
دمج الضرائب والجمارك بين التصحيح والانقلاب على السيادة المالية
يمنات
في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة التي تواجه اليمن، طُرحت مبادرات عديدة لإصلاح وتحديث منظومة الإيرادات العامة، من أبرزها مقترح دمج مصلحتي الضرائب والجمارك في كيان واحد يُعرف بـ 'الهيئة العامة للإيرادات'. ورغم ما يعد به هذا الطرح من تقليل للنفقات الإدارية وتبسيط الإجراءات، إلا أن النظرة الاقتصادية والمؤسسية تقتضي تقييمه بعمق، نظرًا لتأثيره المباشر على الاستقرار المالي، وكفاءة تحصيل الموارد، والبيئة الاستثمارية.
فالدمج بين جهتين تختلفان جذريًا في الطبيعة والاختصاص، دون معالجة دقيقة للجوانب التشريعية والتنظيمية والوظيفية، قد لا يؤدي إلى تعزيز الإيرادات كما يُفترض، بل قد يُحدث آثارًا سلبية، منها إرباك السوق، وتراجع الكفاءة، وتهديد الثقة بالمؤسسات.
وعليه، فإن أي قرار بهذا الحجم يتطلب دراسة اقتصادية وتشريعية معمّقة توازن بين التكلفة والعائد، مع مراعاة خصوصية كل مؤسسة ودورها في حماية السيادة المالية للدولة.
يرى الرافضون للدمج أن هناك فروقات وظيفية وتشريعية وتنظيمية واضحة بين الجهتين. فالجمارك جهاز سيادي يُشرف على المنافذ الحدودية، ويضطلع بأدوار رقابية وأمنية وصحية إلى جانب تحصيل الرسوم الجمركية، أما الضرائب، فهي جهاز محاسبي داخلي، معنيّ فقط بتتبع الإيرادات ومحاسبة المكلّفين.
يشير ناظم العريقي، مدير التدقيق والتعديل بجمارك تعز، إلى أن 'الدمج غير متجانس مؤسسيًا، وسيتطلب تعديلات تشريعية معقدة قد تُدخل البلاد في فراغ قانوني وتُربك منظومة العمل، فضلًا عن تداخل الصلاحيات وصعوبة توزيع المهام'.
أوضح عبده علي الكهالي، مدير مركز ميتم الجمركي، أن 'الجمارك تمثل الدولة في اتفاقيات دولية جمركية وتجارية، وإضعاف استقلاليتها قد يؤثر سلبًا على التزامات اليمن الدولية'.
وأضاف: 'ليس منطقيًا تكليف مفتش ضرائب بمهام ميدانية تحتاج خبرة جمركية دقيقة، والعكس صحيح، ما يجعل الدمج خلطًا للأدوار قد يؤدي إلى إرباك أكثر من إصلاح'.
التأثير على الإيرادات العامة:
انخفاض الكفاءة التحصيلية نتيجة تداخل الأدوار وتعطيل المنظومات المتخصصة.
فقدان التخصص الفني، مما قد يفتح الباب للأخطاء والتلاعب.
تهديد بيئة الاستثمار والتجارة
تأخير في التخليص الجمركي وزيادة كلفة الاستيراد.
عدم وضوح الإجراءات، مما قد يربك المستثمرين والمستوردين.
مراجعة التصنيفات الاقتصادية لليمن دوليًا.
تكلفة الدمج
تكلفة مباشرة تشمل الهيكلة والتدريب وتعديل القوانين.
تكلفة غير مباشرة تشمل فقدان الكفاءات، تراجع الإيرادات، وتعطيل التجارة.
رؤية مشروع بناء الدولة
يشير طلعت ياسين المعبقي، نائب مدير جمارك تعز، إلى أن مشروع بناء الدولة، يهدف إلى بناء مؤسسات حديثة تُعالج السلبيات المتراكمة في أجهزة الدولة.
وقد حددت الرؤية أربع مسارات للدمج:
– الجانب المالي والأصول.
– الجانب البشري.
– الجانب التقني.
– الجانب الإداري والقانوني.
لكنه حذر من التسرع في الانتقال إلى الدمج قبل استكمال إعادة هيكلة الوزارات، موضحًا أن اللجان الميدانية لم تُمنح الوقت الكافي — حيث مُنحت فقط عشرة أيام لرفع تقرير نهائي — وهو ما جعله يبدو وكأنه 'نزول شكلي فقط'.
وجهة نظر قانونية ميدانية
ويرى المحامي عبدالسلام المخلافي أن الدمج 'سيؤدي إلى تضخيم الهيكل الإداري وتعقيد الإجراءات نتيجة تضارب الثقافة التنظيمية والإدارية بين الجهتين'، مشددًا على أن 'الجمارك ليست جهة إيرادية فحسب، بل جهاز سيادي يتعامل مع الأمن القومي والصحة العامة'، وأن أي تهميش لدورها قد يفتح الباب أمام 'فساد الدمج' خلال السنوات القادمة.
الأبعاد السيادية والأمنية للدمج
يقول صالح بن ناجي القاضي، نائب مدير الضابطة الجمركية بجمارك صنعاء، أن 'في كل دولة ذات سيادة تُبنى المؤسسات السيادية على أسس متخصصة'، محذرًا من خطورة تبسيط وظائف الجمارك بحجة توحيد الإيرادات.
وأوضح القاضي أن الجمارك جهاز سيادي له وظيفة ثلاثية:
حماية الأمن القومي.
تنفيذ السياسات التجارية.
تحصيل الرسوم الجمركية.
وأكد أن موظف الجمارك يمارس سلطة تنفيذية مباشرة، تشمل التفتيش والضبط والحجز والمنع والترحيل والمصادرة، ويعمل بتنسيق وثيق مع الأجهزة الأمنية وهيئات المواصفات والرقابة الصحية والبيئية. بينما الضرائب جهاز مالي محض، لا يملك صلاحية التفتيش أو حجز البضائع، ويعتمد على الإفصاح الذاتي والمحاسبة.
يؤكد ناظم العريقي أن التكامل عبر الأنظمة الإلكترونية وتبادل المعلومات هو الخيار الأمثل، بدلًا من الدمج القسري.
تبني خيار التنسيق المؤسسي بدلاً من الدمج القسري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 38 دقائق
- اليمن الآن
مواطنون يشكون ارتفاع أسعار الأضاحي في تعز
كريتر سكاي/ خاص مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، شهدت أسواق المواشي في محافظة تعز ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الأضاحي، حيث وصل سعر الأضحية من الأغنام إلى نحو 700 ألف ريال، ما أثار استياءً واسعاً بين المواطنين. وقال عدد من سكان المدينة إن الأسعار هذا العام فاقت قدراتهم الشرائية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد. وأضاف أحد المواطنين: "كنا نأمل أن نتمكن من شراء الأضاحي كما في الأعوام الماضية، لكن الأسعار خيالية، ومعظم الناس رجعوا إلى بيوتهم بدون شراء".


اليمن الآن
منذ 38 دقائق
- اليمن الآن
ارتفاع كبير في أسعار أضاحي العيد بعدن
أخبار المحافظات (الأول)خاص: تشهد أسواق مدينة عدن ارتفاعاً ملحوظاً وحادة في أسعار أضاحي العيد لهذا العام، مما أثار استياءً واسعاً بين صفوف المواطنين، الذين أكدوا أن هذه الزيادة تجاوزت القدرة الشرائية للغالبية العظمى من الأسر. وأفاد مواطنون أن أسعار الأضاحي هذا العام بلغت مستويات قياسية، حيث وصل سعر الخروف الواحد إلى أكثر من 400 ألف ريال يمني، وذلك حسب وزن الحيوان، فيما تراوحت أسعار الأبقار بين 1.5 مليون إلى 2 مليون ريال، ما يجعلها في متناول فئة محدودة جداً من السكان. وأشار عدد من المتسوقين إلى أن هذا الارتفاع الكبير في الأسعار يتناقض بشكل صارخ مع الدخل الشهري للموظفين الحكوميين، الذي لا يتجاوز في معظم الحالات 40 ألف ريال، وهو مبلغ بعيد كل البعد عن تلبية الاحتياجات الأساسية، ناهيك عن شراء أضحية في عيد الأضحى المبارك. وأرجع بعض البائعين في أسواق الماشية هذا الارتفاع إلى عوامل متعددة، من بينها ارتفاع تكلفة الأعلاف وقلة المعروض نتيجة الحرب وتأثيرات الظروف الاقتصادية والمضاربة في السوق، مؤكدين أن الأسعار تخضع لآلية العرض والطلب دون تدخل مباشر من قبل التجار.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
شبكة حقوقية تتهم الحوثيين باعتقال 30 مواطنًا من قبيلة الحداء في صنعاء
يمن ديلي نيوز : اتهمت شبكة حقوقية، اليوم الأحد 1 يونيو/حزيران، جماعة الحوثي المصنفة إرهابية باعتقال 30 مواطنًا من أبناء قبيلة الحداء في محافظة صنعاء الخاضعة لسيطرتها. وقالت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، إن جماعة الحوثي اعتقلت يوم أمس السبت 30 مواطنًا من أبناء قبيلة الحداء يعملون في بيع القات، وذلك في نقطة سيّان التابعة لمديرية سنحان بمحافظة صنعاء. وذكرت الشبكة في بيان تابعه 'يمن ديلي نيوز'، أن عملية الاعتقال جاءت على خلفية احتجاجات متكررة ضد الجبايات غير القانونية التي تفرضها مصلحة الضرائب التابعة للحوثيين في النقطة ذاتها. وبحسب البيان، قامت جماعة الحوثي بنقل المعتقلين إلى سجون سرية غير معلومة، في إطار حملة قمع تستهدف حرية التعبير، إثر رفضهم دفع مبالغ باهظة كضرائب على القات. واعتبر البيان ذلك انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل حرية الرأي والتعبير. ودعت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بما في ذلك مبعوثها الخاص إلى اليمن، إلى مغادرة مربع الصمت وإدانة هذه الانتهاكات بشكل واضح وصريح. كما دعت الشبكة منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية إلى تكثيف الجهود للضغط على مليشيا الحوثي للإفراج الفوري عن جميع المختطفين والمخفيين قسرًا. مرتبط قبيلة الحداء الحوثيين الشبكة اليمنية للحقوق والحريات اعتقال 30 مواطنًا ضرائب القات