
نهج الغدير وتحقيق العدالة العلوية
مع أن الانتخاب الإلهي كان كافيا ووافيا ولا يحتاج إلى إقرار من الناس، إلا أن التأكيد على البيعة وقبول الولاية هنا كان ضروريا لوضع قاعدة الرضا والطاعة وأن يختار الإنسان رفاهه وسعادته بنفسه كدخولهم لهذا الدين بداية بلا إكراه وبحرية مطلقة لا بجبر، والغدير هو إكمال لذلك الاختيار...
كيف يمكن توظيف مفاهيم بيعة الغدير والنصوص القرآنية والنبوية الواردة بشأنها في تهذيب السلطة العامة ومايصدر عنها من أعمال تشريعية أو قضائية أو تنفيذية لها مساس بحقوق الأفراد والجماعات وحرياتها؟ وكيف يمكن لمراكز البحث والمنظمات غير الحكومية وسائر مؤسسات المجتمع المدني ان تتعامل مع مفاهيم بيعة الغدير؟
من خلال التدبر في مفهوم "البيعة" يتضح أنها تحوي اتفاق برضا بين طرفين؛ فلا إجبار ولا إكراه ولا غبن ولا تدليس بينهما. من هذا المنطلق نستخلص أهمية التأكيد الشديد على بيعة يوم الغدير حيث أراد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله أن يأخذ البيعة للأمير عليه السلام بشكل عام جمهوري، مع أنه كان باستطاعته وحسب صلاحيته المطلقة أن يعلن عن هذا الأمر دون الحاجة إلى جعل الأمة تبايع برضاها في خم إذ سبق له كذلك إعلانها منذ بداية الدعوة، لكنه أرادها ظاهرة بارزة في مكان محدد يجمع الحجيج وعموم المسلمين بأكبر تجمع وكأكثرية، فتمت طواعية وبحرية تامة دون أي خداع أو إرغام، لكنها نقضت بعد رحيل رسول الله تحت الإرهاب والتهديد وتلك المؤامرات التاريخية المعروفة فكان أول حق يسلب من المجتمع هو حقهم في هذا الإختيار السلمي الحر يوم الغدير.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن يوم الغدير كان انطلاقة لتأسيس حكومة عرفية تتطلب رضا الناس، فهي إضافة إلى كونها تحمل الصبغة الشرعية الإلهية والغيبية والسماوية وكل المواصفات التي يتصف بها الأنبياء من قبل، فإن لها الجانب الأرضي المتداول المقبول لدى الأعراف والثقافات المتحضرة؛ وهو أن يكون الحاكم إضافة إلى كونه فردا صالحا وحكيما، فلابد أن يكون مرضيا لدى العقلاء.
ومع أن الانتخاب الإلهي كان كافيا ووافيا ولا يحتاج إلى طلب شرعية أو اعتراف وإقرار من الناس، إلا أن التأكيد على البيعة وقبول الولاية هنا كان ضروريا لوضع قاعدة الرضا والطاعة وأن يختار الإنسان رفاهه وسعادته بنفسه كدخولهم لهذا الدين بداية بلا إكراه وبحرية مطلقة لا بجبر، والغدير وما ترتب عليها من آثار هو إكمال لذلك الاختيار.
من هنا وحينما التقى الاختيار الإلهي مع الرضا الشعبي بعد أكثر من ربع قرن على يوم الغدير؛ تصدى الأمير عليه السلام للأمر، وخلال حوالي أربعة أعوام فقط؛ لمس المجتمع سعادته العظمى من كل الجوانب حيث لم تترك العدالة العلوية أدق التفاصيل مثل كيف يجلس الحاكم أمام القاضي مثل أي فرد من المجتمع وينصاع لسلطة القضاء دون تغطرس، ودون أن يكون له حق الفيتو المتداول اليوم لأصحاب السلطة والتي لم تستثن منها حتى الأنظمة الديمقراطية في العالم.
أو أن يحاسب الحاكم القاضي لأنه رفع نبرة صوته على المتهم، ناهيك عن سائر تعاليمه العملية والعلمية في شأن التعامل مع الخصوم والمعارضين وضمان حقوقهم وهم في مقام الحرب والبغي.
وفيما يتعلق بتقييم تعاطي مراكز البحث والمنظمات غير الحكومية وسائر مؤسسات المجتمع المدني لمفاهيم بيعة الغدير؛ فإن لدراسة القوانين والدساتير ومقارنتها مع العهد الأشتري أثر كبير في تصحيح المنهاج، ولقد قامت بعض المؤسسات بهذه المهمة حيث استخرجت من العهد نظريات في العدالة والإصلاح كانت مغمورة أو منسية، ولا يزال المجال مفتوح لاستخراج المزيد منها وذلك من خلال التحقيق العميق والدراسات العلمية.
* مداخلة مقدمة الى الجلسة الحوارية التي عقدها مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، تحت عنوان: (التأسيس للحقوق والحريات في بيعة الغدير)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
بعد 37 عاماً من الخميني.. هل يتجرّع خامنئي "كأس السم"؟
في صيف 1988 تجرّع المرشد الإيراني السابق، روح الله الخميني، كأس السم، ووافق على وقف إطلاق النار مع العراق، منهياً حرباً مدمرة استمرّت 8 سنوات. وقال حينها الخميني "كان اتخاذ هذا القرار أشد فتكاً من تناول السم. لقد استسلمتُ لإرادة الله وشربتُ هذا الشراب إرضاء له". واليوم بعد سبعة وثلاثين عاماً فإن كأس السم موضوع على طاولة المرشد الحالي، علي خامنئي، لكن صحيفة "هآرتس" العبرية ترى أنه من غير الواضح إن كان سيشرب الكأس. وترى الصحيفة أنه رغم اختلاف الخلفية الجيوسياسية وقدرات طهران العسكرية والتكنولوجية، اختلافاً كبيراً عن تلك التي كانت سائدة في الثمانينيات، إلا أن مخاوف إيران من تهديد وجودي للثورة والنظام، لا تزال حقيقية كما كانت آنذاك، وربما أكبر. وكأس السم الموضوع أمام خامنئي اليوم هو التوقيع على اتفاق يحرم إيران من تخصيب اليورانيوم على أراضيها، مع السماح لها بتطوير برنامج نووي مدني، فهذا من شأنه أن يُنهي الحرب فعلياً، لكن المرشد ربّما يتمسك بالموقف الذي جعل هذه القضية أيديولوجية، وفق تقدير "هآرتس". لا يُعدّ التخلي عن تخصيب اليورانيوم مجرد تنازل عن حق لإيران، بصفتها دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي والاتفاق النووي لعام 2015، والذي انتهكته ببطء ومنهجية، فطهران تعتقد أن هذا حق سيادي، أشبه بعَلم أو حدود، يجب التضحية بكل شيء من أجله، كما تضيف الصحيفة العبرية. وتعتقد "هآرتس" أن النظام الإيراني سيظل يناور بين "العملي والأيديولوجي"، مشيرة إلى أنه ربط مصلحة النظام بمصلحة البلاد، وبقاءه ببقاء الثورة، ولهذا برزت تعبيرات مثل "المرونة البطولية"، التي تبناها خامنئي لتبرير توقيع الاتفاق النووي. وهذه "المرونة البطولية" بحسب "هآرتس" أيضاً "لم تكن سوى تحريف بلاغي أتاح للمرشد التفاوض مع أمريكا دونالد ترامب، العدو اللدود، في الفترة التي سبقت إبرام اتفاق نووي جديد". لكن قبل أن تتجه الأمور إلى قبول أو رفض طهران لمقترحات ترامب وفريقه التفاوضي، لتقييد تخصيب اليورانيوم أو حتى حظره، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوجّه ضربات عسكرية شديدة قضت على العديد من القادة والعلماء الإيرانيين، واتضح بعد ساعات أن هدفه هو إسقاط النظام، لا ردعه. ومع مخاوف توسع الحرب لمدى زمني أكبر، فقد يكون قد فات آوان تجرّع "كأس السم" على خامنئي، وهنا تعتقد "هآرتس" إنه إذا دفعت إسرائيل إيران إلى اعتبار الحرب تهديداً وجودياً، فإن طهران قد تتخلى عن حذرها وتلجأ إلى إجراءات متطرفة. وتختم الصحيفة العبرية بأن إسرائيل "ربما تجد نفسها أمام حرب استنزاف طويلة مع إيران، وعلى نطاق أوسع بكثير من حرب الحوثيين، الذين هم عدو آخر لم تجد حلا فعالا له بعد". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
"رابطة العالم الإسلامي"... أبعدُ من مجرد إدانة للهجمات الإسرائيلية!
الضربة العسكرية الإسرائيلية تجاه إيران كانت محل شجبِ "رابطة العالم الإسلامي"، التي أصدرت بياناً يوم 13حزيران/ يونيو الجاري، أدانت فيه "الاعتداءات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وفق "البيان" الذي أشارت فيه "إلى خطورة انتهاك سيادة الدول والقانون الدولي وتداعيات ذلك على السلم والأمن الدوليين". لم يكن هذا هو الموقف الأول الذي يصدر عن "الرابطة". ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2024، أدانت "الأمانة العامة" في إعلان لها "الاعتداء العسكري الذي تعرضت له الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، محذرة من "خطورة التصعيد وعواقبه الوخيمة" داعيةً المجتمع الدولي إلى "الاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء هذه الصراعات وما في سياقها من التداعيات الدولية ومعالجة مسبّباتها، واليقظة لإنذاراتها المبكرة". هذه المواقف الصريحة من "رابطة العالم الإسلامي" هي جزء من رؤيتها الدائمة إلى الاستقرار وترسيخ السلم الإقليمي والدولي. فـ"الرابطة" بما لديها من مكانة روحية وأدوارٍ دينية واجتماعية وأيضاً مسؤوليات أخلاقية وعملية، تسعى دائماً لأن يكون الخطاب المعتدل هو السائد، وأن تصير العلاقات الحسنة القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون والحوار هي الأساس في التواصل بين الدول، إدراكاً منها للخطر الذي تسبّبه الحروب، والآثار السلبية المدمرة للأزمات عندما تستمر لفترات طويلة، لأن ضررها لا يقتصر على الجوانب الأمنية والاقتصادية وحسب، بل ما توفره من أجواء تدفع نحو العنف والتطرّف والكراهية، وما تخلفه في النفوس من أحقاد وضغائن ورغبة في الانتقام، تدوم لعقود مقبلة! من يتابع سياسات "رابطة العالم الإسلامي" ونشاطات أمينها العام الشيخ محمد العيسى وخطاباتها، يجد أن هنالك رؤية تنتهجها مبنيّة على إبعاد الدين عن النزاعات السياسية، والنأي به عن استخدامه أداةً في الحروب. من هنا، تأمل "الرابطة" أن تكون هنالك نهاية سريعة للحرب الإسرائيلية – الإيرانية، وأن يتوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، كي لا يستغلّ المتطرّفون ذلك في الترويج لسرديتهم التي ترى أن هنالك صراع وجود بين الإسلام واليهودية، لأن الحقيقة أن هناك من يسعى للدفع نحو حدوث صدام عنيف بين الأديان السماوية، وهؤلاء المتطرفون موجودون في مختلف الدول والثقافات، والأهم أن لا يُمنحوا هذه الفرصة لترويج أهدافهم وتثبيتها، وأفضل طريقة لذلك وقف الحرب والعدوان، والعودة إلى منطق التفاوض العقلاني والحوار الديبلوماسي والبحث عن المشتركات وفق مقررات الشرعية الدولية والقيم الإنسانية العليا. ليس بإمكان أحدٍ أن يحقق نصراً كاملاً وساحقاً في منطقة الشرق الأوسط عبر العنف وقوة السلاح، لأن الجميع في الحروب خاسرون وحتى من يعتقد أنه منتصر فيها، فالأضرار تتجاوز مجرد الاشتباك المسلح إلى الخلل الذي يصيب المنظومة القيمية والعلاقات البينية بين الشعوب والدول! إن السياسات القائمة على التراحم والتعاون والتآلف بين البشر، هي ما تعمل "رابطة العالم الإسلامي" على ترسيخها، ولذا بادرت إلى الإشادة بـ"التوجيه الكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بناءً على ما عرضه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السموّ الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز... بشأن تسهيل كل احتياجات الحجاج الإيرانيين، وتوفير كل الخدمات لهم، حتى تتهيأ الظروف لعودتهم إلى وطنهم وأهليهم سالمين"، لأن في ذلك رسالة بأن التآلف هو ما يجب أن يسود، وأن السعودية بوصفها خادمة الحرمين الشريفين تقفُ مع حجاج بيت الله الحرام، وتقدّم لهم الخدمات، في مختلف الظروف وبكل السبل، وذلك ما منطقة الشرق الأوسط بحاجة إليه: التعاون وتجاوز الخلافات والعمل معاً من أجل الأمن والسلم والتنمية.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
3 أيام عطلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية
يترقب ملايين المصريين موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447، وهي إحدى المناسبات الدينية التي تحظى باهتمام كبير لدى المواطنين، خاصة أنها تمنح العاملين في الدولة عطلة رسمية مدفوعة الأجر. وتعد بداية العام الهجري مناسبة تاريخية ودينية مرتبطة بحدث الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة، والتي اعتمدها المسلمون بداية للتقويم الهجري. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447 هجريا وفقا للحسابات الفلكية، توافق إجازة رأس السنة الهجرية هذا العام يوم الخميس 26 يونيو 2025، وهو غرة شهر المحرم لعام 1447 هجريا. وأعلنت رئاسة الجمهورية أن هذا اليوم سيكون عطلة رسمية تشمل العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وكذلك العاملين في القطاع الخاص. ومن المقرر أن يستمتع الموظفون بإجازة طويلة تمتد لـ3 أيام متواصلة، حيث تتبعها عطلة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت 27 و28 يونيو، مما يجعلها فرصة مناسبة للراحة أو السفر أو قضاء الوقت مع الأسرة. التقويم الهجري.. بداية من الهجرة النبوية اعتمد المسلمون التقويم الهجري خلال خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، استنادا إلى حدث الهجرة النبوية الشريفة، والتي تمثل بداية عهد جديد في التاريخ الإسلامي. ويعتمد التقويم الهجري على الدورة القمرية وليس الشمسية، مما يجعل السنة الهجرية أقصر بنحو 11 يوما مقارنة بالسنة الميلادية. ويتكون التقويم الهجري من 12 شهرا مرتبة كالتالي: محرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة. خريطة الإجازات الرسمية في يونيو 2025 يشهد شهر يونيو 2025 عددا من الإجازات الرسمية المهمة، حيث يأتي بعد عطلة عيد الأضحى مباشرة، ويشمل: الخميس 26 يونيو: إجازة رأس السنة الهجرية 1447 هـ. الجمعة 27 يونيو: عطلة أسبوعية. السبت 28 يونيو: عطلة أسبوعية. الإثنين 30 يونيو: إجازة ذكرى ثورة 30 يونيو. وتوفر هذه الإجازات فرصة مثالية للموظفين للحصول على عطلة ممتدة في نهاية الشهر، تعزز من التوازن بين العمل والراحة، خاصة في ظل ضغط العمل عقب موسم العيد. موعد إجازة الإجازات الرسمية المتبقية في عام 2025 تتضمن قائمة العطلات الرسمية المتبقية خلال العام الجاري في مصر ما يلي: الخميس 26 يونيو: رأس السنة الهجرية. الإثنين 30 يونيو: ذكرى ثورة 30 يونيو. الأربعاء 23 يوليو: عيد الثورة. الخميس 4 سبتمبر: المولد النبوي الشريف. الإثنين 6 أكتوبر: عيد القوات المسلحة.