار إضافيَّة، في حين يظفر البطل بمبلغ إضافي قدره 40 مليون دولار.كما سيحصل كل فريق على مبلغ نظير المشاركة يختلف حسب القارة ولظروف تجارية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store