على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (13 – 20)
النور حمد
"لن يستطيعَ أحدٌ أن يركبَ على ظهرِك، ما لم تَكُنْ مُنحنياً"
مارتن لوثر كينج
تلوُّن النظام الإخواني
لقد أجبرت الضغوط الشديدة التي واجهها نظام الترابي/البشير في السودان، منذ بداية التسعينات، على التلون وإلى اكتساب مهاراتٍ للبقاء جعلته يمسك بالسلطة، حتى الآن، لستةٍ وثلاثين عاما. هذه الحقيقة ينبغي، في تقديري المتواضع، أن تكون حاضرةً في ذهن القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في محاولة إيجاد نهاية للحرب البشعة الجارية الآن في السودان. كما ينبغي، أيضا، أن تكون حاضرةً في ذهن النظام المصري، الذي اتخذ من بقايا النظام الإخواني حليفًا له. وما من شك أن الأطماع التاريخية في السودان أعمت النظام المصري من أن يرى بوضوحٍ كافٍ خطورة بقايا هذا النظام الإخواني السوداني المتَّسم بالتلوُّن والمكر والغدر. ولا أدرى إلى أي مدىً سوف تصطحب القوى الدولية والإقليمية في تقديراتها هذه الطبيعة المراوغة الماكرة لهذا النظام الإخواني الكليبتوقراطي، وإلى أي مدى سيتذكر النظام المصري، الذي يحاول حاليًا احتكار ملف الأزمة السودانية، تجاربه المريرة مع نظام الترابي/البشير. فهل يا ترى نسي النظام المصري الصراعات الدموية بين الدولة المصرية وتنظيم الإخوان المسلمين وتفرعاته، منذ اغتيال بطرس غالي باشا، وأحمد ماهر باشا، وأحمد الخازندار، ومحمود فهمي النقراشي، ومحمد حسين الذهبي، ويوسف السباعي، وأنور السادات، ورفعت المحجوب، وفرج فودة؟ هذا، إلى جانب العديد من محاولات الاغتيال الفاشلة. ومن الهجمات الإرهابية على كنائس المواطنين من الطائفة المسيحية القبطية، والهجمات الإرهابية على أوتوبيسات السياح الأجانب .
لقد استضاف نظام الترابي/البشير، في فترة التسعينات من القرن الماضي، عتاة الإرهابيين الدوليين من عيار أسامة بن لادن والثعلب كارلوس. كما قام بمحاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. إلى جانب ذلك، فتح النظام الباب للمتطرفين الإسلاميين من جميع إنحاء العالم، لدخول السودان، ومنحهم جوازات سفر سودانية. كما كان له دورٌ في التفجير الأول في برج التجارة الدولية في نيويورك، وفي تفجيرات السفارات الأمريكية في شرق أفريقيا، وفي حادثة تفجير المدمرة كول على سواحل اليمن. ومنذ بداية التسعينات، ناصب هذ النظام الإخواني دول الخليج العربية العداء وفتح أبواقه الإعلامية ضدها ودعا إلى الإطاحة بها. وحين غزا صدام حسين الكويت وقف مع الغازي المعتدي، فجرى تصنيفه حينها ضمن ما سُميت "دول الضد". كل تلك الأمور وضعت النظام الإخواني السوداني في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وجرى توقيع عقوباتٍ قاسيةٍ عليه. المؤسف أن النظام المصري استثمر في تلك العقوبات فقام بتأييدها، بغرض تعطيل السودان عن النهوض حتى يبقى تحت الهيمنة المصرية المستدامة. ولهذا السبب كَرِهَ النظام المصري حكومة الدكتور حمدوك وعمل على إبعادها من السلطة لأنها نجحت في إخراج السودان من أسر العقوبات، كما أعلنت أنها ستوقف تصدير السودان مواده الخام السودانية قبل أن تجري معالجتها لإضفاء القيمة المضافة عليها.
تمكن النظام الإخواني في السودان من إرخاء القبضة الاقتصادية الخانقة عليه، بالاتجاه إلى كندا ، حيث دخلت شركة تاليسمان الكندية إلى السودان. لكنها، سرعان ما باعت أسهمها إلى أحد فروع شركة أويل آند ناتشورال قاس كوربوريشن الهندية، مقابل 720 مليون دولارًا أمريكيا. ويبدو أن ذلك حدث نتيجة لضغوطٍ من الحكومة الكندية، التي رأت أن عائدات النفط في السودان تذهب لإزكاء الحرب. (راجع: موقع قناة CBC على الرابط: https://shorturl.at/r8kmR). عقب ذلك، دخلت، كلٌّ من الصين وماليزيا في صناعة البترول السودانية لينجح النظام الإخواني، رغم المقاطعات، في استخراج البترول، الذي طالما تعثر استخراجه. في نهاية عقد التسعينات أطاح عمر البشير بالدكتور حسن الترابي صاحب فكرة الانقلاب الذي أتى بالبشير إلى السلطة. غير أن النظام الإخواني لم يغيِّر جلده، إذ استمر في حربه الدينية الجهادية في جنوب السودان. بل، وأضاف إليها حربًا أخرى في دارفور اتسمت بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية. كما قوَّى النظام صلته بإيران بل وأصبح وسيطًا لإرسال الأسلحة الإيرانية إلى منظمة حماس في غزة عبر بدو صحراء سيناء ، الأمر الذي جرَّ إسرائيل إلى تنفيذ غارتين جويتين داخل السودان.
التعاون مع سي آي آيه
تحت وطأة الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية أخذ النظام الإخواني يخطب ود الغرب مقدمًا استعداده لتقديم ملفات الإرهابيين الذين سبق أن استقطبهم وتعاون معهم. فأرسلت وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) طائرةً خاصةً إلى مدير الاستخبارات السودانية، صلاح قوش، لكي يأخذ معه كل ملفات الإرهابيين الذين تعامل معهم نظامه. وقد كانت تلك محاولةً من النظام للخروج من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ومن ثم، رفع العقوبات عنه. قدم صلاح قوش ما طلب منه في خيانةٍ قبيحةٍ لجميع من سبق أن استقطبهم واستخدمهم من الإرهابيين. غير أن المخابرات الأمريكية استحلبت منه كل ما تريد، ولم يحصل منها على شيء نظير ما قدمه لها. وقد كشف موقع ويكيليكس عن محضر لقاءٍ جرى بين وفد من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية واللجنة الفرعية لأفريقيا في مجلس الشيوخ الأميركي، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني السابق صلاح عبد الله قوش. وقد أشارت البرقية رقم 09KHARTOUM698، المرسلة من السفارة الأميركية في الخرطوم لرئاستها في واشنطن بتاريخ 28/5/2009م، إلى أن صلاح قوش أعرب عن خيبة أمله لدي لقائه بالسناتور الجمهوري من ولاية جورجيا ، جوني آزياكسون، والسناتور الجمهوري من ولاية تينسي، بوب كريكر. وبحسب البرقية، أرجع قوش خيبة أمله إلى أنه تعاون مع وكالة المخابرات الأميركية (CIA)، طيلة التسع سنوات الماضيه، قائلاً إن هذا التعاون لم يثمر في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأردف قائلاً: "خلال التسعة سنوات الماضية نجحنا في إنقاذ حياة أعدادٍ كبيرةٍ من الأميركان في الإقليم وفي الشرق الأوسط، بسبب تعاوننا مع وكالة المخابرات الأميركية". وأكد قوش للوفد الأميركي أن عليهم أن يدركوا أن السودان يدفع "ثمناً باهظاً"، بسبب تعاونه مع المخابرات الأميركية في مكافحة الإرهاب. وأنه شخصيًا يدفع ثمنًا لذلك التعاون. وقال إن أعضاء الحزب الحاكم، المؤتمر الوطني أصبحوا ينعتونه بعميل أميركا. والإسلاميون يسمونه "الكافر" جراء تعاونه مع الأمريكيين. ووصف قوش، وفقًا لتلك البرقية، السياسة الأميركية بقصر النظر، وأنها متأثرةٌ بأجندة مجموعات الضغط مثال، "إنقاذ دارفور". (راجع: موقع ويكيليكس، على الرابط: https://shorturl.at/Y96R7). وفي أغسطس 2019 بلغ سوء معاملة أمريكا لصلاح قوش ورصفائه محمد عطا المولى وطه عثمان الحسين أن وقعت عليهم عقوبات تضمنت منعهم من دخول أمريكا. (راجع: صحيفة سودان تربيون على الرابط: https://shorturl.at/kHcGa).
الفريق، صلاح قوش المطلع بدقة على تعاون النظام الإخواني السوداني مع الجماعات الإرهابية والذي ذهب إلى أمريكا ، كما ذكرنا، لكي يقدم لها المعلومات نظير أن ترفع أمريكا العقوبات عن النظام، هو الآن، كما سبق أن ذكرنا، ضيفٌ على مصر وجهاز مخابراتها. وكما سبق أن أشرنا أن هذا واحدًا من أبلغ الأدلة على هزال الدولة السودانية وعلى حالة الضعة والهوان التي أوصلها إليها النظام الإخواني. حيث أصبح لجوء رئيس جهاز المخابرات إلى دولةٍ جارةٍ لها مطامع في الهيمنة عليه وعلى موارده، أمرًا لا يرفع حاجب الدهشة. لقد استخدمت المخابرات المصرية الفريق صلاح قوش في كل المؤامرات التي أدت إلى انقلاب 25 أكتوبر 2023، الذي قوض الفترة الانتقالية وأطاح بحكومة عبد الله حمدوك، وقفل الطريق أمام التحول الديمقراطي. كما استخدمت كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة الفريق طه عثمان الحسين، في مرحلةٍ ما، لنفس الغرض.
مناورة طرد الإيرانيين
قبل ثلاثة أعوامٍ فقط من سقوط نظام المشير عمر البشير، خرج وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، بصورةٍ مفاجئةٍ، على قناة الجزيرة ليؤكد أن السودان قد قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران على خلفية التدخلات الإيرانية في المنطقة على أسسٍ طائفية، وبسبب اعتداءاتها على سفارة وقنصلية السعودية في طهران. وفي وقتٍ سابقٍ لهذا التصريح، كانت وكالة الأنباء السعودية قد أوردت أن مدير عام مكاتب الرئيس السوداني عمر البشير، الفريق طه عثمان الحسين، أبلغ هاتفيًا، وبصورةٍ شخصية، ولي العهد السعودي أن الخرطوم قررت طرد السفير الإيراني ، ومعه كامل البعثة الدبلوماسية. وأنها قامت إلى جانب ذلك باستدعاء السفير السوداني من إيران. وأكد طه لولي العهد السعودي إدانة السودان لتدخلات طهران في المنطقة، وإهمالها حماية السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران. كما أعرب عن وقوف السودان مع السعودية في مواجهة الإرهاب وتنفيذ كافة الإجراءات الرادعة له، ونسبت "الجزيرة نت" ذلك الخبر إلى وكالة الأنباء السعودية. (راجع: موقع "الجزيرة نت"، على الرابط: https://shorturl.at/jyxQT). وقد جرى طرد إيران من السودان، بعد فترةٍ طويلةٍ من التعاون، كان النظام السوداني قد سمح لها فيها بالدفع للمد الشيعي للتغلغل في السودان. فنشأت الحسينيات والمراكز الثفافية الإيرانية ، وانتشرت المطبوعات الشيعية، وغير ذلك مما تفعله إيران عادةً في نشر نسختها من الإسلام السياسي في مختلف الدول. وقد تبع طرد الإيرانيين انخراط النظام السوداني بالجنود في ما سميت "معركة الحزم"، التي شنها التحالف الخليجي على الحوثيين في اليمن. الأمر الذي جعل النظام السوداني منخرطًا عسكريًّا في مواجهة إيران ممثلةً في الحوثيين في اليمن.
لكن، في أثناء هذه الحرب الدائرة الآن، أعاد النظام الإخواني السوداني، الذي يجلس على رأسه حاليًا الفريق عبد الفتاح البرهان محل الرئيس المخلوع عمر البشير، العلاقات الدبلوماسية مع إيران. وأخذت الأسلحة الإيرانية تتدفق على السودان، وعلى رأسها الطائرات المسيرة. (راجع: موقع "سكاي نيوز عربية على الرابط: https://tinyurl.com/3aynrmm5). الشاهد أن كل هذه التقلُّبات تجعل المرء يتساءل: من أين تأتي الثقة في هذا النظام لدى من يتحالفون معه؟ وعلى رأس هولاء في الوقت الراهن النظام المصري. لقد أعلنت مصر أنها خسرت 7 مليارات دولار بسبب اعتداءات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، الأمر الذي خفض حركة النقل عبر قناة السويس. وقد أصبح ميناء بورتسودان في فترة ما مزارًا للسفن الإيرانية ، وهو أمرٌ يهدِّد أمن كلٍّ من مصر والسعودية. وتعلم مصر أن نظام الحركة الإسلامية السودانية، سواءً في فترة الرئيس المخلوع عمر البشير، أو الفريق عبد الفتاح البرهان الذي فرض نفسه على السوانيين بالقوة، لا ينفك يدور في الفلك الإيراني.
رغم كل ما سبق ذكره، راهنت مصر على الفريق عبد الفتاح البرهان، فقط لأنها وجدت فيه من الخضوع والانبطاح ما لم تجده في حاكمٍ عسكريٍّ سودانيٍّ قبله، متجاهلةً كل مخاطر الاعتماد على شخصٍ طبيعته الأصلية المكر والغدر وتقلُّب المواقف وتناقضاتها. فالرجل قد عاش لعقودٍ ضمن بنية نظامٍ طبعه التقلُّب والمكر والغدر فانطبع بطابعه، وليس له من ذلك فكاكٌ قط. وينطبق هذا على السعوديين الذين لا ينفكون يتعرضون للدغات النظام الإخواني في السودان، كل حينٍ وآخر. ومن الغريب أن قناة "العربية الحدث" التي تمولها السعودية يسيطر على مكتبها في الخرطوم المنتمون إلى حزب الرئيس المخلوع عمر البشير، المؤتمر الوطني، والتي ما انفكت توظف تقاريرها غير المهنية المرسلة إلى القناة لخدمة أجندة النظام الإخواني في السودان، ثم لا تجد استغرابًا أو مساءلةً من رئاسة القناة. بل، يبدو أنها تجد منها المباركة والتشجيع. باختصارٍ شديد، هذا النظام الذي ترأسه الرئيس المخلوع عمر البشير لثلاثين عامًا وورثه منه الفريق عبد الفتاح البرهان نظامٌ ذئبيٌّ ثعبانيٌّ لا تتغير طبيعته أبدًا، ولسوف يقوم بلدغ حليفه، طال الزمن أم قصر. ولسوف يلدغ الفريق البرهان كلَّا من مصر والسعودية، إن هما سارتا معه بنفس الصورة الجارية معه اليوم. باختصارٍ شديدٍ، من تلوث بدنس الإخوان المسلمين، لن يستطيع تطهير نفسه حتى تواريه ظلمة القبر.
تقسيم السودان في صالح مصر
منذ أن قبلت حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير بانفصال الجنوب، بعد خمسة عشر سنة من الحرب مع حركة العقيد جون قرنق، طرح القيادي الإسلاموي، ووزير المالية السابق عبد الرحيم حمدي في عام 2005، فكرة تقسيم السودان. وهي الخطة التي أخذ السودانيون يشيرون إليها ب "مثلث حمدي". أحسَّت ما تسمى "الحركة الإسلامية" أن عددًا من أقاليم السودان تقف بطبيعتها الثقافية عاملاً معيقًا لإنشاء "دولة إسلامية" تهيمن فيها الثقافة العربية وحدها. فالتنوع العرقي والديني والثقافي هو في نظرهم ما يجعل البلاد غير مستقرة بصورةٍ تمكنهم من أقامة النموذج "الإسلامي" الذي يودونه. لذلك، جاءت فكرة "مثلث حمدي" التي اقترح فيها الوزير الأسبق عبد الرحيم حمدي، فصل عددٍ من أجزاء السودان، تشمل جنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، ودارفور. وذلك لكي تقوم دولةٌ "إسلاميةٌ" في المثلث الجغرافي المنحصر بين دُنقلا وسِنَّار والأُبَيِّض. وقد برر حمدي الفكرة بعدم الانسجام الثقافي لتلك الأقاليم مع المثلث الذي يرى أنه متجانس ثقافيا. ويرى حمدي، أيضا، أن هذه الأقاليم التي ينبغي التخلص منها تعيق الاستثمار ويصعب مع وجودها حدوث أي تنميةٍ مستدامةٍ، لكونها تتسبب في دوام القلاقل وعدم الاستقرار. وقد نفى حمدي في لقاء صحفي هذه المزاعم، لكن ما جرى في الواقع منذ انفصال الجنوب، وما يجري الآن لا يزال يؤكد هذا المنحى.
فصل الجنوب وغيره من الأقاليم
بعد اتفاقية نيفاشا في عام 2005 ودخول الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق شريكًا في الحكم لفترة السنوات الخمس السابقة لاستفتاء تقرير المصير الذي نصت عليه الاتفاقية، عمل نظام عمر البشير بكل سبيلٍ ممكنٍ ليجعل خيار الوحدة بالنسبة للجنوبيين في الاستفتاء القادم خيارًا غير جاذب. وبالفعل، جرى الاستفتاء في نهاية فترة شراكة الحكم بين الطرفين، واختار الجنوبيون بنسبة بلغت 99%، الانفصال عن جمهورية السودان. وقد قام خال الرئيس عمر البشير، المرحوم الطيب مصطفى، مالك صحيفة "الصيحة"، ذات الخط التحريري المتطرف، بذبح ثورٍ أسود احتفاءً بانفصال الجنوب. وأيضًا، ما أن اختار الجنوبيون الانفصال، قال الرئيس المخلوع عمر البشير: إن حقبة تطبيق الشريعة الإسلامية "المدغمسة"، أي الملتبسة وغير الواضحة والصريحة، قد ولَّت وحانت الفرصة لحكومته لتطبيق الشريعة الإسلامية الصريحة. كل ذلك يؤكد أن ما تسمى الحركة الإسلامية السودانية لا تمانع قط من تقليص مساحة السودان لإقامة ما يعتقدون خطأ أنه كيانٌ متجانسٌ ثقافيًا يمكن أن يقوم فيه نموذج مستقر للدولة "الإسلامية" النموذجية، المتوهمة، التي طالما حلمت بها قوى الإسلام السياسي في العالمين العربي والإسلامي.
هذا التصور الإخواني المتمثل في تقليص السودان يصب في النظام المصري لكونه يمكنه من الهيمنة على الجزء الشمالي من السودان، الذي سوف يصبح من جراء الانقسامات، أضعف من أن يحمي نفسه. ولن يجد سندًا إلا من مصر التي ستقايضه الحماية بالخضوع الكامل لها. وقد أوضحت الفترة التي سيطر فيها الفريق البرهان على مقاليد الأمور في السودان منذ انقلابه على حكومة حمدوك الشرعية في 25 أكتوبر 2021، هذا المنحى. أيضًا، أخذ هذا التصور صيغةً جديدةً، أبدلت المرتكز من الإسلام إلى العنصر. وهي النعرة الجديدة المسماة "دولة النهر والبحر"، التي يدعو لها عبد الرحمن عمسيب. والغريب أن قوى الثورة التي لم توافق على ميثاق نيروبي التأسيسي وعلى تشكيل حكومة في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، أخذت تقول إن ميثاق نيروبي التأسيسي وما يتبعه من إعلان حكومة سيقود إلى تقسيم السودان. وفات على هؤلاء أن خطة تقسيم السودان معتمدةٌ أصلاً لدى الحركة الإسلامية منذ عقود، وأن تنفيذها يجري على مراحل وفقًا لمسارات الأمور على أرض الواقع. وعقب هذه الحرب التي يتعذر فيها الحسم العسكري، فإن خيار الانفصالات لدى الإسلامويين سوف يصبح، من الناحية العملية، هو الخيار المُحبَّذ والمُرجَّح لديهم. ولسوف يسقط شمال السودان، من تلقاء نفسه كالثمرة الناضجة، في الفك المصري الفاغر، المتلهف لالتهامه منذ فجر التاريخ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 14 ساعات
- سعورس
الذهب يتجه نحو انخفاض أسبوعي
وقال كيلفن وونغ، كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى أواندا: "يشهد الشرق الأوسط حاليًا حالة من عدم الاستقرار، مما يدفع المتداولين إلى عدم اتخاذ أي مراكز شراء أو بيع في مختلف الأسواق". في غضون ذلك، جدد ترامب دعواته لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، قائلاً إن الأسعار يجب أن تكون أقل بمقدار 2.5 نقطة مئوية. وأبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة يوم الأربعاء، وأبقى صانعو السياسات على توقعاتهم بخفضين للأسعار بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام. وقال محللو البنك الأسترالي النيوزلندي، في مذكرة: "لم تدعم التطورات الاقتصادية الكلية، وخاصةً استقرار العوائد وتجدد قوة الدولار الأمريكي، سعر الذهب". وأضافوا: "أثّر ارتفاع توقعات التضخم وموقف الاحتياطي الفيدرالي الحذر على توقعات السوق بشأن عدد تخفيضات أسعار الفائدة هذا العام". ومن المتوقع أن يسجل الدولار أكبر ارتفاع أسبوعي له في أكثر من شهر يوم الجمعة. ويؤدي ارتفاع الدولار إلى زيادة تكلفة الذهب على حاملي العملات الأخرى. واستمر تراجع المعدن الأصفر عقب التصريحات المتشددة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت سابق من هذا الأسبوع، والتي دعمت الدولار. في حين تراجع الدولار قليلاً يوم الجمعة، إلا أنه كان على وشك تحقيق مكاسب أسبوعية. كما حدّ ارتفاع الدولار من ارتفاع أسعار البلاتين مؤخرًا، والذي شهد وصول المعدن الأبيض إلى أعلى مستوى له في أكثر من أربع سنوات. وجاءت خسائر الذهب وسط بعض المكاسب في الأسواق التي تعتمد على المخاطرة، بعد أن أشار البيت الأبيض إلى أن الرئيس دونالد ترامب لن يقرر الانضمام إلى الصراع الإسرائيلي الإيراني إلا في غضون أسبوعين. ساعدت هذه الخطوة على تبديد بعض مخاوف السوق من هجوم أمريكي وشيك على إيران ، خاصة بعد أن أشارت العديد من التقارير إلى ذلك في وقت سابق من هذا الأسبوع. لكن الجدول الزمني لترمب "الأسبوعين" لا يزال يترك الأسواق في حالة من عدم الاستقرار، نظرًا لاستخدام الرئيس وحدة الزمن مرارًا وتكرارًا في اتخاذ العديد من القرارات السياسية الرئيسية في الماضي، قبل أن يؤجلها إلى أجل غير مسمى. مع ذلك، ساعد احتمال عدم شن هجوم فوري على إيران في تحفيز بعض الإقبال على المخاطرة، حتى مع استمرار إسرائيل وإيران في مهاجمة بعضهما البعض، مما أدى إلى امتداد صراعهما المتجدد إلى يومه الثامن. كما تراجعت أسعار المعادن النفيسة الأخرى، متأثرةً أيضًا ببعض المرونة في الدولار بعد سياسة متشددة من بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت سابق من هذا الأسبوع. وانخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 1.6% ليصل إلى 35.82 دولارًا للأونصة، بينما انخفض البلاديوم بنسبة 0.7% ليصل إلى 1,042.92 دولارًا. أما البلاتين، فقد تراجع من أعلى مستوى له في أكثر من أربع سنوات، ويستعد لأسبوع قوي. وأنخفض سعر البلاتين بنسبة 1.5% ليصل إلى 1,287.47 دولارًا، لكن المعدن الأبيض كان يتداول مرتفعًا بنسبة 5.8% في ثالث أسبوع من المكاسب على التوالي. وشهد البلاتين ارتفاعًا حادًا منذ منتصف مايو، خاصةً بعد أن سلّط تقرير صناعي رئيسي الضوء على الطلب القوي وتقلص المعروض من المعدن الأبيض. وأثار التقرير موجة من المضاربة على المعدن الأبيض، حيث سارع المستثمرون إلى تكوين مراكز شراء طويلة الأجل عليه. لكن المحللين ما زالوا متشككين بشأن استمرار هذا الارتفاع. من بين المعادن الصناعية، انخفضت العقود الآجلة القياسية للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.3% لتصل إلى 9,602.05 دولارًا للطن، بينما انخفضت العقود الآجلة الأمريكية للنحاس بنسبة 0.9% لتصل إلى 4.7650 دولارًا للرطل.


شبكة عيون
منذ يوم واحد
- شبكة عيون
النفط يغلق عند أعلى مستوياته منذ يناير وسط تصعيد عسكري مرتقب بين أمريكا وإيران
النفط يغلق عند أعلى مستوياته منذ يناير وسط تصعيد عسكري مرتقب بين أمريكا وإيران ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: صعدت أسعار النفط في الأسواق العالمية عند تسوية تعاملات اليوم الخميس، مع استمرار المخاوف الجيوسياسية في ظل التحركات العسكرية في الشرق الأوسط، لتسجل أعلى تسوية منذ يناير الماضي. وصعدت العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي بنسبة 2.8%، بمكاسب 2.15 دولار، لتسجل 78.85 دولارًا للبرميل. وشهدت حركة تداول النفط حالة من النفط على مدار اليوم بسبب عطلة السوق الأمريكية. قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم اتخاذ قرار بشأن تنفيذ عملية عسكرية ضد إيران خلال الأسبوعين المقبلين، في ضوء التصعيد المتزايد في المنطقة. وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن الرئيس ترامب أكد أن هناك فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات محتملة مع إيران، وأن ترامب بذل كثيرا من الجهد للتوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران. وتابعت، أن الأولوية القصوى للرئيس ترامب عدم امتلاك إيران أسلحة نووية، وأن المبعوث ويتكوف كان على اتصال بإيران. وأشارت، إلى أن الرئيس ترامب رئيس للسلام من خلال القوة ولا يخشى استخدامها، وأن الاتفاق الذي اقترحه المبعوث ويتكوف على الإيرانيين كان واقعيا ومقبولا. وأكدت، أن إيران أقرب اليوم لامتلاك سلاح نووي من أي وقت مضى. وفي المقابل، أعلنت وسائل إعلام إيرانية، مساء اليوم الخميس، أن الهجمات الإيرانية ضد أهداف داخل إسرائيل "ستزداد تدريجيًا"، مؤكدة أن "هذه الليلة لن تكون كسابقاتها"، في إشارة إلى نية طهران تصعيد عملياتها العسكرية. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية .. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر .. اضغط هنا ترشيحات أسبوعان حاسمان.. ترامب يقترب من قرار عسكري وإيران تلوّح بليلة مختلفة ضد إسرائيل مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه أسعار ترامب السعودية مصر اقتصاد


الوئام
منذ يوم واحد
- الوئام
الأسهم العالمية تتراجع مع تزايد التوترات في الشرق الأوسط
تراجعت مؤشرات الأسهم العالمية، اليوم الخميس، وسط تصاعد المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، لا سيما بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، وتصريحات أمريكية تنذر بإمكانية التدخل العسكري المباشر. ودخل الصراع يومه السابع، بعد أن بدأت إسرائيل سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية حساسة، من بينها مفاعل آراك للماء الثقيل، ما أدى إلى تراجع واسع في الأسواق المالية الدولية. وسجّل مؤشر 'كاك 40' الفرنسي تراجعًا بنسبة 0.8% ليصل إلى 23141.06 نقطة، كما خسر مؤشر 'داكس' الألماني 0.9% ليصل إلى 23141.82 نقطة. اقرأ أيضًا: منظمة حقوقية: مقتل وإصابة 1968 شخصًا في الغارات الإسرائيلية على إيران وفي لندن، انخفض مؤشر 'فوتسي 100' بنسبة 0.5% ليسجل 8797.24 نقطة. كذلك تراجعت العقود الآجلة لمؤشري 'ستاندرد آند بورز 500″ و'داو جونز الصناعي' بنسبة 0.4%. وفي آسيا، أغلق مؤشر 'نيكي 225' الياباني على انخفاض بنسبة 1% عند 38488.34 نقطة، في حين ارتفعت أسهم 'نيبون ستيل' اليابانية بنسبة 2.3% بعد استكمال استحواذها على شركة 'يو إس ستيل' الأمريكية. كما هبط مؤشر 'هانغ سنغ' في هونغ كونغ بنسبة 2% إلى 23237.74 نقطة، وتراجع مؤشر 'شنغهاي المركب' بنسبة 0.8% إلى 3362.11 نقطة. واستقر مؤشر 'ستاندرد آند بورز/إيه إس إكس 200' الأسترالي عند 8523.70 نقطة، وارتفع مؤشر 'كوسبي' الكوري الجنوبي بنسبة 0.2% إلى 2977.74 نقطة. وتأثرت الأسواق أيضًا بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي حذر من احتمال تدخل بلاده مباشرة في الصراع، بينما رفض المرشد الأعلى الإيراني دعوات واشنطن للاستسلام. اقرأ أيضًا: أمريكا تهيمن على نمو الثروات عالميًا وزيادة ملحوظة في أعداد المليونيرات وأغلقت الأسواق الأمريكية، أمس الأربعاء، على تباين، حيث استقر مؤشر 'ستاندرد آند بورز 500' عند 5980.87 نقطة، وانخفض 'داو جونز' بنسبة 0.1% إلى 42171.66 نقطة، بينما ارتفع 'ناسداك' بنسبة 0.1% إلى 19546.27 نقطة. وستظل الأسواق الأمريكية مغلقة اليوم الخميس بمناسبة 'يوم إنهاء العبودية' (جونتينث). في أسواق الطاقة، ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط 13 سنتًا إلى 73.63 دولارًا للبرميل، كما صعد خام برنت 7 سنتات إلى 76.77 دولارًا للبرميل، وفي أسواق العملات، فقد ارتفع الدولار أمام الين الياباني إلى 145.46 ين، بينما تراجع اليورو إلى 1.1476 دولار.