logo
قصف إيران.. «المقامرة الأكبر» في سياسة ترامب الخارجية

قصف إيران.. «المقامرة الأكبر» في سياسة ترامب الخارجية

صحيفة الخليجمنذ 4 ساعات

بقراره غير المسبوق بقصف المواقع النووية في إيران، والانضمام مباشرة إلى هجوم إسرائيل الجوي على «عدوها اللدود في المنطقة»، اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطوة طالما تعهد بتجنبها وهي التدخل عسكرياً في حرب خارجية كبرى.
وشملت الهجمات الأمريكية استهداف المنشآت النووية الإيرانية الأكثر تحصيناً على عمق كبير تحت سطح الأرض، لتشكل المقامرة الأكبر والأكثر خطورة وضبابية في السياسة الخارجية لترامب خلال الولايتين الرئاسيتين حتى الآن.
وقال محللون إن أفعال ترامب، الذي أصر السبت، على أن إيران يجب أن تتوصل إلى حل يؤدي للسلام الآن أو تواجه المزيد من الهجمات، يمكن أن تدفع طهران إلى الرد بإغلاق مضيق هرمز، أهم شريان للنفط في العالم، ومهاجمة القواعد العسكرية للولايات المتحدة وتكثيف القصف الصاروخي على إسرائيل والاستعانة بالجماعات الحليفة لاستهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في أنحاء العالم.
ومن الممكن أن تتصاعد هذه التحركات إلى صراع أوسع نطاقاً وأطول أمداً مما يتصوره ترامب، مما يعيد إلى الأذهان «الحروب الأبدية» التي خاضتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، والتي سخر منها ترامب ووصفها بأنها «غبية» ووعد بعدم الانجرار إلى مثلها.
وقال آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض سابق في شؤون الشرق الأوسط بإدارات من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة: «الإيرانيون أصبحوا ضعفاء للغاية وتدهورت قدراتهم العسكرية.. لكن لديهم كل أنواع السبل غير المتكافئة التي يمكنهم الرد بها.. لن ينتهي هذا الأمر سريعاً».
وفي الفترة التي سبقت القصف الذي أُعلن عنه في وقت متأخر من السبت، تأرجح ترامب بين التهديد بعمل عسكري ومناشدة استئناف المفاوضات لإقناع إيران بالتوصل إلى اتفاق لتفكيك برنامجها النووي.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إنه بمجرد أن اقتنع ترامب بأن طهران ليست مهتمة بالتوصل إلى اتفاق نووي، قرر أن الضربات هي «الشيء الصحيح الذي يجب القيام به».
وقال المسؤول إن ترامب أعطى الأمر بمجرد أن تأكد من «احتمالية نجاح عالية»، وهو قرار تم التوصل إليه بعد هجمات جوية إسرائيلية على مدار أكثر من أسبوع على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية والتي مهدت الطريق أمام الولايات المتحدة لتوجيه الضربة التي قد تتوج الأمر.
استمرار التهديد النووي
أشاد ترامب «بالنجاح الكبير» للضربات التي قال إنها تضمنت استخدام قنابل ضخمة «خارقة للتحصينات» في محطة فوردو الرئيسية. لكن بعض الخبراء يرون أن التهديد لم ينته بعد على الرغم من أن البرنامج النووي الإيراني ربما انتكس لسنوات عديدة. وتنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي، وتؤكد أن برنامجها لأغراض سلمية بحتة.
وقالت (رابطة الحد من الأسلحة)، وهي منظمة غير حزبية مقرها الولايات المتحدة وتدعو إلى تشريعات للحد من الأسلحة، في بيان: «على المدى البعيد، من المرجح أن يدفع العمل العسكري إيران إلى قرار يخلص إلى أن الأسلحة النووية ضرورية للردع، وأن واشنطن لا ترغب في الدبلوماسية».
وأضافت الرابطة: «الضربات العسكرية وحدها لا يمكن أن تدمر المعرفة النووية الواسعة لإيران. ستؤدي الضربات إلى تراجع برنامج إيران، لكن في المقابل ستقوي من عزيمة طهران لإعادة بناء أنشطتها النووية الحساسة».
وقال إريك لوب الأستاذ المساعد في قسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة فلوريدا الدولية إن خيارات الخطوة التالية لإيران لم تتضح بعد، وذكر أن صور الرد قد تتضمن ضرب «أهداف سهلة» للولايات المتحدة وإسرائيل داخل المنطقة وخارجها.
لكنه أشار أيضاً إلى احتمال عودة إيران إلى طاولة المفاوضات -«مع أنها ستفعل ذلك من موقف أضعف»- أو السعي إلى مخرج دبلوماسي. وفي أعقاب الضربات الأمريكية مباشرة، لم تبدِ إيران رغبة تذكر في تقديم تنازلات.
وقالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنها لن تسمح بوقف تطوير «صناعتها الوطنية»، وقال معلق في التلفزيون الإيراني الرسمي: إن كل مواطن أو عسكري أمريكي في المنطقة أصبح الآن هدفاً مشروعاً.
وكتب كريم سجادبور المحلل في مؤسسة «كارنيجي» للسلام الدولي على منصة «إكس»: «يشير ترامب إلى أن الوقت قد حان للسلام. من المرجح ألا ينظر الإيرانيون إلى الأمر بنفس الطريقة. من المرجح أن يفتح هذا فصلاً جديداً من النزاع الأمريكي الإيراني المستمر منذ 46 عاماً، لا أن ينهيه».
أشار بعض المحللين إلى أن ترامب، الذي أنكرت إدارته في السابق أي سعي للإطاحة بالقيادة الإيرانية، قد ينجر للسعي إلى «تغيير النظام» إذا ردت طهران بقوة كبيرة أو تحركت لصنع سلاح نووي. ومن شأن هذا أن يجلب بدوره مخاطر إضافية.
وقالت لورا بلومنفيلد محللة شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن: «احذروا من اتساع المهمة لما هو أكبر من أهدافها الأساسية، إلى السعي لتغيير النظام وحملات لدعم الديمقراطية.. ستجدون بقايا العديد من المهام الأخلاقية الأمريكية الفاشلة مدفونة في رمال الشرق الأوسط».
وقال جوناثان بانيكوف النائب السابق لمسؤول المخابرات الأمريكية المعني بشؤون الشرق الأوسط: إن القيادة الإيرانية ستسارع إلى شن «هجمات غير متكافئة» إذا شعرت أن بقاءها مهدد.
لكنه قال إن على طهران أيضاً أن تضع في اعتبارها العواقب. ففي حين أن اتخاذ إجراءات مثل إغلاق مضيق هرمز سيؤدي إلى مشاكل لترامب مع ما سينتج عنه من ارتفاع أسعار النفط والتأثير التضخمي المحتمل على الولايات المتحدة، إلا أنه سيضر أيضاً بالصين، أحد حلفاء إيران الأقوياء القلائل.
في الوقت نفسه، يواجه ترامب بالفعل معارضة قوية من الديمقراطيين في الكونجرس للهجوم على إيران، وسيتعين عليه أيضاً مواجهة معارضة الجناح المناهض للتدخلات في قاعدته من الجمهوريين المؤيدين لشعار «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً».
ولم يواجه ترامب أي أزمة دولية كبيرة خلال ولايته الرئاسية الأولى، لكنه يخوض واحدة الآن بعد ستة أشهر فقط من عودته للبيت الأبيض.
وحتى لو كان يأمل في أن يكون التدخل العسكري الأمريكي محدوداً من حيث الوقت والنطاق، فإن تاريخ مثل هذه الصراعات غالباً ما يحمل عواقب غير مقصودة بالنسبة للرؤساء الأمريكيين.
ومن المؤكد أن شعار ترامب «السلام من خلال القوة» سيخضع لاختبار لم يسبق له مثيل، خاصة مع فتحه جبهة عسكرية جديدة دون الوفاء بوعود حملته الانتخابية بإنهاء حربي أوكرانيا وغزة بسرعة.
وقال ريتشارد جاون مدير شؤون الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية «عاد ترامب إلى نشاط الحرب.. لست متأكداً من أن أي شخص في موسكو أو طهران أو بكين صدق كلامه المعسول عن أنه صانع سلام. لطالما بدت وكأنها عبارة انتخابية أكثر من كونها استراتيجية».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

3 وسائل انتقامية من الضربة الأمريكية.. مستشار خامنئي يكشف الرد الإيراني
3 وسائل انتقامية من الضربة الأمريكية.. مستشار خامنئي يكشف الرد الإيراني

صحيفة الخليج

timeمنذ 36 دقائق

  • صحيفة الخليج

3 وسائل انتقامية من الضربة الأمريكية.. مستشار خامنئي يكشف الرد الإيراني

قال حسين شريعتمداري، مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأحد، «بعد هجوم أمريكا على منشأة فوردو النووية، حان دورنا»، داعياً إلى اتخاذ 3 إجراءات للانتقام من الضربة التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، فجر الأحد. دون تردد ونقلت رسالة عبر تليغرام من صحيفة «كيهان» التي يرأس تحريرها عن شريعتمداري قوله: 'يجب علينا، دون تردد أو تأخير، كخطوة أولى، أن نشن ضربات صاروخية على الأسطول البحري الأمريكي المتمركز في البحرين'. أما الخطوة الثانية التي حدها شريعتمداري فهي إغلاق مضيق هرمز. وأضاف أن الخطوة الثالثة تتمثل في «منع عبور السفن الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية». نسف الدبلوماسية ومن جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد، أن طهران ستدافع عن نفسها «بكل الوسائل اللازمة» بعد الضربات الأمريكية على مواقع نووية في إيران. وقال عراقجي خلال اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول إن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستواصل الدفاع عن أراضيها وسيادتها وأمنها وشعبها بكل الوسائل اللازمة». واتهم عراقجي الولايات المتحدة الأحد بـ«نسف الدبلوماسية» عبر شنّها ضربات على ثلاث منشآت نووية في إيران. وأضاف تعقيباً على دعوات غربية لإيران للعودة إلى طاولة التفاوض: «كيف يمكن لإيران أن تعود إلى شيء لم تتركه قط، ناهيك عن نسفه؟». التهديد بضربات أخرى وفي وقت سابق، الأحد، أكد الرئيس دونالد ترامب أن الضربات الجوية الأمريكية على إيران، دمرت بشكل تام وكامل ثلاث منشآت نووية مستهدفة، وهدّد بضربات أخرى أشدّ إذا لم تسع طهران إلى السلام، أو إذا بادرت إلى الردّ.

الجامعة العربية تُحذر من عواقب التصعيد في المنطقة
الجامعة العربية تُحذر من عواقب التصعيد في المنطقة

البيان

timeمنذ 38 دقائق

  • البيان

الجامعة العربية تُحذر من عواقب التصعيد في المنطقة

أعربت جامعة الدول العربية عن بالغ قلقها إزاء التطورات المتسارعة في المنطقة على خلفية الضربات العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران، مشددة على رفضها لأي أعمال عسكرية تمس سيادة الدول. وأكدت الأمانة العامة للجامعة، في بيان صادر اليوم، أن التصعيد الراهن من شأنه أن يُدخل المنطقة في دوامة جديدة من العنف والتوتر، ستكون لها عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ودعت الجامعة العربية جميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن الانجرار إلى مسارات التصعيد، مؤكدة أن الحلول الدبلوماسية تبقى السبيل الوحيد لمعالجة القضايا الخلافية.

الكويت تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث وتدعو إلى ضبط النفس
الكويت تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث وتدعو إلى ضبط النفس

البيان

timeمنذ 38 دقائق

  • البيان

الكويت تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث وتدعو إلى ضبط النفس

أعلنت دولة الكويت أنها تتابع وبقلق بالغ تطورات الأحداث المتعاقبة التي تشهدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لاسيما تلك الأخيرة التي شملت استهدافًا لعدد من المنشآت النووية في تطور خطير يهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم. وجددت وزارة الخارجية بدولة الكويت في بيان لها بثته 'وكالة الأنباء الكويتية' تأكيدها على ما جاء في بيانها الصادر في 13 يونيو 2025 الذي أدان الاعتداء على السيادة الإيرانية وانتهاك القوانين والمواثيق الدولية ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياتهما نحو وقف تلك الانتهاكات، بما يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، وضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. ودعت الكويت إلى الوقف التام والفوري، لجميع أوجه التصعيد والوقف التام للأعمال العسكرية وإلى تحكيم لغة الحوار وضبط النفس ومضاعفة الجهود الهادفة لإيجاد حلول سياسية من شأنها تحقيق أمن واستقرار المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store