logo
Tunisie Telegraph عملة قانونية بلا قيمة فعلية: التونسي يُحرم من الباقي جهارًا

Tunisie Telegraph عملة قانونية بلا قيمة فعلية: التونسي يُحرم من الباقي جهارًا

تونس تليغرافمنذ 6 أيام
في ظلّ أزمة اقتصادية مركّبة يعيشها التونسيون منذ سنوات، برزت ظاهرة تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنّها تخفي أبعادًا مالية خطيرة: تهميش متعمّد للعملة الصغرى، من فئة 5 و10 ملّيمات، وحتى 20 و50 ملّيمًا، وهي الوحدات التي تمثّل القاعدة الدنيا للدينار التونسي.
كما ان غياب 5 مليم أو 10 مليم أو غيرها يعكس الفقدان التدريجي لقيمة العملة المحلية والتي ستشمل في قادم السنوات النقود من فئة حتى 50 و 100 مليم. وبالتالي من الحلول الأساسية هو مكافحة التضخم المالي.
اليوم، لم يعُد المواطن يحلم باسترجاع ما تبقى من أمواله بعد عملية شراء، سواء من البقالة أو الفضاءات التجارية الكبرى. أما بعض المتاجر، فلم تعد حتى تخفي الأمر: تُعلّق إشعارات تُنبّه الزبائن صراحة إلى أنها 'لا توفر صرفًا صغيرًا'، بينما يعمد تجار آخرون إلى تقريب الأسعار صعودًا دون أي مبرر قانوني، بل في تجاهل تام للعملة الرسمية التي أقرّها الدستور والقوانين المالية.
المفارقة أن هذه القطع النقدية لم تختفِ تمامًا من التداول — بل جرى التخلّي عنها عمدًا. والتجار لا ينكرون ذلك: بعضهم يصفها بـ'المتعبة'، وآخرون يعتبرون التعامل بها 'تضييعًا للوقت'، فيما يتعامل العديد منهم معها كأنها بلا قيمة، على الرغم من أنها جزء لا يتجزأ من العملة الرسمية التونسية.
هذا السلوك الجماعي يُجسّد عمليًا تحقيرًا واضحًا للملّيم التونسي، ما يمهّد لتحوّله من أداة تبادل إلى مجرد ذكرى أو 'تحفة معدنية' تُعرض للبيع على مواقع التواصل الاجتماعي، بأسعار تفوق قيمتها الاسمية بعشرات الأضعاف.
ما يحدث على أرض الواقع هو اقتطاع يومي غير معلن من جيوب التونسيين، يتم تبريره بعبارة 'ما عناش فكة'، لكنه في جوهره شكل من أشكال التضخّم المقنّع، الذي لا تظهره الأرقام الرسمية، ويؤدي فعليًا إلى زيادة تدريجية في الأسعار دون أي إعلان.
مثلًا، إذا تم تقريب كل فاتورة بـ90 ملّيمًا فقط، فإن مواطنًا يستهلك يوميًا سيخسر نحو 25 دينارًا في السنة — رقم قد يبدو ضئيلًا، لكنه يتحول إلى نزيف صامت حين نضعه في سياق وطني شامل، يتكرر فيه 'الاقتطاع الصغير' ملايين المرات يوميًا.
في هذا المشهد، يثير صمت البنك المركزي والسلطات المالية علامات استفهام ثقيلة. فلم تُصدر أي جهة رسمية تفسيرًا لندرة الفكة في السوق، ولم تُطرح أي خطط واضحة لإعادة إدماجها في الدورة الاقتصادية.
بل الأسوأ من ذلك، أن غياب تشريعات دقيقة تُنظّم عمليات تقريب الأسعار، سمح للتاجر بأن يصبح هو من يُقرّر متى ينهي المعاملة، وبأي قيمة، في غياب أي رقابة أو محاسبة. بذلك، تتحوّل المعاملة اليومية البسيطة إلى صفقة غير متكافئة، يُصادر فيها جزء من حق المستهلك، باسم 'البساطة' أو 'الواقع'.
الملّيم يتحوّل إلى سلعة رمزية
في مفارقة مثيرة، بدأت صفحات على 'فيسبوك' و'إنستغرام' تعرض الملّيم الواحد كقطعة نادرة، بأسعار تتجاوز دينارًا كاملاً أحيانًا، وهو ما يعكس فقدان الثقة التدريجي في العملة الوطنية كوحدة تبادل حقيقية، وتحويلها – بشكل رمزي على الأقل – إلى منتج له قيمة خارج السوق الرسمية.
في مواجهة هذه الظاهرة، يُجمع خبراء الاقتصاد على أن الحلول يجب أن تكون فورية، منها:
ضمان توفير القطع النقدية الصغيرة في السوق، عبر البنك المركزي
سنّ قانون واضح وصارم يحدّد قواعد تقريب الأسعار عند غياب الصرف، لحماية المستهلك من التجاوزات
عند غياب الصرف، لحماية المستهلك من التجاوزات تشجيع الدفع الإلكتروني وتوفير حلول ذكية للدفع الدقيق حتى في المعاملات الصغيرة
وتوفير حلول ذكية للدفع الدقيق حتى في المعاملات الصغيرة إطلاق حملات توعية بحقوق المستهلك وأهمية احترام القيمة الرمزية للعملة، أيًا كانت فئتها
إن القطع النقدية الصغيرة ليست مجرد 'خردة' بلا قيمة، بل هي أداة لضمان العدالة المالية اليومية. والتفريط فيها – عن وعي أو تواطؤ – هو تفريط في قيمة العملة الوطنية ذاتها، وفي الثقة بين المواطن والدولة، وفي مبدأ الإنصاف الذي يجب أن يسود أي علاقة تجارية.
في آخر إحصاء منشور سنة 2019، أعلن البنك المركزي أن:
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تونس..اسعار لحوم الضان تتخطى 60دينار
تونس..اسعار لحوم الضان تتخطى 60دينار

ويبدو

timeمنذ 2 أيام

  • ويبدو

تونس..اسعار لحوم الضان تتخطى 60دينار

تجاوزت أسعار لحم الضأن 60 دينارًا للكيلوغرام، وفقًا لأحمد عميري، رئيس غرفة الجزارين، كما نقلت عنه الأخبار الوطنية للإذاعة. يعزو عميري هذه الزيادة في الأسعار إلى ضعف الإنتاج وكذلك إلى التلاعب بالأرقام في غياب الرقابة، منتقدًا التصريحات التي تؤكد وفرة الإنتاج خلال فترة عيد الأضحى. وأعرب المتحدث عن استيائهم من هذه الأسعار، واصفًا الغلاء بأنه 'متسارع'، وأكد أن الوسطاء (المضاربين) يهيمنون على قطاع اللحوم الحمراء. وصف أحمد عميري أسعار اللحوم الحمراء بأنها 'غير واقعية'، مذكرًا بأن المشاكل في هذا القطاع تعود إلى سنوات 2023-2024 وتستمر هذا العام بسبب غياب التقييم ونقص الإرادة للإصلاح.

رئيس غرفة القصابين: أسعار لحوم الضأن تجاوزت ال60 دينارا الكلغ الواحد
رئيس غرفة القصابين: أسعار لحوم الضأن تجاوزت ال60 دينارا الكلغ الواحد

Babnet

timeمنذ 2 أيام

  • Babnet

رئيس غرفة القصابين: أسعار لحوم الضأن تجاوزت ال60 دينارا الكلغ الواحد

أكد رئيس غرفة القصابين أحمد العميري ، في تصريح لـ"الإذاعة الوطنية"، أن أسعار لحوم الضأن تجاوزت 60 دينارًا للكيلوغرام ، مرجعًا هذا الارتفاع إلى قلة الإنتاج و التلاعب بالأرقام في ظل غياب الرقابة. انتقاد تصريحات وفرة الإنتاج انتقد العميري التصريحات التي تحدثت عن وفرة الإنتاج خلال فترة عيد الأضحى ، معتبرًا أنها لا تعكس الواقع، مشيرًا إلى أن السماسرة يسيطرون على قطاع اللحوم الحمراء. غلاء "مُشط" وأرقام "خيالية" أوضح المتحدث أن المهنيين لا يرغبون في هذه الأسعار المرتفعة، واصفًا إياها بـ"الخيالية" ، لافتًا إلى أن مشاكل القطاع تعود إلى سنتي 2023 و2024 وتواصلت خلال هذه السنة، بسبب انعدام التقييم الجدي وغياب مساعٍ حقيقية للإصلاح.

رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن
رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن

Babnet

timeمنذ 2 أيام

  • Babnet

رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن

استضاف برنامج "صباح الورد" على إذاعة الجوهرة أف أم ، ضمن فقرة "Arrière-Plan" ، الأُستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي رضا الشكندالي ، لتقديم قراءة تحليلية لأحدث أرقام التضخم في تونس، بعد أن أعلن المعهد الوطني للإحصاء عن تراجع مؤشر التضخم عند الاستهلاك العائلي إلى 5.3% خلال جويلية 2025، مقابل 5.4% في جوان. قراءة مزدوجة: إيجابيات وسلبيات أوضح الشكندالي أن الرقم المعلن يحمل جانبين: * إيجابيًا: * استمرار المنحى التنازلي للتضخم منذ ذروته في فيفري 2023 حين بلغ 10.4%. * إمكانية أن يؤثر هذا التراجع على قرار البنك المركزي بخفض نسبة الفائدة المديرية، بما قد يدفع الاستثمار والنمو. * تراجع أسعار البيض بـ 4.7% و الزيوت الغذائية بـ 22.9%. * سلبيًا: * التضخم الحالي ما زال أعلى من مستوياته قبل 25 جويلية 2021، حين كان في حدود 4.8%. * الأسعار ارتفعت شهريًا بـ 0.3% في جويلية، خصوصًا في الأدوية (+1.3%)، خدمات الصحة (+0.8%)، النقل (+0.6%)، والتعليم. * القطاعات الاجتماعية الحساسة مثل الصحة، النقل والتعليم ما زالت تعرف زيادات، ما يعكس – حسب قوله – ضعف الدور الاجتماعي للدولة في كبح الأسعار. الأسعار التي يشعر بها المواطن شدد الشكندالي على أن معدل التضخم العام"رقم لا يحس به المواطن" ، إذ أن ما يلمسه المستهلك هو الارتفاع في الأسعار اليومية للمواد الأساسية، حيث شهدت: * الخضر الطازجة: +25.4% * لحم الضأن: +19.1% * الغلّات الطازجة: +15.1% * الأسماك الطازجة: +11% * الملابس: +9.6% * المقاهي والمطاعم والنزل: +11% ودعا المعهد الوطني للإحصاء إلى إصدار مؤشر مخصص لأسعار المواد الحياتية الأساسية ليكون أقرب لواقع القدرة الشرائية للمواطن. مقاربة البنك المركزي: نقد وتحفظ انتقد الشكندالي مقاربة البنك المركزي التي تربط التضخم بزيادة الاستهلاك، معتمدًا على رفع الفائدة للحد من القروض الاستهلاكية. وأوضح أن التضخم في تونس ناتج أساسًا عن ندرة الإنتاج بسبب عراقيل الاستثمار وصعوبات توفير العملة الصعبة لتعديل السوق عبر الواردات. وأكد أن الحل هو تهيئة مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار لزيادة الإنتاج، مما يؤدي إلى استقرار الأسعار. كما دعا إلى مراجعة السياسة النقدية لخفض الفائدة المديرية ودفع النمو الاقتصادي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store